فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات


واقع الحياة و حقيقة الآخرة :

[32] هل نستطيع ان نحدد هدفا معقولا للحياة الدنيا لو لم نجعلها مقدمةللآخرة ، و عموما هل نستطيع ان نخطط لهذه الحياة التي تنتهي في أية لحظة ، و ربما دون تحذير مسبق ، و تتفاعل فيها عوامل و مؤثرات غير محدودة ؟

ان كانت الحياة الدنيا تمهيدا للآخرة ، و دورة تدريبية لتكامل البشر ، لاعداده لدخول الجنة خالدا فيها ، فان كل ما فيها سوف يصبح معقولا و حكيما ، و تكون الآخرة لا الدنيا هي الدار الدائمة للاقامة ، و لكنها لا تكون الا لمن اتقى في الدنيا .

[ و ما الحياة الدنيا إلا لعب و لهو ]

اللعب هو العمل بوعي و هدف ، و لكن دون هدف حكيم ، اما اللهو فانه من دون وعي أو هدف .

[ و للدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ]

العقل يحكم بان الدنيا ليست بدار الاقامة ، و أنها ليست هدفا نهائيا للبشرية .


لماذا الحزن ؟

[33] اذا كانت الدنيا قاعة امتحانات يتخرج منها المتقون بنجاح ، و يستلمون شهادة الايمان ، و بطاقة دخول الجنة ، فعلينا الا نحزن على الظالمين الذين يعادون الرسول ، و قبل الرسول يعادون الحق ، و يجحدون بآيات الله ، و بالتالي يظلمون أنفسهم فلماذا نحزن عليهم ؟!

[ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون ]

من التكذيب بك و برسالتك ، و لكن مهلا .

[ فأنهم لا يكذبونك و لكن الظالمين بآيات الله يجحدون ]مع علم مسبق بانه حق ، فالحزن عليهم لماذا ؟!

[34] و للرسول في الرسل السابقين اسوة حسنة ، فكم قد كذبوا و كم أوذوا ، و لكنهم صبروا حتى جاءهم نصر الله ، و تلك هي سنة الله لا تبديل لها ، و تلك هي كلمته التي لا تبديل فيها و ها هي أنباء الرسل تذكر للرسول في القرآن ليتخذ منها عبرا كافية .

[ و لقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا و أوذوا حتى آتاهم نصرنا و لا مبدل لكلمات الله ]و منها هذه الكلمة أن صاحب الرسالة حين يتعرض للصعاب و يصبر ، فأن الله ينصره بالتالي .

[ و لقد جاءك من نبإى المرسلين ]

[35] و ماذا يمكن ان يفعله الرسول ما دام الظالمون يجحدون بآيات الله بعد اليقين بصدقها ظلما لانفسهم ، فهل يسلك طريقا في الارض خارقا للعادة ، أو يصعد الى السماء بسلم ، ثم يأتيهم بآية ، أو ليست الآيات الهابطة كافية لهم لو كانوا يريدون الايمان بالله وبرسالاته ؟!

[ و ان كان كبر عليك إعراضهم ]

و كان ذلك عظيما في عينك .

[ فان استطعت ان تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ]اي تفتش عن طريق تحت الارض أو فوق السماء من أجل الحصول على آية خارقة لكي يؤمنوا بها ، فان استطعت أن تفعل ذلك فافعل ، فهل فيها فائدة ؟


نعم هناك سبيل واحد لهداية هؤلاء ، و هو أن يجبرهم ربهم على الهدى ، و لكن هل يفعل ربنا ذك ؟ كلا .. لأنه لو شاء لفعل ذلك بأهل الأرض جميعا ..

[ و لو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ]الذين يريدون تحقيق شيء معين بالرغم من سنن الله و حكمته ، و أنظمة الكون التي جعلها الله ، ان عليك ان تتحرك في حدود هذه السنن القائمة ، و الانظمة السائدة في الكون .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس