نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن عشر

الصفحة السابقة

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 355

بزعم هؤلاء! لكن هذا مما لا يلتزمون به قطعا، فما قالوه هو في الحقيقة تنقيص وتعيير لخليفتهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون. وعلى الجملة، فإن هذا الحديث الذي يروونه عن إمامهم دليل ساطع على أن حديث المنزلة يدل على مقام جليل ومرتبة رفيعة من خصائص أمير المؤمنين... يتمناها عمر وغيره من الصحابة... فهو يدل على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام منهم جميعا... لكن المتعصبين منهم يخالفون - في هكذا الموارد - حتى إمامهم الذي يقتدون به، وخليفتهم الذي يقولون به... فيأتون بترهات عجيبة وخرافات غريبة... إنهم يحاولون استصغار كل فضيلة ومنقبة خاصة بمولانا أمير المؤمنين عليه السلام، دالة على أفضليته ممن سواه... وكذلك يفعلون... انظر مثلا إلى تقولاتهم في باب إبلاغ سورة براءة... هذا الحديث الذي اتفق الكل على روايته، ويعد من أجلى أدلة أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام... كيف يستصغرون هذه الواقعة ويقللون من قدرها، مع أن أبا بكر نفسه يشعر بدلالة الواقعة بأمر الله ورسوله على تقدم علي عليه السلام، ففي رواية النسائي: فوجد أبو بكر في نفسه (1). وفي رواية المتقي عن أحمد وابن خزيمة وأبي عوانة والدارقطني: فلما قدم أبو بكر بكى فقال: يا رسول الله أحدث في شيء...؟ ... إلى غير ذلك مما هو صريح في أن ما فعله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأمر من الله عز وجل، أمر جليل وله شأن عظيم... فإذا كان أهل السنة يقللون من شأن واقعة إبلاغ سورة البراءة، فإنهم في الحقيقة يحقرون إمامهم... وأنظر مثلا إلى تقولاتهم وأباطيلهم في توهين قضية الطائر المشوي... مع

(هامش)

(1) الخصائص: 93 رقم 77. (*)

ص 356

أنهم يروون في كتبهم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رد الشيخين ولم يأذن لهما بالدخول عليه والأكل معه من ذلك الطير، فلم يكونا مصداق من هو من أحب الخلق فضلا عن أن يكونا أحب الخلق !! وسعد بن أبي وقاص يتمنى... وكما تمنى عمر ورود حديث المنزلة في حقه... كذلك تمنى سعد بن أبي وقاص... وهذا مما رووه كذلك: قال المتقي: عن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لعلي ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منها أحب إلي من الدنيا وما فيها: سمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وسمعته يقول: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار. وسمعته يقول،: من كنت مولاه فعلي مولاه. ابن جرير (1). ورواه الوصابي اليمني عن سعد كذلك ثم قال: أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، والإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في سننه (2). أقول: فإذا كان حديث المنزلة يدل على منقصة، فما معنى تمني سعد - وهو أحد العشرة المبشرة عندهم - وروده في حقه؟ إن تهوين أمر هذا الحديث - هو في الحقيقة - تحميق لهذا الصحابي الكبير!!

(هامش)

(1) كنز العمال 13 / 162 رقم 36495. (2) الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط. (*)

ص 357

*(40)* استدلال الإمام بالحديث بالشورى

 واستدلال أمير المؤمنين واحتجاجه بحديث المنزلة يوم الشورى، دليل صريح على دلالة هذا الحديث على أفضليته وأحقيته بالخلافة والإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل. فلو كان هذا الحديث غير دال على فضيلة، بل يدل - والعياذ بالله - على منقصة، لم يعقل احتجاج الإمام به أمام القوم في ذلك اليوم، وسكوتهم أمام احتجاجاته واستدلالاته... ولو كانت هذه الفضيلة من الفضائل المشتركة، لما كان لافتخار الإمام بها وجه، ولقال له القوم: كيف تحتج بما يشاركك فيه غيرك على الإمامة دون غيرك؟ ولقد روى احتجاجه عليه السلام جماعة من أعلام القوم ومنهم: الفقيه ابن المغازلي، والخطيب الخوارزمي... وعباراتهما مذكورة في مجلد (حديث الطير). وقال أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي النحوي في (الإيضاح - شرح مقامات الحريري): اللهم - كلمة تستعمل في الدعاء. بمعنى يا الله. والميم فيها عوض من

ص 358

حرف النداء. ولذلك لا تجتمع بينهما. وإنما فتحت من قبل أن الحروف مبنية، والأصل في البناء السكون، فلما زيدت الميمان - وهما ساكنتان - حركت الثانية بالفتح لالتقاء الساكنين، وأخطروا الفتحة لخفتها. هذا أصلها. ثم يؤتى بها قل إلا إذا كان المستثنى عزيزا نادرا، وكان قصدهم بذلك الاستظهار بمشية الله في إثبات كونه ووجوده، إيذانا بأنه بلغ من الندرة حد الشذوذ. هذا كثير في كلام الفصحاء، وعلى ذلك قوله في المقامة الخامسة: اللهم إلا أن تقد نار الجوع . ألا ترى كيف يقطر منه ماء الندرة ويلوح عليه سيماء الشذوذ؟ لأن الغالب في ذلك الوقت الذي ذكر الشبع فضلا أن يشتد الجوع فيه تتقد ناره ويحول دون النوم أواره. وقد تجئ في جواب الاستفهام قبل لا ونعم كثيرا، من ذلك: ما قرأت في حديث عمير بن سعد - وقد أتاه رسول عمر بن سعد - قال: كيف تركت أمير المؤمنين؟ فقال: صالحا وهو يقرؤك السلام. فقال له: ويحك لعله استأثر نفسه. قال: اللهم لا. فقال: لعله فعل كذا، قال: اللهم لا. في حديث طويل. وقال عامر بن واثلة: سمعت عليا - رضي الله عنه - يوم الشورى يقول: نشدتكم بالله أيها النفر، هل فيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا: اللهم لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري. قالوا: اللهم لا... وعلى هذا قول صاحب المقامات في الثالثة والأربعين: وناشدتك الله، هل رأيت أسحر منك؟ قال: اللهم نعم. قلت: وكان المتكلم يقصد إثبات الجواب متفرعا بذكر الله تعالى، ليكون أبلغ وأوقع، وفي نفس الشاك أنجع، ويعلم أنه على يقين من إيراده وبصيرة في

ص 359

إثباته، قد جعل نفسه في معرض من أقبل على الله ليجيب عما سأله مثلا، ولا شك أن من كان هذه حاله لا يتكلم إلا بما هو صدق يقين وحق . إستدلال الزهراء عليها السلام بالحديث وكذلك الزهراء الصديقة - عليها السلام - استدلت واحتجت بحديث المنزلة... قال ابن الجزري - في طرق حديث الغدير: وألطف طريق وقع لهذا الحديث وأغربه ما حدثنا به: شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، عن أبي المظفر محمد بن فينان بن المثنى، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا ابن عمه والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه، أخبرنا ظفر بن دباغ العلوي باستراباد، أخبرنا والدي وأبو أحمد بن مطرف المطر في قالا: حدثنا أبو سعيد الإدريسي إجازة، فيما أخرجه في تاريخ استراباد، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند وما كتبناه إلا عنه، حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد، حدثنا بكر بن أحمد القصري، حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا، حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر قلنا: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدثتني فاطمة بن محمد بن علي، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي، عن أم كلثوم بنت فاطمة بن النبي عليه السلام.

ص 360

عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت: أنسيتم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقوله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ، كل واحدة منهن عن عمتها (1).

(هامش)

(1) أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 50 - 51. (*)

ص 361

 
 
ملحق حديث المنزلة

 رسالة في حديث المنزلة في غير تبوك

 تأليف:

 السيد علي الحسيني الميلاني

ص 363

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين. وبعد فقد كان لنا في كل حديث من أحاديث هذه الموسوعة ملحق في قسم السند، استدركنا فيه طائفة من الأعلام الرواة للحديث، أو ذكرنا بعض أسانيده الصحيحة بتصحيح منا أو من غيرنا. لكن لما كان (حديث المنزلة) من أحاديث كتابي البخاري ومسلم، المعروفين بالصحيحين، وكذا غيرهما من الكتب المشهورة، فقد رأينا أن لا حاجة إلى الاستدراك على رواته الذين ذكرهم السيد مؤلف (عبقات الأنوار). ومن جهة أخرى، فقد وجدنا أن أهم ما يتذرع به المخالفون، دعوى ورود هذا الحديث في غزوة تبوك، ليكون قرينة على اختصاص الاستخلاف بمدة خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى تلك الغزوة، فلا يدل الحديث على العموم، حتى يستدل به على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله مباشرة. وقد اهتم السيد صاحب (عبقات الأنوار) طاب ثراه بهذه الشبهة، وأثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الكلام في مواطن عديدة. ونحن اقتفينا أثره، فوضعنا هذه الرسالة على أساس ما ذكره، مع إضافة موارد وروايات أخرى، مع الاقتصار على الموارد المتيقنة التي قامت عليها

ص 364

الروايات المشتهرة، ثم تصحيح كثير من أسانيد الأحاديث وإيراد فوائد شتى. والله أسأل أن يتقبل منا جميعا، ويوفقنا لما يحب ويرضى، بمحمد وآله الطاهرين. المورد *(1 - 2)* في يوم المؤاخاة رواه جماعة من الأعلام بأسانيدهم، وإليك روايات أشهرهم: 1 - رواية أحمد بن حنبل قال المتقي الهندي: مسند زيد بن أبي أوفى: لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فقال علي: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت، غيري، فإن كان من سخط علي فلك العتبي والكرامة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي. قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي. قال: وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم. وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي.

ص 365

حم. في كتاب مناقب علي (1). 2 - رواية القطيعي ورواه القطيعي تلميذ عبد الله بن أحمد، فقد جاء في المناقب: حدثنا الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن راشد الطفاوي والصباح بن عبد الله بن بشر - والخبران متقاربان في اللفظ يزيد أحدهما على صاحبه - قالا: حدثنا قيس بن الربيع قال: حدثنا سعد الإسكاف، عن عطية، عن محدوج بن زيد الذهلي: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين المسلمين. ثم قال: يا علي أنت أخي، وأنت بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. أما علمت - يا علي - أن أول من يدعى يوم القيامة بي وأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعضهم، فيقومون سماطين على يمين العرش، يكسون حللا خضرا من حلل الجنة، ألا وإني أخبرك - يا علي - أن أمتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة. ثم أنت أول من يدعى بك، لقرابتك ومنزلتك عندي، ويدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد، تسير به بين السماطين، آدم وجميع خلق الله يستظلون بظل لوائي، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، له ثلاثة ذوائب من نور، ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب والثالثة وسط الدنيا، مكتوب عليه ثلاثة أسطر: الأول: بسم الله الرحمن الرحيم، والثاني: الحمد لله رب العالمين، الثالث: لا إله إلا الله محمد رسول الله، طول كل سطر ألف سنة وعرضه ألف سنة،

(هامش)

(1) كنز العمال 9 / 167 رقم 25554 و13 / 105 رقم 36345. (*)

ص 366

وتسير باللواء، والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك، حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش، ثم تكسى حلة خضراء من الجنة، ثم ينادي مناد من تحت العرش، نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي، أبشر يا علي، إنك تكسى إذا كسيت، وتدعى إذا دعيت، وتحيى إذا حييت (1). 3 - رواية الطبراني حدثنا محمود بن محمد المروزي، قال: حدثنا حامد بن آدم، قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وبين المهاجرين والأنصار، فلم يؤاخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم، خرج علي مغضبا، حتى أتى جدولا من الأرض، فتوسد ذراعه، فتسفى عليه الريح، فطلبه النبي صلى الله عليه وسلم حتى وجده، فوكزه برجله، فقال له: قم، فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب، أغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والأنصار، ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم؟ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي؟ ألا من أحبك حف بالأمن والإيمان، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله في الإسلام (2). 4 - رواية أبي نعيم الأصفهاني وتظهر روايته مما سننقله عن ابن عساكر، فإنه قد رواه عن طريق الحافظ أبي نعيم.

(هامش)

(1) مناقب أمير المؤمنين لأحمد بن حنبل: 179 رقم 252. (2) المعجم الكبير 11 / 62 رقم 11092. (*)

ص 367

5 - رواية ابن المغازلي وروى الفقيه الشافعي ابن المغازلي الواسطي هذا الحديث بقوله: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر العطار قال: أخبرنا أبو محمد ابن السقا، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن القصاب البيع الواسطي - فيما أذن لي في روايته عنه - أنه قال: حدثني أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد البياسري قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن الجوهري، قال: حدثني محمد بن زكريا بن دريد العبدي قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس قال: لما كان يوم المباهلة، وآخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار، وعلي واقف يراه ويعرف مكانه، لم يواخ بينه وبين أحد، فانصرف علي باكي العين، فافتقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما فعل أبو الحسن؟ قالوا: إنصرف باكي العين يا رسول الله. قال: يا بلال إذهب فأتني به، فمضى بلال إلى علي - وقد دخل منزله باكي العين، وقالت فاطمة: ما يبكيك لا أبكى عينيك؟ قال: يا فاطمة، آخى النبي بين المهاجرين والأنصار وأنا واقف يراني ويعرف مكاني، ولم يواخ بيني وبين أحد. قالت: لا يحزنك الله، لعله إنما ادخرك لنفسه -. فقال بلال: يا علي أجب النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأتى علي النبي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا أبا الحسن؟ قال: آخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تواخ بيني وبين أحد.

ص 368

قال: إنما ادخرتك لنفسي، ألا يسرك أن تكون أخا نبيك؟ قال: بلى يا رسول الله، أنى لي بذلك، فأخذ بيده وأرقاه المنبر فقال: اللهم هذا مني وأنا منه، ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى، ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه. قال: فانصرف علي قرير العين، فأتبعه عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ يا أبا الحسن، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم (1). 6 - رواية الموفق بن أحمد الخوارزمي ورواه الخطيب الخوارزمي قائلا: أنبأني سيد القراء أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقري قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا محمود بن محمد المروزي قال: حدثنا حامد بن آدم المروزي قال: حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لما آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه وبين المهاجرين الأنصار، ولم يواخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم، خرج علي مغضبا، حتى أتى جدولا من الأرض، فتوسد ذراعه واتكى، وسفت عليه الريح، فطلبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وجده، فوكزه برجله وقال له: قم، فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب، أغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أو أخ بينك وبين أحد منهم؟ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي؟

(هامش)

(1) المناقب لابن المغازلي: 42. (*)

ص 369

ألا من أحبك حف بالأمن والإيمان، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله في الإسلام (1). 7 - ابن عساكر وأخبرناه أبو علي الحداد، وحدثني أبو مسعود عنه، أنا أبو نعيم الحافظ، نا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، نا سهل بن عبد الله أبو طاهر، نا ابن أبي السري، نا رواد، عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: رأيت عليا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه من خلفه فقال: بلغني أنك سميت أبا بكر وعمر وضريب أمثالهما ولم تذكرني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى (2). أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسن بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبد الله بن محمد، أنبأنا الحسين بن محمد الذارع البصري، أنبأنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، أنبأنا يزيد بن معن، عن عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن ابن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، فقال: أين فلان بن فلان؟ فجعل ينظر في وجوه أصحابه، فذكر الحديث في المؤاخاة، وفيه: فقال علي: لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلته، غيري، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبي والكرامة. فقال رسول الله: والذي بعثني بالحق، ما أخرتك إلا لنفسي. وأنت مني

(هامش)

(1) المناقب للخوارزمي: 39. (2) تاريخ دمشق 42 / 169. (*)

ص 370

بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي. قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي. قال: وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم. وأنت معي في قصري في الجنة، مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي. ثم تلا رسول الله: *(إخوانا على سرر متقابلين)* المتحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض (1). وهنا مطالب: الأول: في الصحابة الرواة لخبر المؤاخاة: فلقد روي خبر المؤاخاة عن عدة من الصحابة، منهم: 1 - ابن أبي أوفى. رواه أحمد بن حنبل وغيره. 2 - محدوج بن زيد الذهلي. رواه القطيعي وأبو نعيم وأبو موسى المديني وغيرهم. 3 - عبد الله بن العباس. رواه الطبراني وغيره. 4 - أنس بن مالك. رواه ابن المغازلي وغيره. 5 - عمر بن الخطاب. رواه الزرندي وغيره. 6 - يعلى بن مرة. رواه جمال الدين المحدث الشيرازي وغيره. الثاني: في أن المؤاخاة كانت مرتين: فإن المؤاخاة وقعت مرتين، مرة في مكة قبل الهجرة، بين المهاجرين، ومرة في المدينة بعد الهجرة، بين المهاجرين والأنصار، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلتا

(هامش)

(1) تاريخ دمشق 42 / 52 - 53. (*)

ص 371

المرتين بين نفسه وبين علي، وذكر حديث المنزلة في كل مرة، كما تقدم في الروايات، فإن بعضها عن المرة الأولى وبعضها عن المرة الثانية. وأما أنها كانت مرتين، فذاك صريح المحدثين وأصحاب السير: قال ابن عبد البر، بترجمة الإمام عليه السلام: وروينا من وجوه عن علي أنه كان يقول: أنا عبد الله وأخو رسول الله لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. قال أبو عمر: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين بمكة، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، وقال في كل واحدة منهما لعلي: أنت أخي في الدنيا والآخرة، وآخى بينه وبين نفسه، فلذلك كان هذا القول وما أشبه من علي (1). وقال الحافظ ابن حجر - بعد أن ذكر من أخبار المؤاخاة عن: الواقدي، وابن سعد، وابن إسحاق، وابن عبد البر، والسهيلي، وابن كثير، وغيرهم قال -: وأنكر ابن تيمية في كتاب الرد على ابن المطهر الرافضي المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصا مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي، قال: لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضا، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري. وهذا رد للنص بالقياس، وإغفال عن حكمة المؤاخاة، لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى، فآخى بين الأعلى والأدنى... قلت: وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني، وابن تيمية يصرح بأن أحاديث المختارة أصح وأقوى من أحاديث المستدرك... (2).

(هامش)

(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1098. (2) فتح الباري في شرح البخاري 7 / 217. (*)

ص 372

وقال الزرقاني المالكي تحت عنوان ذكر المؤاخاة بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين : وكانت - كما قال ابن عبد البر وغيره - مرتين، الأولى بمكة قبل الهجرة، بين المهاجرين بعضهم بعضا على الحق والمواساة، فآخى بين أبي بكر وعمر، و... وهكذا بين كل اثنين منهم إلى أن بقي علي فقال: آخيت بين أصحابك فمن أخي؟ قال: أنا أخوك. وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي، وقد روى الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أما ترضى أن أكون أخاك؟ قال: بلى؟ قال: أنت أخي في الدنيا والآخرة. وأنكر ابن تيمية هذه المؤاخاة بين المهاجرين، خصوصا بين المصطفى وعلي، وزعم أن ذلك من الأكاذيب، وأنه لم يؤاخ بين مهاجري ومهاجري. قال: لأنها شرعت لإرفاق بعضهم بعضا... ورده الحافظ بأنه رد للنص بالقياس... (1). الثالث: في أن غير واحد من روايات المؤاخاة في كتب القوم صحيح سندا: فمن ذلك: رواية الطبراني، فقد أخرجه: عن محمود بن محمد المروزي ، وهو: محمود بن محمد بن عبد العزيز، أبو محمد، قال الخطيب: قدم بغداد، وحدث بها عن داود بن رشيد، والحسين ابن علي بن الأسود، وعلي بن حجر وحامد بن آدم المروزيين، وسهل بن العباس الترمذي.

(هامش)

(1) شرح المواهب اللدنية 1 / 273. (*)

ص 373

روى عنه: محمد بن مخلد، وعبد الصمد بن علي الطستي، وأبو سهل بن زياد، وإسماعيل بن علي الخطبي، وأبو علي بن الصواف أحاديث مستقيمة . ثم روى عن طريقه حديثا، وأرخ وفاته بسنة سبع وتسعين (1). عن حامد بن آدم ، وقد أخرج عنه الحاكم في (المستدرك) (2) وذكره ابن حبان في (الثقات) (3) وقال ابن عدي: لم أر في حديثه إذا روى عن ثقة شيئا منكرا، وإنما يؤتى ذلك إذا حدث عن ضعيف (4). نعم، قد تكلم فيه السعدي، لكن السعدي نفسه مجروح، فلا يعارض بكلامه توثيق الحاكم وابن حبان وغيرهما. عن جرير عن ليث عن مجاهد وهؤلاء أئمة أعلام، لا حاجة إلى توثيقهم. الرابع: في أن بعضهم روى صدر الحديث فقط، إما للاختصار، وإما لغرض!: قال ابن الأثير: ع س - محدوج بن زيد الهذلي، مختلف في صحبته. حديثه: إن النبي قال: إن أول من يدعى يوم القيامة بي أخرجه أبو نعيم وأبو موسى (5). وقال ابن حجر: محدوج - بمهملة ساكنة وآخره جيم - بن زيد الهذلي، ذكره قيس بن الربيع الكوفي في مسنده وروى عن سعد الإسكاف: سمعت عطية

(هامش)

(1) تاريخ بغداد 13 / 94. (2) لسان الميزان 2 / 199. الطبعة الحديثة. (3) كتاب الثقات 8 / 218. (4) الكامل 3 / 409. (5) أسد الغابة في معرفة الصحابة 5 / 65. الطبعة الحديثة. (*)

ص 374

عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أول من يدعى به يوم القيامة يدعى بي أخرجه أبو نعيم وقال: مختلف في صحبته (1). المورد *(3)* عند ولادة الحسن وولادة الحسين عليهما السلام وفي رواية غير واحد من الأعلام، أنه لما ولد الحسن السبط عليه السلام، هبط جبريل عليه السلام وقال: يا محمد، إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك: علي منك بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدك، فسم ابنك هذا باسم هارون... وكذا لما ولد الحسين السبط عليه السلام. فسماهما بالحسن والحسين، باسم ولدي هارون: شبر وشبير. ومن رواة هذا الخبر: أبو سعيد الخركوشي، صاحب (شرف المصطفى)، المتوفى سنة 407 وعمر بن محمد بن خضر، المعروف بالملا، صاحب (السيرة)، المتوفى سنة 570 الموفق بن أحمد الخوارزمي المكي، المتوفى سنة 568 محب الدين الطبري الشافعي، المتوفى سنة 694 والحسين بن محمد الديار بكري صاحب (تاريخ الخميس) المتوفى سنة وأحمد بن الفضل بن باكثير المكي المتوفى سنة 1047.

(هامش)

(1) الإصابة في معرفة الصحابة 5 / 580. الطبعة الحديثة. (*)

ص 375

وإليك لفظ الخبر عن بعضهم: قال الملا في (سيرته): وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لما ولدت فاطمة الحسن رضي الله عنه قالت لعلي - كرم الله وجهه -: سمه؟ فقال: ما كنت أسبق باسمه رسول الله. ثم أخبر النبي عليه السلام فقال: وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله جل جلاله إلى جبريل عليه السلام أنه قد ولد لمحمد ولد، فأهبط إليه وهنه وقل له: إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم هارون. فهبط جبريل عليه السلام فهناه من الله جل جلاله، ثم قال: إن الله تعالى ذكره أمرك أن تسميه باسم ابن هارون، قال: وما كان اسم ابن هارون؟ قال: شبير. فقال صلى الله عليه وسلم: لساني عربي، فقال: سمه الحسن (1). وقال الحافظ محب الدين الطبري: وعن أسماء بنت عميس قالت: قبلت فاطمة بالحسن، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسماء هلمي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء، فألقاها عنه قائلا: ألم أعهد إليكن أن لا تلفوا مولودا بخرقة صفراء! فلفيته بخرقة بيضاء، فأخذه، وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثم قال لعلي: أي شيء سميت ابني؟ قال: ما كنت لأسبقك بذلك. فقال: وأنا لا أسابق ربي. فهبط جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك: علي مني بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعدك. فسم ابنك هذا باسم ابن هارون.

(هامش)

(1) وسيلة المتعبدين إلى متابعة سيد المرسلين 5 / 225. (*)

ص 376

فقال: وما كان اسم ابن هارون يا جبرئيل؟ قال: شبر. فقال صلى الله عليه وسلم: إن لساني عربي. فقال: سمه الحسن. ففعل صلى الله عليه وسلم. فلما كان بعد الحول ولد الحسين. فجاء نبي الله. وذكرت مثل الأول، وساقت قصة التسمية مثل الأول، وأن جبريل عليه السلام أمره أن يسميه باسم هارون شبير. فقال النبي مثل الأول، فقال: سمه حسينا. خرجه الإمام علي بن موسى الرضا (1). وذكره الحافظ الخوارزمي بالإسناد في كتابه (مقتل الحسين) بعد خبر رواه عن: الحافظ أبي الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن أحمد البيهقي، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين قال: وبهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد المفسر، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، حدثني أبي، حدثني علي بن موسى، حدثني أبي موسى بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثتني أسماء بنت عميس... (2).

(هامش)

(1) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: 120. (2) مقتل الحسين: 87 - 88. (*)

ص 377

صحة سند هذا الخبر وهذا الخبر صحيح: فأما (إسماعيل بن أحمد البيهقي) وهو ابن البيهقي، أثنى عليه كل من ترجم له من الأعلام، فراجع: 1 - تذكرة الحفاظ 3 / 1133 2 - الكامل في التاريخ 10 / 499 3 - التحبير للسمعاني 1 / 83 4 - طبقات السبكي 7 / 44 5 - النجوم الزاهرة 5 / 205 6 - البداية والنهاية 12 / 176 7 - تتمة المختصر 2 / 37 وتوفي سنة 507. وأما (أبو بكر البيهقي)، فإليك نبذة من كلماتهم في حقه مع التلخيص: فقد قال ياقوت في (بيهق): قد أخرجت هذه الكورة من لا يحصى من الفضلاء والعلماء والفقهاء والأدباء، ومن أشهر أئمتهم الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين، صاحب التصانيف المشهورة، وهو الإمام الحافظ الفقيه الأصولي الدين الورع، أوحد الدهر في الحفظ والإتقان، مع الدين المتين، من أجل أصحاب أبي عبد الله الحاكم والمكثرين عنه، ثم فاقه في فنون من العلم تفرد بها. مات سنة 454 (1). وقال السمعاني: كان إماما فقيها حافظا، جمع بين معرفة الحديث

(هامش)

(1) معجم البلدان - بيهق. (*)

ص 378

والفقه، وكان يتتبع نصوص الشافعي... (1). وقال ابن خلكان: الفقيه الشافعي الحافظ الكبير، واحد زمانه وفرد أقرانه في الفنون، وهو أول من جمع نصوص الإمام الشافعي، وكان قانعا من الدنيا بالقليل. وقال إمام الحرمين في حقه: ما من شافعي المذهب إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي فإن له على الشافعي منة، أخذ عنه الحديث جماعة من الأعيان (2). وقال الذهبي: هو الحافظ العلامة الثبت الفقيه شيخ الإسلام أبو بكر، بورك له في علمه وصنف التصانيف النافعة. قال الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء، قانعا باليسير متجملا في زهده وورعه. قال شيخ القضاة أبو علي إسماعيل بن البيهقي قال أبي: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب - يعني كتاب المعرفة من السنن والآثار - وفرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت الفقيه محمد بن أحمد - وهو من صالحي أصحابي وأكثرهم تلاوة وأصدقهم لهجة - يقول: رأيت الشافعي في النوم وبيده أجزاء هذا الكتاب وهو يقول: كتبت اليوم من كتاب الفقيه سبعة أجزاء. أو قال: قرأتها، ورآه يعتد بذلك. قال: وفي صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني الشافعي قاعدا في الجامع على السرير وهو يقول: قد استفدت اليوم من كتاب الفقيه حديث كذا وكذا. وأخبرنا أبي قال: سمعت الفقيه أبا محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ يقول: سمعت الفقيه محمد بن عبد العزيز المروزي يقول: رأيت في المنام كأن تابوتا علا في السماء يعلوه نور. فقلت: ما هذا؟

(هامش)

(1) الأنساب - البيهقي. (2) وفيات الأعيان 1 / 75. (*)

ص 379

فقال: تصنيفات أحمد البيهقي. ثم قال شيخ القضاة: سمعت الحكايات الثلاث من الثلاثة المذكورين. قلت: هذه الرؤيا حق، فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قل من جود تواليفه مثل الإمام أبي بكر البيهقي، فينبغي للعالم أن يعتني بها ولا سيما سننه الكبير (1). وقال الذهبي أيضا: الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان أبو بكر. بورك له في عمله لحسن مقصده وقوة فهمه وحفظه، وعمل كتبا لم يسبق إلى تحريرها... (2). وهكذا تجد الثناء عليه في غير هذه الكتب، حيث يذكرونه بالأوصاف الجليلة والألقاب العظيمة، ويذكرون الكلمات في حقه والحكايات في كتبه ومصنفاته، فراجع تراجمه في (مرآة الجنان) و(العبر) و(طبقات السبكي) و(الكامل في التاريخ) و(المختصر في أخبار البشر) و(طبقات الحفاظ) وغيرها. وأما (أبو القاسم المفسر) فهو: الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب الواعظ: ترجم له عبد الغافر، ووصفه بالأستاذ، الإمام، الواعظ، المفسر، الكامل، قال: سمع وجمع، وحدث عن الأصم، وأبي عبد الصفار، وأبي الحسن الكارزي، وأبي محمد المزني، وأبي سعيد عمرو بن محمد بن منصور الضرير، وأبي جعفر محمد بن صالح بن هاني، وأبي زكريا العنبري وغيرهم. وتوفي ليلة الثلاثاء، في ذي القعدة، سنة 406 (3).

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 18 / 163. (2) تذكرة الحفاظ 2 / 1132. (3) السياق في تاريخ نيسابور: 268. (*)

ص 380

وترجم له الصفدي وقال: قال ياقوت: ذكره عبد الغافر فقال: إمام عصره في معاني القراءات وعلومها. وقد صنف التفسير المشهور به، وكان أديبا نحويا، عارفا بالمغازي والقصص والسير. مات في ذي القعدة سنة 406. وصنف في القراءات والأدب وعقلاء المجانين. وكان يدرس لأهل التحقيق ويعظ العوام، وانتشر عنه بنيسابور العلم الكثير، وسارت تصانيفه في الآفاق. حدث عن الأصم وعبد الله بن الصفار وأبي الحسن الكارزي، وكان أبو إسحاق الثعلبي من خواص تلاميذه، وكان كرامي المذهب ثم تحول شافعيا. وكان في داره بستان وبئر، وكان إذا قصده إنسان من الغرباء إن كان ذا ثروة طمع في ماله وأخذ منه حتى يقرئه، وإن كان فقيرا، أمره بنزع الماء من البئر للبستان بقدر طاقته. وكان لا يفعل هذا بأهل بلده. ومن شعره... (1). وأما (أبو بكر الحفيد) فمن مشاهير المحدثين، ونكتفي بترجمته في (الأنساب): قال: كان محدث أصحاب الرأي في عصره، كثير الرحلة والسماع والطلب، خرج إلى العراق والبحرين وغاب عن بلده أربعين سنة، سمع... سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وذكره في التاريخ وقال: كان محدث أصحاب الرأي، كثير الرحلة والسماع والطلب، لولا مجون كان فيه، وذلك أنه خرج من نيسابور سنة 290 وانصرف إليها سنة 330، وأكثر مقامه كان بالعراقين... ومن الناس من يجرحه ويتوهم أنه في الرواية، فليس كذلك، فإن

(هامش)

(1) الوافي بالوفيات 12 / 239. (*)

ص 381

جرحه كان بشرب المسكر، فإنه على مذهبه كان يشرب ولا يستره... حدث بنيسابور تسع سنين، وقد أكثرنا عنه... وتوفي بهراة، في شهر رمضان، من سنة 344 (1). وأما (أبو القاسم الطائي) فقد ترجم له الخطيب في تاريخه فقال: عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح، أبو القاسم الطائي. روى عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، نسخة. حدث عنه: أبو بكر الجعابي، وأبو بكر ابن شاذان، وابن شاهين، وإسماعيل بن ممد بن زنجي، وأبو الحسن ابن الجنيد. وأخبرنا محمد بن عبد الملك القرشي، أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، حدثني أبي - في سنة 260 - حدثنا علي بن موسى - سنة 294 - حدثني أبي موسى بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثني أبي الحسين بن علي، حدثني أبي علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله: الإيمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان. حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة بن يوسف يقول: سمعت أبا محمد بن علي - هو البصري - يقول: عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان بن صالح، أبو القاسم الطائي كان أميا، لم يكن بالمرضي، روى عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا. قال لي الحسن بن محمد الخلال: توفي عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي في سنة 324. وقرأت في كتاب محمد بن علي بن عمر بن الفياض: توفي عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي يوم الجمعة لأربع عشر ليلة خلت من شهر ربيع

(هامش)

(1) الأنساب - الحفيد 2 / 282. الطبعة الحديثة. (*)

ص 382

الآخر من سنة 324 (1). أقول: لم أجد ذكرا لعبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، ولا لأبيه، في كتاب (الكامل) لابن عدي المتوفى سنة 365، ولا في كتاب (الضعفاء الكبير) لأبي جعفر العقيلي، المتوفى سنة 322، ولا في كتاب (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم المتوفى سنة 327، مع أنهم معاصرون له، فهما غير مذكورين في هذه الكتب، ولا في غيرها من كتب الجرح والتعديل، مما يدل على أن لا موضع للطعن فيهما، وإلا لذكروهما، وخاصة ابن عدي صاحب (الكامل) فإنه قد بنى على أن يذكر في كتابه المذكور من تكلم فيه ولو بأدنى لين وبأقل تجريح. وأما ما حكاه الخطيب عن حمزة بن يوسف أنه سمع أبا محمد بن علي - هو البصري، من قوله في عبد الله: كان أميا لم يكن بالمرضي فلا يجوز الاعتماد عليه بوجه، لكونه جرحا مبهما، ثم من هو: أبو محمد بن علي البصري؟ فراجعت (ميزان الاعتدال) فوجدت القائل هو: الحسن بن علي الزهري، وكذا في (لسان الميزان) (2)، فهو: أبو محمد الحسن بن علي الزهري البصري، ولكن من هو؟ يقول الذهبي: لم أظفر له بترجمة (3). ومن جهة أخرى، فإن الذهبي وابن حجر لم ينقلا في الرجل شيئا عن أساطين الرجاليين، مع أن الذهبي يذكر في مقدمة كتابه قائلا: وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين، وبأقل تجريح، فلولا أن ابن عدي أو غيره من

(هامش)

(1) تاريخ بغداد 9 / 385 - 386. (2) ميزان الاعتدال 2 / 390 لسان الميزان 3 / 305. (3) تذكرة الحفاظ / 1021، سير أعلام النبلاء 16 / 436. (*)

ص 383

مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته، لثقته... فما باله، لم يتبع القوم في هذا المورد، وأخذ المطلب من الخطيب مع عدم ذكر اسمه؟! وأما (أبوه) فلم يعنونه أحد، حتى الذهبي - الذي عنون ابنه بما ذكرناه، وقد عرفت الكلام فيه - ولذا قال المتقي: قال السيوطي: إن الذهبي لم يتهم إلا الابن، والأب موثق (1). وعلى الجملة، فالرواية معتبرة، ويؤكد ذلك ما ذكروه بترجمة البيهقي من أنه كان لا يروي شيئا يراه موضوعا. صحة السند إلى صحيفة الرضا عليه السلام وبهذه المناسبة، فقد عثرنا على سند معتبر من طرق القوم إلى (صحيفة الرضا) عليه السلام. ويقويه أيضا الطريق الصحيح الآخر، فقد عرفنا من عبارة (تاريخ بغداد) أن الخطيب يروي (الصحيفة) عن شيخه محمد بن عبد الملك القرشي، عن عمر ابن أحمد الواعظ، عن عبد الله بن أحمد... فأما (الخطيب) فغني عن التوثيق. وأما (محمد بن عبد الملك القرشي) فقد ترجم له الخطيب قال: سمع محمد بن المظفر الحافظ... وخلقا من هذه الطبقة. كتبنا عنه وكان صدوقا، وسألته عن مولده فقال: في جمادي الآخرة من سنة 373. ومات في ليلة الجمعة، ودفن في مقبرة باب حرب، يوم الجمعة 29 جمادى الأولى سنة 448، وصليت عليه في جامع المدينة (2).

(هامش)

(1) كنز العمال 13 / 153. (2) تاريخ بغداد 2 / 348. (*)

ص 384

وأما (عمر بن أحمد الواعظ) فهو الحافظ ابن شاهين، الغني عن الترجمة والتوثيق. المورد *(4)* يوم خيبر ورواه جمع من الحفاظ بأسانيدهم: قال الفقيه ابن المغازلي الشافعي: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب البيع رحمه الله، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجرائي، حدثنا أبو الحسن علي بن سليمان بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن علي، حدثنا جعفر بن محمد بن ربيعة البجلي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني، حدثنا كادح بن جعفر ب، [عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن بن زياد] عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبد الله قال: لما قدم علي بن أبي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا علي، لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما. ولكن حسبك أن تكون مني [وأنا منك، ترثني وأرثك. وأنت مني] بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت تبرئ ذمتي وتستر عورتي وتقاتل على سنتي، وأنت غدا في الآخرة أقرب الخلق مني، وأنت على الحوض خليفتي، وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني. وإن حربك حربي وسلمك سلمي وسريرتك سريرتي [وعلانيتك

ص 385

علانيتي] وإن ولدك ولدي، وأنت تقضي ديني، وأنت تنجز وعدي، وإن الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك، الإيمان مخالط لحمك ودمك، كما خالط لحمي ودمي، لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك. فخر علي ساجدا وقال: الحمد لله... (1). وقال الحافظ الموفق بن أحمد الخوارزمي: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب إلي من همدان - أخبرني أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدثني الشيخ أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة، عن مسند زيد بن علي، حدثنا الفضل بن عباس، حدثنا أبو عبد الله محمد بن سهل، حدثنا محمد بن عبد الله البلوي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن العلاء، حدثني أبي، عن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله يوم فتحت خيبر: يا علي، لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ من المسلمين إلا وأخذوا تراب نعليك وفضل طهورك يستشفون به. ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك، ترثني وأرثك. أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، أنت تؤدي ديني وتقاتل على سنتي، وأنت... (2). وقال الحافظ أبو عبد الله الكنجي: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف ابن بركة الكتبي، أخبرنا الحافظ أبو العلاء الهمداني، أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن

(هامش)

(1) مناقب علي بن أبي طالب: 237 - 238. (2) مناقب علي بن أبي طالب: 75. (*)

ص 386

عبدوس بن عبد الله الهمداني، حدثنا أبو طاهر الحسين بن سلمة بن علي، عن مسند زيد بن علي... إلى آخر ما تقدم (1). رواية الحديث باختصار ثم إن هذا الحديث يشتمل على عدة مناقب لأمير المؤمنين عليه السلام، وقد روى بعض أعلام القوم بأسانيدهم بعض تلك المناقب: أخرج ابن أبي حاتم: روى أحمد بن عثمان بن حكيم، عن حسن بن حسين، عن كادح بن جعفر، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن جابر، قال: لما قدم علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح خيبر، قال رسول الله: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح بن مريم، لقلت فيك اليوم قولا (2). وأخرج الطبراني بسنده: إن رسول الله قال لعلي: والذي نفسي بيده لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي بما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بأحد من المسلمين إلا أخذ التراب من أثر قدميك يطلب به البركة (3). وأخرجه الخوارزمي بسنده إلى الطبراني قال: أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا محمود بن إسماعيل، أخبرنا أحمد بن فادشاه، أخبرنا الطبراني، عن أحمد بن محمد القنطري، عن حرب بن الحسن،

(هامش)

(1) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 264. (2) علل الحديث 1 / 313. (3) مجمع الزوائد 9 / 131. (*)

ص 387

عن يحيى بن يعلى، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، قال قال رسول الله:... (1). الكلام على هذا السند وهذا الحديث على رواية ابن أبي حاتم صحيح على أصولهم: فأما ابن أبي حاتم فغني عن التعريف. وأما أحمد بن عثمان بن حكيم فمن رجال البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة (2). وأما حسن بن حسين وهو العرني، فقد حققنا حاله في بعض بحوثنا، وأثبتنا أن لا أساس للقدح فيه والجرح له، ومن تكلم فيه فإنما هو لتشيعه، بل لقد نص بعضهم على أنه كان من رؤساء الشيعة... وسيأتي مزيد من الكلام حوله. وأما كادح بن جعفر : فقد قال أبو حاتم: صدوق. وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: ليس به بأس. وقال أحمد أيضا: رجل صالح فاضل خير. وفي رواية: كان صاحب سنة وعبادة، يعني بالحديث. وذكره ابن شاهين في الثقات (3). قلت: لم ينقل فيه قدح إلا عن أبي الفتح الأزدي، قال: ضعيف زائغ (4).

(هامش)

(1) مقتل الحسين: 45. (2) تقريب التهذيب 1 / 21. (3) لسان الميزان 4 / 574. (4) لسان الميزان 4 / 574. (*)

ص 388

لكن الأزدي نفسه ضعيف، فقد نص الذهبي والحافظ ابن حجر عقب تضعيفه بعض الرجال على ذلك، وقالا: ليته عرف ضعف نفسه (1)! وأما عبد الله بن لهيعة فهو من رجال مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة (2). وأما عبد الرحمن بن يسار فهو أبو مزرد، من رجال البخاري في الأدب المفرد. قال الحافظ مقبول (3). وأما مسلم بن يسار فهو من رجال البخاري في الأدب المفرد، وابن ماجة، وأبي داود، والترمذي (4). وأما الحديث بسند الطبراني، فقد تكلم الهيثمي في اثنين من رجاله، وهما: 1 - حرب بن الحسن. 2 - يحيى بن يعلى. قلت: لكنه في موضع آخر نص في حرب بن الحسن أنه قد وثق (5) وقد وثقه ابن حبان إذ ذكره في كتاب (الثقات) وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: شيخ (6). نعم، نقل الحافظ عن الأزدي قوله فيه: ليس بذلك (7). وقد عرفت حال الأزدي!

(هامش)

(1) ميزان الاعتدال 1 / 61، مقدمة فتح الباري: 430. (2) تقريب التهذيب 1 / 444. (3) تقريب التهذيب 2 / 472. (4) تقريب التهذيب 2 / 247. (5) مجمع الزوائد 7 / 103، 9 / 168. (6) الجرح والتعديل 3 / 252. (7) لسان الميزان 2 / 184. (*)

ص 389

وأما يحيى بن يعلى - وهو الأسلمي القطواني - فهو من رجال البخاري في الأدب المفرد، ومن رجال الترمذي، وابن حبان في صحيحه. ومع ذلك، فقد تكلم فيه غير واحد، لكن السبب هو التشيع كما نص عليه بعضهم (1). على أنه متابع في رواية هذا الحديث. المورد *(5)* عند النهي عن الرقاد في المسجد لقد كان الأصحاب يرقدون في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان هذا دأب كثير منهم، حتى جاء النهي عن ذلك، فظن علي عليه السلام شمول النهي له أيضا، فأعلمه رسول الله بأنه لغيره ولا يشمله، وذكر أن منزلته منه منزلة هارون من موسى. ومن الأخبار بهذا ما أخرجه ابن عساكر: أخبرنا أبو الحسن السلمي، نا عبد العزيز التميمي، أنا علي بن موسى بن الحسين، أنا أبو سليمان بن زبر، نا محمد بن يوسف الهروي، نا محمد بن النعمان ابن بشير، نا أحمد بن الحسين بن جعفر الهاشمي اللهبي، حدثني عبد العزيز بن محمد، عن حزان بن عثمان، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله، عن أبيهما جابر بن عبد الله الأنصاري قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في المسجد وفي يده عسيب رطب فضربنا وقال: أترقدون في المسجد، إنه لا يرقد فيه أحد ، فأجفلنا وأجفل معنا علي بن أبي طالب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال يا علي إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، يا علي ألا ترضى أن تكون

(هامش)

(1) تهذيب الكمال 32 / 50. (*)

ص 390

مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والذي نفسي بيده إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالا كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصا معك من عوسج، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي . أخبرناه عاليا أبو المظفر بن القشيري، وأبو القاسم الشحامي، قالا: أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا أبو سعيد محمد بن بشر، نا محمد بن إدريس، نا سويد ابن سعيد، نا حفص بن ميسرة، عن حرام بن عثمان، عن ابن جابر - أراه عن جابر - قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مضطجعون في المسجد، فضربنا بعسيب في يده فقال: أترقدون في المسجد، إنه لا يرقد فيه ، فأجفلنا، وأجفل علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعال يا علي، إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي، ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، والذي نفسي بيده إنك لذواد عن حوضي يوم القيامة، تذود كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصا لك من عوسج، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي (1). قال: وأما ما روي عن زيد بن أبي أوفى: فأخبرناه أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد، أنا جدي أبو بكر أنا محمد بن يوسف الهروي، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أن محمد بن إسماعيل بن مرزوق حدثهم عنه أبيه، عن شرحبيل بن سعد، عن زيد بن أبي أوفى قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فقام علي فقال: إنك مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي (2).

(هامش)

(1) تاريخ دمشق 42 / 139. (2) تاريخ دمشق 42 / (*)

ص 391

أقول: اختصر لفظ الحديث، كما اختصره الحافظ ابن أبي عاصم، حديث رواه فقال: ثنا نصر بن علي، ثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي، ثنا يزيد بن معن، ثنا عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت عندي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي (1). الكلام على أحد الأسانيد المذكورة ولا يخفى أن رجال الأسانيد المذكورة أكثرهم من الأئمة الأعلام عند أهل السنة، ونحن نتكلم على واحد منها بشيء من التفصيل وهو السند الثاني، فنقول: أبو القاسم الشحامي هو: زاهر بن طاهر، وتجد ترجمته في كثير من المصادر، وقد وصفه الذهبي - الشيخ العالم، المحدث المفيد المعمر، مسند خراسان (2). وتوفي سنة 533. و محمد بن عبد الرحمن هو: الكنجروذي، وتوجد ترجمته في كثير من المصادر، ووصفه الذهبي ب‍ الشيخ الفقيه، الإمام الأديب، النحوي، الطبيب، مسند خراسان... (3). وتوفي سنة 453.

(هامش)

(1) كتاب السنة: 595. (2) سير أعلام النبلاء 20 / 9. (3) سير أعلام النبلاء 18 / 101. (*)

ص 392

و أبو سعيد محمد بن بشر هو الكرابيسي، وتوجد ترجمته في كثير من المصادر، وقد وصفه الذهبي ب‍ الشيخ الصالح المسند (1). وتوفي سنة 378. و محمد بن إدريس هو: أبو حاتم الرازي، وهو كما وصفه الذهبي وغيره: الإمام الحافظ، الناقد، شيخ المحدثين وقالوا: هو من أقران البخاري ومسلم وذكروا أنه كان متعنتا في الرجال! وتوفي سنة 277 (2). و سويد بن سعيد من رجال مسلم وابن ماجة، ووصفه الذهبي ب‍ الإمام المحدث الصدوق شيخ المحدثين ، لكن ذكروا بترجمته أنه قدم في كتابه في الفضائل عليا وأخر أبا بكر وعمر، فتكلم فيه بعضهم لهذا!! وأيضا تكلم فيه لروايته: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة حتى زعم ابن الجوزي أن أحمد بن حنبل قال: هو متروك الحديث. فقال الذهبي: هذا النقل مردود، لم يقله أحمد ثم ذكروا من مناكيره بزعمهم المهدي من ولد فاطمة وتوفي سنة 240 (3). و حفص بن ميسرة من رجال البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة، وروى عنه الثوري، وابن وهب، وآدم، وجماعة من الأئمة. ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والذهبي وغيرهم. وتوفي سنة 181 (4). و حرام بن عثمان الأنصاري المديني، روى عنه معمر بن راشد وغيره من الأئمة، وقد تكلموا فيه، وذكروا حديثنا من جملة مناكيره!! ووصفه بعضهم - كما في التاريخ الكبير للبخاري - بالتشيع، بل في كلام ابن حبان: كان غاليا!! فإن كان هذا هو السبب في جرحه وتضعيفه، فقد تقرر عندهم أن التشيع لا يضر

(هامش)

(1) سير أعلام النبلاء 16 / 415. (2) سير أعلام النبلاء 13 / 247. (3) سير أعلام النبلاء 11 / 410. (4) سير أعلام النبلاء 8 / 231. (*)

ص 393

بالوثاقة، وهذا ما نص عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني في غير موضع من مقدمة (فتح الباري في شرح صحيح البخاري). المورد *(6)* عند سد الأبواب قال الفقيه ابن المغازلي الشافعي: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، حدثنا أبو الحسين محمد بن المظفر ابن موسى بن عيسى الحافظ، حدثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع، حدثنا جعفر بن عبد الله بن محمد أبو عبد الله، حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثنا سلام بن أبي عمرة عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله المدينة لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها، فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا. ثم إن القوم بنوا بيوتا حول المسجد وجعلوا أبوابها إلى المسجد، وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث إليهم معاذ بن جبل فنادى أبا بكر فقال: إن رسول الله يأمرك أن تخرج من المسجد فقال: سمعا وطاعة فسد بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى عمر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن تسد بابك الذي في المسجد وتخرج منه، فقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله غير أني أرغب إلى الله في خوخة في المسجد فأبلغه معاذ ما قال عمر، ثم أرسل إلى عثمان وعنده رقية فقال: سمعا وطاعة فسد بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى حمزة فسد بابه وقال: سمعا وطاعة لله ولرسوله، وعلي على ذلك يتردد لا يدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، وكان النبي صلى الله عليه وآله قد بنا له

ص 394

بيتا في المسجد بين أبياته فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أسكن طاهرا مطهرا! فبلغ حمزة قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي فقال: يا محمد تخرجنا وتمسك غلمان بني عبد المطلب؟ فقال له نبي الله: لا، لو كان الأمر لي، ما جعلت من دونكم من أحد، والله ما أعطاه إياه إلا الله، وإنك لعلي خير من الله ورسوله أبشر! فبشره النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقتل يوم أحد شهيدا. ونفس ذلك رجال على علي، فوجدوا في أنفسهم وتبين فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فقام خطيبا فقال: إن رجالا يجدون في أنفسهم أني أسكنت عليا في المسجد. والله ما أخرجتهم ولا أسكنته: إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه *(أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلوة)* وأمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله إلا هارون وذريته، وإن عليا مني بمنزلة هارون من موسى، وهو أخي دون أهلي، ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلا علي وذريته، فمن ساءه فهاهنا - وأومأ بيده نحو الشام. الكلام على هذا السند ولا بأس بالنظر في أحوال رجال هذا السند، فنقول: أما محمد بن أحمد بن عثمان فهو: محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج ابن الأزهر، أبو طالب السوادي، المتوفى سنة 445. قال الخطيب: سمع... محمد بن المظفر... كتبنا عنه وكان صدوقا (1).

(هامش)

(1) تاريخ بغداد 1 / 319. (*)

ص 395

وأما محمد بن المظفر فقد ترجم له الخطيب والذهبي وغيرهما من الأعيان: قال الخطيب: كان حافظا فهما صادقا مكثرا... أخبرني أحمد بن علي المحتسب: حدثنا محمد بن أبي الفوارس قال: كان محمد بن المظفر ثقة أمينا مأمونا حسن الحفظ، وانتهى إليه الحديث وحفظه وعلمه... قال العتيقي: وكان ثقة مأمونا حسن الخط (1). وقال الذهبي: الشيخ الحافظ المجود، محدث العراق... تقدم في معرفة الرجال، وجمع وصنف، وعمر دهرا، وبعد صيته وأكثر الحفاظ عنه، مع الصدق والإتقان، وله شهرة ظاهرة وإن كان ليس في حفظ الدارقطني (2). وتوفي سنة 379. وأما محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع فهو أبو الطيب اللخمي، المتوفى سنة 318. قال الخطيب: كان ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة، وأمر بمعروف ونهي عن منكر (3). وأما جعفر بن عبد الله بن محمد فلم أعثر عليه الآن، وأظنه خطأ من النسخة. وأما إسماعيل بن أبان فهو - بقرينة روايته عن سلام بن أبي عمرة كما في (تهذيب الكمال) - إسماعيل بن أبان الوراق الكوفي، وهو من رجال البخاري في صحيحه، والترمذي، ومن مشايخ ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل

(هامش)

(1) تاريخ بغداد 3 / 262. (2) سير أعلام النبلاء 16 / 418. (3) تاريخ بغداد 2 / 236. (*)

ص 396

وأبي زرعة وأمثالهم من الأئمة (1). وأما سلام بن أبي عمرة فهو من رجال الترمذي. وأما معروف بن خربوذ فهو من رجال البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجة. وأما أبو الطفيل و حذيفة فهما الصحابيان الجليلان. المورد *(7)* يوم خرج على أصحابه متكئا على علي وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي، أنت أول المؤمنين إيمانا وأولهم إسلاما، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى... أخرجه جماعة من الأئمة: قال المتقي الهندي: مسند عمر. عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب، كفوا عن ذكر علي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في علي ثلاث خصال، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح، ونفر من أصحاب رسول الله، والنبي متكئ على علي بن أبي طالب، حتى ضرب بيده على منكبه ثم قال: أنت يا علي أول المؤمنين إيمانا وأولهم إسلاما ثم قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وكذب علي من زعم أنه يحبني ويبغضك. الحسن بن بدر في (ما رواه الخلفاء) والحاكم في (الكنى) والشيرازي في

(هامش)

(1) تهذيب الكمال 3 / 5. (*)

ص 397

(الألقاب) وابن النجار (1). وقال ابن عساكر تحت عنوان: فأما ما روي عن عمر بن الخطاب من خبر المنزلة: وأخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن محارب بن عمرو الأنصاري الأوسي الاصطخري، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أدران الخياط بشيراز سنة 304، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، وصي المأمون، حدثني أمير المؤمنين المأمون، حدثني أمير المؤمنين الرشيد، حدثني أمير المؤمنين المهدي، حدثني أمير المؤمنين المنصور عن أبيه عن جده: عن عبد الله بن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب وعنده جماعة فتذاكروا السابقين إلى الإسلام فقال عمر: أما علي، فسمعت رسول الله يقول فيه ثلاث خصال، لوددت أن لي واحدة منهن، فكان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، كنت أنا وأبو عبيدة وأبو بكر وجماعة من الصحابة، إذ ضرب النبي بيده على منكب علي فقال له: يا علي، أنت أول المؤمنين إيمانا وأول المسلمين إسلاما، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى (2). وقال الخوارزمي: أخبرنا الإمام العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود ابن عمر الزمخشري الخوارزمي، أخبرني الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مروك الرازي، أخبرني الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن الحسين السمان، حدثني محمد بن عبد الواحد الخزاعي لفظا، حدثني أبو محمد عبد الله ابن سعد الأنصاري، حدثنا أبو محمد عبد الله بن أدران الخياط الشيرازي،

(هامش)

(1) كنز العمال 13 / 122 رقم 36392. (2) تاريخ دمشق 42 / 166. (*)

ص 398

حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري وصي المأمون، حدثني أمير المؤمنين... (1). الكلام على سند هذا الحديث وهذا الحديث بسند ابن عساكر لا بأس به: فأما ابن البنا فهو: أبو غالب أحمد بن أبي علي الحسن بن أحمد البغدادي الحنبلي، المتوفى سنة 527. ترجم له الذهبي قال: الشيخ الصالح الثقة... حدث عنه: السلفي وابن عساكر وأبو موسى المديني... وخلق. وكان من بقايا الثقات. مات في صفر وقيل مات في ربيع الأول، سنة 527 (2). وأما ابن الآبنوسي فهو: أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمآد البغدادي، المتوفى سنة 457. قال الخطيب: كتبت عنه وكان سماعه صحيحا (3). وقال الذهبي حيث عنونه: الشيخ الثقة... (4). وأما عبد الله بن محمد بن سعيد فقد ترجم له الخطيب في تاريخه، فقال: سكن بغداد وحدث بها عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وزكريا بن يحيى الساجي، وعبد الله بن أدران الشيرازي، وخلق كثير من الغرباء. حدثنا عنه: أحمد بن محمد العتيقي، والقاضيان أبو عبد الله الصيمري، وأبو القاسم التنوخي، وأبو الفتح محمد بن الحسين العطار قطيط، وأبو منصور

(هامش)

(1) مناقب علي بن أبي طالب: 19. (2) سير أعلام النبلاء 19 / 605. (3) تاريخ بغداد 1 / 356. (4) سير أعلام النبلاء 18 / 85. (*)

ص 399

محمد بن عيسى الهمداني وغيرهم. وأكثر من يروي عنهم مجهولون لا يعرفون، وأحاديثه عن أبي خليفة مقلوبة، وهي بروايات ابن دريد أشبه... سألت الصيمري عن حال هذا الشيخ فقال: أظنهم تكلموا فيه... (1). أقول: لم أجد أحدا تكلم فيه. وهل يكفي لإسقاط رجل قول القائل: أظنهم! تكلموا فيه!؟ وأما عبد الله بن آدران الشيرازي فلم أعرفه، لكن تابعه أبو الحسن علي بن المبارك المسروري - كما في تعليقة العلامة المحمودي، عن كتاب (الكنى) لأبي أحمد الحاكم - فقد ترجم له الخطيب، وذكر روايته عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، ولم يتكلم عليه بشيء. وأما إبراهيم بن سعيد الجوهري فهو من رجال مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة (2). المورد *(8)* في بيت أم سلمة وجاء قوله صلى الله عليه وآله وسلم هذا، في حديث رواه القوم، عن أم سلمة وابن عباس، يتضمن عدة مناقب وفضائل لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: وقد روي بطريقين: 1 - أخرج أبو نعيم: حدثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: حدثنا عبد الله بن داهر الرازي، قال: حدثني داهر

(هامش)

(1) تاريخ بغداد 10 / 133. (2) تقريب التهذيب 1 / 35. (*)

ص 400

ابن يحيى الأحمري المقري، قال: حدثنا الأعمش، عن عباية، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. يا أم سلمة: اشهدي واسمعي، هذا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي، وبابي الذي أوتى منه، والوصي عن الأموات من أهل بيتي، أخي في الدنيا وخدني في الآخرة، ومعي في السنام الأعلى (1). وأخرج الخطيب الخوارزمي، قال: أنبأني أبو العلاء - هذا - أخبرنا الحسن بن أحمد المقري، حدثنا أحمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو الفرج أحمد بن جعفر النسائي، حدثنا محمد بن جرير... إلى آخر ما تقدم (2). وأخرج الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، أنبأنا أبو بكر محمد بن المظفر بن بكران الشامي، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي، أنبأنا أبو يعقوب محمد بن يوسف بن أحمد بن الدجيل، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، حدثني علي بن سعيد، أنبأنا عبد الله بن داهر بن يحيى الرازي، حدثني أبي، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم سلمة: يا أم سلمة إن عليا لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي (3).

(هامش)

(1) منقبة المطهرين - مخطوط. (2) مناقب علي بن أبي طالب: 142. الطبعة الحديثة. (3) تاريخ دمشق 42 / 42 وعنه: كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 167. (

ص 401

2 - أخرج الطبراني: حدثنا علي بن العباس البجلي الكوفي، ثنا محمد ابن تسنيم، ثنا حسن بن حسين العرني، ثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: هذا علي بن أبي طالب، لحمه لحمي ودمه دمي، هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (1). وأخرجه شيخ الإسلام الحمويني، بإسناده عن: يعقوب بن سفيان الفسوي، أنبأنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الحضرمي، حدثنا حسن بن حسين العرني... وبذيله: يا أم سلمة، هذا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، ووصيي، ووعاء علمي، وبابي الذي أوتى منه، أخي في الدنيا والآخرة، ومعي في السنام الأعلى، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين (2). الكلام على الطريق الأول والذي يظهر من كلمات القوم أن لا كلام في سند الرواية عن الأعمش، عن عباية، عن ابن عباس، عن رسول الله، إلا من جهة داهر بن يحيى . ففي (تاريخ دمشق) بعد أن أخرجه عن طريق أبي جعفر العقيلي كما تقدم: قال أبو جعفر: داهر بن يحيى الرازي كان يغلو في الرفض، لا يتابع على حديثه . وقد ذكر العقيلي الحديث كذلك مع القول المذكور بترجمة داهر من كتابه. وذكر بعده الحديث التالي: عن ابن عباس قال: ستكون فتنة، فإن

(هامش)

(1) المعجم الكبير 11 / 14 رقم 12341. (2) فرائد السمطين 1 / 149 - 150. (*)

ص 402

أدركها أحد منكم فعليه بخصلتين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله يقول - وهو آخذ بيد علي - هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي (1). وبما أن العقيلي تكلم في داهر فقد ذكره الذهبي في (ميزانه) - لأن دأبه في هذا الكتاب أن يذكر كل من تكلم فيه - فنقل عنه الحديث وذكر كلامه في الرجل، ثم صرح بالتالي قائلا: ولم أر أحدا ذكر داهرا حتى ولا ابن أبي حاتم بلديه (2). فإذن، لا متكلم في الرجل إلا العقيلي! وكلامه ليس إلا رافضي بغيض !! وأنت تعلم أن هذا ليس بجرح!! وابن حجر الحافظ ينص على أن الرفض لا يضر بالوثاقة، في عدة مواضع من كتابه (مقدمة فتح الباري)، في مقام الدفاع عن (صحيح البخاري) في روايته عن جماعة اتهموا بالرفض! ولعل هذا هو السبب في اضطراب ابن حجر في هذا المقام، فإنه قال عقيب كلام الذهبي: ولم أر أحدا ذكر داهرا هذا... قال: وإنما لم يذكروه، لأن البلاء من ابنه عبد الله، وقد ذكروه واكتفوا به، وقد ذكره العقيلي كما مضى، وقال: كان يغلو في الرفض. ثم ساق الحديث المذكور (3).

(هامش)

(1) الضعفاء الكبير 2 / 46. (2) ميزان الاعتدال 2 / 3. (3) لسان الميزان 2 / 480. (*)

ص 403

قلت: أولا: إن هذا الكلام منه اعتراف ببراءة داهر عن الطعن، بل ذكر بترجمة ولده أن ابن الجوزي اتهم الولد بهذا الحديث. فبرئ الأب، وبطل تكلم العقيلي فيه. وثانيا: إن كان البلاء من ابنه عبد الله فلماذا لم يذكر العقيلي الحديث بترجمة عبد الله بل ذكره بترجمة أبيه وجعله من بلاياه في زعمه؟ وثالثا: إن تكلم العقيلي في عبد الله بن داهر ليس إلا بأن قال: كان ممن يغلو في الرفض ، لا يتابع على حديثه (1). وذكر ابن حجر بترجمته عن ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو متهم في ذلك (2). لكن ابن حجر نفسه لا يرى الرفض موجبا للسقوط عن الوثاقة كما ذكرنا. ورابعا: قد ذكر الخطيب بترجمة عبد الله بسنده عن صالح بن محمد الأسدي قال: عبد الله بن داهر بن يحيى الأحمري الرازي شيخ صدوق (3). فقال ابن حجر بعد نقله: قلت: فلعل الآفة من غيره . قلت: من ذلك الغير؟ إن كان أبوه فقد ذكرت: البلاء من ابنه عبد الله ، وإن كان غيره، فقد ظهر من كلام العقيلي وغيره أن لا متهم فيه سواه!! فالحق: إنها محاولات يائسة لرد مناقب أمير المؤمنين وأهل البيت *(فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون)*.

(هامش)

(1) الضعفاء الكبير 2 / 46. (2) لسان الميزان 3 / 336. (3) تاريخ بغداد 9 / 453. (*)

ص 404

الكلام على الطريق الثاني كما أنه يظهر من كلامهم أن لا موضع للتكلم في الطريق الثاني إلا من جهة الحسن بن الحسين العرني وذلك لأن الهيثمي روى هذا الحديث في كتابه حيث قال: وعن ابن عباس، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي فهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. رواه الطبراني، وفيه الحسن بن الحسين العرني، وهو ضعيف (1). إذن، لا إشكال في سند الحديث هذا إلا من ناحية هذا الرجل. أقول: أولا: إنما تكلم فيه من تكلم لأجل تشيعه، بل ذكروا بترجمته: كان من رؤساء الشيعة ثم ذكروا بترجمته أحاديث كلها في المناقب وصفوها بالمناكير (2). وقد عرفت مرارا أن التشيع بل الرفض غير مضر. وثانيا: ذكر الحافظ بترجمته حديثا من المناقب رواه محمد بن جرير الطبري في تفسيره وجعل الآفة فيه من غيره، مما يدل على عدم كونه مجروحا عنده. وثالثا: هذا الرجل لم يذكره البخاري ولا النسائي، ولا الدارقطني، ولا العقيلي، في كتبهم في (الضعفاء).

(هامش)

(1) مجمع الزوائد 9 / 111. (2) ميزان الاعتدال. ولسان الميزان 2 / 241. (*)

ص 405

ورابعا: هذا الرجل أسند عنه في الأحاديث الفقهية بلا تكلم فيه، فقد أخرج عنه الدارقطني في (سننه) والبيهقي في (سننه) ولم يتكلما فيه، وكذا غيرهما من أئمة الحديث والفقه، وقد ذكر الذهبي بترجمة البيهقي أنه قل من جوآد تواليفه مثل الإمام أبي بكر البيهقي، فينبغي للعالم أن يعتني بها ولا سيما سننه الكبير . المورد *(9)* في قضية يرويها أنس وخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام، بجملة من مناقبه ومنها حديث المنزلة، في قضية أخرى، رواها القوم عن أنس بن مالك: فقد أخرج عن الحافظ الجليل أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه أنه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا جعفر بن محمد العلوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين العلكي، قال: حدثنا أحمد بن موسى الخزاز الدورقي، قال: حدثنا تليد بن سليمان، عن جابر الجعفي، عن محمد بن علي، عن أنس بن مالك قال: بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ قال: يطلع الآن. قلت: فداك أبي وأمي، من ذا؟ قال: سيد المسلمين، وأمير المؤمنين، وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين. قال: فطلع علي.

ص 406

ثم قال لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى (1). وعن الحافظ ابن مردويه أيضا: عن أنس بن مالك قال: بينما أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله: الآن يدخل سيد المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وأولى الناس بالنبيين. إذ طلع علي بن أبي طالب. فقال رسول الله: وإلي وإلي. قال: فجلس بين يدي رسول الله. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح العرق من جبهته ووجهه ويمسح به وجه علي بن أبي طالب، ويمسح العرق من وجه علي بن أبي طالب ويمسح به وجهه. فقال له علي: يا رسول الله، نزل في شيء؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ أنت أخي ووزيري وخير من اخلف بعدي، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي، وتعلمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل (2). المورد *(10)* قضية بنت حمزة رضي الله عنه أخر النسائي في خصائص أمير المؤمنين عليه السلام: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا إسرائيل، عن

(هامش)

(1) مناقب علي بن أبي طالب. عنه: اليقين في إمامة أمير المؤمنين لابن طاوس. (2) مناقب علي بن أبي طالب. عنه: كشف الغمة في معرفة الأئمة 1 / 343. (*)

ص 407

أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت مني وأنا منك. رواه القاسم بن يزيد الجرمي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن بريم وهانئ بن هانئ عن علي قال: لما صدرنا من مكة، إذا ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم، فتناولها علي وأخذها، فقال لصاحبة: دونك ابنة عمك، فحملتها. فاختصم فيها علي وزيد وجعفر، فقال علي: أنا آخذها وهي بنت عمي. وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي. وقال زيد: ابنة أخي. فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم، ثم قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون وأنا منك. وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي. وقال لزيد: يا زيد أنت أخونا ومولانا (1). وأخرجه ابن عساكر بسند آخر، قال: وأما ما روي عن عبد الله بن جعفر، فأخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو محمد الصريفيني وأبو الحسن بن النقور وأخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو محمد الصيريفيني. قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله الصيرفي، أنبأنا الحسين با إسماعيل المحاملي، أنبأنا عبد الله بن شوذب، حدثني ابن أبي أوس، حدثني محمد بن إسماعيل، حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر، عن إسماعيل بن عبد الله

(هامش)

(1) خصائص علي: 88 ط النجف الأشرف. (*)

ص 408

ابن جعفر عن أبيه قال: لما قدمت ابنة حمزة المدينة، اختصم فيها علي وجعفر وزيد... فقال زيد: هي ابنة أخي وأنا أحق بها. وقال علي: ابنة عمي وأنا جئت بها. وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها عندي. قال: خذها يا جعفر، أنت أحقهم بها. فقال رسول الله: أما أنت يا زيد، فمولاي وأنا مولاك. وأما أنت يا جعفر، فأشبهت خلقي وخلقي. وأما أنت يا علي، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة. وقال الأنماطي: إلا أن لا نبوة (1). الكلام على سند هذا الحديث وهذا الحديث برواية أحمد والنسائي وكذا غيرهما وإن أسقط حديث المنزلة من رواية بعضهم صحيح قطعا، فقد أخرجه أحمد قال: ثنا يحيى بن آدم، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ وهبيرة بن بريم عن علي رضي الله عنه قال: لما خرجنا من مكة... (2). أما يحيى بن آدم فمن رجال الصحاح الستة (3).

(هامش)

(1) تاريخ دمشق 42 / 169 - 170. (2) مسند أحمد 1 / 98. (3) تقريب التهذيب 2 / 341. (*)

ص 409

وأما إسرائيل وهو ابن يونس، فكذلك (1). وأما أبو إسحاق وهو السبيعي، فكذلك (2). وأما هانئ بن هاني فمن رجال البخاري في الأدب المفرد، وأبي داود، والترمذي، والنسائي في الخصائص، وابن ماجة (3). وأما هبيرة بن بريم فمن رجال أبي داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجة (4). وهؤلاء هم رجال سند النسائي، حيث روى هذا الحديث عنهم بواسطة: القاسم بن يزيد الجرمي وهو من رجال النسائي. قال الحافظ: ثقة عابد (5). المورد *(11)* يوم غدير خم قال ابن خلكان في تاريخه، بترجمة أبي تميم المستنصر بالله الفاطمي، في آخرها: وتوفي ليلة الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة 487 رحمه الله تعالى. قلت: وهذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجة، وهو غدير خم - بضم الخاء وتشديد الميم - ورأيت جماعة كثيرة

(هامش)

(1) تقريب التهذيب 1 / 64. (2) تقريب التهذيب 2 / 73. (3) تقريب التهذيب 2 / 315. (4) تقريب التهذيب 2 / 315. (5) تقريب التهذيب 2 / 121. (*)

ص 410

يسألون عن هذه الليلة، متى كانت من ذي الحجة؟ وهذا المكان بين مكة والمدينة، وفيه غدير ماء، ويقال: إنه غيضة هناك. ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة - شرفها الله تعالى - عام حجة الوداع، ووصل إلى هذا المكان، وآخى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: علي مني كهارون من موسى، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. وللشيعة به تعلق كبير. وقال الحازمي: هو واد بين مكة والمدينة، عند الجحفة، غدير، عنده خطب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة وشدة الحر (1). المورد *(12)* في كلام له مع عقيل أخرج ابن عساكر قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان في كتابه، أنبأ أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان، أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق، نا الحسين بن حميد بن الربيع، نا مخول بن إبراهيم أبو عبد الله النهدي، نا موسى بن مطير، عن ابن عقيل، عن أبيه، عن جده عقيل بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يا عقيل، أحبك لخصلتين، لقرابتك ولحب أبي طالب إياك. وأما أنت يا

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 4 / 318. (*)

ص 411

جعفر، فإنك خلقك يشبه خلقي، وأنت يا علي فمني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (1). قال الميلاني: فقد ثبت - والحمد لله - أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تكرر منه القول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ونحوه، كما تكرر منه صدور من كنت مولاه فهذا علي مولاه و إني تارك فيكم الثقلين... وأمثالهما، وقد كانت موارده من أهم الوقائع وأعظم الأيام في تاريخ الإسلام، كيوم (خيبر) ويوم (المؤاخاة) ويوم (الغدير) ونحوها، غير أنه قد اشتهر من بينها يوم (تبوك) كما اشتهر (يوم الغدير) من بين موارد حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه . وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

(هامش)

(1) تاريخ دمشق 41 / 17. (*)

 

الصفحة السابقة

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء الثامن عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب