نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع عشر

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 3

بسم الله الرحمن الرحيم

ص 5

حديث التشبيه

 ومن ألفاظه: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب... أخرجه الحاكم

ص 7

إهداء:

 إلى حامل لواء الإمامة الكبرى والخلافة العظمى

 ولي العصر المهدي المنتظر الحجة ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه

 يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة

 فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين علي

ص 9

كلمة المؤلف

 بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين. وبعد فهذا قسم حديث (التشبيه) أو (الأشباه) من كتابنا (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار) وهو حديث في غاية الصحة من حيث السند، والقوة من حيث الدلالة على الإمامة. إنه حديث مضمونه اجتماع ما تفرق من الصفات الجليلة والسجايا الكريمة في أنبياء الله المرسلين، في سيدنا أمير المؤمنين، عليه الصلاة والسلام، مما يدل على أفضليته من سائر الناس بعد النبي الكريم، بل يدل على أفضليته من سائر الأنبياء سواه صلى الله عليه وآله وسلم. وإذا كان الأفضل، كان هو المتعين للخلافة العامة والإمامة الكبرى، وبطل تقدم غيره عليه فيها، على قاعدة قبح تقدم المفضول. وفي هذا الكتاب تفصيل الكلام في إثبات الإمامة على ضوء هذا الحديث، ودحض مناقشات المخالفين في سنده أو دلالته، وبالله التوفيق.

 علي الحسيني الميلاني

ص 11

كلمة السيد صاحب عبقات الأنوار

 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المتعالي عن التشبيه والتمثيل، المنزه عن النقص والتعطيل، البرئ عن معارضة ند وعديل، المقدس عن شوائب الإفتياق والتعليل، الواحد الفرد الصمد المتعاظم عن التركيب والتحليل، ففهم كل من الأكياس وأصحاب الإبلاس عن إدراك كنه ذاته كليل، وإمكان الجائزات على وجوب وجوده وعلوه عن سمات الحدوث دليل، ومن أراد أن ينظر إلى أكمل صنعه الجميل، وأفضل ابداعه الجليل، فلينظر إلى أصفيائه المخصوصين، بكل فضل جزيل، وأوليائه المعصومين الشافين بهداياتهم داء كل عليل، والمروين بنمير إرشاداتهم غلة كل غليل، وصلى الله على نبيه النبيه وصفيه الوجيه وآله الحائزين لكل تبجيل. وبعد فيقول العبد القاصر الذليل الخاطئ القمي الضئيل حامد حسين ابن العلامة السيد محمد قلي، النيسابوري، صانه الله عن شرور التمويه والتسويل: إن هذا هو المجلد السادس من المنهج الثاني، من كتاب (عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار) المبني لنقض ما أبدى علامة السنية السني الفخار، ومحدثهم عمدة الكبار، المولوي عبد العزيز بن ولي الله، نزيل دهلي، المشهور فضله في شاسعة الأصقاع والأقطار، السائر نبله في نازعة البقاع والأمصار، من

ص 12

الشبه المجتثة التي ما لها من قرار، والوساوس الواضحة السقوط عند أرباب زكاء الأحلام وذكاء الأفكار، والشكوك اللائحة الهبوط لدى أولي ثواقب الأفهام ونوافذ الأبصار، في جواب الحديث السادس من الأحاديث الاثني عشر المذكورة في باب الإمامة، التي أجاب عنها بكلمات ناكبة عن الاستقامة، في كتاب (التحفة) المثقوبة بسهام الأنظار، المصنوعة بالإنتهاب لما غنمه وزوقه وهمهم به ولفقه المختال الفخور، والمحتال العثور، والمغتال النفور عن الحق والنور، نصر الحجي بالهصر، المتواني الأسر، المضطلع بأعباء الإصر، الحامل للولاء الوزر، المقتحم في وعثاء الهجر، المتهجم على بدائع السكر والنكر، المفصح عن غرائب العجر والبجر المعقبة للزجر، الكابلي الكاب لإناء الدين، والكابي الخابي الآبي عن اليقين الحري بالهجر، المولع المستهتر بالصدود والإنكار، لصحاح الآثار وصوادق الأخبار، في كتاب (الصواقع) الذي كان في حجب الأستار، وصار بعد صدور الإغارة والانتحال من هذا المنطيق المتحذلق والمتشدق المتفيهق المكثار في غاية الاشتهار، فانهتك خدر التلميع وانخرق ستر التخديع وعز الإعتذار. والله ولي التوفيق للانحياز والاحتراز عما يورث الغض والصغار، وهو المسدد بإيزاع التجنب والتنحي عما يوجب الاتسام بالغوار والشنار، ومنه الاستعانة في الثبات على التمسك بحبل اقتفاء المعصومين الأطهار، صلوات الله وسلامه عليهم ما غسق الليل وتبلج النهار.

ص 13

كلام الدهلوي صاحب التحفة الاثنى عشرية في رد الاستدلال بهذا الحديث على إمامة الأمير

 قال الشيخ عبد العزيز الدهلوي: الحديث السادس: وهو ما رواه الإمامية مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في بطشه، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب. وجه التمسك بهذا الحديث: إن مساواة الأمير للأنبياء في صفاتهم قد علمت به، والأنبياء أفضل من غيرهم، والمساوي للأفضل أفضل، فكان علي أفضل من غيره، والأفضل متعين للإمامة دون غيره. وفساد مبادي هذا الاستدلال ومقدماته، من الصدر إلى الذيل، ظاهر على كل خبير. أولا: إن هذا الحديث ليس من أحاديث أهل السنة، وقد أورده ابن المطهر الحلي في كتبه، فنسبه إلى البيهقي مرة، وإلى البغوي أخرى، وليس في تصانيفهما أثر منه، ولا يتأتى إلزام أهل السنة بالافتراء. مع أن القاعدة المقررة عند أهل السنة أن كل حديث رواه بعض أئمة الحديث في كتاب غير ملتزم فيه بالصحة، مثل البخاري ومسلم وسائر أصحاب الصحايح، أو لم ينص على صحته بالخصوص من قبل صاحب الكتاب أو غيره من المحدثين الثقات، فلا

ص 14

يصلح للاحتجاج به. وذلك، لأن جماعة من المحدثين من أهل السنة في الطبقات المتأخرة، كالديلمي والخطيب وابن عساكر، لما رأوا أن السابقين قد جمعوا الأحاديث الصحاح والحسان، رغبوا في جمع الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومقلوبة الأسانيد والمتون، في مكان واحد، كي ينظروا فيها ويميزوا الموضوعات من الحسان لغيرها. إلا أنهم لقلة الفرصة عندهم وقصر أعمارهم لم يتمكنوا من ذلك. ثم جاء من بعدهم، فميز الموضوعات عن غيرها، كما فعل ابن الجوزي في كتاب الموضوعات، والسخاوي الذي جمع الحسان لغيرها في كتاب المقاصد الحسنة، وكذلك السيوطي في تفسيره الدر المنثور. وقد نص أولئك الجامعون لتلك الأحاديث في مقدمات كتبهم على الغرض المذكور. فمع العلم بواقع حال تلك الكتب، كما صرح به أصحابها، كيف يجوز الاحتجاج بتلك الأحاديث؟ ولهذا، فقد نقل صاحب جامع الأصول أن الخطيب قد روى أحاديث الشيعة عن الشريف المرتضى - أخي الرضي - لنفس الغرض، وهو النظر في حالها، بعد جمعها وتأليفها، وأن لها أصلا أو لا؟ وعلى الجملة، فإن هذا الحديث ليس من تلك الأحاديث أيضا، فإنه لا وجود له في شيء من كتب أهل السنة ولو بطريق ضعيف. وثانيا: إن ما ذكر هو محض تشبيه لبعض صفات الأمير ببعض صفات أولئك الأنبياء، والتشبيه كما يكون بأدواته المتعارفة، كالكاف وكأن ومثل ونحوها، كذلك يكون بهذا الأسلوب، كما تقرر في علم البيان أن من أراد أن

ص 15

ينظر إلى القمر ليلة البدر، فلينظر إلى وجه فلان. فهذا القسم داخل أيضا في التشبيه. ومن هنا أدخلوا في التشبيه الشعر المشهور: لا تعجبوا من بلى غلالته * قد زر أزراره على القمر وكذا البيتين من شعر المتنبي: نشرت ثلاث ذوائب من خلفها * في ليلة فأرت ليالي أربعا واستقبلت قمر السماء بوجهها * فأرتني القمرين في وقت معا ولو تجاوزنا عن ذلك، لكان استعارة مبناها على التشبيه، وفهم المساواة بين المشبه والمشبه به من كمال السفاهة. وقد راج واشتهر في الأشعار تشبيه تربة صحن السلاطين بالمشك، وحصياتها باللؤلؤ والياقوت، ولم يفهم أحد من ذلك المساواة. قال الشاعر: أرى بارقا بالأبرق الفرد يومض * فيكشف جلباب الدجى ثم يغمض كأن سليمى من أعاليه أشرفت * تمد لنا كفا خضيبا وتقبض وقد روي في الأحاديث الصحيحة لأهل السنة تشبيه أبي بكر بإبراهيم وعيسى، وتشبيه عمر بنوح، وتشبيه أبي ذر بعيسى. ولكن لما كان لأهل السنة حظ من العقل من الله، لم يحملوا ذلك التشبيه على المساواة أصلا، بل أعطوا كلا مرتبته، بل إن محط إشارة التشبيه في هذا القسم من الكلمات وجود وصف في هذا الشخص من الأوصاف المختصة بذاك النبي، وإن لم يكن بمرتبته. عن عبد الله بن مسعود في قصة مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وعمر في أسارى بدر، قال قال رسول الله: ما تقولون في هؤلاء، إن مثل هؤلاء كمثل إخوة لهم كانوا من قبلهم *(قال نوح رب لا تذر على الأرض من

ص 16

الكافرين ديارا)* وقال موسى: *(ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم)* الآية. وقال إبراهيم: *(فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم)* وقال عيسى: *(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)*. رواه الحاكم وصححه. عن أبي موسى: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا موسى، لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود. رواه البخاري ومسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم فلينظر إلى أبي ذر. كذا في الاستيعاب. ورواه الترمذي بلفظ آخر قال: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر شبه عيسى ابن مريم. يعني في الزهد. ثالثا: إن المساواة بالأفضل في صفة لا تكون موجبة لأفضلية المساوي، لأن ذلك الأفضل له صفات أخر صار بسببها أفضل. وأيضا: ليست الأفضلية موجبة للزعامة الكبرى، كما مر غير مرة. رابعا: إن تفضيل الأمير على الخلفاء الثلاثة من هذا الحديث يثبت إذا لم يكن أولئك الخلفاء مساوين للأنبياء المذكورين في الصفات المذكورة أو في مثلها. ودون هذا النفي خرط القتاد. ولو تتبعنا الأحاديث الدالة على تشبيه الشيخين بالأنبياء لبلغت مبلغا لم يثبت مثله لمعاصريهما. ولهذا ذكر المحققون من أهل التصوف أن الشيخين كانا حاملين لكمالات النبوة، وكان الأمير حاملا لكمالات الولاية، ومن ثمة صدر من الشيخين الأمور التي تصدر من الأنبياء، كالجهاد مع الكفار وترويج أحكام الشريعة وإصلاح أمور الدين، بأحسن اسلوب وتدبير، وظهر من الأمير ما يتعلق بالأولياء، من

ص 17

تعليم الطريقة والإرشاد لأحوال السالكين ومقاماتهم، والتنبيه على غوائل النفس والترغيب بالزهد في الدنيا ونحو ذلك، أكثر من غيره. وفي حكم العقل أنه يستدل على وجود الملكات النفسانية بصدور الأفعال المختصة بتلك الملكات، فمثلا: يستدل من ثبات الشخص في مختلف المعارك في مقابلة الأقران ووقع الرماح والسيوف، على شجاعته النفسانية، وكذلك الحال في الحب والبغض والخوف والرجاء وغيرها من الأمور الباطنية. فمن هذا الطريق أيضا يتوصل إلى الملكات الباطنية في الأشخاص، لتعرف أنها من جنس كمالات الأنبياء أو من جنس كمالات الأولياء. وقد دل على هذه التفرقة حديث رواه الشيعة في كتبهم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إنك يا علي تقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلتهم على تنزيله. لأن مقاتلات الشيخين كلها كانت على تنزيل القرآن، فكان عهدهما من بقية زمان النبوة، وزمن خلافة الأمير كان مبدء لدورة الولاية، ولهذا جعله شيوخ الطريقة وأرباب المعرفة والحقيقة فاتح باب الولاية المحمدية، وخاتم الولاية المطلقة للأنبياء. ومن هنا، فإن سلاسل جميع فرق أولياء الله تنتهي إليه، وتتشعب منه كتشعب الجداول من البحر العظيم، كما تصل سلاسل الفقهاء والمجتهدين في الشريعة بالشيخين ونوابهما، كعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وأمثالهم، رضي الله تعالى عنهم، ويكون فقه أولئك الفقهاء رشحة من بحار علومهم. وكان معنى الإمامة التي بقيت في أولاد الإمام، وجعل بعضهم بعضا وصيا له فيها، هي قطبية الإرشاد، وكونهم منبعا لفيض الولاية، ولهذا لم يرو إلزام هذا الأمر من الأئمة الأطهار على كافة الخلائق، بل جعلوا بعض أصحابهم

ص 18

الممتازين المنتخبين، مشرفين بذلك الفيض الخاص، ووهبوا لكل واحد منهم هذه المكرمة العظيمة بقدر استعداده. وهذه الفرقة السفيهة، قد أنزلوا تلك الإشارات كلها على الرئاسة العامة واستحقاق التصرف في أمور الملك والمال، فوقعوا في ورطة الضلال، ومن أجل ما قلنا، يعتقد كل الأمة الأمير وذريته الطاهرة كالشيوخ والمرشدين، ويرون استناد الأمور التكوينية إليهم، ويقدمون لهم الصلوات والصدقات والنذور، وهذا أمر رائج بينهم، كما يفعلون ذلك مع سائر أولياء الله، ولا ينوه أحد في هذه الموارد باسم الشيخين، ولا يشاركونهما في شيء مما ذكر، ولا ينسبون إليهما الأمور التكوينية، وإن كانوا يعتقدون بفضلهما وكمالهما كما في الأنبياء، مثل إبراهيم وموسى وعيسى، وذلك لأن كمالهما - مثل كمال الأنبياء - مبني على الكثرة والتفصيل والمغايرة، وكمالات الأولياء ناشئة من الوحدة والجمع والعينية. فالأولياء تنعكس فيهم الأفعال بل الصفات الإلهية، والأنبياء وورثة كمالاتهم ليست لهم في فهم الناس إلا علقة العبودية والرسالة (1).

(هامش)

(1) التحفة الإثنا عشرية: 212. (*)

ص 19

 
 
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار
 

ص 21

 

سند حديث التشبيه

 

ص 23

أقول: لقد كان الأحرى (بالدهلوي) أن لا يقلد (الكابلي) في إنكار هذا الحديث الشريف، بل لقد كان ورعه وإنصافه!! يقتضيان أن لا يتبع هذا السلف الصالح!! في هذه المزعمة الباطلة... أما كان يظن (الدهلوي) أنه سيحاسب ويؤاخذ يوما ما بما يقول ويكتب؟ وهلا ردعه الحق عن المكابرة أمام هذا الحديث الشريف والتفوه بهذه الكلمات الفارغة؟ إن صحة هذا الحديث تتجلى بأدنى تتبع ونظر في كتب الحديث، وإن هذه الحقيقة الراهنة تتضح بأقل مراجعة لمصادر الأخبار والروايات... لقد روى هذا الحديث الشريف طائفة من الحفاظ والأئمة المعتمدين من أهل السنة، من رجال الصحاح، وأصحاب المسانيد، ومشاهير العلماء... ونحن نكتفي بذكر جماعة من أعلام رواة هذا الحديث:

ص 24

أسماء أشهر الرواة والمخرجين لحديث التشبيه

 1 - أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم، الصنعاني، شيخ البخاري وغيره، المتوفى سنة 211. 2 - أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أحد أئمتهم الأربعة المتوفى سنة 241. 3 - أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي، المتوفى سنة 277. 4 - أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان المعروف بابن شاهين المحدث المفسر، المتوفى سنة 385. 5 - أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن أحمد العكبري المعروف بابن بطة المتوفى سنة 387. 6 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه الضبي الطهماني المعروف بالحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405. 7 - أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني، المتوفى سنة 410 8 - أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى الإصبهاني المتوفى سنة 430. 9 - أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الخسروجردي، المتوفى سنة 458. 10 - أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلابي المعروف بابن المغازلي المتوفى سنة 483.

ص 25

11 - أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني، المتوفى سنة 509. 12 - أبو محمد أحمد بن علي العاصمي، صاحب (زين الفتى في تفسير سورة هل أتى). 13 - أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي، صاحب (الخصائص العلوية). 14 - أبو المجد مجدود بن آدم المعروف بالحكيم السنائي، المتوفى سنة 525. 15 - أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي، المتوفى سنة 558. 16 - أبو المؤيد الموفق بن أحمد بن أبي سعيد المكي المعروف بأخطب خطباء خوارزم، المتوفى سنة 569. 17 - أبو الخير رضي الدين أحمد بن إسماعيل الطالقاني القزويني الحاكمي، المتوفى سنة 590. 18 - الشيخ عمر بن محمد بن خضر المعروف بالملا الإربلي، صاحب (وسيلة المتعبدين). 19 - نور الدين أبو حامد محمود بن محمد بن حسين الصالحاني، تلميذ أبي موسى المديني. 20 - كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة القرشي، صاحب (مطالب السئول) المتوفى سنة 652. 21 - أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، صاحب (كفاية الطالب) المتوفى سنة 658.

ص 26

22 - محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد الطبري الشافعي، صاحب (الرياض النضرة) المتوفى سنة 694. 23 - السيد علي بن شهاب الدين الهمداني، صاحب (المودة في القربى) المتوفى سنة 776. 24 - نور الدين جعفر بن سالار المعروف بأمير ملا، خليفة الهمداني. 25 - شهاب الدين أحمد صاحب (توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل). 26 - شهاب الدين بن شمس الدين بن عمر الزاولي الدولت آبادي المعروف بملك العلماء الهندي، المتوفى سنة 839. 27 - نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي، صاحب (الفصول المهمة) المتوفى سنة 855. 28 - كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي، صاحب (شرح الديوان) المتوفى سنة 870. 29 - عبد الرحمن بن عبد السلام بن عبد الرحمن الصفوري الشافعي. 30 - إبراهيم بن عبد الله الوصابي اليمني الشافعي، صاحب (الاكتفاء في مناقب الخلفاء). 31 - جمال الدين عطاء الله بن فضل الله بن عبد الرحمن الشيرازي المتوفى سنة 1000. 32 - أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي الشافعي، المتوفى سنة 1047. 33 - الميرزا محمد بن معتمد خان بن رستم الحارثي البدخشي. 34 - محمد صدر العالم صاحب (معارج العلى في مناقب المرتضى).

ص 27

35 - ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، والد (الدهلوي) المتوفى سنة 1176. 36 - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني المتوفى سنة 1182. 37 - أحمد بن عبد القادر الشافعي العجيلي. 38 - المولوي ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي. أقول: هؤلاء بعض رواة حديث التشبيه، وسنورد بالترتيب نصوص رواياتهم... بل سيظهر صحة هذا الحديث من كلام والد (الدهلوي) وهو الشيخ ولي الله الدهلوي، وجماعة من شيوخ (الدهلوي)... كما ستعلم أن طائفة من رواة هذا الحديث ونقلته هم من العلماء الذين يعتمد عليهم (الدهلوي) ويستشهد برواياتهم ويثني عليهم في كتبه...

ص 28

*(1)* رواية عبد الرزاق

 روى عبد الرزاق بن همام الصنعاني حديث التشبيه، بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد قال ياقوت الحموي في كتاب (معجم الأدباء) بترجمة محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب المعروف بابن المفجع ما نصه: وله قصيدة ذات الأشباه، وسميت بذات الأشباه لقصده فيما ذكره الخبر الذي رواه: عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو في محفل من أصحابه -: إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في همه، وإبراهيم في خلقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سننه، ومحمد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس، فإذا هو علي بن أبي طالب. فأورد المفجع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة، وأولها: أيها اللائمي لحبي عليا * قم ذميما إلى الجحيم خزيا أبخير الأنام عرضت لا * زلت مذودا عن الهدى مزويا أشبه الأنبياء كهلا وزولا * وفطيما وراضعا وغذيا كان في علمه كآدم * إذ علم شرح الأسماء والمكنيا وكنوح نجى من الهلك من * سير في الفلك إذ علا الجوديا وجفا في رضا الإله أباه (1)* واجتواه وعده أجنبيا كاعتزال الخليل آزر في الله * وهجرانه أباه مليا

(هامش)

(1) هذا على زعم أعداء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فلا حجة فيه علينا. (*)

ص 29

ودعا قومه فآمن لوط * أقرب الناس منه رحما وريا وعلي لما دعاه أخوه * سبق الحاضرين والبدويا وله من أبيه ذي الأيد * إسماعيل شبه ما كان عني خفيا إنه عاون الخليل على الكعبة * إذ شاد ركنها المبنيا ولقد عاون الوصي حبيب الله * إذ يغسلان منها الصفيا رام حمل النبي كي يقطع * الأصنام من سطحها المثول الحبيا فحناه ثقل النبوة حتى * كاد ينآد تحته مثنيا فارتقى منكب النبي علي * صنوه ما أجل ذا المرتقيا فأماط الأوثان عن ظاهر ال‍ * - كعبة ينفي الرجاس عنها نفيا ولو أن الوصي حاول مس * النجم بالكف لم تجده قصيا أفهل تعرفون غير علي * وابنه استرحل النبي مطيا (1) تراجم رجال السند ورجال السند كلهم رجال الصحاح، وناهيك بهم عدالة واعتبارا وعظمة وجلالة... ولا بأس بذكر بعض الكلمات في حق كل واحد منهم بالترتيب: ترجمة عبد الرزاق 1 - اليافعي: وفي هذه السنة، توفي الحافظ العلامة المرتحل إليه من الآفاق، الشيخ الإمام عبد الرزاق بن همام اليمني الصنعاني الحميري، صاحب المصنفات، عن ست وثمانين سنة. روى عن معمر، وابن جريج، والأوزاعي، وطبقتهم.

(هامش)

(1) معجم الأدبا 17 / 200 - 203. (*)

ص 30

ورحل إليه الأئمة إلى اليمن، قيل: ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما رحلوا إليه. روى عنه خلائق من أئمة الإسلام، منهم الإمام سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعلي المديني، ومحمود بن غيلان (1). 2 - السمعاني: أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، قيل: ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما رحلوا إليه... (2). 3 - ابن خلكان: أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني، مولى حمير، قال أبو سعد السمعاني: قيل ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما رحلوا إليه. يروي عن معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري، والأوزاعي، وابن جريج، وغيرهم. وروى عنه الأئمة في ذلك العصر، منهم سفيان بن عيينة وهو من شيوخه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم. وكانت ولادته في سنة 126. وتوفي في شوال سنة 211 باليمن. رحمه الله تعالى (3). 4 - عبد الغني بن سعيد المقدسي (4) عن محمد بن إسماعيل الفزاري: بلغنا - ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق - أن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل

(هامش)

(1) مرآة الجنان. حوادث 211. (2) الأنساب - الصنعاني. (3) وفيات الأعيان 3 / 216. (4) وصفه الحافظ السيوطي بالحافظ الإمام محدث الإسلام. وذكر كتابه الكمال في مصنفاته المعتمد عليها... طبقات الحفاظ: 488. (*)

ص 31

وغيرهما تركوا حديث عبد الرزاق وكرهوه، فدخلنا من ذلك غم شديد، فقلنا: فقد أنفقنا وتعبنا وآخر ذلك سقط حديثه، فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج، فخرجت من صنعاء إلى مكة، فوافقت بها يحيى بن معين فقلت: يا أبا زكريا ما الذي بلغنا عنكم في عبد الرزاق؟ فقال: ما هو؟ فقلت: بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه. فقال: يا أبا صالح، لو ارتد عن الإسلام عبد الرزاق ما تركنا حديثه . قال عبد الغني: وروينا عن عبد الرزاق أنه قال: قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فمضيت وطفت وتعلقت بأستار الكعبة فقلت: يا رب ما لي أكذاب، أمدلس أنا؟ فرجعت إلى البيت فجاؤني... فقال أحمد بن صالح: قلت لأحمد بن حنبل: أرأيت أحدا أحسن حديثا من عبد الرزاق؟ قال: لا. وقال أبو زرعة: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه. قال البخاري: مات سنة 211. روى له الجماعة (1). 5 - ابن القيسراني المقدسي: عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر الحميري مولاهم، الصنعاني. سمع معمرا وابن جريج والثوري وغير واحد عندهما. روى عنه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وإسحاق بن منصور، ومحمود بن غيلان عندهما... أخبرنا أبو القاسم بنيسابور، أنبأنا أبو الحسن الخفاف، ثنا أبو العباس السراج قال: سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: سمعت أحمد بن حنبل

(هامش)

(1) الكمال في أسماء الرجال - مخطوط. (*)

ص 32

يقول: إذا اختلف الناس في حديث معمر فالقول ما قال عبد الرزاق (1). فعبد الرزاق من رجال الصحيحين. وقد نص ابن القيسراني في خطبة كتابه الذي جمع فيه (أسماء رجال الصحيحين) على أن حفاظ الحديث يذهبون إلى أن كل من أخرج له الشيخان في كتابيهما فحديثه حجة، وهذه عبارته: ثم طائفة من حفاظ الحديث مثل: أبي أحمد ابن عدي، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي عبد الله ابن مندة، وأبي عبد الله الحاكم، ثم من بعدهم إلى يومنا هذا، لما صح عندهم أن كل من أخرجا حديثه في هذين الكتابين وإن تكلم فيه بعض الناس، يكون حديثه حجة لروايتهما عنه في الصحيح . أقول: وبهذا تعرف شأن عبد الرزاق عند ابن عدي والدارقطني وابن مندة والحاكم ومن بعدهم من حفاظ الحديث... 6 - الخوارزمي: عبد الرزاق، قال البخاري في تاريخه: عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر مولى حمير، اليماني، سمع معمرا والثوري وابن جريج، مات سنة إحدى عشرة ومائتين. قال البخاري: ما حدث عن كتبه فهو أصح. يقول أضعف عباد الله: هو من مشاهير المحدثين وشيوخ أحمد وأمثاله، نحو يحيى بن معين وغيرهما. ويروي عنه الإمام أبو حنيفة في هذه المسانيد (2).

(هامش)

(1) الجمع بين رجال الصحيحين 1 / 328. (2) جامع مسانيد أبي حنيفة 2 / 512. (*)

ص 33

وأما من روى عنهم أبو حنيفة في (مسانيده) فقد قال الشعراني فيهم: وقد من الله تعالى علي بمطالعة مسانيد الإمام أبي حنيفة الثلاثة، من نسخة عليها خطوط الحفاظ، آخرهم الحافظ الدمياطي، فرأيته لا يروي حديثا إلا عن خيار التابعين العدول الثقات، الذين هم من خير القرون، بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالأسود وعلقمة وعطا وعكرمة ومجاهد ومكحول والحسن البصري وأضرابهم رضي الله عنهم أجمعين، فكل الرواة الذين بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عدول ثقات، أعلام أخيار، ليس فيهم كذاب ولا متهم بكذب. وناهيك - يا أخي - بعدالة من ارتضاهم الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه لأن يأخذ منهم أحكام دينه، مع شدة تورعه وتحرزه وشفقته على الأمة المحمدية... (1). 7 - ابن تيمية، في جواب بعض الأحاديث: وأصحاب السير كابن وغيره يذكرون من فضائله (أي فضائل علي عليه السلام) شيئا ضعيفا، ولم يذكروا مثل هذا، ولا رووا ما تقدم قولنا فيه أنه موضوع باتفاق أهل النقل، من أئمة التفسير الذين ينقلونه بالأسانيد المعروفة، كتفسير ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وبقي بن مخلد، وابن جرير الطبري، ومحمد بن أسلم الطوسي، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وابن المنذر، وغيرهم من العلماء الأكابر السادة الذين لهم في الأمة لسان صدق، وتفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير (2).

(هامش)

(1) الميزان للشعراني: 64. (2) منهاج السنة 7 / 178. (*)

ص 34

8 - الذهبي: أخبار ابن المديني مستقصاة في تاريخ بغداد، وقد بدت منه هفوة ثم تاب منها، وهذا أبو عبد الله البخاري وناهيك به قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني وقال: ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلا بين يدي علي بن المديني، ولو ترك حديث علي وصاحبه محمد وشيخه عبد الرزاق وعثمان بن أبي شيبة وإبراهيم بن سعد... لغلقنا الباب وانقطع الخطاب، ولماتت الآثار واستولت الزنادقة ولخرج الدجالون، أفما لك عقل يا عقيلي؟! أتدري فيمن تتكلم؟! وإنما تبعناك في هذا النمط لنذب عنهم، ولنزيف ما قيل فيهم، كأنك لا تدري أن كل واحد من هؤلاء أوثق منك بطبقات، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك، وهذا مما لا يرتاب فيه محدث (1). 9 - الذهبي: عبد الرزاق بن همام بن نافع، أبو بكر، أحد الأعلام... (2). 10 - أبو الوفاء الطرابلسي: وكيف لا يكون ثقة؟! وقد روى له الأئمة الستة فضلا عن الشيخين، ومن روى له الشيخان فقد جاز القنطرة كما قال علي ابن المفضل المقدسي (3). 11 - ولي الله الدهلوي: قال في بيان أسباب الاختلاف بين أهل الحديث وأصحاب الرأي، وأن أهل الحديث اهتموا بجمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط: بل صح عن البخاري أنه اختصر صحيحه من ستمائة ألف حديث. وعن أبي داود أنه اختصر سننه من خمسمائة ألف حديث، وجعل أحمد مسنده ميزانا يعرف به حديث رسول الله صلى الله عليه

(هامش)

(1) ميزان الاعتدال 3 / 140. (2) الكاشف عمن روي عنه في الصحاح الستة 2 / 194. (3) الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث. ترجمة داود بن الحصين: 171. (*)

ص 35

وسلم، فما وجد فيه ولو بطريق واحد من طرقه فله أصل وإلا فلا أصل له. وكان رؤوس هؤلاء: عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسدد، وهناد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والفضل بن دكين، وعلي المديني، وأقرانهم. وهذه الطبقة هي الطراز الأول من طبقات المحدثين، فرجع المحققون منهم بعد إحكام فن الرواية ومعرفة مراتب الأحاديث إلى الفقه، فلم يكن عندهم من الرأي أن يجتمع على تقليد رجل ممن مضى، مع ما يروون من الأحاديث والآثار المناقضة لكل مذهب من تلك المذاهب، فأخذوا يتبعون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين والمجتهدين على قواعد أحكموها في نفوسهم (1). 12 - تصديق الله تعالى عبد الرزاق! قال السيوطي: أخرج الخطيب في تاريخ بغداد عن محمد بن سالم [سلم] الخواص الشيخ الصالح،، قال: رأيت يحيى بن أكثم القاضي في النوم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه، ثم قال لي: يا شيخ السوء، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار، [فأخذني ما يأخذ العبد بين يدي مولاه، فلما أفقت قال لي: يا شيخ السوء. فذكر الثالثة مثل الأولين. فلما أفقت] قلت: يا رب ما هكذا حدثت عنك. فقال الله تعالى: وما حدثت عني - وهو أعلم بذلك -؟ قال: حدثني عبد الرزاق بن همام قال: حدثنا معمر بن راشد، عن ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك، عن نبيك، عن جبرئيل عنك يا عظيم أنك قلت: ما شاب لي عبد في الإسلام شيبة إلا استحييت منه أن أعذبه بالنار. فقال الله تعالى: صدق عبد الرزاق، وصدق معمر، وصدق الزهري، وصدق أنس،

(هامش)

(1) الإنصاف في بيان سبب الاختلاف: 46. (*)

ص 36

وصدق نبيي، وصدق جبرئيل، أنا قلت ذلك. انطلقوا به إلى الجنة (1). ترجمة معمر بن راشد وأما معمر بن راشد البصري شيخ عبد الرزاق بن همام الصنعاني، فهذا موجز ترجمته والثناء عليه في كتب أهل السنة: 1 - السمعاني: ومن القدماء أبو عروة معمر بن راشد البصري المهلبي مولى آل أزد، من أهل البصرة، سكن اليمن، وهو معمر بن أبي عمرو. كان من ثقات العلماء. يروي عن: الزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وأبي إسحاق الهمداني، والأعمش. روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن أبي عروبة، وابن عيينة، وابن المبارك، وإسماعيل بن علية، ومروان الفزاري، ورباح الصنعاني، وهشام بن يوسف، ومحمد بن ثور، وعبد الرزاق بن همام. قال ابن جريج: عليكم بهذا الرجل - يعني معمرا - فإنه لم يبق من أهل زمانه أعلم منه. وسئل ابن جريج عن شيء من التفسير فأجابني، فقلت: إن معمرا قال كذا وكذا... قال: إن معمرا شرب من العلم ما نقع. قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما سمعت منه حديثا إلا كأنه مستقر في صدري. قال معمر: خرجت مع الصبيان وأنا غلام إلى جنازة الحسن، وطلبت العلم سنة مات الحسن.

(هامش)

(1) اللآلي المصنوعة 1 / 136 مع اختلاف في مواضع أخرى. (*)

ص 37

قال علي بن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة، فلأهل البصرة: شعبة وسعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر بن راشد ويكنى أبا عروة مولى حدان. ومات باليمن سنة 154. قال أبو حاتم الرازي: إنتهى الإسناد إلى ستة نفر أدركهم معمر وكتب عنهم، لا أعلم اجتمع لأحد غير معمر، من الحجاز: الزهري وعمرو بن دينار، ومن الكوفة أبو إسحاق والأعمش، ومن البصرة قتادة، ومن اليمامة يحيى بن أبي كثير. وقال أحمد بن حنبل: لا تضم أحدا إلى معمر إلا وجدت معمرا أطلب للعلم منه (1). 2 - النووي: معمر بن راشد. الإمام المحدث المشهور، مذكور في مواضع من المختصر... وهو صاحب الزهري وشيخ عبد الرزاق... قال ابن معين: معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة. وقال: أثبت الناس في الزهري: مالك ومعمر ويونس... قال أحمد بن عبد الله: سكن معمر صنعاء اليمن، وتزوج بها، رحل إليه سفيان، وسمع منه هناك، وسمع هو من سفيان، ولما دخل معمر صنعاء كرهوا خروجه من عندهم [فقال رجل: نقيده] فزوجوه. واتفقوا على توثيقه وجلالته. روى له البخاري ومسلم... (2). 3 - الذهبي: معمر بن راشد، الإمام الحجة، أبو عروة، الأزدي

(هامش)

(1) الأنساب - المهلبي. (2) تهذيب الأسماء واللغات 2 / 107. (*)

ص 38

مولاهم، البصري، أحد الأعلام، وعالم اليمن، حدث عن الزهري... قال عبد الرزاق: كتبت عن معمر عشرة آلاف حديث. وقال عبد الواحد بن زياد: قلت لمعمر: كيف سمعت من ابن شهاب؟ قال: كنت مملوكا لقوم من طاحية، فبعثوني ببز أبيعه، فقدمت المدينة، فنزلت دارا، فرأيت شيخا والناس يعرضون عليه العلم، فعرضت معهم... قال سفيان بن عيينة: قال لي سعيد بن أبي عروبة: روينا عن معمركم فشرفناه... وقال عبد الرزاق: بعث معن بن زائدة إلى معمر بذهب فرده وكتم ذلك... (1). 4 - الذهبي: معمر بن راشد، أبو عروة، الأزدي مولاهم، عالم اليمن. عن الزهري وهمام. وعنه: غندر وابن المبارك وعبد الرزاق... (2). 5 - الخطيب التبريزي: معمر بن راشد، يكنى أبا عروة، الأزدي مولاهم، عالم اليمن... (3). ترجمة الزهري و ابن شهاب الزهري شيخ معمر بن راشد المذكور، أحد الأعلام المشاهير عندهم، وإليك بعض الكلمات في حقه: 1 - ابن حبان: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحرب بن زهرة بن كلاب، الزهري، القرشي، كنيته أبو بكر، رأى عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أحفظ أهل

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 178. (2) الكاشف 3 / 164. (3) الإكمال في أسماء الرجال. وهو أسماء رجال المشكاة مطبوع معه 3 / 765. (*)

ص 39

زمانه، وأحسنهم سياقا لمتون الأخبار، وكان فقيها فاضلا، روى عنه الناس... (1). 2 - السمعاني: الزهري... من تابعي المدينة، رأى عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كان من أحفظ أهل زمانه... روى عنه الناس. مات ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة 124 في ناحية الشام، وقبره ببيداء شعب، مشهور يزار (2). 3 - الذهبي: أحد الأعلام. عن أبي عمر وسهل، وحديثه عن أبي هريرة في الترمذي. وعن رافع بن خديج في النسائي. وعنه: يونس ومعمر ومالك... قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث. وقال أبو داود: أسند أكثر من ألف. وحديثه ألفان ومائة حديث نصفها مسنده. توفي 124 في رمضان (3). 4 - اليافعي: الإمام أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أحد الفقهاء والمحدثين، والأعلام التابعين، حفظ علم الفقهاء السبعة، وروى عن عشرة من الصحابة رضي الله عنهم، وسمع سهل بن سعد، وأنس بن مالك، وخلائق. وروى عنه جماعة من الأئمة، منهم مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة. قال ابن المديني: له نحو ألفي حديث، وكان قد حفظ علم الفقهاء السبعة. وقال عمر بن عبد العزيز: لم يبق أعلم بسنة ماضية من الزهري، كذا

(هامش)

(1) كتاب الثقات 5 / 349. (2) الأنساب للسمعاني - الزهري. (3) الكاشف للذهبي 3 / 96. (*)

ص 40

قال مكحول. وقال الليث: قال ابن شهاب: ما استودعت قلبي علما فنسيته. وقال غيره من أهل العلم: كان معظما وافر الحرمة عند هشام بن عبد الملك، وأعطاه مرة سبعة آلاف دينار، وقال عمرو بن دينار: ما رأيت الدينار والدرهم عند أحد أهون منه عند الزهري، كأنها عنده بمنزلة البعر (1). 5 - الخطيب التبريزي: الزهري، منسوب إلى زهرة بن كلاب، ممن اشتهر بالنسب إليهم. هو: أبو بكر محمد بن عبد الله بن شهاب، أحد الفقهاء والمحدثين، والعلماء الأعلام من التابعين بالمدينة، المشار إليه في فنون علوم الشريعة، سمع نفرا من الصحابة، روى عنه خلق كثير، منهم قتادة ومالك بن أنس. قال عمر بن عبد العزيز: لا أعلم أحدا أعلم بسنة ماضية منه. قيل لمكحول: من أعلم من رأيت؟ قال: ابن شهاب. قيل له: ثم من؟ قال: ابن شهاب. قيل له: ثم من؟ قال: ابن شهاب... (2). 6 - ابن حجر: محمد بن مسلم... الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة... (3). 7 - السيوطي: أحد الأعلام.. قال الليث: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب وأكثر علما منه (4). ترجمة سعيد بن المسيب وأما سعيد بن المسيب الذي روى عنه الزهري الحديث الشريف، فهو فقيه المدينة المنورة، وإمام أهل السنة، ومن كبار التابعين، وإليك بعض

(هامش)

(1) مرآة الجنان. حوادث سنة 124. (2) الإكمال في أسماء رجال المشكاة. مطبوع معها. 3 / 653. (3) تقريب التهذيب 2 / 207. (4) إسعاف المبطأ برجال الموطأ: 7، طبع مع تنوير الحوالك. (*)

ص 41

الكلمات في مناقبه ومآثره التي يذكرونها له: 1 - ابن حبان: سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائشة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن نفطه المخزومي القرشي، كنيته أبو محمد. ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر. وأم سعيد بن المسيب بنت عثمان بن حكيم... وكان من سادات التابعين فقها ودينا وورعا وعلما وعبادة وفضلا. وكان أبوه يتجر في الزيت. وكان سعيد سيد التابعين وأفقه أهل الحجاز وأعبر الناس للرؤيا، ما نودي للصلاة أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد ينتظرها، ويقال: إنه ممن أصلح بين عثمان وعلي. فلما بويع عبد الملك وبايع للوليد وسليمان من بعده، وأخذ البيعة من الناس، أبي سعيد ذلك فلم يبايعه. فقال عبد الرحمن ابن عبد القاري: إنك تصلي بحيث يراك هشام بن إسماعيل، فلو غيرت مقامك حتى لا يراك - وكان هشام واليا على المدينة لعبد الملك - فقال سعيد: إني لم أغير مقاما قمته منذ أربعين سنة. قال: فخرج معتمرا فقال: لم أكن لأجهد بدني وأنفق مالي في شيء ليس فيه نية. قال: فبايع إذا. قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي! وأبى أن يبايع. فكتب هشام بن إسماعيل إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إليه ما دعاك إلى سعيد!! ما كان علينا منه شيء نكرهه، فأما إذا فعلت فادعه، فإن بايع وإلا فاضربه ثلاثين سوطا، وأوقفه للناس، فدعاه هشام فأبى، وقال: لست أبايع لاثنين، فضربه ثلاثين سوطا، ثم ألبسه ثيابا من شعر، وأمر به فطيف به حتى بلغوا الخياطين، ثم رده وأمر به إلى السجن. فقال سعيد: لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته، قلت: أستر عورتي عند الموت.

ص 42

مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين، وقد قيل إنه مات سنة خمس ومائة (1). 2 - الذهبي: سعيد بن المسيب. الإمام شيخ الإسلام، فقيه المدينة، أبو محمد، المخزومي، أجل التابعين، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر، وسمع من عمر شيئا وهو يخطب، وسمع من عثمان وزيد بن ثابت وعائشة وسعد وأبي هريرة وخلق. وكان واسع العلم، وافر الحرمة، متين الديانة، قوالا بالحق، فقيه النفس. روى أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر قال: سعيد بن المسيب أحد المفتين. وقال أحمد بن حنبل وغيره: مرسلات سعيد صحاح. وقال قتادة: ما رأيت أحدا أعلم من سعيد بن المسيب. وكذا قال الزهري ومكحول وغير واحد. قال قال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما من سعيد، هو عندي أجل التابعين. وقال العجلي وغيره: كان لا يقبل جوائز السلطان، وله أربعمائة دينار يتجر بها بالزيت وغيره. وقال سعد بن إبراهيم: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وعمر مني. قال الواقدي: حدثني هشام بن سعد سمعت الزهري - وسئل عمن أخذ سعيد بن المسيب علمه - قال: عن زيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وابن عمر، وقد سمع من عثمان ولي وصهيب، وجل روايته المسند

(هامش)

(1) كتاب الثقات 4 / 273. (*)

ص 43

عن أبي هريرة، كان زوج بنته، وكان يقال: ليس أحد أعلم بقضاء عمر وعثمان منه. وروى معمر عن الزهري: كان سعيد أعلم الناس بقضاء عمر وعثمان. عن قتادة قال: كان الحسن إذا أشكل عليه شيء كتب إلى سعيد بن المسيب. حماد بن زيد عن يزيد بن حازم: إن المسيب كان يسرد الصوم. وقال عبد الرحمن بن حرملة: سمعت سعيدا يقول: حججت أربعين حجة. يوسف بن يعقوب الماجشون، عن المطلب بن السائب قال: كنت جالسا مع سعيد بن المسيب في السوق، فمر بريد لبني مروان، فقال له سعيد: من رسل بني مروان أنت؟ قال: نعم. قال: كيف تركت بني مروان؟ قال: بخير. قال: تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب! فأراد شرا بالرسول، فقمت إليه، فلم أزل أرجئه حتى انطلق. فقلت لسعيد: يغفر الله لك، تثبط بدمك! فقال: أسكت يا أحمق، فوالله لا يسألني الله ما أخذت بحقوقه. عن مكحول من وجه ضعيف أنه قال لما بلغه موت ابن المسيب: استوى الناس. قال مالك: بلغني أن سعيد بن المسيب قال إني كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد. قال مصعب عن عبد الله حدثني مصعب بن عثمان: إن الذي شهد لسعيد ابن المسيب حين أراد مسلم بن عقبة قتله عمرو بن عثمان ومروان الحكم، شهدا أنه مجنون، فخلى سبيله. قال أبو يونس القوي: دخلت المسجد فإذا سعيد بن المسيب جالس

ص 44

وحده. قلت: ما شأنه؟ قالوا: نهى أن يجالسه أحد... قلت: قد أفردت سيرة سعيد في مؤلف (1). 3 - الذهبي: سعيد بن المسيب بن حزن. الإمام أبو محمد المخزومي، أحد الأعلام وسيد التابعين. عن: عمر وعثمان وسعد. وعنه: الزهري وقتادة ويحيى بن سعيد. ثقة، حجة، رفيع الذكر، رأس في العلم والعمل، مات سنة 94 (2). 4 - الخطيب التبريزي: كان سيد التابعين من الطراز الأول، جمع بين الفقه والحديث والزهد والعبادة والورع، وهو المشار إليه المنصوص عليه، وكان أعلم الناس بحديث أبي هريرة وبقضايا عمر. لقي جماعة كثيرة من الصحابة وروى عنهم. وعنه: الزهري وكثير من التابعين وغيرهم. قال مكحول: طفت الأرض كلها في طلب العلم، فما لقيت أعلم من ابن المسيب. وقال ابن المسيب: حججت أربعين حجة. مات سنة ثلاث وتسعين رحمه الله تعالى (3). 5 - ابن حجر: قال نافع عن ابن عمر: هو والله أحد المفتين [المتقنين] وعن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: قد جئت [قدمت] المدينة فسألت عن أعلم أهل المدينة، فدفعت إلى سعيد بن المسيب. وقال ابن شهاب: قال لي عبد الله بن ثعلبة بن أبي صغير: إن كنت تريد هنا - يعني الفقه -

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 54 - 56. (2) الكاشف 1 / 372. (3) الإكمال في أسماء رجال المشكاة 3 / 666. (*)

ص 45

فعليك بهذا الشيخ: سعيد بن المسيب. وقال قتادة: ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام منه. وقال محمد بن إسحاق عن مكحول: طفت الأرض كلها في طلب العلم فما لقيت أعلم منه. وقال سليمان بن موسى: كان أفقه التابعين. وقال البخاري: قال لي علي عن أبي داود عن شعبة عن أياس بن معاوية قال لي سعيد بن المسيب: ممن أنت؟ قلت: من مزينة. قال: إني لأذكر يوم نعي عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن على المنبر، قال: وقال لنا سليمان بن حرب ثنا سلام بن مسكين عن عمران بن عبد الله الخزاعي عن ابن المسيب قال: أنا أصلحت بين علي وعثمان. وقال الدوري عن ابن معين: ههنا قوم يقولون إنه أصلح بين علي وعثمان، وهذا باطل. وقال أيضا: قد رآني عمر وكنت صغيرا. قلت يقول: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر. فقال يحيى: ابن ثمان سنين يحفظ شيئا!! قال: وسمعته يقول: مرسلات ابن المسيب أحب إلي من مرسلات الحسن... وقال أبو طالب قلت لأحمد: سعيد بن المسيب. فقال: ومن مثل سعيد؟! ثقة من أهل الخير. فقلت له: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ وقال الميموني وأحمد بن حنبل: مرسلات سعيد صحاح، لا يرى أصح من مرسلاته. وقال عثمان الحارثي عن أحمد: أفضل التابعين سعيد بن المسيب.

ص 46

وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما من سعيد بن المسيب، قال: وإذا قال سعيد مضت السنة فحسبك. قال: وهو عندي أجل التابعين. وقال الربيع عن الشافعي: إرسال ابن المسيب عندنا حسن. وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيب يسمى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته. وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد: ما بقي أحد أعلم بكل قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل قضاء قضاه أبو بكر وكل قضاء قضاه عمر مني، قال إبراهيم عن أبيه: وأحسبه قال: وعثمان. وقال مالك: بلغني أن عبد الله بن عمر كان يرسل إلى ابن المسيب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره. وقال مالك: لم يدرك عمر، ولكن لما كبر أكب على المسألة عن شأنه وأمره. وقال قتادة: كان الحسن إذا أشكل عليه شيء كتب إلى سعيد بن المسيب. وقال العجلي: كان رجلا صالحا فقيها... وقال أبو زرعة: مدني قرشي ثقة إمام. وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبل منه، وهو أثبتهم في أبي هريرة. قال الواقدي: مات سنة 94 في خلافة الوليد وهو ابن خمس وسبعين سنة. قال أبو نعيم: مات سنة 93. قلت: على تقدير ما ذكروا عنه أن مولده لسنتين مضتا من خلافة عمر - والإسناد إليه صحيح - يكون مبلغ عمره ثمانين سنة إلا سنة، كما قال الواقدي (1). 6 - ابن حجر: سعيد بن المسيب... أحد العلماء الثمانية، اتفقوا على أن

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب 4 / 84. (*)

ص 47

مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه. مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين (1). 7 - السيوطي: سعيد بن المسيب... قال قتادة: ما رأيت أحدا قط أعلم بالحلال والحرام منه، وقال مكحول: ما لقيت أعلم منه، وقال سليمان بن موسى: إنه أفقه الناس، وقال أحمد: إنه أفضل التابعين... (2). 8 - عبد الحق الدهلوي: سعيد بن المسيب بن حزن القرشي الإمام أبو محمد المخزومي المدني، من فقهاء السبعة الذين كانوا بالمدينة... أحد الأعلام، سيد التابعين، جمع بين الفقه والحديث والزهد والعبادة والورع، ثقة حجة فقيه رفيع الذكر، رأس في العلم والعمل. ويروى عن الإمام زين العابدين أنه قال: سعيد بن المسيب أعلم الناس، ويقال: إنه لم يكن في التابعين أكثر منه علما... (3). ترجمة أبي هريرة وأما أبو هريرة فهو من الصحابة الكبار والأئمة الأعلام عند أهل السنة، فلا حاجة إلى تعديله وتوثيقه بعد أن مدح الله سبحانه تعالى الصحابة وأثنى عليهم في القرآن الكريم كما يزعمون، وبعد أن وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأحاديث العامة والخاصة في فضله ومقامه كما يروون. ولا بأس بذكر مقتطفات من تراجمه في معاجم الصحابة والحفاظ:

(هامش)

(1) تقريب التهذيب 1 / 305. (2) إسعاف المبطأ برجال الموطأ: 17، طبع مع تنوير الحوالك. (3) رجال المشكاة للشيخ عبد الحق الدهلوي. (*)

ص 48

1 - ابن عبد البر: أبو هريرة الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم... أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لزمه وواظب عليه رغبة في العلم راضيا بشبع بطنه، وكانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يدور معه حيثما دار، وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحضر ما لا يحضره سائر المهاجرين والأنصار، لاشتغال المهاجرين بالتجارة والأنصار بحوائطهم. وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث، وقال له: يا رسول الله، إني قد سمعت منك حديثا كثيرا، فإني أخشى أن أنسى، قال: أبسط رداءك، قال: فبسطته فغرف بيده ثم قال: ضمه، فضممت، فما نسيت شيئا بعد. وقال البخاري: روى عنه أكثر من ثمانمائة رجل من بين صاحب وتابع. وممن روى عنه من الصحابة: ابن عباس وابن عمر وجابر وأنس وواثلة بن الأسقع وعائشة، استعمله عمر بن الخطاب على البحرين ثم عزله، ثم أراده على العمل فأبى عليه، فلم يزل يسكن المدينة، وبها كانت وفاته... (1). 2 - ابن الأثير: ب د ع أبو هريرة الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم حديثا عنه... وقد اختلف في اسمه اختلافا كثيرا، لم يختلف في اسم آخر مثله ولا ما يقاربه... وإنما هو مشهور بكنيته، وأسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لزمه وواظب عليه رغبة في العلم، فدعا له رسول الله: أخبرنا إبراهيم وغيره عن أبي عيسى، أخبرنا أبو موسى، أخبرنا عثمان ابن عمر، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال قلت:

(هامش)

(1) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4 / 1758. (*)

ص 49

يا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها. قال: أبسط رداءك، فبسطته، فحدث حديثا كثيرا، فما نسيت شيئا حدثني به.... عن ابن عمر أنه قال لأبي هريرة: أنت كنت ألزمنا لرسول الله وأحفظنا لحديثه.... عن الزهري عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة قال: إنكم تقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله، والله الموعد! كنت رجلا مسكينا آخذ من رسول الله على مل ء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار تشغلهم القيام على أموالهم. وقال رسول الله: من يسبط ثوبه فلن ينسى شيئا سمعه مني، فبسط ثوبي حتى قضى حديثه ثم ضممته إلي فما نسيت شيئا سمعته بعد.... قال البخاري: روى عن أبي هريرة أكثر من ثمانمائة رجل من صاحب وتابع... قال خليفة: توفي أبو هريرة سنة 57. وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة 58... (1). 3 - الذهبي: أبو هريرة الدوسي اليماني، الحافظ الفقيه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم... كان من أوعية العلم ومن كبار أئمة الفتوى، مع الجلالة والعبادة والتواضع. قال البخاري: روى عنه ثمانمائة نفس أو أكثر... وكان من أصحاب الصفة فقيرا، ذاق جوعا وفاقة، ثم بعد النبي صلح حاله وكثر ماله، وكان كثير التعبد والذكر، ولي إمرة المدينة، وناب أيضا عن مروان في إمرتها، وكان يمر في السوق يحمل الحزمة وهو يقول: أوسعوا

(هامش)

(1) أسد الغابة في أسماء الصحابة 5 / 315. (*)

ص 50

الطريق للأمير - كان فيه دعابة... روى أحمد في مسنده عن أبي كثير الخثعمي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما... قال الأعمش عن أبي صالح السمان: كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب محمد رسول الله. وقال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. وروى كهمس عن عبد الله بن شفيق قال قال أبو هريرة: لا أعرف أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحفظ لحديثه مني. أبو داود الطيالسي، نا عمران القطان، عن بكر بن عبد الله، عن أبي رافع، عن أبي هريرة إنه لقي كعبا، فجعل يحدثه ويسأله، فقال كعب: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة. هشيم، عن يعلى بن عطا، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن ابن عمر إنه قال: يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله، وأعلمنا بحديثه... (1). أقول: وبعد هذا كله لا يرتاب المنصف في صحة حديث التشبيه، وإنه ليعلم - بعد هذا - كذب (الدهلوي) في دعواه، وأن غرضه ستر الحقيقة وكتمان الواقع ظلما وزورا.

(هامش)

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 32. (*)

ص 51

ترجمة ياقوت الحموي وبقي ترجمة ياقوت الحموي صاحب (معجم الأدباء) الذي ذكر الحديث بترجمة المفجع... وياقوت من أعاظم مصنفي أهل السنة، ومن مشاهير أدبائهم ومحققيهم... هذا من جهة. ومن جهة أخرى: قد اشتهر ياقوت بتعصبه على سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام، حتى نص مترجموه على ذلك كابن خلكان... وحينئذ، لا يرتاب أحد في صحة الحديث الذي ذكره واعتباره، إذ لا يبقى بعد هذا مجال لإنكاره أو القدح في سنده... ومن كلمات أهل السنة في ترجمة ياقوت ما يلي: 1 - السمعاني: أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي التاجر، عتيق عبد الله ابن أحمد البخاري... سمع أبا محمد عبد الله بن محمد بن هزار مرد الصريفيني، قرأت عليه ببغداد أمالي أبي طاهر المخلص بروايته عن ابن هزامرد عنه. وكان شيخا مليح الشيبة لطيفا [نظيفا] ظاهره الخير والصلاح، وتوفي سنة 543 بمصر (1). 2 - ابن خلكان: وكان متعصبا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد كان طالع شيئا من كتب الخوارج، فاشتبك في ذهنه منه طرف قوي، وتوجه إلى دمشق في سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقعد في بعض أسواقها، وناظر بعض من يتعصب لعلي رضي الله عنه، وجرى بينهما كلام أدى إلى ذكره عليا رضي الله عنه بما لا يسوغ، فثار الناس عليه وكادوا يقتلونه، فسلم منهم، وخرج من دمشق منهزما بعد أن بلغت القصة إلى والي البلد، فطلبه ولم يقدر

(هامش)

(1) الأنساب - الرومي. (*)

ص 52

عليه، ووصل إلى حلب خائفا يترقب... وكان قد تتبع التواريخ، وصنف كتابا سماه إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء، يدخل في أربع مجلدات... (1). 3 - الذهبي: ياقوت الرومي الحموي ثم البغدادي التاجر شهاب الدين، الأديب الأخباري، صاحب التصانيف الأدبية في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك. توفي في رمضان (2). 4 - اليافعي: ياقوت الرومي الحموي ثم البغدادي التاجر، شهاب الدين، الأديب الأخباري، صاحب التصانيف الأدبية في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك. أسير من بلاده صغيرا، فابتاعه ببغداد رجل تاجر، ولما كبر ياقوت المذكور قرأ شيئا من النحو واللغة، وشغله مولاه بالأسفار في متاجره، ثم جرت بينه وبين مولاه قضية أوجبت عتقه، فأبعده عنه، فاشتغل بالفقه، وحصلت له بالمطالعة فوائد، وصنف كتابا سماه إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء، في أربع مجلدات، وكتابا في أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء، وكتبا أخرى عديدة، وكانت له همة عالية في تحصيل المعارف (3). 5 - ابن حجر: ياقوت الرومي الكاتب الحموي. قال ابن النجار: كان ذكيا، حسن الفهم، ورحل في طلب النسب إلى بلاد الشام ومصر والبحرين وخراسان، وسمع الحديث، وصنف معجم البلدان، ومعجم الأدباء، وأسماء الجبال والأنهار والأماكن.

(هامش)

(1) وفيات الأعيان 6 / 127. (2) العبر 2 / 465. (3) مرآة الجنان حوادث 543. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء التاسع عشر

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب