ص 403
وكيع، ثنا سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله - رجل من
أصحاب حذيفة - عن حذيفة (1). وفي سند هذا الحديث 1 - سالم بن العلاء المرادي
وعليه مداره. قال ابن حزم بعد أن روى الحديث كما تقدم: سالم ضعيف . وفي: ميزان
الاعتدال : ضعفه ابن معين والنسائي (2). وفي الكاشف : ضعف (3). وفي
تهذيب التهذيب : قال الدوري عن ابن معين: ضعيف الحديث (4). وفي لسان الميزان
: ذكره العقيلي... وضعفه ابن الجارود (5). 2 - عمرو بن هرم وقد ضعفه
القطان (6). 3 - وكيع بن الجراح وهو مقدوح (7). ثم إن في سند الحديث عن حذيفة
في أكثر طرقه مولى ربعي بن حراش وهو مجهول كما نص عليه ابن حزم. وقد سمي هذا
المولى في بعض الطرق ب هلال وهو أيضا مجهول، قال ابن حزم:
(هامش)
(1) الإحكام في أصول الأحكام 2 / 242. (2) ميزان الاعتدال 2 / 112. (3) الكاشف 1 /
344. (4) تهذيب التهذيب 3 / 440. (5) لسان الميزان 3 / 7. (6) ميزان الاعتدال 3 /
291. (7) ميزان الاعتدال 4 / 312. (*)
ص 404
وقد سمى بعضهم المولى فقال: هلال مولى ربعي، وهو مجهول لا يعرف من هو أصلا (1).
حديث ابن مسعود رواه الترمذي حيث قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن
كهيل، حدثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي: أبي
بكر وعمر. واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود (2). والحاكم حيث قال - بعد
أن أخرج الحديث عن حذيفة -: وقد وجدنا له شاهدا بإسناد صحيح عن عبد الله بن
مسعود: حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا إبراهيم بن
إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا
باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود (3).
نقد السند 1 - لقد صرح الترمذي بغرابته وقال: لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن
(هامش)
(1) الإحكام في أصول الأحكام 2 / 243. (2) صحيح الترمذي 5 / 672. (3) مستدرك الحاكم
3 / 75. (*)
ص 405
سلمة بن كهيل ثم ضعف الرجل، وهذا نص كلامه: هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث
ابن مسعود، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعف في
الحديث (1). 2 - في هذا الإسناد: يحيى بن سلمة بن كهيل وهو رجل ضعيف، متروك،
منكر الحديث، ليس بشيء: قال الترمذي: يضعف في الحديث . وقال المقدسي: ضعفه ابن
معين، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ; وقال البخاري: في حديثه مناكير ; وقال النسائي:
ليس بثقة ; وقال الترمذي: ضعيف (2). وقال الذهبي: ضعيف (3). وقال ابن حجر:
ذكره ابن حبان أيضا في الضعفاء فقال: منكر الحديث جدا، لا يحتج به، وقال النسائي في
الكنى: متروك الحديث ; وقال ابن نمير: ليس ممن يكتب حديثه ; وقال الدارقطني: متروك،
وقال مرة: ضعيف ; وقال العجلي: ضعيف... (4). 3 - وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة
وهو رجل ضعيف متروك: قال الدارقطني والأزدي وغيرهما: متروك (5). 4 - وفيه:
إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى وهو لين، متروك، ضعيف، مدلس: قال الذهبي: لينه أبو
زرعة، وتركه أبو حاتم (6) .
(هامش)
(1) صحيح الترمذي 5 / 672. (2) الكمال في أسماء الرجال - مخطوط -. (3) الكاشف 3 /
251. (4) تهذيب التهذيب 11 / 225. (5) ميزان الاعتدال 1 / 254، المغني في الضعفاء 1
/ 89، تهذيب التهذيب 1 / 366. (6) ميزان الاعتدال 1 / 20، المغني 1 / 10. (*)
ص 406
وقال ابن حجر: قال ابن أبي حاتم: كتب أبي حديثه ولم يأته ولم يذهب بي إليه ولم
يسمع منه زهادة فيه، وسألت أبا زرعة عنه فقال: يذكر عنه أنه كان يحدث بأحاديث عن
أبيه ثم ترك أباه، فجعلها عن عمه لأن عمه أجلى عند الناس. وقال العقيلي: عن مطين:
كان ابن نمير لا يرضاه ويضعفه وقال: روى أحاديث مناكير. قال العقيلي: ولم يكن
إبراهيم هذا بقيم الحديث... (1). ولهذا ذكر الحافظ العقيلي يحيى بن سلمة بن
كهيل في كتابه الضعفاء الكبير وأورد كلمات عدة من الأعلام في قدحه كالبخاري
ويحيى بن معين والنسائي، ثم روى الحديث عنه بنفس السند الذي في صحيح الترمذي
وهذا نص عبارته: ثنا علي بن أحمد بن بسطام، ثنا سهل بن عثمان، ثنا يحيى بن زكريا،
ثنا ابن أبي زائدة، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن عبد
الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا... (2). وقال الحافظ
الذهبي مشيرا إلى الحديث الذي حكم الحاكم بصحته: قلت: سنده واه (3). وقال
الحافظ السيوطي: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي
عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود، ت غريب ضعيف. طب. ك وتعقب. عن ابن مسعود (4).
فالعجب من تصحيح الحاكم لهذا الحديث واستشهاده به، وكذا
(هامش)
(1) تهذيب التهذيب 1 / 106. (2) كتاب الضعفاء الكبير 7 / 2654. (3) تلخيص المستدرك
3 / 76. (4) الجامع الكبير 1 / 133. (*)
ص 407
المناوي (1). والأعجب قوله: الترمذي - وحسنه - عن ابن مسعود (2). ولقائل أن
يقول: فما فائدة إخراج الترمذي إياه مع التنصيص على ضعفه في كتابه الموصوف بالصحة؟!
قلت: لعله إنما أخرجه ونص عليه بما ذكر لئلا يغتر به أحد ويتوهم صحته... بالرغم من
اشتمال كتابه - لا سيما في باب المناقب - على موضوعات كما نص عليه الحافظ الذهبي
بترجمته من سير أعلام النبلاء . حديث أبي الدرداء رواه ابن حجر المكي عن
الطبراني حيث قال: الحديث الثاني والسبعون: أخرج الطبراني عن أبي الدرداء: اقتدوا
باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، فإنهما حبل الله الممدود، من تمسك بهما فقد تمسك
بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها (3). نقد السند: 1 - لقد روى الحافظ الهيثمي
هذا الحديث عن الطبراني وقال: فيه من لم أعرفهم وهذا نص كلامه: وعن أبي
الدرداء: قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي
أبي بكر وعمر، فإنهما حبل الله الممدود، ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى
التي لا انفصام لها.
(هامش)
(1) فيض القدير 1 / 56. (2) فيض القدير 1 / 57. (3) الصواعق: 46. (*)
ص 408
رواه الطبراني: وفيه من لم أعرفهم (1). 2 - إن معاجم الطبراني ليست من الكتب التي
وصفت بالصحة، ولا من الكتب التي التزم فيها بالصحة. وعلى هذا... لا يجوز التمسك
بالحديث بمجرد كونه في أحد المعاجم الثلاثة للطبراني. 3 - لقد جاء في الصحيح في
مسند أبي الدرداء ما نصه: قالت أم الدرداء: دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب: فقلت:
ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف من أمر محمد صلى الله عليه [وآله] وسلم شيئا إلا
أنهم يصلون جميعا . ولو كان أبو الدرداء قد سمع قوله صلى الله عليه [وآله] وسلم:
اقتدوا... لما قال هذا ألبتة!! حديث أنس بن مالك قال جلال الدين السيوطي:
اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد
ابن مسعود. الترمذي عن ابن مسعود، الروياني عن حذيفة، ابن عدي في الكامل عن أنس
(2). نقد السند: فأما حديث ابن مسعود: فإن الترمذي ضعفه بعد أن رواه كما تقدم.
(هامش)
(1) مجمع الزوائد 9 / 53. (2) الجامع الصغير بشرح المناوي 1 / 56. (*)
ص 409
وأما حديث حذيفة فقد ثبت ضعف جميع طرقه... كما تقدم أيضا. وأما حديث أنس، فقد جاء
في الكامل لابن عدي ما نصه: حماد بن دليل. قاضي المدائن. يكنى أبا زيد. حدثنا
علي بن الحسين بن سليمان، ثنا أحمد ابن محمد بن المعلى الآدمي، ثنا مسلم بن صالح
أبو رجاء، ثنا حماد بن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم، قال: دخلت أنا وجابر
بن زيد على أنس ابن مالك فقال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا
باللذين من بعدي أبو بكر (1) وعمر، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد، واهتدوا بهدي عمار.
ثنا محمد بن عبد الحميد الفرغاني، ثنا صالح بن حكيم البصري، ثنا أبو رجاء مسلم بن
صالح، ثنا أبو زيد قاضي المدائن حماد بن دليل، عن عمر بن نافع. فذكر بإسناده نحوه.
ثنا محمد بن سعيد الحراني، ثنا جعفر بن محمد بن الصباح، ثنا مسلم بن صالح البصري.
فذكر بإسناده نحوه. ثنا علي بن الحسن بن سليمان، ثنا أحمد بن محمد المعلى الآدمي،
ثنا مسلم ابن صالح، ثنا حماد بن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم، عن ربعي، عن
حذيفة، عن النبي صلى الله عليه [وآله] نحوه. قال ابن عدي: وحماد بن دليل هذا قليل
الرواية: وهذا الحديث قد روى له حماد بن دليل إسنادين. ولا يروي هذين الإسنادين غير
حماد بن دليل . إنتهى بطوله (2). نقد السند: في جميع هذه الأسانيد: مسلم بن صالح،
عن حماد بن دليل، عن عمر
(هامش)
(1) كذا. (2) الكامل 2 / 666. (*)
ص 410
ابن نافع، عن عمرو بن هرم. أما عمرو بن هرم فقد عرفت أنه مقدوح مطعون فيه. وأما
عمر بن نافع فعن يحيى بن معين: حديثه ليس بشيء (1)، وعن ابن سعد: لا يحتج
بحديثه (2). وأما حماد بن دليل فقد أورده ابن عدي في (الكامل في الضعفاء)
والذهبي في (المغني في الضعفاء) (3) وفي (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) وأضاف:
ضعفه أبو الفتح الأزدي وغيره (4) وابن الجوزي في (الضعفاء) (5). وأما مسلم بن
صالح فلم أعرفه حتى الآن. حديث عبد الله بن عمر رواه الذهبي حيث قال: أحمد بن
صليح، عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بحديث اقتدوا باللذين من
بعدي ثم قال: وهذا غلط من أحمد لا يعتمد عليه (6). ورواه مرة أخرى، قال:
محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن عاصم
(هامش)
(1) الكامل 5 / 1703. (2) تهذيب التهذيب 7 / 499. (3) المغني في الضعفاء 1 / 189.
(4) ميزان الاعتدال 1 / 590. (5) انظر: هامش تهذيب الكمال 7 / 236. (6) ميزان
الاعتدال 1 / 105. (*)
ص 411
ابن عمر بن الخطاب العدوي العمري، ذكره العقيلي وقال: لا يصح حديثه ولا يعرف بنقل
الحديث: نبأه أحمد بن الخليل، حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، حدثني محمد بن عبد
الله بن عمر بن القاسم، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: اقتدوا باللذين
من بعدي. فهذا لا أصل له من رواية مالك... وقال الدارقطني: العمري هذا يحدث عن مالك
بأباطيل، وقال ابن مندة: له مناكير (1). ورواه ابن حجر وقال: قال العقيلي بعد
تخريجه: هذا حديث منكر لا أصل له. وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد بن الخليل البصري
بسنده وساق نسبه كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا ضعيف... (2). كما أورد الذهبي
وابن حجر هذا الحديث بترجمة أحمد بن محمد بن غالب الباهلي فبعد نقل كلماتهم في
ذمه وجرحه، قالا: ومن مصائبه: قال: حدثنا محمد بن عبد الله العمري، ثنا مالك، عن
نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين
من بعدي أبي بكر وعمر . ثم قالا:
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 3 / 610. (2) لسان الميزان 5 / 237. (*)
ص 412
فهذا ملصق بمالك، وقال أبو بكر النقاش: وهو واه... (1) . نقد السند: لقد علم من
كلمات الذهبي وابن حجر وغيرهما: أن حديث عبد الله بن عمر هذا باطل بجميع طرقه...
وبذلك نكتفي عن إيراد نصوص كلمات سائر علماء الرجال في رجاله روما للاختصار. فالعجب
من الحافظ ابن عساكر (2) وأمثاله الذين ملأوا كتبهم وسودوا صحائفهم بهذه المناكير
وأشباهها!! حديث جدة عبد الله بن أبي الهذيل رواه ابن حزم حيث قال: ... كما حدثنا
أحمد بن محمد بن الجسور، ثنا أحمد بن الفضل الدينوري، ثنا محمد بن جرير، ثنا عبد
الرحمن بن الأسود الطفاوي، ثنا محمد بن كثير الملآئي، ثنا المفضل الضبي، عن ضرارة
بن مرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن جدته، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم:
اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد
. نقد السند: ونقتصر - في الكلام على الحديث بهذا السند - على ما ذكره الحافظ ابن
حزم نفسه قبل ذلك، وهذا نصه:
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 1 / 142، لسان الميزان 1 / 273. (2) تاريخ دمشق 9 / 645. (*)
ص 413
وأما الرواية: اقتدوا... فحديث لا يصح، لأنه مروي عن مولى لربعي مجهول، وعن
المفضل الضبي وليس بحجة، كما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور... .
ص 414
(2) كلمات الأئمة وكبار العلماء حول سند حديث الاقتداء

قد عرفت سقوط أسانيد هذا
الحديث فيما عرف بالصحيح من الكتب فضلا عن غيره... وفي هذا الفصل نذكر نصوص عبارات
أئمتهم في الطعن فيه إما على الإطلاق بكلمة: موضوع و باطل و لم يصح و
منكر وإما على بعض الوجوه التي وقفنا على كلماتهم فيها... فنقول: (1) أبو حاتم
الرازي لقد طعن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي في هذا الحديث... فقد ذكر
العلامة المناوي بشرحه: ... وأعله أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصح، لأن
عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد... (1).
ترجمته: وأبو حاتم الرازي، المتوفى سنة 277 ه، يعد من أكابر الأئمة الحفاظ المجمع
على ثقتهم وجلالتهم، بل جعلوه من أقران البخاري ومسلم...
(هامش)
(1) فيض القدير - شرح الجامع الصغير 2 / 56. (*)
ص 415
قال السمعاني: إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث... كان من مشاهير
العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة... وكان أول من كتب الحديث...
(1). وقال ابن الأثير: هو من أقران البخاري ومسلم (2). وقال الذهبي: أبو حاتم
الرازي الإمام الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أحد الأعلام...
(3). وقال أيضا: الإمام الحافظ الناقد، شيخ المحدثين... وهو من نظراء البخاري...
(4). وله ترجمة في: تاريخ بغداد 2 / 73، تهذيب التهذيب 9 / 31، البداية والنهاية
11 / 59، الوافي بالوفيات 2 / 183، طبقات الحفاظ: 255. (2) أبو عيسى الترمذي وكذا
طعن فيه أبو عيسى الترمذي صاحب الجامع الصحيح فإنه قال ما نصه: حدثنا إبراهيم
بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، ثني أبي، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي
الزعراء، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا
باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر،
(هامش)
(1) الأنساب - الحنظلي 4 / 251 - 252. (2) الكامل في التاريخ 6 / 67. (3) تذكرة
الحفاظ 2 / 567. (4) سير أعلام النبلاء 13 / 247. (*)
ص 416
واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود. هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث
ابن مسعود، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل. ويحيى بن سلمة يضعف في
الحديث. وأبو الزعراء اسمه عبد الله بن هاني، وأبو الزعراء الذي روى عنه شعبة
والثوري وابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو، وهو ابن أخي أبي الأحوص صاحب ابن مسعود
(1). ترجمته: والترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى، المتوفى سنة 279 ه، صاحب أحمد
الصحاح الستة... غني عن الترجمة والتعريف، إذ لا كلام بينهم في جلالته وعظمته
واعتبار كتابه، وهذه أسماء بعض مواضع ترجمته: وفيات الأعيان 4 / 278، تذكرة الحفاظ
2 / 633، سير أعلام النبلاء 13 / 270، تهذيب التهذيب 9 / 387، البداية والنهاية 11
/ 66، الوافي بالوفيات 4 / 294، طبقات الحفاظ: 278. (3) أبو بكر البزار وأبطله
الحافظ الشهير أبو بكر أحمد بن عبد الخالق البزار صاحب المسند المتوفى سنة 292
ه، كما عرفت من كلام العلامة المناوي الآنف الذكر. ترجمته: قال الذهبي: الحافظ
العلامة أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق
(هامش)
(1) صحيح الترمذي 5 / 672. (*)
ص 417
البصري، صاحب المسند الكبير والمعلل... (1). ووصفه الذهبي أيضا ب الشيخ الإمام
الحافظ الكبير... (2). وهكذا وصف واثني عليه في المصادر التاريخية والرجالية...
فراجع: تاريخ بغداد 4 / 334، النجوم الزاهرة 3 / 157، المنتظم 6 / 50، تذكرة الحفاظ
2 / 653، الوافي بالوفيات 7 / 268، طبقات الحفاظ: 285، تاريخ أصفهان 1 / 104، شذرات
الذهب 2 / 209. (4) أبو جعفر العقيلي وقال الحافظ الكبير أبو جعفر العقيلي، المتوفى
سنة 322 ه، في كتابه في الضعفاء: محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم العمري عن
مالك. ولا يصح حديثه ولا يعرف بنقل الحديث حدثناه أحمد بن الخليل الخريبي، حدثنا
إبراهيم ابن محمد بن الحلبي، حدثني محمد بن عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله
بن عبيد الله بن إبراهيم بن عمر بن الخطاب، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا بالأميرين من بعدي أبي بكر
وعمر. حديث منكر لا أصل له من حديث مالك (3). وقد أورد الحافظان الذهبي وابن حجر
طعن العقيلي هذا واعتمد عليه كما ستعرف. وأيضا: ترجم العقيلي يحيى بن سلمة بن
كهيل في الضعفاء وأورد
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 2 / 228. (2) سير أعلام النبلاء 13 / 554. (3) الضعفاء الكبير 4 /
95. (*)
ص 418
الحديث عنه عن ابن مسعود بنفس السند الذي في صحيح الترمذي وقد تقدم نص عبارته
في الفصل الأول. ترجمته: وقد أثنى على العقيلي كل من ترجم له... قال الذهبي:
الحافظ الإمام أبو جعفر... قال مسلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر، عظيم
الخطر، ما رأيت مثله... وقال الحافظ أبو الحسن ابن سهل القطان: أبو جعفر ثقة جليل
القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ، توفي سنة 322 (1). وانظر: سير أعلام النبلاء
15 / 236، الوافي بالوفيات 4 / 291، طبقات الحفاظ: 346، وغيرها. (5) أبو بكر النقاش
وطعن فيه الحافظ الكبير أبو بكر النقاش - المتوفى سنة 354 ه - فقد قال الحافظ
الذهبي بعد أن رواه بترجمة أحمد بن محمد بن غالب الباهلي: وقال أبو بكر النقاش:
وهو واه (2). ترجمته: ترجم له الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ووصفه ب
العلامة المفسر شيخ القراء (3). وهكذا ترجم له ووصفه بجلائل الأوصاف غيره من
الأعلام
(هامش)
(1) تذكرة الحفاظ 3 / 833. (2) ميزان الاعتدال 1 / 142. (3) سير أعلام النبلاء 15 /
573. (*)
ص 419
... فراجع: تذكرة الحفاظ 3 / 908، تاريخ بغداد 2 / 201، المنتظم 7 / 14، وفيات
الأعيان 4 / 298، الوافي بالوفيات 2 / 345، مرآة الجنان 2 / 247، طبقات الحفاظ:
371. (6) ابن عدي وأورده الحافظ أبو أحمد ابن عدي، المتوفى سنة 365 ه، عن أنس بن
مالك بترجمة حماد بن دليل في الضعفاء وعنه السيوطي في الجامع الصغير، ونص هناك
على أن هذا الحديث قد روى له حماد بن دليل إسنادين، ولا يروي هذين الإسنادين غير
حماد بن دليل. وقد تقدم ذكر عبارته كاملة، حيث عرفت ما في الإسنادين المذكورين عند
ابن عدي وغيره من الأئمة في الفصل الأول. ترجمته: والحافظ ابن عدي من أعاظم أئمة
الجرح والتعديل لدى القوم... قال السمعاني بترجمته: كان حافظ عصره، رحل إلى
الاسكندرية وسمرقند، ودخل البلاد وأدرك الشيوخ. كان حافظ متقنا لم يكن في زمانه
مثله. قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني أن يصنف كتابا في ضعفاء المحدثين،
قال: أليس عندك كتاب ابن عدي؟ فقلت: نعم، فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه (1).
(هامش)
(1) الأنساب - الجرجاني 3 / 221 - 222. (*)
ص 420
وانظر: تذكرة الحفاظ 3 / 161، شذرات الذهب 3 / 51، مرآة الجنان 2 / 381، وغيرها.
(7) أبو الحسن الدارقطني وقال الحافظ الشهير أبو الحسن الدارقطني - المتوفى سنة 385
ه - بعد أن أخرج الحديث بسنده عن العمري: لا يثبت، والعمري هذا ضعيف (1).
ترجمته: وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدارقطني... قال الذهبي:
الدارقطني - أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور، صاحب
التصانيف... ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماما في
القراء والنحاة، صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان
فريد عصره، وفزيع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته... وقال القاضي أبو الطيب الطبري:
الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث!! (2). وقال ابن كثير: .... الحافظ الكبير،
أستاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا... كان فريد عصره ونسيج وحده
وإمام دهره... وله كتابه المشهور... وقال ابن الجوزي: قد اجتمع له معرفة الحديث
والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر، مع الإمامة والعدالة وصحة العقيدة (3).
(هامش)
(1) انظر: لسان الميزان 5 / 237. (2) العبر 3 / 28. (3) البداية والنهاية 11 / 317.
(*)
ص 421
وراجع: وفيات الأعيان 2 / 459، تاريخ بغداد 12 / 34، النجوم الزاهرة 4 / 172، طبقات
الشافعية 3 / 462، طبقات القراء 1 / 558، وغيرها. (8) ابن حزم الأندلسي وقد نص
الحافظ ابن حزم الأندلسي، المتوفى سنة 475، ه، على بطلان هذا الحديث وعدم جواز
الاحتجاج به... فإنه قال في رأي الشيخين ما نصه: أما الرواية: اقتدوا باللذين من
بعدي. فحديث لا يصح. لأنه مروي عن مولى لربعي مجهول، وعن المفضل الضبي وليس بحجة.
كما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، نا محمد بن كثير الملائي، نا المفضل الضبي، عن
ضرار بن مرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل العنزي، عن جدته، عن النبي صلى الله عليه
[وآله] وسلم، قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار،
وتمسكوا بعهد ابن أم عبد. وكما حدثناه أحمد بن قاسم، قال: نا أبي قاسم بن محمد بن
قاسم بن أصبغ، قال: حدثني قاسم بن أصبغ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا محمد ابن
كثير، أنا سفيان الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي، عن ربعي، عن
حذيفة... وأخذناه أيضا عن بعض أصحابنا، عن القاضي أبي الوليد ابن الفرضي، عن ابن
الدخيل، عن العقيلي، نا محمد بن إسماعيل، نا محمد بن فضيل، نا وكيع، نا سالم
المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله - رجل من أصحاب حذيفة - عن
حذيفة. قال أبو محمد: سالم ضعيف. وقد سمى بعضهم المولى فقال: هلال مولى
ص 422
ربعي. وهو مجهول لا يعرف من هو أصلا. ولو صح لكان عليهم لا لهم، لأنهم - نعني أصحاب
مالك وأبي حنيفة والشافعي - أترك الناس لأبي بكر وعمر. وقد بينا أن أصحاب مالك
خالفوا أبا بكر مما رووا في الموطأ خاصة في خمسة مواضع، وخالفوا عمر في نحو ثلاثين
قضية مما رووا في الموطأ خاصة. وقد ذكرنا أيضا أن عمر وأبا بكر اختلفا، وأن
اتباعهما فيما اختلفا فيه متعذر ممتنع لا يعذر عليه أحد . وقال في الفصل: قال
أبو محمد: ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحا أو
أبلسوا أسفا - لاحتججنا بما روي: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. قال أبو
محمد: ولكنه لم يصح، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح (1). ترجمته: وأبو محمد
علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، حافظ فقيه، ثقة، له تراجم حسنة في كتبهم، وإن كانوا
ينتقدون عليه صراحته وشدته في عباراته... قال الحافظ ابن حجر: الفقيه الحافظ
الظاهري، صاحب التصانيف، كان واسع الحفظ جدا، إلا أنه لثقة حافظته كان يهجم، كالقول
في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة. قال صاعد بن
أحمد الربعي: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلهم لعلوم الإسلام وأشبعهم معرفة، وله
مع ذلك توسع في علم البيان، وحظ من البلاغة، ومعرفة بالسير والأنساب. قال الحميدي:
كان حافظا للحديث، مستنبطا للأحكام من الكتاب
(هامش)
(1) الإحكام في أصول الأحكام: المجلد 2 الجزء 6 ص 242 - 243. الفصل في الملل والنحل
4 / 88. (*)
ص 423
والسنة، متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء
وسرعة الحفظ والتدين وكرم النفس، وكان له في الأثر باع واسع. قال مؤرخ الأندلس أبو
مروان ابن حبان: كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب، مع المشاركة في
أنواع التعاليم القديمة، وكان لا يخلو في فنونه من غلط، لجرأته في السؤال على كل فن
(1). وراجع: وفيات الأعيان 3 / 13، نفح الطيب 1 / 364، العبر في خبر من غبر 3 /
239. (9) برهان الدين العبري الفرغاني وقد نص العلامة عبيد الله بن محمد العبري
الفرغاني الحنفي - المتوفى سنة 743 ه - على أنه حديث موضوع لا يجوز الاستدلال به
والاستناد إليه، وهذا نص كلامه: وقيل: إجماع الشيخين حجة لقوله صلى الله عليه
[وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما،
والأمر للوجوب، وحينئذ يكون مخالفتهما حراما. ولا نعني بحجية إجماعهما سوى ذلك.
الجواب: إن الحديث موضوع لما بينا في شرح الطوالع (2). ترجمته: والعبري من كبار
أئمة القوم في علم الكلام والمعقول، وشرحه على المنهاج وعلى الطوالع للقاضي
البيضاوي من أشهر كتبهم في الكلام والأصول
(هامش)
(1) لسان الميزان 4 / 198. (2) شرح المنهاج - مخطوط. (*)
ص 424
... وقد ترجموا له وأثنوا عليه واعترفوا بفضله. قال الحافظ ابن حجر: كان عارفا
بالأصلين، وشرح مصنفات ناصر الدين البيضاوي... ذكره الذهبي في المشتبه - في العبري
- فقال: عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة. ومات في شهر رجب سنة 743. قلت: رأيت
بخط بعض فضلاء العجم أنه مات في غرة ذي الحجة منها وهو أثبت، ووصفه فقال: هو الشريف
المرتضى قاضي القضاة، كان مطاعا عند السلاطين، مشهورا في الآفاق، مشارا إليه في
جميع الفنون، ملاذ الضعفاء، كثير التواضع والإنصاف (1). وقال الأسنوي: كان أحد
الأعلام في علم الكلام والمعقولات، ذا حظ وافر من باقي العلوم، وله التصانيف
المشهورة (2). وقال اليافعي: الإمام العلامة، قاضي القضاة، عبيد الله بن محمد
العبري الفرغاني الحنفي، البارع العلامة المناظر، يضرب بذكائه ومناظرته المثل، كان
إماما بارعا متفننا، تخرج به الأصحاب، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي،. وأقرأهما
وصنف فيهما. وأما الأصول والمعقول فتفرد فيها بالإمامة، وله تصانيف... وكان أستاذ
الأستاذين في وقته (3). (10) شمس الدين الذهبي وأبطل الحافظ الكبير الذهبي -
المتوفى سنة 748 ه - هذا الحديث مرة بعد
(هامش)
(1) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2 / 433. (2) طبقات الشافعية 2 / 236.
(3) مرآة الجنان 4 / 306. (*)
ص 425
أخرى، واستشهد بكلمات جهابذة فن الحديث والرجال... وإليك ذلك: قال: أحمد بن صليح،
عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بحديث: اقتدوا باللذين من بعدي.
وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه (1) وقال: أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام
خليل، عن إسماعيل بن أبي أويس وشيبان وقرة بن حبيب. وعنه: ابن كامل وابن السماك
وطائفة. وكان من كبار الزهاد ببغداد. قال ابن عدي: سمعت أبا عبد الله النهاوندي
يقول: قلت لغلام خليل: ما هذه الرقائق التي تحدث بها؟ قال: قال وضعناها لنرقق بها
قلوب العامة. وقال أبو داود: أخشى أن يكون دجال بغداد. وقال الدارقطني: متروك. ومن
مصائبه: قال: حدثنا محمد بن عبد الله العمري، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر
وعمر. فهذا ملصق بمالك. وقال أبو بكر النقاش: وهو واه... (2). وقال: محمد بن
عبد الله بن عمر بن القاسم بن عبد الله بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب
العدوي: العمري. ذكره العقيلي وقال: لا يصح حديثه، ولا يعرف بنقل الحديث، حدثنا
أحمد ابن الخليل، حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، حدثني محمد بن عبد الله بن عمر بن
القاسم، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا: اقتدوا باللذين من بعدي. فهذا لا
أصل له من حديث مالك، بل هو معروف من حديث حذيفة بن
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 105. (2) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 /
141. (*)
ص 426
اليمان. وقال الدارقطني: العمري هذا يحدث عن مالك بأباطيل. وقال ابن منده: له
مناكير (1). وقال: عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن ابن
مسعود مرفوعا: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا
بعهد ابن مسعود. قلت: سنده واه جدا (2). ترجمته: والذهبي أعرف من أن يعرف، فهو
إمام المتأخرين في التواريخ والسير، والحجة عندهم في الجرح والتعديل... وإليك بعض
مصادر ترجمته: الدرر الكامنة 3 / 336، الوافي بالوفيات 2 / 163، طبقات الشافعية 5 /
216، فوات الوفيات 2 / 370، البدر الطالع 2 / 110، شذرات الذهب 6 / 153، النجوم
الزاهرة 10 / 182، طبقات القراء 2 / 71. (11) نور الدين الهيثمي ونص الحافظ نور
الدين علي بن أبي بكر الهيثمي - المتوفى سنة 807 ه - على سقوط الحديث عن أبي
الدرداء حيث قال: وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]
وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر،
(هامش)
(1) ميزان الاعتدال 3 / 610. (2) تلخيص المستدرك 3 / 75. (*)
ص 427
فإنهما حبل الله الممدود، ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام
لها. رواه الطبراني: وفيه من لم أعرفهم (1). وكذا عن ابن مسعود. وقد تقدمت
عبارته. ترجمته: والحافظ الهيثمي من أكابر حفاظ القوم وأئمتهم. قال الحافظ السخاوي
بعد وصفه بالحفظ: وكان عجبا في الدين والتقوى والزهد والإقبال على العلم والعبادة
والأوراد وخدمة الشيخ... قال شيخنا في معجمه: كان خيرا ساكنا لينا سليم الفطرة،
شديد الإنكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده، محبا في الحديث وأهله... وقال
البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن القاهرة. وقال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ
للمتون والآثار، صالحا خيرا. وقال الأفقهسي: كان إماما عالما حافظا زاهدا...
والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدا... (2). وراجع أيضا: حسن
المحاضرة 1 / 362، طبقات الحفاظ: 541، البدر الطالع 1 / 44. (*) (12) ابن حجر
العسقلاني واقتفى الحافظ ابن حجر العسقلاني - المتوفى سنة 852 ه - أثر الحافظ
(هامش)
(1) مجمع الزوائد 9 / 53. (2) الضوء اللامع 5 / 200. (*)
ص 428
الذهبي، فأبطل الحديث في غير موضع. فقال بترجمة أحمد بن صليح: أحمد بن صليح، عن
ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما بحديث: اقتدوا
باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. وهذا غلط. وأحمد لا يعتمد عليه (1). وقال بترجمة
غلام خليل بعد كلام الذهبي: وقال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر ابن إسحاق يقول:
أحمد بن محمد بن غالب ممن لا أشك في كذبه. وقال أبو أحمد الحاكم: أحاديثه كثيرة لا
تحصى كثرة، وهو بين الأمر في الضعف. وقال أبو داود: قد عرض علي من حديثه فنظرت في
أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلها. وروى عن جماعة من الثقات أحاديث موضوعة
على ما ذكره لنا القاضي أحمد بن كامل، مع زهده وورعه. ونعوذ بالله من ورع يقيم
صاحبه ذلك المقام (2). وأضاف إلى كلام الذهبي بترجمة محمد العمري: وقال العقيلي
بعد تخريجه: هذا حديث منكر لا أصل له. وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد الخليلي
البصري بسنده وساق بسند كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا ضعيف (3). ترجمته:
وابن حجر العسقلاني حافظهم على الإطلاق، وشيخ الإسلام عندهم في جميع الآفاق، إليه
المرجع في التاريخ والحديث والرجال، وعلى كتبه المعول في جميع العلوم... قال الحافظ
السيوطي: الإمام الحافظ في زمانه، قاضي القضاة، انتهت إليه الرحلة والرياسة في
(هامش)
(1) لسان الميزان 1 / 188. (2) لسان الميزان 1 / 272. (3) لسان الميزان 5 / 237.
(*)
ص 429
الحديث في الدنيا بأسرها، لم يكن في عصره حافظ سواه. وألف كتبا كثيرة كشرح البخاري،
وتغليق التعليق، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، ولسان الميزان، والإصابة في
الصحابة، ونكت ابن الصلاح، ورجال الأربعة وشرحها، والألقاب... (1). وهكذا وصف في
كل كتاب توجد فيه ترجمة له... فراجع: البدر الطالع 1 / 87، الضوء اللامع 2 / 36،
شذرات الذهب 8 / 270، ذيل رفع الإصر: 89، ذيل تذكرة الحفاظ: 380. (13) شيخ الإسلام
الهروي وقال الشيخ أحمد بن يحيى الهروي الشافعي - المتوفى سنة 916 ه - ما نصه:
من موضوعات أحمد الجرجاني: من قال القرآن مخلوق فهو كافر. الإيمان يزيد وينقص. ليس
الخبر كالمعابنة. الباذنجان شفاء من كل داء. دانق من حرام أفضل عند الله من سبعين
حجة مبرورة. موضوع. اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. باطل. إن الله يتجلى
للخلائق يوم القيامة ويتجلى لأبي بكر خاصة. باطل (2). ترجمته: وهذا الشيخ من
فقهاء الشافعية، وكان شيخ الإسلام بمدينة هراة، وهو
(هامش)
(1) حسن المحاضرة 1 / 363. (2) الدر النضيد: 97. (*)
ص 430
حفيد السعد التفتازاني. قال الزركلي: أحمد بن يحيى بن محمد بن سعد الدين مسعود بن
عمر التفتازاني الهروي، شيخ الإسلام، من فقهاء الشافعية، يكنى سيف الدين ويعرف ب
حفيد السعد التفتازاني. كان قاضي هراة مدة ثلاثين عاما، ولما دخل الشاه إسماعيل
بن حيدر الصفوي كان الحفيد ممن جلسوا لإستقباله في دار الإمارة، ولكن الوشاة اتهموه
عند الشاه بالتعصب، فأمر بقتله مع جماعة من علماء هراة، ولم يعرف له ذنب، ونعت
بالشهيد. له كتب منها: مجموعة سميت: الدر النضيد من مجموعة الحفيد ط. في العلوم
الشرعية والعربية... (1). (14) عبد الرؤوف المناوي وطعن العلامة عبد الرؤوف بن
تاج العارفين المناوي المصري - المتوفى سنة 1029 ه - في سند الحديث عن حذيفة،
وتعقبه عن ابن مسعود بكلمة الذهبي. وهذا نص عبارته: (اقتدوا باللذين) بفتح الذال.
أي الخليفتين اللذين يقومان (من بعدي: أبو بكر وعمر) أمره بمطاوعتهما يتضمن الثناء
عليهما، ليكونا أهلا لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه، المؤذن بحسن سيرتهما
وصدق سريرتهما، وإيماء لكونهما الخليفتين بعده. وسبب الحث على الاقتداء بالسابقين
الأولين ما فطروا عليه من الأخلاق المرضية والطبيعة القابلة للخيور السنية، فكأنهم
كانوا قبل الإسلام كأرض طيبة في نفسها، لكنها معطلة عن الحرث بنحو عوسج وشجر عضاة.
فلما
(هامش)
(1) الأعلام 1 / 270. (*)
ص 431
أزيل ذلك منها بظهور دولة الهدى أنبتت نباتا حسنا، فلذلك كانوا أفضل الناس بعد
الأنبياء، وصار أفضل الخلق بعدهم من اتبعهم بإحسان إلى يوم الصراط والميزان. فإن
قلت: حيث أمر باتباعهما فكيف تخلف علي رضي الله عنه عن البيعة؟ قلت: كان لعذر ثم
بايع. وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما وإقامة الجمع والأعياد معهما
والثناء عليهما حيين وميتين. فإن قلت: هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنه
لم ينص على خلافة أحد. قلت: مرادهم لم ينص نصا صريحا. وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل
الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة وغير ذلك. (حم ت) في المناقب وحسنه (ه) من
حديث عبد الملك بن عمير عن ربعي (عن حذيفة) بن اليمان. قال ابن حجر: اختلف فيه على
عبد الملك. وأعله أبو حاتم. وقال البزار كابن حزم: لا يصح. لأن عبد الملك لم يسمعه
من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة. لكن له شاهد. وقد أحسن المصنف حيث عقبه بذكر
شاهده فقال: (اقتدوا باللذين) بفتح الذال (من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا
بهدي عمار) بن ياسر، أي سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده فإنه ما عرض عليه أمران إلا
اختار أرشدهما، كما يأتي في حديث (وتمسكوا بعهد ابن مسعود) عبد الله، أي ما يوصيكم
به. قال التوربشتي: أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة، فإنه أول من شهد
بصحتها وأشار إلى استقامتها قائلا: ألا نرضى لدنيانا من رضيه لديننا بيننا، كما
يومئ إليه المناسبة بين مطلع الخبر وتمامه. (ت) وحسنه (عن ابن مسعود. الروياني عن
حذيفة) قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إذ قال: لا أدري ما
قدر بقائي فيكم، ثم
ص 432
ذكره. (عد عن أنس). ورواه الحاكم عن ابن مسعود باللفظ المذكور قال الذهبي: وسنده
واه (1). ترجمته: والمناوي علامة محقق كبير، وكتابه (فيض القدير) من الكتب
المفيدة وقد ترجم له وأثنى عليه العلامة المحبي ووصفه ب الإمام الكبير الحجة
وهذه عبارته: عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين، الملقب بزين
الدين، الحدادي ثم المناوي، القاهري، الشافعي. الإمام الكبير الحجة، الثبت القدوة،
صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب. وكان إماما فاضلا، زاهدا،
عابدا، قانتا لله خاشعا له، كثير النفع، وكان متقربا بحسن العمل، مثابرا على
التسبيح والأذكار، صابرا صادقا، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام.
وقد جمع من العلوم والمعارف - على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها - ما لم يجتمع في
أحد ممن عاصره... (2). (15) ابن درويش الحوت وقال العلامة ابن درويش الحوت -
المتوفى سنة 1097 ه -: خبر (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر). رواه أحمد
والترمذي وحسنه. وأعله أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا
(هامش)
(1) فيض القدير - شرح الجامع الصغير 2 / 56. (2) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي
عشر 2 / 412 - 416. (*)
ص 433
يصح. وفي رواية للترمذي وحسنها: واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود. وقال
الهيثمي: سندها واه (1).
(هامش)
(1) أسنى المطالب: 48. (*)
ص 434
(3) تأملات في متن ودلالة حديث الاقتداء

قد أشرنا في المقدمة إلى استدلال القوم
بحديث الاقتداء في باب الخلافة والإمامة وفي الفقه والأصول في مسائل مهمة... فقد
استدل به القاضي البيضاوي في كتابه الشهير طوالع الأنوار في علم الكلام وابن
حجر المكي في الصواعق المحرقة وابن تيمية في منهاج السنة وولي الله الدهلوي
- صاحب: حجة الله البالغة - في كتابه قرة العينين في تفضيل الشيخين ... ومن
الطريف جدا أن هذا الأخير ينسب رواية الحديث إلى البخاري ومسلم... وهذه عبارته:
قوله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فعن حذيفة:
قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
متفق عليه. وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا
باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن
مسعود. أخرجه الترمذي (1). إذ لا يخفى أن النسبة كاذبة... إلا أن يكون متفق
عليه اصطلاحا خاصا بالدهلوي، يعني به اتفاقهما على عدم الإخراج!! واستدل به الشيخ
علي القاري.... ووقع فيما وقع فيه الدهلوي...
(هامش)
(1) قرة العينين: 189. (*)
ص 435
فقد جاء في شرح الفقه الأكبر : مذهب عثمان وعبد الرحمن بن عوف: أن المجتهد
يجوز له أن يقلد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين، وأن يترك اجتهاد نفسه ويتبع
اجتهاد غيره. وهو المروي عن أبي حنيفة، لا سيما وقد ورد في الصحيحين: اقتدوا
باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فأخذ عثمان وعبد الرحمن بعموم هذا الحديث وظاهره .
ولعله يريد غير صحيحي البخاري ومسلم!! وإلا فقد نص الحاكم - كما عرفت - على أنهما
لم يخرجاه!! وهكذا فإنك تجد حديث الاقتداء... يذكر أو يستدل به في كتب الأصول
المعتمدة... فقد جاء في المختصر: مسألة: الإجماع لا ينعقد بأهل البيت وحدهم خلافا
للشيعة. ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافا لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر - رضي
الله عنهما - عند الأكثرين. قالوا: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي.
اقتدوا باللذين من بعدي. قلنا: يدل على أهلية اتباع المقلد، ومعارض بمثل: أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وخذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء . قال شارحه
العضد: أقول: لا ينعقد الإجماع بأهل البيت وحدهم مع مخالفة غيرهم لهم، أو عدم
الموافقة والمخالفة، خلافا للشيعة. ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافا لأحمد.
ولا بأبي بكر وعمر عند الأكثرين خلافا لبعضهم. لنا: أن الأدلة لا تتناولهم. وقد
تكرر فلم يكرر. أما الشيعة فبنوا على أصلهم في العصمة، وقد قرر في الكلام فلم يتعرض
له. وأما الآخرون فقالوا: قال عليه الصلاة والسلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين من بعدي. وقال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. الجواب: أنهما إنما
يدلان على أهلية الأربعة أو الاثنين لتقليد المقلد لهم، لا على حجية قولهم على
المجتهد. ثم إنه معارض بقوله: أصحابي كالنجوم... (1).
(هامش)
(1) شرح المختصر في الأصول 2 / 36. (*)
ص 436
وفي المنهاج وشرحه: وذهب بعضهم إلى أن إجماع الشيخين وحدهما حجة لقوله عليه
السلام: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة
والترمذي وقال: حسن، وذكره ابن حبان في صحيحه. وأجاب الإمام وغيره عن الخبرين
بالمعارضة بقوله: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وهو حديث ضعيف. وأجاب
الشيخ أبو إسحاق في (شرح اللمع) بأن ابن عباس خالف جميع الصحابة في خمس مسائل انفرد
بها، وابن مسعود انفرد بأربع مسائل، ولم يحتج عليهما أحد بإجماع... (1). وفي مسلم
الثبوت وشرحه: ولا ينعقد الإجماع بالشيخين أميري المؤمنين أبي بكر وعمر عند
الأكثر، خلافا للبعض، ولا ينعقد بالخلفاء الأربعة خلافا لأحمد الإمام ولبعض
الحنفية... قالوا: كون اتفاق الشيخين إجماعا، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه
[وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. رواه أحمد، فمخالفتهما حرام...
قلنا: هذا خطاب للمقلدين، فلا يكون حجة على المجتهدين، وبيان لأهلية الاتباع، لا
حصر الاتباع فيهم، وعلى هذا فالأمر للإباحة أو للندب، وأحد هذين التأويلين ضروري،
لأن المجتهدين كانوا يخالفونهم، والمقلدون كانوا قد يقلدون غيرهم ولم ينكر عليهم
أحد، لا الخلفاء أنفسهم ولا غيرهم، فعدم حجية قولهم كان معتقدهم. وبهذا اندفع ما
قيل إن الإيجاب ينافي هذا التأويل... (2). فهذه نماذج من استدلال القوم بحديث
الاقتداء بالشيخين... في مسائل الفقه والأصولين... لكن الذي يظهر من مجموع هذه
الكلمات أن الأكثر على عدم حجية إجماعهما...
(هامش)
(1) الإبهاج في شرح المنهاج 2 / 367. (2) فواتح الرحموت في مسلم الثبوت 2 / 231.
(*)
ص 437
وإذا ضممنا إلى ذلك أن الأكثر - أيضا - على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم
ينص على خلافة أحد من بعده... كما جاء في المواقف وشرحها والإمام الحق بعد النبي
صلى الله عليه [وآله] وسلم: أبو بكر ثبتت إمامته بالإجماع، وإن توقف فيه بعضهم...
ولم ينص رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم على أحد خلافا للبكرية، فإنهم زعموا
النص على أبي بكر، وللشيعة فإنهم يزعمون النص على علي كرم الله وجهه، إما نصا جليا
وإما نصا خفيا. والحق عند الجمهور نفيهما (1). وقال المناوي بشرحه: فإن قلت:
هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنه لم ينص على خلافة أحد. قلت: مرادهم: لم
ينص نصا صريحا، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة
والصلاة ونحو ذلك (2). علمنا أن المستدلين بهذا الحديث في جميع المجالات - ابتداء
بباب الإمامة والخلافة، وانتهاء بباب الاجتهاد والإجماع - هم البكرية
وأتباعهم... إذن... فالأكثر يعرضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده... وإن المستدلين به
قوم متعصبون لأبي بكر وإمامته... وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلاقه... قال الحافظ
ابن الجوزي: قد تعصب قوم لا خلاق لهم يدعون التمسك بالسنة فوضعوا لأبي بكر
فضائل... (3). لكن من هم؟ هم البكرية أنفسهم!!
(هامش)
(1) شرح المواقف - مباحث الإمامة 8 / 354. (2) فيض القدير 2 / 56. (3) الموضوعات 1
/ 303. (*)
ص 438
قال العلامة المعتزلي: فلما رأت البكرية ما صنعت الشيعة (1)، وضعت لصاحبها أحاديث
في مقابلة هذه الأحاديث، نحو: (لو كانت متخذا خليلا) فإنهم وضعوه في مقابلة (حديث
الإخاء). ونحو (سد الأبواب) فإنه كان لعلي عليه السلام، فقلبته البكرية إلى أبي
بكر. ونحو: (إيتني بدواة وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه اثنان) ثم
قال: (يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر) فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه
في مرضه: (إيتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا. فاختلفوا عنده وقال
قوم منهم: لقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله) ونحو حديث: (أنا راض عنك، فهل أنت عني
راض؟) ونحو ذلك (2). وبعد، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلم هنا عن هذه الجهة
وبغض النظر عن السند؟ يقول المناوي: أمره بمطاوعتهما يتضمن الثناء عليهما، ليكونا
أهلا لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه... . لكن أول شيء يعترض عليه به تخلف
أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرهما به، ولذا قال: فإن قلت:
حيث أمر باتباعهما فكيف تخلف علي رضي الله عنه عن البيعة؟ قلت: كان لعذر ثم بايع،
وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما... (3). أقول: لقد وقع القوم - بعد
إنكار النص وحصر دليل الخلافة في الإجماع - في مأزق كبير وإشكال شديد، وذلك لأنهم
قرروا في علم الأصول أنه إذا خالف
(هامش)
(1) الذي صنعته الشيعة أنها استدلت بالأحاديث التي رواها أهل السنة في فضل أمير
المؤمنين عليه السلام باعتبار أنها نصوص جلية أو خفية على إمامته كما ذكر صاحب
شرح المواقف وغيره. (2) شرح نهج البلاغة 11 / 49. (3) فيض القدير 2 / 56. (*)
ص 439
واحد من الأمة أو اثنان لم ينعقد الإجماع. قال الغزالي: إذا خالف واحد من الأمة
أو اثنان لم ينعقد الإجماع دونه، فلو مات لم تصر المسألة إجماعا، خلافا لبعضهم.
ودليلنا: أن المحرم مخالفة الأمة كافة... (1). وفي مسلم الثبوت وشرحه: قيل:
إجماع الأكثر مع ندرة المخالف بأن يكون واحدا أو اثنين إجماع... والمختار أنه ليس
بإجماع لانتفاء الكل الذي هو مناط العصمة. ثم اختلفوا فقيل: ليس بحجة أصلا كما أنه
ليس بإجماع، وقيل: بل حجة ظنية غير الإجماع، لأن الظاهر إصابة السواد الأعظم...
قيل: ربما كان الحق مع الأقل وليس فيه بعد... . فقال المكتفون بإجماع الأكثر: صح
خلافة أبي بكر مع خلاف علي وسعد ابن عبادة وسلمان . فأجيب: ويدفع بأن الإجماع
بعد رجوعهم إلى بيعته. هذا واضح في أمير المؤمنين علي . فلو سلمنا ما ذكروه من
بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، فما الجواب عن تخلف سعد بن عبادة ؟! أما المناوي
فلم يتعرض لهذه المشكلة... وتعرض لها شارح مسلم الثبوت فقال بعد ما تقدم: لكن
رجوع سعد بن عبادة فيه خفاء، فإنه تخلف ولم يبايع وخرج عن المدينة، ولم ينصرف إلى
أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة أمير المؤمنين عمر، وقيل:
مات سنة إحدى عشرة في خلافة أمير المؤمنين الصديق الأكبر. كذا في الإستيعاب وغيره.
فالجواب الصحيح عن تخلفه: أن تخلفه لم يكن عن اجتهاد، فإن أكثر الخزرج قالوا: منا
أمير ومنكم أمير، لئلا تفوت رئاستهم... ولم يبايع سعد لما كان له حب السيادة، وإذا
لم
(هامش)
(1) المستصفى 1 / 203. (*)
ص 440
تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضر الإجماع... فإن قلت: فحينئذ قد مات هو رضي الله
عنه شاق عصا المسلمين مفارق الجماعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه [وآله]
وأصحابه وسلم: لم يفارق الجماعة أحد ومات إلا مات ميتة الجاهلية. رواه البخاري.
والصحابة لا سيما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية. قلت: هب أن مخالفة الإجماع كذلك،
إلا أن سعدا شهد بدرا على ما في صحيح مسلم، والبدريون غير مؤاخذين بذنب، مثلهم كمثل
التائب وإن عظمت المصيبة، لما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة
بهم. وأيضا: هو عقبي ممن بايع في العقبة، وقد وعدهم رسول الله صلى الله عليه [وآله]
وأصحابه وسلم الجنة والمغفرة. فإياك وسوء الظن بهذا الصنيع. فاحفظ الأدب.... (1).
ولو تنزلنا عن قضية سعد بن عبادة، فما الجواب عن تخلف الصديقة الزهراء عليها
السلام؟! وهي من الصحابة، بل بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فإذا كان
الصحابة - لا سيما مثل سعد - برآء عن موت الجاهلية، فما ظنك بالزهراء التي قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني (2) وقال:
فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها (3). وقال: فاطمة سيدة
نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران (4) هذه الأحاديث التي استدل بها الحافظ
السهيلي وغيره من الحفاظ على أنها أفضل من الشيخين فضلا عن غيرهما (5).
(هامش)
(1) فواتح الرحموت - شرح مسلم الثبوت 2 / 223 - 224. (2) فيض القدير 4 / 421 عن
البخاري في المناقب. (3) فيض القدير 4 / 421. (4) فيض القدير 4 / 421. (5) فيض
القدير 4 / 421. (*)
ص 441
... فإن من ضروريات التاريخ أن الزهراء عليها السلام فارقت الدنيا ولم تبايع أبا
بكر... وأن أمير المؤمنين عليه السلام لم يأمرها بالمبادرة إلى البيعة، وهو يعلم
أنه لم يفارق الجماعة أحد ومات إلا مات ميتة الجاهلية !! أقول: إذن... لا يدل
هذا الحديث على شيء مما زعموه أو أرادوا له الاستدلال به فما هو واقع الحال؟ سنذكر
له وجها على سبيل الاحتمال في نهاية المقال... ثم إن مما يبطل هذا الحديث من حيث
الدلالة والمعنى وجوها أخر. - 1 - إن أبا بكر وعمر اختلفا في كثير من الأحكام،
والأفعال، واتباع المختلفين متعذر غير ممكن... فمثلا: أقر أبو بكر جواز المتعة
ومنعها عمر. وأن عمر منع أن يورث أحدا من الأعاجم إلا واحدا ولد في العرب... فبمن
يكون الاقتداء؟! ثم جاء عثمان فخالف الشيخين في كثير من أقواله وأفعاله وأحكامه...
وهو عندهم ثالث الخلفاء الراشدين... وكان في الصحابة من خالف الشيخين أو الثلاثة
كلهم في الأحكام الشرعية والآداب الدينية... وكل ذلك مذكور في مظانه من الفقه
والأصول... ولو كان واقع هذا الحديث كما يقتضيه لفظه لوجب الحكم بضلالة كل هؤلاء!!
- 2 - إن المعروف من الشيخين الجهل بكثير من المسائل الإسلامية مما يتعلق
ص 442
بالأصول والفروع، وحتى في معاني بعض الألفاظ العربية في القرآن الكريم... فهل يأمر
النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بالاقتداء المطلق لمن هذه حاله ويأمر بالرجوع إليه
والانقياد له في أوامره ونواهيه كلها؟! - 3 - إن هذا الحديث بهذا اللفظ يقتضي عصمة
أبي بكر وعمر والمنع من جواز الخطأ عليهما، وليس هذا بقول أحد من المسلمين فيهما،
لأن إيجاب الاقتداء بمن ليس بمعصوم إيجاب لما لا يؤمن من كونه قبيحا... - 4 - ولو
كان هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله لاحتج به أبو بكر نفسه يوم السقيفة...
ولكن لم نجد في واحد من كتب الحديث والتاريخ أنه احتج به على القوم... فلو كان لنقل
واشتهر، كما نقل خبر السقيفة وما وقع فيها من النزاع والمغالبة... بل لم نجد
احتجاجا له به في وقت من الأوقات. - 5 - بل وجدناه في السقيفة يخاطب الحاضرين
بقوله: بايعوا أي الرجلين شئتم يعني: أبا عبيدة وعمر بن الخطاب (1).
(هامش)
(1) انظر: صحيح البخاري - باب فضل أبي بكر، مسند أحمد 1 / 56، تاريخ الطبري 3 /
209، السيرة الحلبية 3 / 386، وغيرها. (*)
ص 443
ويلتفت إلى أبي عبيدة الجراح قائلا: أمدد يدك أبايعك (1). - 6 - ثم لما بويع
بالخلافة قال: أقيلوني، أقيلوني، فلست بخيركم... (2). - 7 - ثم لما حضرته
الوفاة قال: وددت أني سألت رسول الله لمن هذا الأمر، فلا ينازعه أحد، وددت أني
كنت سألت: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب (3). - 8 - وجاء عمر يقول: كانت بيعة
أبي بكر فلتة، وقى المسلمين شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه (4)
(هامش)
(1) الطبقات الكبرى 3 / 128، مسند أحمد 1 / 35، السيرة الحلبية 3 / 386. (2)
الإمامة والسياسة 1 / 14، الصواعق المحرقة: 30، الرياض النضرة 1 / 175، كنز العمال
3 / 132. (3) تاريخ الطبري 3 / 431، العقد الفريد 2 / 254، الإمامة والسياسة 1 /
18، مروج الذهب 2 / 302. (4) صحيح البخاري 5 / 208، الصواعق المحرقة: 5، تاريخ
الخلفاء: 67. (*)
ص 444
وبعد: فما هو متن الحديث؟ وما هو مدلوله؟ قد عرفت سقوط هذا الحديث معنى على فرض
صدوره... وعلى الفرض المذكور... فلا بد من الالتزام بأحد أمرين: إما وقوع التحريف
في لفظه، وإما صدوره في قضية خاصة... أما الأول فيشهد به: أنه قد روي هذا الخبر
بالنصب، أي جاء بلفظ أبا بكر وعمر بدلا عن أبي بكر وعمر وجعل أبو بكر وعمر
مناديين مأمورين بالاقتداء... (1). فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمر المسلمين
عامة بقوله اقتدوا - مع تخصيص لأبي بكر وعمر بالخطاب - باللذين من بعده
وهما الكتاب والعترة ، وهما ثقلاه اللذان طالما أمر بالاقتداء والتمسك والاعتصام
بهما (2). وأما الثاني... فهو ما قيل: من أن سبب هذا الخبر: أن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم كان سالكا بعض الطرق، وكان أبو بكر وعمر متأخرين عنه، جائيين على عقبه،
فقال النبي صلى الله عليه وآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتباعه واللحوق
به: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وعني في سقوط الطريق دون غيره (3).
وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه، بل كانت تحفه قرائن تخصه بمورده، فأسقط الراوي
القرائن عن عمد أو سهو، فبدا بظاهره أمرا مطلقا بالاقتداء بالرجلين... وكم لهذه
القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيرية
(هامش)
(1) تلخيص الشافي 3 / 35. (2) إشارة إلى حديث: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي أهل بيتي . راجع: الأجزاء الثلاثة الأولى من كتابنا، تجد البحث عنه مستقصى.
(3) تلخيص الشافي 3 / 38. (*)
ص 445
والتاريخية... ومن ذلك... ما في ذيل حديث الاقتداء نفسه في بعض طرقه... وهذا ما
نتكلم عليه بإيجاز.. ليظهر لك أن هذا الحديث - لو كان صادرا - ليس حديثا واحدا، بل
أحاديث متعددة صدر كل منها في مورد خاص لا علاقة له بغيره... تكملة: لقد جاء في بعض
طرق هذا الحديث: اقتدوا باللذين... واهتدوا بهدي عمار. وتمسكوا بعهد ابن أم عبد:
أو: إذا حدثكم ابن أم عبد فصدقوه. أو: ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه . فالحديث مشتمل
على ثلاث فقرات، الأولى تخص الشيخين، والثانية عمار ابن ياسر، والثالثة عبد الله بن
مسعود. أما الفقرة الأولى فكانت موضوع بحثنا، فلذا أشبعنا فيها الكلام سندا
ودلالة... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها، وأن من المحتمل قويا
وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافة بها الموجب لخروج
الكلام من التقييد إلى الإطلاق، فإنه نوع من أنواع التحريف، بل من أقبحها وأشنعها
كما هو معلوم لدى أهل العلم. وأما الفقرتان الأخريان فلا نتعرض لهما إلا من ناحية
المدلول والمفاد لئلا يطول بنا المقام... وإن ذكرا في فضائل الرجلين، وربما استدل
بهما بعضهم في مقابلة بعض فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام... فنقول: قوله:
اهتدوا بهدي عمار معناه: سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده . فكيف كانت سيرة
عمار؟ وما كان إرشاده؟ وهل سار القوم بسيرته واسترشدوا بإرشاده؟!!
ص 446
هذه كتب السير والتواريخ بين يديك!! وهذه نقاط من سيرته و إرشاده : تخلف عن
بيعة أبي بكر (1) وقال لعبد الرحمن بن عوف - حينما قال للناس في قصة الشورى: أشيروا
علي - إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع عليا (2). وقال: بعد أن بويع عثمان
-: يا معشر قريش، أما إذ صدفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم هاهنا مرة هاهنا مرة،
فما أنا بآمن من أن ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير
أهله (3) وكان مع علي عليه السلام منذ اليوم الأول حتى استشهد معه بصفين وقد قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: عمار تقتله الفئة الباغية (4) و من عادى عمارا
عاداه الله (5). ثم لماذا أمر النبي صلى الله عليه وآله بالاهتداء بهدي عمار
والسير على سيرته؟ لأنه قال له من قبل: يا عمار، إن رأيت عليا قد سلك واديا وسلك
الناس كلهم واديا غيره فاسلك مع علي، فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى... يا
عمار: إن طاعة علي من طاعتي، وطاعتي من طاعة الله عز وجل (6). وقوله: وتمسكوا
بعهد ابن أم عبد أو إذا حدثكم ابن أم عبد فصدقوه ما معناه؟ إن كان الحديث
فهل يصدق في كل ما حدث؟ هذا لا يقول به أحد... وقد وجدناهم على خلافه... فقد منعوه
من
(هامش)
(1) المختصر في أخبار البشر 1 / 156، تتمة المختصر 1 / 187. (2) تاريخ الطبري 3 /
297، الكامل 3 / 37، العقد الفريد 2 / 182. (3) مروج الذهب 2 / 342. (4) المسند 2 /
164، تاريخ الطبري 4 / 2 و4 / 28، طبقات ابن سعد 3 / 253، الخصائص: 133، المستدرك 3
/ 378، عمدة القاري 24 / 1992، كنز العمال 16 / 143. (5) الإستيعاب 3 / 1138،
الإصابة 2 / 506، كنز العمال 13 / 298، انسان العيون 2 / 265. (6) تاريخ بغداد 13 /
186، كنز العمال 12 / 212، فرائد السمطين 1 / 178، المناقب - للخوارزمي -: 57 و124.
(*)
ص 447
الحديث، بل كذبوه، بل ضربوه... فراجع ما رووه ونقلوه... (1). وإن كان العهد فأي
عهد هذا؟ لا بد أن يكون إشارة إلى أمر خاص... صدر في مورد خاص... لم تنقله
الرواة... لقد رووا في حق ابن مسعود حديثا آخر - جعلوه من فضائله - بلفظ: رضيت
لكم ما رضي به ابن أم عبد (2)... ولكن ما هو؟ لا بد أن يكون صادرا في مورد خاص...
بالنسبة إلى أمر خاص... لم تنقله الرواة... إنه - فيما رواه الحاكم - كما يلي:
قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لعبد الله بن مسعود: إقرأ. قال: أقرأ وعليك
أنزل؟! قال: إني أحب أن أسمع من غيري. قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: *(فكيف إذا
جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)* فاستعبر رسول الله صلى الله عليه
[وآله] وسلم، وكف عبد الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: تكلم. فحمد
الله في أول كلامه وأثنى على الله وصلى على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وشهد
شهادة الحق. وقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.
فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد.
(هامش)
(1) مسند الدارمي 1 / 61، طبقات ابن سعد 2 / 336، تذكرة الحفاظ 1 / 5 - 8، المعارف:
194، الرياض النضرة 2 / 163، تاريخ الخلفاء 158، أسد الغابة 3 / 259. (2) هكذا رووه
في كتب الحديث... انظر: فيض القدير 4 / 33. (*)
ص 448
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1). فانظر كيف تلاعبوا بأقوال النبي صلى الله
عليه وآله وتصرفوا في السنة الشريفة... فضلوا وأضلوا...!! ونعود فنقول: إن السنة
الكريمة بحاجة ماسة إلى تحقيق وتمحيص، لا سيما في القضايا التي لها صلة وثيقة بأساس
الدين الحنيف، تبني عليها أصول العقائد، وتتفرع منها الأحكام الشرعية. والله نسأل
أن يوفقنا لتحقيق الحق وقبول ما هو به جدير، إنه سميع مجيب وهو على كل شيء قدير. *
* *
(هامش)
(1) المستدرك على الصحيحين 3 / 319. (*)