بينات من الآيات [ 1] [ الم ]
ما هي هذه الاحرف التي نراها في أوائل كثير من السور القرآنية ؟ وهل هي مفهومة لدينا ، أم انها كالمتشابه في القرآن ، لا يعلمه الا الراسخون في العلم . ام ان سرها مكنون عند الله ومن يطلعه على غيبه من رسول .
لقد اختلفوا في ذلك اختلافا كبيرا . ففي الوقت الذي زعم المتحكمون ؟ انه قبيح عند العقل ان ينزل الله سبحانه وتعالى آية لا نعرف معناها . و احتجوا على ذلك بان القرآن هدى ، و لسانه عربي مبين وقد أمر بالتدبر في آياته .
فــي ذات الوقــت نراهم يختلفون في معاني هذه الاحرف على احد و عشرين رأيا .
فهل الاختلاف دليل العلم ؟
ويبدو لي ان حال هذه الاحرف حال المتشابه ، وارى ان المتشابه من آيات الله مفهوم للراسخين في العلم ، وان درجات الناس في العلم مختلفة و درجات فهمهم كذلك للايات متباينة ، وكل من حوى علما بدرجة ، كان فيها راسخا وفي الاعلى منها غير راسخ وعليه ان يراجع الراسخين .
وعليه فان الاحاطة علما بكل معاني الكتاب وبكل ابعاد علم آية قرآنية ، غير ممكن . وعلينا ان نسلم لما نعلم وفيما لا نعلم نسلم لمن يعلم .
وفي هذه الاحرف لا يمكننا ان ندعي اننا سنعلم كل اسرارها ، كما لا يسعنا ان ننكر معرفة بعض الحقائق منها .
و نتساءل : اذا ما هي تلك الحقائق ؟
قبل الاجابة نذكر بأن للقرآن ظهرا و بطنا ، وان لتفسير آياته اوجها لا يرى الواحد منا الا بعضها فيزعم ان الاخرين على خطأ ، وقد يكون الجميع على صواب نسبي .
وهكذا قد تكون الكثير من الاقوال هنا صحيحة ، دون ان يعني ان غيرها باطل .
قالوا : الاحرف هذه اسماء للسورة التي فيها .
قالوا : انها اداة تنبه تشجع المستمعين لمتابعة الانتباه ، و التفكير فيها وفيما بعدها .
و قالوا : انها تدل على انقطاع معنى ما و استئناف كلام جديد .
و قالوا : ان الله اثنى على نفسه بها ، وانها اشارة الى اسمائه الحسنى ، حتى روي في الادعية مناجاة الرب بها حيث جاء ( يا كهيعص ) ( يا حم عسق ) .
و قالوا : انها احتجاج على العرب حيث ان القرآن تحداهم بكتاب الف من هذه الاحرف فلم يستطيعوا ان يأتوا بمثله .
و قالوا : انها قسم لانها مباني كتبه ، و وسائل النطق بين العباد ، او لم يقل ربنا : " نون و القلم وما يسطرون " .
وقالوا : انها معجزة البلاغة حيث لم يقصد العرب الاستفادة من هذه الاحرف هكذا من قبل وقالوا غير ذلك مما يرجع جزئيا الى بعض ما ذكرت .
ونقول بلى ولكن لا يعني اثبات رأي و نفي ما عداه .
كذلك لا بأس ان تكون الاحرف اسماء للسور ، وفي ذات الوقت تشعر بانتهاء فصل قرآني وبداية فصل اخر ، وتكون ايضا تذكرة وتنبها تحرض الفكر و تثير دفينة العقل وسبات الضمير وتكون اشارات لاسماء الله ، اذ ان اظهر شيء في السماوات و الارض هي اسماء الله ، و الاحرف تشير اليها قبل غيرها . فإشارة الالف الى لفظ الجلالة ( الله ) اوضح من اشارته الى الاسد مثلا . واذا كانت اشارة الى اسماء الله الحسنى فان القسم بها مناسب جدا . ومع ذلك فانها اعجاز قرآني ، بدأ العرب بشيء جديد لم يعهدوا مثله .
و فوق ذلك ان فيها اسرارا سوف يكتشف الانسان بعضها مع تقدم المعرفة .
وهكذا تكون هذه الاحرف اشارات بين الرب وبين من ارتضاه لغيبة .
وجاء في الاثر :
1 - في تفسير الامام ان معنى الم : " ان هذا الكتاب الذي انزلته هو الحروف المقطعة التي منها الف لام ميم ، وهو بلغتكم و حروف هجائكم فاتوا بمثله ان كنتم صادقين " ( 1)2 - القمي عن الباقر (ع) : " هو حرف من اسم الله الاعظم المقطوع يؤلفة الرسول و الامام عليهما السلام فيكون الاسم الاعظم الذي اذا دعي الله به اجاب " (2)(1) تفسير الصافي ، المولى محسن الفيض الكاشياني / ج1 / ص 91(2) المصدر / ج4 / ص 366
3 - روي عن الامام علي (ع) انه قال : " ان لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي " (1)4 - وفي حديث شريف عن الامام ابي جعفر الباقر (ع) انه قال : " يا أبا لبيد ان لي في حروف القرآن المقطعة لعلما جما " (2) |