وبعد فترة بدأ يلقي على مسامعنا دروساً في العقائد الشيعيّة حتى أتمّ برنامجه معنا، ثمّ خيّرنا بعد ذلك في إتخاذ القرار.
فوجدنا أنّ سحب الشبهات قد انقشعت، وغيوم الجهل قد تبدّدت، حيث انكشف لنا ما خفي من التاريخ، وعرفنا أنّ هناك طائفة مظلومة رغم أحقيتها ومتانة أُسسها، فانشددنا أكثر وقرّرنا سلوك نهجها، وركبنا سفينة النجاة واهتدينا بهدي الأئمة من آل البيت(عليهم السلام) وتولي آخرهم كما تولينا أوّلهم، وكان استبصاري بحمد الله في العاصمة الغينيّة " كوناكري " عام 1991م ".
(42) محمّد علي جلّو
(مالكي / غينيا)
ولد عام 1969م بمدينة " سانغاريزي " في جمهورية غينيا(1)، وترعرع في أحضان عائلة مالكية المذهب.
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عام 1990م في " سيراليون " بعد بحث ودراسة معمّقة استغرقت عدّة أشهر.
الورود من نافذة التاريخ:
يقول الأخ محمّد عليّ: " كان والدي مديراً لاحدى المدارس الدينية المالكية، فالحقني بمدرسته منذ وقت مبكر، فترعرعت منذ الصغر على حبّ المطالعة، ونشأت عندي هواية قراءة كتب التاريخ، لأنّ محتوى هذه الكتب يشبه القصص ومضامينها مليئة بالدروس والعبر.
وبعد تخرّجي من هذه المدرسة التحقت بمدرسة دينية وهابية، فواجهت في هذه المدرسة مصطلحات جديدة، من قبيل: الرافضة، والسلفية وغير ذلك!، ودفعني حبّ الاستطلاع للبحث عن هذه المصطلحات، فأخذت أتتبع الكتب
____________
1- غينيا: أنظر الترجمة رقم (11).
وبمرور الأيام تبيّن لي أنّ التاريخ الذي ندرسه يحيطه الغموض، وأنّ هناك أيدي تسعى لعرضه بصورة مشوشة، فأدركت أنّ بقائي في هذه المدرسة سيحشو ذهني بأفكار ملفقة لاتطابق الواقع، فقرّرت الانتقال إلى مدرسة أخرى.
مواجهة الحقائق المرّة:
في الحقيقة كنت لا أُبالي بما تعتقده إدارة المدرسة أو إنتمائها بقدر ما كان يهمني الإطلاع على التاريخ الإسلامي الصحيح، الذي لم تكتبه أقلام التزوير والتحريف، فلذا سافرت إلى سيراليون وإلتحقت باحدى المدارس الشيعية لأواصل دراستي ولاسيما مادة التاريخ بصورة متقنة ومتكاملة.
وبعد مضي فترة من الموسم الدراسي بدأت أشعر أنّ هناك اختلافاً كبيراً بين نهج هذه المدرسة والمدرسة السابقة لاسيما في مادة التاريخ، فرأيت منهج هذه المدرسة يمتاز بآفاق رحبه وعمق، وأنّ أستاذة هذه المدرسة يسعون لغربلة التاريخ المدوّن ليبيّنوا الصحيح منه والسقيم، وبدأت أسمع أموراً كانت جديدة بالنسبة لي رغم وجودها في مطاوي الكتب، فأثار ذلك عندي الاستغراب! وشعرت بوجود حقائق في التاريخ الإسلامي عبثت بها بعض الأيدي لإخفائها والتعتيم عليها، فقرّرت مراجعة بعض المراكز والمؤسسات الدينية والثقافية لأستقصي الآراء المختلفة لأصل إلى الحقيقة.
وكان تركيزي على كتب أبناء العامة أكثر من تركيزي على كتب الشيعة،
كما ذهلت للصراع العنيف الذي نشب بين الصحابة بسبب مسألة الخلافة والإمامة، فوجدت هذا الأمر يتعارض بوضوح مع الروايات التي فيها مدح لجميع الصحابة.
وكان أكثر شي أثار استغرابي هو مقولة عمر بن الخطاب: " إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها "، فتعجبت من مقولته!!، وقلت في نفسي: لماذا صرّح عمر بهذا الأمر؟! وكيف كانت بيعة أبي بكر فلتة؟! وأي شرّ ترتب عليها بحيث يقول عمر: وقى الله شرها؟!.
فقرّرت بعد ذلك مطالعة كتب الشيعة لأرى رأيهم في هذا المجال، فبدأت بكتب التيجاني و(كتاب معالم المدرستين) ".
بيعة أبي بكر فلته!
من الواضح أنّ كلام عمر حول بيعة أبي بكر لم يكن أمراً اعتباطياً، بل كان مستنداً إلى جملة أُمور، ومن أهمها:
1 ـ اعتراف أبو بكر نفسه أنّ بيعته كانت فلتة:
فقد ورد عنه ـ عقيب إستلامه للحكم ـ أنّه قال: " ألا وأني قد وليتكم ولست بخيركم، ألا وقد كانت بيعتي فلتة "(1)!.
2 ـ حقد عمر على أبي بكر: فالذي يتتبع أحداث تاريخ الإسلام يجد أنّ
____________
1- أنظر: أنساب الأشراف للبلاذري: 2 / 264، 273، 274، دعائم الإسلام للقاضي النعمان: 1 / 85، شرح النهج لابن أبي الحديد: 2 / 50، نقلاً عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري صاحب كتاب (السقيفة)، رسائل الجاحظ (الرسالة العثمانية): 1 / 292، سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي: 12 / 315.
فقد روى شريك بن عبد الله النخعي(1) عن أبي موسى الأشعري أنّه قال: " حججت مع عمر فلمّا نزلنا، وعظم الناس خرجت من رحلي وأنا أريد عمر، فلقيني المغيرة بن شعبة فرافقني... ثم قال عمر: ألا أخبركما بأحسد قريش كلّها؟!
قلنا: بلى يا أمير المؤمنين... قال أبو موسى: وأنا أقول في نفسي ما أظنّه يريد إلاّ الذين كرهوا من أبي بكر إستخلافه عمر، وكان طلحة أحدهم فأشاروا عليه ألا يستخلفه لأنّه فظاً غليظاً... وإذا هو يذهب إلى غير ما نذهب إليه منهم، فعاد عمر إلى التنفس، ثم قال: من تريانه؟
قلنا: والله ما ندري إلاّ ظناً.
قال: ومن تظنان؟
قلنا: نراك تريد القوم الذين أرادوا أبا بكر صرف هذا الأمر عنك.
قال: كلا والله، بل كان أبو بكر أعق وأظلم، وهو الذي سألتما عنه كان والله أحسد قريش كلها.
ثم أطرق طويلا، فنظر المغيرة إليّ ونظرت إليه، وأطرقنا ملياً لإطراقه، وطال السكوت منّا ومنه حتى ظننا أنّه قد ندم على ما بدا منه.
ثم قال: والهفاه على ضئيل بني تيم بن مرّة! لقد تقدّمني ظالماً، وخرج إليّ منها آثماً!.
فقال المغيرة: هذا يقدّمك ظالماً فقد عرفناه، كيف خرج إليك منها آثماً؟
قال: ذاك لأنّه لم يخرج إليّ منها إلاّ بعد أن يأس منها، أما والله! لو كنت أطعت زيد بن الخطاب وأصحابه، لم يتلمظ من حلاوتها بشيء أبداً، ولكني
____________
1- توفى سنة 177 هـ قال عنه ابن معين: صدوق ثقة.
قال المغيرة: فما منعك منها وقد عرضها عليك يوم السقيفة بدعائك إليها، ثم أنت الآن تنقم وبالتأسف عليه؟
فقال له: ثكلتك أمّك يا مغيرة ـ إنّي كنت لأعدّك من دهاة العرب ـ كأنّك كنت غائباً عمّا هناك؟! إنّ الرجل كادني فكدته، وماكرني فماكرته، وألفاني أحذر من قطاة.
إنّه لما رأى شغف الناس به، وإقبالهم بوجوههم عليه أيقن أنّهم لايريدا به بدلا، فأحبّ لمّا رأى من حرص الناس عليه وشغفهم به، أن يعلم ماعندي، وهل تنازع إليها نفسي، وأحبّ أن يبلوني بإطماعي فيها والتعريض لي بها، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرض عليّ منها لم يجبه الناس إلى ذلك، فألفاني قائماً على أخمصي مستوفزاً حذراً، ولو أجبته إلى قبولها لم يسلّم الناس إليّ ذلك، واختبأها ضغناً عليَّ في قلبه، ولم آمن غائلته ولو بعد حين! مع ما بدا لي من كراهة الناس ـ إلى أن قال ـ فأرسل إليّ بعتاب مؤلم، فأرسلت إليه: أما والله! لتكفّن أو لأقولن كلمة بالغة بي وبك في الناس، تحملها الركبان حيث ساروا! وإن شئت إستدمنا ما نحن فيه عفواً، فقال: بل نستديمها على أنّها صائرة إليك بعد أيام، فما ظننت أنّه يأتي عليه جمعة حتى يردّها عليّ، فتغافل والله فما ذكر لي بعد ذلك المجلس حرفاً حتى هلك، ولقد مدّ في أمدها عاضاً عليّ نواجذه حتى حضره الموت، وآيس منها فكان منه ما رآيتما... "(1).
____________
1- أنظر: الشافي في الإمامة للشريف الرضي: 4 / 129 ـ 135، شرح النهج لابن أبي الحديد: 2 / 30.
المراد من " الفلتة ":
للفلتة عدّة معاني، فتعني (الخلسة) كما قال الزمخشري: " إنّ الإمارة يوم السقيفة مالت إلى تولّيها كل نفس، ونيط بها كل طمع، ولذلك كثر فيها التشاجر والتجاذب، وقاموا فيها بالخطب، ووثب غير واحد يستصوبها لرجل عشيرته، ويبدي ويعيد، فما قلّدها أبو بكر إلاّ انتزاعاً من الأيدي، واختلاساً من المخالب... "(2).
ومن معانيها كما في المواقف (الفتنة)(3)، أو (البغتة والفجأة) كما عن بعض شرّاح البخاري، أو ما يُندم عليه(4)، أو كل شي فعل من غير رويّة، وهذا المعنى أشنع من الأوّل! ولقد كانت بيعة أبي بكر حاملة لكل هذه المعاني.
موقف الزهراء(عليها السلام) من بيعة أبي بكر:
قد أوضحت سيدة النساء فاطمة الزهراء(عليها السلام) أبعاد هذه البيعة سلفاً، فقالت:
" فلمّا أختار الله لنبيّه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة
____________
1- أنظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي: 67، تاريخ الطبري: 3 / 205، سيرة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لابن هشام: 4 / 1073، مسند أحمد: 1 / 55 (391)، مجمع الزوائد للهيثمي: 6 / 5، سنن النسائي: 4 / 272 (7151)، وغيرها.
2- أنظر: الفايق في غريب الحديث: 3 / 50.
3- أنظر: المواقف للإيجي: 403.
4- أنظر: فتح الباري للعسقلاني: 12 / 178 (6830).
ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لمّا يندمل، والرسول لمّا يقبر، إبتداراً زعمتم خوف الفتنة، (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ)(1) "(2).
كما بيّنت(عليها السلام) العواقب الوخيمة التي ستنجم عن هذه البيعة ـ عندما عادتها نساء المهاجرين والأنصار ـ فقالت:
" ألا هلمّ فاسمع، وما عشت أراك الدهر العجب، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث! إلى أي سناد استندوا، وبأي عروة تمسكوا؟ استبدلوا الذنابى والله بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس قوم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً، ألا أنّهم المفسدون ولكن لايشعرون، (أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(3) أما لعمر إلهك لقد لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دماً عبيطاً، وذعافاً ممقراً، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غبّ ماسنّ الأوّلون، ثم طيبوا عن أنفسكم نفساً، وطامنوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيف صارم، وهرج شامل، وإستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيداً وزرعكم حصيداً، فياحسرتى لكم، وأنى بكم وقد
____________
1- سورة التوبة: 49.
2- أنظر: بلاغات النساء لابن طيفور: 13، شرح النهج لابن أبي الحديد: 16 / 251، أهل البيت لتوفيق أبوعلم: 157، الشافي للمرتضى: 4 / 68، الطرائف لابن طاووس: 1 / 379 (368)، فضلا عن مصادر أخرى.
3- يونس: 35.
ومن هذا كلّه ترى عمر قال: " فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه "، وهو حكم موجب لسلب شرعية بيعة أبي بكر، وبالتالي بطلان خلافته من أساسها، بل أكثر من ذلك أنّه أمر بقتل من يعود لمثلها!.
تصريح عمر بأولوية الأمر للإمام عليّ(عليه السلام):
إنّ عمر وأبا بكر قد تسنما منصباً لم يكن لهما، وقد أقرّ عمر بذلك!.
فقد ورد عن ابن عباس قوله: " كنت أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة، وعمر على بغل وأنا على فرس، فقرأ آية فيها ذكر عليّ بن أبي طالب، فقال: أما والله، يا بني عبد المطلب لقد كان عليّ فيكم أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر "(3).
ولكن عمر رغم إقراره بأولوية الخلافة لعليّ(عليه السلام) كان كارهاً لأنّ يوليه هذا الأمر من بعده، فقد نقل مفتي مكّة " زيني دحلان " أنّ عمر عندما قيل له لو عهدت، قال: " كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أولّي رجلا أمركم، يحملكم على الحقّ، وأشار إلى عليّ بن أبي طالب ـ إلى أن قال ـ لو ولّوها عليّاً سلك بهم الطريق، فقال له إبنه عبد الله: فما يمنعك أن تستخلفه؟! قال: أكره أن أتحملها حيّاً وميتاً "(4)!.
____________
1- هود: 28.
2- أنظر: بلاغات النساء لابن طيفور: 20، شرح النهج لابن أبي الحديد: 16 / 233 عن أبي بكر أحمد الجوهري صاحب كتاب السقيفة، دلائل الإمامة للطبري 125 (37)، أمالي الطوسي: 374 (804)، معاني الأخبار للصدوق: 354، الاحتجاج للطبرسي: 1 / 286 (50)، وغيرها.
3- أنظر: محاضرات الأدباء للراغب الاصفهاني: 2 / 478.
4- أنظر: الفتوحات الاسلامية: 2 / 378 ـ 379.
الوقوف إلى جنب الحقيقة:
يقول الأخ محمّد عليّ جلّو: " بعد تأكدي من مقالة عمر وتتبعي للمجريات التي سبقتها، تبيّنت لي حقائق الأمور، لاسيما عندما اطلعت على الأحداث التي أعقبت السقيفة، ككشف القوم لبيت الزهراء(عليها السلام) ومعاملتهم العنيفة مع الإمام عليّ(عليه السلام) ".
والجدير ذكره أنّ مسألة انتهاك أبو بكر لحرمة دار الزهراء(عليها السلام)، ليس أمراً مستوراً أو مخفياً، بل هو من الأخبار المستفيضة، حتى أن أبا بكر لم ينكره، بل اعترف به! حيث تمنى في مرضه الذي مات فيه عدم كشفه لبيتها(عليها السلام)، وقال فيما قال: " إنّي لا آسى على شيء في الدنيا إلاّ على ثلاثة فعلتهن وددت أنّي تركتهن... فأمّا الثلاثة اللاّتي وددت أنّي تركتهن، فوددت أنّي لم أكشف عن بيت فاطمة عن شيء، وإنّ كانوا قد غلقوه على حرب... "(1).
ويؤكّده ماذكر ابن عبد ربه الأندلسي: إنّ أبا بكر قال لعمر عندما أرسله إلى بيت فاطمة(عليها السلام) لإخراج من فيها: " وإن أبوا فقاتلهم "(2).
ويضيف الأخ محمّد عليّ جلّو قائلاً: " لقد أثمرت متابعاتي عن كشف الزيف الذي طلا الحقائق، فتحطمت عندي الهالة القدسية التي كنت أتصورّها لبعض الصحابة، وذلك أنّي وجدت بعضهم أكثر الناس جرأة على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في حياته وبعد مماته، فقد تنكروا له(صلى الله عليه وآله وسلم) وروّعوا عترته.
ومن هذا قرّرت إتّباع أهل البيت(عليهم السلام) والانتهال من ينبوعهم الصافي ونبذ ما
____________
1- أنظر: تاريخ الطبري: 3 / 430، مروج الذهب للمسعودي: 2 / 301، العقد الفريد لابن عبد ربه: 5 /21، كنز العمال: 5 / 631 (14113)، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 36، تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء) للذهبي: 117، تاريخ اليعقوبي: 2 / 137، تاريخ ابن عساكر: 30 / 418.
2- أنظر: العقد الفريد: 5 / 13.
(43) محمّد كراووما لاغيسا
(وثني / غانا)
ولد عام 1961م بقرية " نابيلا " في جمهورية غانا(1)، كان في أوّل أمره وثني المعتقد واسمه أنذاك " نيندو "، ثمّ تحوّل إلى المسيحيّة فتسمى باسم " صاموئيل "، بعدها اعتنق الإسلام فانتخب اسم " محمّد " تيمناً باسم النبيّ الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم).
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عام 1984م في " أكرا " عاصمة غانا.
البحث عن الضالة المنشودة:
يقول الأخ محمّد: " لقد انتشلني الله سبحانه وتعالى من الضياع عندما أدركت سخافة الديانة الوثنية، وسأطوي الحديث عن هذه الفترة لأنّها كانت من عمري الضائع.
تحولت إلى الديانة المسيحيّة مع أكثر أبناء قريتنا، على أثر حركة التنصير التي تعج بها قارة أفريقيا، وعندما أصبحت مسيحياً عكفت على دراسة الكتاب
____________
1- غانا: أنظر الترجمة رقم (26).
إلاّ أنّني حقيقة لم أخرج بنتيجة من التثليث، وتاهت عليَّ معالم الربّ بين الأبّ والإبن وروح القدس! ".
الحقيقة أنّ فكرة تأليه المسيح(عليه السلام) نكسة قاتلة أصابت النصرانيّة في صميمها، ونقلتها من دين سماوي خالص إلى دين وثني، ولم يكن هذا الأمر مستبعداً من أهل كتاب بعد أنْ عبثت بهم الأهواء والأغراض، فغيّرت الكثير من معالمهم الدينية التي جاء بها المسيح(عليه السلام)، حتى جعلتهم يتخبطون في معتقدهم وفي حيرة من أمرهم، لا يعرفون السبيل لتأويل المعتقدات المتناقضة التي وضعتها أيدي التحريف.
فاعتقادهم أنّ المسيح هو الله ـ تعالى عمّا يقولون ـ لا يتلاءم مع قولهم بأنّه ابن الله! فإنّه ليس من المعقول أن يكون الأبّ إبناً لنفسه، والإبن أباً لنفسه أيضاً! ثمّ ماهو دور الاقنوم الثالث بين هذين الاثنين؟ وما مدى صلاحية وحدود اختصاص كلّ منهم؟!.
ولذا اضطر رجال الكنيسة بعد مواجهتهم لهذه التناقضات أن يلتجؤوا إلى جملة من التبريرات وطرحها بشكل غامض ومبهم، لتكون إجابتهم لأتباعهم أنّ هذه المعتقدات أمور تعبدية لا سبيل للعقل أن يفهم غور معناها، فحدّوا بذلك الاستفسارات التي كان يوردها عليهم أتباعهم وطوقوها بحدود ليمنعوا المنتمين إلى ملتهم من الخوض فيها.
البشارة وبداية البحث:
يقول الأخ محمّد: " على الرغم من الغموض الذي واجهته في الديانة
فكنت أتساءل في نفسي: من هم هؤلاء الاثنا عشر؟ وأي مقام لهم عند الله حتى يذكرون وهم في عالم الغيب؟
وتبيّن لي من القرائن المذكورة أنّهم ليسوا من أمّة عيسى المسيح(عليه السلام)ولا من ذريته، لأنّ عيسى(عليه السلام) لم يتزوج، فعرفت من هذا ضرورة وجود مبعوث آخر له هذه الذريّة.
فصببت جلّ اهتمامي على هذه البشارة، ولجأت إلى مراجعة الأديان السماوية الأخرى لأعرف مدى تحقق هذه البشارة المهمة عندهم، وأوّل ما بدأت به هو ما أورده بعض علماء المسيحيّة حول هذا الأمر وما يتعلق به ".
أقوال علماء غير المسلمين حول البشارة بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم):
أورد بعض العلماء العارفين باللغة العبرية معارف هامة حول اسم النبيّ الشريف(صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكروا أنّ اسم محمّد قد ورد في سياق بركة إسماعيل(عليه السلام)بحساب الجمل.
فورد في كتاب (أنيس الأعلام في نصرة الإسلام)(2) نصّاً عبرياً ترجمته بالعربية: " لقد سمعت دعاءك بخصوص إسماعيل، ها أنا أباركه وأثمره وأجعله
____________
1- أنظر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: 46، سفر التكوين: 17: 2.
2- أنيس الأعلام في نصرة الإسلام: 5 / 69 لمؤلفه محمّد صادق: كان قسيساً مسيحياً من الفرقة النسطورية في مدينة أرومية شمال غرب إيران، اعتنق الإسلام، ولقّب بفخر الإسلام، توفي حوالي سنة 1330 هـ.
وقد ذهب إلى هذا التفسير أيضاً العالم الكتابي " السموءل بن يحيى "(1).
البشارات في كتب العهد القديم بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم):
لقد بشّر كليم الله موسى(عليه السلام) بمجيء النبيّ الأعظم محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)!، فقال لبني إسرائيل قبل وفاته بفترة قصيرة: " جاء الربّ من سيناء، وأشرف لهم من سعير، وتألّق في جبل فاران، وجاء محاطاً بعشرات الألوف من الملائكة وعن يمينه يومض برق عليهم، حقاً إنّك أنت الذي أحببت الشعب "(2)، و (سيناء) هو المكان الذي بعث فيه موسى(عليه السلام)، و (سعير) هي فلسطين وفيها بعث عيسى(عليه السلام)، و (فاران) هي الحجاز وفيها بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)(3).
فالمولودين الاثنى عشر من نسل هذا النبيّ لهم أهمية خاصّة ودور هام في هداية الناس إلى صراط الله المستقيم، ولهذا بشّر بهم موسى(عليه السلام) وأكّد على ذكرهم.
والملاحظ أنّ بشارة نبيّ الله موسى(عليه السلام) تنطوي على ثلاثة أمور:
1 ـ أنّ هذا النبيّ يولد في الحجاز، وأنّه يقود عشرة آلاف من أصحابه! وهذا ما تحقق في فتح مكة.
2 ـ أنّ ما نطق به نبيّ الله موسى(عليه السلام) يثبت أنّ نبوّته ونبوّة عيسى(عليه السلام)
____________
1- ولد هذا العالم بمدينة " فاس " المغربية، وقد كان يهودياً واسمه (شموئيل بن يهوذا بن ايوب) فغير اسمه إلى (السموءل بن يحيى) بعد اعتناقه الإسلام، توفي في " مراغة " سنة (570 هـ)، له كتاب (بذل المجهود في افحام اليهود).
2- أنظر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: 415، سفر التثنية 33: 1 ـ 3.
3- أنظر: قاموس الكتاب المقدس لمستر هاكس.
3 ـ أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) هو خاتم النبيين، وهو المبعوث من فاران ـ الحجاز ـ وهو المحبّ لجميع الشعوب، إذ هو رحمة أرسلها الله تعالى للعالمين، ولذلك أقرّ عدد من أحبار اليهود ورهبان النصارى بنبوّته(صلى الله عليه وآله وسلم).
كما بشر نبيّ الله داود(عليه السلام) أيضاً برسول الله محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وبإمامة عترته! حينما قال: " فاض قلبي بكلام صالح، إنّي أخاطب الملك بما قد أنشأته، ولساني فصيح كقلم الكاتب الماهر، أنت أبرع جمالا من كل بني البشر، انسكبت النعمة على شفتيك، لذلك باركك الله إلى الأبد، في جلالك وبهائك.
تقلد سيفك على فخذك أيّها المقتدر، وبجلالك اركب ظافراً لأجل الحقّ والوداعة والبرّ، فتقتحم يمينك الأهوال... وتسقط الشعوب صرعى تحت قدميك... يصبح أبناؤك يوماً ملوكاً كآبائهم فيتربعون على عروش في كلّ الأرض، أخلد ذكرى اسمك في كل الأجيال، وتحمدك الشعوب إلى الدّهر والأبد "(1).
فالنبيّ داود(عليه السلام) يصف هذا النبيّ بهذه الصفات: البارع في الجمال، الرحيم بالعباد، الفاتح العظيم، ذو الجلالة والمهابة، المحقّ للحقّ والمقرّ للعدل، الذي يندثر أعداؤه ويخضع له خصماؤه، ويدخل الناس في دعوته أفواجاً، فآجره الله تعالى بموّدة قرباه، وبجعل ذريته أئمة وحججاً في الأرض، وخلّد اسمه على مرّ العصور والأجيال ـ فهو يرتفع في الأذان يومياً في مختلف أنحاء المعمورة ـ وهذه الصفات لا تنطبق إلاّ على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
____________
1- أنظر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: 1183، مزامير داود: 45، (تجاوزنا بعض الفقرات طلباً للاختصار).
التوجه نحو الدين الإسلامي:
يقول الأخ محمّد: " توجهت بعد ذلك إلى دراسة عامّة ومعمقة حول الدين الإسلامي وأتباعه ـ إذ أنّهم يشكلون نسبة لا بأس بها في غانا ـ فقمت ببناء علاقات معهم لأعرفهم عن قرب، وقراءة كتبهم، فقرأت القرآن، فوجدته كتاباً يتضمن رؤية تختلف عمّا قرأته في العهدين القديم والجديد حول الربّ والربوبية، من حيث التنزيه لله تعالى والتوحيد له، كما وجدت تعابيره تحترم وتجلّل الأنبياء(عليهم السلام)، وتبيّن معاناتهم وجهودهم بأروع ما يكون، على عكس ما قرأت في الكتاب المقدس من هتك لحرمتهم وتضعيف لشخصياتهم وأنّهم المخطؤن!، ووجدته كتاباً حاوياً لشتى المعارف، وأنّه يدعو إلى تسامي الإنسان وتكامله...
وهكذا وبمرور الزمان أخذت المفاهيم الإسلامية تترسّخ في ذهني وتمتزج بروحي، حتى آمنت بها واعتقدت بنقاوة منبعها، فاتخذتها نهجاً يوصلني إلى رضوان الله تعالى، فأسلمت على ضوء مذهب أهل العامة.
وبعد اعتناقي للإسلام بدأت أعيش معاناة جديدة! حيث شنّ عليَّ المسيحيون ـ لا سيما المبشرين ـ حرباً شعواء، حتى أنّهم ألّبوا عليّ أهل القبيلة، فضايقوني وقاطعوني، إلاّ أني بالرغم من ذلك صبرت، بل صممت على هدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وبعون من الله تعالى تم لي ذلك، إذ أسلم أغلب أهل القرية، وحوّلنا مدرسة القرية المسيحيّة إلى مدرسة إسلاميّة، تدرس فيها مبادىء الدين الإسلامي ".
البحث عن مصداق البشارة:
يضيف الأخ محمد: " عكفت من جديد على كتب المسلمين في العقائد والتفسير والحديث والتاريخ، فرأيت فيها تطابقاً مع الكتاب المقدس في بعض
فقرّرت التعمق أكثر والتتبع بجد لمعرفة مصداق هؤلاء الخلفاء، حتى ظفرت برواية في كتاب (حلية الأولياء) يرويها ابن عباس ـ حبر الأمة ـ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): " من سرّه أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي، فليوال عليّاً من بعدي وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنّهم عترتي، خلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، للقاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي "(2).
فاستغربت من هذا الحديث! وقلت: من هم عترة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الذين أمرنا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بالاقتداء بهم؟
راجعت الكتب الإسلامية التي كانت في متناول يدي لأبحث حول الخلفاء، فوجدت أنّ عددهم يفوق الاثنى عشر بكثير! بل فيهم من غير قريش ـ أمراء آل عثمان الأتراك ـ والأنكى من ذلك أنني وجدت من يحاول تطبيق هذا العدد بما يتلاءم مع هواه ".
فقد حمل البعض أحاديث النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بخصوص الخلفاء من بعده على الخلفاء الراشدين، ثمّ ضمّ معاوية وعمر بن عبد العزيز من الأمويين وعدد من خلفاء بني العباس لإتمام العدد، وهذا التلفيق واضح البطلان! لأنّ الراشدين أربعة فقط، وأمّا الأمويين فإنّهم معروفون بتهتكهم وظلمهم، وكذا بني العباس فعددهم
____________
1- صحيح مسلم، باب الناس تبع قريش والخلافة في قريش: 3 / 1453 (1822).
2- حلية الأولياء لأبي نعيم: 1 / 128 (268).
ومن هنا كان لابد أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الإثنا عشر من آل البيت(عليهم السلام)، لأنّهم من قريش وهم من عترته، وهم أعلم وأتقى وأفضل الناس، ولا يخفى على أحد ما ورد في فضلهم عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، مثل حديث الثقلين والسفينة والنجوم وغيرها.
بشارة داود حول مهدي آخر الزمان(عليه السلام):
يقول الأخ محمّد: " وعدّت مرّة أخرى إلى الكتاب المقدّس لأتأكد ممّا جاء فيه بخصوص هذا النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وهؤلاء الخلفاء(عليهم السلام)، فوجدت فيه أنّ داود(عليه السلام)يبشّر برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وبولد له يكون خليفة من بعده، ويرسم صورة لهذا الخليفة الذي يملك الأرض ويملؤها قسطاً وعدلا! ".
فقد جاء في مزامير داود(عليه السلام): " اللهم أعط أحكامك العادلة للملك، ولابنه برّك، فيقضي لشعبك بالعدل ومساكينك بالإنصاف، لتحمل الجبال للشعب في سلاماً، والتلال برّاً، ليحكم الملك بالحقّ للمساكين وينقذ بني البائسين، ويحطم الظالم، ليرهبوك مادامت الشمس والقمر من جيل إلى جيل ليكن الملك كالمطر المنهمر على المراعي المجزورة، كالغيوث التي تسقي الأرض، ليزدهر في أيّامه الصّدّيق، ويتوافر السلام ما دام القمر يضيء، ولتمتد مملكته من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض.
أمامه يركع أهل البادية، وأعداؤه يلحسون التراب... ينحني أمامه جميع الملوك، وتتعبد له كلّ الأمم، لأنّه ينقذ المسكين المستغيث البائس الذي لا معين له، يعطف على الفقير والمحتاج ويخلص نفوس المساكين، إذ يفتدي نفوسهم من الظلم والعنف، ويخفظ حياتهم لأنّها ثمينة في عينيه.
ليحي الملك! ليعط له ذهب شبا، وليصلوا من أجله دائماً ويطلبوا له بركة الله
ولقد دعا داود(عليه السلام) كما نرى بإعطاء الشريعة ـ أي النبوّة ـ للملك الذي هو نبيّ من قبل الله تعالى، وحاكم في الأرض، وقد خضعت جزيرة العرب لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
كما دعا(عليه السلام) بإعطاء الحكومة لإبنه ـ حفيده ـ وقد بيّن أنّه ليس صاحب شريعة، بل حافظ لها ومقيم لناموسها على الأرض، فهو يحكم بين عباد الله بالعدل، وينقذ البؤساء ويسحق الظلمة، وقد شبّهه بالمطر الذي يروي الأرض العطشى، فيعم بمجيئه الخير والسلام والبركة، وتخضع له الجبابرة وتنقاد له الأمم، فيكرمها ولايهدر دماءها.
بل أكثر من ذلك، فقد بيّن داود(عليه السلام) أنّه ذو خصوصيّة كخصوصيّة جدّه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) حينما يصلّى عليه كلّ يوم! ولا ينطبق هذا الوصف، ولا تتلائم هذه العلائم إلاّ على المنقذ الحقيقي للبشريّة الإمام الحجّة ابن الحسن الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام).
ولقد حُرم أهل الكتاب من بركات هذا المنقذ، لتأويلهم هذه النصوص وصرفها عن معناها الحقيقي بشتى الصور، فإنّهم أدركوا أنّ هذا الشرف سيفوتهم وينتقل إلى أمة أخرى!.
أمّا المسلمون، فهم جميعاً يقرّون بعقيدة المهدي(عليه السلام) ـ على اختلاف في التفاصيل ـ، ويؤمنون بأنّه من ذرية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أوردوا الكثير من النصوص في هذا المجال:
____________
1- أنظر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس: 1208، مزا مير داود: 72.
ومنها قوله(صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة الزهراء(عليها السلام) في مرضه الأخير بعد أن ضرب على منكب الحسين(عليه السلام): " من هذا مهدي هذه الأمّة... لا تذهب الدنيا حتى يقوم رجل من ولد الحسين يملؤها عدلا كما ملئت ظلماً وجوراً "(2).
ويكون يوم الخلاص للمستضعفين من ظلم الظالمين على يديه(عليه السلام).
وجدت ضالتي في التشيّع:
يقول الأخ محمّد: " عرفت من خلال التتبع والدراسة أنّ هؤلاء الخلفاء هم الأئمة من ذرية النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم أحقّ الناس بالأمر من بعده(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن مالت الأكثرية عن خطهم بسبب السياسات الحاكمة، ولم يثبت معهم إلاّ القليل، فأضطهدوا بعد ذلك وظلموا، ولكن شاء الله أنّ تنمو هذه القلّة لتكون طائفة بارزة لها أنصع الأثر في تاريخ الإسلام ".
ويضيف الأخ: " لقد لمست البون الشاسع بين الفريقين في العقائد والتفسير والفقه والحديث و... فاقتنعت تماماً بأحقية مذهب أهل البيت(عليهم السلام)ووجوب إتباعه، وشملتني العناية الإلهية فوفقت للاقتداء بالأئمة الاثني عشر(عليهم السلام)، بإعتبارهم عدل القرآن، وسفينة نوح، ونجوم الأمان، فأعلنت استبصاري عام 1984م في العاصمة " أكرا " ".
____________
1- سنن أبي داود: 4 / 88 (4284)، وأنظر: سنن ابن ماجة: 2 / 531 (4085)، مشكاة المصابيح للتبريزي: 3 / 1501 (5453)، المستدرك للحاكم: 4 / 601 (8672)، ينابيع المودة للقندوزي: 3 / 261.
2- أنظر: ينابيع المودة للقندوزي: 3 / 394، البيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي: الباب الأوّل.
(44) مختار كونتـا
(مالكي / السنيغال)
ولد عام 1968م بمدينة " انجاصان " في السنغال(1)، من أسرة تنتمي إلى المذهب المالكي، درس الدراسة الدينية على ضوء ذلك المذهب لمدّة سبع سنين، وحصل على شهادة الثانوية في اللغة العربية من معهد جامعة الملك سعود في الرياض.
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عام 1999م، ثم إلتحق بجمعية النضال الإسلامى في كامبيا، وارتقى بصورة تدريجية في تلك الجمعية حتى نال منصب النائب الأوّل لرئيس الجمعية.
في رحاب كتاب نهج البلاغة:
تعود بوادر استبصاره إلى أيّام دراسته بقسم اللغة العربية في معهد جامعة
____________
1- السنغال: عاصمتها دكار تقع في أقصى الغرب في القارة الافريقية وتطل على المحيط الأطلسي، تحدها موريتانيا شمالاً وغينيا جنوباً ومالي شرقاً، يبلغ عدد سكانها قرابة (11) مليون، يشكل المسلمون نسبة 92% والباقي من المسيحيين والوثنيين، وينتشر المذهب المالكي بكثرة مع طرقه الصوفية، أمّا الشيعة فتتجاوز نسبتهم العشرة الآف بالإضافة إلى عدّة الآف من المهاجرين اللبنانيين، ولهم فيها مؤسسات ومساجد يقيمون فيها نشاطاتهم.