من أنصار وضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا على أن الشرك ظلم وهو إما من كلام عيسى على نبينا و عليه السلام أو من كلام الله عز وجل .
(73) لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة أي أحد ثلاثة قيل القائلون بذلك جمهور النصاري يقولون ثلاثة أقانيم (1) جوهر واحداب وابن وروح القدس إله واحد ولا يقولون ثلاثة آلهة ويمنعون من هذه العبارة وإن كان يلزمهم ذلك لانهم يقولون الإبن إله والأب له وروح القدس إله والإبن ليس هو الأب .
القمي عن الباقر عليه السلام في حديث أما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا أنه إله وأنه ابن الله وطائفة منهم قالوا ثالث ثلاثة وطائفة منهم قالوا هو الله وما من إله إلا إله واحد وهو الله وحده لا شريك له ومن مزيدة لتأكيد النفي وإن لم ينتهوا عما يقولون اقسم ليمسن الذين كفروا منهم من دام على كفره ولم ينقلع عنه عذاب أليم .
(74) أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه فيه تعجيب من إصرارهم والله غفور رحيم يستر الذنوب على العباد ويرحمهم إذا تابوا .
(75) ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ما هو إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا قبله أتى بمعجزات باهرة من قبل الله تعالى كما أتوا فإن أحيى الموتى على يده فقد أحيى العصا على يد موسى وجعلها حية تسعى وهو اعجب وإن خلقه من غير أب فقد خلق آدم من غير أب وام وهو أغرب وأمه صديقة صدقت بكلمات ربها وكتبه كسائر النساء اللاتي يلازمن الصدق كانا يأكلان الطعام في العيون عن الرضا عليه السلام معناه أنهما كانا يتغوطان والقمي قال كانا يحدثان فكنى عن الحدث وكل من أكل الطعام يحدث .
وفي الإحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في جواب الزنديق قال له لو لا ما في القرآن من الإختلاف والتناقض لدخلت في دينكم ثم ذكر من ذلك إن الله شهر هفوات
____________
(1) الأقانيم الأصول واحد في اقنوم أحسبها رومية .
( 74 )

أنبيائه وكنى عن أسماء أعدائه قال عليه السلام وأما هفوات الأنبياء وما بين الله في كتابه فإن ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة لانه علم أن براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم وان منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكر دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي كان انفرد به عز وجل ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى على نبينا و عليه السلام حيث قال فيه وفي أمه كانا يأكلان الطعام يعني أن من أكل الطعام كان له ثفل ومن كان له ثفل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم أنظر كيف نبين لهم الايات ثم انظر أنى يؤفكون كيف يصرفون عن استماع الحق وتأمله وثم لتفاوت ما بين العجبين يعني أن بياننا للايات عجيب وإعراضهم عنها أعجب .
(76) قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا يعني عيسى عليه السلام فإنه كان لا يملك شيئا من ذلك من ذاته وان ملك شيئا منه فإنما هو بإذن الله وتمليكه إياه والله هو السميع لما يقولون العليم بما يعتقدون .
(77) قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق غلوا باطلا يعني لا تتجاوزوا الحد الذي حده الله لكم ولا ترفعوا عيسى عليه السلام من حد النبوة إلى حد الألوهية ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل هم أئمتهم في النصرانية الذين كانوا في الضلال قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأضلوا كثيرا ممن بايعهم على التثليث وضلُّوا لما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن سوآء السبيل حين كذبوه وبغوا عليه .
(78) لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم في الكافي والقمي عن الصادق عليه الصلاة والسلام الخنازير على لسان داود عليه السلام والقردة على لسان عيسى بن مريم عليهما السلام .
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام أما داود فإنه لعن أهل إيلة (1) لما اعتدوا في سبتهم
____________
(1) أيلة جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع وموضع بين ينبع ومصر وعقبتها .
( 75 )

وكان اعتداؤهم في زمانه فقال اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء على المنكبين ومثل المنطقة على الحقوين فمسخهم الله قردة وأما عيسى عليه السلام فإنه لعن الذين انزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك ورواه في الجوامع مقطوعا وزاد فقال عيسى عليه السلام اللهم عذب من كفر بعدما أكل من المائدة عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين والعنهم كما لعنت أصحاب السبت فصاروا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون .
(79) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه هذا بيان عصيانهم وإعتدائهم يعني لا ينتهون أو لا ينهى بعضهم بعضا عن المنكر .
القمي قال كانوا يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمور ويأتون النساء أيام حيضهن .
وفي ثواب الأعمال عن أمير المؤمنين عليه السلام لما وقع التقصير في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه في الذنب وينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك من أن يكون أكيله وجليسه وشريبه حتى ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ونزل فيهم القرآن حيث يقول جل وعز لُعِنَ الذين كفروا الآية .
والعياشي عن الصادق عليه السلام أما أنهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم ولكنهم كانوا إذا لقوهم أنسوا بهم لبئس ما كانوا يفعلون تعجيب من سوء فعلهم مؤكدا بالقسم .
القمي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قوم من الشيعة يدخلون في أعمال السلطان ويعملون لهم ويجبون لهم ويوالونهم قال ليس هم من الشيعة ولكنهم من أولئك ثم قرء لعن الذين كفروا الآية .
(80) ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا يوالوهم ويصادقونهم لبئس ما قدمت لهم أنفسهم لبئس زادهم إلى الاخرة أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون في المجمع عن الباقر عليه السلام يتولون الملوك الجبارين ويزينون لهم أهوائهم ليصيبوا من دنياهم .


( 76 )

(81) ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء فإن الأيمان يمنع من ذلك ولكن كثيرا منهم فاسقون خارجون عن دينهم .
(82) لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا لشدة شكيمتهم (1) وتضاعف كفرهم وانهماكهم (2) في اتباع الهوى وركونهم إلى التقليد وبعدهم عن التحقيق وتمرنهم على تكذيب الأنبياء ومعاداتهم إياهم ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى للين جانبهم ورقة قلوبهم وقلة حرصهم على الدنيا وكثرة اهتمامهم بالعلم والعمل ذلك بأن منهم قسيسين رؤساء في الدين والعلم ورهبانا عبادا وأنهم لا يستكبرون عن قبول الحق إذا فهموه ويتواضعون .
(83) وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربناء آمنا فاكتبنا مع الشاهدين من الذين شهدوا بأنه حق .
(84) وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين استفهام إنكار واستبعاد لانتفاء الايمان مع قيام الداعي وهو الطمع في الانخراط (3) مع الصالحين والدخول مداخلهم .
(85) فأثابهم الله بما قالوا عن اعتقاد واخلاص كما دل عليه قوله مما عرفوا من الحق والقول إذا اقترن بالمعرفة كمل الايمان جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وذلك جزاء المحسنين .
العياشي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا قال أولئك كانوا بين عيسى ومحمد عليهما السلام ينتظرون مجيء محمد صلى الله عليه وآله وسلم القمي كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله ( صلى الله
____________
(1) فلان شديد الشكيمة إذا كان لا ينقاد لاحد لما فيه من الصلابة والصعوبة على العدو وغيره .
(2) يقال انهمك الرجل في الشيء اي جد ولج وفي ق الإنهماك التمادي في الشيء واللجاج فيه
(3) والانخراط معهم اما بمعنى الأستصلاح اي نصلح حالنا ونعالج انفسنا بمرافقتهم وبمعنى الأنسلال أي نلقى انفسنا بينهم فالاول من خرط العود قشر وسواه والثاني من اخترط السيف استله ومن خرط البعير في المرعى أو الدلو في البئر أرسلهما .

( 77 )

( عليه وآله وسلم ) وأصحابه الذين آمنوا بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرجوا إلى الحبشة وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم فخرج جعفر ومعه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردهم إليهم وكان عمرو وعمارة متعاديين فقالت قريش كيف نبعث رجلين متعاديين فبرأت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرأت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص فخرج عمارة وكان حسن الوجه شابا مترفا فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص قل لاهلك تقبلني فقال عمرو أيجوز هذا سبحان الله فسكت عمارة فلما انتشى (1) عمرو وكان على صدر السفينة فدفعه عمارة وألقاه في البحر فتشبث عمرو بصدر السفينة وأدركوه وأخرجوه فوردوا على النجاشي وقد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم فقال عمرو بن العاص أيها الملك إن قوما خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وصاروا إليك فردهم إلينا فبعث النجاشي إلى جعفر فجاءه فقال يا جعفر ما يقول هؤلاء فقال جعفر أيها الملك وما يقولون قال يسألون أن أردكم إليهم .
قال أيها الملك سلهم أعبيد نحن لهم ؟ فقال عمرو لا بل أحرار كرام .
قال فسلهم ألهم علينا ديون يطالبونها بها ؟ فقال لا ما لنا عليكم ديون .
قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبونها ؟ فقال عمرو : لا قال : فما تريدون منا ؟ آذيتمونا فخرجنا من بلادكم ؟
فقال عمرو بن العاص : أيها الملك خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا وأفسدوا شباننا وفرقوا جماعتنا فردهم إلينا لنجمع أمرنا فقال جعفر نعم أيها الملك خالفناهم بعث الله فينا نبيا أمر بخلع الأنداد وترك الاستقسام بالأزلام وأمرنا بالصلاة والزكاة وحرم الظلم والجور وسفك الدماء بغير حقها والزناء والرباء والميتة والدم ولحم الخنزير وأمرنا بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي فقال النجاشي بهذا
____________
(1) نش نشوا ونشوة مثلثة سكر .
( 78 )

بعث الله عيسى بن مريم عليه السلام ثم قال النجاشي يا جعفر هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا قال نعم فقرء عليه سورة مريم عليه السلام فلما بلغ قوله وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا .
فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا وقال : هذا والله هو الحق فقال عمرو بن العاص أيها الملك إن هذا مخالف لنا فرده إلينا فرفع النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو ثم قال اسكت والله لان ذكرته بسوء لافقدنك نفسك فقام عمرو بن العاص من عنده والدماء تسيل على وجهه وهو يقول إن كان هذا كما تقول أيها الملك فانا لا نتعرض له وكانت على رأس النجاشي وصيفة (1) له تذب (2) عنه فنظرت إلى عمارة بن الوليد وكان فتى جميلا فأحبته فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة لو راسلت جارية الملك فراسلها فأجابته فقال عمرو قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا فقال لها فبعثت إليه فأخذ عمرو من ذلك الطيب وكان الذي فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر فأدخل الطيب على النجاشي فقال : أيها الملك إن حرمة الملك عندنا وطاعته علينا وما يلزمنا إذا دخلنا بلاده ونأمن فيه أن لا نغشه ولا نريبه وإن صاحبي هذا الذي معي قد راسل حرمتك وخدعها وبعثت إليه من طيبك ثم وضع الطيب بين يديه فغضب النجاشي وهم بقتل عمارة ثم قال لا يجوز قتله فإنهم دخلوا في بلادي بأمان فدعا النجاشي السحرة فقال لهم اعملوا به شيئا أشد به عليه من القتل فأخذوه ونفخوا في أحليله الزيبق فصار مع الوحش يغدو ويروح وكان لا يأنس بالناس .
فبعثت قريش بعد ذلك فكمنوا له في موضع حتى ورد الماء مع الوحش فأخذوه فما زال يضطرب في أيديهم ويصيح حتى مات ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم إن جعفرا في أرض الحبشة في أكرم كرامة ولم يزل بها حتى هادن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشا وصالحهم وفتح خيبر فوافى بجميع من معه وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر وولد للنجاشي ابن فسماه النجاشي محمدا وكانت ام حبيب
____________
(1) الوصيف كأمير الخادم والخادمة ج وصفاء كالوصيفة ج وصائف .
(2) تطرد الذباب عنه .

( 79 )

بنت أبي سفيان تحب عبد الله فكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى النجاشي يخطب أم حبيب فبعث إليها النجاشي فخطبها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأجابته فخطبها فزوجها منه وأصدقها أربعمأة دينار وساقها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعث إليها بثياب وطيب كثير وجهزها وبعثها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم وبعث إليه بثياب وطيب وفرس وبعث ثلاثين رجلا من القسيسين فقال لهم انظروا إلى كلامه وإلى مقعده ومشربه ومصلاه فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإسلام وقرء عليهم القرآن وإذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي التي أنعمت عليك وعلى والدتك إلى قوله فقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين فلما سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكوا وآمنوا ورجعوا إلى النجاشي وأخبروه خبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقرؤوا عليه ما قرأ عليهم فبكى النجاشي وبكى القسيسون وأسلم النجاشي ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه وخرج من بلاد الحبشة يريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما عبر البحر توفى فأنزل الله على رسوله لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود إلى قوله وذلك جزاء المحسنين .
(86) والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحابُ الجحيم
(87) يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا لا تمنعوا أنفسكم طيبات ما أحل الله لكم ما طاب منه ولذ ولا تعتدوا عما حد الله إن الله لا يحب المعتدين في المجمع والقمي عن الصادق عليه السلام نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام وبلال وعثمان بن مظعون فأما أمير المؤمنين عليه السلام فحلف أن لا ينام بالليل أبدا وأما بلال فإنه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا وأما عثمان (1) بن مظعون فإنه حلف أن لا ينكح أبدا وزاد القمي فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة فقالت عائشة ما لي أراك متعطلة فقال ولمن أتزين فوالله ما قربني زوجي منذ كذا وكذا فإنه قد ترهب ولبس
____________
(1) عثمان بن مظعون أول صحابي مات بالمدينة .
( 80 )

المسوح (1) وزهد في الدنيا فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرته عائشة بذلك فخرج فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات إني أنام بالليل وأنكح وأفطر بالنهار فمن رغب عن سنتي فليس مني فقام هؤلاء فقالوا يا رسول الله فقد حلفنا على ذلك فأنزل الله لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم الآية .
أقول : ليس في مثل هذا الخطاب والعتاب منقصة على المخاطب والمعاتب إن لم يكن محمدة نظيره قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله موليكم وهو العليم الحكيم وقد ورد القرآن كله تقريع وباطنه تقريب .
وفي الإحتجاج عن الحسن بن علي صلوات الله وسلامه عليهما في حديث أنه قال لمعوية وأصحابه أنشدكم بالله أتعلمون أن عليا عليه السلام أول من حرم الشهوات على نفسه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم .
(88) وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا مباحا لذيذا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون استدعاء إلى التقوى بألطف الوجوه .
(89) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم بما يبدو من غير قصد في الكافي والفقيه والعياشي عن الصادق عليه السلام هو قول الرجل لا والله وبلى والله ولا يعقد على شيء ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان بما وثقتم الأيمان عليه بالقصد والنية يعني إذا حنثتم فحذف للعلم به وقرء عقدتم بالتخفيف وعاقدتم فكفارته فكفارة نكثه أي الفعلة التي تذهب اثمه وتستره إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم .
في المجمع عن الصادق عليه السلام أنه قرء أهاليكم أو كسوتهم في الكافي عنه عليه السلام الوسط الخل والزيتون وأرفعه الخبز واللحم والصدقة مد من حنطة لكل
____________
(1) المسح بالكسر فالسكون واحد والمسوح ويعبر عنه بالبلاس وهو كساء معروف .
( 81 )

مسكين والكسوة ثوبان وعنه عليه السلام هو كما يكون أنه يكون في البيت من يأكل أكثر من المد ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك وإن شيءت جعلت له أدما والأدم أدناه ملح وأوسطه الخل والزيت وأرفعه اللحم .
وعن الباقر عليه السلام ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك قيل وما أوسط ذلك قال الخل والزيت والتمر والخبز تشبعهم به مرة واحدة قيل كسوتهم قال ثوب واحد وفي رواية ثوب يواري به عورته .
أقول : فيحمل الثوبان في الرواية المتقدمة على ما إذا لم يوارها الواحد أو تحرير رقبة عتق عبد أو أمة ويجوز المولود كما في الكافي عن الصادق عليه السلام وعنه عليه السلام كل شيء في القرآن أو ( أي لفظة أو ) فصاحبه فيه بالخيار ويختار ما يشاء والعياشي عن الباقر عليه السلام مثله فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام .
في الكافي عن الكاظم عليه السلام أنه سئل عن كفارة اليمين ما حد من لم يجد وأن الرجل يسأل في كفه وهو يجد فقال إذا لم يكن عنده فضل عن قوت عياله فهو ممن لا يجد وعن الصادق عليه السلام كل صوم يفرق فيه إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين وعنه عليه السلام صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعات لا يفصل بينهن ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم أي حلفتم وحنثتم (1) واحفظوا أيمانكم بروا (2) فيها ما استطعتم ولا تحنثوا ولا تبذلوها لكل أمر أو كفروا إذا حنثتم أو الجميع كذلك يبين الله لكم آياته أعلام شرايعه لعلكم تشكرون نعمة التعليم والتبيين .
في الكافي عن الصادق عليه السلام الايمان ثلاثة يمين ليس فيها كفارة ويمين (3) فيها
____________
(1) الحنث بالكسر الاثم والخلف في اليمين .
(2) البر الصدق في اليمين ويكسر وقد بررت وبررت وبرت اليمين يتبر وتبر كيمل ويحل برا وبرا وبرورا وابرها امضاها على الصدق .
(3) في الحديث اليمين الغموس هي التي تذر الديار بلاقع اليمين الغموس بفتح الغين هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه ان الأمر بخلافه وليس فيها كفارة لشدة الذنب فيها سميت بذلك لانها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النارفهي فعول للمبالغة وفيه اليمين الغموس هي التي عقوبتها دخول النار وهي أن يحلف الرجل على مال امرء مسلم أو على حقه ظلما .

( 82 )

كفارة ويمين غموس توجب النار فاليمين التي ليس فيها كفارة يحلف على باب برأن لا يفعله وكفارته أن يفعل واليمين التي تجب فيها الكفارة الرجل يحلف على باب معصية أن لا يفعله فيفعله فتجب عليه الكفارة واليمين الغموس التي توجب النار الرجل يحلف على حق امرئ مسلم على حبس ماله وعنه عليه السلام من حلف على يمين فرآى غيرها خيرا منها فأتى ذلك فهو كفارة يمينه .
وعنه عليه السلام ما حلفت عليه مما فيه البر فعليك الكفارة إذا لم تف به وما حلفت عليه مما فيه المعصية فليس عليك فيه الكفارة إذا رجعت عنه وما كان سوى ذلك مما ليس فيه بر ولا معصية فليس بشيء وفي الخصال عنه عليه السلام لاحنث ولا كفارة على من حلف تقية يدفع بذلك ظلما عن نفسه وعن أمير المؤمنين عليه السلام لا يمين لولد مع والده ولا للمرأة مع زوجها .
(90) يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون في الكافي عن الباقر عليه السلام لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله وما الميسر فقال كل ما تقوم عليه حتى الكعاب والجوز قيل فما الأنصاب قال ما ذبحوا لالهتهم قيل فما الأزلام قال قداحهم التي يستقسمون بها .
أقول : قد مضى في تفسير الأنصاب والأزلام حديث آخر في أول السورة وفي الآية ضروب من التأكيد في تحريم الخمر والميسر وقد مضت أخبار في ذلك عند قوله تعالى ويسألونك عن الخمر والميسر من سورة البقرة .
والقمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية أما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا خمر (1) فهو خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام وذلك أن أبا بكر شرب قبل أن يحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر فسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال اللهم أمسك على لسانه فامسك فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر
____________
(1) عن ابن الأعرابي انما سمي الخمر خمرا لانها تركت فاختمرت واختمارها بغير ريحها ويقال سميت بذلك لمخامرتها العقل والتخمير التغطية .
( 83 )

فأنزل الله تحريمها بعد ذلك وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر فلما نزل تحريمها خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقعد بالمسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فكفأها (1) كلها وقال هذه كلها خمر فقد حرمها الله فكان أكثر شيء كفى في ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ ولا أعلم كفى يومئذ من خمر العنب شيء إلا اناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعا فأما عصير العنب لم يكن يومئذ بالمدينة منه شيء حرم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشرائها والأنتفاع بها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه وقال حق على الله أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج الموسمات والمومسات الزواني يخرج من فروجهن صديد والصديد قيح ودم غليظ مختلط يؤذي أهل النار حره ونتنه وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من شرب الخمر لم تقبل منه صلوة أربعين ليلة فإن عاد فأربعين ليلة من يوم شربها فان مات في تلك الأربعين من غير توبة سقاه الله يوم القيامة من طينة خبال ( الخبال الفساد ) وسمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أكفيت الأشربة مسجد الفضيخ من يومئذ لانه كان أكثر شيء اكفأ من الأشربة الفضيخ فأما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر وأما الأنصاب فالأوثان التي كان يعبدها المشركون وأما الأزلام فالقداح التي كانت يستقسم بها مشركوا العرب في الامور في الجاهلية كل هذا بيعه وشراؤه والإنتفاع بشيء من هذا حرام من الله محرم وهو رجس من عمل الشيطان وقرن الله الخمر والميسر مع الأوثان .
وفي الخصال عن الباقر لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخمر عشرة غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمول إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها .
(91) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون قيل إنما خص الخمر والميسر
____________
(1) كفأه كمنعه صرفه وكتبه وقلبه كأكفأه واكتفاه .
( 84 )

باعادة الذكر وشرح ما فيهما من الوبال تنبيها على أنهما المقصود من البيان وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة والشرارة كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم شارب الخمر كعابد الوثن وخص الصلاة من الذكر بالافراد للتعظيم والاشعار بأن الصاد عنها كالصاد عن الايمان من حيث أنها عماده والفارق بينه وبين الكفر ثم أعاد الحث على الإنتهاء بصيغة الأستفهام مرتبا على ما تقدم من أنواع الصوارف إيذانا بأن الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية وإن الأعذار قد انقطعت .
(92) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا عما نهينا عنه أو عن مخالفتهما فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين في الكافي عن الصادق عليه السلام في هذه الآية أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتى يقوم قائمنا إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الدنيا حتى ألزم رقاب هذه الأمة حقنا والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
(93) ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا من المستلذات أكلا كان أو شربا فان الطعم يعمهما
في المجمع في تفسير أهل البيت ( عليهم السلام ) فيما طعموا من الحلال إذا ما اتقوا وءامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين القمي لما نزل تحريم الخمر والميسر والتشديد في أمرهما قال الناس من المهاجرين والأنصار يا رسول الله قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر وقد سماه الله تعالى رجسا وجعلها من عمل الشيطان وقد قلت ما قلت أفيضر أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا فأنزل الله هذه الآية فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر والجناح هو الاثم وهو على من شربها بعد التحريم وقيل فيما طعموا أي مما لم يحرم عليهم إذا ما اتقوا أي المحرم وآمنوا وعملوا الصالحات أي ثبتوا على الإيمان والأعمال الصالحات ثم اتقوا أي ما حرم عليهم بعد كالخمر وآمنوا بتحريمه ثم اتقوا أي استمروا وثبتوا على اتقاء المعاصي وأحسنوا أي وتحروا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها .
أقول : لما كان لكل من الايمان والتقوى درجات ومنازل كما ورد عنهم ( عليهم السلام ) لم يبعد أن يكون تكريرهما في الآية إشارة إلى تلك الدرجات والمنازل ففي


( 85 )

الكافي عن الصادق عليه السلام للايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل فمنه التام المنتهي تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه .
وعن الباقر عليه السلام أن المؤمنين على منازل منهم على واحدة ومنهم على اثنتين ومنهم على ثلاث ومنهم على أربع ومنهم على خمس ومنهم على ست ومنهم على سبع فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو وساق الحديث ثم قال وعلى هذه الدرجات .
وفي مصباح الشريعة عنه عليه السلام التقوى على ثلاثة أوجه تقوى في الله وهي ترك الحلال فضلا عن الشبهة وهي تقوى خاص الخاص وتقوى من الله وهي ترك الشبهات فضلا عن الحرام وهي تقوى الخاص وتقوى من خوف النار والعقاب وهي ترك الحرام وهي تقوى العام ومثل التقوى كماء يجري في نهر ومثل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر كل لون وجنس وكل شجرة منها يستمص الماء من ذلك النهر على قدر جوهره وطبعه ولطافته وكثافته ثم منافع الخلق من تلك الأشجار والثمار على قدرها وقيمتها قال الله تعالى صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل فالتقوى للطاعات كالماء للاشجار ومثل طبائع الأشجار في لونها وطعمها مثل مقادير الإيمان فمن كان أعلى درجة في الإيمان وأصفى جوهرا بالروح كان أتقى ومن كان اتقى كانت عبادته أخلص وأطهر ومن كان كذلك كان من الله أقرب وكل عبادة غير مؤسسة على التقوى فهي هباء منثور وقال الله تعالى أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم انتهى كلامه عليه السلام فنقول في بيان ذلك :
إن أوائل درجات الإيمان تصديقات مشوبة بالشبه والشكوك على اختلاف مراتبها ويمكن معها الشرك كما قال سبحانه وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ويعبر عنها بالإسلام كما قال الله عز وجل قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى العام وأوسطها تصديقات لا يشوبها شك ولا شبهة كما قال عز وجل الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وأكثر


( 86 )

إطلاق الإيمان عليها خاصة كما قال إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى الخاص وأواخرها تصديقات كذلك مع شهود وعيان ومحبة كاملة لله عز وجل كما قال يحبهم ويحبونه ويعبر عنها تارة بالاحسان كما ورد في الحديث النبوي صلى الله عليه وآله وسلم الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وأخرى بالايقان كما قال وبالاخرة هم يوقنون والتقوى المتقدمة عليها هي تقوى خاص الخاص وإنما قدمت التقوى على الإيمان لان الإيمان إنما يتحصل ويتقوى بالتقوى لانها كلما ازدادت ازداد الإيمان بحسب إزديادها وهذا لا ينافي تقدم أصل الإيمان على التقوى بل إزدياده بحسب ازديادها أيضا لان الدرجة المتقدمة لكل منها غير الدرجة المتأخرة ومثل ذلك مثل من يمشي بسراج في ظلمة فكلما أضاء له من الطريق قطعة مشى فيها فيصير ذلك المشي سببا لاضاءة قطعة أخرى منه وهكذا .
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال أتى عمر بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر وقامت عليه البينة فسأل أمير المؤمنين عليه السلام فأمره أن يجلد ثمانين فقال قدامة يا أمير المؤمنين ليس علي حد أنا من أهل هذه الآية ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا قال قال علي صلوات الله وسلامه عليه لست من أهلها ان طعام أهلها لهم حلال ليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحله الله لهم ثم قال علي عليه السلام إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة .
أقول : في قوله عليه السلام إلا ما أحله الله لهم تنبيه على أنهم يحترزون عن الشبهات بل عن كل ما يمنعهم من الشهود مع الله والجناح في الآية نكرة في سياق النفي يعم أدنى مراتبه كاستحقاق العقاب والسر فيه أن شكر نعم الله تعالى أن تصرف في طاعة الله سبحانه على وجهها فليتدبر فيه وعلى ما حققناه أن صح إن سبب نزول هذه الآية ما ذكره القمي موافقا لطائفة من المفسرين فمعنى الآية إن الذين كانوا يشربون الخمر قبل نزول تحريمها إذا كانوا بهذه المثابة من الإيمان والتقوى والعمل الصالح فلا جناح عليهم في شربها .