وقال الألباني في «الصحيحة» في تصحيحه للحديث «من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»: «وجملة القول أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه(3)، بل الأول منه متواتر عنه صلى الله عليه وسلم كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية». إلى أنْ قال: «إذا عرفت هذا، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيميّة قد ضعف الشطر الأول من الحديث وأما الشطر الآخر فزعم أنه كذب، وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها»(4). وسنعود في آخر هذا البحث لنقف مع ما ضعفه الألباني من هذا الحديث فانتظر.
وقال الداني بن منير آل زهوي: «فحديث المولاة حديث صحيح ثابت بل
____________
(1) يظهر أنّها إشارة إلى ابن تيمية الحراني الذي ضعف الحديث.
(2) أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب: 48.
(3) يعني بالشطر الأول «من كنت مولاه، فعلي مولاه» وبالشطر الثاني «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه».
(4) سلسلة الأحاديث الصحيحية: 4 / 343 ـ 344، التعليق على الحديث رقم 1750. مكتبة المعارف، الرياض.
وأما دلالة الحديث: فقد قال أهل السنّة أن المراد من المولاة هنا النصرة وليست من الخلافة والإمامة في شيء، بينما تذهب الشيعة إلى أن المراد من الولاية هي الأولوية في التصرف في شؤون الأمة الثابتة للنبي (صلى الله عليه وآله) بنص الآية {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ولهم في ذلك شواهد وقرائن من الأخبار الصحيحة الناقلة للخبر نقتصر منها على خصوص ما ذكرناه من الروايات:
1 ـ إنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قرن بين حديث الثقلين وحديث الغدير وواضح أن حديث الثقلين يدلّ على وجوب التمسك بالعترة، فما اقترانه بحديث الموالاة إلا إشارة جلية إلى أنّ أول من يُتمسك به من العترة هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في حديث الثقلين.
2 ـ تأكيد النبي أولويته من أنفس المؤمنين ثم إثباته الولاية لعلي فقال في بعضها «أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم» وفي ذلك دلالة واضحة في أن النبي يريد نقل هذه الولاية الثابتة له إلى علي (عليه السلام).
____________
(1) خصائص أمير المؤمنين للنسائي بتحقيق آل زهوي: 78، المكتبة العصرية.
4 ـ عرفنا في آخر خبرين ذكرناهما أن قوماً من الأنصار سلّموا على علي (عليه السلام) بقولهم «السلام عليك يا مولانا».
فأجاب الإمام علي بشكل يلفت الناس ويذكرّهم بأنه الولي والخليفة بنص الرسول فقال: «كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب»، أو «أولستم قوماً عرباً» والمعنى أنتم قوم عرب أحرار ولستم عبيداً، فكيف أكون ولياً عليكم وسيداً لكم وأولى بالتصرف من أنفسكم.
فقالوا: سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم وذكروا الحديث.
فلما سمع علي (عليه السلام) ذلك منهم ضحك حتى بدت نواجذه وقال: اشهدوا. ومن الواضح أنه لا معنى لأن يشهدهم على أنه ناصر المؤمنين بعد طيلة هذه السنين من جهاده (عليه السلام) ومعرفة كل الناس أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ولم يشك أحد في أن علياً ناصر المؤمنين؛ لذا فمن سلامهم عليه بالولاية وجوابه لهم بتلك الطريقة من التساؤل، ثم إشهادهم على ذلك يتضح أن المراد من الولاية والمفهوم منها عند الصحابة هي الأولوية في التصرف من النفس
بقي في هذه الفضيلة شيء أحببنا التنويه إليه وهو أن الألباني في «الصحيحة» أنكر صحة ذيل بعض الطرق وهو قوله «وانصر من نصره واخذل من خذله» فقال: «ففي ثبوته عندي وقفة لعدم ورود ما يجبر ضعفه، وكأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» ومثله قول عمر لعلي: «أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة» لا يصح أيضاً لتفرد علي بن زيد به كما تقدم»(1).
قلت: أما قوله (صلى الله عليه وآله): «وانصر من نصره واخذل من خذله» فقد ورد بإسناد حَسَن وهو الخبر الأخير الذي ذكرناه من كتاب «وقعة صفين» لابن ديزيل ونقله عنه ابن أبي الحديد في «شرح النهج» ويبدو أن هذا الطريق خفي على الألباني. بل وردت هذه الألفاظ بطريق صحيح أيضاً، كما نقل ذلك الهيثمي في «مجمع الزوائد» عن البزار بسنده إلى عمر بن ذي مر وسعيد بن وهب وزيد بن بثيع قالوا: «سمعنا علياً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم لما قام فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من يبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله».
قال الهيثمي: «رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو
____________
(1) الصحيحة: 4 / 344، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
وأما قول عمر لعلي فلم يتفرد به علي بن زيد كما ادّعى الألباني، بل رواه غيره أيضاً، قال ابن كثير في «البداية والنهاية»: قال الحافظ أبو يعلى الموصلي والحسن بن سفيان: ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد وأبي هارون عن عدي بن ثابت عن البراء، وذكر الحديث الذي في ذيله: «فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك أصبحتَ وأمسيتَ مولى كل مؤمن ومؤمنة»(2).
مضافاً إلى أنّ الخطيب أخرجه بألفاظ متقاربة في «تاريخ بغداد» بسند آخر ينتهي إلى أبي هريرة، جاء فيه: «فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يابن أبي طالب اصبحتَ مولاي ومولى كل مسلم».
ثم أن قول عمر صحّحه العلامة الحنفي سبط ابن الجوزي(3) في «تذكرة الخواص»(4).
وأقرّ بصحته الغزالي بل علق عليه بما يدل على تخليه عن مذهبه والتحاقه بمدرسة أهل البيت، فقد ذكر الذهبي في «سير أعلام النبلاء»: «ولأبي
____________
(1) مجمع الزوائد: 9 / 105، دار الكتب العلمية.
(2) البداية والنهاية: 5 / 229، مؤسسة التاريخ العربي.
(3) قال عنه الذهبي: «الشيخ العالم المتفنن الواعظ البليغ المؤرخ الأخباري واعظ الشام» انظر ترجمته في «سير أعلام النبلاء»: 23 / 296، مؤسسة الرسالة، و «تاريخ الإسلام»: حوادث وفيات (651 ـ 660) ص 183، دار الكتاب العربي.
(4) تذكرة الخواص: 36، مؤسسة أهل البيت، بيروت.
وليت الذهبي يخبرنا كيف استظهر أنّ الغزالي رجع عن هذا القول؟! إذن فما أنكر الألباني ثبوته، غير صحيح نكتفي بما أشرنا من التصحيح خوف الإطالة.
الفضيلة الرابعة: في أنه وليّ كل مؤمن بعد النبي (صلى الله عليه وآله):
أخرج الترمذي في «سننه» باب مناقب علي بن أبي طالب، بسنده إلى عمران بن حصين قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلم فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم فلما قدمت السرية سلّموا على النبي صلّى الله عليه
____________
(1) سير أعلام النبلاء: 19 / 328، مؤسسة الرسالة.
وأخرجه النسائي في «الخصائص»(2) وأبو يعلى في «مسنده»(3) وابن حبان في «صحيحه»(4) وغيرهم.
قال الترمذي: «حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان»(5) وتعقبّه الألباني قائلاَ: «قلت: وهو ثقة من رجال مسلم وكذلك سائر رجاله، ولذلك قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم» وأقره الذهبي(6) والحديث قوّاه ابن حجر في «الإصابة»(7) أيضاً.
و أخرج أحمد في «مسنده» من طريق الأجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن
____________
(1) سنن الترمذي: 5 / 632، دار إحياءالتراث.
(2) خصائص الإمام علي للنسائي: 79، المكتبة العصرية.
(3) مسند أبي يعلى: 1 / 293، دار المأمون للتراث.
(4) صحيح ابن حبان: 15 / 374، مؤسسة الرسالة.
(5) سنن الترمذي: 5 / 632، دار إحياء التراث.
(6) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 5 / 261، حديث رقم 2223، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.
(7) الإصابة: 4 / 468، دار الكتب العلمية، بيروت.
قال الألباني: إسناده حَسَن، رجاله ثقات، رجال الشيخين غير الأجلح وهو ابن عبد الله الكندي، فمختلف فيه، وفي «التقريب»: «صدوق شيعي»(2) وقال حمزة أحمد الزين محقق كتاب «مسند أحمد»(3): إسناده صحيح، وأجلح الكندي هو ابن عبد الله، موثق وحديثه في السنن وأدب البخاري، والحق كما قال.
وأخرج أبو داود الطيالسي بسنده إلى ابن عباس، قال: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي»(4).
____________
(1) مسند أحمد: 5 / 356، دار صادر.
(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 5 / 262، مكتبة المعارف، الرياض.
(3) مسند أحمد بتحقيق أحمد الزين: 16 / 497، دار الحديث، القاهرة.
(4) مسند أبي داود الطيالسي: 360، دار الحديث، بيروت.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي(3).
ووافقهما الألباني بقوله: وهو كما قالا(4).
وقال أحمد محمد شاكر: «إسناده صحيح»(5).
فاتضح أن هذا الحديث صحيح، بل كل الزيادات التي تقدمت فيه معتبرة أيضاً وقد ذكرنا تصحيح العلماء لها. وفي الحديث دلالة على أن علياً هو الخليفة والإمام بعد رسول الله ولا يمكن أنْ تكون لفظة الولي هنا بمعنى النصرة لأن علياً ناصر المؤمنين حتى في حياة رسول الله، فماذا يعني تقييد رسول الله الولاية بالبعدية بقوله «أنت ولي كل مؤمن بعدي» أو «من بعدي» فلا شك أن الرسول (صلى الله عليه وآله) أراد بهذه الولاية الأولوية في التصرف في شؤون الأمة، خصوصاً إن هذه العبارة جاءت ـ في بعض ما تقدم ـ رداً على اعتراض بعض الصحابة على علي (عليه السلام)؛ لأنه اصطفى جارية لنفسه، ومن غير الخفي على كل ذي لب أن اصطفاء الجارية أمر يتعلق وينسجم مع الأولوية في التصرف لا مع النصرة؛ إذ لا علاقة بين كون شخص ناصر المسلمين وبين أن يكون له حق الاصطفاء، لذا غضب النبي على الصحابة وأوضح مقام
____________
(1) مسند أحمد: 1 / 330 ـ 331، دار صادر.
(2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 132 ـ 134، دار المعرفة.
(3) المصدر نفسه: 3 / 132 ـ 134.
(4) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 5 / 263، مكتبة المعارف، الرياض.
(5) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر: 3 / 333، دار ا لحديث، القاهرة.
الفضيلة الخامسة: في أنه من النبي بمنزلة هارون من موسى:
أخرج البخاري في «صحيحه» بسنده إلى سعد بن أبي وقّاص قال: «قال النبي صلّى الله عليه وسلم لعلي أما ترضى أنْْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى»(1).
وأخرجه مسلم بسنده إلى سعيد بن المسيـّب عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، قال سعيد فأحببت أنْ أشافه بها سعداً، فلقيت سعداً فحدثته بما حدثني عامر، فقال أنا سمعته، فقلت: أنت سمعته، فوضع أصبعيه على أذنيه فقال: نعم وإلا فاستكتا»(2).
وقد روى هذا الحديث عدة من الصحابة وهو متفق على صحته ولا نرى ضرورة لأن نتتبع طرقه ونلحظ تصحيح العلماء له بعد أن اتفق عليه الشيخان، فنقتصر على نقل قول شمس الدين ابن الجزري حيث قال في «أسنى
____________
(1) صحيح البخاري: 4 / 208، دار الفكر، بيروت.
