النص والاجتهاد - السيد شرف الدين  ص 515 : -

 [ المورد - ( 97 ) - : نقض العهود والمواثيق التي أعطاها لسيد شباب أهل الجنة يوم الصلح ]

وذلك أنه دعا الحسن إلى الصلح ، فلم يجد الحسن بدا من اجابته ، وكان التسليم أقل الشرين ، وأهون المحذورين المحظورين ( 1 ) ولاسيما بعد

  ( 1 ) كما فصلناه فيما صدرنا به كتاب - صلح الحسن - لسماحة شيخنا الإمام المقدس الشيخ راضي آل ياسين . فليراجع ثمة ما فصلناه بامعان ( منه قدس ) .  
 

- ص 516 -

أن أعطاه معاوية في صلحه ما شاء من شرط يعاهد الله عليه ، وقد ابتدأه في ذلك في كلا المصرين ، الشام والعراق .

وقد روى كثير من المؤرخين - فيهم ابن جرير ( 1 ) وابن الأثير ( 2 ) - : أن معاوية أرسل إلى الحسن صحيفة بيضاء مختوما على أسفلها بخاتمه ، وكتب إليه : أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك .

وأرسل كتابه هذا والصحيفة إلى الحسن عليه مع عبدالله بن عامر فلم يشأ الحسن عليه أن تكون الشروط التي يشترطها على معاوية مكتوبة بخطه عليه السلام ، فأملاها على عبدالله بن عامر وعبد الله بن عامر كتبها كما أملاها عليه . فكتب معاوية جميع ذلك بخطه ، وختمه بخاتمه ، وبذل عليه العهود المؤكدة والإيمان المغلظة ، وأشهد على ذلك جميع رؤساء أهل الشام ، ووجه به إلى عبدالله بن عامر ، فأوصله إلى الحسن ( 800 ) .

وختم هذه المعاهدة بقوله : وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء بما أعطى الله من نفسه ( 801 ) .

لكن معاوية كان بالاستخفاف بما عاهد الله عليه أولى منه بالوفاء به ، لذلك جعل العهود والمواثيق تحت قدميه ، وسب عليا والحسن بمحضر من سيدي

  ( 1 ) ص 93 من الجزء 6 من كتابه الأمم والملوك ( منه قدس ) .
( 2 ) في ج 3 / 162 من تاريخه ( منه قدس ) .
( 800 ) روى هذا كله ابن قتيبة في ص 200 من كتابه الإمامة والسياسة فليراجع ( منه قدس ) . وراجع نص المعاهدة في كتاب صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين ص 259 - 261 ، الغدير ج 11 / 6 ، مقاتل الطالبيين ص 43 ط الحيدرية .
( 801 ) صلح الحسن
ص 262 ( * ) .
 
 

- ص 517 -

شباب أهل الجنة في مسجد الكوفة ، وهو إذ ذاك غاص بالمجتمعين احتفالا بالصلح ( 802 ) .

ثم تتابعت سياسته تتفجر بكل ما يخالف الكتاب والسنة ، كل منكر في الإسلام . قتلا للأبرار ، وهتكا للأعراض ، وسلبا للأموال ، وسجنا للأحرار وتشريدا للمصلحين ، وتأميرا للمفسدين ، الذين جعلهم وزراء دولته : كابن العاص ، وابن شعبة ، وابن سعيد ، وابن أرطاة ، وابن جندب وابن السمط ، وابن الحكم الوزغ ابن الوزغ ، وابن مرجانة ، وابن عقبة ، وابن سمية الذي نفاه عن أبيه الشرعي عبيد ، وألحقه بالمسافح أبيه أبي سفيان ليجعله صنوه ، يسلطه على الشيعة في العراق يسومهم سوء العذاب ، يذبح أبناءهم ، ويستحيي نساءهم ، ويشردهم عباديد تحت كل كوكب ، ويحرق بيوتهم ، ويصطفي أموالهم ، لا يألو جهدا في ظلمهم . يعين معاوية على الوفاء للحسن بشروطه ؟ ! . ( 803 ) .

  ( 802 ) فاجأ الناس بهذا المنكر استخفافا منه بهم ، بل بالدين وسيد المرسلين ، بل برب العالمين جل جلاله ، لكن الحسن عليه السلام لم تنل من صبره هذه الوقاحة ، ورقى بعدها المنبر ، فلم يدع ولم يذر ، مما يحق به الحق وأهله ، ويبطل به الباطل ودونكم الخطبة في آخر ص 279 وما بعدها إلى ص 282 من كتاب - صلح الحسن - لشيخنا الإمام المقدس الشيخ راضي آل ياسين فلا تفوتكم ، وامعنوا في مراميها السامية وأهدافها الشريفة ( منه قدس ) . صلح الحسن ص 285 ، الغدير ج 11 / 7 ، مقاتل الطالبيين لابن الفرج الاصفهانى ص 45 ط الحيدرية .

ثم خطب الإمام السبط خطبة رائعة في الرد على معاوية راجعها في : صلح الحسن ص 286 - 289 ، الغدير ج 11 / 8 ، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 4 / 16 ط 1 ، مقاتل الطالبيين ص 46 ط الحيدرية . راجع ما تقدم تحت رقم ( 762 و 763 ) .
( 803 ) فساد معاوية وظلمه وهتكه لحرمات الإسلام وقتله للصالحين كثيرة بل
=>

 
 

- ص 518 -

وختم معاوية منكراته هذه بسم الحسن الزكي . تمهيدا لسلطان سكيره المتهتك فكانت منه تلك الفظائع والفجائع في المدينة الطيبة ، وفي مكة المعظمة ، وفي طف كربلاء ، وفي كل يوم من أيام حياته الموبوءة المملوءة بمحاربة الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله ( 804 )

نعوذ بالله ، ونبرأ إلى الله تعالى منك وممن ملكك - على علم - رقاب المسلمين ( لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) ( 805 ) .

  => جرائمه لا تعد ولا تحصى وقد تقدم شطر كبير منها . وراجع أيضا : الغدير للأميني ج 10 و 11 ، صلح الحسن لشيخ راضي آل ياسين ، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية لمحمد بن عقيل ، تقوية الإيمان في الرد على تزكية ابن أبى سفيان أيضا لمحمد بن عقيل ، المراجعات لشرف الدين مع التتمة تحت رقم ( 700 و 701 و 703 ) ، شيخ المضيرة أبو هريرة لأبي رية المصري ط مصر ، دلائل الصدق ج 3 ق 1 / 209 وما بعدها وق 2 ج 3 / 4 وما بعدها .
( 804 ) الغدير للأميني ج 11 ، صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين ، مقتل الحسين للمقرم ط النجف ، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 174 - 200 ، مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهانى ص 73 تحقيق احمد صقر .
( 805 ) سورة مريم :
89 ( * ) .
 
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب