فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


كيف نربح الدنيا و الاخرة ؟
[ 200] بعد المشعر يفيض الحاج الى منى حيث يؤدي مناسكه من : تقديم الهدي ، و رمي الحجارة ، و التقصير ، و انئذ يجتمع الحجاج في منى ليبنوا حياتهم وفق تطلعاتهم ، فينقسم الناس الى نوعين : فمنهم من يذكر الله و ينتمي اليه قبل ان ينتمي الى اهل او ارض او قوم، و يريد ان يبني حياته وفق نهج الله ، ومنهم من يستعجل في الحصول على مكاسب الدنيا ، دون ان يفكر في الاخرة فيخسرهما جميعا .

[ فاذا قضيتم مناسككم ]

في منى ، رميا للجمرات ، و هديا لله ، و حلقا او تقصيرا ، وبالتالي بالتحلل من اكثر مظاهر الاحرام .

[ فاذكروا الله كذكركم ءاباءكم او اشد ذكرا ]

حتى يصبح انتماؤكم الاول الى الله ، فيوحدكم الايمان به ، و تصبح ارض منى منطلقا للتعارف و التعاون والامل ، ولكن يبقى هذا الهدف مرتبطا بمنطلقات معينة .

[ فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا و ماله في الاخرة من خلاق ]لا يملك اي رصيد في الاخرة . لانه يريد كل جهوده ان تثمر في الدنيا ، هؤلاء ليس لهم في الاخرة نصيب في الدنيا .

[ 201] [ ومنهــم مـن يقــول ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ][ 202] [ اولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب ]هؤلاء سوف يحصلون على مكاسبهم في الدنيا وفي الاخرة لان منطلقهم سليم . وبالطبع لا ينفع هؤلاء مجرد سلامة منطلقهم ، اذ انهم سوف لا يحصلون الا نصيبا مما كسبوا لا مما قالوا ، ان الدنيا و الاخرة هدفان لا يحققان الا بسعي وعلى قدرة .

ان الذين يحددون نظرهم في ا لدنيا يصابون بقصر النظر ، و الذاتية ، اذ ما دام العمل للدنيا ولا نعرف هل نحن غدا موجودون ام اموات ، فدعنا نأكل نصيبنا اليوم ، وبذلك يستنفذون طاقاتهم في الحال دون النظر في المستقبل .

وما دام الفرد يعمل للدنيا ، و يعمل لذاته و لأقرب الناس اليه ، فان ذلك يقضي على حضارته فما عاشت امة انتشرت فيها الذاتية وقصر النظر ، بينما من يعمل من اجل الاخرة يكون امامه افق بعيد يتطلع لتحقيقه ، انه يفكر في رحمة الله الواسعة ، فهو لا يريد مكاسب عاجلة ، ثم انه يعمل للجميع لان ذلك طريقه الى الله ، وهكذا يكون العمل للاخرة طريقا الى حضارة الامة .

بعد قضاء مناسك منى ، يتوجه الحاج الى بيت الله الحرام ليذكر الله ، ولكي يرتبط بهدى الله و يوثق علاقته بالانتماء التوحيدي له ، و يعمل للدنيا و الاخرة معا .

[ 203] [ و اذكروا الله في ايام معدودات ]

ثلاثة ايام من الحادي عشر حتى الثالث عشر .

[ فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله و اعلموا انكم اليه تحشرون ]الهدف البعيد لكل هذه المناسك هو التقوى ، و سببه هو التفكير المستمر في ان الانسان مهما طال عمره فسوف يحشر الى الله و يسأل عما فعله ، فعليه ان يجعل من نفسه عليها رقيبا و وازعا عن السوء ، و دافعا الى الخير ، ولا ينتظر محاسبا اجتماعيا او واعظا دينيا .



فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس