ص 353
فدق الباب أقوى من الأوليين، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال له أنس إنه على
حاجة: فآذنه النبي بالدخول وقال له: ما أبطأ بك عني؟ قال جئت فردني أنس ثم جئت
الثانية والثالثة فردني. فقال صلى الله عليه وسلم: يا أنس ما حملك على هذا؟ قال:
رجوت أن يكون الدعاء لأحد من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي أحب
الخلق إلى الله فأكل معه. وفي النسائي بإسناد صحيح عن أنس بن مالك لما قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث جاء أبو بكر فرده، فجاء عمر فرده، ثم جاء علي
فأذن له وأكل معه... (1). وقال أيضا: إعلم أن أحاديث فضيلة علي كرم الله وجهه
من الصحاح ولكن احتجاجهم على الخطأ. احتج الشيعة بخبر الطير، وتمام الخبر ذكرناه...
(2). كتاب (هداية السعداء) وكتاب (هداية السعداء) لملك العلماء من محاسن الكتب
المعتمدة لدى أهل السنة، احتج به محمد محبوب العالم في (تفسيره)، وقد ذكر ملك
العلماء في مقدمته أنه قد استخرج رواياته من بطون كتب تبلغ الثلاثمائة. ملك العلماء
الهندي وأما مؤلفه ملك العلماء الدولت آبادي الهندي الذي ترجمنا له في مجلد (حديث
النور) عن عدة من مصادر التراجم لأهل السنة، فمن أكابر أهل السنة ومشاهير محدثيهم
في الديار الهندية... قال الصديق حسن خان القنوجي
(هامش)
(1) هداية السعداء. الجلوة العاشرة من الهداية التاسعة. (2) المصدر. الجلوة السابعة
من الهداية الأولى. (*)
ص 354
بترجمته في (أبجد العلوم): القاضي شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الزوالي، ولد
بدولت آباد دهلي، وتملذ على القاضي عبد المقتدر ومولانا خواجكي الدهلوي، وهو من
تلامذة مولانا معين الدين العمراني، وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان أستاذه القاضي
يقول في حقه: أتاني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم. توفي سنة 849 .
(65) رواية ابن حجر العسقلاني

رواه في غير واحد من كتبه: قال في (المطالب العالية):
أنس - قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي بخبزة وصبابة، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام،
فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي. قال أنس: فقلت: اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال:
فسمعت حركة بالباب، فخرجت، فإذا علي، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على
حاجة، فانصرف، ثم سمعت حركة بالباب، فخرجت، فإذا علي كذلك، فسمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم صوته فقال: انظر من هذا؟ فخرجت، فإذا هو علي، فجئت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأخبرته، فقال: اللهم وال، اللهم وال. أنس - قال: أهدي لرسول الله صلى
الله عليه وسلم أطيار، فقسمها بين نسائه، فأصاب كل امرأة.... به. الحديث. هذا لفظ
البزار. سفينة صاحب زاد النبي صلى الله عليه وسلم - قال: أهدت امرأة من
ص 355
الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، وكان في المسجد، ولم
يكن في البيت غيري وغير أنس بن مالك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا
بالغداء، فقلت: يا رسول الله، قد أهدت لك امرأة هدية، فقدمت إليه الطيرين فقال:
اللهم ائتني بأحب خلقك - أحسبه قال: - إليك وإلى رسولك، قال: فجاء علي فضرب بالباب
ضربا خفيفا، فقلت: من هذا؟ قال: أبو الحسن. ثم ضرب ورفع صوته، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: من هذا؟ قلت: علي. قال: افتح له، ففتحت، وأكل مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الطيرين حتى فينا (1). * وقال في (الأجوبة عن أحاديث
المصابيح)، أي: أن السراج القزويني زعم وجود أحاديث موضوعة في (مصابيح السنة) فسئل
عن الحافظ ابن حجر العسقلاني، وكان منها حديث الطير، وهذه صورة السؤال: الحديث
السادس عشر: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك
إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه. غريب. قال ابن الجوزي: موضوع. وقال
الحاكم: ليس بموضوع . فأجاب ابن حجر: قلت: أخرجه الترمذي من طريق عيسى بن عمر،
عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، عن أنس وقال: غريب، لا نعرفه من حديث السدي إلا من
هذا الوجه. وقد روي من غيره عن أنس. قال: والسدي اسمه: إسماعيل بن عبد الرحمن سمع
من أنس. قلت: أخرج له مسلم، ووثقه جماعة، منهم: شعبة، وسفيان، ويحيى
(هامش)
(1) المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية 4 / 61 - 63 الأحاديث: 3962 - 3964.
(*)
ص 356
القطان. وأخرجه الحاكم من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس: كنت أخدم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم له فرخ مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك
يأكل معي هذا الطير، فقلت: اجعله رجلا من أهلي الأنصار، فجاء علي فقلت: إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم جاء فقلت ذلك، فقال: اللهم ائتني... كذلك.
فقلت: ذلك. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: افتح، فدخل، فقال: ما حبسك يا
علي؟ فقال: إن هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قلت: أحببت
أن يكون رجلا من قومي، فقال: إن الرجل محب قومه. وقال الحاكم: رواه عن أنس أكثر من
ثلاثين نفسا، ثم ذكر له شواهد عن جماعة من الصحابة. وفي الطبراني منها عن: سفينة،
وعن ابن عباس. وسند كل منهما متقارب (1). * وقال الحافظ ابن حجر بترجمة إبراهيم
بن ثابت القصار: وقد جمع طرق الطير ابن مردويه والحاكم وجماعة، وأحسن شيء فيها
طريق أخرجه النسائي (2). * وبترجمة إسماعيل بن سليمان: إسماعيل بن سليمان
الرازي، أخو إسحاق بن سليمان. قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم. حدثنا جعفر بن
أحمد، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا إسماعيل بن سليمان، حدثنا عبد الملك بن أبي
سليمان، عن عطا، عن
(هامش)
(1) انظر آخر مشكاة المصابيح 3 / 1788. (2) لسان الميزان 1 / 42. (*)
ص 357
عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطعن في
البيت بمخصرته ويقول: ها إن هذا البيت مسؤول عن أعمالكم يوم القيامة، ماذا يخبر
عنكم: وروى: عن عطا، عن أنس: حديث الطير. يروى من غير وجه بأسانيد لينة. وحديث عبد
الله بن عمر يروى من قوله. قلت: والحديث الأول رواه البزار في مسنده، من طريق ليث
بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عبد الله بن عمر. وحديث الطير قد توبع فيه
أيضا. وتقدم أيضا في ترجمة إبراهيم بن ثابت القصار (1). ترجمته 1 - الشوكاني:
الحافظ الكبير الشهير، الإمام المتفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة المتأخرة،
ارتحل إلى: بلاد الشام، والحجاز، اليمن، ومكة، وما بين هذه النواحي، وأكثر جدا من
المسموع والشيوخ، وسمع العالي والنازل، واجتمع له من ذلك ما لم يجتمع لغيره، وأدرك
من الشيوخ جماعة كل واحد رأس في فنه الذي اشتهر به، ثم تصدى لنشر الحديث، وقصر نفسه
عليه مطالعة وإقراء وتصنيفا وإفتاء، وتفرد بذلك، وشهد له بالحفظ والإتقان القريب
والبعيد والعدو والصديق، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع، ورحل إليه
الطلبة من الأقطار، وطارت مؤلفاته في حياته، وانتشرت في البلاد، وتكاتب الملوك من
قطر إلى قطر في شأنها. مات في أواخر ذي الحجة سنة 852 (2).
(هامش)
(1) لسان الميزان 1 / 408. (2) البدر الطالع 1 / 87. (*)
ص 358
2 - السيوطي: ابن حجر - شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ في زمانه، وحافظ الديار
المصرية، بل حافظا الدنيا مطلقا قاضي القضاة، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي...
ولد سنة 773، وعانى أولا الأدب، فبلغ فيه الغاية، ثم طلب الحديث... وتقدم في جميع
فنونه... وصنف التصانيف التي عم النفع بها، كشرح البخاري، الذي لم يصنف أحد في
الأولين ولا في الآخرين مثله... توفي في ذي الحجة سنة 852... وقد غلق بعده الباب،
وختم به هذا الشأن... (1). 3 - الصديق القنوجي: الحافظ ابن حجر العسقلاني...
ترجمه تلميذه السخاوي في كتاب سماه الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر،
وترجمة البلقيني أيضا في كتاب وقف عليه في حياته. وقال المعلم بطرس البستاني في
دائرة المعارف: جد في الفنون حتى بلغ الغاية، وعكف على الزين العراقي وانتفع به،
وأخذ عن الشيوخ، وأذن له في الإفتاء والتدريس، وشهد له أعيان شيوخه بالحفظ، وزادت
تصانيفه التي معظمها في فنون الحديث وفنون الأدب والفقه وغير ذلك على مائة وخمسين
تصنيفا، ورزق فيها السعد والقبول، خصوصا فتح الباري... (2). وله ترجمة في: 1 -
حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1 / 363. 2 - ذيل طبقات الحفاظ: 380. 3 - شذرات
الذهب 7 / 270. 4 - الضوء اللامع 2 / 36.
(هامش)
(1) طبقات الحفاظ: 552. (2) التاج المكلل: 32. (*)
ص 359
(66) رواية ابن الصباغ المالكي

ورواه نور الدين ابن الصباغ المالكي، مصرحا بوروده
صحيحا في كتب الحديث، وفي الأخبار الصريحة حيث قال: فصل - في محبة الله تعالى
ورسوله له. وذلك أنه صح النقل في كتب الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة عن أنس بن
مالك - رضي الله عنه. قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طير مشوي يسمى الحجل
- وفي رواية: ما أراه الحبارى - فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا
الطير، فجاء علي فحجبته وقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، رجاء أن تكون
الدعوة لرجل من قومي، ثم جاء علي ثانية فحجبته، ثم جاء الثالثة فقرع الباب فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: أدخله فقد عنيته، فلما دخل قال له النبي صلى الله عليه
وسلم ما حبسك عنا يرحمك الله؟ قال: هذه آخر ثلاث مرات وأنس يقول: إنك مشغول. فقال:
يا أنس: ما حملك على ذلك؟ قال: سمعت دعوتك فأحببت أن تكون لرجل من قومي. فقال صلى
الله عليه وسلم: لا يلام الرجل على حبه لقومه. رواه الترمذي (1). ترجمته ونور
الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي، المتوفى سنة 855، من أعلام
المحدثين وكبار فقهاء المالكية:
(هامش)
(1) الفصول المهمة: 19. (*)
ص 360
1 - ترجم له السخاوي، وذكر له كتاب (الفصول المهمة) وأن له منه إجازة (1). 2 - ذكره
عمر بن فهد المكي فيمن كان بمكة من الأعلام (2). 3 - وذكر أحمد بن عبد القادر
العجيلي الشافعي اختلاف الفقهاء في حكم الخنثى ثم قال: وجدت حكم أمير المؤمنين في
كتاب الفصول المهمة في فضل الأئمة، تصنيف الشيخ الإمام علي بن محمد الشهير بابن
الصباغ من علماء المالكية (3). وفي هذه العبارة: صحة نسبة الكتاب إلية، ووصفه
بالشيخ الإمام، والتصريح بكونه من علماء المالكية. 4 - وذكر عبد الله بن محمد
المطيري كتابه (الفصول المهمة) في مصادر كتابه (الرياض الزاهرة). 5 - ونص رشيد
الدين الدهلوي على أنه من كتب أهل السنة المؤلفة في فضائل الأئمة. 6 - واعتمد عليه
ونقل عنه جمع من العلماء المشاهير في مصنفاتهم: كالسمهودي في (جواهر العقدين)،
والشيخاني القادري في (الصراط السوي)، ومحمد محبوب في (تفسير شاهي).
(67) رواية الميبدي اليزدي

ورواه الحسين بن معين الدين الميبدي اليزدي، حيث أورده بشرح ديوان
(هامش)
(1) الضوء اللامع 5 / 283. (2) إتحاف الورى بأخبار أم القرى. حوادث 855. (3) ذخيرة
المآل - مخطوط. (*)
ص 361
أمير المؤمنين عليه السلام، عن الترمذي عن أنس (1). ترجمته العلامة الميبدي من
أكابر العلماء المشاهير، وكتابه (الفواتح) من الكتب المعروفة والمعتمدة لدى أهل
السنة، وصفه صاحب (حبيب السير) بأنه من أفاضل علماء العراق بل من أعظم علماء
الآفاق، وأورده الكفوي في (كتائب أعلام الأخيار)، واعتمد على كتابه ولي الله
الدهلوي في (النوادر من حديث سيد الأوائل والأواخر)، وذكر الجلبي كتابه في (كشف
الظنون) معبرا عن الميبدي ب مولانا وسيأتي تفصيل هذا كله في قسم حديث
(الأشباه) إن شاء الله.
(68) رواية المطيري

ورواه عبد الله بن محمد المطيري حيث
قال: الحديث الثامن والثمانون، في محبة الله تعالى لعلي بن أبي طالب رضي الله
عنه: وذلك إن صح في كتب الحديث. عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: أهدي إلى
النبي صلى الله عليه وسلم طير مشوي يسمى الحجل - وفي رواية: ما أراه إلا الحبارى -
فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء علي - رضي الله عنه
- فحجبته وقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، رجاء أن يكون الدعوة لرجل
من قومي، ثم جاء علي - رضي الله عنه - *
(هامش) (1) الفواتح - شرح ديوان أمير
المؤمنين عليه السلام: 48. (*)
ص 362
فحجبته، ثم جاء الثالثة، فقرع الباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدخله فقد
عنيته، فلما دخل قال له صلى الله عليه وسلم: ما حبسك عنا يرحمك الله؟ قال: هذه آخر
ثلاث مرات وأنس يقول: إنك مشغول، فقال: يا أنس: ما حملك على ذلك؟ قال: سمعت دعوتك
وأحببت أن يكون لرجل من قومي، فقال صلى الله عليه وسلم: لا يلام الرجل على حبه
لقومه. رواه الترمذي (1).
*(69)* رواية الحافي الشافعي

ورواه أحمد بن محمد بن
أحمد الحافي الحسيني الشافعي، في فضائل الإمام عليه السلام بقوله: في رواية: قدمت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا فسمى وأكل لقمة وقال: اللهم ائتني بأحب الخلق
إليك وإلي، فأتى علي فضرب الباب فقلت: من أنت؟ قال: علي. قلت: إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم على حاجة، ثم أكل لقمة وقال مثل الأولى، فضرب علي فقلت: من أنت؟
قال: علي. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم أكل لقمة وقال مثل
مقالته، فضرب علي ورفع صوته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس، إفتح
الباب، ففتحته، فدخل علي، فلما رآه النبي تبسم ثم قال: الحمد الله الذي جعلك هو،
فإني أدعو في كل لقمة أن يأتيني الله بأحب الخلق إلى الله وإلي، فكنت أنت، فقال:
والذي بعثك بالحق نبيا إني لأضرب
(هامش)
(1) الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة - مخطوط (*).
ص 363
الباب ثلاث مرات، ويدرأني أنس. قال: لم رددته؟ قال: كمن أحب معه رجلا من الأنصار،
فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ما يلام الرجل على حب قومه (1).
*(70)* رواية الصفوري

ورواه الشيخ عبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري الشافعي، في باب مناقب سيدنا
أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: قال أنس - رضي الله عنه -: قدمت للنبي صلى
الله عليه وسلم طعاما فسمى وأكل لقمة وقال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي: فطرق
علي الباب فقلت: من؟ قال: علي. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، فأكل
لقمة ثم قال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي، فطرق علي الباب ورفع صوته فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: افتح الباب يا أنس، ففتح، فدخل علي، فلما رآه النبي صلى
الله عليه وسلم تبسم وقال الحمد لله فإني أدعو الله في كل لقمة أن يأتيني بأحب
الخلق إليه وإلي. فقال: والذي بعثك بالحق إني لأضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال: رجوت يا نبي الله
أن يكون رجلا من الأنصار. فقال: أوفي الأنصار خير من علي وأفضل؟! (2).
(هامش)
(1) التبر المذاب في بيان ترتيب الأصحاب - مخطوط. (2) نزهة المجالس (*).
ص 364
(71) رواية ابن روزبهان والفضل ابن روزبهان الخنجي الشيرازي

ممن يروي حديث الطير،
ويصفه بالشهرة، ويعترف بكونه فضيلة عظيمة لأمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول:
أقول: حديث الطير مشهور. وهو فضيلة عظيمة ومنقبة جسيمة، ولكن لا تدل على النص
(1). ترجمته 1 - السخاوي: فضل الله بن روزبهان بن فضل الله الأمين، أبو الخير،
ابن القاضي أبي الخير بأصبهان أمين الدين، الخنجي الأصل، الشيرازي، الشافعي،
الصوفي، ويعرف ب خواجه ملا . لازم جماعة كعميد الدين الشيرازي، وتسلك بالجمال
الأردستاني وتجرد معه، وتقدم في فنون من عربية ومعان وأصلين وغيرها، مع حسن سلوك
وتوجه وتقشف ولطف عشرة وانطراح وذوق وتقنع، قدم القاهرة..... وزار بيت المقدس.....
وسافر إلى المدينة المنورة، فجاور بها أشهرا من سنة 87 ولقيني.... وقرء علي البخاري
وغيره بالروضة.... وكتبت له إجازة حافلة.... (2). 2 - وقد أكثر الفاضل رشيد الدين
خان الدهلوي من الاستدلال والاحتجاج بأقاويل (ابن روزبهان) في ردوده على الشيعة
وبحوثه معهم، مبجلا له ومثنيا عليه، ومن ذلك استشهاده بكلماته في نفي إمامة معاوية
وخلافته، في
(هامش)
(1) إبطال الباطل - مخطوط. (2) الضوء اللامع 6 / 171. (*)
ص 365
كتابه (غرة الراشدين). 3 - وكذلك المولوي حيدر علي الفيض في كتابه (منتهى الكلام)
كما لا يخفى على من راجعه.
(72) رواية جلال الدين السيوطي

وروى جلال الدين عبد
الرحمن بن أبي بكر السيوطي حديث الطير بطرق متعددة، في كتابه (جمع الجوامع) كما لا
يخفى على من راجع ترتيبه (كنز العمال) وسيأتي ذكرها أيضا إن شاء الله. ومن ذلك ما
أخرجه في كتابه المذكور: عن الزهري، عن أنس قال: كنت جالسا على باب رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فأتته أم أيمن بطير أهدي لها من الليل، فأكل منه ثم أعطاني فضلة،
فجئت حتى انتهيت بفضل ذلك فقال: اللهم أطلع أحب خلقك إليك، فوقفت على الباب وأنا
أقول: اللهم أطلع رجلا من الأنصار، فوالله إني لواقف إذ طلع علي بن أبي طالب، فقلت:
هذا علي بن أبي طالب، قد أتى الباب، قال: اللهم أدخله، الحمد لله الذي أطلع أحب
خلقه إلي، أدن، فكل معي. ابن النجار (1). كتاب (جمع الجوامع): وقد مدح السيوطي
كتابه (جمع الجوامع) في مقدمته، ووصفه بأنه كتاب شريف حافل، ولباب منيف رافل،
بجمع الأحاديث الشريفة النبوية كافل،
(هامش)
(1) جمع الجوامع 2 / 286. (*)
ص 366
قصدت فيه إلى استيعاب الأحاديث النبوية، وأرصدته مفتاحا لأبواب المسانيد العلية...
وقال كاشف الظنون: ثم إن الشيخ العلامة علاء الدين علي بن حسام الدين الهندي
الشهير بالمتقي المتوفى سنة 975، رتب هذا الكتاب الكبير، كما رتب الجامع الصغير،
وسماه: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، ذكر فيه أنه وقف على كثير مما دونه
الأئمة من كتب الحديث، فلم ير فيها أكثر جمعا منه، حيث جمع فيه بين الأصول الستة
وأجاد، مع كثرة الجدوى وحسن الإفادة.... (1). وذكر العيدروس بترجمة السيوطي أنه:
حكي عنه أنه قال: رأيت في المنام كأني بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت
له كتابا شرعت في تأليفه في الحديث وهو جمع الجوامع، فقلت له: أقرأ عليكم شيئا منه؟
فقال: هات يا شيخ الحديث. قال: هذه البشرى عندي أعظم من الدنيا بحذافيرها (2).
ترجمته وجلال الدين السيوطي يلقب عندهم ب مجدد القرن التاسع وهو شيخ مشايخ
(الدهلوي)، وتوجد مناقبه وفضائله بترجمته في: 1 - الضوء اللامع 4 / 65. 2 - البدر
الطالع 1 / 328. 3 - النور السافر: 54. 4 - الكواكب السائرة 1 / 226. وقد ترجم
لنفسه ترجمة مفصلة جدا في كتابه (حسن المحاضرة).
(هامش)
(1) كشف الظنون 1 / 597. (2) النور السافر: 54. (*)
ص 367
كما ترجم له في مقدمات مؤلفاته، من قبل المحققين. وألف بعضهم كتابا خاصا بمؤلفاته.
وقد ترجمنا له نحن في بعض مجلدات الكتاب، على ضوء المصادر المذكورة وغيرها.
(73)
رواية ابن حجر المكي

