فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[ 94] العنصريون في التاريخ وفي عالمنا اليوم ، يغلفون انانيتهم المقيتة بغطاء من القيم الزائفة ، ليخدعوا الناس و البسطاء من اصحابهم . فالاسرائيليون قديما كانوا يدعون انهم حملة الرسالة ، و للمحافظة على هذه الرسالة لابد ان يدافعوا عن ذاتهم ويعملوا في سبيل دعم الذات بأية وسيلة ممكنة . وهم اليوم يدعون انهم حملة الحضارة للعرب ، ( الحرية + التقدم ) وعليهم ان يؤدبوا العرب الوحوش بأية وسيلة ممكنة حتى ولو كانت هذه الوسيلة اكثر وحشية من شرائع الغاب . و النازية كانت تدعي حمايتها للكنيسة ، وتقوم باعمالها تحتغطاء اسم الله ، و البيض في أفريقيا يقولون انهم طلائع الحضارة الغربية ، و الاستعمار قبلئذ كان يدعي انه يحمل العمارة والحضارة الى العالم .

ولكن هذا الخداع الذاتي سوف يذوب في وهج الحقيقة التي يذكرنا بها القرآن هنا ، حين يأمر هؤلاء بالموت في سبيل اهدافهم هذه .. فهل هم مستعدون لذلك ؟

كلا .

[ قل ان كانت لكم الدار الاخرة عند الله خالصة من دون الناس ]وانكم تدافعون عن قيم الله في الارض اذا .

[ فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ]

[ 95] ولكن هل يفعلون ذلك ؟ كلا .

[ ولن يتمنوه ابدا ]

لانهم يعرفون مدى الجرائم التي اقترفوها في حياتهم وانه ينتظرهم هنالك جزاؤهم العادل .

[ بما قدمت ايديهم والله عليم بالظالمين ]

[ 96] وهؤلاء ليس فقط لا يتمنون الموت بل بالعكس يتشبثون بالحياة بعنف .

[ و لتجدنهم احرص الناس على حياة ]

انهم احرص على حياة ، اية حياة كانت ، بذل ام بعز ، بفقر ام بغنى ، بقيم او بدون قيم ، بل انهم احرص من الكفار الذين لا يملكون اية قيم .

[ ومن الذين اشركوا يود احدهم لو يعمر الف سنة ]

ولكن لو افترضنا انه عمر الف سنة فهل يتخلص من العذاب .. كلا .

[ وما هو بمزحزحه من العذاب ان يعمر والله بصير بما يعملون ]من الجرائم وسوف يعاقبهم عليها عاجلا ام اجلا .

[ 97] ان عداء هؤلاء مع الرسالة الجديدة ناشيء في الواقع من عدائهم للحق ، فهم يعيشون حالــة التناقض بين الحق وبين مصالحهم الذاتية ، و الحق يمثله جبريل ملك الوحي ، ملك القضاء .

[ قل من كان عدوا لجبريل ]

فليعرف ان جبريل هو ملك الوحي وانه يهبط بالكتاب من السماء .

[ فانه نزله على قلبك ]

ولكن جبريل بدوره ليس الا مأمورا من قبل الله ، فهو لم ينزل الكتاب على النبي محمد (ص) من قبل نفسه ، بل .

[ بإذن الله ]

والدليل على انه من قبل الله كونه .

[ مصدقا لما بين يديه ]

من الكتب السابقة ثم انه هدى وبشرى لمن آمن به .

[ و هدى و بشرى للمؤمنين ]

[ 98] اذا فالعداء للحق يصعد الى العداء لجبريل ، ومن ثم لله ، وهل يستطيع ان يعادي البشر ربه ؟

[ من كــان عـدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكال فان الله عدو للكافرين ]وسوف يعاقبهم الله اذ لا يمكن التفريق بين الله وبين ملائكته او رسله ، ولا بين رسله بعضهم عن بعض .

[ 99] و القضاء و القدر ( السنن الثابتة و المتطورة في الحياة ) متمثلة الان في رسالة محمد (ص) .

[ ولقد انزلنا اليك ايات بينات ]

والذين يخالفونها و يكفرون بالرسالة ، لا يستطيعون ان يؤمنوا بشيء .

[ وما يكفر بها الا الفاسقون ]

الذين يخالفون عهد الله .

[ 100] ولكن الى متى يخالف الانسان عهده مع الله .

[ او كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ]

هو ذلك الفريق الذي يخالف العهد مصالحه ، مما يدل على انهم لا يتبعون الدين ولا يلتزمون بالعهود ، بل يتبعون - في الواقع - اهواءهم .

[ بل اكثرهم لا يؤمنون ]

بالحق انما بما تمليه مصالحهم الذاتية و شهواتهم و اهواؤهم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس