فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات


الايمان الكاذبة :

[109] التعرف على طبيعة المشركين ، يساعدنا في تكوين علاقات سليمة معهم ، انهم انما يكفرون استجابة لشهواتهم ، أو تسليما لضغوط مجتمعهم ، أو خشية من طاغــوت حكومتهم أو ما أشبه ، و لكنهم يبررون كفرهم بأنهم غير مقتنعين بالحق ، أو ان الآيات و المعاجز غيركافية لهم ، و لكي يبالغوا في تغطية كذبهم ونفاقهم ، لا يدعون قسما الا ويحلفون به على صدق نواياهم و هم كاذبون .

[ و اقسموا بالله جهد أيمانهم ]

اي بآخر مايستطيعون عليه من الايمان .

[ لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ]

أي آية معينة يذكرونها أو آية يصدق عليها كلمة آية - في زعمهم - مثل ان تكون آية كبيرة جدا كاحياء الموتى .

[ قل انما الآيات عند الله ]

فالله قادر على أن يأتي بآية ، و لكنه لا يأتي بها الا حين تقتضي حكمته ، و ليس كلما شاءت أهواء الكفار ، أو حتى ارادة الرسول (ص) الحريص جدا على هداية الناس .

[ وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ]

وأي ضمان نملكه نحن لأيمانهم بعد مجيء مثل تلك الآية ، علما بأن هؤلاءكفروا سابقا بكل الآيات الواضحة .


محكمة الفطرة :

[110] للانسان فطرة أولية أنعم بها الله عليه ، و بهذه الفطرة يميز البشر الخير من الشر ، و الهدى من الضلالة ، و اليها يحتكم أهل الارض حين يتنازعون ، فالفداء و الاحسان و الشجاعة و السخاء و البطولة ، صفات جيدة ، وعكسها رذيلة ، تجد هذا عند المسلم و الكافر ، والحضري و البدوي ، و حتى الانسان البدائي شبه الوحشي ، انها مقاييس عامة زود الله البشر بها ليتلمس بها طريقه .

و بهذه الفطرة الاولية عرف البشر ربه ، و آمن به ، و لكنه بعد أن تعرض لضغط الشهوات و الطغاة و الخرافات . استسلم لها و كفر بالله ، و حين كفر بربه أرسل الله اليه الرسل ، فمنهم من آمن وتحدى الضغوط ، ومنهم من كفر ، و هؤلاء لم يفقدوا نعمة الرسالة السماوية فحسب ، بل أن الله سبحانه أفقدهم نعمة الفطرة الاولى ايضا .

[ و نقلب أفئدتهم و أبصارهم ]

الأفئـــدة هي القلوب التي كانت سابقا محلا للفطرة النقية ، و للمقاييس السليمة ، اما الابصار فهي الحواس التي تتبع القلوب ، فاذا تحولت و تبدلت معايير البشر ، فان حواسه هي الاخرى تتحول دون ان يقدر على الاستفادة السليمة منها ، و آنئذ يصبح هؤلاء بسبب فقدان الفطرة .

[ كما لم يؤمنوا به أول مرة ]

و السبب ان هؤلاء طغوا ، والطغيان يسبب قلب الافئدة ، و تبدل المقاييس .

فالبشر الذي يتبع عقله ، و يتبع الحق ، و الحق هو هدفه ، مزود بمقاييس لمعرفة هذاالحق ، و لكنه حين يتبع شهوته ، و يتبع ذاته ، و الذات الطاغية كل هدفه ، و مقياسه في الحسن و القبح ، و الخير و الشر ، و الفضيلة و الرذيلة ، هو الاقرب الى نفع ذاته و تحقيق هدفه اللامقدس من وراء شهواته ، و تكون أصول دينه ثلاثة : الطعام و الشراب و الجنس ،و أحكام دينه هكذا . الحلال ما حل باليد ، و الحرام ما حرم منه الانسان ، ان مصير هذا الانسان ، مصير الدول الطاغوتية في العالم التي تصنع لذاتها مقاييس خاصة بها ، و قوانين دولية و محاكم ومجالس أمن .... ألخ . كلها بهدف دعم السلطات الطاغوتية على رقاب الجماهير المحرومة ، لذلك يحذر القرآن من مغبة الكفر بالآيات و يقول :

[ و نذرهم في طغيانهم يعهمون ]

لا يتلمسون طريقهم لأنهم طغوا ، بل ان هؤلاء يفقدون شيئا فشيئا المقاييس لمنفعة ذواتهم ، فيخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي المؤمنين .

[111] و دليل كذبهم و نفاقهم : أنهم لو أنزلت عليهم اكثر الآيات إثارة لم يؤمنوا .

[ ولو أننا أنزلنا اليهم الملائكة و كلمهم الموتى ]بل اكثر من هذا لو أن الله حشر عليهم الاموات حتى يقابلونهم بالحقيقة الصريحة ، كما اذا حشر عليهم الطيور فآمنت بالرسالة مع ذلك ما آمنوا .

[ و حشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا أن يشاء الله ]فيهديهم هداية مفروضة عليهم .

[ ولكن أكثرهم يجهلون ]


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس