السنة والشيعة
بقلم السيد محمد رشيد رضا صاحب (المنار)
لم يقصد صاحب هذه الرسالة نقدا نزيها، أو حجاجا صحيحا
وإن كان قد صبغها بصبغة الرد على العلامة الحجة في علوية الشيعة السيد
محسن الأمين العاملي (حياه الله وبياه) لكنه لم يتهجم على حصونه
المنيعة إلا بسباب مقذع، أو إهانة قبيحة، أو تنابز بالألقاب، أو
هتك شائن، ومعظم قصده إغراء الدول الثلث العربية: العراقية و
الحجازية واليمانية بالشيعة بأكاذيب وتمويهات، وعليه فليس من
خطة الباحث نقد أمثالها، غير أنه لم نجد منتدحا من الايعاز إلى شيئ
من الأكاذيب والمخاريق المودعة فيها من وليدة فكرته أو ما نقله عن
غيره متطلبا من علماء الشيعة تخطأه ما يرونه فيها خطأ، وهو يعلم أن الاعراض عنها هو الحزم
لما فيه من السياسة الدولية الخارجة عن محيط العلم والعلماء.
|
1 - بدأ رسالته بتاريخ التشيع ومذاهب الشيعة فجعل مبتدع أصوله عبد الله بن سبا اليهودي، ورأى خليفة السبئيين في إداراة دعاية التفرق بين المسلمين بالتشيع والغلو زنادقة الفرس، وعد من تعاليم غلاة الشيعة بدعة عصمة الأئمة، وتحريف القرآن، والبدع المتعلقة بالحجة المنتظر، والقول بألوهية بعض الأئمة والكفر الصريح.
وقسم الإمامية على المعتدلة القريبة من الزيدية، والغلاة القريبة من الباطنية وقال: هم الذين لقحوا ببعض تعاليمهم الإلحادية كالقول بتحريف القرآن وكتمان بعض آياته وأغربها في زعمهم سورة خاصة بأهل البيت يتناقلونها بينهم حتى كتب إلينا سائح سني مرة: إنه سمع بعض خطبائهم في بلد من بلاد ايران يقرؤها يوم الجمعة على المنبر، وقد نقلها عنهم بعض دعاة النصرانية المبشرين، فهؤلاء الإمامية الاثنى عشرية ويلقبون بالجعفرية درجات.
وعد من الإمامية بدعة البابية ثم البهائية الذين يقولون بألوهية البهاء ونسخه
والباحث يجد جواب كثير مما لفقه من المخاريق فيما مر من هذا الجزء من كتابنا، والسائح السني الذي أخبر صاحب (المنار) من خطيب ايران لم يولد بعد، ومثله الخطيب الذي كان يهتف بتلك السورة المختلفة في الجمعات، ولا أن الشيعة تقيم لتلك السورة المزعومة وزنا، ولا تراها بعين الكتاب العزيز: ولا تجري عليها أحكامه، ويا ليت الرجل راجع مقدمات تفسير العلامة البلاغي (آلاء الرحمان) وما قاله في حق هذه السورة وهو لسان الشيعة، وترجمان عقائدهم، ثم كتب ما كتب حولها.
ونحن نرحب بهذا الحجاج الذي يستند فيه إلى المبشر النصراني، ومن جهله الشائن عد البابية والبهائية من فرق الشيعة، والشيعة على بكرة أبيها لا تعتقد إلا بمروقهم عن الدين وبكفرهم وضلالهم ونجاستهم، والكتب المؤلفة في دحض أباطيلهم لعلماء الشيعة أكثر من أن تحصى وأكثرها مطبوع منشور.
2 - قال: اختلال العراق دائما إنما هو من الأرفاض، فقد تهرى أديمهم من سم ضلالهم، ولم يزالوا يفرحون بنكبات المسلمين حتى أنهم اتخذوا يوم انتصار الروس على المسلمين عيدا سعيدا، وأهل ايران زينوا بلادهم يومئذ فرحا وسرورا ص 51 (1)
ج - عجبا للصلافة. أيحسب هذا الانسان أن البلاد العراقية والإيرانية غير مطروقة لأحد؟ أو أن أخبارهم لا تصل إلى غيرهما؟ أو أن الأكثرية الشيعية في العراق قد لازمها العمى والصمم عما تفرد برؤيته أو سماعه هذا المتقول؟ أو أنهم معدودون من الأمم البائدة الذين طحنهم مر الحقب والأعوام؟ فلم يبق لهم من يدافع عن شرفهم، ويناقش الحساب مع من يبهتهم، فيسائل هذا المختلق عن أولئك النفر الذين يفرحون بنكبات المسلمين، أهم في عراقنا هذه مجرى الرافدين؟ أم يريد قارة لم تكتشف تسمى بهذا الاسم؟ ويعيد عليه هذا السؤال بعينه في ايران.
____________
(1) نقلها وما بعدها عن الآلوسي في كتاب نسبه إليه كتبها إلى الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي.
لا جواب للرجل إلا الاستناد إلى مثل ما استند إليه صاحب الرسالة من سائح سني مجهول أو مبشر نصراني.
3 - قال تحت عنوان: بغض الرافض لبعض أهل البيت:
إن الروافض كاليهود يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض (إلى أن قال): و يبغضون كثيرا من أولاد فاطمة رضي الله عنها بل يسبونهم كزيد بن علي بن الحسين وكذا يحيى ابنه فإنهم أيضا يبغضونه.
وكذا إبراهيم وجعفر ابنا موسى الكاظم رضي الله عنهم. ولقبوا الثاني بالكذاب مع أنه كان من أكابر الأولياء وعنه أخذ أبو يزيد البسطامي.
ويعتقدون أن الحسن بن الحسن المثنى، وابنه عبد الله المحض، وابنه محمد الملقب بالنفس الزكية ارتدوا (حاشاهم) عن دين الاسلام.
وهكذا اعتقدوا في إبراهيم بن عبد الله.
وزكريا بن محمد الباقر.
ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن.
ومحمد بن القاسم بن الحسن.
ويحيى بن عمر الذي كان من أحفاد زيد بن علي بن الحسين.
وكذلك في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين، إلى غير ذلك مما لا يسعه المقام، وهم حصروا حبهم بعدد منهم قليل، كل فرقة منهم تخص عددا وتلعن الباقين، هذا حبهم لأهل البيت والمودة في القربى المسؤول عنها 52 - 54
* (أما زيد بن علي) *
الشهيد فقد مر الكلام فيه وفي مقامه وقداسته عند الشيعة جمعاء راجع ص 69 - 76.
* (أما يحيى بن زيد) *
الشهيد ابن الشهيد فحاشا أن يبغضه شيعي، وهو ذلك الإمامي البطل المجاهد، يروي عن أبيه الطاهر أن الأئمة اثنا عشر، وسماهم بأسمائهم و قال: إنه عهد معهود عهده إلينا رسول الله. (1) ورثاه شاعر الإمامية دعبل الخزاعي في تائيته السائرة وقرأها للإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام.
ولم توجد للشيعة حوله كلمة غمز فضلا عن بغضه، وغاية نظر الشيعة فيه كما في كتاب زيد الشهيد ص 175: إنه كان معترفا بإمامة الإمام الصادق، حسن العقيدة، متبصرا بالأمر، وقد بكى عليه الصادق عليه السلام واشتد وجده له، وترحم له. فسلام الله عليه وعلى روحه الطاهرة.
وفي وسع الباحث أن يستنتج ولاء الشيعة ليحيى بن زيد مما أخرجه أبو الفرج في (مقاتل الطالبيين) ص 62 ط ايران قال: لما أطلق يحيى بن زيد وفك حديده صار جماعة من مياسير الشيعة إلى الحداد الذي فك قيده من رجله فسألوه أن يبيعهم إياه وتنافسوا فيه وتزايدوا حتى بلغ عشرين ألف درهم، فخاف أن يشيع خبره فيؤخذ منه المال فقال لهم: اجمعوا ثمنه بينكم. فرضوا بذلك وأعطوه المال فقطعه قطعة قطعة وقسمه بينهم فاتخذوا منه فصوصا للخواتيم يتبركون بها.
وقد أقرت الشيعة هذا في أجيالها المتأخرة وحتى اليوم ولم ينقم ذلك أحد منهم.
* (وأما إبراهيم) *
بن موسى الكاظم فليتني أدري وقومي بغض أي إبراهيم ينسب إلينا؟ هل إبراهيم الأكبر أحد أئمة الزيدية؟ الذي ظهر باليمن أيام أبي السرايا، والشيعة تروي عن الإمام الكاظم: إنه أدخله في وصيته وذكره في مقدم أولاده المذكورين فيها وقال: إنما أردت بإدخال الذين أدخلتهم معه (يعني الإمام علي بن
____________
(1) مقتضب الأثر في الأئمة الاثنى عشر.
أم إبراهيم الأصغر الملقب بالمرتضى؟ والشيعة تراه كبقية الذرية من الشجرة الطيبة وتتقرب إلى الله بحبهم، وحكى سيدنا الحسن صدر الدين الكاظمي عن شجرة ابن المهنا: أن إبراهيم الصغير كان عالما عابدا زاهدا وليس هو صاحب أبي السرايا، و إني لم أجد لشيعي كلمة غمز فيه لا في كتب الأنساب ولا في معاجم الرجال حتى يستشم منها بغض الشيعة إياه، وهذا سيدنا الأمين العاملي عدهما من أعيان الشيعة وترجمهما في (الأعيان) ج 5 ص 474 - 482.
فنسبة بغض أي منهما إلى الشيعة فرية واختلاق.
* (وأما جعفر) *
بن موسى الكاظم فإني لم أجد في تآليف الشيعة بسط القول في ترجمته، ولم أقرأ كلمة غمز فيه حتى تكون آية بغضهم إياه، ولم أرقط أحدا من الشيعة لقبه بالكذاب، ليت المفتري دلنا على من ذكره، أو على تأليف يوجد فيه، والشيعة إنما تلقبه بالخواري وولده بالخواريين والشجريين كما في (عمدة الطالب) 208. وليتني أدري ممن أخذ عد جعفر من أكابر الأولياء؟ ومن الذي ذكر أخذ أبي يزيد البسطامي عنه؟.
إنما الموجود في المعاجم تلميذ؟؟ أبي يزيد البسطامي طيفور بن عيسى بن آدم المتوفى 261 على الإمام جعفر بن محمد الصادق، وهذا اشتباه من المترجمين كما صرح به المنقبون منهم، إذ الإمام الصادق توفي 148 وأبو يزيد في 261 - 264 ولم يعد من المعمرين، ولعله أبو يزيد البسطامي الأكبر طيفور بن عيسى بن شروسان الزاهد (2) فالرجل خبط خبط عشواء في فريته هذه.
____________
(1) أصول الكافي ص 163 في باب الإشارة والنص على الإمام أبي الحسن الرضا.
(2) راجع معجم البلدان ج 2 ص 180.
* (وأما الحسن) *
بن الحسن المثنى فهو الذي شهد مشهد الطف مع عمه الإمام الطاهر وجاهد وأبلى وارتث بالجراح فلما أرادوا أخذ الرؤوس وجدوا به رمقا فحمله خاله أبو حسان أسماء خارجة الفزاري إلى الكوفة وعالجه حتى برئ. ثم لحق بالمدينة(1) ويعرب عن عقيدة الشيعة فيه قول شيخهم الأكبر الشيخ المفيد في إرشاده: كان جليلا رئيسا فاضلا ورعا، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين في وقته، وله مع الحجاج خبر ذكره الزبير بن بكار. إلخ. وعده العلامة الحجة السيد محسن الأمين العاملي ( الذي رد عليه الآلوسي بكلمته هذه ) من أعيان الشيعة وذكر له ترجمة ضافية في ج 21 ص 166 - 184.
فالقول بأن الرافضة تعتقد بارتداده عن دين الاسلام قذف بفرية مقذعة تندى منها جبهة الانسانية.
(أما عبد الله) المحض ابن الحسن المثنى فقد عده شيخ الشيعة أبو جعفر الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، وزاد أبو داود الباقر عليه السلام، وقال جمال الدين المهنا في (العمدة) 87: كان يشبه رسول الله، وكان شيخ بني هاشم في زمانه، يتولى صدقات أمير المؤمنين بعد أبيه الحسن.
والأحاديث في مدحه وذمه وإن تضاربت غير أن غاية نظر الشيعة فيها ما اختاره سيد الطائفة السيد ابن طاوس في إقباله ص 51 من صلاحه وحسن عقيدته وقبوله إمامة الصادق عليه السلام، وذكر من أصل صحيح كتابا للإمام الصادق وصف فيه عبد الله بالعبد الصالح ودعا له ولبني عمه بالأجر والسعادة، ثم قال: وهذا يدل على أن الجماعة المحمولين [يعني عبد الله وأصحابه الحسنيين] كانوا عند مولانا الصادق معذورين و ممدوحين ومظلومين وبحقه عارفين، وقد يوجد في الكتب: إنهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين. وذلك محتمل للتقية لئلا ينسب إظهارهم لإنكار المنكر إلى الأئمة الطاهرين، ومما يدلك على أنهم كانوا عارفين بالحق وبه شاهدين ما رويناه (وقال بعد ذكر السند وإنهائه إلى الصادق): ثم بكا عليه السلام حتى علا صوته وبكينا ثم قال: حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين عن أبيه قال: يقتل منك أو يصاب
____________
(1) إرشاد المفيد، عمدة الطالب 86.
أقول: وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني الحسن عليه وعليهم السلام وأنهم مضوا إلى الله جل جلاله بشرف المقام، والظفر بالسعادة والاكرام.
ثم ذكر أحاديث تدل على حسن اعتقاد عبد الله بن الحسن ومن كان معه من الحسنيين فقال: أقول: فهل تراهم إلا عارفين بالهدى، وبالحق اليقين، ولله متقين؟ ا هـ
فأنت عندئذ جد عليم بأن نسبة القول بردته وردة بقية الحسنيين إلى الشيعة بعيدة عن مستوى الصدق.
(وأما محمد)
بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية فعده الشيخ أبو جعفر الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام. وقال ابن المهنا في (عمدة الطالب) 91: قتل بأحجار الزيت، وكان ذلك مصداق تلقيبه (النفس الزكية) لأنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: تقتل بأحجار الزيت من ولدي نفس زكية.
وذكر سيدنا ابن طاووس في (الاقبال) ص 53 تفصيلا برهن فيه حسن عقيدته وإنه خرج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنه كان يعلم بقتله ويخبر به، ثم قال: كل ذلك يكشف عن تمسكهم بالله والرسول صلى الله عليه وآله.
هذا رأي الشيعة في النفس الزكية، وهم مخبتون إلى ما في (مقاتل الطالبيين) ص 85 من أنه أفضل أهل بيته، وأكبر أهل زمانه في علمه بكتاب الله وحفظه له، وفقهه في الدين وشجاعته وجوده وبأسه، والامامية حاشاهم عن قذفه بالردة عن الدين، والمفتري عليهم به قد احتمل بهتانا وإثما مبينا.
(وأما إبراهيم) بن عبد الله قتيل (باخمرى) المكنى بأبي الحسن، فعده شيخ الطائفة من رجال الصادق، وقال جمال الدين بن المهنا في (العمدة) 95: كان من كبار العلماء في فنون كثيرة، وذكره دعبل الخزاعي شاعر الشيعة في تائيته المشهورة بـ (مدارس آيات) التي رثى بها شهداء الذرية الطاهرة بقوله:
فلولا شهرة إبراهيم عند الشيعة بالصلاح وحسن العقيدة، واستيائهم بقتله، و
فنسبة القول بردته عن الدين إلى الشيعة بهتان عظيم.
(وأما زكريا)
بن محمد الباقر فإنه لم يولد بعد، وهو من مخلوقات عالم أوهام الآلوسي، إذ مجموع أولاد أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام الذكور ستة باتفاق الفريقين، ولم نجد فيما وقفنا عليه من تآليف العامة والخاصة غيرهم، وهم: جعفر: عبد الله. إبراهيم. علي. زيد. عبيد الله (1) فنسبة القول بردة زكريا إلى الشيعة باطلة بانتفاء الموضوع.
* (وأما محمد) *
بن عبد الله بن الحسين بن الحسن فإن كان يريد حفيد الحسين الأثرم ابن الإمام المجتبى؟! فلم يذكر النسابة فيه إلا قولهم: انقرض عقبه سريعا. ولم يسموا له ولدا ولا حفيدا. وإن أراد غيره؟! فلم نجد في كتب الأنساب له ذكرا حتى تكفره الشيعة أو تؤمن به، ولم نجد في الإمامية من يكفر شخصا يسمى بهذا الاسم حسنيا كان أو حسينيا.
* (وأما محمد بن القاسم) *
بن الحسن فهو ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام يلقب بالبطحاني (2)، عده شيخ الطائفة في رجاله من أصحاب الصادق سلام الله عليه، وقال جمال الدين ابن المهنا في (العمدة) 57: كان محمد البطحاني فقيها. ولم نجد لشيعي كلمة غمز فيه حتى تكون شاهدا للفرية المعزوة إلى الشيعة.
* (أما يحيى بن عمر) *
فهو أبو الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم، أحد أئمة الزيدية، فحسبك في الإعراب عن رأي الشيعة فيه ما في (عمدة الطالب) لابن المهنا ص 263 من قوله:
____________
(1) كذا في (المجدي) للنسابة العمري وجملة من المصادر وفي بعضها: عبد الله. مع التعدد.
(2) يروى بفتح الموحدة منسوبا إلى (البطحاء)، وبالضم منسوبا إلى (بحطان) واد بالمدينة (عمدة الطالب 57)
ورثاه جمع من شعراء الشيعة الفطاحل منهم: أبو العباس ابن الرومي رثاه بقصيدتين إحديهما ذات 110 بيتا توجد في (عمدة الطالب) ص 220 مطلعها:
وجيمية أخرى أولها:
ومنهم: أبو الحسين علي بن محمد الحماني الأفوه رثاه بشعر كثير مرت جملة منه في هذا الجزء ص 61، 62،.
هذا صحيح رأي الشيعة في هؤلاء السادة الأئمة، ولم تقل الشيعة ولا تقول ولن تقول بارتداد أحد منهم عن الدين ولا بارتداد الحسنيين والحسينيين القائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين المنعقدة على الرضا من آل محمد سلام الله عليهم. كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
ونحن نسائل الرجل عن هؤلاء الذين يدافع عن شرفهم وجلالتهم من ذا الذي قتلهم؟ واستأصل شأفتهم؟ وحسبهم في غيابة الجب وأعماق السجون؟ أهم الشيعة الذين اتهمهم بالقول بردتهم؟ أم قومه الذين يزعم أنهم يعظمونهم؟ هلم معي واقرأ صفحة التاريخ فهو نعم المجيب.
أما زيد الشهيد فعرفناك قاتله وقاطع رأسه ص 75.
وأما يحيى بن زيد فقتله الوليد بن يزيد بن عبد الملك سنة 125، وقاتله سلم
____________
(1) وذكره اليعقوبي في تاريخه 3 ص 221.
والحسن بن الحسن المثنى كتب وليد بن عبد الملك إلى عامله عثمان بن حيان المري: انظر إلى الحسن بن الحسن فاجلده مائة ضربة، وقفه للناس يوما، ولا أراني إلا قاتله، فلما وصله الكتاب بعث إليه فجيئ به والخصوم بين يديه فعلمه علي بن الحسين عليه السلام بكلمات الفرج ففرج الله عنه وخلوا سبيله (2) فخاف الحسن سطوة بني أمية فأخفى نفسه وبقي مختفيا إلى أن دس إليه السم سليمان بن عبد الملك و قتله سنة 97 (3)
وعبد الله المحض كان المنصور يسميه: عبد الله المذلة، قتله في حبسه بالهاشمية سنة 145 لما حبسه مع تسعة عشر من ولد الحسن ثلاث سنين، وقد غيرت السياط لون أحدهم وأسالت دمه، وأصاب سوط إحدى عينيه فسالت، وكان يستسقي الماء فلا يسقى، فردم عليهم الحبس فماتوا (4) وفي تاريخ اليعقوبي 3 ص 106: إنهم وجدوا مسمرين في الحيطان.
ومحمد بن عبد الله النفس الزكية قتله حميد بن قحطبة سنة 145، وجاء برأسه إلى عيسى بن موسى وحمله إلى أبي جعفر المنصور فنصبه بالكوفة وطاف به البلاد (5)
وأما إبراهيم بن عبد الله فندب المنصور عيسى بن موسى من المدينة إلى قتاله فقاتل بباخمرى حتى قتل سنة 145، وجيئ برأسه إلى المنصور فوضعه بين يديه، وأمر به فنصب في السوق: ثم قال للربيع: احمله إلى أبيه عبد الله في السجن. فحمله إليه (6)
وقال النسابة العمري في المجدي: ثم حمل ابن أبي الكرام الجعفري رأسه إلى مصر.
____________
(1) تاريخ الطبري 8، مروج الذهب 2، تاريخ اليعقوبي 3.
(2) تاريخ ابن عساكر 4 ص 164.
(3) الزينبيات.
(4) تاريخ الطبري 9 ص 196، تذكرة سبط ابن الجوزي ص 126، مقاتل الطالبيين ص 71، 84 ط ايران.
(5) تذكرة سبط ابن الجوزي 129.
(6) تاريخ الطبري 9 ص 260، تاريخ اليعقوبي 3 ص 112 - 114، تذكرة السبط ص 230.
ووجه محمد بن عبد الله بن طاهر بالحسين بن إسماعيل فاقتتلوا حتى قتل سنة 250 و حمل رأسه إلى محمد بن عبد الله فوضع بين يديه في ترس ودخل الناس يهنونه، ثم أمر بحمل رأسه إلى المستعين من غد (1).
3 - قال: إن الروافض زعموا أن أصح كتبهم أربعة: الكافي. وفقه من لا يحضره الفقيه. والتهذيب. والاستبصار، وقالوا: إن العمل بما في الكتب الأربعة من الأخبار واجب، وكذا بما رواه الإمامي ودونه أصحاب الأخبار منهم، ونص عليه المرتضى وأبو جعفر الطوسي وفخر الدين الملقب عندهم بالمحقق المحلي (2) ص 55.
ج - تعتقد الشيعة إن هذه الكتب الأربعة أوثق كتب الحديث، وأما وجوب العمل بما فيها من الأخبار، أو بكل ما رواه إمامي ودونه أصحاب الأخبار منهم فلم يقل به أحد، وعلم الهدى المرتضى وشيخ الطائفة أبو جعفر ونجم الدين المحقق الحلي أبرياء مما قذفهم به، وهذا كتبهم بين أيدينا لا يوجد في أي منها هذا البهتان العظيم، وأهل البيت أدرى بما فيه.
ويشهد لذلك رد علماء الشيعة لفريق مما روي من أحاديث لطعن في إسناد أو مناقشة في المتن. ويشهد لذلك تنويعهم الأخبار على أقسام أربعة: الصحيح. الحسن.
الموثق. الضعيف. منذ عهد العلمين جمال الدين السيد أحمد بن طاوس الحسني، وتلميذه آية الله العلامة الحلي.
وليت الرجل يقف على شروح هذه الكتب وفي مقدمها (مرآت العقول) شرح الكافي للعلامة المجلسي ويشاهد كيف يحكم في كل سند بما يأدي إليه اجتهاده من أقسام الحديث. أو كان يراجع الجزء الثالث من المستدرك للعلم الحجة النوري حتى يرشده إلى الحق ويعلمه الصواب وينهاه عن التقول على أمة كبيرة (الشيعة)
____________
(1) تاريخ الطبري 11 ص 89، تاريخ اليعقوبي 3 ص 221.
(2) فخر الدين لقب شيخنا محمد بن الحسن العلامة الحلي. وأما المحقق فيلقب بنجم الدين
وينسب إلى الحلة الفيحاء لا المحل.