فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
شكر الله و النظرة الايجابية :
[ 147] ان الله غني عنا ، غني عن اعمالنا ، وغني عن عذابنا ، انه لا يتلذذ بعذاب احد سبحانه ، بيد انه حين يعذب الناس فانما لاستحقاقهم ذلك ، وبالتالي بسبب جر النار الى أنفسهم بأنفسهم .
ولكي يتحصن الانسان من شر اعماله فعليه ان يؤمن ، ولكي يؤمن فعليه ان يشكر الله ، اذ ان النفس الشاكرة لانعم الله عليها ان تتمتع بنظرة ايجابية متفائلة للحياة ، و تنظر الى كل نعمة بأعتبارها عطاء جديدا لا تستحقه ، وانه يمكن ان يؤخذ منه في اية لحظة ، فهو من جهة يقدر النعمة حق قدرها ؛ ومن جهة ثانية يقدر من أعطاها اياها وهو الله سبحانه ، حق قدره ، وبذلك يزداد ايمانه بالله ، و وعيه التام برحمته الواسعة ، و بهيمنته الدائمة على الحياة .
أرأيت لو استضافك رجل كريم ، ليس لك عليه حق ، وهيأ لك أفضل انواع المتع واللذات ، ولم يحدد نهاية ضيافته لك ، أولست تبقى تشعر بالامتنان اليه طيلــة فت،،رة ضيافته ، وتعمل خلالها بكل لباقة و أدب يتناسبان و رجل ضيف مثلك ، لانك تقدر من جهة العطاء الذي قدمه لك على غير استحقاق ، وتخشى من جهة ثانية من الطرد في اية لحظة .
كذلك الشاكر يزداد وعيه بنعم الله ، وبالتالي ايمانه بالله ، و شعوره بمنته عليه كلما اوتى نعمة جديدة ، بعكس المنافق الذي كلما زادت نعم الله عليه كلمااحــس بأنها جزء من حقوقه ، و دليل على عظمته ، وبالتالي يزداد طغيانا و كفرا .
[ ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم وكان الله شاكرا عليما ]فكلما ازداد شكرك ، و تقديرك لنعمه عليك ، كلما شكرك الله ، و اغرقك بنعم جديدة ، وهو اذ ذاك يعلم كم شكرته ومتى ؟
علاج بعض الامراض الاجتماعية :
[ 148] حين تتشبع النفس بالشكر لله ، وبالرضا يقل الحسد والحقد و الكراهية المنبعثة عن ضيق الافق وتتناقص البغضاء النابعة من الاستئثار والفردية ، ويعم مكانهما الصفاء و المحبة و التسامح ، مما ينعكس على احاديث الناس فتصبح ايجابية سليمة .
لان الله لا يحب التجاهر بالاحاديث السلبية السيئة الا اذا كانت ذا هدف شريف وهو : الضرب على يد الظالم ، و الاستعانة بالناس ضده .
[ لا يحــب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم وكان الله سميعا عليما ]يسمع الغيبة و التهمة و النميمة و التنابز بالالقاب ، و الانتقاص من قدر هــذا أو ذاك ، ويعلم كذبها و دوافعها ، وهل هي تظلم ؟ أو استعانة ضد جائر أم لا ؟
ان الله حين لا يحب شيئا فلانه يضر بمصلحة الناس ، وسوف يعاقب عليه في الدنيا و الاخرة .
[ 149 ] بلى ان الله يحب ذلك المجتمع النظيف من سلبيات الكلام العاكف على عمل الخير سواء كان ظاهرا او مستترا ، ومن ابرز أعمال الخير العفو ..
أو لم يقل ربنا في آية اخرى : ( يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) ، ان العفو يربط أبناء المجتمع ببعضه ربطا و يقتلع جذور النفاق منه .
[ إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فان الله كان عفوا قديرا ]ان الله يعفو عمن عفا عن الناس ويعفو عمن يعمل الخير للناس . يعفو عنهم بالرغم من قدرته عليهم ، أوليس من الافضل أن يتخلق العبد بخلق ربه ، وأن يكون هو الاخر عفوا ؟!
كيف تعبد الذات ؟
[ 150] ما هو الايمان ؟
الجواب : انه اخضاع قوى الشر في الذات لارادة الحق ، وتسليم النفس لهدى العقل ، انه استجابة الانسان لنداء الله ، وبالتالي مخالفة أهواء النفس ، واتباع برامج الله .
واذا كان هذا هو الايمان فليس بمؤمن ابدا ذلك الذي يوافق الحق حين يتوافق مع مصالحه ، ويخضع للحق بهدف تحقيق شرور ذاته ، وتسلم نفسه للعقل بشرط موافقة أهوائه و يستجيب لنداء الله حين لا يضر بشهواته ، وهكذاانما هذا الرجل متوغل في الكفر لانه يعبد ذاته ولا يرى الحق الا وسيلةلتحقيق مصالحه .
والذين يبعضون رسالات الله فيأخذون ما يوافق مصالحهم ، ويتركون ما خالفها .. انهم بالتالي يعبدون مصالحهم ولا يعبدون الله ، لذلك فهم الكافرون حقا ، وقد اصدر القرآن عليهم حكم الكفر مسبقا وقال :
[ ان الذين يكفرون بالله و رسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا ][ 151] [ اولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكفارين عذابا مهينا ]و التفريق بين الله و الرسول يأتي بهدف عصيان الرسول ، و الادعاء بأنهم يكتفون ببرامج الله .
ولكن هل تعني برامج الله شيئا من دون قيادة الرسول ، انهم يكذبون كذبة مفضوحة حين يدعون وجود علاقة بينهم وبين الله ، اذ لو كان كذلك اذا لخضعوا لرسوله .
ان كل الطغاة عبر التأريخ يحاربون رجال الاصلاح في الوقت الذي يدعون انهم مؤمنون بالاصلاح ذاته ، و يقتلون النبيين بأسم المحافظة على الدين ، و يسحقون علماء الدين ، و يتظاهرون بحماية الدين .
ان الرسول لا ينفصل عن الله ، ولا ينفصل عن الاصلاح و مناهج الدين وعن حملتهما من المصلحين والعلماء ، وانما يهين الله هؤلاء الكافرين بعذابه يوم القيامة او حتى في الدنيا ، لانهم خالفوا رسل الله ، وبالتالي كفروا بالله بدافع كبرهم وعزتهم الكاذبة ، و غرورهم الفارغ ، لذلك يخزيهم الله و يذلهم في الدنيا و الاخرة .
[ 152] وفي مقابل الكفار الذين يفرقون بين الله و رسله ابتغاء المصالح العاجلة هناك رجال صادقون في ايمانهم يبتغون اجر الله الذي سيوافيهم عاجلا ام اجلا .
[ والذين ءامنوا بالله و رسله ولم يفرقوا بين أحد منهم اولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ]
|