مكتبة العقائد الإمامية

فهرس الكتاب

 

 

 

رحلة مونتسدات روفيرا الإسبانية نحو مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

س- هل لك أن تعرفينا على نفسك ؟

ج- نعم بكل سرور.. اسمي (مونتسدات بايا روفيرا) ,.

و قد اتخذت اسم (زينب) بعد الإسلام, من منطلق إعجابي بالسيدة زينب عليها السلام وشخصيتها الفذة..

ولدت في مدينة(برشلونة) الإسبانية, من عائلة مسيحية عادية, تجهل أي شيء عن الإسلام, سوى ما تسمعه من أن المسلمين كان لهم تاريخ حافل في هذا البلد , كما تحمل نظرة مشوهة عنهم , و عن الإسلام كما هو حال الأوربيين بشكل عام..

كنت أتابع دراستي كقابلة قانونية عندما اهتديت للإسلام , حيث تعرفت بعد ذلك على زوجي المسلم اللبناني , و انتقلت معه للعيش في لبنان وأنا إلى جانب واجباتي الأسرية , أخصص وقتا مهما للإطلاع أكثر على الإسلام , من أجل أن أصبح قادرة على التبليغ , والدعوة إلى الله كما هو واجب كل مسلم.

س- قبل اعتناقك للإسلام , هل كان لديك تساؤلات إيمانية حول معتقدك الديني السابق ؟

ج- قبل أن أهتدي للإسلام , كنت دائما أحس أن شيئا ما ينقصني , ويدفعني

للتساؤل كنت اعتقد بأن الله موجود , وأنه خالق كل شيء , ولكن نظرة المسيحية لله, لم تكن تقنعني , ولم أكن أتقبل مسألة التثليث , و ألوهية عيسى عليه السلام. و لذا كانت الحيرة تواجهني من هذه الجهة , ولم تزل عن عقلي إلا بعد أن اطلعت على عقيدة الإسلام التوحيدية المطلقة, و نظرتها المتكاملة الواضحة لله تعالى , و التي يسهل على المرء المتفتح العقل , أن يقبلها, و يقتنع بها, شأن كل المسائل العقيدية الأخرى في الإسلام التي تخلو من الأسرار التي هي فوق العقل, والتي على المرء أن يؤمن بها دون جدال, فهذا ليس موجودا في الإسلام.

س- كيف كانت بداية طريقك نحو الإسلام ؟

ج- كان لي صديقة إسبانية قد تعرفت على الإسلام قبلي , و هذه الفتاة كانت تأتي لزيارتي بين فترة و أخرى , و كنا كلما التقينا تحدثني عن الإسلام , و تشرح لي عقيدته ومزاياه , وقد أحضرت لي مصحفا وبعض الكتب الإسلامية.

عندها بدأت أقارن بين القرآن والإنجيل , فوجدت اختلافا تاما بينهما , وأيضا وجدت تناقضا بين العهد القديم والعهد الجديد: فالعهد القديم - مثلا- يقول للنبي موسى عليه السلام: قل للناس هذا حرام. والعهد الجديد يقول للنبي عيسى عليه السلام: قل للناس عكس ما قيل للنبي موسى عليه السلام أي افعلوا ما تشاؤون!.

كانت هذه المسألة و أمثالها تتضح لي يوما بعد يوم , وعلى العكس من ذلك , كنت كلما توسعت بقراءة الكتب الإسلامية, أجد حلولا وأجوبة مقنعة للمسائل العقيدية و التشريعية التي أبحث عنها..

ثم بدأت ألتقي بعد ذلك بأشخاص مسلمين ملتزمين, بل الأمر يحتاج إلى جهد كبير, وإرادة صلبة, خاصة لمن نشأ في مجتمع غربي مادي, و مع الصبر يصل الإنسان إلى ما يريد, خاصة, و أن الجائزة كبيرة جدا, و هي سعادة الدنيا و الآخرة.

س- ما كان موقع اعتناقك للإسلام على أهلك و محيطك ؟ و ما هي المشاكل التي صادفتك بسبب ذلك؟

ج- بالنسبة لوضع الأهل والأقارب والناس حولي بشكل عام , كان من الطبيعي أن يرفضوا الإسلام.. مع أهلي كان هناك مشاكل كثيرة في بادئ الأمر. مثلا كانوا يقولون لي: إننا عائلة مسيحية, وإذا أسلمت سيبدأ الناس بالكلام علينا.

لم اعتني بهذا الكلام, لأنني كنت قد اعتنقت الإسلام. و لكن وضع أهلي عموما كان يختلف عن بقية الناس, فكانوا يحافظون علي, و عندما صممت على الإسلام قبلوا ذلك بعد جهد ومناقشات.

و بعد الإسلام كنت أواجه مشاكل في البيت, تعود إلى مسألة الطهارة و الأكل والمحرمات الموجودة, و لكن مع الوقت تعود أهلي على عاداتي الإسلامية الجديدة وأصبحوا يتفهمون وضعي. ولكن معاناتي مع الأقارب والناس في الشارع كانت أصعب, فكنت كل يوم أواجه مشاكل, و أسمع كلاما منهم لا يحتمل, و لكن عندما يشعر الإنسان أن الله معه, لا يهتم لكلام الناس و أذاهم.

س- هل تغير وضعك النفسي بعد الإسلام؟

بعد اعتناق الإسلام عن وعي, يحس الإنسان باطمئنان كبير كان يفتقده قبل ذلك, خاصة إذا كان يعيش في مجتمع تسود فيه القيم المادية كالمجتمع الذي كنت أعيش فيه.

و أنا أحسست بالراحة النفسية عندما لامست روحي شفافية الإسلام المتجلية في عقيدته السمحاء , و عبادته التي تنمي الروح الخيرة المحبة الصادقة في الإنسان, فتغيرت نظرتي للمجتمع وللكون والحياة تبعا لذلك , فأصبحت أكثر تفاؤلا و رغبة بالعمل من أجل الغير.

س- على ضوء تجربتك الخاصة , ما هو برأيك الأسلوب الأفضل لدعوة الآخرين إلى الإسلام ؟

ج- أعتقد أن كل شخص- أو فئة من الناس- يحتاج إلى أسلوب خاص في التحدث معه عن الإسلام و دعوته إليه , فإذا كان الشخص يعترف بوجود الله, يكون الكلام معه أسهل , بخلاف الملحد, فالمعترف بوجود الله تعالى يمكن أن تحدثه عن خلق الله تعالى, و عن الكتب السماوية, ويمكن أن تقدم له مقارنة بين القرآن والإنجيل, و تبين له صلاحية الإسلام لحل مشاكل البشرية , وهكذا. و الملحد أيضا عليك أن تقرب فكرة الله والدين من ذهنه , و تبين له تناقض الفكر المادي.

س- كما هداك الله للإسلام , على أن تعملي على هداية غيرك , فما هو الدور الذي تقومين به حاليا , أو تنوين أن تقومين به على هذا الصعيد؟

ج- أنني حاليا أسعى لتعلم اللغة الإسلامية بشكل يمكنني من دراسة وتفهم الكتب الإسلامية, و خاصة القرآن الكريم , حتى أصل إلى هدفي الذي أقوم به بشكل جزئي الآن , وهو العمل على دعوة الفتيات المسلمات بشكل خاص, و الناس بشكل عام للإسلام , و أحكي لهم قصتي وتجربتي نحو الإسلام, حتى يعرفوا أن الإسلام أفضل شيء في الوجود, و أفضل شيء يمتلكه الإنسان في حياته.

كما أود أن أخاطب الفتيات المسلمات المبتعدات عن الدين بسلوكهم بسبب الانحرافات الخطيرة الموجودة في المجتمعات الإسلامية , لأبين لهن الفرق بين أن يكون الإنسان مسلما حقيقيا يتمتع بنعمة الإسلام و الإيمان , و بين أن يكون غير ذلك. و قد لاحظت أنا هذا الفرق وعايشته.

س – مارأيك بوضع المرأة المسلمة في البلاد الإسلامية عموما؟

ج – علي ان أميز بين وضعين للمرأة المسلمة في البلاد والمجتمعات الإسلامية:

فهناك المرأة الملتزمة المتقيدة بتعاليم الإسلام من حيث الستر والسلوك، والإهتمامات الإسلامية العامة. ففي بعض البلاد الإسلامية تلقى المرأة المسلمة اهتماما خاصا من قبل السلطات الرسمية المتبنية للشريعة الإسلامية بشكل خاص. وعموما توجد نهضة مباركة للمرأة المسلمة في العالم الإسلامي في مختلف المجالات، من حيث الالتزام الشرعي، والتعليم والوعي لدورها، وهذا مدعاة للإرتياح مع اني أرى أن هذه المسيرة مازالت في بدايتها، وعلى الملرأة أن تتابعها لما فيه مصلحة الإسلام والمرأة والمجتمع.

وفي جانب آخر: نرى أعدادا كبيرة من النساء والفتيات اللواتي يبتعدن في مظهرهن وسلوكهن وشخصياتهن، عن الإسلام، ويقلدن في ذلك وبأسلوب فاشل، المرأة الغربية التي هي في نظري لاتعيش التحرر الحقيقي، وإنما تستغل أبشع استغلال من قبل الرأسماليين لزيادة ثرواتهم عن طريق استغلال وضع المرأة، واستغلال انوثتها، وقتل إنسانيتها، لتدميرها وتدمير الحضارة، والمجتمعات الإنسانية، فلابد من مضاعفة الجهود من قبل الجميع في البلاد الإسلامية، لتوعية المرأة على هذه الحقيقة، وإيجاد الأجواء التي تحصن المرأة والمجتمع ضد وباء الإنحلال والفساد والتقليد الأعمى لكل ما هو ساقط في الغرب، والشرق.

س – هل من كلمة أخيرة توجهينها من عبر (نور الإسلام)؟

ج – بعد أن أحمد الله تعالى الذي هداني للدين الحق، وأنقذني من ظلمات الشرك والضلال، أريد أن أقول للمسلمين بشكل عام: انكم تحظون بأغلى جوهرة، وهي الإسلام، فحافظو عليها كي لاتفقدوا نعمة وجودها، وتكونوا أنتم الخاسرين.... إن للإسلام في نظري إهمية عظيمة، إنه كالماء للحياة السليمة، إذا بقي الإنسان بلا ماء يذبل ويموت، وكذلك الإنسان بدون إسلام لاقيمة له، ولا لحياته(1).

 

1 - مقابلة أجرتها مجلة (نور اُلإسلام) مع المستبصرة في عددها رقم (19،20) سنة (1412هـ)، ص84.