فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الاطار العام
كما خلق الله الكائنات فسواها و أتم صنعها ، كما قدر لها شؤونها ، و ألزمها بسنن ، و هداها اليها ، كذلك قدر للانسان ما يصلحه ، و جعل له سبل السلام التي تهديه الى غاياته الكريمة ، و بعث اليه رسالته التي تهديه اليها .

و لا تحدد غاية الانسان بما في الدنيا من عافية و أمن و تقدم و سعادة ، بل و ايضا بما في الآخرة التي هي خير و أبقى .

بماذا يهدي الله الانسان الى الفلاح ؟ بالقرآن الذي يقرؤه الرسول فلا ينسى منه حرفا ليذكر به الناس ، و لكن من الذي يتذكر ؟ انما الذي يخشى ، بينما الذي يسد منافذ قلبه من دون التذكر فهو الأشقى الذي يصلى النار الكبرى فلا يموت فيها و لا يحيى .

و اذا استطاع الانسان الإقلاع من جاذبية الدنيا و التحليق في أفق الآخرة التي هي خير و أبقى فانه يخطو الخطوات الأولى على طريق الفلاح ، أما الثانية فالخشية ثمالتذكر ، و بعدهما تأتي التزكية كخطوة ثالثة تحمله الى الصلاة و الزلفى الى رب العزة .

هكذا تتواصل آيات سورة الأعلى لتذكرنا ببلاغة نافذة بذات الحقائق الكبرى التي لابد ان نعيهــا حتى نبلغ الفلاح . و إنها لمعجزة القرآن ان كل سورة منه تذكر بذات الحقيقة ، و لكن بطريقة متميزة جديدة .. بلى . ان الحقائق الكبرى تتجلى في مظاهر شتى لانها غير ما نشهده من الحقائق الجزئية ، وهي خلاصة صحف الله التي بعثها الى انبيائه العظام كإبراهيم و موسى عليهما السلام .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس