فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


اذا ارادت ان لا تموت
[ 154] اول الصبر الرضا النفسي بالتضحيات وجعل القرآن المضحين في سبيل الله في قمة المجد الاجتماعي ، ليشجع الباقين على المسير في دربهم .

[ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون ]احياء لان القتل قد نقلهم من حياة الى حياة ، من حياة الجسد الى حياة الروح ، من الحياة الظاهرية الى الحياة الحقيقية ، فلم تكن الشهادة الا بابا دخلوا منه الى رضوان الله ، و احياء لانهم وفروا فرصة الحياة للالوف من الناس .

ان الكرامة حياة ، و الحرية حياة ، و العيش السعيد حياة ، ومن يموت في سبيل هذه المبادىء الدينية فهو حي في تلك المبادىء . ان الشجرة التي اقتلعت لكي يتحول كل فرع منها الى شتيلة لشجرة جديدة لم تمت ولن تموت ، و الحبة التي دفنت تحت الارض لكي تتحول الى سنبلة فيها مئة حبة لم تمت ولن تموت .

و الشهيد الذي وقف حياته لمبادئه الرسالية ، حيث كان حيا ثم قتل لتحيا تلك المبادىء ، انه لم يمت ، وان امــة تكــرم شهداءها وتحي ذكراهم و تجعلهم احياء بينها هي امة حية لا ولن تموت .

[ 155] الذي مضى شهيدا حي يرزق عند الله ، و الباقون من ابناء الامة سوف يقضون ظروفا صعبة تتمخض عن حياة مجيدة ، وعلى الامة ان تكون مستعدة ابدا للتضحيـــة ، حتــى تستــطيع التقدم و تفجر طاقاتها ، و تزيدها تلاحما وصلابة وعمقا .

[ ولنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الاموال و الانفس و الثمرات ]انها حياة البناء التي لابد ان تقضيها الامة قبل البدء بالمسيرة الصاعدة ، انها فترة تجميع الرأسمال عند من يريد ممارسة التجارة ، او فترة الدراسة لمن يريد ان يصبح خبيرا او عالما ، انها بالتالي فترة العطاء وفي هذه الفترة يجب ان تتحلى الامة بالصبر .


[ و بشر الصابرين ]

[ 156] [ الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون ]ان هؤلاء لا ينظرون الى المصيبة ذاتها ، انما ينظرون اليها ضمن اطار عام يجعلونها فيه ، فهم يتصورن - خلال المصيبة - انهم مجندون في سبيل الله ، قد شروا انفسهم ابتغاء مرضاته ، ولا يجوز لمن باع بضاعة ان يطالب بها . و المسلم الحقيقي لا يفكر في جسده او فيماله ، لانه قد باعهما سلفا ، ثم انهم يتصورون النهاية السعيدة التي تنتظرهم لو صبروا على المتاعب في سبيل الله .

ان اية خسارة في سبيل الله يجب ان توضع في اطار النظرة التاريخية العامة التي تجعل من الخسارة شيئا تافها امام المكاسب الكبيرة التي تنتظر الامة في المستقبل ثم اليس البشر اساسا لله ، خلقه الله لا من شيء . ثم جعله شيئا مذكورا ، اوليس يعود اليه بالتالي -عاجلا او آجلا - فلماذا الجزع على المصيبات وهي لابد منها بصورة او باخرى .

[ 157] ما جزاء الصابرين ؟ وما ثوابهم ؟

انه صلوات من ربهم ، ان الله قريب منهم و يحبهم ، و يبعث اليهم ببركاته و يرحمهم ، فيخفف عنهم الصعوبات في المستقبل .


ان اول جــزاء يتلقاه الصابر من ربه تأييده عند صبره ، و تخفيف مصيبته عليه ، و دعم معنوياته ، ثم تعويضه على خسارته و زيادته من فضله .

[ اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة واولئك هم المهتدون ]اما الذين لا يصبرون على المصيبة فهم لا يهتدون الى الحق ، لان حبهم لذاتهم يحجب عنهم الحقائق ، و يجعلهم لا ينظرون الا الى الجوانب السهلة من رسالة الله ، و بالتالــي يحرمــون من هذه الرسالة ، فالله لم يبعث دينا هكذا كله راحة و نوم و مصالح !!

ان هذه هي اهم نواقص الامة الاسلامية اليوم ، حيث كفرت برسالة الله ، و هجرت الصيام و الصلاة ، و خافت الاستشهاد ، ولم تتحل بالصبر ، و لذلك فقد تخلفت وذلت ، و توالت عليها النكبات و المصائب ، ومتى ما اردنا الفلاح فعلينا بالعودة الى هذه التعاليم بحزم و قوة .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس