فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[78] إتماما للحديث عن النار ، و عقب أن يرد عليهم مالك بأنهم ماكثون أبدا في النار ، يبين لهم سبب ذلك ، قائلا :

[ لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ]

قال ابن عباس : إن المراد من الأكثر هنا هو الكل . و لعله فهم من الآية أن عادة البشر هي كراهية الحق إلا من عصمه الله ، و نستلهم من ذلك أن على الإنسان أن يتجاوز في ذاته هذه الكراهية بعزم الإرادة حتى يبلغ الحق ، أما إذا استرسل مع هواه فسوف يقوده الى الباطل .


[79] لا ينفع التحدي و العناد شيئا ، لابد من التسليم و الطاعة ، وإذا زعم الكافرون أنهم قادرون على مواجهة الحق و أهله ، بالكيد المتين ، و العزم الشديد ، و المكر الخفي ، فليعلموا بأن الله أمتن كيدا ، و أشد عزما ، وهو خير الماكرين .

[ أم ابرموآ أمرا فإنا مبرمون ]

إذا كانوا قرروا أن لا يؤمنون بالله ، فقد قررنا و أبرمنا أمرا ، فكان أمرنا أنهم في النار خالدون ، ماكثون فيها خاسئون ، و الإبرام هو القـرار الذي لا تراجع فيــه أو تــردد .

[80] بعـد أن قهــر الله كبرياءهم ، بإنذارهم بنار جهنم ، و تصوير ذلهم و خزيهم ، ورد طلباتهم حتى بالإعدام للنجاة من عذاب النار .. و بعد أن أوصل ذلك بإنكار الحق و هددهم بأن تحديه لا يجديهم نفعا و انبأنا بأن كراهية الحق حالة عامة و علينا معالجتها في أنفسنا ، بالخوف من عاقبة الكفر بالحق .

أقول بعد أن أسقط ربنا هذه الحواجز التي تفصل البشر عن الإيمان بالحق ، أخذ ينسف تبريرا يحتمي الى ظله الكفار ، حين يزعمون أنهم قادرون على إخفاء كفرهم عن الله بالنفاق .

[ أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم بلى ]

نسمع سرهم الذي يحدثون أنفسهم به فقط و نجواهم الذي يتحدثون به في مجالسهم الخاصة .

[ و رسلنا لديهم يكتبون ]

وليس رسل الله يكتبون عليهم اعمالهم فقط ، بل وهم " لديهم " عندهمحاضرون وفي الروايات : ان الملائكة الكتبة تجلس في حنك الإنسان ، فما يلفظ من قول الا كان عليه رقيب عتيد .

ولكي نقتلع جذور النفاق من أنفسنا فليس أفضل من استشعار علم الله بالسر و النجوى .

جاء في الدعاء : " إلهي و سيدي فأسألك بالقدرة التي قدرتها ، و بالقضية التي حتمتها و حكمتها ، و غلبت من عليه أجريتها ، أن تهب لي في هذه الليلة ، وفي هذه الساعة ، كل جرم أجرمته ، و كل ذنب أذنبته ، وكل قبيح أسررته ، وكل جهل عملته ، كتمته أو أعلنته ، أخفيته أو أظهرته ، وكل سيئة أمرت بإثباتها الكرام الكاتبين ، الذين وكلتهم بحفظ ما يكون مني ، و جعلتهم شهودا علي مع جوارحي ، وكنت أنت الرقيب علي من ورائهم ، و الشاهد لما خفي عنهم ، و برحمتك أخفيته ، و بفضلك سترته " (1)[81] و عاد القرآن ينفي الشرك ، و أن يكون للرحمن ولد ، لكي لا يظن الإنسان أن بمقدوره الفرار من حكومة الله الى ظل الشركاء ، كلا ... ليس أمام البشر إلا طريق واحد ، هو طاعة الله ، و تحمل مسؤولياته .

ثم أن سورة الزخرف تطهر قلب الانسان من عبادة الثروة و السلطة ، بينما الشرك تجسيد لهذه العبادة ، فالمشركون أنما عبدوا الأنداد لأنهم زعموا أنها رمز المال و البنين ، و هكذا نجد السياق فيها يدحض الأفكار الشركية ، و يستجلي بصائر التوحيد .

ومن تلك الأفكار ما زعمته النصارى في نبيهم أنه ابن الله ، وقد بين القرآن إنما هو عبد أنعم الله عليه ، ولكي يحصن القرآن المسلمين من الغلو في دينهم ، كما(1) دعاء كميل .


فعلت الأمم السابقة ، فإن هذه الآية تبين أن نبينا محمدا ( صلى الله عليه وآله ) ليس إلا عبدا لله ، بل هو أول العابدين له ، وكيف يكون العبد ربا أو ولدا لله ؟!

[ قل إن كان للرحمن ولد فانا أول العابدين ]

ولا ريب أن محمدا أعظم الأنبياء ، فإذا كان هو أذل العابدين ، فكيف يكون غيره ابنا لله ؟! تعالى الله عما يصفون .

وهكذا نفت الآية الكريمة الشريك عن الله ببلاغة نافذة ، من هنا قال كثير من المفسرين : ان كلمة " إن " هنا باقية ، و معناها : ليس للرحمن ولد . و يبدو أن معنى النفي مفهوم من مجمل تركيب الجملة ، وليس من كلمة " إن " .

و روى السيوطي عن ابن عباس أنه قال ( في الآية ) : لم يكن للرحمن ولد ، فأنا أول العابدين ، و روي عن الحسن و قتادة أنهما قالا : ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، قال : يقول محمد : فأنا أول من عبد الله من هذه الأمة ، و روي عن مجاهد : قل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين ، فأنا أول من عبد الله وحده و كذبكم بما تقولون . (1)و مثل هذا روي عن الإمام أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه قال : " إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، أي الجاحدين " (2) و التأويل في هذا القول باطنه مضاد لظاهره .

و يبدو أن الآية تنفي أيضا الأسس الفاسدة لنسبة الولد الى الله سبحانه ، ذلك أنهم زعموا أن الأعظم مالا يكون الأقرب الى الله ، و تسقط عنه المسؤوليات ،(1) الدر المنثور / ج 6 - ص 24

(2) نور الثقلين / ج 4 - ص 616


كلا .. إذا كانت الولادة صحيحة - وهي غير صحيحة - فإن الأقرب الى الله هو الرسول ، وليس أصحاب المال ، و نحن حين نرى أقرب الناس الى الله أشدهم خوفا منه ، و أكثرهم عبادة له ، و أعظمهم تمسكا بالدين ، فإننا نهتدي ألا شريك له ، ولا يجوز لغيــر الرسول - بطريقةأولى - أن يتهرب من المسؤولية بدعوى أنه ابن الله أو منتم الى ابن الله .

إن من أهم الدواعي الى الغلو في الدين ، و ادعاء الصلة النسبية بين رب العرش سبحانه و الأنبياء عليهم السلام ( كعزيز عند اليهود ، و المسيح عند النصارى ) التهرب من المسؤولية ، بدعوى أن ابن الله ينجيهم من عذاب الله ، و يفديهم بنفسه للخلاص من نقماته ، وبدعوى أنهم أولاد الله ، بانتمائهم نسبيا أو سببيا الى الله .

ألم يزعم اليهود أنهم ابناء الله و أحباؤه ؟ اولم يتخذوا من تلك العقيدة الفاسدة تبريرا لعدوانهم على سائر الناس ، و القول بأنه ليس عليهم في الأميين سبيل ؟! كذلك زعـــم الجاهليون العرب أن انتسابهم الى إبراهيم الخليل (ع) يكفيهم فخرأ ، و من الله قربــى!

اولم يزعم بعض المسلمين أن مجرد حبهم للرسول و أهل بيته ( صلى الله عليه وآله ) و أصحابه يغنيهم عن العمل ؟!

كلا .. ليس للرحمن ولد ، و الدليل على ذلك أن الرسول هو أول العابدين لله ، وإذا كان له ولد لم يكن أول من يعبد الله ، ذلك الرسول الأقرب الى الله .

و الملائكة ليسوا أولاد الله ، لأنهم عباده المكرمون ، لا يسبقونه بالقول ، وهم بأمره يعملون .

و عيسى (ع) ليس ولد الله ، لأنه ليس إلا عبدا أنعم الله عليه .


وهذا التفسير يبدو لي واضحا و متفقا مع سائر الآيات ، كما هو متفق مع تفسير الرعيل الأول من المفسرين .. بينما ذهب السدي و تبعه آخرون أن معنى الآية : لو كان للرحمن ولد فأنا أحق الناس بعبادة ذلك الولد لأني أول العابدين ، " فإن السلطان إذا كان له ولد فكما يجب على عبده أن يخدمه فكذلك يجب عليه أن يخدم ولده " (1)ولا أستحسن هذا التفسير ، بالرغم من ميل كثير من المتأخرين اليه ، لأنه لا ينسجم مع النهج الذي نعهده في بصائر القرآن ، و الله العالم .

و يبقى سؤال : كيف ذكر الرسول أنه أول العابدين وقد جاء متأخرا زمنيا عن سائر الأنبياء المخلصين في طاعة الله ؟

تجيب النصوص الدينية عن ذلك بما يلي :

إن نبي الله محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أول من عبد الله و سبحه ، وقد جاءت الروايات مؤكدة على ذلك ؛ فقد روي :

عن أبي ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وآله ( في خبر طويل في المعراج ساقه الى أن قال ) : " قلت - يا ملائكة ربي هل تعرفونا حق معرفتنا ، فقالوا : يا نبي الله وكيف لا نعرفكم وأنتم أول ما خلق الله ؟ خلقكم أشباح نور من نوره ، في نور من سناء عزه، ومن سناء ملكه ، ومن نور وجهه الكريم ، و جعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، و عرشه على الماء قبل ان تكون السماء مبنية ، و الأرض مدحية ، ثم خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ، ثم رفع العرش الى السماء السابعة فاستوى على عرشه و أنتم أمام عرشه تسبحون و تقدسون و تكبرون ،


(1) التفسير الكبير للفخر الرازي / ج 27 - ص 330


ثم خلق الملائكة من بدء ما أراد من أنوار شتى ، و كنا نمر بكم و أنتم تسبحون و تحمدون و تهللون و تكبرون و تمجدون و تقدسون ، فنسبح و نقدس و نمجد و نكبر و نهلل بتسبيحكم و تحميدكم و تهليلكم و تكبيركم و تقديسكــم و تمجيدكم ، فما أنزل من الله فإليكم ، وما صعد الى الله فمن عندكم ، فلم لا نعرفكم ؟ " (1)و جاء في الرواية عن المفضل عن أبي عبد الله (ع) قال : " يا مفضل ! أما علمت أن الله تبارك و تعالى بعث رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) وهو روح إلى الأنبياء (ع) وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام ؟ قلت : بلى . قال : أما علمت أنه دعاهم الىتوحيد الله ، و طاعته ، و اتباع أمره ، و وعدهم الجنة على ذلك ، و أوعد من خالف ما أجابوا إليه و أنكره النار ؟ فقلت : بلى " (2)وعن أبي عبد الله (ع) قال : " إن بعض قريش قال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بأي شيء سبقت الأنبياء و فضلت عليهم ، و أنت بعثت آخرهم و خاتمهم ؟ قال : إني كنت أول من أقر بربي جل جلاله ، و أول من أجاب ، حيث أخذ الله ميثاق النبيين ، وأشهدهم على أنفسهم : " ألست بربكم قالوا : بلى " فكنت أول نبي قال : بلى ، فسبقتهم الى الإقرار بالله عز وجل " (3)وفي الدعاء عن الامام الهادي (ع) يصف الرسول (ص) و آله : " خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين " (4)[82] [ سبحان رب السماوات و الأرض رب العرش عما يصفون ]لو أنهم عرفوا شيئا من عظمة ربهم لما خرقوا له بنين و بنات ، و لما شبهوه(1) بح / ج 15 - ص 8

(2) المصدر / ص 14

(3) المصدر / ص 15

(4) الزيارة الجامعة .


بأنفسهم في الأمثال و الصفات . أإنه هو الله رب السماوات و الأرض ، و رب القدرة العظيمة . وفي الحديث : " رب المثل الأعلى عما به مثلوه ، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ، ولا يوصف ، ولا يتوهم " (1)[83] ربما ضر المزيد من الإهتمام بجدال المشركين ، و يكفي أن ندعوهم الى الهدى ، و نبين لهم الحجج ، فإذا عموا عنها تركناهم يخوضون في غيهم ، و يلهون أنفسهم بأفكارهم الضالة ، و يلعبون في الحياة بلا هدف حكيم ، حتى يلاقوا يوم الجزاء العادل الذي يعدهم الله .

[ فذرهم يخوضوا و يلعبوا ]

ولعل الخوض هنا يساوق اللهو وهو ما يصرف الإنسان عن الواقع ، بينما اللعب هو السعي المنظم لأهداف غير رشيدة ( حسبما يبدو لي ) .

وحين يبتعد الإنسان عن هدى ربه فهو بين فكرة باطلة يلهو بها عن الحق و سعي دؤوب لغير الأهداف المشروعة ، وقد قال ربنا سبحانه : " وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب " .

أما المهتدون الى ربهم فعقولهم تستنير بضياء المعرفة ، و تزداد ولها الى الحقائق، أما سعيهم فهو دائب في سبيل تحقيق الفلاح و الرضوان .

و بتفكر أعمق سنصل الى الحقيقة التالية : إنه الإيمان بالله وحده الذي يجعل الفكر يعمر بهدف سام ، هو معرفة الله أكثر فأكثر ، كما يجعل عمل الإنسان ذا معنى وذا هدف مقدس هو ابتغاء مرضاة الله .


(1) نور الثقلين / ج 4 - ص 617


[84] إنه الله الذي وسعت رحمته و قدرته و هيمنته و تدبيره السمـاوات و الأرض ، يدبرهما بذات النظام الحسن الحكيم ، فلا فطور ولا خلل لا في أصغر موجود ولا أكبر .

إن وحدة التدبير دليل على وحدة الخالق ، و وحدة الحاكم و المهيمن ، وهي حجة بالغة ضد أولئك الذين زعموا أن للأرض آلهة و للسماء إله ، فما لله لله وما لقيصر لقيصر ، كلا .. كل شيء لله ، واليه المصير .

[ وهو الذي في السمآء إله وفي الأرض إله ]

و آيات الله تهدينا الى بالغ حكمته و علمه .

[ وهو الحكيم العليم ]

وهل ينبغي أن يخرق لله ولد أو يشرك به شيء ؟ كلا .. و العجيب أن حالة الجدل قد بلغت بالبعض الى اتخاذ هذه الآية الكريمة مادة للجدل ، كما جاء في الحديث التالي :

في الكافي عن هشام بن الحكم قال : قال أبو شاكر الديصاني ، إن في القرآن آية هي قولنا ، قلت : وما هي ؟ فقال : " وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " ، فلم أدر بما أجيبه ، فحججت فخبرت أبا عبد الله - عليه السلام - فقال :

هذا كلام زنديق خبيث ، إذا رجعت اليه فقل : ما إسمك بالكوفة ؟ فإنه يقول : فــــلان ، فقــــل له : ما إسمك بالبصرة ؟ فإنه يقول : فلان ، فقل : كذلك الله ربنا ، في السمـــاء إله ، وفي الأرض إله ، وفي البحار إله ، وفي القفار إله ، وفي كل مكان إلــه " .


قال : فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته ، فقال : هذه نقلت من الحجاز ! (1)[85] [ و تبارك الذي له ملك السماوات و الأرض وما بينهما ]وهذه الآية تجيب على إشكال سابقتها ، فهو إله في السماء ، و إله في الأرض ، إلا أن السماوات و الأرض ملكه ، و تحت قبضته .. و تبارك مصدر البركة .

[ و عنده علم الساعة و إليه ترجعون ]

[86] و حين تقوم الساعة ، و نرجع الى الله ، فهل يملك الشركاء المزعومين الشفاعة ؟ كلا ..

[ ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ]كما أنه في عالم التكوين ليس هناك الله و ابنه ، فكذا في عالم التشريع ، فإنه لا شفيع عند الله إلا من شهد بالحق ، فالفضل آنئذ لله ، و القدرة له وحده ، وهو يمنع من قدرته ما يشاء دون ان تنقص قدرته مقدار ذرة ، ومن دون أن يصير ذلك صاحب قدرة ذاتية ، وليسباستطاعة أحد أن يقف أمام الله ، فالكل مهما أوتوا عبيد له سبحانه ، وإنه لا يشفع أحد لأحد إلا من شهد بالحق .

وفي الرواية عن رسول الله (ص) قال في هذه الآية : " هم الذين قد عبدوا في الدنيا ، لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم " (2)[87] وهؤلاء الذين عبدوا غيره ، ولم يشفع لهم أحد ، لأن الله لا يقبل الشفاعة(1) المصدر

(2) تفسير البرهان / ج 4 - ص 156


لأحد إلا من شهد بالحق له سبحانه ، هؤلاء ..

[ ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ]

فالله يحاكمهم ، و أفضل حكم فطرتهم ، فيقول لهم : من خلقكم ؟ ولا يملكون أن يقولوا غيره سبحانه .

لقد كانوا يعترفون بأن الله خالق السمــاوات و الأرض ، و لكنهم كانوا يزعمون - مع ذلك - وجود قدرة ذاتية لسواه ، شأنهم شأن أغلب البشر اليوم حيث أنهم يغترون بمظاهر القوة عند الطغاة و المتجبرين ، فيخضعون لهم ، و يذرون حكم الله الحق الى أحكامهم الجائرة .


[88] لقد بلغ الإهتمام بشأن الدعوة عند الرسول (ص) حدا جأر الى الله ، و أخذ يشكو اليه عدم إيمان قومه .

[ و قيله يا رب إن هؤلآء قوم لا يؤمنون ]

ولعل التعبير بـ " قوم " للدلالة على أنهم اجتمعوا على ترك الإيمان .

[89] فكيف ينبغي التعامل مع قوم لا يؤمنون ؟

تحدد الآية الأخيرة من هذه السورة العلاقة السليمة معهم ، قائلة :

[ فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ]

إنها علاقة العفو عن جرائمهم بحقة ، و السلام معهم ، و المؤمن يحمل في داخله قلبا يسع الدنيا و يزيد ، لأن نظره الى الآخرة ، ولا يأبه بما يجري حوله هنا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس