المولد والنشأة:
ولد الأخ سالم بن ديرا بمدينة دار السلام عاصمة تنزانيا
عام (1973م). نشأ في أوساط عائلة شافعية ملتزمة. حاصل على الشهادة الثانوية
في المدارس الأكاديمية.
البداية:
في العام (1991م) والذي كان لا يزال فيه طالباً في
المدارس الثانوية، سأل أستاذ المادة في التربية الدينية وكان اسمه الشيخ أيوب
عن بعض الأسماء، التي كان يحيطها الأستاذ بالاحترام والتقدير عند تلفظها،
يقول الأخ سالم بن ديرا: (كان الشيخ الجليل شيخ أيوب يدرسنا مادة الدين، وكان
كلما يذكر حديث، يقول قال: الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام) وقال:
الإمام الباقر (عليه السلام)000، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) فهذه
الأسماء جديدة علي!)، وقرر في اليوم التالي سؤال الشيخ عن هذه الأسماء.
وفعلاً جاء الأستاذ وسأله الأخ سالم عنها، فقام الأستاذ وكتب على السبورة:
(قال رسول الله (ص): أني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي
أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)،
وأخذ الشيخ أيوب يبين من هم أهل البيت (عليهم السلام) وذكر الأئمة الإثنى عشر
(عليهم السلام) بأسمائهم، يقول الأخ سالم: (تعجبت كثيراً من ما ذكره، فكل هذه
الأسماء لم أسمع بها من قبل، فسكت لأتحرى بنفسي) وقرر سؤالا أخر للاستاذ
ليعرف حقيقة الأمر.
وكان الأستاذ الذي سأله من أهل السنة المتعصبين، وأجابه:
(يوجد مذهب يسمى بمذهب الشيعة الأثني عشرية، وهؤلاء بمنزلة الكفرة، لأنهم
يسبون الصحابة ويقولون أن زوجات الرسول (ص) لسن من أهل البيت، كما يقولون أن
أبا بكر لم يكن خليفة شرعي بعد الرسول (ص) وأن علياً هو الخليفة ثم ابنه
الحسن ثم ابنه الحسين حتى يصل العدد إلى اثني عشر خليفة00 فهؤلاء هم أهل
البيت عندهم، فلا تسمع كلامهم ولا تقرأ كتبهم)، وكانت الإجابة غير تامة مما
جعله مصمماً أكثر على المتابعة.
وحينما عاد إلى المدرسة التقى بالشيخ أيوب وطلب منه أن
يحدثه عن الفرق والمذاهب الإسلامية، وبالفعل أخذ الشيخ يشرح له معتقدات
المذاهب وكيفية نشوءها حتى وصل إلى مذهب الامامية الاثني عشرية , فقال الشيخ
أيوب: (إن الشيعة لا يرون كل الصحابة عدول , فمنهم من انحرف بعد وفاة النبي
الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والتاريخ يشهد بذلك) كما أخذ يحدثه عن بيعة
غدير خم وكيف أن الرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ للإمام علي (عليه
السلام) البيعة من المسلمين , وكيف أن أبا بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة
هنأوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا المنصب الرباني , ثم عرج على أحداث
السقيفة و... وأكد له أن مصادر أهل السنة توثق هذه الأحداث وبإمكانه الرجوع
إليها ليطمئن.
ضيق أفق !
وبمرور الأيام أخذت الأسئلة تتلجلج في صدره , فطلب من
أستاذه السني بعض كتب الصحاح , فزوده الأخير بها, واكب الأخ سالم على
مطالعتها, فوجد ما ذكره الشيخ أيوب من أحداث, فعاد إلى الأستاذ السني وبدأ
يستفسر منه عن ما دون في هذه الكتب, يقول الأخ سالم: (بدأ أستاذي يتضايق
وينزعج من أسئلتي, بل أخذ يكرهني واتهمني بالتشيع والكفر!) وبدأت المتاعب
والمضايقات رغم أنه لم يتشيع بعد , كل ما في الأمر طرح أسئلة وطلب الأجوبة
عليها, حتى وصل الأمر إلى أن طرده والده من البيت وقاطعه , مما اضطره إلى
الانتقال من مدرسة الثانوية إلى مدرسة أخرى تجنباً للمشاكل!
وتبقى مجالس العزاء:
صادف شهر محرم الحرام حينما انتقل إلى المدرسة الجديدة ,
وكان يقام بالقرب منها مجلس عزاء يحاضر فيه أحد الخطباء ويبين المظالم التي
تعرض لها أهل البيت (عليهم السلام) عموماً والإمام الحسين (عليه السلام) على
وجه الخصوص, وكيف أنهم نهضوا بأعباء الرسالة بعد جدهم رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) و... , وبعد انتهاء الخطيب من محاضرته سأله الأخ سالم عن
العديد من المسائل , فأجابه الخطيب , ثم قدم له أصحاب المجلس كتب (مقتل
الأمام الحسين عليه السلام), ثم اهتديت, الشيعة والصحابة, الشيعة والحديث,
الشيعة والقرآن... فأكب على قر ائتها،و انجلت عن عينه غمامة كبرى وبدت له
الكثير من الحقائق.
سؤال ؟
يقول الأخ سالم: بقيت متحيراً أسأل نفسي: إذا كان هؤلاء
على حق ومذهبهم مذهب الحق, فلماذا هم قليلون؟, وتقدم بهذا السؤال إلى علماء
الشيعة في تنزانيا , فأجابه: (إن تطع الأكثرية لا يعتبر مقياس , فالله تعالى
يقول (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) الأنعام: 116, كما أن
منطق العقل يقرر الأمر نفسه, باعتبار أن الناس غير معصومين, نعم اجتماع
المعصومين وكثرتهم هي المقياس) وهنا لم يسع الأخ سالم إلا السكوت.
نقطة التحول:
وتوالت البحوث والمتابعات - التي استغرقت قرابة العامين -
حتى وصل الى الحقيقة, وهي أنه لا مذهب أولى وأحق بالإتباع من مذهب أهل بيت
النبوة (عليهم السلام) لما أدرك ووجد من الحقائق في كتب الفريقين التي لا
ينكرها إلا المعاند والمتعصب, وإلا من يتجرد ويتخذ من الموضوعية والدقة نهجاً
في البحث فمن المحتم سيصل الى نتائج إيجابية.
رسالة ذات مغزى:
وسعياً منه في إعادة المياه الى مجاريها مع عائلته ولا
سيما مع أبيه , بادر بإرسال رسالة الى والده جاء فيها: (الى أبي العزيز ,
السلام على من اتبع الهدى. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي
(عليه السلام): أنت وشيعتك في الجنة. يا والدي (أفمن يهدي الى الحق أحق أن
يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى, فما لكم كيف تحكمون) وقال الرسول الأكرم
(صلى الله عليه وآله وسلم): إن هذا - يعني علياً - أخي ووصيي وخليفتي من
بعدي, فاسمعوا له وأطيعوا. أن هذه الكلمات ليست من قبلي بل من قبل الله تعالى
ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا ينطق عن الهوى أحببت أن اخط لك هذه
الكلمات لأبين لك أمرين:
الأول: أن القيامة إذا قامت لا يسأل والد عن ولده, ولا
ولد عن والده.
الثاني: إن تشيعي أو تسنني لا يخرجك أو يبقيك عن مقامك
الذي هو مرهون بعملك, كما أنني سأبقى ابنك وستبقى أبي...
(ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن
أعمل صالحاً ترضاه , ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا).
وبهذا المنطق العلمي والمؤدب تمكن من التأثير في تفكير والده بخصوص هذه
المسالة , وتمكن من الحفاظ على التماسك والاتحاد العائلي, وهذا ما يأمر به
أهل البيت (عليهم السلام) أتباعهم.