فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
فبهداهم اقتده :

[89] تلك كانت رسالات الله بينها الله في الآيات السابقة ، ورسله كانوا دعاة لتلك الرسالة .

[ اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ]

الكتاب هو الرسالة ، و الحكم هو القضاء و السلطة باسم الرسالة ، اما النبوة فهي تحمل الرسالة لدعوة الناس اليها .

[ فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ]فلا خوف على الرسالة - ان تبقى غريبة - اذ سوف يقيض الله لها رجالا يؤمنون بها ، ويفدونها بأوراحهم ، و انما الخوف على هؤلاء الذين لا يؤمنون بها .

و على امتداد التاريخ هناك رجال يؤمنون بخط الرسالة المستقيم دون أن يخالط ايمانهم شك أو وهن أو ارتداد .

[90] و الله سبحانه يبارك هذا الخط السليم بهدف ان يكون قدوة في الهدى .

[ اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ]

وهذه الهداية انما هي للناس جميعا وهؤلاء لا يتقاضون أجرا على تبليغها .

[ قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين ]الايمان بالرسالات جوهر الايمان :

[91] الايمان بالله ، ومعرفته سبحانه هي النقطة المركزية للايمان بسائر الحقائق و معرفتها ، وأن أبرز هذه الحقائق الايمان برسالات الله التي من ينكرها فانما ينكر الله أو لا يعرفه حق معرفته ، فالله الذي خلق السموات و الارض وكل شيء فيهما إنما خلقه بهدف وحكمة ، و خلق الانسان ولم يتركه سدى ، بل بعث اليه رسلا يوضحون له درب السعادة ، فمن أراد السعادة اتبعهم ، ومن لم يرد ، فمصيره النار و ساءت سبيلا .

[ وما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ]ثم ان ابسط دليل على اي شيء هو وجوده العيني الخارجي ، والله قد انزل رسالته على البشر متمثلة في كتاب موسى عليه السلام الذي يستحيل عقلا أن يكون من غير الله ، فاذا هو من الله .

[ قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا و هدى للناس ]انه من الله بدليل أنه نور يستجلي العقل ، و يوقظ الضمير ، و ينبه الفطرة البشرية ، و لأنه نور فهو كاشف للحقائق سواء تلك التي تمت الى الدنيا أو الآخرة ، و الكتاب بالاضافة الى ذلك هدى للناس يهدي به الله الى سواء السبيل في الآخرة ، والهدى أخص من النور، لأنه يهدي صاحبه حتى ولو لم يؤت نورا شاملا .

ان الانبياء و الصديقون و العلماء يؤيدون بنور العقل فيكشفون بأنفسهم الحقائق . أما الناس فأنهم قد لا يؤتون النور و لكن يهديهم الله الى الصراط المستقيم عن طريق توضيح السبل لهم كالاعمى الذي يأخذ بيده البصير و يقوده في مسيرته .


[ تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا ]

لانكم خشيتم منه على مصالحكم والآن تنكرون البقية رأسا ، أو ليس في هذا التناقض دليلا على بطلان كلامكم .

[ وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ]

فجاءت الافكار بعيدة عن الجو الثقافي الذي كان سائدا عليكم ، مما يدل على أنها كانت أفكارا غيبية .

و اخيرا : ان جدل هؤلاء في رسالة النبي نابع من مرض قلبي دفين ، لا ينفع معه اقامة الحجج ، لذلك يجب أن يتركوا لشأنهم حتى يأتيهم جزاء أفعالهم .

[ قل الله ]

الله هو الحاكم بيني و بينكم ، و الله هو الشاهد و الشهيد عليكم ، والله هو الذي لو آمنا به حقا لآمنا بالرسالات ، ولأصلحنا عقد أنفسنا .

[ ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ]

اي يلعبون فيما يخوضون فيه ، ويناقشون فيه من أفكار خاطئة و أهواء . انهم لا يتبعون العلم ، بل يتلاعبون بالألفاظ و الاهواء .


خصائص رسالتنا وأهدافها :

[92] الايمان بالرسالات عموما ، ركن من أركان الايمان بالله ، الا أن ذلك لا يكفي . اذ يجب ان نؤمن بالرسالة التي تخص حياتنا بالذات ، والرسالة الاسلامية هي تلك الرسالة التي لابد ان نؤمن بها لعدة أسباب .


اولا : لأنها مباركة تحفز البشرية نحو التقدم و الرقي ، و النمو و الخير ، و هذا هو تطلع البشر الاسمى .

ثانيا : لأنها تتفق في أصولها مع سائر رسالات السماء ، مما يدل على وحدة المشكاة التي انبعثت منها .

ثالثا : لأنها جاءت لتحقيق يقظة في عالم يغط في سبات الجاهلية ، و ذلك في شبه الجزيرة العربية .

رابعــا : ان الهدف من اعتناقها ليس هدفا ماديا كالوصول الى السلطة أو الغنى ، بل هدف معنوي بدليل أن حملة الرسالة هم رجال الله ، فهم يحافظون على صلواتهم ، و عموما المؤمنون بهذه الرسالة هم المؤمنون باليوم الآخر الذين لا يهــدفون من ورائه الدنيا و زينتها .

[ و هذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى و من حولها و الذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به و هم على صلواتهم يحافظون ]

فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس