بينات من الآيات [ 183] الصيام واجب ديني في رسالات الله السابقة . وحين يكتبه الله علينا فانه لهدف عظيم يعود بالنفع علينا . هو تقويم سلوكنا ، و تربية نفوسنا على التقوى .
[ يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ]الهدف من الصيام التقوى ، و الهدف من كثير من الشعائر الدينية هو التقوى ايضا ( كما صرح القرآن به في آيات كثيرة ) ولكن ما هو التقوى ؟
لعل الكلمة التي نستخدمها في ادبنا الحاضر بديلا عن كلمة التقوى و قريبة من معناها هي ( الالتزام ) . ولكن ايحاءات كلمة التقوى افضل . انها تدل على الالتزام خشية العقاب ، والعمل بشيء ( اتقاء ) شر معين وبالتالي جعل العمل وسيلة لتجنب الوقوع في المهلكة .
فالتقوى هي التزام واع و مفروض على الانسان بسبب الاضرار التي تصيبه ان ترك الالتزام .
و خلــق هــذه الحالــة في النـــفس ، لا يــتم الا عبر سلسلة من الطقوس و الشــعائــر ، و ( الصيام ) واحد منها . حيث انه يدرب الانسان على تجنب شهواته برقابة ذاتية ، وبذلك ينمي عنده موهبة الارادة . ذلك لان ارادة الانسان كأي نعمة اخرى عنده تنمو و تتكامل ، كلما انتفع بها الانسان و مارسها عمليا . و الصائم يمارس ارادته ضد شهواته كلما دعته الحاجة الى الطعام او الجنس ، فيرفض تلبية هذه الدعوة بقوة ارادته .
ان كثيرا من الناس يحبون ان يصبحوا صالحين ، مؤمنين ، ملتزمين بالرغم من انهم قد لا يصرحون بذلك ، ولكن بعضا منهم يوفق لذلك لانه - وحده - يملك ارادة قوية ، وعلى الانسان ان يربي ارادته و يدربها حتى يستطيع ان يقاوم بها ضغوط الشهوات ، و الصيام واحد من وسائل تربية و تدريب الارادة .
[ 184] الصيام فرض خلال شهر واحد قد يتصوره الانسان طويلا ، ولكنه يجده بعد الممارسة وبعد التصميم على الالتزام به قصيرا : وكذلك كل عمل يتصوره الانسان في البدء عظيما ، ولكنه بعد ان يعزم عليه ، يصبح سهلا و خفيفا ولذلك كان من افضل وسائل التغلب على الحياةتهوينها ، و الاستهانة بصعوباتها . وهكذا يصور لنا القرآن الصيام .
[ أياما معدودات ]
وهناك تســهيلات اخرى في اداء واجب الصيام منها تغيير موعد الصيام للمسافر و المريض .
[ فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر ]يصومها عن كل الايام التي لم يصمها لمرض او سفر . ومن التسهيلات ، الغاء الصيام اختيارا عن كل من لا يطيق الصيام . اي يجهده ، و يستنفذ كل طاقته ، كالضعيف البنية و الشيخ الكبير آنئذ يستطيع ان يصوم او ان يبدل الصوم بالفدية باطعام مسكين واحد عن كل يوم يفطر فيه .
[ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا ]و صام بالرغم من المشقة عليه .
[ فهو خير له ]
بشرط الا يسبب له ضررا كبيرا بل مجرد مشقة و حرج .
[ وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون ]
لانه يزكي نفوسكم ، ويربي ارادتكم ، ويهيء لكم عند الله جزاء حسنا .
|