نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الرابع

الصفحة السابقة

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار   الجزء الرابع

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 304

وقال الشوكاني: (حديث أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم: قال في المختصر: هو من نسخة نبيط الكذاب) (1). وهذا لا يستقيم على مذهب أهل السنة الذين يبالغون في تعديل الصحابة وتوثيقهم، مع أن الرجل من الصحابة قطعا: قال ابن عبد البر: (شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي، شهد حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه خطبته، وكان ردفه يومئذ ابنه نبيط بن شريط، وكلاهما مذكور في الصحابة) (2). وقال ابن حجر: (شريط - بفتح أوله - ابن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي والد نبيط، وله ولنبيط صحبة. قال ابن السكن: له صحبة ورواية، وهو معدود في الكوفيين، وروى أحمد من طريق نبيط بن شريط قال: إني رديف أبي في حجة الوداع إذ تكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعت يدي على عاتق أبي فسمعته يقول: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام. الحديث، وأخرجه البغوي وابن السكن من وجه آخر فقال: عن نبيط بن شريط عن أبيه شريط بن أنس. وقال ابن السكن: لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وروى ابن مندة من طريق وكيع: سمعت سلمة بن نبيط يقول: جدي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ومن طريق عبد الحميد الحماني عن سلمة قال: كان أبي وجدي وعمي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وهكذا أخرجه أحمد في كتاب الزهد عن الحماني) (3). وقال الذهبي: (شريط بن أنس بن مالك بن هلال الأشجعي، جد سلمة نبيط ولنبيط صحبة أيضا. ب) (4).

(هامش)

(1) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للقاضي الشوكاني: 112. (2) الاستيعاب 2 / 160. (3) الإصابة 2 / 146. (4) تجريد الصحابة 1 / 257. (*)

ص 305

وكذا قال الزبيدي وأضاف: (وله أحاديث قد جمعت في كراسة لطيفة رويناها عن الشيوخ بأسانيد عالية، روى عنه ابنه سلمة بن نبيط، وحديثه في سنن النسائي) (1). وفي (الاستيعاب): (نبيط بن شريط.. رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع خطبته في حجة الوداع، وكان رديف أبيه يومئذ، معدود في أهل الكوفة..) (2). وفي (جامع الأصول): (نبيط بن شريط.. رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع خطبته في حجة الوداع، وكان ردف أبيه يومئذ، وعداده في أهل الكوفة وحديثه عندهم..) وقال ابن الأثير بترجمته: (يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه سلمة، أخبرنا أبو القاسم يعيش بن علي بإسناده إلى أبي عبد الرحمن النسائي، أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سفيان عن سلمة بن نبيط عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على جمل أحمر بعرفة قبل الصلاة خرجه الثلاثة) (3). وذكره الذهبي في (تجريد الصحابة) (4). وقال في (الكاشف): (له صحبة) (5). وأورده ابن حجر وقال: (وله رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.. قال ابن أبي حاتم: له صحبة وبقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمانا) (6).

(هامش)

(1) تاج العروس - نبط. (2) الاستيعاب 3 / 534. (3) أسد الغابة 5 / 14. (4) تجريد الصحابة 2 / 104. (5) الكاشف 3 / 198. (6) الإصابة 3 / 522. (*)

ص 306

وفي (تقريب التهذيب): (صحابي صغير) (1). وقال الخزرجي: (صحابي له حديث) (2). فهو إذا صحابي ولم يرد في حقه ذم، وليس رمي الفتني والشوكاني إياه بالكذب إلا تعصبا مقيتا وعدوانا مبينا.

*(2)* قوله صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض

 وهذا الحديث جاء في المناقب لأحمد وهذا نصه: (وفيما كتب إلينا (محمد ابن عبد الله الحضرمي) أيضا يذكر أن يوسف بن نفيس حدثهم قال: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض) (3). ورواه المحب الطبري: (عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله

(هامش)

(1) تقريب التهذيب 2 / 296. (2) خلاصة التهذيب 3 / 9980. (3) المناقب - مخطوط - وهذا الحديث من زيادات القطيعي وقد صححناه على النسخة المخطوطة الموجودة لدى المحقق الكبير العلامة الطباطبائي دام فضله (وكم له من فضل). والحضرمي أبو جعفر مطين المتوفى سنة 297 شيخ القطيعي، ويوسف بن نفيس ذكره الخطيب في تاريخه 14 / 303. (*)

ص 307

عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض. أخرجه أحمد في المناقب) (1). وكذا رواه السخاوي في (باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم) عن أحمد ابن حنبل في المناقب وأضاف: (وذكره الديلمي وابنه معا بلا إسناد) (2). ورواه عن أحمد أيضا: السمهودي في (الذكر الخامس: ذكر أنهم أمان الأمة وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) (3). وقال ابن حجر: (وفي رواية لأحمد وغيره: النجوم أمان لأهل السماء..) (4). وقال العيدروس اليمني: (وقال الشريف السمهودي في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون. قال: ويحتمل - وهو الأظهر عندي - أن كونهم أمانا للأمة أهل البيت [كذا] مطلقا، وأن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي صلى الله عليه وسلم جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته، فإذا انقضوا طوي بساطها) (5). وقال القاري بعد حديث السفينة: (ويؤيده ما أخرجه أحمد في المناقب عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهب النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض) (6).

(هامش)

(1) ذخائر العقبى ص 17. (2) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط. (3) جواهر العقدين - مخطوط. (4) الصواعق المحرقة لابن حجر المكي 140. (5) العقد النبوي - مخطوط. (6) المرقاة 5 / 610. (*)

ص 308

ورواه ابن باكثير المكي (1) ومحمود الشيخاني القادري (2) والأمير الصنعاني (3) وأحمد زيني دحلان (4) والبلخي القندوزي كلهم عن أحمد بن حنبل في (المناقب). وقال القندوزي البلخي: (الباب الثالث في بيان أن دوام الدنيا بدوام أهل بيته صلى الله عليه وعليهم، وبيان أنهم سبب لنزول المطر والنعمة، وبيان فضائلهم: أخرج أحمد في المناقب عن علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض). أيضا: أخرجه ابن أحمد في زيادات المسند والحمويني في فرائد السمطين عن علي كرم الله وجهه. أيضا: أخرجه الحاكم عن محمد الباقر عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم. وأخرجه أحمد عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون. وقال أحمد: إن الله خلق [خفق] الأرض من أجل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل دوامها بدوام أهل بيته وعترته صلى الله عليه وآله) (5). وقال أيضا: (أخرج الحمويني عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.

(هامش)

(1) وسيلة المآل - مخطوط. (2) الصراط السوي - مخطوط. (3) الروضة الندية. (4) الفتح المبين هامش السيرة 2 / 279. (5) ينابيع المودة 19 - 20. (*)

ص 309

أيضا: أخرجه الحاكم عن قتادة عن عطاء عن ابن عباس، أخرج الحاكم عن جابر بن عبد الله وأبي موسى الأشعري وابن عباس رضي الله عنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض) (1).

 *(3)* قوله صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي

 رواه المحب الطبري في الباب الخامس: (ذكر أنهم أمان لأمة محمد صلى الله عليه وسلم: عن أياس بن سلمة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي، أخرجه أبو عمرو الغفاري) (2). وهكذا رواه الحمويني بسنده عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) (3). وقال الزرندي: (وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي، وفي رواية: أمان لأهل الأرض) (4).

(هامش)

(1) المصدر نفسه / 20. (2) ذخائر العقبى ص 17. (3) فرائد السمطين 2 / 239. (4) نظم درر السمطين / 234. (*)

ص 310

ورواه كل من: ابن حجر (1) والمتقي (2) والسيوطي (3) - وحسنه - عن أبي يعلى عن سلمة بن الأكوع. وفي (كنز العمال): (النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي. ش ومسدد والحكيم. ع طب وابن عساكر عن سلمة بن الأكوع) (4). وهكذا رواه - عن ابن أبي شيبة وأبي عمرو الغفاري ومسدد وأبي يعلى والطبراني - الفضل بن باكثير المكي (5). وقال البدخشاني: (وأخرج الحفاظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي، وأبو الحسن مسدد بن مسرهد الأسدي البصري في مسنديهما، وأبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وأبو يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي في مسنده، والطبراني في الكبير، وابن عساكر: عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي) (6). وقال محمد صدر العالم: (الآية الرابعة: قال الله تعالى: *(وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم..)* أشار صلى الله عليه وسلم إلى وجود ذلك المعنى في أهل بيته: أنهم أمان لأهل الأرض كما كان هو صلى الله عليه وسلم أمانا لهم، وفي ذلك أحاديث كثيرة: منها: ما أخرج ابن أبي شيبة ومسدد وأبو يعلى والطبراني وابن عساكر عن أياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي) (7).

(هامش)

(1) الصواعق لابن حجر المكي 111. (2) كنز العمال 13 / 83. (3) الجامع الصغير 189. (4) كنز العمال 13 / 88. (5) وسيلة المآل - مخطوط. (6) مفتاح النجا - مخطوط. (7) معارج العلى - مخطوط. (*)

ص 311

ورواه ولي الله اللكهنوي عن الصواعق بذيل الآية المتقدمة.. (1). ورواه العزيزي حيث شرحه ثم قال: (وإسناده حسن) (2).

*(4)* قوله صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون

 وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون أخرجه الحاكم، كما في (مفتاح النجا) حيث قال: (وأخرج الحاكم في المستدرك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النجوم أمان لأهل السماء، فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي ما كنت، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون) (3). وكذا رواه محمد صدر العالم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله بلفظه (4).

(هامش)

(1) مرآة المؤمنين - مخطوط. (2) السراج المنير 3 / 388. (3) مفتاح النجا - مخطوط. (4) معارج العلى - مخطوط. (*)

ص 312

*(5)* قوله صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف

 فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس وهذا الحديث رواه جماعة من أعلام أهل السنة، كما عرفت فيما سبق في قسم دلالة حديث الثقلين، في الجواب عن حديث (سنة الخلفاء)، ولنذكر بعض عباراتهم في هذا المقام: قال السيوطي: (الحديث التاسع والعشرون: أخرج الحاكم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة اختلفوا فصاروا حزب إبليس) (1). ورواه جماعة عن الحاكم عن ابن عباس، قالوا: وصححه على شرط الشيخين، منهم: كمال الدين الجهرمي (2) والبدخشاني (3) والصبان (4) والمولوي مبين (5) والبلخي (6).

(هامش)

(1) إحياء الميت، هامش الإتحاف بحب الأشراف: 254. (2) البراهين القاطعة - ترجمة الصواعق المحرقة: 257. (3) مفتاح النجا - مخطوط. (4) إسعاف الراغبين - هامش نور الأبصار ص 130. (5) وسيلة النجاة لمحمد مبين الهندي: 47. (6) ينابيع المودة 298. (*)

ص 313

*(6)* قوله صلى الله عليه وآله: أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة والحسن والحسين الفرقدان

رواه أبو إسحاق الثعلبي - المترجم له في مجلد آية الولاية ومجلد قسم (حديث الغدير) (1) - في بيان زينة الأرض، حيث قال: (وزينها أيضا بالانبياء عليهم السلام، وزين الأنبياء بأربعة: إبراهيم الخليل عليه السلام، وموسى الكليم، وعيسى الوجيه، ومحمد الحبيب صلوات الله عليهم أجمعين، وهم أهل الكتاب [الكتب] وأصحاب الشرائع وأولوا العزم، وزينها أيضا بآل محمد صلى الله عليه وسلم، وزينهم [أيضا] بأربعة: علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم. وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، فلما انفتل من الصلاة أقبل علينا بوجهه الكريم فقال: معاشر [معشر] المسلمين: من افتقد الشمس فليستمسك [فليتمسك] بالقمر، ومن افتقد القمر فليستمسك [فليتمسك] بالزهرة، ومن افتقد الزهرة فليستمسك [فليتمسك] بالفرقدين. فقيل: يا رسول الله: ما الشمس؟ وما القمر؟ وما

(هامش)

(1) وهذا مختصر ترجمته: أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة 427 قال الداودي (طبقات المفسرين 1 / 65): (كان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء عليهم السلام..) وقال ابن خلكان (وفيات الأعيان 1 / 7) (المفسر المشهور كان أوحد زمانه في علم التفسير..) وقال الذهبي (العبر 3 / 191) (كان حافظا واعظا رأسا في التفسير والعربية متين الديانة). (*)

ص 314

الزهرة؟ وما الفرقدين [الفرقدان]؟ فقال: أنا الشمس وعلي القمر وفاطمة الزهرة والحسن والحسين الفرقدان في كتاب الله تعالى، لا يفترقان حتى يرد علي الحوض) (1). ورواه أبو الفتح النطنزي * المترجم له في (الأنساب - النطنزي) و(ذيل تاريخ بغداد - مخطوط) و(الوافي بالوفيات للصفدي) كما دريت في قسم (حديث الغدير)*. بسنده عن أنس أيضا، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلبوا الشمس، فإذا غابت فاطلبوا القمر، فإذا غاب القمر فاطلبوا الزهرة، فإذا غابت الزهرة فاطلبوا الفرقدين. قلنا: يا رسول الله ومن الشمس؟ قال: أنا فقلنا: ومن القمر؟ قال: علي. قلنا: فمن الزهرة؟ قال: فاطمة. قلنا: فمن الفرقدين [الفرقدان]؟ قال: الحسن والحسين عليهما السلام (2). ورواه الهروي (3) وخواند أمير (4) بترجمة الإمام الحسين عليه السلام عن جابر ابن عبد الله الأنصاري، وهذا لفظ الأول: قال جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إهتدوا بالشمس فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر، فإذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة، فإذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين. فقيل: يا رسول الله ما الشمس؟ وما القمر؟ وما الزهرة؟ وما الفرقدين [الفرقدان]؟ فقال: الشمس أنا والقمر علي، والزهرة فاطمة، والفرقدين [الفرقدان] الحسن والحسين).

(هامش)

(1) العرائس لأبي إسحاق الثعلبي: 14. (2) الخصائص العلوية - مخطوط. (3) روضة الصفا. (4) حبيب السير. (*)

ص 315

*(7)* قوله صلى الله عليه وآله: يا علي إن الحسن والحسين من أولادك كالبدر بين النجوم

 رواه شهاب الدين ملك العلماء الدولت آبادي عن كتاب الأربعين (1).

*(8)* قوله صلى الله عليه وآله:. الكواكب.. أولاد فاطمة

 رواه شهاب الدين الدولت آبادي عن التشريح: (عن ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم: ألا إن الله عز وجل زين السماء بزينة الكواكب، وزين الدنيا بالكواكب. قيل: وما الكواكب يا رسول الله؟ قال: أولاد فاطمة..) (2).

(هامش)

(1) هداية السعداء - مخطوط. (2) هداية السعداء - مخطوط. (*)

ص 316

*(9)* قوله (ص) لعلي: مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق

، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة رواه البلخي حيث قال: (الحمويني في فرائد السمطين بسنده عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاك وخسر من عاداك، وفاز من لزمك وهلك من فارقك. مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم كمثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة) (1).

(هامش)

(1) ينابيع المودة / 28. (*)

ص 317

مؤيدات هذه الأحاديث

ص 319

وليعلم أن هذه الأحاديث لها مؤيدات كثيرة في كلمات أئمة أهل البيت عليهم السلام، وصحابة الرسول صلى الله عليه وآله، وكبار العلماء

*(1)* من كلمات أهل البيت

 فأما كلمات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. فمنها: قول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في خطبة له: (ألا إن مثل آل محمد صلى الله عليه وآله كمثل نجوم السماء، إذا خوى نجم طلع نجم) (1). ومنها: قوله عليه السلام في حق أهل البيت عليهم السلام: (وهم الدعاة وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء) قاله عليه السلام في كلام له قبيل وفاته رواه الحافظ الخركوشي وهذا نصه: (وفيكم من يخلف من نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم ما إن تمسكتم به لن

(هامش)

(1) نهج البلاغة الخطبة 98. (*)

ص 320

تضلوا، وهم الدعاة، وهم النجاة، وهم أركان الأرض، وهم النجوم بهم يستضاء، من شجرة طاب فرعها، وزيتونة طاب [بورك] أصلها، نبتت في الحرم، وسقيت من كرم، من خير مستقر إلى خير مستودع، من مبارك إلى مبارك صفت من الأقذار والأدناس، ومن قبيح مأنبة شرار الناس، لها فروع طوال لا تنال، حسرت عن صفاتها الألسن، وقصرت عن بلوغها الأعناق، فهم الدعاة، وبهم النجاة، وبالناس إليهم حاجة، فاخلفوا رسول الله صلى الله عليه وآله بأحسن الخلافة، فقد أخبركم أنهم والقرآن ثقلان، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فالزموهم ترشدوا ولا تتفرقوا عنهم ولا تتركوهم فتفرقوا وتمزقوا) (1). ومنها: قول الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام: (نحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء). قاله عليه السلام في كلام له رواه القندوزي حيث قال: (وأخرج الحمويني بسنده عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين رضي الله عنهم قال: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المسلمين، ونحن أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا تمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذن الله، وبنا ينزل الغيث وينشر الرحمة، وتخرج بركات الأرض ولولا ما على الأرض منا لساخت بأهلها. ثم قال، ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم عليه السلام من حجة لله ظاهر مشهور أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله. قال الأعمش: قلت لجعفر الصادق رضي الله عنه: كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

(هامش)

(1) شرف المصطفى - مخطوط. (*)

ص 321

قال: كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب) (1).

 *(2)* من كلمات الأصحاب

 وأما كلمات الأصحاب: فمنها: قول ابن عباس رضي الله عنه في حقهم عليهم السلام: (فهم الأئمة الدعاة والسادة الولاة، والقادة الحماة، والخيرة الكرام، والقضاة والحكام، والنجوم، والأعلام، والعترة الهادية، والقدوة العالية، والأسوة الصافية). قاله رضي الله عنه في كلام له طويل مع بعض الأعراب، رواه بطوله العاصمي وهذا نصه: (وأما الأسماء التي سماه بها ابن عمه حبر الأمة وبحرها عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فإنه روي عن سعيد [سعد] بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: أسلم أعرابي على يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فخلع عليه علي عليه السلام حلتين، وخرج الأعرابي من عنده فرحا مستبشرا، وبحضرة الباب قوم من الخوارج، فلما أن نظروا إلى الأعرابي وفرحه بإسلامه على يدي علي عليه السلام حسدوه على ذلك وقال بعضهم لبعض: أما ترون فرح هذا الأعرابي بإسلامه؟ تعالوا ننزله عن ولايته ونرده عن إمامته، فأقبلوا بأجمعهم عليه وقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت؟ قال: من عند أمير المؤمنين عليه السلام قالوا: وما الذي صنعت عنده؟ قال: أسلمت على يديه. قالوا: ما أصبت رجلا تسلم على يديه إلا على يدي رجل كافر؟ فلما سمع ذلك الأعرابي غضب غضبا شديدا وثار القوم في وجهه وقالوا: لا تغضب، بيننا وبينك كتاب الله. فقال: اتلوه، فتلا بعضهم:

(هامش)

(1) ينابيع المودة / 21. (*)

