ولي العصر المهدي المنتظر
الحجة ابن الحسن العسكري أرواحناه فداه
يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا
ببضاعة مزجاة
فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين علي
ص 7
كلمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين. وبعد فإن هذا (قسم
الآيات) من كتابنا (نفحات الأزهار)، وقد اشتمل على البحث حول دلالة سبعة من آيات
القرآن الكريم على إمامة سيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، وهي: 1 - آية
الولاية. 2 - آية التطهير. 3 - آية المودة. 4 - آية المباهلة. 5 - الآية: *(إنما
أنت منذر ولكل قوم هاد)*. 6 - الآية: *(وقفوهم إنهم مسئولون)*. 7 - الآية:
*(والسابقون السابقون * أولئك المقربون)*(1). إن الآيات الدالة على إمامة أمير
المؤمنين عليه الصلاة والسلام استنادا إلى روايات أهل السنة تبلغ العشرات، كما لا
يخفى على المطلع على كتب
(هامش)
(1) وما ذكرناه في (دراسات في العبقات) المطبوع في مقدمة الجزء الأول من كتابنا من
أن الآيات ستة فسهو. (*)
ص 8
أصحابنا في هذا الباب، لكن لما كان كتاب (عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار)
في الرد على (التحفة الاثني عشرية) وقد اقتصر صاحب (التحفة) على الآيات المذكورة
فقط، بل زعم الانحصار فيها، كان (قسم الآيات) من كتاب (العبقات) أيضا مقصورا على
تلك الآيات. لقد أثبت صاحب (العبقات) أن كل آية من هذه الآيات هي بوحدها تكفي
لإثبات الإمامة، كما أثبت في (قسم الأحاديث) - وهي اثنا عشر حديثا - دلالة كل واحد
منها بالاستقلال على الإمامة، على ضوء كتب أهل السنة المعتمدة المشهورة. وقد حوى
كتابنا (نفحات الأزهار) في أجزاءه التسعة عشر (قسم الأحاديث) المتوفرة بأيدينا من
كتاب (عبقات الأنوار). أما (قسم الآيات) منه فلم نحصل عليه حتى الآن، إلا أنا قد
بحثنا عن تلك الآيات في كتابنا (تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات) مع التعرض لكلام
صاحب (التحفة) وبنفس اسلوب صاحب (العبقات)، فأخرجناها في هذا الجزء من الكتاب،
نزولا عند رغبة بعض الأصحاب. والله هو الموفق.
علي الحسيني الميلاني
ص 9
آية الولاية
ص 11
قوله تعالى *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم
الغالبون)*(1). وتسمى ب آية الولاية . ويتم إثبات الإمامة منها والبحث حولها في
فصول:
(هامش)
(1) سورة المائدة 5: 55 و56. (*)
ص 12
الفصل الأول: في رواة خبر نزولها في علي وأسانيده
إن هذه الآية المباركة نزلت في
قضية تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بخاتمه على السائل وهو في حال الركوع، وقد
اتفق الفريقان على رواية هذا الخبر بالأسانيد الكثيرة، عن جمع كبير من الصحابة
ومشاهير التابعين. من رواة الخبر من الصحابة والتابعين لقد رووا هذا الخبر
بأسانيدهم عن جمع من الصحابة والتابعين: 1 - أمير المؤمنين عليه السلام. 2 -
المقداد بن الأسود الكندي. 3 - عمار بن ياسر. 4 - عبد الله بن العباس. 5 - أبو ذر
الغفاري. 6 - جابر بن عبد الله الأنصاري. 7 - أبو رافع. 8 - أنس بن مالك. 9 - عبد
الله بن سلام. 10 - حسان بن ثابت، في شعر له. 11 - محمد بن الحنفية.
ص 13
12 - ابن جريج المكي. 13 - سعيد بن جبير. 14 - عطاء. 15 - مجاهد. 16 - السدي. 17 -
مقاتل. 18 - الضحاك. أشهر مشاهير رواة الخبر من العلماء وقد روى هذه المنقبة
الجليلة كبار الأئمة الحفاظ وأعلام العلماء في مختلف القرون، وهذه أسماء أشهر
مشاهيرهم: 1 - سليمان بن مهران الأعمش، المتوفى سنة 148، وقع في طريق رواية
الحسكاني. 2 - معمر بن راشد الأزدي المتوفى سنة 153، وقع في طريق رواية الحسكاني. 3
- سفيان بن سعيد الثوري، المتوفى سنة 161، وقع في طريق رواية الحسكاني. 4 - أبو عبد
الله محمد بن عمر الواقدي، المتوفى سنة 207، كما في ذخائر العقبى في مناقب ذوي
القربى. 5 - أبو بكر عبد الرزاق الصنعاني، المتوفى سنة 211، كما في تفسير ابن كثير
الدمشقي. 6 - أبو نعيم الفضل بن دكين، المتوفى سنة 219، وقع في طريق رواية ابن أبي
حاتم الرازي.
ص 14
7 - أبو محمد عبد بن حميد الكشي، المتوفى سنة 249، كما في الدر المنثور في التفسير
بالمأثور. 8 - أحمد بن يحيى البلاذري، المتوفى بعد سنة 270، في أنساب الأشراف. 9 -
محمد بن عبد الله الحضرمي، المطين، المتوفى سنة 297، وقع في طريق رواية أبي نعيم.
10 - أبو عبد الرحمن النسائي، المتوفى سنة 303، في صحيحه. 11 - محمد بن جرير
الطبري، المتوفى سنة 310، في تفسيره. 12 - ابن أبي حاتم الرازي، المتوفى سنة 327،
كما في تفسيره وغير واحد من الكتب. 13 - أبو القاسم الطبراني، المتوفى سنة 360، في
المعجم الأوسط. 14 - عبد الله بن محمد بن جعفر الأصبهاني، أبو الشيخ، المتوفى سنة
369، كما في الدر المنثور للسيوطي. 15 - أبو بكر الجصاص الرازي، المتوفى سنة 370،
في أحكام القرآن. 16 - عمر بن أحمد بن شاهين البغدادي الواعظ، المتوفى سنة 385، وقع
في طريق رواية الحسكاني. 17 - أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405، في
كتاب علوم الحديث. 18 - أبو بكر ابن مردويه الأصبهاني، المتوفى سنة 416، كما في كنز
العمال. 19 - أبو إسحاق الثعلبي، المتوفى سنة 427، في تفسيره. 20 - أبو نعيم
الإصفهاني، المتوفى سنة 430، كما في الدر المنثور وغيره.
ص 15
21 - أبو الحسن الماوردي الشافعي، المتوفى سنة 450، كما في تفسيره. 22 - أبو بكر
الخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463، في كتابه المتفق والمفترق، كما في كنز العمال.
23 - أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، المتوفى سنة 468، في أسباب النزول. 24 -
الفقيه ابن المغازلي الشافعي، المتوفى سنة 483، في مناقب علي بن أبي طالب. 25 - أبو
المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني، المتوفى سنة 489، في تفسيره. 26 -
أبو القاسم الحاكم الحسكاني النيسابوري، في كتابه: شواهد التنزيل. 27 - أبو الحسن
علي بن محمد الكيا الطبري، المتوفى سنة 504 في تفسيره. 28 - أبو محمد الفراء
البغوي، المتوفى سنة 516، في تفسيره. 29 - أبو الحسن رزين العبدري الأندلسي،
المتوفى سنة 535 في الجمع بين الصحاح الستة. 30 - أبو القاسم جار الله الزمخشري،
المتوفى سنة 538، في الكشاف. 31 - الموفق بن أحمد الخطيب الخوارزمي المكي، المتوفى
سنة 568، في مناقب علي بن أبي طالب. 32 - أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي، المتوفى
سنة 571، في تاريخ دمشق.
ص 16
33 - أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي، المتوفى سنة 597، في تفسيره: زاد المسير. 34 -
أبو عبد الله الفخر الرازي، المتوفى سنة 606، في تفسيره. 35 - أبو السعادات ابن
الأثير، المتوفى سنة 606، في جامع الأصول. 36 - محمد بن محمود بن حسن، ابن النجار،
المتوفى سنة 643، وقع في طريق رواية الحموئي. 37 - أبو المظفر سبط ابن الجوزي
الحنفي، المتوفى سنة 654، في تذكرة خواص الأمة. 38 - أبو عبد الله الكنجي الشافعي،
المتوفى سنة 658، في كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب. 39 - عز الدين عبد
العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي، المتوفى سنة 660، في تفسيره. 40 - أبو سالم
محمد بن طلحة الشافعي، المتوفى سنة 662، في مطالب السئول. 41 - ناصر الدين البيضاوي
الشافعي، المتوفى سنة 685، في تفسيره. 42 - أبو العباس محب الدين الطبري الشافعي،
المتوفى سنة 694 في كتابيه: الرياض النضرة في مناقب العشرة، ذخائر العقبى في مناقب
ذوي القربى. 43 - حافظ الدين النسفي، المتوفى سنة 701 - أو - 710، في تفسيره. 44 -
شيخ الإسلام الحموئي الجويني، المتوفى سنة 722 في كتابه فرائد السمطين. 45 - علاء
الدين الخازن البغدادي، المتوفى سنة 741، في تفسيره.
ص 17
46 - شمس الدين الإصبهاني، المتوفى سنة 746، في شرح التجريد. 47 - جمال الدين
الزرندي، المتوفى سنة 750، في نظم درر السمطين. 48 - أبو حيان الأندلسي، المتوفى
سنة 754، في تفسيره البحر المحيط. 49 - عضد الدين الإيجي، المتوفى سنة 765، في كتاب
المواقف في علم الكلام. 50 - محمد بن أحمد بن جزي الكلبي، المتوفى سنة 758، في
تفسيره. 51 - نظام الدين القمي النيسابوري، في تفسيره. 52 - سعد الدين التفتازاني،
المتوفى سنة 791 في شرح المقاصد. 53 - السيد الشريف الجرجاني، المتوفى سنة 816، في
شرح المواقف. 54 - شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852، كما في الكاف
الشاف في تخريج الكشاف. 55 - نور الدين ابن الصباغ المالكي، المتوفى سنة 855، في
الفصول المهمة في معرفة الأئمة. 56 - علاء الدين القوشجي السمرقندي، المتوفى سنة
879، في شرح التجريد. 57 - جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911، في الدر المنثور
في التفسير بالمأثور، وغيره. 58 - أبو السعود محمد بن محمد العمادي، المتوفى سنة
951، كما في تفسيره. 59 - شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المكي، المتوفى سنة 974، في
الصواعق المحرقة.
ص 18
60 - قاضي القضاة الشوكاني، المتوفى سنة 1250 في تفسيره. 61 - شهاب الدين الآلوسي،
المتوفى سنة 1270، في تفسيره. 62 - الشيخ سليمان القندوزي الحنفي، المتوفى سنة
1293، في ينابيع المودة. 63 - السيد محمد مؤمن الشبلنجي، المتوفى...، في نور
الأبصار. من نصوص الخبر في الكتب المعتبرة وإليك عدة من نصوص الخبر، في الكتب
المعتبرة المشهورة: * أخرج ابن الأثير، عن رزين الحافظ، عن النسائي، ما نصه: عبد
الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهط من
قومي، فقلنا: إن قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله، وأقسموا لا يكلمونا، فأنزل
الله تعالى: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)*، ثم أذن بلال لصلاة الظهر،
فقام الناس يصلون، فمن بين ساجد وراكع، إذا سائل يسأل، فأعطاه علي خاتمه وهو راكع،
فأخبر السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)*. أخرجه
رزين (1). و رزين هو: رزين بن معاوية العبدري، المتوفى سنة 535 كما في سير
أعلام النبلاء، وقد وصفه ب: الإمام المحدث الشهير (2).
وقال ابن الأثير: وتلاهم آخرا أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي، فجمع
بين كتب البخاري ومسلم والموطأ لمالك وجامع أبي عيسى الترمذي وسنن أبي داود
السجستاني وسنن أبي عبد الرحمن النسائي، رحمة الله عليهم، ورتب كتابه على الأبواب
دون المسانيد . قال: وأما الأحاديث التي وجدتها في كتاب رزين - رحمه الله - ولم
أجدها في الأصول، فإنني كتبتها نقلا من كتابه على حالها في مواضعها المختصة بها،
وتركتها بغير علامة، وأخليت لذكر اسم من أخرجها موضعا، لعلي أتتبع نسخا أخرى لهذه
الأصول وأعثر عليها، فأثبت اسم من أخرجها (1). * أخرج ابن أبي حاتم بتفسير الآية،
قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، ثنا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم في
قوله: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)* قال: علي بن أبي طالب. حدثنا أبو
سعيد الأشج، ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، ثنا موسى ابن قيس الحضرمي، عن سلمة
بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت *(إنما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*(2). * وأخرج أبو جعفر الطبري
قال: وأما قوله *(والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*
فإن أهل التأويل اختلفوا في
(هامش)
(1) جامع الأصول 1 / 19 وص 23. (2) تفسير ابن أبي حاتم الرازي 4 / 1162. (*)
ص 20
المعني به، فقال بعضهم عني به علي بن أبي طالب، وقال بعضهم عني به جميع المؤمنين
ثم ذكر: حدثنا إسماعيل بن إسرائيل الرملي قال: ثنا أيوب بن سويد قال: ثنا عتبة بن
أبي حكيم في هذه الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)* قال: علي بن أبي
طالب. حدثني الحرث قال: ثنا عبد العزيز قال: ثنا غالب بن عبيد الله قال: سمعت
مجاهدا يقول في قوله: *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية. قال: نزلت في علي بن أبي
طالب، تصدق وهو راكع (1). * وأخرج الحاكم في النوع الثالث من الأفراد، أحاديث
لأهل المدينة تفرد بها عنهم أهل مدينة أخرى: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله
الصفار قال: ثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن سلم الرازي بإصبهان، قال: ثنا يحيى
بن الضريس قال: ثنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله (2) بن عمر بن علي بن أبي طالب
قال: ثنا أبي عن أبيه عن جده عن علي قال: نزلت هذه الآية على رسول الله *(إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*
فخرج رسول الله ودخل المسجد، والناس يصلون بين راكع وقائم، فصلى، فإذا سائل قال: يا
سائل أعطاك أحد شيئا؟ فقال: لا إلا هذا الراكع - لعلي - أعطاني خاتما. قال الحاكم:
هذا حديث تفرد به الرازيون عن الكوفيين، فإن يحيى بن
الضريس الرازي قاضيهم، وعيسى العلوي من أهل الكوفة (1). * أخرج الطبراني قائلا:
حدثنا محمد بن علي الصائغ قال: حدثنا خالد ابن يزيد العمري، قال: حدثنا إسحاق بن
عبد الله بن محمد بن علي بن حسين، عن الحسين بن زيد، عن أبيه زيد بن الحسن، عن جده
قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: وقف على علي بن أبي طالب سائل وهو راكع في تطوع
فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه ذلك، فنزلت
على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* فقرأها رسول الله صلى الله عليه
وسلم ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه . لا
يروى هذا الحديث عن عمار بن ياسر إلا بهذا الإسناد، تفرد به خالد ابن يزيد (2). *
أخرج أبو نعيم الحافظ بإسناده قائلا: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن
عبد الله الحضرمي قال: حدثنا إبراهيم بن عيسى التنوخي قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن
عبيد الله بن موسى، عن أبي الزبير، عن جابر قال: جاء عبد الله بن سلام وأناس معه،
فشكوا مجانبة الناس إياهم منذ أسلموا، فقال أبغوني سائلا، فدخلنا المسجد، فدنا سائل
إليه فقال: أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم، مررت برجل راكع فأعطاني خاتمه. قال: فاذهب
فأره،
(هامش)
(1) معرفة علوم الحديث: 102. (2) المعجم الأوسط 7 / 129. (*)
ص 22
فذهبنا وعلي قائم، قال: هذا. فنزلت: *(إنما وليكم الله...)* (1). * أخرج أبو
المظفر السمعاني بتفسير الآية: قال السدي - وهو رواية عن مجاهد - إن هذا أنزل في
علي بن أبي طالب، كان في الركوع ومسكين يطوف في المسجد، فنزع خاتمه ودفع إليه، فهذا
معنى قوله: *(ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*. ثم إنه لم يناقش في هذا القول وسنده،
وإنما تكلم في معنى الآية وخصوص لفظ الولاية فقال: وقوله: *(إنما وليكم الله
ورسوله)* أراد به الولاية في الدين، لا ولاية الإمارة والسلطنة، وهم فوق كل ولاية.
قال أبو عبيدة: وكذلك معنى قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه. يعني: من كنت وليا له
أعينه وانصره، فعلي يعينه وينصره في الدين (2). * وأخرج الثعلبي، قال: قوله
تعالى: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
وهم راكعون)*. قال ابن عباس: وقال السدي، وعتبة بن حكيم، وغالب بن عبد الله: إنما
عني بقوله *(والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* علي بن
أبي طالب رضي الله عنه، مر به سائل وهو راكع في المسجد فأعطاه خاتمه. أخبرنا أبو
الحسن محمد بن القاسم بن أحمد، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشعراني،
قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين، قال: حدثنا المظفر بن الحسن الأنصاري،
قال: حدثنا السيد بن علي، قال: حدثنا
(هامش)
(1) خصائص الوحي المبين: 20 عن كتاب ما نزل في علي لأبي نعيم الإصفهاني. (2) تفسير
القرآن 2 / 47. (*)
ص 23
يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن عباية بن الربعي،
قال: بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم إذ أقبل رجل متعمم بعمامة، فجعل ابن
عباس لا يقول قال رسول الله إلا قال الرجل قال رسول الله. فقال ابن عباس: سألتك
بالله من أنت؟ قال: فكشف العمامة عن وجهه وقال: يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني،
ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم بهاتين وإلا صمتا [وأشار به أذنيه] ورأيته بهاتين وإلا فعميتا [وأشار إلى
عينيه] يقول: علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله. أما
إني صليت مع رسول الله يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه
أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد إني سألت في مسجد رسول الله فلم
يعطني أحد شيئا، وكان علي راكعا فأومى إليه بخنصره اليمنى وكان يتختم فيها، فأقبل
السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره، وذلك بعين النبي صلى الله عليه وسلم. فلما فرغ
النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إن أخي موسى
سألك فقال: *(رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري *.... واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون
أخي * أشدد به أزري...)* الآية، فأنزلت عليه قرآنا ناطقا: *(سنشد عضدك بأخيك ونجعل
لكما سلطانا)* اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك، اللهم فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري،
واجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أشدد به ظهري. قال أبو ذر: فوالله ما استتم رسول الله
الكلمة حتى أنزل عليه جبرئيل من عند الله فقال: يا محمد إقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال:
إقرأ: *(إنما وليكم الله
ص 24
ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*. سمعت أبا
منصور الجمشاذي، سمعت محمد بن عبد الله الحافظ، سمعت أبا الحسن علي بن الحسن، سمعت
أبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، سمعت محمد بن منصور الطوسي، سمعت أحمد بن حنبل
يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما جاء لعلي
بن أبي طالب رضي الله عنه (1). * وأخرج الواحدي: قوله تعالى: *(إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا)* قال جابر بن عبد الله: جاء عبد الله بن سلام إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن قوما من قريظة والنضير قد هاجرونا وفارقونا
وأقسموا أن لا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل وشكى ما يلقى من
اليهود، فنزلت هذه الآية فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رضينا
بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء ونحو هذا. قال الكلبي وزاد: إن آخر الآية في علي
بن أبي طالب رضوان الله عليه، لأنه أعطى خاتمه سائلا وهو راكع في الصلاة. أخبرنا
أبو بكر التميمي قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال حدثنا الحسين بن محمد بن
أبي هريرة قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد بن الأسود عن محمد بن
مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلم ومعه
نفر من قومه قد آمنوا فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا
متحدث، وإن قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن
لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا فشق ذلك علينا، فقال لهم النبي عليه السلام
*(إنما وليكم الله
(هامش)
(1) تفسير الثعلبي - مخطوط. (*)
ص 25
ورسوله والذين آمنوا)* الآية ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد والناس
بين قائم وراكع، فنظر سائلا فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم خاتم من ذهب. قال:
من أعطاكه؟ قال: ذلك القائم وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فقال:
على أي حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ:
*(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)*(1). * وأخرج
الحاكم الحسكاني: قوله سبحانه: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين
يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*. قول ابن عباس فيه: أخبرنا أبو بكر
الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زهير التستري، وعبد
الرحمان بن أحمد الزهري قالا: حدثنا أحمد بن حنصور قال: حدثنا عبد الرزاق، عن عبد
الوهاب بن مجاهد، عن أبيه: عن ابن عباس [في قوله تعالى:] *(إنما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا)* قال: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام. أخبرنا السيد عقيل بن
الحسين العلوي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمان بن إبراهيم بن أحمد بن الفضل
الطبري من لفظه بسجستان قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله المزني قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن عبد الله قال: حدثنا الفهم بن سعيد بن الفهم بن
سعيد بن سليك بن عبد الله الغطفاني صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
حدثنا عبد الرزاق ابن همام عن معمر:
(هامش)
(1) أسباب النزول: 113. (*)
ص 26
عن ابن طاووس عن أبيه قال: كنت جالسا مع ابن عباس إذ دخل عليه رجل فقال: أخبرني عن
هذه الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله)* فقال ابن عباس: أنزلت في علي بن أبي طالب.
أخبرنا الحسين بن محمد الثقفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا
عبيد الله بن أحمد بن منصور الكسائي قال: حدثنا أبو عقيل محمد بن حاتم بن قال:
حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا ابن مجاهد، عن أبيه: عن ابن عباس في قوله: *(إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)* قال: علي عليه السلام. وأخبرنا الحسين [بن محمد
الثقفي] قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي قال: حدثنا عصام بن
غياث السمان البغدادي [قال:] حدثنا أحمد بن سيار المروزي قال: حدثنا عبد الرزاق به،
[و] قال: نزلت في علي بن أبي طالب. أخبرنا عقيل بن الحسين قال: أخبرنا علي بن
الحسين قال: حدثنا محمد ابن عبيد الله قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد
الله الدقاق ببغداد ابن السماك قال: حدثنا عبد الله بن ثابت المقري قال: حدثني أبي
عن الهذيل، عن مقاتل، عن الضحاك [عن] ابن عباس [به]. وحدثني الحسن بن محمد بن عثمان
الفسوي عن ابن عباس. وحدثنا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي بالبصرة، قال: حدثنا
يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا سفيان الثوري عن
منصور عن مجاهد، عن ابن عباس: قال سفيان: وحدثني الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن
جبير، عن ابن عباس في قوله الله تعالى: *(إنما وليكم الله ورسوله)* يعني ناصركم
ص 27
الله *(ورسوله)* يعني محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: *(والذين آمنوا)* فخص
من بين المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: *(الذين يقيمون الصلاة)* يعني يتمون وضوءها
وقراءتها وركوعها وسجودها وخشوعها في مواقيتها [*(ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*] وذلك
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى يوما بأصحابه صلاة الظهر وانصرف هو
وأصحابه، فلم يبق في المسجد غير علي قائما يصلي بين الظهر والعصر، إذ دخل [المسجد]
فقير من فقراء المسلمين، فلم ير في المسجد أحدا خلا عليا فأقبل نحوه فقال: يا ولي
الله بالذي يصلى له أن تتصدق علي بما أمكنك. وله خاتم عقيق يماني أحمر [كان] يلبسه
في الصلاة في يمينه، فمد يده فوضعها على ظهره وأشار إلى السائل بنزعه، فنزعه ودعا
له، ومضى وهبط جبرئيل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: لقد باهى الله بك
ملائكته اليوم، اقرأ *(إنما وليكم الله ورسوله)*. أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد
الفقيه، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد ابن جعفر قال: حدثنا الحسن بن محمد بن أبي
هريرة قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن الأسود عن محمد بن
هارون، عن محمد ابن السائب، عن أبي صالح: عن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام
ومعه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي فقالوا: يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس
لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس، وإن قومنا لما رأونا آمنا بالله وبرسوله
وصدقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا، فشق ذلك
علينا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*.
ص 28
ثم إن النبي خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال له النبي صلى
الله عليه: هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم خاتم من ذهب. فقال له النبي: من أعطاكه؟
قال: ذاك القائم وأومئ بيده إلى علي. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: على
أي [حال] أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع. فكبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قرأ:
*(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)*. فأنشأ حسان بن
ثابت يقول في ذلك: أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي * وكل بطئ في الهدى ومسارع أيذهب مدحي
والمحبر ضائعا * وما المدح في جنب الإله بضائع وأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا *
زكاتا فدتك النفس يا خير راكع فأنزل فيك الله خير ولاية * فبينها في نيرات الشرائع
وقيل في ذلك أيضا: أوفى الصلاة مع الزكاة فقامها * والله يرحم عبده الصبارا من ذا
بخاتمه تصدق راكعا * وأسره في نفسه إسرارا من كان بات على فراش محمد * ومحمد يسري
وينحو الغارا من كان جبريل يقوم يمينه * فيها وميكال يقوم يسارا من كان في القرآن
سمي مؤمنا * في تسع آيات جعلن كبارا قول أنس فيه: أخبرنا عبد الله بن يوسف إملاءا
وقراءة في الفوائد قال: أخبرنا علي بن محمد بن عقبة، قال: حدثنا الخضر بن أبان،
قال: حدثنا إبراهيم بن هدبة: عن أنس: إن سائلا أتى المسجد وهو يقول: من يقرض الوفي
الملي؟ وعلي عليه السلام راكع يقول بيده خلفه للسائل أي اخلع الخاتم من يدي.
ص 29
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر وجبت. قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله
ما وجبت؟ قال: وجبت له الجنة، والله ما خلعه من يده حتى خلعه من كل ذنب ومن كل
خطيئة. قال: بأبي وأمي يا رسول الله هذا لهذا؟ قال: هذا لمن فعل هذا من أمتي.
أخبرني الحاكم الوالد، ومحمد بن القاسم أن عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ أخبرهم: أن
محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت المقرئ حدثهم قال: حدثنا أحمد بن إسحاق - وكان ثقة -
قال: حدثنا أبو أحمد زكريا بن دويد بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي: قال: حدثنا
حميد الطويل عن أنس قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صلاة الظهر فإذا هو
بعلي يركع ويسجد، وإذا بسائل يسأل فأوجع قلب علي كلام السائل، فأومأ بيده اليمنى
إلى خلف ظهره فدنا السائل منه فسل خاتمه عن إصبعه، فأنزل الله فيه آية من القرآن
وانصرف علي إلى المنزل، فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه فأحضره فقال: أي
شيء عملت يومك هذا بينك وبين الله تعالى؟ فأخبره فقال: هنيئا لك [أ] با الحسن قد
أنزل الله فيك آية من القرآن: *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية. [والحديث]
اختصرته. روايات الصحابة فيه رضي الله عنهم: منهم عمار بن ياسر أخبرنا أبو بكر
الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ، قال: حدثنا الوليد بن أبان، قال: حدثنا سلمة بن
محمد قال: حدثنا خالد بن يزيد، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي، عن الحسن بن زيد عن أبيه زيد بن حسن، عن جده قال: سمعت عمار بن ياسر
يقول:
ص 30
وقف لعلي بن أبي طالب سائل وهو راكع في صلاة التطوع فنزع خاتمه فأعطاه السائل فأتى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعلمه ذلك فنزل على النبي صلى الله عليه وآله
وسلم هذه الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله)* إلى آخر الآية [ف] قال رسول الله: من
كنت مولاه فإن عليا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. [و] رواه [أيضا] أبو
النضر العياشي في كتابه وفي تفسيره قال: حدثنا سلمة بن محمد بذلك. ومنهم جابر بن
عبد الله الأنصاري حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ غير مرة قال: أخبرنا أبو بكر
محمد بن جعفر بن يزيد الآدمي القارئ ببغداد قال: حدثنا أحمد بن موسى بن يزيد الشطوي
حدثنا إبراهيم بن إبراهيم هو أبو إسحاق الكوفي قال: حدثنا إبراهيم ابن الحسن
الثعلبي قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي الزبير: عن جابر
قال: جاء عبد الله بن سلام وأنا معه يشكون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
مجانبة إياهم منذ أسلموا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ابتغوا إلي سائلا.
فدخلنا المسجد فوجدنا فيه مسكينا فأتينا [به] النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسأله
هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم مررت برجل يصلي فأعطاني خاتمه قال: اذهب فأرهم إياه
[قال جابر] فانطلقنا وعلي قائم يصلي قال: هو هذا، فرجعنا وقد نزلت هذه الآية:
*(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية. ومنهم أمير المؤمنين علي عليه السلام أخبرنا أبو
بكر التميمي بقراءتي عليه من أصله، أخبرنا أبو محمد عبد الله
ص 31
ابن محمد، قال: حدثنا سعيد بن سلمة الثوري قال: حدثنا محمد بن يحيى الفيدي قال:
حدثنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثنا أبي عن
أبيه عن جده: عن علي قال: نزلت هذه الآية على رسول الله في بيته: *(إنما وليكم الله
ورسوله)* الآية. فخرج رسول الله ودخل المسجد وجاء الناس يصلون بين راكع وساجد وقائم
فإذا سائل فقال: يا سائل هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: لا إلا ذاك الراكع - لعلي -
أعطاني خاتمه. ومنهم المقداد بن الأسود الكندي أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد
الحيري قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المديني قال: حدثنا الحسن بن إسماعيل، قال:
حدثنا عبد الرحمان بن إبراهيم الفهري قال: حدثني أبي عن علي بن صدقة عن هلال: عن
المقداد بن الأسود الكندي قال: كنا جلوسا بين يدي رسول الله إذ جاء أعرابي بدوي
متنكب على قوسه. وساق الحديث بطوله حتى قال: وعلي بن أبي طالب قائم يصلي في وسط
المسجد ركعات بين الظهر والعصر فناوله خاتمه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
بخ بخ بخ وجبت الغرفات. فأنشأ الأعرابي يقول: يا ولي المؤمنين كلهم * وسيد الأوصياء
من آدم قد فزت بالنفل يا أبا حسن * إذ جادت الكف منك بالخاتم فالجود فرع وأنت مغرسه
* وأنتم سادة لذا العالم فعندها هبط جبرئيل بالآية: *(إنما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين)* الآية.
ص 32
ومنهم أبو ذر الغفاري حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم [الفقيه] الصيدلاني قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشعراني قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين
الباشاني قال: حدثني المظفر بن الحسن الأنصاري قال: حدثنا السندي بن علي الوراق
قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن
ربعي قال: بينما عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم... (1). قول محمد بن
الحنفية فيه أخبرنا أبو عبد الله النيسابوري السفياني قراءة قال: حدثنا ظفران بن
الحسين قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عثمان، بن تارخ المعمري قال: حدثنا يحيى بن
عبدك القزويني قال: حدثنا حسان بن حسان قال: حدثنا موسى بن قطن الكوفي عن الحكم بن
عتيبة: عن المنهال بن عمرو، عن محمد بن الحنفية أن سائلا سأل في مسجد رسول الله فلم
يعطه أحد شيئا، فخرج رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] وقال: هل أعطاك أحد شيئا؟
قال: لا إلا رجل مررت به وهو راكع فناولني خاتمه. فقال النبي صلى الله عليه وآله
وسلم: وتعرفه؟ قال: لا. فنزلت هذه الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* فكان علي بن أبي طالب. قول عطاء
حدثني الحاكم أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي [حدثنا] أبو عبد الله محمد بن خفيف
بشيراز قال: حدثنا أبو الطيب النعمان بن أحمد بن يعمر
(هامش)
(1) إلى آخره كما تقدم في رواية الثعلبي. (*)
ص 33
الواسطي قال: حدثنا عبد الله بن عمر القرشي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حميد
الصفار قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عطاء بن السائب [في قوله تعالى]: *(إنما
وليكم الله ورسوله)* الآية قال: نزلت في علي مر به سائل وهو راكع فناوله خاتمه. قول
عبد الملك بن جريج المكي أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين الجبلي قال: حدثنا علي بن
محمد ابن لؤلؤ، قال: أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم
الدورقي قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال: لما نزلت: *(إنما وليكم الله ورسوله)*
الآية، خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد، فإذا سائل يسأل في المسجد
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: هل أعطاك أحد شيئا وهو راكع؟ قال: نعم رجل لا
أدري من هو. قال: ماذا [أعطاك]؟ قال: هذا الخاتم. فإذا الرجل علي بن أبي طالب،
والخاتم خاتمه عرفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قوله تعالى ذكره: *(ومن يتول
الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)*. أخبرنا أبو العباس المحمدي
قال: أخبرنا علي بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا أبو عمرو
عثمان بن أحمد بن عبيد الله الدقاق المعروف بابن السماك ببغداد قال: حدثنا عبد الله
بن ثابت المقرئ قال: حدثني أبي عن الهذيل، عن مقاتل عن الضحاك: عن ابن عباس قال:
*(ومن يتول الله)* يعني يحب الله *(ورسوله)* يعني محمدا *(والذين آمنوا)* يعني ويحب
علي بن أبي طالب *(فإن حزب الله هم الغالبون)* يعني شيعة الله وشيعة محمد وشيعة علي
هم الغالبون، يعني
ص 34
العالون على جميع العباد الظاهرون على المخالفين لهم، قال ابن عباس: فبدأ الله في
هذه الآية بنفسه، ثم ثنى بمحمد، ثم ثلث بعلي [ثم قال]: فلما نزلت هذه الآية قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار. قال
ابن مؤمن: لا خلاف بين المفسرين أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين [علي عليه
السلام] (1). * وأخرج ابن عساكر قائلا: أخبرنا أبو سعيد المطرز، وأبو علي
الحداد، وأبو القاسم غانم بن محمد ابن عبد الله، ثم أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن
أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي الحداد قالوا: أنبأنا أبو نعيم الحافظ، أنبأنا سليمان
بن أحمد، أنبأنا عبد الرحمان بن محمد بن سالم (2) الرازي، أنبأنا محمد بن يحيى بن
ضريس العبدي (3): أنبأنا عيسى بن عبد الله بن عبيد الله (4) بن عمر بن علي بن أبي
طالب، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى
الله عليه وسلم: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون)* فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل المسجد - والناس
يصلون بين راكع وقائم - يصلي، فإذا سائل فقال [رسول الله]: يا سائل هل أعطاك أحد
شيئا؟ فقال: لا إلا هذاك الراكع - لعلي - أعطاني خاتمه.
(هامش)
(1) شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: 1 / 209 - 246. (2) هو سلم لا سالم . (3)
الفيدي لا العبدي . (4) كذا وسيأتي صحيحه. (*)
ص 35
أخبرنا خالي أبو المعالي القاضي، أنبأنا أبو الحسن الخلعي، أنبأنا أبو العباس أحمد
بن محمد الشاهد، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمان بن عبد الله بن الحارث
الرملي، أنبأنا القاضي جملة بن محمر أنبأنا أبو سعيد الأشج، أنبأنا أبو نعيم
الأحول، عن موسى بن قيس، عن سلمة قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت: *(إنما
وليكم الله...)* (1). * أخرج العز الدمشقي فقال: *(وهم راكعون)* نزلت في علي -
رضي الله تعالى عنه - تصدق وهو راكع. أو عامة في المؤمنين (2). * وأخرج ابن كثير
قال: وقال ابن أبي خاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سويد عن
عتبة بن أبي حكيم في قوله *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)* قال: هم
المؤمنون وعلي بن أبي طالب. وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم
الأحول، حدثنا موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع
فنزلت *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
وهم راكعون)*. وقال ابن جرير: حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا غالب بن عبد
الله، سمعت مجاهدا يقول في قوله: *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية، نزلت في علي بن
أبي طالب، تصدق وهو راكع. وقال عبد الرزاق: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه عن
ابن عباس في قوله: *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية، نزلت في علي بن أبي طالب.
(هامش)
(1) تاريخ دمشق 42 / 356 - 357. (2) تفسير القرآن 1 / 393. (*)
ص 36
عبد الوهاب بن مجاهد لا يحتج به. وروى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري، عن أبي
سنان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب قائما يصلي، فمر سائل وهو
راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية. الضحاك لم يلق ابن
عباس. وروى ابن مردويه أيضا من طريق محمد بن السائب الكلبي - وهو متروك - عن أبي
صالح عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد والناس
يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فقال: أعطاك أحد شيا؟ قال: نعم قال: من؟ قال: ذلك الرجل القائم، قال:
على أي حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك علي بن أبي طالب، قال: فكبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم عند ذلك وهو يقول: *(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب
الله هم الغالبون)*. وهذا إسناد لا يقدح به. ثم رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي
طالب رضي الله عنه نفسه وعمار بن ياسر وأبي رافع (1). * أخرج الحافظ ابن حجر:
رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت:
*(إنما وليكم الله ورسوله)*. ولابن مردويه من رواية سفيان الثوري عن ابن سنان عن
الضحاك عن ابن عباس قال: كان علي قائما يصلي، فمر سائل وهو راكع فأعطاه خاتمه
فنزلت. وروى الحاكم في علوم
(هامش)
(1) تفسير ابن كثير 2 / 64. (*)
ص 37
الحديث من رواية عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي: حدثنا أبي عن أبيه عن جده علي بن
أبي طالب قال: نزلت هذه الآية: *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية فدخل رسول الله
المسجد والناس يصلون، بين قائم وراكع وساجد، وإذا سائل، فقال له رسول الله: أعطاك
أحد شيئا؟ قال: لا إلا هذا الراكع يعني عليا، أعطاني خاتمه. رواه الطبراني في
الأوسط في ترجمة محمد بن علي الصائغ. وعند ابن مردويه من حديث عمار قال: وقف بعلي
سائل وهو واقف في صلاته. الحديث. وفي إسناده خالد بن يزيد العمري وهو متروك. ورواه
الثعلبي من حديث أبي ذر مطولا وإسناده ساقط (1). * وأخرج السيوطي، فقال: أخرج
الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع فقال النبي صلى الله
عليه وسلم للسائل: من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: ذاك الراكع، فأنزل الله *(إنما وليكم
الله ورسوله)*. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه،
عن ابن عباس في قوله: *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية قال: نزلت في علي ابن أبي
طالب. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عمار بن ياسر قال: وقف بعلي سائل
وهو راكع في صلاة تطوع، فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأعلمه ذلك، فنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: *(إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* فقرأها رسول
الله صلى الله عليه وسلم
(هامش)
(1) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف 1 / 649 ط مع الكشاف. (*)
ص 38
على أصحابه ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: نزلت هذه الآية على رسول الله
صلى الله عليه وسلم في بيته: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)* إلى آخر
الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد وجاء الناس يصلون بين راكع
وساجد وقائم يصلي، فإذا سائل فقال: يا سائل هل أعطاك أحد شيا؟ قال: لا إلا ذاك
الراكع لعلي بن أبي طالب، أعطاني خاتمه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر،
عن سلمة بن كهيل قال: تصدق علي بن خاتمه وهو راكع فنزلت: *(إنما وليكم الله)*
الآية. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله *(إنما وليكم الله ورسوله)* الآية، نزلت في
علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع. وأخرج ابن جرير عن السدي وعتبة بن أبي حكيم مثله.
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: أتى عبد الله بن
سلام ورهط معه من أهل الكتاب نبي الله صلى الله عليه وسلم عند الظهر فقالوا: يا
رسول الله إن بيوتنا قاصية، لا نجد من يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد، وإن قومنا
لما رأونا قد صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا العداوة، وأقسموا أن لا
يخالطونا ولا يؤاكلونا، فشق ذلك علينا، فبيناهم يشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذ نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم *(إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* ونودي بالصلاة
صلاة الظهر، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أعطاك أحد شيا؟ قال: نعم.
قال:
ص 39
من؟ قال: ذاك الرجل القائم، قال: على أي حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذاك علي
بن أبي طالب، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك وهو يقول *(ومن يتول الله
ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)*. وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو
نعيم عن أبي رافع قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم يوحى إليه،
فإذا حية في جانب البيت، فكرهت أن أبيت عليها فأوقظ النبي صلى الله عليه وسلم وخفت
أن يكون يوحى إليه، فاضطجعت بين الحية وبين النبي صلى الله عليه وسلم لئن كان منها
سوء كان في دونه، فمكث ساعة فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول *(إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*
الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه وهيأ لعلي بفضل الله إياه (1). من أسانيده المعتبرة
هذا، ولهذا الخبر أسانيد معتبرة في كتب القوم، نتعرض لبعضها على أساس كلمات علمائهم
في الجرح والتعديل، وأصولهم المقررة في علم الرجال: 1 - رواية ابن أبي حاتم فمن
الأسانيد المعتبرة، رواية ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل:
(هامش)
(1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 3 / 105. (*)
ص 40
لأن ابن أبي حاتم هو الإمام الحافظ الشهير، الغني عن التعريف (1). و أبو سعيد
الأشج هو: عبد الله بن سعيد الكندي، ومن رجال الصحاح الستة (2). و الفضل بن بن
دكين من رجال الصحاح الستة كذلك (3) ومن كبار شيوخ البخاري. و موسى بن قيس
الحضرمي قال ابن حجر: يلقب عصفور الجنة، صدوق، رمي بالتشيع (4). و سلمة بن
كهيل من رجال الصحاح الستة أيضا (5). 2 - رواية ابن أبي حاتم أيضا وهي روايته عن
عتبة بن أبي حكيم: الربيع بن سليمان المرادي من رجال أبي داود والنسائي وابن
ماجة. قال ابن حجر: صاحب الشافعي. ثقة (6). و أيوب بن سويد وهو الرملي، من
رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة. قال ابن حجر: صدوق، يخطئ (7).
و عتبة بن أبي حكيم من رجال مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد. قال ابن حجر:
صدوق، يخطئ كثيرا (1). 3 - رواية ابن جرير الطبري فقد روى خبر عتبة بن أبي حكيم
عن: إسماعيل بن إسرائيل الرملي ذكره السمعاني فقال: سمع منه أبو محمد عبد
الرحمن بن أبي حاتم وقال: كتبت عنه وهو ثقة صدوق (2). عن أيوب بن سويد عن
عتبة بن أبي حكيم وقد عرفتهما. 4 - رواية ابن مردويه وهي الرواية التي ذكرها ابن
كثير، وتعقبها بقوله: الضحاك لم يلق ابن عباس فنقول: إذا كان هذا فقط هو المطعن
فالأمر سهل: أما أولا: فإنه - وإن قال بعضهم: لم يلق ابن عباس - قد ورد حديثه
عنه في ثلاثة من الصحاح (3)، وابن حجر العسقلاني لم يقدح في هذه الرواية. وأما
ثانيا: فإنه لو كانت روايته عن ابن عباس مرسلة، فالواسطة معلومة
حتى عند القائل بإرسالها، فقد رووا عن شعبة، قال: حدثني عبد الملك بن ميسرة، قال:
الضحاك لم يلق ابن عباس، إنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير (1).
وعليه، فرواياته عن ابن عباس في التفسير مسندة غير مرسلة، إذ كلها بواسطة سعيد بن
جبير الثقة الثبت بالاتفاق، غير إنه كان لا يذكر الواسطة لدى النقل تحفظا على
سعيد، لكونه مشردا مطاردا من قبل جلاوزة الحجاج الثقفي، وتحفظا على نفسه أيضا،
لكونه قصد سعيدا في الري للأخذ عنه، وجعل يروي ما أخذه عنه وينشر رواياته بين
الناس، لا سيما مثل هذا الخبر الذي يعد من جلائل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة
والسلام. هذا، واعلم أن ابن سنان الراوي عن الضحاك هو - بقرينة الراوي
والمروي عنه -: سعيد بن سنان البرجمي الكوفي، نزل الري قال الحافظ: صدوق له
أوهام وعلم عليه علامة: مسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة (2). ولا
أستبعد أن يكون ابن سنان هذا أيضا من المشردين اللاجئين إلى الري خوفا من
الحجاج، وأن يكون إسقاط اسم سعيد بن جبير منه... والله العالم. وكيف كان،
فالرواية من الأسانيد المعتبرة الواردة في الباب. 5 - رواية الحاكم النيسابوري رواه
بإسناد له عن أمير المؤمنين عليه السلام كما تقدم.
أما محمد بن عبد الله الصفار فهو: محمد بن عبد الله بن أحمد الإصفهاني الزاهد،
قال الحاكم: هو محدث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء كما بلغنا
نيفا وأربعين سنة ووصفه الذهبي ب الشيخ الإمام المحدث القدوة وقال السمعاني:
وكان زاهدا حسن السيرة ورعا كثير الخير . توفي سنة 339 (1). و أبو يحيى عبد
الرحمن بن محمد من كبار الحفاظ المشهورين، ترجم له الحافظ أبو نعيم فقال: سكن
إصبهان إمام جامعها، توفي سنة 291، مقبول القول، حدث عن العراقيين وغيرهم الكثير،
صاحب التفسير والمسند... حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن مسلم...
(2) وذكره الذهبي، فترجم له بالحافظ المجود العلامة المفسر... حدث عنه القاضي أبو
أحمد العسال، وأبو القاسم الطبراني... وكان من أوعية العلم... (3). و محمد بن
يحيى بن الضريس، الكوفي الفيدي، ذكره ابن أبي حاتم فقال: كان يسكن فيد، روى عن
محمد بن فضيل، والوليد بن بكير، ومحمد ابن الطفيل، وعمرو بن هاشم الجنبي، وعيسى بن
عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، سمع منه أبي وروى عنه. سمعت أبي يقول
ذلك. سئل أبي عنه فقال: صدوق (4). و عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن
علي بن أبي طالب ذكره ابن
حبان في (كتاب الثقات) (1). عن عبيد الله بن عمر . وهذا اشتباه، فإن الصحيح هو:
عيسى بن عبد الله ابن عمر بن علي بن أبي طالب، فإن والد عبد الله هو محمد
وليس عبيد الله ، وكذلك جاء في تاريخ ابن عساكر، كما سنذكر في تصحيح روايته. أما
رواية الحاكم هذه، فقد جاءت في نقل الحافظ ابن حجر عن كتابه (معرفة علوم الحديث)
على الوجه الصحيح، كما تقدم عن (الكاف الشاف). و محمد بن عمر من رجال الصحاح
الستة (2). عن عمر بن علي وهو من رجال الصحاح الستة أيضا (3). فالسند صحيح
قطعا. 6 - رواية ابن عساكر وقد أخرج الحافظ ابن عساكر هذا الخبر بإسناد له عن أمير
المؤمنين عليه السلام، وهذه تراجم رجاله: أبو علي الحداد وهو: الحسن بن أحمد بن
الحسن الإصفهاني. قال السمعاني: كان عالما ثقة صدوقا من أهل العلم والقرآن
والدين، سمع من أبي نعيم تواليفه ووصفه الذهبي: ب الشيخ الإمام، المقرئ
المجود، المحدث المعمر، مسند العصر وتوفي سنة 515 (4). أبو نعيم الحافظ وهو
الحافظ أبو نعيم الإصفهاني، المشهور المعروف، ولا حاجة إلى توثيقه.
سليمان بن أحمد وهو الطبراني، الحافظ الشهير، ولا حاجة إلى توثيقه. عن عبد
الرحمن بن سلم الرازي عن محمد بن يحيى بن الضريس عن عيسى بن عبد الله إلى
آخر السند. وقد عرفتهم في رواية الحاكم. والصحيح هو: عيسى بن عبد الله بن محمد بن
عمر بن علي كما أشرنا، وهكذا جاء اسمه في تاريخ ابن عساكر، في ترجمة أمير
المؤمنين عليه السلام، حيث روى عنه بإسناده حديث الطير، عن أبيه عن جده، عن أمير
المؤمنين عليه السلام (1). فوائد مهمة وهنا فوائد ومطالب مهمة لا بد من التنبيه
عليها: الأولى: استنباط الحكم الشرعي من القضية قال الجصاص: باب العمل اليسير في
الصلاة. قال الله تعالى: *(إنما وليكم الله...)* روى عن مجاهد والسدي وأبي جعفر
وعتبة بن أبي حكيم: أنها نزلت في علي ابن أبي طالب حين تصدق بخاتمه وهو راكع... وقد
اختلف في معنى قوله *(وهم راكعون)*... فإن كان المراد فعل الصدقة في حال الركوع
فإنه يدل على إباحة العمل اليسير في الصلاة... فإن
(هامش)
(1) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق 2 / 107. (*)
ص 46
قال قائل: فالمراد أنهم يتصدقون ويصلون ولم يرد به فعل الصدقة في الصلاة. قيل له:
هذا تأويل ساقط، من قبل أن قوله تعالى: *(وهم راكعون)* إخبار عن الحال التي تقع
فيها الصدقة، كقولك: تكلم فلان وهو قائم، وأعطى فلانا وهو قاعد، إنما هو إخبار عن
حال الفعل... فثبت أن المعنى ما ذكرناه من مدح الصدقة في حال الركوع أو في حال
الصلاة. وقوله تعالى: *(ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* يدل على أن صدقة التطوع تسمى
زكاة، لأن عليا تصدق بخاتمه تطوعا، وهو نظير قوله تعالى: *(وما آتيتم من زكاة
تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون)* قد انتظم صدقة الفرض والنفل، فصار اسم الزكاة
يتناول الفرض والنفل، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة، ينتظم الأمرين (1). وكذا في
تفسير القرطبي - نقلا عن الكيا الطبري (2) وأشار إليه الزمخشري وأبو السعود
وغيرهما. قلت: وفيه فوائد: 1 - ترتب الأثر الفقهي، واستنباط الحكم الشرعي من هذه
القضية. 2 - إن لفظ الزكاة يعم الفرض والنفل. 3 - إن الواو في *(وهم
راكعون)* حالية. الثانية: رأي الإمام الباقر في نزول الآية ولقد ذكر بعضهم كالجصاص
في عبارته المذكورة الإمام أبا جعفر الباقر عليه السلام في القائلين بنزولها في
أمير المؤمنين عليه السلام، وبه يرد على ما نقله الدهلوي في (التحفة الاثني عشرية)
عن تفسير النقاش أنه عزا إلى الإمام
(هامش)
(1) أحكام القرآن للجصاص 2 / 625 - 626. (2) تفسير القرطبي 6 / 221. (*)
ص 47
قوله بأن المراد عموم المؤمنين، فقيل له: الناس يقولون إنها نزلت في خصوص علي،
فقال: علي من المؤمنين. هذا، مضافا إلى تكلم القوم في النقاش وتفسيره المسمى شفاء
الصدور ، فالبرقاني يقول: كل حديث النقاش منكر، وليس في تفسيره حديث صحيح، ووهاه
الدارقطني، واللالكائي يقول: تفسير النقاش أشفى الصدور لا شفاء الصدور، والخطيب
يقول: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة، وطلحة بن محمد الشاهد يقول: كان النقاش يكذب
في الحديث، والذهبي يقول: قلبي لا يسكن إليه وهو عندي متهم (1). الثالثة: الخبر في
شعر حسان وغيره ذكر الحاكم الحسكاني أن الصحابي حسان بن ثابت نظم هذه المنقبة في
شعر له، فأورده، ثم أورد شعرا قيل أيضا في هذه القضية، وهناك أشعار أخرى لشعراء
كبار من المتقدمين والمتأخرين، مذكورة في الكتب المطولة، فلتراجع. الرابعة: قول
النبي في الواقعة: من كنت مولاه فعلي مولاه جاء في رواية الطبراني في الأوسط،
ورواية جماعة آخرين كما في الدر المنثور: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد
نزول آية الولاية في قضية تصدق الإمام: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقوله هذا مما
يؤكد دلالة الآية على الإمامة. وهذا المورد أحد موارد قوله صلى الله عليه وآله
وسلم: من كنت مولاه... وإن كان المشهور من بينها يوم غدير خم.
(هامش)
(1) لاحظ الكلمات في سير أعلام النبلاء 15 / 573، لسان الميزان 5 / 137. الطبعة
الحديثة. (*)
ص 48
الخامسة: دعاء النبي بعد القضية وفي الدر المنثور عن جماعة من الحفاظ: أن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم قال بعد نزول الآية: الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه وهيأ لعلي
بفضل الله إياه . السادسة: إن الخاتم كان عقيقا يمانيا أحمر وجاء في رواية للحاكم
الحسكاني: أن الخاتم الذي أعطاه الإمام للمسكين كان عقيقا يمانيا أحمر يلبسه في
الصلاة في يمينه.
ص 49
الفصل الثاني: في دلالة الآية على الإمامة
وقد استدل أصحابنا بهذه الآية المباركة -
بالنظر إلى الأحاديث المعتبرة والمتفق عليها، الصريحة في نزولها في أمير المؤمنين
عليه السلام لما تصدق بخاتمه وهو راكع - منذ قديم الأيام، نذكر هنا كلمات بعضهم: *
قال الشريف المرتضى: ويدل على ذلك قوله تعالى: *(إنما وليكم الله...)* وقد ثبت أن
لفظة وليكم في الآية تفيد من كان أولى بتدبير أموركم ويجب طاعته عليكم. وثبت
أيضا أن المشار إليه في قوله تعالى: *(والذين آمنوا)* أمير المؤمنين. وفي ثبوت ذلك
وضوح النص عليه بالإمامة (1). * قال شيخ الطائفة: وأما النص على إمامته من
القرآن، فأقوى ما يدل عليها قوله تعالى: *(إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)*. ووجه الدلالة من الآية هو: إنه
ثبت أن المراد بلفظة وليكم المذكورة في الآية: من كان متحققا بتدبيركم والقيام
بأموركم وتجب طاعته عليكم، وثبت أن المعني ب الذين آمنوا أمير المؤمنين عليه
السلام. وفي ثبوت هذين الوصفين دلالة على كونه عليه السلام إماما لنا (2). * وقال
الشيخ نصير الدين الطوسي: ولقوله تعالى: *(إنما وليكم...)*
(هامش)
(1) الذخيرة في علم الكلام: 438. (2) تلخيص الشافي 2 / 10. (*)
ص 50
وإنما اجتمعت الأوصاف في علي عليه السلام . * فقال العلامة الحلي بشرح هذا الكلام
ما نصه: أقول: هذا دليل آخر على إمامة علي عليه السلام وهو قوله *(إنما وليكم الله
ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)* والاستدلال
بهذه الآية يتوقف على مقدمات (إحداها) إن لفظة إنما للحصر، ويدل عليه المنقول
والمعقول، أما المنقول فلإجماع أهل العربية عليه، وأما المعقول، فلأن لفظة إن
للإثبات وما للنفي قبل التركيب، فيكون كذلك بعد التركيب عملا بالإستصحاب، وللإجماع
على هذه الدلالة، ولا يصح تواردهما على معنى واحد، ولا صرف الإثبات إلى غير المذكور
والنفي إلى المذكور للإجماع، فبقي العكس، وهو صرف الإثبات إلى المذكور والنفي إلى
غيره، وهو معنى الحصر (الثانية) إن الولي يفيد الأولى بالتصرف والدليل عليه
نقل أهل اللغة واستعمالهم، كقولهم: السلطان ولي من لا ولي له، وكقولهم: ولي الدم
وولي الميت، وكقوله عليه السلام: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل
(الثالثة) إن المراد بذلك بعض المؤمنين، لأنه تعالى وصفهم بوصف مختص ببعضهم، ولأنه
لولا ذلك لزم اتحاد الولي والمولى عليه. وإذا تمهدت هذه المقدمات، فنقول: المراد
بهذه الآيات هو علي، للإجماع الحاصل على أن من خصص بها بعض المؤمنين قال: إنه علي
عليه السلام، فصرفها إلى غيره خرق للإجماع، ولأنه عليه السلام إما كل المراد أو
بعضه، للإجماع، وقد بينا عدم العمومية، فيكون هو كل المراد، ولأن المفسرين اتفقوا
على أن المراد بهذه الآية علي عليه السلام، لأنه لما تصدق
ص 51
بخاتمه حال ركوعه نزلت هذه الآية فيه، ولا خلاف في ذلك (1). * وقال العلامة الحلي
أيضا: أما القرآن فآيات: الأولى *(إنما وليكم الله...)* أجمعوا على نزولها في علي
عليه السلام، وهو مذكور في الجمع بين الصحاح الستة، لما تصدق بخاتمه على المسكين في
الصلاة بمحضر من الصحابة. والولي هو المتصرف. وقد أثبت الله الولاية لذاته وشرك معه
الرسول وأمير المؤمنين، وولاية الله تعالى عامة، فكذا النبي والولي (2). أقول: إن
الاستدلال يتضح ببيان مفردات الآية المباركة، فنقول: إنما دالة على الحصر كقوله
تعالى: *(إنما الله إله واحد)*. و الولاية هنا بمعنى الأولوية كما في قوله
صلى الله عليه وآله وسلم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: فمن
كنت مولاه فعلي مولاه وكما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: علي مني وأنا من
علي وهو وليكم بعدي (3). الذين آمنوا المراد خصوص أمير المؤمنين عليه السلام،
للأحاديث الصحيحة المتفق عليها. وهم راكعون هذه الواو حالية، و راكعون
بمعنى الركوع الذي هو من أفعال الصلاة، وذلك للأحاديث في أن أمير المؤمنين أعطى
السائل خاتمه في حال الركوع.
(هامش)
(1) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 225. (2) نهج الحق وكشف الصدق (3) راجع
(حديث الغدير) و(حديث الولاية) من كتابنا. (*)
ص 52
وعلى الجملة، فإن العمدة في الاستدلال بالآية المباركة نزولها لدى الفريقين في قضية
إعطاء أمير المؤمنين عليه السلام خاتمه للسائل في حال الركوع من صلاته، وأن
الولاية في الآية هي الأولوية . أما كون الولاية بالمعنى المذكور، فلأن
سائر معاني الكلمة لا يجتمع شيء منها مع الحصر المدلول للفظة إنما وقد تقدم
إثبات مجئ الولاية بمعنى الأولوية بالتصرف - كتابا وسنة ولغة وعرفا - في
كتابنا، في بيان دلالة الحديثين المذكورين على الإمامة. وأما كون المراد من الآية
هو علي عليه السلام، فللأحاديث، وقد اعترف غير واحد من الأعلام باتفاق المفسرين على
ذلك، كما اعترف الآلوسي بأنه رأي غالب الأخباريين.
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء العشرون