هندوسيان ومن زعماء الوثنية. وقال بعض أفاضل البواهر في كتاب (المجالس
السيفية): إن المستنصر بالله الفاطمي , خليفة مصر أرسل الواعظ عبد الله إلى
دعاة ( اليمن ) ليتعلم عندهم اللغة الهندية , ثم يسافر إلى الهند للتبليغ
فلما ورد عبد الله الهند اتفق أن وروده إلى ( كجرات ) أيام (الراجة جي سنكه)
وكان متعصباً جداً على الإسلام وشديد الفساد بالمسلمين بخلاف من مضى قبله من
الراجات فلم يقدر عبد الله على بث الدعوة ونشرها جهاراً بل ادرع بالتقية.
مر يوماً أثناء إقامته على بئر جف ماؤها منذ أمد غير قصير فنبع الماء
بدعائه , فاعتنق التشيع لذلك رجلان ممن شاهد الحال من قاطني ( كجرات )
المسلمين , وهما ( كاكاكيلا ) و ( كاكي كيلي ). ولكن مع ذلك كان عبد الله لا
يخلع لباس التقية , ويخشى من الجهر بالدعوة للتشيع , حقناً لدمه , فسافر إلى
العاصمة وفق إشارة ذينك الشيعيين الجديدين يرشد (المهنت) عابد الصنم الكبير.
البواهر جمع بهرة وهم الاسماعيليون.
فلما وصل إلى (المهنت) المشار إليه وجده يعلم الأطفال حروف الهجاء فكلمه
بأحاديث أعجبته جداً ثم استأذنه بالحديث سراً فلما خلا الواعظ عبد الله
بالمهنت صار يناظره في مباحث عرفانية فما زال به حتى أسلم وتشيع.
وكان (بهارمل) الوزير الأعظم (للراجة سنكه) يتبع (المهنت) ويصغي إلى قوله
فأدخله (المهنت) في ربقة الإسلام والولاء بعد مواعظ بليغة مؤثرة وحجج بالغة
أخذها (المهنت) عن الواعظ ووعاها منه وما أكتفى عبد الله الواعظ بتشيع هذين
العظيمين بل كان مطمع نظره نفس الراجة جي سنكه وقد علم أن الراجه شديد
الإخلاص والإرادة للصنم الكبير الذي كان معلقاً في وسط القاعة في الهواء بغير
دعامة ولا عمد فاتضح لديه بعد التروي والإمعان أن هناك جواذب مغناطيسية
بتوازنها في الجذب قد أوقفته ومنعته من السقوط فأقدم يوماً بجرأة على تلك
الأحجار المغناطيسية فانتزعها من الجدران فخر الصنم الكبير ساقطاً على الأرض
وما كان الراجه على حسن ظنه السابق بالمهنت و الوزير بهارمل فزاد سقوط الصنم
في الطين بلة واشتد غضبه وحاصر المعبد بعسكر كثير فظهر عبد الله إلى الراجة
وتلا عليه آيات من الكتاب وأدعية فصار جسمه يلتهب ألماً فأقلع عما قصده ثم
صار ذلك سبباً لأن يسلم ويتشيع.
وفي (ص842) من كتاب (جرنل إيشائيل سوسائتي نيكال) إن المستنصر بالله أرسل
واعظاً إلى الهند وتشيع بمساعيه (الراجي جي سنكه) أمير ( كجرات ).
ثم رحل عبد الله إلى ( بتن ) و ( سدهوبور ) وهما بلدان من بلاد ( دكن )
وأدخل بدعوته الألوف من الوثنيين في الإسلام ثم علم يعقوب بن بهارمل الوزير
العلوم الدينية وأنابه في الدعوة والتعليم. وأرسل يعقوب ابن عمه فخر الدين
إلى ( راجبوتانه) – بلدة في الهند – ولكنه لم ينجح نجاحاً يذكر واستشهد بعد
سنتين.
وبعد وفاة يعقوب قام ابنه مقامه في الدعوة والإرشاد ثم بعد ابنه إسحاق
والذي يظهر أن أسحاق أو الذين خلفوه كانت لهم مساع جليلة في الدعوة والتبليغ
في شمال الهند وذلك لأن سلطان تغلق الذي كان في القرن الثامن من الهجرة ملكاً
على دلهي عاصمة الهند اليوم وعاصمة الدولة المغولية بالأمس يكتب في مذكراته
اليومية إن بدعة الرفض في هذه الأيام أخذت ترتقي يوماً فيوماً وصار مخلصو
الدولة يتشيعون سراً فارتأيت أن أقطع هذه الشجرة من أصلها فأمرت بقتل دعاة
الروافض وحرق كتبهم وهدرت دم كل من يتوهم فيه أنه شيعي ومن ظلم هذا السفاك
الفتاك وقف انتشار التشيع في شمال الهند إلى قرون.