ان هذا لهو البلاء المبين
هدى من الآيات في هذه المجموعة من الآيات يذكرنا الله عز وجل بالمعنى الحقيقي للاخلاص ، و هو ان يكون الانسان بعيدا عن العوامل و الضغوط المضادة للحق ، و يضرب لنا على هذه الفكرة أمثلة في حياة الانبياء ، كابراهيم و ولده اسماعيل ، و كاسحاق ، و موسى ، و هارون ( عليهم السلام ) و هكذا من حياة الانبياء الآخرين ، من بني اسرائيل الذين انتخبهم الله بعد ان عرضهم لاصعب الامتحانات و الفتن ، فوجدهم صالحين صادقين مخلصين .
و بالرغم من ان كل نبي تعرض لفتنة خاصة ، الا أنهم يشتركون في بلاء عام واجهوه جميعا بصلابة الايمان و المعرفة بالله ، و تحدي الاوضاع الاجتماعية و السياسية المنحرفة في مجتمعاتهم ، فضغط الاجتماع على الانسان و شعوره الداخلي الذي يسوقه نحو التكيف مع الآخرين ، من أهم و أخطر الضغوط التي يواجهها في الحياة ، و هذا ما جعل بعض العلماء يدعون لعبادة المجتمع ، او ما يسمى بالحتميةالاجتماعية ، و حتى الذين يقولون بالحتمية الطبقية ، أو الاقتصادية ، أو ما اشبه فانهم ليسوا بعيدين عن القول بهذه الحتمية ، و الفارق ان هؤلاء يركزون في نظرياتهم على جانب منها ، بينما يؤكد علماء الاجتماع امثال ( دوريكام ) على كافة أبعادها ، و نحن لا نسميها حتمية ، بمقدار ما نسميها عصرا و ضغطا من قبل المجتمع على الانسان .
فالمجتمع في بعض الاحيان يعصرك ، و يضغط عليك باتجاه يتناقض مع طاعة الله ، و الاهداف التي نتطلع اليها ، و واجبك تحديه بالايمان و التوكل ، و ان تعرف بان عنوان نبوة الانبياء و المرسلين ، و أبرز اعمالهم هو تحديهم للواقع الاجتماعي الفاسد ، و أن نجاحهم فيهذا التحدي هو سبب ارتقائهم ، و لهذا أيضا نجد القرآن الحكيم يؤكد على هذه الحقيقة في كثير من سوره و آياته .
|