ص 322

*(إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا)* إلى قوله *(سبيلا)* فقال لهم الأعرابي: ويلكم فيمن هذه الآية؟ قالوا: في صاحبك الذي أسلمت على يديه، فازداد الأعرابي غضبا وضرب بيده إلى قائمه سيفه وهم بالقوم. ثم إنه رجع إلى نفسه - وكان عاقلا - وقال: لا والله لا عجلت على القوم، وأسأل عن هذا الخبر، فإن كان كما يقولون خلعت عليا، وإن كان على خلاف ما يقولون جالدتهم بالسيف إلى أن تذهب نفسي. قال: فأتى ابن عباس - وهو قاعد في مسجد الكوفة - فقال: السلام يا ابن عباس. قال ابن عباس: وعليك السلام، قال: ما تقول في أمير المؤمنين؟ قال: أي الأمراء تعني يا أعرابي؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: وكان ابن عباس متكئا فاستوى قاعدا، ثم قال له: لقد سألت يا أعرابي عن رجل عظيم، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ذاك - والله - صالح المؤمنين، وخير الوصيين، وقامع الملحين [الملحدين] وركن المسلمين، ويعسوب المؤمنين، ونور المهاجرين، وزين المتعبدين، ورئيس البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين، وسراج الماضين، وأول السابقين من آل يس، المؤيد بجبرئيل الأمين، والمنصور بميكائيل المتين، والمحفوظ بجند السماء أجمعين، والمحامي عن حرم المسلمين، ومجاهد أعدائه الناصبين، ومطفئ نيران الموقدين، وأصدق بلابل الناطقين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، عين رسول رب العالمين، ووصي نبيه في العالمين، وأمينه على المخلوقين، وقاصم المعتدين، وجزار المارقين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكم العابدين. ناصر دين الله في أرضه، وولي أمر الله في خلقه، وعيبة علمه، وكهف كتبه، سمح سخي سند حيي بهلول بهي سنحنح جوهري زكي رضي مطهر أبطحي باسل جري قرم همام صابر صوام، مهذب مقدام، قاطع الأصلاب، عالي الرقاب، مفرق الأحزاب، المنتقم من الجهال، المبارز للأبطال، الكيال في

ص 323

كل [مكيال] الافضال. أضبطهم عنانا، وأثبتهم جنانا، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، وأسدهم نقيبة، أسد بازل، صاعقة مبرقة، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة وقرنت الأعنة طحن الرحى بسفالها، ويذروهم ذرو الريح الهشيم، باسل بازل صنديد هزبر ضرغام، عازم عزام، خطيب حصيف [مصقع] محجاج، مقول ثجاج، كريم الأصل، شريف الفضل، نقي العشيرة، فاضل القبيلة، عبل الذراع، طويل الباع ممدوح في جميع الأفق. أعلم من مضى، وأكرم من مشى، وأوجب من ولي بعد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله، ليث الحجاز وكبش العراق، مصادم الأبطال والمنتقم من الجهال، زكي [ركين] الركانة، منيع الصيانة صلب الأمانة، من هاشم القمقام ابن عم نبي الأنام، السيد الهمام، الرسول الإمام، مهدي الرشاد، المجانب للفساد، الأشعب الحائم [الحاطم] والطبل المحاجم [المهاجم] والليث المزاحم. بدري أحدي حنفي مكي مدني شعشعاني روحاني نوراني، له من الجبال شوامخها، ومن الهضاب ذراها، وفي الوغى ليثها، ومن العرب سيدها، الليث المقدام والبدر التمام والماجد الهمام، مبجل الحرمين ووارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين. من أهل بيت أكرمهم الله بشرفه، وشرفهم بكرمه، وأعزهم بهداه وخصهم لدينه، واستودعهم سره، واستحفظهم علمه، [جعلهم] عمدا لدينه، وشهداء على خلقه، وأوتاد أرضه، ونجى [نجباء] في علمه، اختارهم واصطفاهم وفضلهم واجتباهم علما لعباده [ومنارا لبلاده] أولاهم [ولاهم] على الصراط. فهم الأئمة الدعاة، والسادة الولاة، والقادة الحماة، والخيرة الكرام، والقضاة والحكام، والنجوم والأعلام، والعترة الهادية، والقدوة العالية، والأسوة الصافية، الراغب عنهم مارق، واللازق بهم لاحق هم الرحم الموصولة، والأئمة

ص 324

المتخيرة، والباب المبتلى به الناس، من أتاهم نجا ومن نأى عنهم هوى، حطة لمن دخلهم، وحجة على من تركهم. هم الفلك الجاري في اللجج الغامرة، يفوز من ركبها ويغرق من جانبها، يتصدع عنهم الأنهار المنشعبة، وينفلق عنهم الأقاويل الكاذبة، هم الحصن الحصين والنور المبين وهدى لقلوب المهتدين، والبحار السائغة للشاربين، وأمان لمن تبعهم أجمعين، إلى الله يدعون وبأمره يعملون، وإلى آياته يرشدون، فيهم توالت رسله وعليهم هبطت ملائكته، وإليهم بعث الروح فضلا من ربه [ربهم] ورحمة، فضلهم لذلك وخصهم وضربهم مثلا لخلقه، وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين، من اليمن والبركة، فروع طيبة، وأصول مباركة، معدن الرحمة وورثة الأنبياء، بقية النقباء وأوصياء الأوصياء. منهم الطيب ذكره المبارك اسمه، أحمد الرضي ورسوله الأمي من الشجرة المباركة، صحيح الأديم واضح البرهان، والمبلغ من بعده ببيان التأويل وبحكم التفسير، علي بن أبي طالب، عليه من الله الصلاة الرضية والزكاة السنية، لا يحبه إلا مؤمن تقي، ولا يبغضه إلا منافق شقي. قال: فلما سمع الأعرابي ذلك، ضرب بيده إلى قائمة سيفه وقام مبادرا، فضرب ابن عباس يده إليه وقال: إلى أين يا أعرابي؟ قال: أجالد القوم أو تذهب نفسي. قال ابن عباس: أقعد يا أعرابي، فإن لعلي محبين لو قطعتهم [قطعهم] إربا ما ازدادوا له إلا حبا، وإن لعلي بن أبي طالب مبغضين لو ألقمهم العسل ما ازدادوا له إلا بغضا. قال: فقعد الأعرابي، وخلع عليه ابن عباس حلتين حمراوين) (1). ومنها: قول المقداد رضي الله عنه عن أهل البيت عليهم السلام: (أهل بيت النبوة ومعدن الفضيلة ونجوم الأرض ونور البلاد) في كلام له

(هامش)

(1) زين الفتى - مخطوط. (*)

ص 325

رواه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري (1) وجمال الدين المحدث الشيرازي (2) وهذا نصه: (عن المعروف بن سويد قال: كنت بالمدينة حين بويع عثمان، فرأيت رجلا - وهو يصفق بإحدى يديه على الأخرى - فقلت: ما شأنك يا هذا؟ قال عجبا لقريش واستئثارهم بهذا الأمر عن أهل البيت، الذي أنزل الله فيهم هذه الآية: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* أهل بيت النبوة، ومعدن الفضيلة، ونجوم الأرض، ونور البلاد، والله إن فيهم رجلا ما رأيت رجلا بعد محمد صلى الله عليه وآله أقول بالحق ولا اقضي بالعدل ولا آمر بالمعروف منه. قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا المقداد بن عمرو، قلت: من هذا الذي ذكرت؟ قال: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله: علي بن أبي طالب. قال: فلبثت ما شاء الله، ثم لقيت أبا ذر فحدثته بما قال المقداد فقال: صدق أخي). ومنها: قول أبي ذر رضي الله عنه فيهم (أو كالنجوم الهادية). قاله في كلام له رواه اليعقوبي وهذا نصه حيث قال: (وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ويجتمع إليه الناس ويحدث بما فيه الطعن عليه، وأنه وقف بباب المسجد فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري، أنا جندب بن جنادة الربذي، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم. فهم الصفوة من نوح والآل من إبراهيم والسلالة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد، آية شرف شريفهم، واستحقوا الفضل في قوم، هم فينا كالسماء المرفوعة، وكالكعبة المستورة، أو كالقبلة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو

(هامش)

(1) السقيفة - مخطوط. (2) الأربعين - مخطوط. (*)

ص 326

كالقمر الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجرة الزيتونة، أضاء زيتها وبورك زندها، ومحمد وارث علم آدم وما فضلت به النبيون، وعلي بن أبي طالب عليه السلام وصي محمد صلى الله عليه وآله ووارث علمه. أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها، أما لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله، وأقررتم الولاية الوارثة في أهل بيت نبيكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم، ولما عال ولي الله ولا طاش سهم من فرائض الله ولا اختلف اثنان في حكم الله إلا وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنة نبيه، فأما إذا فعلتم ما فعلتم فذوقوا وبال أمركم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1).

 *(3)* من كلمات العلماء

 وأما كلمات العلماء فهي كثيرة جدا، نذكر بعضها في ما يلي: قال ابن الصباغ المالكي في فضائل الإمام الباقر عليه السلام: (روى عنه معالم الدين بقايا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ووجوه التابعين، وسارت بذكر علومه الأخبار، وأنشدت في مدائحه الأشعار، فمن ذلك ما قاله مالك بن أعين الجهني من قصيدة يمدحه بها: إذا طلب الناس علم القرآ * ن كانت قريش عليه عيالا وإن قال ابن ابن النبي * تلقت يداه فروعا طوالا نجوم تهلل للمدلجين * جبال تورث علما جبالا) (2)

(هامش)

(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 160 - 161. (2) الفصول المهمة 196 - 197. (*)

ص 327

وقال الكاشفي: (إن اللسان عن وصف آل محمد لكيل، وإن جمال كمالهم لمحجوب عن بصائر أرباب البصيرة، وذلك لأنهم نجوم بروج الهداية، وبروج نجوم الولاية..) (1). وقال السمهودي: (يحتمل أن المراد من أهل البيت الذين هم أمان الأمة: علماؤهم الذين يقتدى بهم كما يهتدى بنجوم السماء، وهم الذين إذا خلت الأرض منهم جاء أهل الأرض من الآيات ما كانوا يوعدون، وذهب أهل الأرض، وذلك عند موت المهدي الذي أخبر صلى الله عليه وسلم به) (2). وقال ابن حجر المكي: (وقال بعضهم: يحتمل أن المراد بأهل البيت الذين هم أمان علماؤهم، لأنهم الذين يهتدى بهم كالنجوم، والذين إذا فقدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون) (3). وقال ابن باكثير المكي الشافعي: (وأخرج الدارقطني في الفضائل عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الذين حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بهم والأخذ بهديهم، فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى، وخصه أبو بكر بذلك رضي الله عنه، لأنه الإمام في هذا الشأن، وباب مدينة العلم والعرفان، فهو إمام الأئمة وعالم الأمة) (4).

(هامش)

(1) الرسالة العلية في الأحاديث النبوية. (2) جواهر العقدين - مخطوط. (3) الصواعق المحرقة لابن حجر المكي: 91. (4) وسيلة المآل - مخطوط. (*)

ص 328

ونقل الشيخاني القادري كلام السمهودي بلفظه (1). كما أورد الشبراوي أبيات مالك بن أعين الجهني المتقدمة مع اختلاف يسير (2). وقد عبر عنهم العجيلي بالنجوم مرارا، في مواضع عديدة، منها قوله: (وقد أوجدهم الله في كل عصر ومصر، ووجودهم أمان من العذاب كالنجوم أمان لأهل السماء، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وهو منهم وهم منه كما ورد) (3). وقال الشبراوي: (وقد أكرم الله تعالى آل بيت نبيه بأن جعل فيهم القطبانية ومنهم المجدد على رأس كل سنة لهذه الأمة أمر دينها، فقد قال الرشيد لموسى الكاظم - وهو جالس عند الكعبة - أنت الذي تبايعك الناس سرا؟ فقال له: أنا إمام أهل القلوب وأنت إمام الجسوم، وما أحسن ما قيل: ملوك على التحقيق ليس لغيرهم * من الملك إلا وزره وعقابه شموس الهدى منهم ومنهم بدوره * وأنجمه منهم ومنهم شهابه) (4) وقال الشبلنجي: (ولأبي الحسن بن جبير رحمه الله: أحب النبي المصطفى وابن عمه * عليا وسبطيه وفاطمة الزهرا هم أهل بيت أذهب الله عنهم * وأطلعهم أفق الهدى أنجما زهرا موالاتهم فرض على كل مسلم * وحبهم أسنى الذخائر للأخرى) (5)

(هامش)

(1) الصراط السوي - مخطوط. (2) الإتحاف بحب الأشراف 143 - 144. (3) ذخيرة المآل - مخطوط. (4) الإتحاف بحب الأشراف ص 20. (5) نور الأبصار / 115. (*)

ص 329

وقال الحمزاوي في ذكر فاطمة بنت الحسين عليهما السلام: (ويعجبني مدحا في حضرتها وآل البيت على العموم، الذين شيدوا الدين وصاروا في الاهتداء بهم كالنجوم: قول الهمام الفاضل الإمام الكامل ولدنا الشيخ أحمد المالكي لقبا الشافعي مذهبا الأبياري بلدا..) (1).

(هامش)

(1) مشارق الأنوار / 99. (*)

ص 331

حديث في الاقتداء بأهل البيت مع شاهدين من شواهده

ص 333

ومن الأحاديث الدالة على وجوب الاقتداء بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام قوله صلى الله عليه وآله: (من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي..). وهذا الحديث رواه جمع من كبار الحفاظ والأئمة: قال الحافظ أبو نعيم بترجمة علي عليه السلام: (حدثنا محمد بن المظفر، نا محمد بن جعفر بن عبد الرحيم، نا أحمد بن محمد بن يزيد بن سليمان [سليم]، نا عبد الرحمن بن عمران بن أبي ليلى أخو محمد ابن عمران، نا يعقوب بن موسى الهاشمي، عن ابن أبي رواد، عن إسماعيل بن أمية، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي وليوال وليه وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهما وعلما، [و] ويل للمكذبين لفضلهم [بفضلهم] من أمتي، القاطعين [للقاطعين] فيهم صلتي، لا أنا لهم الله شفاعتي) (1). ورواه في (منقبة المطهرين) عن ابن عباس كذلك). وقال الرافعي ما نصه:

(هامش)

(1) حلية الأولياء 1 / 86. (*)

ص 334

(الحسن بن حمزة العلوي الرازي أبو طاهر. قدم قزوين وحدث بها عن سليمان بن أحمد - روى عنه أبو مضر ربيعة بن علي العجلي فقال: ثنا أبو طاهر الحسن بن حمزة العلوي - قدم علينا قزوين سنة أربع وأربعين وثلاثمائة - ثنا سليمان ابن أحمد، ثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا إسحاق بن بشر الكاهلي، ثنا يعقوب ابن المغيرة الهاشمي، عن ابن أبي رواد عن إسماعيل بن أمية، عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن فليوال عليا من بعدي، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين من أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي) (1). ورواه الحمويني (2) والكنجي (3) بسندهما عن الحافظ أبي نعيم بلفظه المتقدم. ورواه المتقي عن الطبراني في الكبير والرافعي عن ابن عباس كما تقدم (4). وذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي (5). ورواه القندوزي البلخي عن أبي نعيم والحمويني (6). شاهده: ما رواه أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي بقوله: (وأخبرنا الإمام الأجل أخي شمس الأئمة أبو الفرج محمد بن أحمد بن المكي قال: أخبرنا الإمام الزاهد أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا الإمام السيد الأجل المرشد بالله أبو الحسن يحيى بن الموفق بالله قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي ابن محمد بن يوسف الواعظ بن العلاف قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن

(هامش)

(1) التدوين. (2) فرائد السمطين: 1 / 53. (3) كفاية الطالب 214. (4) كنز العمال 13 / 89. (5) تحقيق الإشارة. رجال المشكاة. (6) ينابيع المودة 126. (*)

ص 335

محمد بن حماد المعروف بابن سليم قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن جعفر بن محمد ابن عبد بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي الباقر عن أبيه علي بن الحسين بن علي عن أبيه الحسين الشهيد قال: سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحب أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويدخل الجنة التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين، أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة) (1). ويشهد به أيضا ما رواه الحافظ الطبري في ذيل تاريخه قال: (حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال: ثنا أحمد بن أشكاب قال: ثنا يحيى بن يعلى المحاربي عن عمار بن رزين الضبي، عن أبي إسحاق الهمداني عن زياد بن مطرف، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحب أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي قضبانا من قضبانها غرسها في جنة الخلد فليتول علي بن أبي طالب وذريته من بعده، فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوهم في باب ضلالة). وهذه الأحاديث اليسيرة قطرة من بحار فضائل العترة الطاهرة عليهم السلام، وهي كافية لثبوت إمامتهم وخلافتهم، وبطلان كلمات المعاندين والمبغضين لهم، وسقوط الأحاديث الموضوعة التي يستدلون بها في مقابلة حديث الثقلين، وحديث السفينة، والحمد لله رب العالمين.

(هامش)

(1) المناقب 34. (*)

ص 336

ختامه مسك

 ورأينا من المناسب أن نختم الكتاب بهذا الحديث الشريف الوارد عن النبي في فضل آله الأطياب عليهم الصلاة والسلام، وهو ما رواه جماعة من الحفاظ منهم الحافظ الكنجي الشافعي بسنده عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترد علي رأية أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده، فيبيض وجهه ووجوه أصحابه وأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدقناه وآزرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه - فأقول: ردوا رواء مرويين، فيشربون شربة لا يظمؤن بعدها، وجه إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، أو كأضواء نجم في السماء) (1). قال الكنجي: (وفي هذا الخبر بشارة ونذارة من النبي صلى الله عليه وسلم: أما البشارة فلمن آمن بالله عز وجل ورسوله وأحب أهل بيته، وأما النذارة فلمن كفر بالله ورسوله وأبغض أهل بيته وقال ما لا يليق بهم، ورأى رأي الخوارج والنواصب. وهو بشارة لمن أحب أهل بيته، وأنه يرد الحوض ويشرب منه فلا يظمأ أبدا، والظمأ هو عنوان دوام العطش وحرمان دخول جنة المأوى، وأما الثقلان فأحدهما كتاب الله عز وجل، والآخر عترة النبي وأهل بيته عليهم السلام، وهما

(هامش)

(1) وممن رواه: الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 131 والمناوي في كنوز الحقائق 188 والحاكم في المستدرك وفيه: أخرجه ابن أبي شيبة ورجاله ثقاة وابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 457. كذا في هامش كفاية الطالب ط النجف الأشرف. (*)

ص 337

أجل الوسائل وأكرم الشفعاء عند الله عز وجل) (1). ولا يخفى أن هذا الحديث قسم من حديث (الرايات الخمس) وقد روي بتمامه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله في الباب التاسع والستين بعد المائة من كتاب (اليقين) لكن الحافظ الكنجي - أو غيره من مشايخ الحديث من أهل السنة - اختصره، فرواه بهذا السياق الوجيز. لكنه - مع ذلك - يكفي لظهور الحق وزهوق الباطل، ولا يبقى بعده شك في وجوب متابعة أهل البيت عليهم السلام في جميع الأمور ومن جميع الجهات، وثبوت إمامتهم العامة وخلافتهم المطلقة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن العاقبة لمن قال بذلك دون غيرهم. (قال الميلاني): هذا آخر الكلام في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بحديث السفينة.. والحمد لله على إتمامه، ونسأله تعالى أن يتقبل هذا العمل وأن يوفقنا لأمثاله مما يحب ويرضى بمحمد وآله الطاهرين..

(هامش)

(1) كفاية الطالب 76 - 77. (*)

 

الصفحة السابقة

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الرابع

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب