مكتبة العقائد الإمامية

فهرس الكتاب

 

 

 

 

رحلة نيكول أينز ورث نحو مذهب أهل البيت (ع)

(أستراليا ـ سدني)

ولدت نيكول إينزورث في (سيدني)، وانتقلت مع والديها إلى (غولدستون) في (كوينزولاند)، حيث أمضت طفولتها، وتلقت القسم الأكبر من تعليمها، ثم عادت إلى (سيدني) في العام الماضي، وقد هدها الحزن، فهي لم تستطع أن تتقبل موت والدتها.

نشأت (نيكول) في بيئة كاثوليكية، وتلقت في مدرسة مسيحية داخلية في (روكامبتو)، ولذا فقد كان من الطبيعي أن تستحوذ على تفكيرها مفاهيم الله، والمسيح، والثالوث، مما دفعها- كمحصلة لهذا التفكير- إلى الإقرار بأنها غير راضية عن نفسها، وعن المبادئ التي تعتنقها، ولا عن حالة النفاق الواسعة المحيطة بها.

وعندما بدأت بالعمل لتتمكن من تحقيق الاستقلال الذاتي في تأمين معيشتها. شعرت بـ(الشفقة إزاء النساء المسلمات) اللواتي كانت تصادفهن، خصوصاً للطريقة التي يلبسن بها ثيابهن. والواضح أنها تأثرت بالأفكار المسبقة السائدة التي تزعم بأن النساء المسلمات تعيسات في حياتهن، ويعانين من قهر رجالهن، وآبائهن. ولكن ما اكتشفته فيما بعد في حياة بعض صديقاتها المسلمات، كان أمراً مختلفاً تماماً والمفارقة أنها بدأت بالتشكيك في المفاهيم التي كانت قد كونتها، والمتعلقة بتحرير المرأة وحقوقها، وحريتها في الغرب.

وخلصت من ذلك إلى الاستنتاج (بأن هذه الشعارات ما هي إلا محض استغلال، فالمرأة في كل المجتمعات الغربية، تعاني من القمع، وهي مرغمة على التسليم بأنها أخذت حقوقها! بينما هي في الواقع ترضخ للقواعد القائمة التي وضعها الشوفينيون الذكور).

ولم تكن (نيكول) لتفهم قبلاً لماذا كان زملاؤها من العمال غير المسلمين، يقللون من شأن الإسلام والمسلمين، على الرغم من أن أحداً من المسلمين لم يوجه إليهم أي تعليق مسيء، أو يبد أي مشاعر معادية ولقد كان ذلك أمراً أساسياً بالنسبة لها.

فهي تقول: (أخذوا (الزملاء) يحذرونني من الانجذاب إلى ثقافة ودين غير ثقافتي وديني)، وما حدث كان العكس، فقد شعرت بالاشمئزاز من تحيز أصدقائها، وعدم قدرتهم على احترام مشاعر الآخرين، ومعتقداتهم.

وهكذا أدركت (نيكول) مدى تفشي الاضطهاد والتميز، وكيف يتم تنميته وتعميقه في أحيان كثيرة، سواء في البيوت، أو في أماكن العمل، بعد أن خبرت في المقابل مدى الاهتمام والاحترام الذي يبديه المسلمون حيال الآخرين.

وهكذا أخذت بشكل تلقائي تدافع عن المسلمين والإسلام في وجه الأكاذيب، والافتراءات المعهودة.

وأثر دراستها لبعض الأدبيات والمفاهيم الإسلامية، خصوصاً تلك المتعلقة بوضع المرأة وحقوقها في الإسلام- أخذت تدرك ما الذي يحمل النساء المسلمات على التصرف بشكل مختلف، ولماذا يلتزمن بالزي الإسلامي.

ولقد أبلغت أصدقاءها من غير المسلمين- حتى قبل أن تعتنق الإسلام- أنها قررت لبس الحجاب لما (يفرضه فعلياً من احترام وتقدير). ولم يكن من المفاجئ لها أن تتعرض كالعادة للهزء والسخرية، وأن يخلص هؤلاء الساخرون إلى أنها تعرضت لغسل دماغ من قبل المسلمين.

ولكن (نيكول) أكدت لهم أن تعرض المرأة لأن يصفر لها في الشارع، أو لأي شكل من أشكال التحرشات الجنسية المقبولة بشكل واسع في الغرب، بوصفها مغازلة! هي في الحقيقة تصرفات تحط من قدر المرأة، وتولد (شعوراً بالرخص) لديها.

نقطة التحول:

ومع تزايد تقديرها للإسلام والمسلمين، حاولت أن تتوقف عن إلقاء اللوم على الله في ما تصادفه من مصاعب وعثرات، وهي تقر بأن ذلك شكل نقطة تحول في حياتها، إذ قررت أنها حتى ولو لم تعتنق الإسلام، فإنها تود أن تنشئ أطفالها، عندما يبصرون النور، على الإسلام، إلا أنها تعرف بأن ذلك يكاد يكون مستحيلاً.

فليست فقط قيم العائلة هي التي تكاد تختفي تماماً في الغرب، ولكن قيمة المرأة أيضاً التي تركزت على جاذبيتها الجسدية، وعلى مدى قدرتها على عرض نفسها بشكل جميل.

ثم عادت عندما واجهت مرة أخرى تجارب صعبة، وعلى رغم علاقاتها الوثيقة بالمسلمين في (سيدني)- إلى إلقاء اللوم على الله ولكن في النهاية هيأ لها أن تفتح فصلاً جديداً اعتبرته بمثابة ولادة جديدة لها.

نعمة الإسلام:

ففي احتفال ديني أخوي بسيط بإشراف فضيلة السيد هاشم نصر الله إمام مسجد الزهراء في (ارنكليف)- سيدني- في (25/9/92) والذي صادف أيضاً عيد ميلادها الثاني والعشرين، اعتنقت (نيكول إينزورث) الإسلام بشكل كامل، ونطقت بالشهادتين بعد الاقتناع العقلي، والاطمئنان القلبي، مدركة أن التجارب التي واجهتها لم يكن القصد منها الابتعاد عن الله بقدر ما كانت لتوجيهها كي (تجد الدين الصحيح، والسلام الداخلي).

لقد أدركت زينب (نيكول إينزورث) أنه ليس ثمة حاجة لأن تشعر بالحزن على وفاة والدتها لوقت أطول. بل يجب أن تبقي مشاعر الحب والوفاء نحوها.

كذلك شعرت بأنها تقف على عتبة حياة جديدة واعدة ومجزية، وهي تشعر بالفخر لإلتزامها بالأخلاق، والواجبات الإسلامية الشرعية، بما فيها ارتداء الحجاب.

(فالإسلام يوفر شيئاً لا يمكن الحصول عليه بالوسائل المادية، وهو يدعو إلى الاستقلالية، واحترام الذات).

لقد نجحت زينب في الانتقال إلى بيئة أكثر إنتاجية. وهي الآن يغمرها شعور من الشكر والامتنان لله عز وجل، الذي من عليها بالهداية، وللإخوة من المسلمين الذين ساعدوها على أكمال دراستها الجامعية في علم النفس، لتعمل بعد ذلك كسكرتيرة في إحدى مستشفيات (سيدني) غير آبهة بالمصاعب، ولا بالنظرات المتعجبة المتسائلة حولها، بل هي تستغل ذلك من أجل إقامة المناقشات والحوارات التي بواسطتها تتمكن من فتح قلوب الآخرين على الإسلام000

لقد أصبحت زينب (نيكول) كغيرها من الفتيات المهتديات بكثرة إلى الإسلام، حجة ساطعة أخرى على فتياتنا اللواتي ينبهرنّ بزيف الحضارة الغربية وبريقها المهلك، فيتركن نعمة الالتزام والتمسك بشرع الله، مصدر الكرامة والرحمة والعزة، ليتعلقن بالقشور، ويصبحن طعمة سهلة الإنحراف(1).

 

1 - مجلة نور الإسلام: العددان (33و34)، السنة الثالثة سنة 1413هـ، ص 65.