فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
رموز الحرية :
[ 97] لماذا الكعبة و لماذا الحج اليها ، هل الكعبة مقام عبادة يتقرب بها الناس الى ربهم ام هي مدرسة تزكي النفس البشرية .. أم هي اكثر من ذلك ( مركز تجمع للامة الاسلامية ) تنظم حياتهم على الارض و تعدهم لدخول الجنة في الاخرة ؟ هي في الواقع كل ذلك .
يقول الله عن الكعبة :
[ جعــل اللــه الكعبـة البيت الحرام قياما للناس و الشهر الحرام و الهدي و القلائد ]هذه المناسك تجعل الكعبة كمنطقة حرة ، و الشهر الحرام ايام الحرية ، و الهديو القلائد كاشياء مادية محترمة ( أي محررة لله لا لعباد الله )هذه الامور كلها رموز الحرية جعلها الله للناس قياما اي تنظيما لحياتهم اذ ان الحرية هي اساس تنظيم الحياة الاجتماعي ففي المنطقة الحرة تجتمع الجماهير لتعبر كل طائفة عن رأيها الصريح ، ويتفق الناس فيما بينهم حول ما يشاؤون ، و يتعاونون من اجل بناء حياتهمالكريمة ، و يتحدون من اجل مقاومة الطاغوت . ا
ما الشهر الحرام فهو الوقت الذي يحرم فيه التجاوز على الاخرين ، ويجب ان يسمح لكل الفئات خلاله بالمسير الى الحج ، ولا يتعرض احد ، لهم بسوء انى كانت الدوافع الى هذا التعرض .
اما الهدي و القلائد فهذه الاشياء لا يجوز لاحد الاعتداء عليها لأنها ليست لأحد بل هي لله و للجميع ، اي لكل الوافدين الى الحج . انها رمز الملكية الجماهيرية ، انها رمز التعاون في الاستفادة من اشياء هذه الارض من اجل رفاه الناس جميعا .
الحرية بين الفوضى و التحرك :
و يبقى سؤال : كيف تصبح الحرية سببا لقيام المجتمع ونحن نعلم ان الحرية قد تسبب الفوضى ؟
الجواب :
اولا : ان الحرية تعني ان كل الناس احرار ولا يعني بالطبع ان تكون طائفة واحدة او شخص واحد فقط هو الحر . واذاطبقنا هذه القيمة ( أي الحرية للمجتمع ) فان ذلك يعني انضباط الجميع في نفس الوقت . اذ لا يجوز لاحد انيسلب حرية الاخرين بل عليه ان يحترمها .
وهذا الاحترام المتبادل لحقوق الاخرين هو اكثر ما يوفر الانضباط و التقيد .
من هنا تصبح الحرية نظاما عادلا و مستقر .
معنى الحرية :
ثانيــا : سمى القرآن الحرية هنا بالاحرام و الحرمة ( البيت الحرام الشهر الحرام ) وهذا يعني ان الحرية هي : الكف عن الاعتداء قبل ان يكون المطالبة بالحق .
فانت حر اذا لم تتجاوز على حقوق غيرك ، و الحقوق هذه يحددها الله ففي الحرم انظمة جعلها الله ، وعلى الجميع ان يلتزموا بها حتى تتوفر لهم جميعا الحرية الكافية .
هذا هدف من اهداف الحج ، ولكنه ليس كل اهدافه ، اذ ان هناك قضية تزكية الذات التي لا يمكن ان تحدث الا عن طريق وجود وازع في القلب ، وهذا الوازع يأتي عن طريق احساس كل فرد انه مراقب من قبل الله رقابة شاملة ، و بذلك يزداد شعورا بالمسؤولية و بالتالي التزاما بها ، من هنا يقول ربنا :
[ ذلك لتعلموا ان الله يعلم ما في السموات وما في الارض وان الله بكل شيء عليم ][ 98] والله لا يراقب الناس فقط بل و يجازيهم بشدة ، او يرحمهم برحمته الواسعة ، فالعبد بين ان يسقط الى الحضيض ، مرة واحدة او يحلق في السماء عاليا .
[ اعلموا ان الله شديد العقاب وان الله غفور رحيم ]وهذه المعادلة تجعل النفس تندفع بسرعة هائلة الى الامام . اذ تجد انها بين قطبين متضادين بقوة ، فاما عقاب شديد واما مغفرة و رحمة فيصبح الانسان وكأنه في معركة حاسمة تؤدي اما الى نصر مؤزر واما الى هزيمة نكراء .
فكيف يكون اندافاع هذا ا لشخص و حذره و تحسسه بمسؤولياته و بالتالي تقواه ؟!
من المسؤول :
[ 99] وليس من الممكن ان يلقي الانسان بمسؤولياته على الاخرين ، فمثلا يقول : ان الله و رسوله هو المسؤول عني ، وعن تربيتي و تزكيتي و هدايتي . كلا ، ان المسؤول الاول هو الانسان نفسه ، اما الرسول فهو مسؤول في حدود الدعوة فقط .
[ ما على الرسول الا البلاغ ]
فاذا بلغ الدعوة الى الشخص فان مسؤوليته قد انتهت و ييقى الانسان مسؤولا امام الله .
[ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ]
[ 100] و الناس فريقان ، طيب و خبيث ، وبينهما مسافة بعيدة وعلى المرء ان يختار لنفسه احد الفريقين ، ولكن ليعرف مسبقا ان الفريق الطيب هو الافضل على رغم قلة ابنائه .
[ قل لا يستوي الخبيث و الطيب و لو اعبجك كثرة الخبيث ]و التقوى هو زاد الانسان للوصول الى مستوى الطيب فعلى الانسان ان يتقي الله و يتحمل كل مسؤولياته بوعي و حذر اذا كان عاقلا واذا اراد السعادة .
[ فاتقوا الله يا اولي الالباب لعلكم تفلحون ]
|