الإطار العام كما هو سياق غالب السور المكية تعالج سورة المعارج الامراض القلبية التي تمنع الايمان ، كما ترسم منهاجا لبناء الشخصية الربانية ففي الثلث الاول حتى الآية ( 18 ) يحدثنا السياق عن مشاهد من الآخرة حيث الاحداث الكونية المريعة ، و ما تخلفه من الآثار على نفوس المجرمين ، فاذا بواحدهم يتمنى النجاة و لو يفتدي بأعز الناس و أقربهم اليه ، بل بهم جميعا .
و من خلال الحديث تعالج مرض التسويف بتصحيح رؤية الانسان الى الزمن عبر وعي الزمن الأبدي الذي لابد ان يعايشه البشر .
و انطلاقا من ذلك يشير القرآن الى صفة الهلع لدى الانسان ، و التي تبعثه على الجزع حين الشر و المنع عند الخير ، فتجعله متقلب الشخصية ، متغيرا حسب المحيط و الظروف ، مؤكدا بأنها ليست في المصلين بحق ، لانهم تساموا الى أفق الخلود فلم يعيشوا لحظتهم الراهنة فقط ، ولم يتأثروا بعواملها فحسب .
ثم تعالج الآيات حالة التمني التي يعيشها الانسان فيطمع ان يدخل الجنة بلا ايمان او سعي ، كلا .. ان النجاة من العذاب لا تحصل بالتمني و الود ، انما بالعمل الصالح و السعي ، و ان الصلاة لهي سفينة نجاة المؤمنين ، و هي مفتاح شخصيتهم الإلهية التي تتسم بالانفاق و الصدقة و خشية العذاب و رعاية الامانة و العهد و حفظ الفروج إلا من حلال و القيام بالشهادة و المحافظة على الصلوات ، و هذا في الواقع البرنامج المستوحى من الصلاة لبناء شخصية الانسان الربانية .
وفي الخاتمة ( الآيات 36 - 44 ) ينسف الوحي مركب الاحلام و التمنيات الذي يركبه الهلكى من المجرمين و الكافرين ، فلا يرسو بهم إلا في بحر لجي من عذاب الله و غضبه ، و خسران الدنيا و الآخرة .. لان التمنيات تدخل أصحابها في نفق الخوض و اللعب ، فاذا بهم وقدحان اليوم الذي يوعدون ، و لم يستعدوا للقاء الله ، و لم يمهدوا للمستقبل عملا و زادا ، و انها لعاقبة كل منهج يعتمد التمنيات بديلا عن السعي و العمل .
|