فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


ميثاق الله لبني اسرائيل
[ 83] هذا ميثاق الله مع الناس جميعا ، وهناك ميثاق من قبل الله مع بني اسرائيل بالذات ، ولكن نصوصه تختلف كلية عن ميثاق العنصرية المزعوم الذي يزعم باعطاءهم صك الامان .

انما هو مسؤولية كاملة لو طبقوها لاصبحوا خير الناس ، والا فهم شر الناس جميعا . اما نصوص الميثاق فهي اولا :

[ واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله ]ولا تعتبرون قيمة العنصر او القرابة او اللغة او ما اشبه ، مقدسة عندكم الا بمقدار ما تتفق مع سنن الله و تعاليمه .

ثانيا :

[ و بالوالدين احسانا و ذي القربى و اليتامى و المساكين ]هؤلاء هم بشر و ليسوا بآلهة لذلك لا يجوز عبادتهم .. بل يجب الاحسان اليهم فقط . و فرق كبير بين الاحسان و العبادة اذ ان الاحسان هو العطاء من يد عالية ، و العبادة هي الخضوع لمن هو اعلى .

ثالثا :

[ و قولوا للناس حسنا ]

و حرام ان تعتدوا على الناس كلاميا فكيف بالاعتداء العملي .

رابعا :

[ و اقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ]

ولا يجوز ترك الفرائض اعتمادا على انهم من عنصر بني اسرائيل ، او ان اباءهم كانوا انبياء او كانوا مقربين الى الله .

هذه هي نصوص الميثاق ، ولو كان بنو اسرائيل طبقوها ، اذا لكانوا مفضليــن على الناس ، ولكنهم لم يطبقوها لذلك لم يستحقوا من الله جزاء ولا كرامة .

[ ثم توليتم الا قليلا منكم وانتم معرضون ]

[ 84] خامسا : المحافظة الكاملة على حرمة الدم ، و حرية الانسان .

[ واذ اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم ]هذه بعض نصوص الميثاق الذي شدد عليها ربنا و اخذ منهم اقرارا بها .

[ ثم اقررتم وانتم تشهدون ]

اي اقررتم اقرارا واعيا ، بعد علم و تصميم .

[85] بيد انكم لم تطبقوا نصوص الميثاق ، بل عكستم الحال تماما ، فليس لكم اي حق على الله ان يوفي من جانبه بعهده تجاهكم ، و بفضلكم على الناس تفضيلا .

[ ثم انتم هؤلاء ]

وليس غيركم ولا احد سواكم انتم بالذات تخالفون نصوص الميثاق .

[ تقتلون انفسكم و تخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم ]يتعاون بعضهم مع البعض الاخر ضدهم .

[ بالاثم ]

وهو العمل السيء الخاص بالشخص نفسه .


[ و العدوان ]

وهــو العمل الذي يضر الاخرين . اي ان اعمالكم تضركم انفسكم و تضر الاخرين .

ولكن هذه الاعتداءات لا تقع على هؤلاء عن جدارة ، بل عن تعصب قبلي ، او خلافات داخلية باطلة ، وذلك بدليل انهم يهبون لنجدة هؤلاء بالذات ، لو تعرضوا لعدوان خارجي . فلو كانوا مجرمين فعلا فلماذا يدافعون عنهم ؟

ان القرآن يدين الفكر العنصري الذي يقول : انا و اخي ضد ابن عمي ، و انا و اخي و ابن عمي ضد عدوي . ويقول :

[ وان يأتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم اخراجهم ]ثم يبين ان هذا النوع من التفكير لا يعتمد على قيم ، بل على اهواء .

[ افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض ]

ثم يحدثنا بالنتائج الطبيعية لهذا النوع من التفكير العنصري الانتقائي الذي يأخذ من الدين ما يوافق الهوى فقط ويقول :

[ فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة يردون الى اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ][86] اما عذاب الدنيا فيتمثل في ابتعادهم عن هدى الله ، وما يوفره هذا الهدى من التقدم و الفلاح ، حسب ما يذكره القرآن في الايات التالية .

اما عذاب الاخرة فيذكره القرآن هنا لانه الاشد و الابقى ، ويبين لنا قبلئذ انهذا التبعيــض و الانــتقاء في اتخاذ احكام الدين ، انما هو نتيجة تعويض الاخرة بالدنيا ويقول :

[ اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ]فلا يرحمهم من في السماء ولا ينفعهم اهل الارض .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس