وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله
هدى من الآيات ينذر القرآن الذين يعاندون الرسالة ، فلا يتبعون الحق ، بأن عنادهم سوف يسلط عليهم عذابا لن يحيد عنهم .
وإذا عاند الانسان الحق فإنه سوف ينكر كل شيء حق بلا تورع ( وقد رأينا كيف أن بعض الفلاسفة في التاريخ أنكر الوجود الذي هو أظهر و أجلى شيء عرفه البشر ، فقالوا : إن ما نراه لا يعدو كونه خيالات ) .
ثم يبين ربنا سفه ما يقوله المشركون من أن لله إبنا ، وذلك بأن يرد عليهم الرسول (ص) أنه أول العابدين لله ، وأن كل شيء مخلوق لله ، وليس من شيء قائم بذاته ، إنما الله القائم على كل شيء ، فلولا أنه يمسك السماوات و الأرض لزالتا ، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ! وكما في التكوين كذلك في التشريع ، فلو اراد الله أن يفقر أحدا هل يغنيه أحد ؟! أو أراد أن يضله هل يهديه أحد ؟!
و آخر الآيات تتحدث عن الله الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم ، الذي له ملك السماوات و الأرض وما بينهما ، ولا يحتاج الى إبن ، و اننا إليه راجعون ، وأن الذين يعبدون من دون الله لا يملكون شفاعة ، فلن تشفع لهم الجنة ولا الأصنام ، ولكن الشفاعة عند من يكذبون بهم من الرسل و الأنبياء .
وهؤلاء الذين يكذبون بالرسل إنما يكذبون بالله ، ولئن سألتهم من خلق الخلق و خلقهم ليقولن الله . إنهم يعترفون بالله تكوينيا ، فهو الذي خلقهم و خلق كل الخلق ، ولكن لا يؤمنون بالله تشريعيا ، إذ أرسل اليهم الرسل ، و أيدهم بآياته ، فما فائدة إيمانهم بأن الله خالقهم ، إذ لم يؤمنوا بأن الله هو الوحيد الذي يجب أن يشرع ، لأن شرعه سبحانه يتناسب مع أهداف الخلقة ، ولا أقدر على التشريع إلا من خلقنا .
و أخيرا يحدد السياق العلاقة المثلى مع هؤلاء القوم المتمثلة في العفو عنهم ، و الدعوة الى السلام ، وترك أمرهم الى يوم القيامة .
|