فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر :
[ 41] حين يكون الاسلام مجرد لقلقة لسان نجد الكثيرين يدعون الاسلام ، ولكن اذا حانت مرحلة العمل تجد الكثيرين منهم يسارعون في الكفر ، و يخالفون تعاليم السماء ، ويتبعون الانظمة الطاغوتية الفاسدة ، وعلى القيادة الا تشعر بوهن بسبب مسارعة هؤلاء في الكفر لان ذلك لا يدل على ان جهتها قد ضعفت الان ، بل على انها كانت هكذا بسبب وجود هذه الفئة المنافقة فيها .
[ يا ايها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا ءامنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ]و الكفر في هذه الاية هو الكفر في الاية (44) حسبما يدل عليه السياق ، والذين يسارعون في الكفر قد يكونون من المنافقين ، او من الذين هادوا ( الطابور الخامس في المجتمع الاسلامي ) وهؤلاء يستلهمون افكارهم و مناهجهم منالاجانب غير الحاضرين في الساحة .
اليهود و صناعة الافكار :
[ ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ]كلمة ( السماع ) تدل على حالة نفسية تدفعهم الى البحث عن الكذب لتقبله ، وذلك بسبب انحرافهم النفسي من الحقيقية ، و وراء هذه الفئة مجموعة اخرى هم كبارهم و اسيادهم و اولئك يضعون لهؤلاء ثقافة منحرفة ، و يأمرونهم بان يتخذوها مقياسا لهم . فان كانت الافكارالتي يسمعونها من الرسول (ص) تتفق واياها ، فليأخذوها والا فليرفضوها .
[ يحرفون الكلم من بعد مواضعه ]
اي بعد ان استقرت الكلمة في مستقرها . مثل ان تكون الكلمة قد توضــح معناها ، ثم يحرفونها او تكون الكلمة قد حرف مصاديقها الواضحة ، ثم ابتدعوا لها مصاديق اخرى غير صحيحة .
[ يقولون ان أوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فأحذروا ]و يبقى سؤال لماذا لم يستفد هؤلاء شيئا من الرسالة الجديدة ، اليست الرسالة هدى ونور ؟!
لأن قلوب هؤلاء مملوءة بثقافات غريبة و بعيدة عن الحقيقة قد اختاروها لانفسهم و لتحقيق اطماعهم وشهواتهم ، لذلك اختار الله لهم الضلالة ، ومن اختار الله تضليله فان الناس لا يمكنهم هدايته .
[ ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله انيطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم ]و توحي هذه الاية بأن تطهير القلب شرط مسبق لهداية الله .
[ 42] و الفئة الضالة التي تفسد آراء الناس ، هم كبار الاحبار الفساق ، و رجال البلاط و كبار الاقطاعيين ومن اشبه . وهم بؤرة الفساد التي تتجمع فيها ضلالات الاولين و الاخرين ، لأنهم يبحثون عنها ليجعلوا منها حجابا بينهم وبين الرسالة فهم :
[ سماعون للكذب ]
لا نهم يعرفون ان الرسالة تحمل هدى و نورا و بالتالي تعطي الناس ثقافةغنيةسليمة ، والناس لا يمكنهم ان يعيشوا في الفراغ ، ولذلك لابد من خلق ثقافة باطلة او استيراد ثقافة باطلة لتملأ فراغ الناس الفكري ، وليزعم الناس : انهم و صاحب الرسالة سواء في الفكر و العمل ، حتى لا يستهوي علم صاحب الرسالة وهداه جماهيرهم ، و حين يريد الطاغوتصناعة ثقافة باطلة ليجعل أمام كل حق رسالي باطلا من نفسه ، فإنه يبحث عن الكذابين و الدجالين في كل مكان حتى يستخدمهم في هذه المهمة القذرة . من هنا يصبح سماعا للكذب .
وانما يهدف من وراء ذلك الوصول الى اهدافه الرخيصة في بعض المتاع الذي يسميه القرآن بالسحت فيقول :
[ أكالون للسحت ]
السحت لغويا : القشرة العفنة المنفصلة عن الجسد ، المليئة بالجراثيم الفاسدة ، وما ياكله هؤلاء من أموال المستضعفين . هو ذلك السحت الذي يفرزه الوضعالفاسد ، والذي لا يزيد صاحبه الا تبارا .
واجب الرسول :
وياتي هؤلاء الى الرسول لا لكي يستفيدوا بل ليجدوا عنده ما يبرر لهم ترك دينهم ، و رفض احكامه السليمة .
[ فإن جاؤك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين ]وامام هؤلاء يتخذ الرسول (ًص) و القيادة الاسلامية موقفا حازما ، فاما يعرض عنهم دون خوف من هجره لهم و استهانته بهم ، او يحكم بينهم بالقسط الذي هو محض العدالة .
[ 43] ودليل كذب هؤلاء وريائهم حين يجيئون الرسول (ص) دليل ذلك انهم يتركون كتابهم المقدس ( التوراة ) التي فيها حكم الله والتي لم تكن قد حرفت ذلك اليوم ، ولكنهم يرفضون الاحتكام اليها ويأتون لينافقوا مع الرسول (ص) .
[ وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما اولئك بالمؤمنين ]لانهم لا يطبقون كتابهم المقدس حين يخالف آراءهم واهواءهم .
|