(2) صحيح مسلم، باب فضائل علي: 7 / 120، دار الفكر، وانظر حديث المنزلة بألفاظه المختلفة في كل من: «سنن ابن ماجة»: 1 / 45، دار الفكر. و «سنن الترمذي»: 5 / 302 ـ 304، دار الفكر، و «السنن الكبرى» للنسائي: 5 / 44 ـ 45 ـ 108 ـ 113 ـ 120 ـ 121 ـ 122، وغيرها، دار الكتب العلمية، و «صحيح ابن حبان»: 15 / 16 ـ 369 ـ 371، مؤسسة الرسالة، و «مستدرك الحاكم»: 3/(108 ـ 109) و(132 ـ 134)، دار المعرفة، وغيرها من المصادر الحديثية الكثيرة جداً.
إنْ قال قائل: إنّ خليفة موسى هو يوشع لأن هارون مات في زمن موسى قلت: إن الرسول (صلى الله عليه وآله) بيّن أن منزلة علي منه هي منزلة هارون من موسى ولم
____________
(1) أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب: 53.
(2) وننوه إلى أن الحديث مضافاً لصحته فهو متواتر لذا ذكره الكتاني في كتابه «نظم المتناثر من الحديث المتواتر»، وبعد أن ذكر عدة من الصحابة الذين رووه قال: «وفي شرح الرسالة للشيخ جسوس رحمه الله ما نصه: وحديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى متواتر جاء عن نيف وعشرين صحابياً واستوعبها ابن عساكر في نحو عشرين ورقة»، «نظم المتناثر من الحديث المتواتر»: 195، دار الكتب السلفية، مصر.
هذه لمحة موجزة لدلالة الحديث والتفاصيل في الكتب المختصة بذلك.
الفضيلة السادسة: في أن طاعته طاعة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) ومعصيته معصية له.
أخرج الحاكم في «المستدرك» بسنده إلى أبي ذر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى علياً فقد عصاني»(1). وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(2)، وأورده المتقي الهندي في «كنز العمال»(3).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي(4).
والحديث يدل دلالة صريحة وواضحة على عصمة علي (عليه السلام) من الخطأ والزلل، وأن كل أفعاله وأقواله مطابقة للشريعة المقدسة؛ لذا صارت طاعته طاعة للنبي وهي طاعة لله، ومعصيته معصية للنبي وهي معصية لله، ولو لم يكن كذلك، لما أطلق النبي قوله هذا فيه، وهو مسدّد من السماء ولا ينطق
____________
(1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 121، دار المعرفة.
(2) تاريخ دمشق: 42 / 306 ـ 307، دار الفكر.
(3) كنز العمال: 11 / 614، حديث رقم 32973، مؤسسة الرسالة.
(4) المستدرك وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3 / 121، دارالمعرفة.
الفضيلة السابعة: في أنّه مع الحق والحق معه
أخرج أبو يعلى في «مسنده» عن أبي سعيد: أن علياً مرّ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «الحقُّ مع ذا، الحق مع ذا»(1).
وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(2).
وأورده المتقي الهندي في «كنز العمال»(3).
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: «رواه أبو يعلى ورجاله ثقات»(4).
وعن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «رحم الله علياً، اللهم أدر الحق معه حيث دار».
أخرجه الترمذي في «سننه»(5)، وأبو يعلى في «مسنده»(6)، والطبراني في «الأوسط»(7)، والحاكم في «المستدرك»(8)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»(9) وغيرهم.
____________
(1) مسند أبي يعلى: 2 / 318، دار المأمون للتراث.
(2) تاريخ دمشق: 42 / 449، دار الفكر.
(3) كنز العمال: 11 / 621، مؤسسة الرسالة.
(4) مجمع الزوائد: 7 / 235، دار الكتب العلمية.
(5) سنن الترمذي: 5 / 297، دار الفكر.
(6) مسند أبي يعلى: 1 / 419، حديث 550، دار المأمون للتراث.
(7) المعجم الأوسط: 6 / 95، دار الحرمين.
(8) المستدرك على الصحيحين: 3 / 124، دار المعرفة.
(9) تاريخ دمشق: (30 / 63) و(42 / 448) و(44 / 139).
وأرسله الفخر الرازي إرسال المسلمات، فقال في تفسيره: «و من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله (عليه السلام): اللهم أدر الحق مع علي حيث دار»(4).
وأخرج الخطيب في «تاريخ بغداد» بسنده إلى أبي ثابت مولى أبي ذر قال: «دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر علياً وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة»(5)، وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(6).
وحديث أمّ سلمة هذا سمعه سعد بن أبي وقاص في دارها، قال: إني سمعت رسول الله يقول: «علي مع الحق أو الحق مع علي حيث كان»(7).
____________
(1) مستدرك الحاكم: 3 / 125، دار المعرفة.
(2) الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 86، حديث رقم 24، دار الفكر.
(3) فيض القدير: 4 / 25، دار الكتب العلمية.
(4) تفسير الفخر الرازي: مجلد1 / ج1 / ص210، دار الفكر.
(5) تاريخ بغداد: 14 / 322، دار الكتب العمية.
(6) تاريخ دمشق: 42 / 449، دار الفكر.
(7) جاء في صدر الحديث: «إن فلاناً [وهو معاوية] دخل المدينة حاجاً فأتاه الناس يسلّمون عليه، فدخل سعد فسلّم، فقال: وهذا لم يعنا على حقنا على باطل غيرنا. قال فسكت عنه، فقال: مالكَ لا تتكلم؟ فقال: هاجت فتنة وظلمة فقلتُ لبعيري! أخ أخ، فأنختُ حتى انجلت فقال رجل: إني قرأتُ كتاب الله من أوله الى آخره فلم أرَ فيه أخ أخ! فقال: أما إذا قلت ذاك فاني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مع الحق... الحديث.
قال سعد: قاله في بيت أمّ سلمة، قال: فأرسل إلى أمّ سلمة فسألها، فقالت: قد قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيتي فقال الرجل لسعد: ما كنت عندي قط ألومُ منك الآن، فقال: ولمَ؟ قال: لو سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم لم أزل خادماً لعلي حتى أموت!.
أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» وقال: «رواه البزار وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح»(1).
قال الشيخ الأميني: «الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي، قد خفي عليه لمكان التصحيف، ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني: إنه كان شيخا صالحاً صدوقاً، كما في خلاصة الكمال (ص118) وتهذيب التهذيب (4 / 48)»(2).
فلا غبار على سند الحديث، إذن.
قال أبو القاسم البلخي وتلامذته: إنه «قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحة أنه قال: «علي مع الحق والحق مع علي، يدور حيثما دار» ووافقهم ابن أبي الحديد على ذلك(3).
____________
(1) مجمع الزوائد: 7 / 235 ـ 236، دار الكتب العلمية.
(2) الغدير: 3 / 177، دار الكتاب العربي.
(3) شرح نهج البلاغة: 2 / 296 ـ 297، دار الكتب العلمية، مصورة على طبعة دار إحياء الكتب العربية.
ومن أراد التوسع في طرق هذا الحديث ومصادره، فليراجع كتاب «الغدير» للشيخ الأميني(1).
الفضيلة الثامنة: في أنه مع القرآن والقرآن معه:
أخرج الحاكم بسنده إلى ثابت مولى أبي ذر قال: «كنت مع علي رضي الله عنه يوم الجمل فلمّا رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين فلمّا فرغ ذهبت إلى المدينة فأتيت أم سلمة فقلتُ إني والله ما جئت أسأل طعاماً ولا شراباً ولكني مولى لأبي ذر فقالت مرحباً فقصصت عليها قصتي، قالت أين كنت حين طارت القلوب مطائرها؟ قلت إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس، قالت: أحسنت، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي(2).
ولا يخفى أن هذا الحديث يتفق مع ما سبقه، بمعنى واحد فإن كونه مع الحق يعني مع القرآن وكونه مع القرآن يعني مع الحق، فالأحاديث مع كونها صحيحة لذاتها، فإنها يقوي بعضها بعضاً أيضاً.
____________
(1) الغدير: 3 / 177 ـ 180، دار الكتاب العربي.
(2) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3 / 124، دار المعرفة.