فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[ 45] بصائر القرآن تهدي الى أن حياة البشر هي نتيجة ثقافته و سلوكه ، عقيدته و عمله ، و هكذا تجعل - هذه البصائر - لكل ظاهرة أو حدث سببا متصلا بإرادة البشر و اختياره ، و بعكسها تماما أفكار الجاهلية - قديمها و حديثها - فهي تفشل في ربط حياة البشــر بسلوكه ، لأنها لا تؤمن بالغيب ، ولا تعترف بإله يقدر و يدبر ، برب يهيمن و يسير ، فلا تقدر على ربط ما يجري على الإنسان بما يفعله ، فإذا أصيب المؤمن بمرض أو فقر أو ذلة ، فتش عن سبب ذلك ، و عادة يجده في ذنب ارتكبه فعاقبه الله بذلك البلاء ليطهره ، بينما يبقىالكافر سادرا في غيه ، إذ لا يعتقد بأن هناك مدبرا لشؤون العباد ، و بالتالــي ينسب كل شيء للصدفة ، أو لأسباب ظاهرة لا تغنيه علما ، و لاتفيده حكمة و رشدا .

و هكذا كانت ثقافة المؤمنين عقلانية ، و ثقافة غيرهم جاهلية ، أنى زعموا العلمية و العقلانية .

و هكذا نرى السياق القرىني هنا يذكر بالتقوى بعد سرد آيات الرحمن ، لأن معرفة الرب و سلطانه هي صلة الربط بين عمل البشر و جزائه .

أما الكفار فإنهم يعرضون إذا أمروا بالتقوى ، أنهم لا يؤمنون برب يدبر شؤونهم ، فلا يعلمون أن ما يصيبهم من ضراء و بأساء فإنما بما كسبت أيديهم فكيف يتقونهما ؟

[ و إذا قيل لهم اتقوا ما بين ايديكم ]


من عذاب الدنيا ، من صيحة واحدة تصيبكم كما أصابت قوم المرسلين في أنطاكية ، من غرق أو حرب أو أي بلاء آخر .

[ و ما خلقكم ]

من عذاب الآخرة الذي لا يبقي ولا يذر .

وفي الحديث المأثور عن الإمام الصادق - عليه السلام - أنه قال :

" إتقوا ما بين أيديكم من الذنوب ، و ما خلفكم من العقوبة " (1)[ لعلكم ترحمون ]

فإذا اتقيتم العذاب باجتناب المعاصي فإن ذلك يوفر لكم فرصة رحمة الله .

[ 46] ولكنهم يعرضون لجهلهم بربهم ، ولا ينتفعون بالآيات التي تترى عليهم ، و كلها تنطق بضرورة التقوى .

[ وما تأتيهم من ءاية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ]وهل تنفع الآيات من يعرض عنها ؟

[ 47] و يضرب السياق الأمثال لإعراضهم عن آيات التقوى ، و المعاذير التي يلقونها أمام من يأمرهم بها ، فحين يؤمرون بالإنفاق على الفقراء ، تراهم يزعمون أن الله - سبحانه و تعالى - قد خلق بعض الناس أغنياء و بعضهم فقراء ، بعضهم(1) نور الثقلين / ج 4 / ص 389 .


سادة و البعض عبيدا ، فلا ينبغي السعي لردم الفجوة بين الطبقات ، أو لتحقيق المساواة بين الناس . هكذا يبررون استئثارهم بالخيرات في كل عصر ، فالمستكبرون يزعمون أن تخلف البلاد المستضعفة شأن مفروض عليهم من الله ، أما تقدمهم الاقتصادي فإنه من أنفــسهم ، و الطبقات المترفة تزعم أن غناهم آت من سعيهم ، أما فقر الآخرين فهو من ربهم .

[ وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ]

وسواءا كان القائل هو الله ، أو المؤمنون الناطقون عن ربهم ، فإن إجابتهم واحدة وهي الرفض ، و لكن ألا يعلمون أن ما بأيديهم من الغنى هو - في الواقع - رزق الله ، و لو شاء الله لمنعهم منه ؟ أولا ينظرون الى أن توزيع المعادن على أقطار الأرض تم بامر الله ،وأن خصوبة الأرض كانت بأمر الله ، و حتى توفر المناخ المناسب لنمو الصناعة كان بإذن الله ؟ ولو تدبر كل غني في الأسباب الخفية لنمو ثروته لرأى يد الغيب وراءها ، فأولى بهم الإنفاق مما رزقهم الله ، مادام الله يأمر به ، وهو الذي استخلفهم فيما رزقهم ليبتليهمبه . ألا يرون أن كل شيء في عالم الإنسان يوحي بأنه جاء لهذه الدنيا لكي يمتحن ؟ فقط جعل الله امتحان الفقير بالغني ليرى هل يصبر ، و امتحان الغني بالفقير ليعلم من ينفق ومن يبخل ، و افتتن العالم بالجاهل وأمره بأن يعلمه كما ابتلى الجاهل بالعالم و أمره بانيتعلم منه ، و جعل الحكام فتنة للناس و افتتن الناس بحكامهم وقال عز من قائل : " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون و كان ربك بصيرا " . (1)ولكن الكفار زعموا أن غناهم و عدم الفقراء أمر حتمي من عند الله .

[ قال الذين كفروا للذين ءامنوا ]


(1) الفرقان / 20 .


و هكذا خاطب الكفار الذين آمنوا لأنهم الذين أمروهم بالإنفاق ، و لأنهم المؤمنون بالله ، فكان الأحرى بهم - حسب زعمهم - أن يؤمنوا بالقدر ، فقالوا :

[ أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ]

ولم يقولوا أننفق ، لأنهم منعوا عن الفقراء حتى الطعام الذي هو حق كل حي ، فكيف بالإنسان الكريم عند ربه .

أنظر الى مدى إمعانهم في البخل ، و الإعراض عن التقوى ؟ بلى . الله يطعم من يشاء من رزقه الواسع ، ولكنه جعل رزق هؤلاء الفقراء على ايديكم ، لينظر كيف تعملون ، وهو القائل - حسب حديث قدسي - :

" المال مالي ، و الفقراء عيالي ، و الأغنياء وكلائي ، وخيرهم خيرهم لعيالي "ثم أن ربنا سبحانه أكرم بني آدم فجعلهم أحرارا في الدنيا ، و وفر في الأرض ما يزيد على رزقهم ، إلا أن كسل البعض عن السعي بأفكار جاهلية ، و استئثار البعض برزق الآخرين تحت مظلة من القوانين الجائرة ، هما السببان الرئيسيان لانتشار الفقر ، ومن أساليب محاربة الفقر نبذ الثقافة الجاهلية ، وإصلاح الأنظمة الجائرة ، والإنفاق واحد من أهم السبل لمحاربة الفقر لأنه علاج فوري ، و وسيلة مستقبلية أيضا لتوزيع الثروة وتدويرها و تحريك الطاقات بها .

ولكن الكفار جمدوا الثروة ، وزعموا أنها حقهم الإلهي بل قالوا لمن أمرهم بالإنفاق :

[ إن أنتم إلا في ضلال مبين ]

لأنكم تريدون تغيير سنن الله ، و جعل الفقراء أغنياء ، وهم قد خلقوا فقراء .


و ترك السياق لقارىء القرآن الحكيم على هذه العقلية ، ولا ريب أنه يحكم عليها بالضلال المبين ، و لذلك احتار المفسرون في معرفة قائل هذه الكلمة ، فمنهم من قال : إنهم الكفار ، و منهم من قال : بل هم المؤمنون قالوها للكفار ، و قال بعضهم : بل الله قالها للكفار .

و الظاهر أنها كلمة الكفار للمؤمنين ، و لكنها ترد عليهم بطبعها ، فبمجرد أن يقول المجنون للذي يأمره بالحكمة : إنك مجنون ، نعرف أن المتكلم بنفسه مجنون . أليس كذلك ؟ هكذا نعرف ضلالة الكفار بمجرد أنهم يقولون لمن يأمرهم بالانفاق : إنك في ضلال مبين ، كلا.. إنهم هم في ضلال مبين !

] 48] من التبريرات النفسية التي يتشبث بها الكفار هو استبعاد الجزاء زمانيا ، و نجد في آيات الذكر رد هذه الشبهة بكلمات بليغة نافذة ، فالجزاء ليس لعبا حتى يستخف به ، إنه الساعة التي ثقلت في السموات والأرض ، فماذا ينتظرون ؟ وبم يستهزؤون ؟

[ و يقولون متى هذا الوعد ]

و بالرغم من أن كلمة " متى " أصلا للإستفهام ، إلا أنها هنا جاءت للاستنكار بدليل قولهم :

[ إن كنتم صادقين ]

فهم كانوا يتوقعون جزاءا عاجلا بعد أن انذروا بالعذاب ، و أمروا باتقاء ما بين أيديهم من عذاب الدنيا ، و ما خلفهم من عذاب الآخرة .

[ 49] إن النفس البشرية لا ترى بطبعها إلا ما أمامها من الحقائق المشهودة ،ولا تتأثر بالمستقبل البعيد حتى ولو كان من الحقائق المعلومة يقينا ، و بضغط من الشهوات العاجلة ، و بوساوس إبليس تعرض النفس عن الغيب للشهود ، و عن المستقبل للحاضر ، ولابد من تصوير الغيب ، و إبراز مشاهد من المستقبل حتى تهتم النفس بها ، و لعل منهج القرآن في تصوير مشاهد البعث و الجزاء باستثارة قوة الظن و الخيال يتم لهذه الغاية ، فهو ليس مجرد إسلوب في البيان ، بل هو منهج علمي لإصلاح النفس ، وإيجاد التوازن بين قوة الشهود و حقائق الغيب ، و إنما المؤمنون الذين يستشرفون المستقبل ، و ينظرون الى الغيب بقوة الظن ، و يستثيرون كوامن الخوف و الرجاء بالتذكرة الذاتية .

و السياق هنا يصور جانبا من مشاهد الهلاك ثم النشور و الجنة و النار .

[ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون ]

إنهم يستعجلون العذاب ، و يقولون : متى هذا الوعد ؟ بلى . ولكنهم ينتظرون بذلك أمرا عظيما ، إذا جاء لا يمكن رده أو تأجيله ، فإنما هو صيحة واحدة لا ثانية لها ، لأنها القاضية ، و هي تعمهم بالأخذ بغتة في وقت تراه يخوضون في جدلياتهم التي لا تغني شيئا .


والإنسان يتمنى - عادة - لو يغير الحقائق بالجدل ، زاعما أنه لو نفى شيئا فإنه ينتفي أو أنه لو أسكت صاحب الحق فإن الحق يزول ، كلا .. فحتى في حالة جدالهم وخصامهم تأخذهم الصيحة .

[ 50] و المباغتة سريعة الى درجة أنها تمنعهم من أن يخلفوا وصيتهم ، بالرغم من أنهم لا يعودون الى أهلهم فهم أحوج ما يكونون الى التوصية .

[ فلا يستطيعون توصية ]


بأي شكل كانت التوصية قولا أو إشارة ، وإذ لا يستطيعون حتى التوصية وهي أسهل الأشياء ، و أشدها ضرورة ، فهم لا يستطيعون - بالطبع - إصلاح ما أفسدوه من واقعهم !

[ ولا إلى أهلهم يرجعون ]

فهم ليسوا على سفر سرعان ما يعودون منه حتى لا يحتاجوا الى وصية .

و يبدو أن الآيات تصور مشهد العذاب الدنيوي المتمثل في الهلاك بالصيحة ، مثل ما أصاب الذين كذبوا بالمرسلين الثلاثة في القصة الماضية .

" و قال البعض : إنها تصور قيام الساعة .. و الساعة أدهى و أمر ، و جاء في الحديث عن الرسول - صلى الله عليه و آله - :

" تقوم الساعة و الرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم ، و الرجل يرفع أكلته الى فيه ، فما تصل الى فيه حتى تقوم ! والرجل يليط حوضه (1) ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم " (2)و لعل الحديث القرآني يشمل الجزاء بصفة عامة في الدنيا بعذاب الاستئصال أو في الآخرة عند قيام الساعة .

[ 51] و يمكث الكفار في قبورهم ما شاء الله حتى ينفخ في الصور الملك الكريم إسرافيل ، و بمجرد النفخ تراهم يسرعون الى ربهم حيث وضع الميزان العادل .

[ و نفخ في الصور فإذا هم من الاجداث إلى ربهم ينسلون ](1) يسوي حوضه بالطين حتى لا يتسرب منه الماء .

(2) نور الثقلين / ج 4 / ص 388 .


و نجد في بعض الآيات أنهم عند النفخ قيام ينظرون ، بلى . فهم قيام في لحظة ، ولكن سرعان ما يتحركون حيث يريد الله .

و نقل عن الراغب في مفرادته : إن النسل في الأصل الانفصال ، و إنما سمي ولد الإنسان نسلا لأنه ينفصل عنه . و لعلنا نستوحي من هذا أن القبر يضحى كرحم الأم ينسل منه أبناء آدم نسلا .

[ 52] و هنالك يعترف هذا الإنسان الخصيم الذي استهزأ بكل المرسلين ، و أعرض عن كل الآيات ، و ينادي بالويل لنفسه ، و يزعم أنه كان نائما ، و يتساءل : أية قدرة استطاعت بعثه من محل نومه بعد طول الرقاد ؟!

[ قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ]

و هنالك ياتيه النداء من الملائكة :

[ هذا ما وعد الرحمن ]

إنه الله الذي أنجز وعده ، ليرحم عباده المؤمنين ، " إن وعده كان مأتيا " .

و يمكن أن يكون القائل هم الكفار ، فيكون اعترافا منهم بوعد الله ، و يمكن ألا يكون لهذه الكلمة أساسا قائل خاص بل يكون مقتضى المقام هذا المقال ، سواءا وجد قائل أم لم يوجد .

[ و صدق المرسلون ]

الذين أنبأوا عن الرحمن وعده .

إن سورة يس قلب القرآن ، و هو يعبر عن ضمير الخليقة ، الذي يتمثل في رحمةالله ، و لعله لذلك تتكرر كلمة " الرحمن " فيها .

[ 53] بصيحة أهلك القوم جميعا ، و بصيحة ابتعثوا جميعا ، و بصيحة يحضرون في مقام الحساب عند ربهم .

[ إن كانت الا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ]و يبدو أن التعبير هنا يوحي بما يوحيه قوله - سبحانه - في خاتم السورة : " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " و لكن هذا التعبير جاء في مقام الشدة فناسب الحديث الصيحة ، و هي تدل على سرعة نفاذ امره ، و أن كل شيء مستجيب لإرادته .


[ 54] هنالك يتجلى العدل الإلهي الذي قامت به الخليقة جميعا ، فلا يظلم أحد شيئا ، بل حتى جزائهم إنما هو ذات أعمالهم التي تتجسد ، فإن كانت صالحة فهي الجنات و الفواكه و حور العين ، و إن كانت الأخرى فعذاب شديد .

[ فاليوم لا تظلم نفس شيئا ]

و الله ليس بظلام للعبيد ، لا في ذلك اليوم ولا في أي يوم ، بلى . إنه أعطى الحرية المحدودة للناس في الدنيا ليبتليهم بها فظلموا أنفسهم ، ولولا أنه جعل دار البقاء ( الآخرة ) و جعل فيها جزاءا وافيا للظالم و المظلوم لما سمح لأحد بظلم احد حتى في الدنيا ،لأنه ليس بظلام للعبيد ، و أساسا إننا نعرف وجود الدار الآخرة من خلال معرفتنا بأمرين : أولا : إن الله عزيز رحيم فلا يمكن أن يظلم بحضرته أحد من عباده دون أن يغيثه ، ثانيا : إنه قد يدع الظالم يوغل في ظلمه في الدنيا فنعرف أن هناك دارا أخرى يجازي فيها الظالم و ينتصر منه للمظلوم .


[ ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ]

فإن كان هنالك جزاء سيء فهو أعمالكم التي تجسدت . أرأيت الذي يشرب ماءا قذرا فيمرض ، هل ظلمه الطبيب الذي نهاه و حذره من العاقبة ، أم أن مرضه هو ذات الماء القذر الذي شربه ؟

[ 55] أما أصحاب الجنة الذين فازوا بصحبة الجنة و امتلاكها و وراثتها في الدنيا بأعمالهم ، فهم في شغل عما يجري في الطرف الآخر عند اهل النار فلا يحزنهم شيء ماثمة ولا يفزعهم .

[ إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ]

و الشغل بذاته نعمة لأنه ينشط الجسم ، و ينفس عن النفس ، إلا أن الإشتغال بما يفكه أعظم نعمة و أشد راحة .

[ 56] بماذا يشتغل هؤلاء في الجنة ، و كيف يقضون ساعاتهم التي لا تنتهي ، ولماذا لا يملون ..؟

يبدو أن أعظم اللذات الجسدية و الروحية الإشتغال بالأزواج المطهرة ، لأنه إنس معنوي ، و سكن روحي ، و لذة جسدية مركزة .

[ هم و أزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون ]

فهم في ظلال يحسون بالسكن ، و هم على الأرائك يستريحون بلا تعب ، وهم متكئون لأنه لا يشغلهم شيء يتحفزون لأدائه ، فهم في كامل الراحة ، و قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قوله ( عن صفة أهل الجنة ) :


= " و المؤمن ساعة مع الحوراء ، و ساعة مع الآدمية ، و ساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض " (1)[ 57] و بعد لذة الإنس مع الأزواج في مقعد مريج تأتي لذة الطعام ، و أفضل الطعام ما يتفكه به الفرد بعد قضاء حاجته الضرورية من الطعام ، لأن أصحاب الجنة لا يعدمــون الطعـــام حتى يحسوا بالجوع و يتألموا به حينا من الوقت مثلما البشر في الدنيا .

[ لهم فيها فاكهة ولهم مايدعون ]

فكل ما تشتهيه أنفسهم يجدونه أمامهم .

[ 58] و أعظم النعم جميعا نعمة الحضور عند رب الرحمة الحنان الكريم ، فأي نعمة أسمى من الجلوس عند المليك المقتدر ، و تلقي السلام القولي منه ، بالاضافة الى حالة السلام التي يعيشون فيها ، ذلك ان حالة الأمن و السكينة و السلام الفعلي هي من نعم الجسم غالبابينما السلام القولي نعمة للروح أيضا .

[ سلام قولا من رب رحيم ]

[ 59] ولا يشترك في مهرجان النعم المتنوعة أولئك المجرمون ، الذين يفصلون عن النعم ، و أي حرمان أعظم من طردهم عن مائدة الكريم حقا ؟! أي رب رحمن وأي مائدة غنية ؟! ياللخسارة الكبرى خسارتهم .

[ و امتازوا اليوم أيها المجرمون ]

جاء في تفسير علي بن ابراهيم حول هذه الآية :


(1) المصدر / ج 4 / ص 390 .


" إذا جمع الله الخلق يوم القيامة ، بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق ، فينادون : يا رب حاسبنا ولو إلى النار ، قال فيبعث الله عز و جل رياحا فتضرب بينهم ، و ينادي مناد : " امتازوا اليوم أيها المجرمون " فيميز بينهم ، فصار المجرمونفي النار ، و من كان في قلبه الإيمان صار إلى الجنة " (1)(1) المصدر / ص 290 .





فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس