فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الايات
الصيد و امتحان الارادات :

[ 94] بالرغم من ان عملية الاصطياد في الحج تتم بصورة مشروعة و ليست استثمارا لجهد الآخرين ، اذ ان صاحب الصيد هو صاحب العمل ، بالرغم من ذلك فقد حرم الله هذا لصيد لا لأنه استثمار لجهد الناس ( كما في حرمة الربا ) ولا لأنه يضر بعقل الانسان ، ولا لأنه يضربجسمه ( كما في حرمة لحم الخنزير ) ، ولكنه لمجرد اختبار ارادة الانسان و تنمية روح التقوى فيه .

[ يا أيها الذين ءامنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله ايديكم و رماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب ]اذا ، فهو امتحان ، و الهدف منه معرفة الذي يخشى الله بالغيب ، وهو ذلك الذي استــفاد من نور عقله في اكتشاف عاقبة عمله ولم يحدد رؤيته بما يراه امام عينه ، بل نظر بعيدا بعيدا . نظر الى الله الذي يراقب عمله ، و يحصي عليه ذنوبه ، فيجازيه عليها فخشيه .


[ فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم ]


من اعتدى على حرمات الله بعد ان بينها ربنا فانه يستحق عذابا أليما .


اهداف الحرمة :

[ 95] الحكم الذي جعله الله مقياسا للامتحان هو : حرمة قتل الصيد في حالة الاحرام ، أو في منطقة الحرم .

[ يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ]لماذا هذا الحكم ؟

لان الاحرام يهدف التجرد عن الذات ، و تنمية روح التقوى ، ولا تتناسب هذه الحالة مع الانتشار في الارض طلبا للصيد بما يحمل ذلك من اهتمامات بين الوافدين من مختلف بقاع الارض من اجل اداء فريضة الحج فلو اهتموا - وهم يسيرون الى مكة بالصيد اذا لازدادت احتمالات الصراع بينهم على الصيد ، وبالتالي تناقض ذلك مع هدف الحج الذي هو توحيد الامة الاسلامية .


كفارة الصيد :

[ ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ]ذلك لان لكل حيوان وحشي يصاد مثيلا من الحيوانات الآهلة و نظيرا له في الحجم و الشكل و الفصيلة .

من هنا يجب دفع الكفارة حسب حجم الحيوان و شباهته ، فمثلا الغزال نظير الشاة في الحجم .


و المرجع القانوني لتمييز المثيل المناسب للصيد هو الناس انفسهم ( العرف العام ) الذي يعبر عنه اثنان من العدول .

[ يحكم به ذوا عدل منكم ]

ويصرف فهذا الجزاء للكعبة وزوارها الحجاج اليها .

[ هديا بالغ الكعبة ]

وبإمكان الشخص ان يؤدي التعويض المادي و ذلك باطعام المساكين ، حسب الصيد ، و بعدد ما يشبع الصيد او كفارته ( من الناس ) فلو كان الصيد يشبع عشرة اطعم عشرة مساكين .

[أو كفارة طعام مساكين ]

وباستطاعته ان يصوم بقدر الايام التي يشبعها الصيد فمثلا : بدل ان يقدم شاة تشبع عشرة رجال ، او يطعم عشرة رجال مساكين ، بدل هذا وذاك ، باستطاعته ان يصوم عشرة ايام كفارة لصيد الغزال الذي يعادل الشاة .

[ او عدل ذلك صياما ليذوق وبال امره ]

وخلاصة القول : ان على الانسان ان يعوض عن صيده بقدر ما استفاده من ذلك .

اما اذا كــان الصيد قبل الحكم بحرمته ، او قبل العلم بهذا الحكم فانه يعفى عنه .

[ عفا الله عما سلف ]


بيد ان من اصطاد ، ثم كفر ، ثم اصطاد بصورة متعهدة فان الكفارة لا تزيل ذنبه بل يبقى مذنبا حتى يلاقي ربه فيجازيه على ذنبه .

[ ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ]


احل لكم صيد البحر :

[ 96] ليس الهدف من حرمة صيد البر تجويع الوافدين الى البيت الحرام ، بل تنمية ارادتهم و تقواهم ، ومنع التشاجر بينهم من هنا احل لهم صيد البحر لانه لا يسبب عداء عادة .

[ احل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم وللسيارة ]

اي متاعا لكم انتم المقيمون في الحرم ، و للسيارة المسافرين الى الحرم .

[ و حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما و اتقوا الله الذي اليه تحشرون ]

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس