فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


رسالات الله و تطور الزمن
[ 106] ليست الثقافة الاسلامية اردى ( حاشا لله ) من ثقافة الاخرين ، واذا كان للاخرين كتاب فللمسلمين كتاب كريم ايضا . لان ينبوع فضل الله الذي انزل ذلك الكتاب انزل كتابا افضل من ذلك الكتاب لانه كتاب جديد فيه ما ينفع الحياة الحاضرة و المستقبل .

[ ما ننسخ من آية او ننسها نات بخير منها او مثلها ألم تعلم ان الله على كل شيء قدير ]النسخ هو : تطوير اسلوب الحكم بما يتناسب مع تطور الحياة بالرغم من وجود ذات الحكم ، مثل حكم الصلاة . كانت الى المسجد الاقصى في الشرايع السابقة ، فتحولت القبلة الى الكعبة . فالصلاة هي الصلاة ولكن تغيرت قبلتها . وقد يكون النسخ : هو بألغاء الحكم رأسا مثل المحرمات التي كانت على بني اسرائيل في الاكل فالغيت في الشريعة الاسلامية .

و الله حين ينسخ شريعة ينسخ قيادة تلك الشريعة ، او ذلك الشخص الذي يجسد تلك الشريعة ايضا . فموسى و عيسى ( عليهما السلام ) نسخت شرائعهما و انتهت فترة قيادتهما للناس ، و الاية بهذا المعنى تشمل الانسان القائد الذي يجسد آيات الله عمليا . اذا كلام الله يدل على ان لكل عصر قادته الذين يستمدون من الدين الاحكام المتصلة بظروفهم ، و الله قادر على ابداع آيات جديدة . و بعث قادة جدد . وقد جاء في النصوص تفسير هذه الاية بوفاة امام عادل و قيام امام اخر مقامه .

[ 107] ويجب ان لا يخشى الانسان من سلطة من يمثلون الافكار السابقة المنسوخة بفعل تطور الحياة ، بل يخشى الله سبحانه لانه هو المالك للسماوات و الارض ، وهو الولي النصير ، و ولي العالمين وحده .

[ ألم تعلم ان الله له ملك السموات و الارض وما لكم من دون اله من ولي ولا نصير ]وهذه الآيات والتي سبقت ، تأمر الامة بالتفكير جديا في التقدم المستمر ، وعدم الخوف من الجديد لمجرد ان الفكر الجديد قد لا يكون افضل من السابق ، وعدم الخشية من الناس المرتبطين بالاشياء القديمة ، بل الخشية من الله وحده .

و لقد وقعت هاتان الايتان في محيط الجزيرة العربية المحافظة و الراكدة وقع الصواعق . حيث استطاع الرسول ان يزلزل الاوضاع القديمة من الاساس ، ويبني مكانها كيانا جديدا بل صنع مجتمعا تقدميا يبحث عن الابداع و التطوير ، حتى احتاج هذا المجتمع الى ضوابط كابحة كالتي قالها الرسول ( كل بدعة ضلالة ) .

[ 108] ويأتي القرآن بمثل على طبيعة الثقافة القديمة ، كيف كانت ثقافة مشوبة بالشرك ، ويقول : ان اتباعكم او حتى استماعكم الى هذه الثقافات سوف يبعدكم عن الحق .

[ ام تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ]اذ قالوا له ( ارنا الله جهرة ) ، هل تريدون ان تصبحوا كفارا بعد الايمان ، و مشركين بعد ان اصبحتم حنفاء .

[ ومن يتبدل الكفر بالايمان فقد ضل سواء السبيل ]

[ 109] و اهتمام الكفار بكم ليس بهدف توجيهكم الى ما هو افضل لكم ، بل لاستلاب ما تملكون من هدى وخير ، وبالتالي من اجل تضعيفكم ، و خلخلة كيانكم ذلك لانهم اعداء لكم يحسدونكم على ايمانكم ، و يعرفون ان قوتكم كامنة في دينكم الجديد ، فيريدون القضاء على هذاالدين بكل وسيلة .

[ ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم ]تلك الانفس التي لا تحب الخير للاخرين ابدا .

[ من بعد ما تبين لهم الحق ]

وعرفوا انه بجانبكم ، وهنا امامكم موقف واحد هو تجاوز حسد هؤلاء ، وعدم الاعتناء به ، وعدم التفكير فيه لانه جدل .

[ فاعفوا و اصفحوا ]

لان الجدل الفكري مع هذا الطراز من الناس لا يجديكم نفعا ، فابتعدوا عن الجدل معهم .

[ حتى يأتي الله بأمره ]

و يظهركم عليهم و ينصركم .

[ ان الله على كل شيء قدير ]

[ 110] و خلال الفترة من الان وحتى يوم الانتصار يجب عليكم الاستعانة بنظامكم الصائب لانه خير ضمانة للمستقبل .

[ و اقيموا الصلاة و اتوا الزكاة ]

و اعملوا الخير الكثير .

[ وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله ان الله بما تعملون بصير ]وهذا الدرس - يجب ان نضعه امام اعيننا في تعاملنا مع الثقافات الشرقية و الغربية اليوم ، و محاولات انصارهما من اجل اضلالنا عن ديننا بدافع حسدهم من قوتنا لو تمسكنا بديننا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس