بينات من الآيات
انتصار ابراهيم :
[84] ماذا كان عاقبة الصراع بين ابراهيم وقومه الذين أبطل ابراهيم حجتهم .
ان العاقبــة كانت انتصارا ساحقا لأبراهيم حيث أن الله أمد ابراهيم بأبناء و ذرية و أنصار .
[ و وهبنا له إسحاق و يعقوب و كلا هدينا ]
حيث كون اسحاق و يعقوب - بني اسرائيل - تلك الامة المؤمنة الصبورة .
[ و نوحا هدينا من قبل ]
فلم يكن اهتداء ابراهيم بدعا جديدا ، بل كان سنة قائمة منذ مدة طويلة .
[ ومن ذريته داود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون ]هذه الاسماء التي تحولت في تاريخ البشرية الى رموز لكل قيم الخير ، ان نقطة البداية عندهم كانت الهداية الى الله ، و الهداية بدورها جاءت نتيجة احسانهم ، و فعلهم الخير .
[ و كذلك نجزي المحسنين ]
و نحن بدورنا لو فعلنا الخير لهدانا الله ، و لأصبحنا بأذنه رموزا لقيم الخير في التاريخ .
خط ابراهيم (ع) :
[58] و هناك رموز اخرى اتبعت ذات الطريقة القويمة و المنهج السليم ، و كانت النتيجة أنهم أصبحوا صالحين . أفكارهم سليمة ، وأخلاقهم قويمة ، وأعمالهم خيرة ، وأهدافهم نبيلة ، وبالتالي كلما يراه الضمير السليم للانسان ، أنه صلاح يتمثل فيهم .
[ و زكريا و يحيى و عيسى و الياس كل من الصالحين ]
[86] و آخريـــن اتبعــوهم على الهدى - و فضلهم الله على الناس لهذا السبب - .
[ واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ]بعلمهم وجهادهم .
ان هذه الاسماء اللامعة في سماء الانسانية معروفة لمن يتلو آيات القرآن ، حيث ذكرها الله أكثر من مرة ، وفصل كثيرا من قصص حياتهم ، وعبر تاريخهم ، و انما فعل ذلك ليصبحوا قدوات للبشر ، وليقول لهم : أيها الناس أن هؤلاء كانوا بشرا مثلكم و لكنهم أحسنوا فهداهم الله ، و أصبحوا ثناء على كل لسان ، و مثلا لكل فضيلة أفلا تقتدوا بهم و تتبعوا منهجهم ؟!
و يلاحظ المتدبر في نهايات هذه الآيات الثلاث ان الله سبحانه ذكر صفات ثلاث لهؤلاء الصفوة ( الاحسان ، والاصلاح ، والتفضيل ) و يبدوا أنها صفات متدرجة ، فالاحسان هو العطاء ، و الخروج عن سجن الذات ، وقوقعة الانانية الى رحاب الحق ، و خدمة الآخرين ، انه سبب الهداية ، بل سبب كل خير ، اما الهداية فهي من الله سبحانه ، و بالاسلوب الذي ذكره ربنا سبحانه بالنسبة الى ابراهيم - عليه السلام - و الصفة الثانية هي الصلاح ، وهي عاقبة الهداية ، وأثرها في حياة البشر ، حيث تجعل منه إنسانا متكاملا ، اما الصفة الاخيرة، فهي نتيجة الهداية في الواقع الاجتماعي . حيث يصبح البشر أفضل العالمين .
[87] لم تكن هذه الاسماء التي ذكرت سوى رموز ، ولن تكون هي الوحيدة في هذا الطريق بالرغم من أنها كانت ابرزها ، لذلك يذكرنا القرآن ببقية الذين ساروا على ذات النهج .
[ ومن آبائهم و ذرياتهم وإخوانهم و اجتبيناهم و هديناهم الى صراط مستقيم ]قانون الهداية :
[88] [ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ]
ولكن الهدى لن يجتمع مع الشرك ، إذ أن الشرك بالله يعني سلب الالوهية من الله ، ونسبة الضعف والعجز اليه سبحانه ، وتحديد قدرته ومشيئته ، و كل هذه الصفات بعيدة عن صفات الله ، و بالتالي من يؤمن بها لابد أن يكفر بالله ، لأنه ليس بإله من هو خاضع لخلقه ، وغير قادر على أن يقهر صنما حجريا منحوتا ، أو صنما بشريا يتمثل في المجتمع الفاسد ، أو في طاغوت جبار .
[ ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ]
من خير و احسان و صلاح لأن الصلاة مثلا : تعني الايمان بالله ، و الايمان بالله يعني بدوره الكفر بالطاغوت ، اذ أنه لا إله ذلك الذي لا يستطيع قهر الطاغوت ، و لذلك اذا خضع المصلي للطاغوت لم يكن لصلاته اي معنى ، فلذلك فهي تحبط حبطا .
|