فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
موقفنا منهم :

[70] اننا كبشر نشعر بفطرتنا النقية . أن الطعام و الجنس و الراحة كلها وسائل للأبقاء على الحياة ، أما هدف الحياة فهو شيء آخر ، قد نختلف في تحديده تبعا لاختلاف ثقافتنا ، ولكننا نكاد لا نختلف في أصله ، بيد أن هناك من يتخذ دينه و هدفه الشهوات ، ويزعم أن اللذة هي الهدف الأساسي من الحياة ، أما الدين الحق فيتخذه لعبا يفسره كيف تشاء شهواته ، و لهوا يتسلى بطقوسه ، أو بالحديث حوله ، أما إذا جد الجد فانه يتبرء من الدين ، و موقف المؤمن من هؤلاء هو المقاطعة .

[ وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا ]وإنما يهبط البشر الى هذا الحضيض بسبب تورطه في الشهوات ، و تعوده على اللذات و الراحة و الكسل ، حيث ابسلت نفسه .

و الخلاص الوحيد من ظلمات الجهل و العادة هو التذكر المستمر الذي هو بمثابة حزمة نور ، تخرق حجاب العادة الى القلب .

[ وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ]

أما إذا ابسلت النفس فأن الله سبحانه سوف يلعنها ، ولا يقبل منها شفيعا ، و ليس لها ولي من دونه .

[ ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع و إن تعدل كل عدل لايؤخذ منها ]ان العدل لا يقبل من هذه النفس التي أبسلت ، وهذا هو مصير الذين أحاطت بهم ذنوبهم التي اكتسبوها .


[ اولئك الذين أبسلوا بما كسبوا ]

مصيرهم في الدنيا ظلمات في قلوبهم ، أما في الآخرة فـ :

[ لهم شراب من حميم و عذاب أليم بما كانوا يكفرون ]بآيات الله ، و يتخذونها لعبا و لهوا . إذ أن الذنوب سبب ظلمات القلب ، و هي سبب الكفر ، و الكفر يؤدي الى النار .

[71] و هناك فئة ضالة قد اتخذت أربابا من دون الله ، و التزمت بطقوس لم ينزل الله بها سلطانا ، و ربما تكون هذه الفئة هي امتداد نوعي للفئة الاولى ، اذ حين يكتسب الفرد السيئات ، ويحتجب عنه نور العقل تتحول فطرة التدين عند هذا الشخص الى الأرباب التي تعبدمن دون الله ، فيزعم صاحبها أن تلك الأرباب هي تطبيق لفطرة الايمان التي يشعر بهـا ، و ربما لذلك ذكر القرآن هذه الفئة بعد تلك الفئة قائلا :

[ قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ]

لماذا يعبد البشر شيئا لا يضر ولا ينفع ما دام لا يمثل الحق ، ولماذا يتقيد به اذا ، و يخضع له ؟!

وما هي المنفعة من وراء ذلك ؟! انه ليس إلا ردة في مسيرة البشر ، و مسخ لطبيعته الحرة الكريمة .

[ ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ]

وهداية الله تتمثل :

أولا : في الهداية الفطرية .


ثانيا : في هداية الرسل .

وكثيرا من الناس ينحرفون بعد الهداية الفطرية ، أما بعد الهداية الرسالية فان الانحراف ضلالة كبرى يشبهها القرآن الحكيم بالذي يسير في الصحراء ، ثم يضل السبيل بسبب تضليل الشياطين له ، حيث يدلونه على الطرق المنحرفة ، وفي هذا الوقت يجد الرجل من يدعوه الىالهدى ، متمثلا في أصحابه الذين يدعونه الى السبيل القويم الذي يسيرون فيه ، فانه لو لم يقبل نصيحة أصحابه فسوف لاتكون لديه أية حجة في البقاء في الضلالة ، إذ أن أصحابه قد أتموا عليه الحجة ووفروا له فرصة الخلاص من استهواء الشياطين .

[ كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه الى الهدى ائتنا ]هذا الرجل يشبه الانسان في تيه الحياة ، وقد أحاطت به شياطين الشهوات ، وأضلوه عن سواء السبيل ، و حجبوا فطرته النقية بركام من الخرافات الباطلة ، ثم جاءه هدى الله مساعدا لفطرته ، موضحا له سبيل الهداية .

[ قل ان هدى الله هو الهدى ]

وعلينا ان نتبع سبيل الله ، و نسلم له الذي أسلمت له السموات و الارض .

[ وأمرنا لنسلم لرب العالمين ]


الصلاة معراج المؤمن :

[72] ولكي نتبعه ، ونخضع له ونسلم ، فعلينا ان نقيم الصلاة نصليها بخضوع و خشوع ، و نديم عليها مع العمل بضروراتها ، في حياتنا الاجتماعية ، و من ضروراتهاالتقوى إذ ان الصلاة معراج المؤمن وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، و من شروط اقامتها الانتهاء فعلا عن الفحشاء و المنكر ، كما أن الخوف من الآخرة حين يحشر الفرد الى ربه واحدة من فوائد الصلاة المهمة .

[ وأن اقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي اليه تحشرون ]ارادة الله بين الكاف و النون :

[73] والله الذي يجب التسليم له ، هو الذي يمثل الحق ، و الحق يعني ان هناك واقعيات قائمة خارج الفكر ، وأنها تدار بأنظمة ثابتة ، و أن على الانسان أن يسعى من أجل توفيق نفسه ، وتطبيق أعماله على أساس الحق ، ولكن دون أن يزعم أن هذه الانظمة هي آلهة ، فيعبدها كما يعبد الغرب اليوم أنظمة الحياة القائمة .. كلا .. عليه أن يعرف : أن فوق الحق إرادة الله التي تخلق ما تشاء بكلمة واحدة هي ( كن ) فليعبـــد الله الذي له ملك الحياة الآن و مستقبلا ، وهو الذي يجازي الناس على أعمالهم ، وهو العالم بالغيب ( المستقبل والماضي ) و العالم بالشهادة ، فعلمه بالحقائق القائمة ، علم شامل ماذا كانت سابقا ، وماذا تكون عليه مستقبلا .

[ و هو الذي خلق السموات و الارض بالحق و يوم يقول كن فيكون قوله الحق ]لانه بقوله هذا خلق الاشياء ، وأجرى فيها الأنظمة ، وبقوله تطمئن الحياة ، و تستمر وفق الأنظمة .

[ وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ]فمن أولى به معبودا نسلم له الأمور .؟


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس