بينات من الآيات
و هو القاهر فوق عباده :
[17] انك تحب نفسك و تبحث عن مأمن لها عن الشركاء ، و تبحث عن مصدر
الخير لها ، فاعلم بأن الله هو الذي يقدر لك الخير و الشر معا ، و انه لو قدر الله لك أمرا فانه لا أحد يملك تغيير أقدار الله .
[ و ان يمسسك بضر فلا كاشف له الا هو ]
حين يصيبك المرض و يشتد حتى تشعر بمسه . آنئذ يستيقظ ضميرك ، و يتـــوجه الى الله القادر على كشف المرض عنك ، بينما قد تكون قبل ذلك غافلا عن ربك .
[ و ان يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ]
وحين تشعر بلذة الخير الذي يهبط عليك من دون جهد كاف ، هنالك لا تطغى . لأن الله الذي قدر لك الخير قادر على أن يسلبه منك ، كما أنه قادر على أن يزيدك خيرا ، أو حتى على أن يحوله الى سوء في النهاية ..
و التعبير القرآني يؤكد على كلمة ، المساس للدلالة على الضر الذي يشعر بألمه الفرد ، و الخير الذي يحس بلذته ..
[18] و الله يقهر عباده ، و يخضعهم لمشيئته شاؤوا أم أبوا . إنه يقدر لهم السبات فلا أحد منهم يغلب النوم على ذاته الى ما لا نهاية ، و يقدر عليهم الموت و هم كارهون ، و يأخذهم على تطبيق أنظمة معينة في الحياة ، لا يستطيعون الفرار منها :
[ و هو القاهر فوق عباده ]
و لكن تقدير الله للبشر ليس عبثا ، بل وفق حكمة بالغة ، و خبرة أزلية .
[ و هو الحكيم الخبير ]
فــاذا علمت بأن الله القاهر ، فلا تخف ! لأن الله حكيم فاذا سلمت الأمور اليه ، فانه سيبلغك الى شاطىء الأمان ..
قل أي شيء أكبر شهادة :
[19] تتلاحق الأحداث ، و تترى الظواهر ، و تجري سفينة الحياة في بحر عالي الموج ، عاصف الريح ، و لكن وراء تلك الظواهر أنظمة حكيمة تمسكها ، و الله من وراء تلك الأنظمة يمسك زمامها و يوجهها ، فالله هو ضمير الكون - الذي لا يخلو منه مكان - تجد آثاره في قطرات المطر الزاخر ، فتجد وراء كل قطرة - قدرته . حكمته . هيمنته . سلطانه . نعمته . رحمته . و فضله - والأرض حين تهش لقطرات المطر تشربها ، و تحتضن حبات القمح تداعبها ، حتى يتفجر الحقل روعة و خضرة و نعيما ، ان هناك يتجلـــى اللـه الحق .. في السماء ، و الارض و الدواب ..
كل شيء شاهد على ذاته ، الشجر يشهد على ذاته بالمساحة التي يأخذها من الأرض ، و من الفراغ ، و بالثمر الذي يقدمه لك ، و لكن الله لا يغيب عنه شيء ، لأنه وراء كل شيء . انه الذي يمسك كل شيء بما أعطاه من الحركة و الفاعلية و السنن و الأقدار ، فالله شاهــــد على كل شيء ، و حاضر عند كل شيء ، و كل شيء آية له لأنه منه و معه و اليه ، فالله إذا أكبر شهادة من أي شيء :
[ قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم ]انه يدل على ذاته بذاته ، و يدل على كل شيء ، انه يعطيك السمع و البصر و البصيرة ، و يتجلى بآياته في مهرجان الحياة حتى تعيش معه في كل لحظة و مع كل شيء . يبقى أنت الذي قد تغيب عن ربك ( دون أن يغيب عنك ) انه قريب المسافة ، بينك و بينه لحظة الالتفـــاتو التوجه ، و لكي لا تغيب عنه ، و لكي تتكامل ذاتك الى مستوى العيش مع ربك . أرسل الانبياء ، و زودهم بالكتاب لينذرك لأن الانذار أقرب الطرق الى قلب البشر ان البشر غافل بطبعه ، و سلاح الخوف أفضل وسيلة لخرق حجب الغفلة عن قلبه .
[ و أوحي الي هذا القرآن لانذركم به و من بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد و إنني بريء مما تشركون ]إنني لا ارى أثرا يذكر لغير الله سبحانه ، فكيف يمكنني أن أشرك بالله ؟ إنني لا أشهد بغير الله ، و إني أحارب بكل صراحة ما تشركون .
|