ونص ابن حجر الهيتمي المكي على كثرة طرق هذا الحديث وقال بأن
كثرة طرقه صيرته حسنا يحتج به .... وهذه عبارته حيث قال: تنبيه: ورد في مناقب
علي حديث كثر كلام الحفاظ فيه، فأردت أن الخص المعتمد منه، ولفظه عن أنس: كان عند
النبي صلى الله عليه وسلم طير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني
بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل مع. رواه الترمذي. والمعتمد عند
محققي الحفاظ فيه: أنه ليس بموضوع، بل له طرق كثيرة. قال الحاكم في المستدرك: رواه
عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا. إنتهى. وحينئذ، فيقوى كل من تلك الطرق بمثله، ويصير
سنده حسنا لغيره. والمحققون أيضا على أن الحسن لغيره يحتج به كالحسن لذاته. وفي
جملة طرقه طريق رواتها كلهم ثقات إلا واحد قال بعض الحفاظ: لم أر من وثقه ولا من
جرحه. وله طريق أخرى رواتها كلهم ثقات أيضا إلا واحد قال النسائي فيه: ليس بالقوي،
وهو معارض بأن غير واحد وثقه. وذكر الحاكم: أنه صح عن: علي، وأبي سعيد، وسفينة. لكن
تساهله في التصحيح معلوم. فالحق ما سبق أن كثرة طرقه صيرته حسنا يحتج به، ولكثرتها
جدا أخرج
ص 368
الحافظ أبو بكر ابن مردويه فيها جزء. وأما قول بعضهم: إنه موضوع، وقول ابن طاهر:
طرقه كلها باطله معلولة. فهو الباطل. وابن طاهر معروف بالغلو الفاحش. وابن الجوزي
مع تساهله في الحكم بالوضع - كما هو معلوم - ذكر في كتابه العلل المتناهية له طرقا
كثيرة واهية، ولذلك لم يذكره في موضوعاته. فالحق ما تقرر أولا أنه حسن يحتج به
(1). ترجمته وابن حجر المكي صاحب (الصواعق المحرقة) من أشهر علماء القوم في الفقه
والحديث والكلام، يثنون عليه وينقلون عنه ويستندون إليه في مختلف بحوثهم... فراجع:
1 - لواقح الأنوار في طبقات الأخيار - مخطوط. 2 - ريحانة الألباء: 211. 3 - النور
السافر عن أخبار القرن العاشر: 287. 4 - التحفة البهية في طبقات الشافعية. 5 -
المرقاة في شرح المشكاة. 6 - شذرات الذهب 8 / 370. 7 - البدر الطالع 1 / 109.
وغيرها من كتب التراجم والأسانيد والأخبار... وقد ألف بعضهم بترجمته كتاب (نفائس
الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر).
(هامش)
(1) المنح المكية في شرح الهمزية. (*)
ص 369
(74) رواية المتقي

رواه بطرق عديدة في (كنز العمال) فقال: عن أنس - إن أم سليم
أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجلات قد شوتهن بأضباعهن وخمرهن، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطائر. قال أنس: فجاء
علي بن أبي طالب فقال: استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: هو على
حاجة، فأجبت أن يجئ رجل من الأنصار، ثم رجع فعاد، فسمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم صوته فقال: أدخل علي. اللهم وإلي، اللهم وإلي، اللهم وإلي. كر أي أخرجه ابن
عساكر. مسند أنس - عن دينار عن أنس قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بستان، فأهدي لنا طائر مشوي، فقال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك، فجاء علي بن أبي
طالب، فقلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، فرجع، ثم جاء بعد ساعة ودق الباب،
ورددته مثل ذلك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس، إفتح له فطالما
رددته، فقلت: يا رسول الله، كنت أطمع أن يكون رجلا من الأنصار، فدخل علي بن أبي
طالب فأكل معه من الطير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء يحب قومه، كر
وابن النجار أيضا (1). عن عبد الله القشيري قال: حدثني أنس بن مالك قال: كنت
أحجب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أطعمنا من طعام الجنة، فأتي
(هامش)
(1) كنز العمال 13 / 166 - 167. (*)
ص 370
بلحم مشوي فوضع بين يديه فقال: اللهم ائتنا بمن نحبه ويحبك ويحب نبيك ويحبه نبيك.
قال أنس: فخرجت فإذا علي بالباب فاستأذنني فلم آذن له، ثم عدت فسمعت من النبي صلى
الله عليه وسلم مثل ذلك. فخرجت فإذا علي بالباب فاستأذنني فلم آذن له - أحسب أنه
قال ثلاثا - فدخل بغير إذني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما الذي أبطأ بك يا
علي؟ قال: يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. قال: يا أنس لم حجبته؟ قال: يا رسول
الله، لما سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: لا يضر الرجل محبة قومه ما لم يبغض سواهم (1). ترجمته وإن شئت الوقوف
على ما ذكروا للمتقي من فضائل ومناقب فراجع: 1 - لواقح الأنوار في طبقات الأخيار -
مخطوط. 2 - النور السافر عن أخبار القرن العاشر: 315. 3 - سبحة المرجان في آثار
هندوستان: 43. 4 - شذرات الذهب 8 / 379. 5 - أبجد العلوم: 895. 6 - أخبار الأخبار:
245. وغيرها من الكتب... وإليك نبذة من كلماتهم في حقه: قال الشعراني: منهم -
الشيخ الصالح، الورع الزاهد، سيدي علي الهندي رضي الله عنه، اجتمعت به في سنة سبع
وأربعين، بمكة المشرفة مدة إقامتي بها للحج، وانتفعت برؤيته ولحظه..... . وقال
العيدروس: في ليلة الثلاثاء وقت السحر توفي العالم الصالح،
(هامش)
(1) كنز العمال 13 / 167. (*)
ص 371
الولي الشهير، العارف بالله تعالى، علي المتقي بن حسان الدين. وكان من العلماء
العاملين وعباد الله الصالحين، على جانب عظيم من الورع والتقوى والاجتهاد في
العبادة ورفض السوى. وله مصنفات عديدة، وذكروا عنه أخبارا حميدة.... مؤلفاته كثيرة
نحو مائة مؤلف، ما بين صغير وكبير، ومحاسنه جمة ومناقبه ضخمة، وقد أفردها العلامة
عبد القادر بن أحمد الفاكهي في تأليف لطيف سماه: القول النقي في مناقب المتقي...
فما كان هذا الرجل إلا من حسنات الدهر وخاتمة أهل الورع ومفاخر الهند، وشهرته تغني
عن ترجمته، وتعظيمه في القلوب يغني عن مدحته .
(75) رواية الميرزا مخدوم

وروى الميرزا مخدوم الشريفي هذا الحديث في كتابه، وجعله من فضائل أمير المؤمنين عليه
السلام حيث قال: في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عن أنس بن مالك قال: بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء. أخرجه الترمذي.
وعن ابن عباس قال: أول من صلى علي. أخرجه الترمذي. وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه
قال: أول من أسلم علي. قال عمر بن مرة: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فأنكره وقال: أول
من أسلم أبو بكر الصديق. أخرجه الترمذي. وعن سعد بن أبي وقاص قال: لما آخى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، جاءه علي تدمع عيناه فقال: يا رسول الله، آخيت
بين أصحابك فلم تواخ بيني وبين أحد! فقال: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
ص 372
يقول: أنت أخي في الدنيا والآخرة. أخرجه الترمذي. وعن ابن عمر: إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي. وعن زيد بن أرقم إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال علي: يا رسول
الله، أتخلفني في النساء والصبيان! فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى غير أنه لا نبي بعدي! أخرجه البخاري ومسلم والترمذي. عن سعد بن أبي وقاص: إن
معاوية بن أبي سفيان أمره فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا
قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لئن يكون لي واحدة أحب من حمر النعم:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له - وخلفه في بعض مغازيه - فقال له علي:
يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي! وسمعته يقول يوم
خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. فتطاولنا، فقال:
ادعوا لي عليا، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه، ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه.
ولما نزلت هذه الآية: (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا
وأنفسكم) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم
هؤلاء أهلي. أخرجه مسلم والترمذي. وعن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلى الله
عليه وسلم جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية،
فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا
لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي، - وكان المسلمون إذا
رجعوا من سفر بدأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرفوا إلى رحالهم - فلما
قدمت السرية فسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ص 373
فقام أحد الأربعة فقال: ألم تر إلى علي بن أبي طالب فعل كذا وكذا، فأعرض عنه رسول
الله صلى الله عليه وسلم. ثم قام الثاني فقال مثل ما قال، فأعرض عنه رسول الله صلى
الله عليه وسلم. ثم قام الثالث فقال مثل مقالتهما. ثم قام الرابع فقال ما قالوا.
فأقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون
من علي - ثلاثا - إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي. أخرجه الترمذي. وعن
حبشي بن جنادة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: علي مني وأنا من علي ولا يؤدي
عني إلا أنا أو علي. أخرجه الترمذي. وعن أنس قال: كان عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه.
أخرجه الترمذي (1).
(76) رواية الوصابي اليمني

رواه بطرق متعددة... قال: عن أنس
رضي الله عنه قال: قدمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا، فسمى وأكل لقمة وقال:
اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي. فأتى علي فضرب بالباب، فقلت: من أنت؟ فقال: علي.
فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم أكل لقمة فقال مثل الأول، فضرب
علي الباب، فقلت: من أنت؟ قال: علي. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على
حاجة، ثم أكل لقمة فقال مثل ذلك. فضرب علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(هامش)
(1) نواقض الروافض - الفصل الثاني (*)
ص 374
يا أنس، إفتح الباب، فدخل، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم تبسم، ثم قال: الحمد
لله الذي جعلك ممن يحبه الله ورسوله، فإني دعوت الله في كل لقمة أن يأتيني بأحب
الخلق إليه وإلي، فكنت أنت. قال: فوالذي بعثك بالحق إني لأضرب الباب ثلاث مرات
ويردني أنس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم رددته؟ قال: كنت أحب معه رجلا
من الأنصار، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما يلام الرجل على حب قومه.
أخرجه ابن عساكر والحافظ محب الدين ابن النجار في تاريخه . وقال الوصابي: وعنه -
أي أنس - رضي الله عنه: إن أم سلمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم بحجلات قد شوتهن،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير.
قال أنس: فجاء علي ابن أبي طالب فقال: استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت: هو على حاجة، وأحببت أن يجئ رجل من الأنصار، فرجع ثم عاد فسمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال: أدخل يا علي، اللهم وإلي، اللهم وإلي، اللهم وإلي. أخرجه ابن
عساكر في تاريخه . وقال: عن عبد الله القشيري قال: حدثني أنس رضي الله عنه قال:
كنت أحجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: اللهم أطعمنا من طعام الجنة،
فأتي بلحم طير مشوي فوضع بين يديه فقال: اللهم ائتنا بمن نحبه ويحبك ويحب نبيك
ويحبه نبيك فإذا علي بن أبي طالب على الباب، فاستأذنني فلم آذن له - أحسب أنه قال:
ثلاث مرات - فدخل بغير إذني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أبطأ بك يا علي؟
قال: يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. فقال: لم حجبت؟ قال: يا رسول الله لما
سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فتكون له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا
يضر الرجل محبة الرجل قومه ما لم يبغض سواهم.
ص 375
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (1). الوصابي وكتابه: والشيخ إبراهيم الوصابي اليمني
من أعلام محدثي أهل السنة، وصفه العلامة العجيلي في (ذخيرة المآل) بأنه من أجلاء
العلماء، والمولوي حسن زمان التركماني صاحب (القول المستحسن في فخر الحسن) بالشيخ
المحدث... وكتابه (الاكتفاء) من الكتب المعتمدة لدى مؤلفيهم، كما لا يخفى على من
راجع (ذخيرة المآل) و(تفسير شاهي) و(القول المستحسن) وغيرها من الكتب.
(77) رواية
جمال الدين الشيرازي

المحدث رواه في (الأربعين في فضائل أمير المؤمنين) حيث
قال: الحادي والعشرون - عن أنس قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طير يسمى
الحجل - وفي رواية: ما أراه إلا حبارى. وفي رواية: أهدي لرسول الله صلى الله عليه
وسلم طير نضيج فأعجبه - فقال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا
الطير. فجاء علي فقرع الباب. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول - وكنت
أحب أن يكون لرجل من الأنصار - ثم أتى علي فقرع الباب فقلت: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم مشغول، ثم أتى الثالثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخله فقد
عنيته. فلما أن أقبل قال:
(هامش)
(1) الاكتفاء في مناقب الأربعة الخلفاء - مخطوط. (*)
ص 376
ما حبسك يرحمك الله؟ قال: هذه آخر ثلاث مرات. كل ذلك كان أنس يقول: إنك مشغول على
حاجة، فقال: يا أنس ما حملك على ذلك. قال: قد سمعت دعوتك فأحببت أن تكون لرجل من
الأنصار - وفي رواية قال: من قومي - قال: فجلس علي فأكل معه . ترجمته وجمال الدين
عطاء الله الشيرازي المعروف ب المحدث من مشاهير المحدثين الثقات والعرفاء
الكبار عند أهل السنة، يوجد الثناء عليه والإستناد إلى رواياته وأقواله في مختلف
كتب الحديث والأسانيد والتاريخ والفضائل والكلام أمثال (حبيب السير) و(المرقاة في
شرح المشكاة) و(تاريخ الخميس) و(منتهى الكلام) و(إتحاف الأكابر)....
(78 ) رواية
الجعفري

وروى شيخ بن علي الجفري حديث الطير حيث قال: وأهدي إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل من هذا الطير، أو أهدت
امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين، فقال صلى
الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك، فأتى علي فضرب الباب، فقال
له أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم ضرب الباب فقال له مثل ذلك،
ثم ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس، إفتح الباب.
فلما رآه صلى الله عليه وسلم تبسم ثم قال: الحمد لله الذي جعلك أحب الخلق إليه، كنت
آكل ثم أدعو في كل لقمة أن
ص 377
يأتيني بأحب الخلق إليه وإلي، فكنت أنت. فقال: والذي بعثك بالحق إني لأضرب الباب
ثلاث مرات ويردني أنس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم رددته؟ قال: كنت أحب
معه رجلا من الأنصار. فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: لا يلام الرجل على حب قومه
(1). ترجمته: وترجم المحبي للجفري ترجمة حسنة هذا نصها: شيخ بن علي... الأستاذ
الأعظم الفقيه المقدم، عرف كسلفه بالجفري - بضم الجيم وسكون الفاء ثم بعدها راء -
المفضال الكامل الماجد، القاضي الأجل المحتوم. كان من رؤساء العلم، جليل المقدار،
ذائع الذكر، مقبول السمعة، وافر الحرمة. ولد بقرية تريس - بالسين المهملة - وحفظ
القرآن، وأخذ عن جماعة من العارفين. ثم دخل بلاد الهند والسواحل، وأخذ عن أجلاء
لقاهم من العلماء الأعلام، وضبط وقيد، ورحل إلى الحرمين، وفاق في العلوم النقلية
والعقلية. ثم تدير بندر الشحر فاشتهر بها وعلا صيته وأقبل عليها أهلها وعظموه
وأجلوه، وولي بها مشيخة التدريس بالمدرسة السلطانية، فدرس في العلوم الشرعية وأفاد،
وانتفع به خلق كثير، وولي خطابة الجامع، ثم ولي القضاء وجمع بين أطراف الرياسة
والمراتب. وبالجملة، فقد كان من صدور العلماء الأعلام. وكانت وفاته ببندر الشحر في
صفر سنة 1063 (2).
(هامش)
(1) كنز البراهين الكسبية. (2) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 2 / 236. (*)
ص 378
(79) رواية أبي مهدي الثعالبي

وقال أبو مهدي عيسى بن محمد الثعالبي في (مقاليد
الأسانيد) بترجمة الحاكم: وقال الخطيب البغدادي: كان الحاكم ثقة، وكان يميل إلى
التشيع، وجمع أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها: حديث الطير، ومن
كنت مولاه فعلي مولاه. فأنكرها عليه أصحاب الحديث ولم يلتفتوا إلى قوله. قال الحافظ
الذهبي: ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث
موضوعة شأن المستدرك بإخراجها فيه. وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا قد أفردتها
بمصنف، ومجموعها يوجب أن الحديث له أصل. وأما حديث من كنت مولاه فعلي فله طرق جيدة
وقد أفردت ذلك أيضا . فقد تعقب الثعالبي البغدادي، واستشهد بكلام الذهبي ليثبت
حديث الطير وغيره ويدافع عن الحاكم وكتابه.... وأنه إذا ثبت أن الحديث الشريف له
طرق كثيرة جدا، وله أصل بشهادة مثل الذهبي، فالقول بالبطلان والوضع جزاف محض وتعصب
بحت. ترجمته والثعالبي من مشايخ والد (الدهلوي) الذين من الله بهم عليه حسب تعبيره،
وقد ترجم له: 1 - المحبي ترجمته مطولة في أعيان قرنه، وإليك ملخصها بلفظه:
ص 379
عيسى بن محمد بن محمد بن أحمد بن عامر، جار الله، أبو مكتوم، المغربي، الجعفري،
الثعالبي، الهاشمي، نزيل المدينة المنورة ثم مكة المشرفة. إمام الحرمين وعالم
المغربين والمشرقين، الإمام العالم العامل، الورع الزاهد، المفنن في كل العلوم
الكثير الإحاطة والتحقيق... وشوهدت له كرامات، وكانت سائر أوقاته معمورة بأنواع
العبادة. وانتفع به جماعة من العلماء الكبار، منهم الأستاذ الكبير إبراهيم بن حسن
الكوراني، وشيخنا الحسن بن علي العجيمي، وشيخنا أحمد بن محمد النخلي، وغيرهم، وله
مؤلفات منها (مقاليد الأسانيد) ذكر فيه شيوخه المالكيين، وأسماء رواة الإمام أبي
حنيفة، وفهرست البابلي. وكانت وفاته سنة 1080 (1). 2 - النخلي (وهو من مشايخ والد
(الدهلوي أيضا) قال بترجمة مشايخه: ومنهم: الشيخ الإمام، الجهبذ الهمام، حبر لا
يبارى في تحقيق العلوم، وبحر لا يجارى في تدقيق الفهوم، من وصف بحسن التقرير
والتأليف إطباق الآفاق، ووضعها بلطف الترصيف الحذاق على الأحداق، الشيخ عيسى ابن
محمد بن محمد الثعالبي الجعفري المالكي، رحمه الله تعالى رحمة واسعة في الدنيا
والآخرة آمين. حضرت درسه في مجاورته بمكة المشرقة، وقد جاور بها سنين كثيرة، ولازمت
درسه إلى أن مات بها، ودفن بالمعلاة (2). 3 - ولي الله الدهلوي: فصل - قد اتصل
سندي - بحمد الله - بسبعة من المشايخ الجلة الكرام، الأئمة القادة الأعلام، من
المشهورين بالحرمين المحترمين، المجمع على فضلهم من بين الخافقين الشيخ محمد بن
العلاء البابلي، والشيخ عيسى المغربي الجعفري، والشيخ محمد بن سليمان الرداني
(هامش)
(1) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 3 / 240. (2) رسالة أسانيد النخلي: 14.
(*)
ص 380
المغربي، والشيخ إبراهيم بن الحسن الكردي المدني، والشيخ حسن بن علي العجيمي المكي،
والشيخ أحمد بن محمد النخلي المكي، والشيخ عبد الله بن سالم البصري ثم المكي. ولكل
واحد منهم رسالة جمع هو فيها أو جمع له فيها أسانيده المتنوعة في علوم شتى....
(1). 4 - القنوجي: تلمذ عليه جمهور أهل الحرمين الشريفين، وصار أستاذا لهم، وكان
من أدعية الحديث والقراءة. قال السيد حسن يا عمر: من أراد أن ينظر إلى شخص لا يشك
في ولايته فلينظر إلى هذا. وكان لا يعمل إلا بالسنة المطهرة... (2).
(80) رواية
حسام الدين السهارنفوري

وقال حسام الدين بن محمد بايزيد السهارنفوري، في الفصل الذي
عقده من كتابه لبيان الآيات والأحاديث الواردة في مناقب أمير المؤمنين: عن أنس
قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل
معي هذا الطير، فجائه علي فأكل معه. رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب . ثم ترجمه
إلى الفارسية وقال: الحديث الغريب عند المحدثين هو الحديث الذي رواه الواحد ولو
في موضع واحد من إسناده (3). وبالجملة: فالسهارنفوري يروي حديث الطير ويعده من
مناقب الأمير،
(هامش)
(1) الإرشاد إلى مهمات الإسناد لولي الله الدهلوي. (2) أبجد العلوم للقنوجي. (3)
مرافض الروافض - الفصل التاسع. الباب الأول. (*)
ص 381
من غير غمز في سنده، و(الدهلوي) يقتدي به وينتحل أباطيله، لكن لا ينظر إلى موقفه من
هذا الحديث بعين الإعتبار!!
(81) رواية البدخشاني

ورواه محمد بن معتمد خان
البدخشاني الحارثي - الذي صرح (الدهلوي) وتلميذه الرشيد بكونه من أعاظم أهل السنة -
حيث قال: أخرج الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: كان عند النبي صلى الله عليه
وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه
(1). ترجمته وترجم له الندوي الكهنوي في مشاهير علماء الهند ووصفه ب الشيخ
العالم المحدث، محمد بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي، أحد الرجال المشهورين في
الحديث والرجال ثم ذكر كتبه: تراجم الحفاظ، مفتاح النجا، نزل الأبرار، تحفة
المحبين (2).
(82) رواية محمد صدر العالم

ورواه محمد صدر العالم في كتابه (معارج
العلى) حيث قال: أخرج
(هامش)
(1) مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط (2) نزهة الخواطر 6 / 259. (*)
ص 382
الترمذي عن أنس قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي فأكل معه (1). وقد ذكر صدر العالم في
خطبة كتابه: أنه رأى أمير المؤمنين عليه السلام في مبشرة فبايعه قال: وتوجهت إليه
لأبايع معه، فمد إلي يده الكريمة فأخذتها وتمسكت واعتصمت، وبايعت معه كما يبايع مع
الشيوخ، فأرشدني وأخذ مني المواثيق الجليلة: فصرت تلميذا له ومريدا. فبعثني حب
التلميذ لاستاذه، والمريد لشيخه، بل العبد لمولاه والعاشق لعشيقه: أن أمدحه وأذكر
مناقبه العليا، وأقر عين المحبين ببيان فضائله الفضلى، ومآثره السميا، لكي أدخل في
زمرة المداحين له والمثنين عليه، وأحسب في شيعته والمقربين لديه. ثم إني ما أردت
بكلمة الشيعة الفرقة الرافضة الشنيعة، ولكني قصدت بها الأمة العارفة المحققة
الصوفية، التي هي الشيعة على الحقيقة، فشرعت في تأليف مختصر مسمى بمعارج العلى في
مناقب المرتضى..... . ترجمته قال الندوي الكهنوي: الشيخ الفاضل، أحد العلماء
العاملين، وعباد الله الصالحين ، ثم ذكر مصنفاته ومنها (معارج العلى) وذكر كلمة
ولي الله الدهلوي وقصيدته في تقريظ الكتاب المذكور (2).
(هامش)
(1) معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط. (2) نزهة الخواطر 6 / 113. (*)
ص 383
(83) رواية محمد الأمير الصنعاني

والشيخ محمد بن إسماعيل الأمير اليمني الصنعاني
روى هذا الحديث وحققه وأثبته وشيده.. وهذه عبارته كاملة: وغداة الطير من شاركه *
فيه إذ جاء له الطير شويا الغداة أريد اليوم نفسه، والطير هو الحجل - بالحاء
المهملة والجيم كما يأتي به الرواية - والشوي: المشوي. والبيت: إشارة إلى حديث
الطير المشهور، وما فيه من الفضيلة القاضية له لمحبة الله له ومحبة الرسول صلى الله
عليه وسلم، بل بما أحبه الله له وأحبه رسوله صلى الله عليه وسلم له. قال المحب
الطبري رحمه الله: ذكر أنه عليه السلام أحب الخلق إلى الله بعد رسوله صلى الله عليه
وسلم. عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني
بأحب خلقك يأكل معي من هذا الطير، فجاء علي بن أبي طالب فأكل معه. خرجه الترمذي،
والبغوي في المصابيح - في الحسان -. وأخرجه الحربي وقال: أهدي لرسول الله صلى الله
عليه وسلم طير، وكان مما يعجبه أكله. ثم ذكر الحديث. وخرجه الإمام بكر محمد بن عمير
بن بكير والنجار وقال: عن أنس قال: قدمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا، فسمى
وأكل لقمة ثم قال: اللهم أئتني بأحب خلقك إليك وإلي، فأتى علي فضرب الباب. فقلت: من
أنت؟ فقال: علي. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة، ثم أكل لقمة فقال
مثل الأولى. قال: فضرب علي فقلت: من أنت؟ فقال:
ص 384
علي. فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة. ثم أكل لقمة فقال مثل ذلك.
قال: فضرب علي ورفع صوته. فقال رسول الله: يا أنس، إفتح الباب. قال: فدخل علي، فلما
رآه النبي صلى الله عليه وسلم تبسم ثم قال: الحمد لله الذي جعلك. فإني أدعو في كل
لقمة أن يأتيني بأحب الخلق إليه وإلي. فكنت أنت. فقال: والذي بعثك بالحق إني لأضرب
الباب ثلاث مرات ويردني أنس. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم رددته؟ قال:
كنت أحب معه رجل من الأنصار. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يلام
الرجل على حبه قومه. قلت: وفي الجامع الكبير في مسند أنس قال: إن أم سلمة أتت رسول
الله صلى الله عليه وسلم بحجلان قد شركتهن بأصابعهن وخمرهن، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: اللهم ايتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. قال أنس: فجاء علي
بن أبي طالب فقال: إستأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: هو على حاجة،
وأحببت أن يجئ رجل من الأنصار. فرجع ثم عاد، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته
فقال: أدخل يا علي، اللهم وإلي، اللهم وإلي، اللهم وإلي. أخرجه ابن عساكر. وأخرج
ابن عساكر أيضا عن دينار عن أنس قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهدي
له طائر مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك، فجاء علي بن أبي طالب. فقلت: رسول
الله مشغول، فرجع ثم جاء بعد ساعة، فدق الباب ورددته مثل ذلك. ثم قال رسول الله: يا
أنس، إفتح له فطال ما رددته. قلت: يا رسول الله، كنت أطمع أن يكون رجلا من الأنصار.
فدخل علي بن أبي طالب، فأكل معه من الطير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
المرء يحب قومه. وأخرج ابن عساكر أيضا عن عبد الله القشيري قال: حدثني أنس بن مالك
قال: كنت أحجب النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقول: اللهم أطعمنا
ص 385
من طعام الجنة، فأتي بلحم طير مشوي فوضع بين يديه فقال: اللهم ائتنا بمن نحبه ويحبك
ويحب نبيك ويحبه نبيك. قال أنس: فخرجت فإذا علي بالباب، فاستأذنني فلم آذن له، ثم
عدت فسمعت من النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فخرجت فإذا علي بالباب فاستأذنني
فلم آذن له - أحسب أنه قال ثلاثا - فدخل بغير إذني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
ما الذي أبطأ بك يا علي؟ قال: يا رسول الله جئت لأدخل فحجبني أنس. قال: يا أنس لم
حجبته؟ قال: يا رسول الله لما سمعت الدعوة أحببت أن يجئ رجل من قومي فيكون له. فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: لا يضر الرجل محبة قومه ما لم يبغض سواهم. وأخرج عبد
الله بن أحمد بن حنبل من حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أهدت
امرأة من الأنصار طيرين بين رغيفين، فقدمت إليه الطيرين فقال: اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك وإلى رسولك، فجاء علي فرفع صوته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من
هذا؟ قلت: علي. قال: فافتح له، ففتحت له، فأكلا من الطيرين حتى فنيا. وأخرج ابن
المغازلي في مناقبه بسنده إلى أنس قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير
مشوي، فلما وضع بين يديه قال: اللهم ائتني بأحب خلقك إلي يأكل معي من هذا الطائر،
قال: فقلت: في نفسي: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، قال: فجاء علي فقرع الباب قرعا
خفيفا فقلت: من هذا؟ قال: علي. قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة.
فانصرف. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول الثانية: اللهم ائتني
بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. فقلت في نفسي: اللهم اجعله رجلا من
الأنصار. قال: فجاء علي فقرع الباب. فقلت: ألم أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم على حاجة! فانصرف. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول
الثالثة: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي فضرب الباب
ضربا شديدا. فقال رسول الله
ص 386
صلى الله عليه وسلم: إفتح إفتح إفتح. فلما نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: اللهم وإلي، اللهم وإلي، اللهم وإلي. قال: فجلس مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يأكل معه من الطير. قلت: وهذا الخبر رواه جماعة عن أنس، منهم: سعيد بن المسيب،
وعبد الملك بن عمير، وشيبة بن الحجاج الطائفي، وابن أبي الرجال الكوفي، وأبو
الهندي، وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر، ويغنم بن سالم بن قنبر. وغيرهم (1).
ترجمته 1 - الشوكاني: السيد محمد بن إسماعيل بن صلاح... الصنعاني المعروف
بالأمير. الإمام الكبير، المجتهد المطلق، صاحب التصانيف... رجل إلى مكة وقرأ الحديث
على أكابر علمائها وعلماء المدينة، وبرع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرد
برياسة العلم في صنعاء، وتظهر بالإجتهاد، وعمل بالأدلة، ونفر عن التقليد، وزيف ما
لا دليل عليه من الآراء الفقهية، وجرت له مع أهل عصره خطوب ومحن... وله مصنفات
جليلة حافلة، وقد أفرد كثيرا من المسائل بالتصنيف. وبالجملة، فهو من الأئمة
المجددين لمعالم الدين... وتوفي رحمه الله في يوم الثلاثاء، ثالث شهر شعبان، سنة
1182.... (2). 2 - القنوجي: هو الإمام الكبير المحدث الأصولي المتكلم الشهير،
قرأ كتب الحديث وبرع فيها، وكان إماما في الزهد والورع، يعتقده العامة والخاصة،
ويأتونه بالنذور....
(هامش)
(1) الروضة الندية - شرح التحفة العلوية. (2) البدر الطالع 2 / 133. (*)
ص 387
قال الشيخ أحمد بن عبد القادر الحفظي الشافعي في ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر
اللآل: الإمام السيد المجتهد الشهير، المحدث الكبير السراج المنير، محمد بن إسماعيل
الأمير، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار، صنف أكثر من مائة مؤلف، وهو لا ينسب
إلى مذهب بل مذهبه الحديث. له مصنفات جليلة ممتعة، تنبئ عن سعة علمه وغزارة اطلاعه
على العلوم النقلية والعقلية، وكان ذا علم كبير ورياسة عالية، وله في النظم اليد
الطولى، بلغ رتبة الإجتهاد المطلق، ولم يقلد أحدا من أهل المذاهب، وصار إماما كاملا
مكملا بنفسه.... (1).
(84) رواية محمد مبين السهالي

ورواه المولوي محمد مبين بن
محب الله بن أحمد عبد الحق السهالي، قال: عن أنس بن مالك، قال: كنت أخدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم: فقدم لرسول الله فرخ مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك
إليك يأكل معي هذا الطير. قال فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي فقلت:
إن رسول الله على حاجة. ثم جاء فقال رسول الله: إفتح. فدخل، فقال رسول الله: ما
حملك على ما صنعت؟ فقلت: يا رسول الله: سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي.
فقال رسول الله: إن الرجل قد يحب قومه. وفي بعض الروايات: ذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء والله ذو الفضل العظيم. وهذا الحديث
(هامش)
(1) أبجد العلوم: 868. (*)
ص 388
في المشكاة أيضا برواية الترمذي (1). ترجمته وكتابه: والمولوي محمد مبين من أكابر
محدثي أهل السنة وعلمائهم الأعلام في بلاد الهند، وقد ترجمنا له في قسم (حديث
الولاية). وقال الندوي الكهنوي: الشيخ الفاضل الكبير مبين بن محب الكهنوي، أحد
الفقهاء الحنفية.... ثم ذكر كتابه، وأرخ وفاته بسنة 1225 (2). وكتابه (وسيلة
النجاة) من الكتب المعروفة المؤلفة في فضل أهل البيت، وقد ذكر مؤلفه في خطبته قصة
قال بعدها: وبهذه القصة حداني صدق النية - وإنا أضعف الخليقة، بل لا شيء في
الحقيقة، خادم العلماء الراسخين، وتراب أقدام العرفاء والكاملين، المدعو بمحمد
مبين، نور الله قلبه بنور الصدق واليقين، ورزقه شفاعة سيد المرسلين وآله الطيبين
الطاهرين عليهم الصلاة والسلام من رب العالمين - على أن أؤلف رسالة مشتملة على
الآيات النازلة والأحاديث الواردة في مودة القربى، متضمنة لبيان الشمائل والخصائل
التي كانت لهم في الدنيا، وما ثبت بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية من مقاماتهم
ودرجاتهم الرفيعة في العقبى. وقد وضح به المحدثون صحائفهم، والأولياء تصانيفهم،
والعلماء كتبهم. فاستخرجت من الصحاح بعد كتاب الله صحيح البخاري وصحيح مسلم وصحيح
الترمذي، والكتب الموثوقة كجامع الأصول، والصواعق المحرقة لشهاب الدين حجر المكي،
والإشاعة في أشراط الساعة للعلوي الموسوي المدني، وفصل الخطاب لقدوة العرفاء خواجه
محمد بارسا النقشبندي وإزالة
(هامش)
(1) وسيلة النجاة: 242. (2) نزهة الخواطر 7 / 403. (*)
ص 389
الخفاء لرئيس العلماء وعمدة الفضلاء شاه ولي الله المحدث الدهلوي، ومدارج النبوة
للشيخ الكامل عبد الحق المحدث الدهلوي، وشواهد النبوة لعبد الرحمن الجامي. وغيرها
من الكتب المعتبرة في الأحاديث الشريفة، والقصص الصحيحة، وجمعتها في هذه الرسالة.
وأعرضت عن الضعاف المتروكة، والموضوعات المطروحة، وتمسكت بذيل العدل والإنصاف،
وتجنبت عن مذهب البغي والاعتساف، فيما جرى بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
وعملت بحديث: إياكم وما شجر بين أصحابي. واقتصرت على ما كان ثابتا وحقا، وما التفت
إلى ما كان باطلا وضعيفا. وأوردت ما كان في كتب المحدثين من تحقيق الواجبات، ورفضت
ما كان في كتب المؤرخين من الواهيات، وسميتها ب (وسيلة النجاة في مناقب الحضرات).
من استمسك بها فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن شك فقد ضل وغوى. إن هي إلا تذكرة لمن
اتقى، وسيذكر من يخشى. وأرجو أن تكون بضاعتي للشفاعة والمغفرة في العقبى، ووسيلتي
للنجاة والفوز بالدرجات العلى .
(85) رواية محمد إسماعيل الدهلوي

ابن أخ (الدهلوي)
فهو: محمد إسماعيل بن عبد الغني بن ولي الله، صاحب كتاب (منصب إمامت)... فلقد أثبت
حديث الطير واحتج به في كتابه المذكور وقال في القسم الثاني من الفصل الأول منه ما
حاصله بتعريبنا: التنبيه الأول، في بيان أن بعض عباد الله المقربين - وإن لم
يكونوا أئمة - قد حصلت لهم بعض كمالات منصب الإمامة بحسب مراتب
ص 390
استعداداتهم.... والدلائل الدالة من الكتاب والسنة على هذا المعنى كثيرة، ولو أردنا
استقصائها لطال بنا المقام... لكنا نذكر هنا أهم تلك الكمالات والأدلة الدالة عليها
بالإجمال فنقول: يستفاد ثبوت الوجاهة الإجتبائية لغير الأنبياء من قوله تعالى: (إذ
قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) وقوله:
(فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لفاطمة: إن الله أطلع على أهل الأرض فاختار أباك وبعلك. وأما ذكر شعب هذه الوجاهة
بالتفصيل.... فقد جاء ذكر محبوبية أصحاب هذه الوجاهة عند الله رب العالمين في
الآيات والأحاديث. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف
يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الله تبارك وتعالى أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم. قيل: يا رسول الله سمهم
لنا. قال: علي منهم. - يقول ذلك ثلاثا - أبو ذر، ومقداد، وسلمان. أمرني بحبهم
وأخبرني أنه يحبهم . فالحمد لله الملك المهيمن القادر، حيث رمى المخاطب المكابر،
بأدهى الدواهي والقواهر، وأخذه على يد ابن أخيه العلامة الكابر. ترجمته والشيخ محمد
إسماعيل الدهلوي من العلماء الكبار والمحدثين الأجلة. قال صديق حسن القنوجي في
(أبجد العلوم) في ذكر أصحاب (الدهلوي) وتلامذته: ومنهم: ابن أخيه إسماعيل بن عبد
الغني. كان من أذكى الناس بأيامه، وكان أشدهم في دين الله وأحفظهم للسنة، يغضب لها
ويندب إليها، ويشنع على البدع وأهلها.... ومن مصنفاته..... .
ص 391
وقال بترجمته من (إتحاف النبلاء المتقين): محمد إسماعيل بن الشيخ عبد الغني
العمري ابن مستند الوقت الشاه ولي الله المحدث الدهلوي - رحمهم الله تعالى - أحد
أئمة الدين والفقهاء المتقنين ونبلاء المحدثين.... ثم ذكر مساعيه في حفظ السنة
وقمع البدعة، وأشار إلى بعض آرائه وأفكاره التي أثارت الخصومات والفتن بينه وبين
بعض علماء عصره، وأثنى على مؤلفاته ودافع عن مواضيعها ومطالبها، وذكر أنه قتل غيلة
برصاص الأعداء في ولاية من ولايات أفغانستان، سنة 1247 تقريبا.
(86) رواية المولوي
حسن علي المحدث تلميذ (الدهلوي)

.... حيث قال في (تفريح الأحباب) عن أنس بن مالك -
رضي الله عنه - قال: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب
خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاءه علي فأكل. رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب
(87) رواية نور الدين السليماني

ورواه نور الدين بن إسماعيل السليماني صاحب كتاب
(الدر اليتيم) بطرق عديدة، قال: عن أنس رضي الله عنه قال: قدمت لرسول الله صلى
الله عليه وسلم طيرا، فسمى وأكل لقمة وقال: اللهم ايتني بأحب خلقك إليك وإلي. فأتى
علي، فضرب الباب، فقلت: من أنت؟ فقال: علي. فقلت: إن رسول الله
ص 392
صلى الله عليه وسلم على حاجة. ثم أكل لقمة فقال مثل الأول. فضرب علي الباب فقلت: من
أنت؟ قال: علي. قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة. ثم أكل لقمة فقال
مثل ذلك. فضرب علي الباب ورفع صوته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس،
إفتح الباب. فدخل، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحمد لله الذي جعلك،
فإني دعوت في كل لقمة أن يأتيني الله بأحب الخلق إليه وإلي. فكنت أنت. قال: فوالذي
بعثك بالحق إني لأضرب الباب ثلاث مرات ويردني أنس. فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: لم رددته؟ قال: كنت أحب معه رجلا من الأنصار. فتبسم رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقال: ما يلام الرجل على حب قومه. أخرجه ابن عساكر والحافظ محب الدين ابن
النجار في تاريخيهما . ثم رواه عن ابن عساكر عن أنس قال: إن أم سلمة أتت... .
وعنه عن القشيري عن أنس... .
(88) رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله
بن حبيب الله السهالي اللكهنوي صاحب (مرآة المؤمنين في مناقب آل سيد المرسلين)
بقوله: قال صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا
الطير، فجاء علي فأكل معه. وفي الخصائص عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان عنده طائر فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك يأكل معي هذا الطائر. فجاء أبو بكر
فرده وجاء عمر فرده، ثم جاء علي فأذن له..... ووقع في رواية الطبري وأبي يعلى
والبزاز بعد قوله: فجاء علي - رضي الله عنه - فرددته. ثم جاء فرددته، فدخل في
الثالثة أو في الرابعة. فقال له النبي
ص 393
صلى الله عليه وسلم: ما حبسك عني - أو ما أبطأ بك عني - يا علي؟ قال: جئت فردني
أنس. ثم جئت فردني أنس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أنس ما حملك على ما
صنعت؟ قال: رجوت أن يكون رجلا من الأنصار. فقال صلى الله عليه وسلم: أوفي الأنصار
خير من علي أو أفضل من علي؟ . ترجمته وكتابه: وقال الندوي الكنهوي بترجمته:
الشيخ الفاضل العلامة.... أحد الأساتذة المشهورين ثم ذكر مصنفاته ومنها هذا
الكتاب وأرخ وفاته بسنة 1270 (1). والمولوي ولي الله ملتزم في هذا الكتاب بنقل
الأحاديث المتواترة والمشتهرة عن الكتب المعتبرة، والأعراض عن الأحاديث المتروكة
عند علماء الحديث... وهذه عبارته: وبعد، فهذه أحاديث مشتملة على مناقب أهل البيت
النبوية والعترة الطاهرة المصطفوية، من الكتب المعتبرة من الصحاح والتواريخ، منبها
على أسامي الكتب، معرضا عن الضعفاء المتروكة عند علماء الحديث، مقتصرا على ما تواتر
من الأحاديث أو اشتهر أو من الحسان. وجعلته وسيلة الوصول إلى جناب الرسول صلى الله
عليه وسلم بوساطة أهل بيته والإنسلاك في سلك محبيهم، المبشرين بالدخول في الجنان
منه صلى الله عليه وسلم. فبه وسيلة النجاة وبه مناط الشفاعة، وسميناه ب (مرآة
المؤمنين في مناقب آل سيد المرسلين)..... . وذكر في آخره أسامي الكتب التي نقل
عنها وقال: وذكرت في مقام الإستنباط نصوص عبارات الكتب المذكورة بألفاظها من غير
تغيير، مكتفيا بترجمتها.
(هامش)
(1) نزهة الخواطر 7 / 527. (*)
ص 394
وأعرضت غالبا عن الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة عند المحدثين، وعلى فرض التعرض لشيء
من ذلك نبهت على تضعيفه بصراحة لئلا يبقى مجال للفرية والبهتان. وبالجملة، فإن هذا
الكتاب منتخب الكتب الصحاح، وليس فيه مجال للريب والإشتباه ابدا. وذلك فضل الله من
الله وبتأييد منه .
(89) رواية القندوزي الحنفي

ورواه الشيخ سليمان القندوزي
الحنفي، عن أحمد والترمذي، عن أنس وعن الموفق بن أحمد المكي، بسنده عن داود بن علي
بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده، قال: كان عند النبي.... وعنه، عن أنس
بطريقين. قال: وقد روى أربعة وعشرون رجلا حديث الطير عن أنس، منهم: سعيد بن
المسيب والسدي، وإسماعيل. ولابن المغازلي حديث الطير من عشرين طريقا (1). كتاب
ينابيع المودة: وقد ذكر القندوزي أن كتاب (ينابيع المودة) مؤلف من أخبار الكتب
المعتبرة قال: ولما كانت مودتهم على طريق التحقيق والبصيرة موقوفة على معرفة
فضائلهم ومناقبهم، وهي موقوفة على مطالعة كتب التفاسير والأحاديث التي هي المعتمد
بين أهل السنة والجماعة، وهي الكتب الصحاح الستة من: البخاري،
(هامش)
(1) ينابيع المودة 1 / 62 - 63. (*)
ص 395
ومسلم، والنسائي، والترمذي، وأبي داود، باتفاق المحدثين والمتأخرين، وأما السادس
فابن ماجة أو الدارمي أو الموطأ، فبالاختلاف. فجمع مناقب أهل البيت كثير من
المحدثين، وألفوها كتبا مفردة، منهم: أحمد بن حنبل، والنسائي - وسمياه المناقب -
ومنهم: أبو نعيم الحافظ الأصفهاني وسماه نزول القرآن في مناقب أهل البيت. ومنهم:
الشيخ محمد ابن إبراهيم الجويني الشافعي الخراساني وسماه: فرائد السمطين في فضائل
المرتضى والزهراء والسبطين. ومنهم: علي بن عمر الدارقطني سماه مسند فاطمة، ومنهم:
أبو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خطباء خوارزم الحنفي سماه فضائل أهل البيت. ومنهم:
علي بن محمد الخطيب الفقيه الشافعي المعروف بابن المغازلي سماه المناقب. رحمهم
الله. وهؤلاء أخذوا الأحاديث عن مشايخهم...... ومنهم من جمع فضائل أهل البيت في
كتاب مفرد وسماه المناقب.... ومنهم من جمعها وكتب فيها كتابا مفردا، آخذا عن كتب
المفسرين والمحدثين المتقدمين، كصاحب جواهر العقدين، وهو الشريف العلامة السمهودي
المصري رفع الله درجاته ووهب لنا بركاته، وصاحب ذخائر العقبى، وصاحب مودة القربى
وهو جامع الأنساب الثلاثة مير سيد علي بن شهاب الهمداني قدس الله سره، ووهب لنا
بركاته وفتوحه. ومنهم من ذكر فضائلهم في كتبهم من غير إفراد كتاب لها، كصاحب
الصواعق المحرقة، وهو المحدث الفقيه المفاضل الشيخ ابن حجر الهيثمي الشافعي الثقة،
والمعتمد بين علماء الشافعية، وصاحب كتاب الإصابة وهو الشيخ الحافظ ابن حجر
العسقلاني رحمهما الله، وصاحب كتاب جمع الفوائد الذي جمع فيه من الكتابين الكبيرين،
أحدهما جامع الأصول الذي جمع فيه ما في الصحاح الستة للشيخ الحافظ مجد الدين أبي
السعادات المبارك بن محمد الأثير الجزري الموصلي. وثانيهما كتاب مجمع الزوائد
للحافظ نور
ص 396
الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، جمع فيه ما في مسند الإمام أحمد
بن حنبل، وأبي يعلى الموصلي، وأبي بكر البزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة. وصاحب كنوز
الدقائق وهو الشيخ عبد الرؤف المناوي المصري. وصاحب الجامع الصغير وهو الشيخ جلال
الدين السيوطي المصري. ومنهم من جمع الأحاديث الواردة في قيام القائم المهدي عليه
الصلاة والسلام، كعلي القاري الخراساني الهروي، وغيره. فالمؤلف - الفقير إلى الله
المنان سليمان بن إبراهيم المعروف بخواجة كلان ابن محمد معروف المشتهر ببابا خواجة
ابن إبراهيم بن محمد معروف ابن الشيخ السيد ترسون الباقي الحسيني البخلي القندوزي.
غفر الله لي ولهم ولآبائهم وأمهاتهم ولمن ولدوا بلطفه ومنه - ألف هذا الكتاب آخذا
من هؤلاء الكتب المذكورين.... .
(90) رواية شاه ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي
الله والد (الدهلوي) في غير كتاب من كتبه. * في كتابه (إزالة الخفا عن خلافة
الخلفاء) وعده في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: عن أنس بن مالك رضي
الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم لرسول الله صلى الله
عليه وسلم فرخ مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، قال
فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي رضي الله عنه فقلت: إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم على حاجة، ثم جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إفتح، فدخل،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك
ص 397
على ما صنعت؟ فقلت: يا رسول الله سمعت دعائك فأحببت أن يكون رجلا [رجل] من قومي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل قد يحب قومه. قال الترمذي: غريب. وجاء
الحاكم بأسانيد خرج بها عن الغرابة المحضة . كتاب (إزالة الخفاء): وهذا الكتاب من
الكتب المعتمدة والأسفار المعتبرة، مدحه وأثنى عليه (الدهلوي) في بحوثه وأرجع إليه
واعتمد عليه في كتبه..... كما لا يخفى على من لاحظ (التحفة) في موارد من الباب
السابع وغيره. * وفي كتابه (قرة العينين) وعده كذلك في فضائل أمير المؤمنين عليه
السلام حيث قال فيه: وقدم لرسول الله صلى عليه وسلم فرخ مشوي فقال: اللهم ائتني
بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء علي، فأكلا منه . وقال فيه أيضا ناقلا
عبارة المحقق الطوسي في التجريد قوله: خبر الطير عن أنس قال: كان عند النبي صلى
الله عليه وسلم طير، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاءه
علي فأكل معه. أخرجه الترمذي وعلق عليه قائلا: وليعلم أنه قد ورد في حق الشيخين
أيضا مثل هذه الفضائل . * وفي (رسالة عقائده) التي ألفها ولده (الدهلوي) اعترف
بروايته لحديث الطير في مؤلفاته ضمن فضائل أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام. قال
(الدهلوي) في الرسالة المذكورة على ما في كتاب (ذخيرة العقبى): ومناقب حضرة أمير
المؤمنين خاصة حديث غدير خم و أنت مني وأنا منك و من فارقك يا علي فقد
فارقني وحديث: أئتني بأحب خلقك إليك و أنا مدينة العلم وعلي بابها وحديث:
هذا أمير البررة وقاتل الفجرة وغيرها من
ص 398
الأحاديث التي لا تحصى مثبتة في تصانيفه. وحديث رد الشمس لحضرة المرتضى الذي
اختلف المحدثون منذ القديم في صحته، رواه بطريق عن الشيخ أبي طاهر المدني إلى أبي
القاسم الطبراني، وأورد شواهده عن الطحاوي وغيره من أجلة المحدثين، وحكم بصحته، كما
روى عدة وقائع من كرامات حضرة المرتضى بطرق صحيحة . فهذا ولي الله والد (الدهلوي)
قد روى وأثبت الحديث في كتاب وفي آخر نسبه تارة بالجزم إلى سيد الثقلين، وعده من
فضائل وصيه المنورة للقلب والعين، وأخرى ساق لفظه نقلا عن الترمذي وسلم بكونه من
فضائل أبي الحسنين، كما اعترف ولده في مؤلفه في عقائد أبيه بإثباته في تصانيفه....
فكيف ساغ له أن يعاند والده ويرده فيرتكب العقوق، ويضيع قاطبة الذمم والحقوق؟
(91)
رواية (الدهلوي)

ولو أن (الدهلوي) استمر في العناد والمكابرة، وأعرض عن إفادات هذا
الجمع الكثير والجم الغفير من الأئمة النحارير والأساطين المشاهير من أبناء قومه،
لا سيما والده الذي طالما يتباهى به وصرح بكونه آية من الآيات الإلهية ومعجزة من
المعاجز النبوية.... فإنا نبطل خرافات ونكشف عن تعنتاته بكلام نفسه، وبتصريح له
بكثرة طرق حديث الطير واعترافه بأن له أصلا... فلقد قال (الدهلوي) في كتابه (بستان
المحدثين) بترجمة الحاكم النيسابوري: وقد خطأ العلماء الأعلام الحاكم في حكمه
بصحة كثير من أحاديث المستدرك وجعله إياها بمثابة أحاديث الصحيحين وأنكروا عليه ذلك
عليه ذلك، ومن ذلك حديث الطير المشهور كونه من مناقب علي المرتضى، ومن هنا قال
الذهبي: لا يحل لأحد أن يغتر بتصحيح الحاكم ما لم يلحظ تعقباتي له. وقال أيضا:
ص 399
كثير من أحاديث المستدرك ليس على شرط الصحة بل فيه أحاديث موضوعة عاب بها المستدرك.
أما حديث الطير فله طرق كثيرة جمعها الذهبي في رسالة مفردة يعلم من مجموع تلك الطرق
أن للحديث أصلا في الجملة . وجوه دلالة كلام (الدهلوي) على المطلوب: وفي هذا
الكلام دلالة على مطلوب أهل الحق من وجوه: (الأول): اعترافه بكثرة طرق حديث الطير،
وفي ذلك كفاية لإثبات الحديث وإحقاقه، وإكفاء الباطل وإهراقه، وإرغام أنف المبطل
وإزهاقه. (الثاني): أن الذهبي أفردها بالتأليف لكثرتها. وقد علمت فيما سبق أن جمع
الأجزاء المخصوصة في الخبر يفيد كمال ثبوته عند أهل الخيرة والبصر، ويؤذن بأقصى
تحققه لمن نقد وسبر. (الثالث): إن مجموع ذلك يفيد عند (الدهلوي) أن للحديث أصلا.
وهذا واف بالمطلوب ومنور للصدور والقلوب.... فالجارح لهذا الحديث مطعون مقصوب،
والقادح له مقدوح مجروح مثلوب. فكيف جاز (للدهلوي) أن يدعي - في قبال أهل الحق -
بأنه حديث موضوع مكذوب، وأن أكثر المحدثين يحكمون بكونه موضوعا؟! ومن الطريف قول
(الدهلوي) في باب المكائد طاعنا على الشيعة: وأعجب العجائب أن كبار علمائهم يروون
في كتبهم روايات غسل اليدين، ولا يأتون بجواب لهم عن تلك الروايات، ولا يذكرون عذرا
لرواتها!! إن خير عذر يقال من قبلهم هو أن: لا ذاكرة لكذوب، والنسيان عذر شرعي
بالإجماع!! . فمن أعجب العجائب وأغرب الغرائب وأفظع الشنائع وأشنع الفظائع أن يحكم
بوضع حديث الطير في (التحفة) وينقل قدح الذهبي له. وفي (بستان المحدثين) ينص على
كثرة طرقه وتصنيف الذهبي جزء في جمعها لكثرتها،
ص 400
ويحكم بأن للحديث أصلا، وهو في غفلة عما لو تمسك الإمامية بكلماته هذه لوقع في حيص
بيص! كن خير عذر وجواب أن يقال بأن لا ذاكرة لكذوب، والنسيان عذر شرعي بالإجماع!!
لكن هل يرضى أولياء (الدهلوي) بهذا العذر؟ فتوى للدهلوي حول حديث الطير: وفي مجموعة
فتاوى (الدهلوي) الموجودة عند المولوي عبد الحي ابن المولوي عبد الحليم السهالي
اللكهنوي أنه سئل: قد أخرج النسائي حديث الطير في رسالته، وفيه: جاء أبو بكر
فرده. إلى آخر ما قال. وبين الناس حول هذا اللفظ كلام . فأجاب: إن مدار حديث
الطير بجميع طرقه ووجوهه على شخص أنس بن مالك فقط، وهو غير مخرج في الصحاح إلا عند
الترمذي، ولفظه عنده مجمل ومختصر في الغاية كما هو معلوم. وأخرجه الإمام أحمد في
المناقب عن سفينة أيضا، لكن يظهر منه أنه سمع القصة من أنس بن مالك، وعلى كل حال
ففي رواية النجار عن أنس أنه رد عليا مرتين وعذره أن النبي على حاجة وليس الآن وقت
الدخول عليه، وكان أنس بقصد أن تكون هذه المزية لرجل من الأنصار كما قال عندما سئل
عن السبب فيما صنع، ولما علا صوت علي في الثالثة ودق الباب سمع النبي صلى الله عليه
وسلم صوته وأمر نفسه بدخوله. وقد روى النسائي هذه القصة في رسالته عن السدي، عن أنس
وفيه: فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عمر فرده ثم جاء علي فأذن له. والسدي له أوهام .
أقول: لم يجد (الدهلوي) بدا من الإعتراف بوجود هذا الحديث وثبوته، ولا سيما باللفظ
الذي أخرجه النسائي، وقد أخفق في الجواب ودفع الاشكال كما سترى.
ص 401
إعترافات (الدهلوي) في فتواه: وعلى كل حال ففي جوابه اعترافات نذكرها ونعلق عليها:
(الأول) و(الثاني) قوله: إن هذا الحديث بجميع طرقه ووجوهه مداره على أنس. وفي هذه
العبارة اعتراف بأمرين: أحدهما أن للحديث طرقا ووجوها عديدة. والآخر: أن مدارها على
أنس.... فكيف يسعى في (التحفة) وراء إبطال هذا الحديث وإنكاره ويحكم بوضعه؟ لكن
دعوى أن مدار جميع الطرق والوجوه على أنس فقط كذب كما عرفت من غضون الكتاب!!
(الثالث) قوله: أنه غير مخرج في الصحاح إلا الترمذي. تصريح صريح وإقرار صحيح بوجود
حديث الطير في صحيح الترمذي وأنه أحد الصحاح.... فهل يجوز له تكذيب هذا الحديث
المخرج في صحيح الترمذي لا سيما بالنظر إلى ما ذكره هو في حق الترمذي وصحيحه في
كتاب (بستان المحدثين) من المدح والثناء والإطراء؟ ثم إن كان مراده من الصحاح
خصوص الستة، فهذا مردود بأن حديث الطير موجود في الخصائص للنسائي، وهو جزء من سننه
الذي هو من الصحاح الستة. وإن أراد الأعم منها وغيرها، فهو باطل لإخراج الحاكم حديث
الطير في صحيحه المستدرك على الصحيحين وحكمه بصحة طرقه ووجوهه العديدة كما سبق.
(الرابع) قوله: وهو مجمل ومختصر ، اعتراف بثبوت حديث الطير وإبطال لإبطاله، لكن
دعوى أن لفظ الترمذي مجمل ومختصر في الغاية باطلة في الغاية، لأن مورد
الإستدلال والإحتجاج قوله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك
وانطباق ذلك على أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا موجود في رواية الترمذي. وهذه
ألفاظ الخبر المذكور فيه: كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم
ائتني بأحب
ص 402
خلقك إليك يأكل معي هذا الطير. فجاء علي. فأكل معه . (الخامس) قوله: كما هو
معلوم اعتراف باشتهار وجود هذا الحديث في صحيح الترمذي، بحيث لا يخفى على أحد.
(السادس): إعترافه بإخراج أحمد حديث الطير، دليل آخر على بطلان إنكاره وإبطاله
إياه. (السابع): دعوى ظهور خبر أحمد في أن سفينة سمع القصة من أنس كذب واضح. وإليك
لفظ الخبر عن سبط ابن الجوزي والمحب الطبري. قال سبط ابن الجوزي في (تذكرة خواص
الأمة): حديث الطائر. وقد أخرجه أحمد في الفضائل، والترمذي في السنن، فأما أحمد
فأسنده إلى سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - واسمه مهران - قال: أهدت
امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا بين رغيفين، فقدمته إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفي رواية: طيرين بين رغيفين - فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك، فإذا بالباب يفتح، فدخل علي فأكل معه
. وقال المحب الطبري في (الرياض النضرة): وعن سفينة: قال: أهدت امرأة من الأنصار
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرين بين رغيفين - فقدمت إليه الطيرين فقال:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك - ثم ذكر معنى حديث النجار وقال في آخره -:
فأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي من الطيرين حتى فينا. خرجه أحمد في
المناقب . بل لفظ الخبر عن عبد الله بن أحمد في (زوائد المسند)، عن سفينة يدل
بوضوح على حضور سفينة بنفسه قصة الطائر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم.... كما
هو ظاهر قدمت أو قدمته في رواية أحمد في المناقب. وأيضا، خبر سفينة في
رواية البغوي في (المعجم) يفيد بوضوح حضور