الصفحة 57
سوف يخل بتشريعه من قِبل الله عزّوجلّ، ولكن عمر بن الخطاب لم يبالي بذلك.

وقد روي عن ابن أبي عمير أنّه سأل أبا الحسن(عليه السلام) عن " حي على خير العمل " لم تُركت من الأذان؟ فقال: تريد العلّة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت: أريدهما جميعاً، فقال: أمّا العلّة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد إتكالاً على الصلاة، وأمّا الباطنه فإنّ خير العمل الولاية، فأراد من أمر بترك حي على خير العمل من الأذان أن لا يقع حثّ عليها ودعاء إليها(1)!

ومع ذلك سار أبناء العامة على نهج عمر بن الخطاب، فإذا كان الأمر كذلك وأنّهم حذفوا من فصول الأذان وأضافوا عليه، فكيف لهم أن يشكلوا على غيرهم؟! وكيف لهم أن يستحسنوا أمراً لأنفسهم ويستقبحوه لغيرهم؟!.

وأمّا بالنسبة إلى التخلي عن ذكر الشهادة بالولاية لأمير المؤمنين(عليه السلام) في الأذان، الذي هو أمر مستحب في نفسه، لكن بعد أن أصبح شعاراً للإيمان ورمزاً للتشيع، فمن غير المناسب التخلّي عنه وتركه.

هل الشهادة الثالثة في الأذان بدعة؟

إنّ الذين يعترضون على الشيعة بأنّهم أبتدعوا في الأذان لا يهدفون سوى التهريج والتشنيع، لأنّ البدعة هو إدخال ما ليس من الدين فيه، والشيعة لم تعتبر الشهادة لعليّ(عليه السلام) بالولاية جزءاً من الأذان وجزءاً من التشريع ليكون ذلك بدعة، بل الشريعة لم تحرّم كلام اللغو بين فصول الأذان، فكيف يكون إتيان كلام الحقّ بين فصوله أمراً محرماً!!.

كما أنّ الشهادة لعليّ(عليه السلام) بالولاية، شهادة كمل لنا الدين بها، ورضى الله لنا بها الإسلام، لقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي

____________

1- أنظر علل الشرائع للصدوق: 2 / 368، بحار الانوار للمجلسي: 84 / 140.


الصفحة 58
وَرَضِيتُ لَكُمُ اْلإِسْلامَ دِيناً)(1)، وذلك في غدير خم إذ نصبّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)عليّاً(عليه السلام)وليّاً لهذه الأُمة من بعده، فنزلت هذه الآية، وقام عمر بن الخطاب فقال لعليّ(عليه السلام): بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي والولاية لعليّ(عليه السلام)(2).

مرحلة تحديد المصير العقائدي:

من هذا المنطلق وبعد البحث والتتبع يقول الأخ آتوماني: " تبيّنت لي حقائق كثيرة، فوجدت أنّ معظم النشاط المعاكس الذي يقابل التشيع هو تهريج وتشنيع بعيد عن نهج الحوار العلمي، واتضح لي أنّ إتخاذ اسلوب البحث في أجواء علمية بعيدة عن حالة الإنفعال والتشنّج تبيّن للباحث حقائق علمية هائلة، بحيث تجعله يعيش بعقله روحية التشيع من دون أن يشعر، وهذا الأمر يدفعه للاستبصار، ولهذا آل أمري وأمر أستاذي إلى الاستبصار والانتماء إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ".

ويضيف الأخ آتوماني: " كان استبصاري عام 1995م في مدينة مدغشقر، واتجهت بعدها للعمل التوجيهي، فأصبحت داعية في سبيل العقيدة، ثم تكفلت رئاسة منظمة الشباب الطلابية الإسلامية في مدغشقر، ولازلت أبذل قصارى جهدي لأُبيّن الحقائق للناس، ولاسيما الشباب المثقف الذي يهتم بدينه وعقيدته، وبسبب اجادتي للّغة العربية والفرنسية إضافة إلى لغتي المحلية تمكّنت من توسيع نطاق نشاطي، وأسأل الله أن يوفّقني في سبيل إعلاء كلمة الحق ودحض حجج المبطلين ".

____________

1- المائدة: 3.

2- تقدّم ذكر مصادره وسيأتي تخريجه فراجع.


الصفحة 59

(5) أحمد إسماعيل الغزالي
(شافعي / سوريا)




ولد عام 1942م بمدينة " درعا " قرية " قرفا " في سوريا(1)، ونشأ في أُسرة تنتمي إلى مذهب أبناء العامة، يحمل ثقافة إسلاميّة وهو إمام وخطيب منطقته.

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام)عام 1990م في سوريا.

آثار وسائل الإعلام على معتقدات الأُمم:

كان الأخ أحمد يهوى مطالعة الكتب وقرائتها، متلهفاً لرفع مستواه العلمي والثقافي، مما جعله يواصل العمل التوجيهي والتبليغي باندفاع ورغبة، وكان مرناً في مواجهته للعالم المعاصر عندما غزا المعمورة بتطوراته الباهرة في مجال التقنية الحديثة، التي حولت العالم إلى قرية صغيرة بعد اتساع الإتصالات التي غيّرت

____________

1- سوريا: تقع في الشمال الغربي من آسيا، يحدّها العراق شرقاً وتركيا شمالاً ولبنان والأردن جنوباً، يبلغ تعداد سكانها حوالي (18) مليون نسمة، يكون المسلمون الغالبية العظمى منهم باستثناء 8% مسيح وقليلاً من اليهود، ويشكل الأحناف الغالبية من المسلمين، أما الشيعة فتتجاوز نسبتهم 5% من السكان، هذا من غير العلويين والإسماعيليين.


الصفحة 60
الكثير من مجريات الأمور، وأدّت إلى تغيير الاتجاهات الفكرية نتيجة معرفة الأُمم بثقافات ومباديء الطوائف الأُخرى.

وإنّ المجتمعات بدأت تقترب بعضها من بعض بعد اتساع وسائل الإعلام، وبذلك تلاشت القلاع المحصّنة التي كان يتدرع بها من بيده زمام الأمور، ليهيمن بذلك على عقول مجتمعه ويمنعهم من معرفة الأمور المحيطة بهم والأفكار والمعتقدات الأخرى لسائر الأُمم، ويحصرهم في أجواء الجهل الذي يحقق في ظلّه رغباته ومآربه بسهولة، من دون أن تكدّر عليه جهة من الجهات المعارضة.

فبعد أن كثرت الإتصالات تفتّحت ذهنية المجتمعات المعاصرة، وأصبح بإمكان طالب الحقيقة أن يجد بغيته بسهولة، من دون أن يمنعه من ذلك عائق.

منهجية الحوار الصحيح في عالمنا المعاصر:

بازدياد وسائل الإعلام وكثرة الجامعات والبعثات الدراسية وطباعة الكتب وانتشار الصحف واختراع الانترنت، أصبحت المجتمعات تقرأ وتطّلع على الثقافات الأُخرى وتقارن بينها وبين ماهي عليه.

ومن هنا أصبح إلصاق التهم بالمذاهب الأُخرى والتشنيع والتهريج عليها اسلوب فاشل ومحاولة مفضوحة لا جدوى فيها، لأنّ الحقائق بدأت تتجلى بوضوح لعامة الناس بعد زوال موانع تعرّفهم المباشر على آراء ومعتقدات الآخرين، فقلّت بذلك الصراعات الدموية التي كانت تقع بين الطوائف الإسلاميّة نتيجة تفشي الجهل والحصر الإعلامي والانغلاق وكبت الأفكار، وأصبح الحوار الموضوعي في أجواء الانفتاح هو الحلّ الوحيد لتثبيت المعتقدات والدعوة إليها في عالمنا المعاصر.

ومن هذا المنطلق تمكّن الكثيرون من التعرف على التشيع، بحيث توفّرت

الصفحة 61
لهم الأرضية المناسبة في التعرف على علومه ومعارفه التي تتعطش لها الفطرة الإنسانية، وكثرت حالات الاستبصار والاهتداء بهدي عترة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وتجلّى للكثير حقانية هذا المذهب.

وكان من جملة هؤلاء الأخ أحمد إسماعيل:

فمن خلال مطالعاته حول الشيعة تبيّن له ما عانى التشيع من الطغاة والحكام، الذين حاربوه بشتى الوسائل وبكل ما أُوتوا من قوة، لئلا تقوم له قائمة ولئلا يجد سبيلا إلى قلوب الناس، لأنّهم عرفوا أنّ هذا المذهب يصنع من معتقديه شخصيات ترفض الظلم والاضطهاد، فتنهض وتثور بوجه أهواء الحكام والطغاة.

أسباب محاربة الحكّام للشيعة والتشيع:

كانت غاية أمراء الجور أن ينشروا عقيدة هشة لا تمتلك الأصالة الإسلامية، بل تأخذ من الإسلام مجرد اسمه، وتقتصر على الطقوس الدينيّة التي تحاكي الواقع ولا تتعرّض لما ترتأيه أهواؤهم، فكانوا يبذلون قصارى جهدهم ليصوغوا من الإسلام عقيدة سلطوية لا روح لها ولا عزيمة لمنتميها لمواجهة الظلم والطغيان، فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض ليشيدوا العقيدة التي تتلاءم وتنسجم مع أهوائهم ومآربهم.

وإنّ التشيع على مرّ العصور كان يهدف لعرض الإسلام للبشرية وتقديمه بصورته الكاملة، فلهذا كان عرضة لأن يُضطهد من أمثال هؤلاء الذين حاربوه بشتى السبل ولم يفسحوا المجال لانتشاره وإتساعه.

من أسباب إنتشار التشيع في عالمنا المعاصر:

إنّ جميع محاولات العنف والقوّة في المجال الفكري والعقائدي، وإلزام

الصفحة 62
الناس على مبدأ أو فكرة معينة باتت فاشلة في عالمنا المعاصر، نتيجة فتح أبواب الإعلام، وقد تمكن أتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) أن يوصلوا أفكارهم إلى كل المجتمعات عبر هذه الوسائل، فأصبحت هذه المجتمعات تقرأ تراث الشيعة وتطّلع على خزين معارفهم، فازداد إقبال الكثير على هذا المذهب.

والشاهد على ذلك هو ردود فعل الخصم الذي أصبح كالغريق المتخبط، يحاول إبعاد الناس عن هذا المذهب، وهذا إن دلّ على شئ فيدل على مدى قوّة تأثير التشيّع في أوساط المجتمعات.

وبما أنّ الحوار الموضوعي أصبح في عالمنا المعاصر هو الطريق الوحيد لعرض الأفكار والمعتقدات، تقدّم مذهب أهل البيت(عليهم السلام) إلى الساحة الفكرية وبدأ بنشر ما عنده من العلوم والمعارف التي تلقاها من عترة رسول الله(عليهم السلام).

كتاب المراجعات ودوره في نشر التشيع:

يعتبر كتاب المراجعات من أبرز الكتب التي تمثل الحوار الشيعي السنّي في مجال المعتقدات، فهو كتاب يحتوي على رسائل متبادلة بين عميد السنّة في مصر وهو العالم الجليل " الشيخ سليم البشري "(1) شيخ الجامع الأزهر، وبين العلامة الكبير " السيّد عبد الحسين شرف الدين "(2) أحد أبرز علماء الشيعة وأئمتها في لبنان، وقد جرى بينهما العديد من مسائل الخلاف بين مذهب أهل البيت(عليهم السلام)

____________

1- الشيخ سليم البشري: مالكي المذهب، ولد عام 1248 هـ بمحافظة البحيرة في مصر، درس بالأزهرثمّ تولى مشيخته مرتين، له العديد من المؤلفات، توفي عام 1335 هـ.

2- السيد عبد الحسين شرف الدين، إمامي المذهب ولد عام 1290هـ في الكاظميّة بالعراق، درس على يد كبار العلماء في سامراء والنجف الأشرف وبرز في الأوساط العلمية، له مؤلفات عديدة، عاد إلى جبل عامل في جنوب لبنان حيث منبت أسرته وغدى زعيمها الكبير، وتوفي سنة 1377 هـ.


الصفحة 63
وأبناء العامة، فتبلورت منها بحوث قيمة ورائعة يصفها الدكتور " حامد حفني داود " الذي قدّم لهذا الكتاب بقوله:

" سفر عظيم كتبه علمان من أعلام الإسلام في صورة حوار علمي أصيل اتّصف بالنزاهة والموضوعيّة والبُعد عن سفاسف القول وهجره، واتّصف بالإخلاص الجمّ من الوصول إلى الحقيقة مبرأة من كلّ عرض سواها ".

وقال أيضاً: " ومن عادة المتناظرين أن يصرّ كلّ منهما على الانتصار على خصمة، وأن يدحض حججه بحجج أقوى منها حتى لا يترك له مجالا من الانتصار والغلبة، ولكننا رأينا في هذين المتناظرين شيئاً جديداً لا نكاد نألفه إلاّ في المنهج الإسلامي في فنّ المناظرة والجدل، ذلك المنهج هو إصرار كلّ الباحثين على الوصول إلى الحقيقة... الأمر الذي حدا بهما إلى حوار علمي منظم يهدي إلى الحقّ، ويأخذ بأيديهما وأيدي القرّاء إلى المنهج الإسلامي السليم ".

وقد ترك هذا الكتاب أثره البليغ في عالمنا المعاصر، فقد أثبتت الإحصائيات استبصار الكثير من أبناء العامة على أثر مطالعتهم لهذا السفر العظيم.

أحمد إسماعيل في رحاب كتاب المراجعات:

كان من جملة الذين تأثروا بكتاب المراجعات المستبصر أحمد إسماعيل الغزالي، حيث يقول والكلام لولده حارث:

" وقع كتاب المراجعات بيدي عام 1989م عن طريق صديق لي اسمه زيدان، سلمه إليّ لأُطالعه وأُشاركه في الفكرة، لأنّه قد سبق أن طالع الكتاب فأعجب بمحتواه، فأخذت الكتاب منه وصفحته في الوقت نفسه وقرأت جملة منه، فاشتدّ غضبي عندما عرفت محتواه واعترتني حالة الإنفعال، فرميته على الأرض وإلتفتت إلى صديقي قائلا بغضب: من هو هذا المؤلف الكذّاب الذي

الصفحة 64
يحاول أن يظهر التشيّع بأفضل صورة ويسعى لتبيين ضعف مذهبنا؟

فأجابني زيدان بهدوء: أخي أحمد! لماذا تدع للعاطفة مجالا لتثور فتحجب بصيرتك عن رؤية الحقّ، ألا ترى من اللزوم علينا حين التتبع لمعرفة الحقّ أن نستحضر عقولنا ولا ندع للعاطفة مجالا للتقييم وإبداء الرأي، أخي العزيز علينا أن لا نعيش الإنفعال بل نعيش العقل، لأنّ تحلّي النفس بالهدوء عند البحث والحوار تفسح لنا المجال لنمعن النظر في البحث، وبذلك نتمكّن من الوصول إلى حقيقة أمر الخلاف، وإذا عشنا أجواء الانفعال فإنّ ذلك سوف يؤدّي إلى تكدير الأجواء في النفس، وبذلك نفقد وضوح الرؤية ونتحول إلى حالة معقدة من التأثر النفسي، فنرفض التفاهم وتنشأ التعصبات التي تمنعنا من دراسة معتقداتنا وتمييز الصحيح والخطأ منها.

يقول الأخ أحمد: ترك هذا الكلام الأثر البليغ في نفسي مما دفعني إلى مطالعة الكتاب برؤية منفتحة، من دون تعصّب أو تحيّز أو تأثر بالعاطفة المذهبيّة.

وطالت بي فترة مطالعة الكتاب حتى استغرقت مدّة ستة أشهر، لأنّني كنت أتوقف عند كلّ فقرة من فقرات الكتاب مدّة طويلة، وأراجع المصادر التي ورد ذكرها في كتاب المراجعات لأتأكّد من صحة نقلها، ومن هنا بدأت تتوالى عليَّ المفاجآت، واعترتني بعدها الصدمات الفكريّة واحدة بعد الأخرى، وقد أثّرت في نفسي أثراً لا يستهان به، وجعلتني ألتجأ إلى الاعتزال لفترة ما! حتى أُعيد لنفسي التوازن الذي افتقدته نتيجة مواجهتي لما لم أكن أتوقّعه أبداً، وكانت الأدلّة تنهال عليَّ بقوّة وفي كلّ مرّة تهدم جانباً من جوانب بنياني الفكري السابق حتى حوّلته إلى كومة من تراب!، ومن جانب آخر بَدَت لي أفكار مذهب أهل البيت(عليهم السلام)مشرقة ونيّرة تدعوني إلى نفسها وتبعث في نفسي

الصفحة 65
المحفّز للالتجاء إليها".

الأدلّة في كتاب المراجعات:

الحقيقة أنّ الأدلّة التي سردها العلاّمة السيّد شرف الدين في الدفاع عن التشيّع، أدلّة متينة وبراهين ساطعة لا يعتريها أدنى شك، ولا يوجد فيها ماهو باعث للتردّد في الاقتناع بها والإنتماء إليها.

الأدلّة النقلية على إمامة العترة(عليهم السلام):

استشهد العلاّمة شرف الدين بالكثير من الأدلة والنصوص النبويّة من كتب أبناء العامة لتبيين حقّ العترة ومنزلتهم، وإثبات الإمامة والخلافة لهم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان منها:

1 ـ حديث الثقلين المتواتر الذي قاله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): " إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ".

وهذا الحديث يدلّ على ضلال من لم يتمسك بهما، ويؤيد ذلك: قوله(صلى الله عليه وآله وسلم)في بعض نصوص هذا الحديث: " فلا تقدّموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم "(1).

2 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجى

____________

1- أنظر: الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 439، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 164، المعجم الكبير للطبراني: 3 / 66 (2681)، 5 / 166 (4971)، كنز العمّال: 1 / 188 (957).


الصفحة 66
ومن تخلّف عنها غرق "(1).

3 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني إسرائيل، من دخله غفر له "(2).

4 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس "(3).

5 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أُمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي "(4).

الأدلّة النقلية على إمامة عليّ(عليه السلام):

أمّا النصوص النبويّة الواردة في تنصيب الإمام عليّ(عليه السلام)للخلافة من بعده، فمنها:

____________

1- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 163 (4720)، الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 445، ينابيع المودة للقندوزي: 1 / 93، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 168، المعجم الكبير للطبراني: 3 / 46 (2638)، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 785 (1402).

2- أنظر: المعجم الأوسط للطبراني: 4 / 246 (5870)، كفاية الطالب للكنجي: 378، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 168، الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 445.

3- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 162 (4715)، الصواعق المحرقة لابن حجر: 2 / 445، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 671 (1145).

4- أنظر: كنز العمال: 12 / 103 (34198)، حلية الأولياء لأبي نعيم: 1 / 127 (267)، كفاية الطالب للكنجي: 214، تاريخ ابن عساكر: 42 / 240.


الصفحة 67
1 ـ نصّ الدار يوم الإنذار، إذ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعشيرته الأقربين بعد أن أخذ بيد عليّ بن أبي طالب(عليه السلام): " إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتى فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا".

وهو حديث أخرجه ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي، والثعلبي، والطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك(1).

2 ـ حديث المنزلة، وهو قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ(عليه السلام): " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوة بعدي... "(2).

3 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام) بالاسناد إلى ابن عباس: " أنت وليّ كل مؤمن بعدي "(3).

4 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لبريدة: " لا تقع في عليّ فإنه مني وأنا منه، وهو وليّكم بعدي، وإنّه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي "(4).

5 ـ حديث الغدير الذي قال فيه(صلى الله عليه وآله وسلم) للناس: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه "(5).

____________

1- أنظر: كتاب المراجعات، وفيه التفصيل.

2- أنظر: صحيح مسلم: 4 / 1871 (2403)، صحيح البخاري: 3 / 1359 (2503)، صحيح ابن حبان: 15 / 15 (6643)، مسند أحمد: 1 / 170 (1463)، المستدرك للحاكم: 3 / 143 (4652)، تاريخ ابن عساكر: 42 / 166، سنن الترمذي: 6 / 86 (3724)، وغيرها من المصادر التي أوردها صاحب كتاب المراجعات.

3- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 143 (4652)، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 102، سنن الترمذي: 6 / 78 (3712)، مسند أحمد بن حنبل: 5 / 437.

4- أنظر: مسند أحمد: 5 / 356 (23062)، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 128، فتح الباري للعسقلاني: 8 / 83 (4350)، المستدرك للحاكم: 3 / 110، وغيرها.

5- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 613 (6272)، مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 105، سنن ابن ماجة: 1 / 54 (116)، مسند أحمد: 1 / 119 (961)،... وغيرها.


الصفحة 68
والجدير بالذكر أنّ القرائن الموجودة في أمثال هذه الأحاديث من قبيل لفظة "بعدي " و " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم"، فيه دلالة على أنّ المراد من معنى الولي الذي هو مشترك لفظي بين الخليفة والصديق والمحبّ والنصير وغيره، هو فقط معنى الأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو معنى الخلافة وولاية الأمر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)!

6 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام): " أنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي "(1).

7 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " إنّ الله عهد إليّ في عليّ... إنّ عليّاً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين... "(2).

8 ـ قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب "(3).

9 ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا المنذر، وعليّ الهادي، بك يا عليّ يهتدي المهتدون من بعدي "(4).

____________

1- أنظر: حلية الأولياء لأبي نعيم: 1 / 102 (192)، الفردوس للديلمي: 5 / 364 (8449)، المناقب للخوارزمي: 86 (75)، تاريخ ابن عساكر: 42 / 386، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي: 1 / 107، كفاية الطالب للكنجي: 212، وغيرها.

2- أنظر: حلية الأولياء لأبي نعيم: 1 / 67، فيض القدير للمناوي: 3 / 46، تاريخ بغداد للخطيب: 14 / 98 (741)، المناقب للخوارزمي: 312 (311)، مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي: 46 (69)، مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي: 1 / 90، وغيرها.

3- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 137 (4637)، المعجم الكبير للطبراني: 11 / 65 (11061)، تاريخ ابن عساكر: 42 / 378، شواهد التنزيل للحسكاني: 1 / 334 (459)، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: 52 / 47، كنز العمال: 11 / 600 (32890)، وغيرها.

4- أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 140، تاريخ ابن عساكر: 42 / 359، ينابيع المودة للقندوزي: 1 / 296، شواهد التنزيل للحسكاني: 1 / 293 (398 ـ 402)، وغيرها.


الصفحة 69

تمجيد الشيخ سليم البشري بالعلامة شرف الدين:

من الواضح أنّ المناقب والمنازل المتعالية الواردة في حقّ الإمام عليّ(عليه السلام)فيها دلالة التزامية بتأهله لمنصب الخلافة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا وناهيك عن النصوص الواردة التي مرّ ذكر جملة منها على تنصيبه(صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً(عليه السلام)للخلافة من بعده، إذ تناولها العلامة السيد شرف الدين وبيّنها في إجاباته على أسئلة الشيخ البشري بصورة رائعة، مما جعلت الشيخ البشري يمجّد بها قائلاً في نهاية المطاف: " وكنت قبل أن أتصل بسببك على لبس فيكم لما كنت أسمعه من أرجاف المرجفين، وإجحاف المجحفين، فلمّا يسّر الله إجتماعنا أويت منك إلى علم هدى ومصباح دجى... فما أعظم نعمة الله بك عليَّ وما أحسن عائدك لدي "(1).

الصراع النفسي حين الاستبصار حسم الموقف:

لقد توصل الأخ أحمد الغزالي بعد ستة أشهر من البحث والتتبع، بمثل النتيجة التي توصّل إليها الشيخ سليم البشري، وفي هذا الصدد يقول إبنه (حارث الغزالي):

" بعد أن وقع كتاب المراجعات بيد أبي، طرء في سلوكه تغيير مُلفت للنظر، وبعد مدّة أحسست من تعامله وتصرفاته كأنّه يعانى من تيار يخالفه في الرأي، بحيث سبّب في نفسه حالة من التردّد والضعف والانهيار.

ومن ذلك الحين إلتجأ أبي إلى حالة الاعتزال واعتكف في مكتبته الخاصة منهمكاً في البحث والمطالعة، وفي يوم من الأيام دخلت عليه في مكتبته فوجدته غارقاً في التفكير والحيرة بادية على ملامح وجهه، وحوله كتب كثيرة مفروشة على الأرض.

____________

1- أنظر: المراجعة رقم (111) من كتاب المراجعات.


الصفحة 70
واستمرت هذه الحالة مدّة ستة أشهر حتى ولد لأبي مولود جديد، فحملته إليه ودخلت الغرفة الخاصة به وقدّمته إليه فأخذه مستبشراً، ثم أذّن في أذنه اليمنى، وكانت المفاجئة أنّه أذّن بأذان الشيعة الاثنى عشرية، فاستغربت من ذلك وتفاجأت بما فعل، فاستفسرت منه هذا الفعل، فأجابني: إنّ البحث والتتبع الذي غاص فيه طيلة هذه الفترة قد غيّر مجرى معتقده، وأنّه كشف عبر ذلك أموراً كان غافلاً عنها فيما سبق، ولذلك اختار مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ليكون له معتقداً ينتمي إليه ويتمسك به ".

ماذا بعد إعلان الاستبصار:

يضيف الأخ حارث الغزالي: " انتشر خبر استبصار أبي في أُسرتنا، فتفاجأ به الجميع ولكنّنا كلّنا وثقنا بما ذهب إليه أبي، لأننا لم نعهد منه من قَبل ما يقدح بعدالته، بل كان نموذجاً وقدوة لنا في السلوك والأخلاق والعقيدة، فلهذا إنتمينا للمذهب الذي انتمى إليه من دون تردّد، ولكنه لم يكتفي بتقليدنا في هذا المجال، بل جعّل يعرض علينا أصول مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ومباني عقيدتهم بالتدريج، وكان لذلك أثراً بليغاً في تمسكنا بهذا المذهب، لأننا بعد معرفة الأدلة والبراهين لمسنا أثر صفاء هذه العقيدة على كياننا بصورة مباشرة، واطمئنت نفوسنا إليها، فاندفعنا بعد الاقتناع لأن نتمسك بها بقوّة.

وهكذا بدأ أبي نشاطه من جديد، فتقدّم إلى العمل التوجيهي بعزم وثبات وإرادة راسخة، وبدأنا نلحظ فيه الحيوية أكثر من قبل، فكان مندفعاً بقوّة ليجسّد المبادىء التى توصّل إليها، وكان يدعو الناس إليها ويكشف لهم عن وجه الحقيقة، حتى استبصر على يديه العديد من أبناء منطقتنا، فتمسكوا بمذهب عترة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن زالت عنهم الحجب، فلاح إلى أبصارهم نور تلك المصابيح التي لا يهتدي بها إلى الصراط المستقيم إلاّ أولي الأبصار.


الصفحة 71

(6) أحمد عاقب كوليبالي
(مالكي / مالي)




ولد الأستاذ أحمد عاقب كوليبالي في مدينة " موبتي " عام 1967م في جمهورية مالي(1)، وترعرع في أوساط عائلة متديّنة تتخذ من المذهب المالكي منهجاً لها في الأمور الدينية.

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عام 1990م.

المكانة الاجتماعية:

يتميز الأستاذ أحمد كوليبالي بشخصية مرموقة في بلاده، فهو حاصل على شهادة الليسانس بالعلوم الدينية، كما أنه يشغل جملة من المناصب المهمة في بعض المراكز والمؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية، فهو نائب إمام المسجد الجامع في منطقة مصر الأولى في العاصمة باماكو، ومدير مدرسة علوم الدين الإسلامي، ومدير مدرسة الثقافة الإسلامية، ويشغل منصب مدير قسم التبليغات في إذاعة باتريوت في العاصمة، والأمين العام لمذيعي اللغة العربية في إذاعة

____________

1- جمهورية مالي: أنظر ترجمة رقم (2).


الصفحة 72
باماكو، ومدير مدرسة ومكتبة فاطمة الزهراء(عليها السلام) في العاصمة.

دافع الانطلاق نحو البحث:

يقول الأستاذ أحمد: " كانت بداية تعرّفي على الشيعة والتشيع، عندما سمعت بانتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، فقال أبي حينئذ: إنّ المهدي قد ظهر في إيران! وهو ـ أي المهدي ـ الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

فاستغربت من هذا الأمر الذي لم أسمع به من قبل، فاندفعت لمتابعة حركة الثورة ومجرياتها من خلال وسائل الإعلام، وأخذت أخبر الناس بها وأبيّن ما سمعته عنها.

واتفق أن تحدثت يوماً عنها بحضور عدد من الوهابية فأنكروا عليَّ ذلك، وانهالوا على الشيعة بالسبّ والشتم المقذع، فتعجبت من ذلك وسألتهم عن السبب، فقالوا: إنّ الشيعة فرقة ضالة، تقول بتحريف القرآن!، وتقدم عليّ بن أبي طالب وتفضله على بقية الصحابة، وتعتقد أنّه الأحق بالإمامة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّ الإمامة من بعده في ولده، وهم اثنى عشر وآخرهم يسمى المهدي، وأنّهم يدّعون أنّ المهدي غائبٌ وسوف يظهر في آخر الزمان.

ففقدت بذلك حالة الحماس التي كنت أعيشها من قبل، ولكن بقيت فكرة الإمام المهدي تدور في خاطري، حتى صادف أن دار حديث بيني وبين زملائي حول هذا الأمر بعد انتقالي إلى العاصمة لمواصلة الدراسة، فذكرت لهم مقالة الشيعة، فأخبروني بوجود جمعية لبنانية شيعية في العاصمة التي نحن فيها، فسررت بذلك وقرّرت أن أذهب إليهم لأعرف المزيد من معتقداتهم وأفكارهم.

وبالفعل توجّهت إليهم فتعرفت على بعض أعضاء الجمعية، وبدأت أحضر

الصفحة 73
مجالسهم وأشاركهم في المراسم التي يقيمونها، لأنني كنت أجد لها نكهة خاصة وأجواء مفعمة بالروحانية والصفاء، ولهذا ازدادت علاقتي بالشيعة بمرور الزمان، حتى صادقت الأخ (يوسف تراوري) و (الشيخ محمّد جباته) والأستاذ (موسى تراور)، فطلبت منهم مجموعة من الكتب الشيعية لأتعرف من خلالها على أفكار ورؤى التشيع فزودوني بها، فعكفت على قرائتها بدقة، وكنت أقارن ما فيها من أدلة وبراهين مع ما عندنا في مصادر العامة، فوجدت أنّ القوم يستندون في معتقداتهم إلى الحجج والبراهين العقلية والنقلية، وأكثر ما لفت نظري مسألة الإمام المهدي(عليه السلام) ".

الاعتقاد بالمهدي المنتظر(عليه السلام):

إنّ البعض ـ مع الأسف ـ يستهزء بهذه العقيدة وينكرها!، في حين نجد أغلب المسلمين يؤمنون بها، على اختلاف في التفاصيل.

وإنّ سبب إنكار هؤلاء لأحاديث المهدي وجحودهم لهذه الفكرة ناشىء من أحد أمرين: إمّا أنّ يكونوا جهلاء بالتاريخ والتراث الإسلامي، أو معاندين قد جانبوا الموضوعية والعلمية والتجرد في مثل هذه المسائل.

وإلاّ ماذا نقول بحق المصلح العظيم الذي بشر به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي قد أقر العلماء والمؤرخون ـ القدماء والمعاصرون ـ بمجيئه وذكروا أخباره!!

إثبات ولادة المهدي (عليه السلام):

قد ذكر جمع من المؤرخين ولادة ابن الإمام العسكري(عليه السلام) وهو الإمام المهدي(عليه السلام) بما يتطابق أو يتقارب مع ما جاء في روايات أهل البيت(عليهم السلام)، ومنهم:


الصفحة 74
ابن الأثير في " الكامل في التاريخ "(1)، والمسعودي في " مروج الذهب "(2)، والقرماني في " تاريخ الدول "(3)، وابن الوردي في " تاريخه "(4)، وابن خلدون في " تاريخه "(5)، واليافعي في " مرآة الجنان "(6)، وأبوالفداء في " تاريخه "(7)، والسويدي في " سبائك الذهب "(8)، وابن خلكان في " وفيات الأعيان "(9)، وابن الأزرق في " تاريخه "(10).

يقول الأستاذ أحمد كوليبالي: " جعلت أفكر في نفسي وأقول، لو كان أمر الإمام المهدي(عليه السلام) خرافة لما أطبق هؤلاء الأساطين عليه؟!، واستنتجت أنّ البعض يحكّم مزاجه في التاريخ الإسلامي من خلال ما يرتأيه، علماً أنّ المصدر والمنبع واحد، فما هو ميزانهم وملاكهم فيما ذهبوا إليه؟ فتحيّرت من ذلك وأثيرت في ذهني شكوك كثيرة ".

ولأجل الاستزادة بدأ الأستاذ أحمد بتتبع آراء أعلام العامة حول هذا الأمر، فوجد أنّ جمعاً منهم يقرّ بولادته في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري:

____________

1- الكامل في التاريخ: 7 / 274.

2- مروج الذهب: 4 / 112.

3- أخبار الدول: 1 / 353.

4- تاريخ ابن الوردي: 1 / 223، وذكره الشبلنجي في نور الأبصار: 257.

5- تاريخ ابن خلدون: 4 / 115، باب الخبر عن نسب الطالبيين وذكر المشاهير من أعقابهم.

6- مرآة الجنان: 2 / 127.

7- تاريخ أبوالفداء: 1 / 361.

8- سبائك الذهب: 346.

9- وفيات الأعيان: 4 / 562.

10- أنظر: وفيات الأعيان لابن خلكان: 4 / 562.


الصفحة 75
كالحافظ الذهبي في كتاب " العبر "(1)، والعلامة عبد الوهاب الشعراني في " اليواقيت والجواهر "(2)، وابن حجر الهيتمي في " الصواعق المحرقة"(3)، والعلامة الحمزاوي في " مشارق الأنوار "(4)، والعلامة الشبراوي الشافعي في "الإتحاف بحب الأشراف"(5)، والعلامة عباس بن عليّ المكي في " نزهة الجليس "(6)، والعلامة ابن الخشاب في " مواليد أهل البيت(عليهم السلام)"(7)، والعلامة أبو الفلاح الحنبلي في " شذرات الذهب "(8)، والعلامة عبد الرحمن البسطامي في " درّة المعارف "(9)، والعلامة القندوزي الحنفي في " ينابيع المودة "(10)، والعلامة محمّد خواجه بارسا البخاري في " فصل الخطاب "(11)، والعلامة الشبلنجي في " نور الأبصار "(12)، والعلامة الكنجي الشافعي في " البيان في أخبار صاحب الزمان "(13)، والعلامة ابن طلحة الشافعي في " مطالب السؤول "(14)، وسبط ابن الجوزي في " تذكرة الخواص "(15)، والعارف ابن

____________

1- العبر في خبر من غبر: 2 / 37.

2- اليواقيت والجواهر: 562.

3- الصواعق المحرقة: 1 / 601.

4- مشارق الأنوار: 153، وقد نقل قول الشعراني في اليواقيت.

5- الاتحاف بحب الأشراف: 179.

6- نزهة الجليس: 2 / 198.

7- أنظر: الفصول المهمة لابن الصبّاغ: 292.

8- شذرات الذهب: 141 و 150.

9- أنظر: ينابيع المودة للقندوزي: 3 / 337 وقد نقل عنه.

10- ينابيع المودة: 3 / 301.

11- أنظر: ينابيع المودة للقندوزي: 3 / 304، نقلاً عن فصل الخطاب.

12- نور الأبصار: 257.

13- البيان في أخبار صاحب الزمان، مطبوع مع كفاية الطالب.

14- مطالب السؤول: 2 / 152.

15- تذكرة الخواص: 325.


الصفحة 76
العربي في " الفتوحات "(1)، وغيرهم.

ويضيف الأستاذ كوليبالي: " ومن ذلك الحين بدأت أتتبع أحاديث المهدي في كتب عموم المذاهب الإسلامية، وبالأخص كتب المالكية ـ باعتباري مالكي ـ لأطلع على أراء العلماء والمحدثين في ذلك، فوجدتهم يقرّون بصحتها ـ على اختلاف في ألفاظها ـ بل أنّ بعضهم يكفّر من لايؤمن بالمهدي وبخروجه في آخر الزمان! ".

تواتر الأخبار حول المهدي (عليه السلام):

في الحقيقة أنّ مسألة خروج الإمام المهدي(عليه السلام) من الأمور المسلّمة عند المسلمين كافة، فقد تواترت الأخبار في ذلك، وقد ذكر أصحاب السنن وغيرهم أنّه (عليه السلام) سوف يخرج ويملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، وأنّ عيسى(عليه السلام) يخرج معه ويصلي خلفه.

فأحاديث المهدي رواها العلماء في مسانيدهم ـ بألفاظ وطرق متعدّدة ـ كأحمد بن حنبل في مسنده(2)، وأبي داود في سننه(3)، والترمذي في سننه(4)، والحاكم النيسابوري في المستدرك(5)، والبيهقي في الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد(6)، والبغوي في مصابيح السنة(7)، وابن تيمية في منهاج السنة(8)، وابن

____________

1- أنظر: إسعاف الراغبين لمحمد الصبان: 134، اليواقيت والجواهر للشعراني: 562، وقد نقلا عبارة الفتوحات.

2- مسند أحمد بن حنبل: 1 / 430 (4098)، 5 / 277 (22441).

3- سنن أبي داود، في كتاب المهدي: 4 / 86 ـ 90.

4- سنن الترمذي في كتاب الفتن: 4 / 84 (2230 ـ 2233).

5- مستدرك الحاكم: 4 / 510 (8432)، 4 / 547 (8530)، 4 / 549 (8537).

6- الإعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد: 143 ـ 144.

7- مصابيح السنة، باب اشراط الساعة: 2 / 338.

8- منهاج السنة: 4 / 327.