الفضيلة التاسعة: في أن من فارقه، فارق رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أخرج الحاكم في «المستدرك» بسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): «يا علي من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك يا علي فقد فارقني»(1).
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة»(2)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»(3)، وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في «معجم شيوخه» بسنده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فارق علياً فارقني ومن فارقني فارق الله عزوجل»(4).
وأخرجه عن ابن عمر أيضاً، الطبراني في «الكبير»(5).
قال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه»(6).
قال الهيثمي: «رواه البزار ورجاله ثقات»(7).
أما الذهبي، فقد وافق الحاكم في التصحيح لكنه استنكر متن الحديث بقوله: «بل منكر»(8).
____________
(1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 123 ـ 124، دار المعرفة.
(2) فضائل الصحابة: 2 / 570، مؤسسة الرسالة.
(3) تاريخ دمشق: 42 / 307، دار الفكر.
(4) معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي: 3 / 800، مكتبة العلوم والحكم.
(5) المعجم الكبير: 12 / 323، دار إحياء التراث العربي.
(6) المستدرك على الصحيحين: 3 / 124، دار المعرفة.
(7) مجمع الزوائد: 9 / 135، دار الكتب العلمية.
(8) انظر «المستدرك» وبهامشه «تلخيص المستدرك»: 3 / 124، دار المعرفة.
وقد أوضح قبل هذا منهج الذهبي في الحكم على الأحاديث بكونها موضوعة أو منكرة وهو «فهمه أن الحديث يقتضي تفضيل علي على الشيخين رضي الله تعالى عنهم، وعلى أساس هذا الفهم ردّ هو وغيره كثيراً من الأحاديث في فضل علي عليه السلام، وحكموا بوضعها، أو نكارتها ولم يسلم من نقدهم بهذا الفهم إلا قليل وأيّد ذلك عندهم إن المبتدع إذا روى حديثاً يؤيد بدعته تردّ روايته، ونفذوا هذه القاعدة بدقة فيما يرويه الشيعة من فضائل علي (عليه السلام)، بل يستنكرون الحديث الوارد في فضله ولو لم يكن في سنده شيعي»(2) ثم ساق الحديث المتقدم وعلّق عليه بما ذكرناه، إذن فالذهبي وغيره لا يؤسسون قواعدهم على أساس الأخذ من النبي (صلى الله عليه وآله) بل أن لديهم قواعد مسبقة تتنافى مع ما صرّح به النبي (صلى الله عليه وآله)؛ لذا راحوا يردّون هذه الأحاديث الصحيحة سنداً عندهم والتي تدلّ على أفضلية علي وتوضح مقامه الشريف معتذرين عن ذلك بالوضع أو النكاره!!!
إذن فالرواية السابقة صحيحة السند، ودلالتها صريحة في أنّ مفارق علي (عليه السلام) مفارق لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله).
____________
(1) الرد على الألباني المبتدع: 6.
(2) المصدر نفسه: 6.
الفضيلة العاشرة: في أن علياً من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورسول الله من علي ولا يؤدي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا علي (عليه السلام).
أخرج ابن ماجة في «سننه» بسنده إلى حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي»(1).
وأخرجه الترمذي في «سننه»(2) والنسائي في «سننه»(3) وفي «الخصائص»(4) وأحمد في «مسنده»(5) وغيرهم.
والحديث صححه الترمذي في «سننه»(6) وحَسَّنهُ الذهبي في «سير أعلام النبلاء»(7) والألباني في «صحيح الجامع الصغير»(8) وفي تحقيقه على «سنن ابن ماجة»(9)، كما قال بصحته محقق «الخصائص» الحويني الأثري(10) ومحقق كتاب «سير أعلام النبلاء» مشيراً إلى أن رجاله رجال الشيخين(11)، ومحقق
____________
(1) سنن ابن ماجة: 1 / 44، حديث رقم 119.
(2) سنن الترمذي: 5 / 300، حديث رقم 3803، دار الفكر.
(3) السنن الكبرى: 5 / 45، حديث رقم 8147، دار الكتب العلمية.
(4) خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 67، المكتبة العصرية.
(5) مسند أحمد: 4 / 164 ـ 165، دار صادر.
(6) سنن الترمذي: 5 / 300، دار الفكر.
(7) سير أعلام النبلاء: 8 / 212، مؤسسة الرسالة.
(8) صحيح الجامع الصغير: 2 / 753، المكتب الإسلامي.
(9) سنن ابن ماجة تعليق الألباني: 1 / 75، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
(10) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: 67، دار الكتب العلمية.
(11) سير أعلام النبلاء: 8 / 212، أشرف على تحقيق الكتاب وخرّج أحاديثه شعيب الأرنؤوط وحقق هذا الجزء نذير حمدان، ط، مؤسسة الرسالة.
مضافاً إلى أن الشطر الأول للحديث «علي مني وأنا من علي» قد ورد من طرق أخرى معتبرة تقدمت الإشارة إليها في الفضيلة الرابعة، ونشير هاهنا إلى رواية عمران بن حصين إتماماً للفائدة، فقد أخرج النسائي في «سننه» وابن أبي عاصم في «السنّة»، وغيرهم بسندهم إلى عمران بن حصين، قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي»(2).
قال الألباني: «إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم والحديث أخرجه الترمذي (2 / 297) وابن حبان (2203) والحاكم (3 / 110 ـ 111) وأحمد (4/437) من طرق أخرى عن جعفر بن سليمان الضبعي به وقال الترمذي: «حديث حسن غريب» وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم» وأقرّه الذهبي، وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً به، أخرجه أحمد (5 / 356) عن طريق أجلح الكندي عن عبدالله بن بريدة عن أبيه بريدة وإسناده جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أجلح وهو ابن عبد الله بن جحيفة الكندي وهو شيعي صدوق»(3).
فعلي من رسول الله ورسول الله من علي، هما نفس واحدة ولهما
____________
(1) انظر «المسند» بتحقيق حمزة أحمد الزين: 13 / 394 ـ 395 ـ 396، أحاديث رقم 17435 ـ 17439 ـ 17440 ـ 17441، دار الحديث، القاهرة.
(2) سنن النسائي: 5 / 45، حديث 8146، دار الكتب العلمية. و «السنّة»: 550، المكتب الإسلامي.
(3) كتاب السنّة بتحقيق الألباني: 550، المكتب الإسلامي، بيروت.
ولذا فإنه لا يؤدي عن رسول الله إلاّ علي (عليه السلام)؛ لأنه الوحيد الذي حمل صفات النبي وخصائصه ومميزاته التي امتاز بها على الخلق، فيكون هو الخليفة على الأمة والإمام لها ومرجعها في الشريعة المقدسة وغير ذلك من وظائف الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وخصائصه؛ فكل ما ثبت للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) يكون ثابتاً لعلي (عليه السلام).
وما تبليغ سورة براءة بيد علي إلاّ ضمن هذا المعنى المتقدم. وخبر تبليغ براءة بيد علي (عليه السلام) خبر صحيح.
فقد أخرج الترمذي والنسائي وغيرهم بسندهم إلى أنس بن مالك قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة مع أبي بكر، ثم دعاه فقال: لا ينبغي لأحد أنْ يُبلغ هذا إلا رجل من أهلي، فدعا عليـّاً فأعطاه إياها»(1).
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث أنس.
قال الحويني الأثري في تحقيقه على «خصائص النسائي»: «إسناده صحيح»(2).
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على «المسند» بسنده إلى علي قال: لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم، دعا النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي صلّى الله عليه وسلم فقال لي: «أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه
____________
(1) سنن الترمذي: 4 / 339، دار الفكر، و «سنن النسائي»: 5 / 128، دار الكتب العلمية.
(2) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: 67، دار الكتب العلمية.
قال أحمد محمد شاكر محقق كتاب «المسند»: «إسناده حسن»(1).
و في «الخصائص» بسنده إلى زيد بن يثيغ عن علي (عليه السلام): «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث ببراءة إلى أهل مكة مع أبي بكر، ثم أتبعه بعلي، فقال له: خذ الكتاب فامضِ به إلى أهل مكة. قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه، فانصرف أبو بكر، وهو كئيب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزَل فيّ شيء؟ قال:لا، إلا أني أمرتُ أنْ أبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي».
قال أبو إسحق الحويني الأثري: «صحيح»(2).
وأخرج أحمد في «مسنده» والحاكم في «المستدرك» بسندهما إلى ابن عباس في حديث طويل جاء فيه: «ثم بعثَ فلاناً بسورة التوبة فبعثَ علياً خلفه فأخذها منه، وقال [يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله)]: «لا يذهب بها إلاّ رجل مني وأنا منه»(3).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي في «التلخيص»(4).
____________
(1) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر: 2 / 135، حديث 1296، دار الحديث، القاهرة.
(2) تهذيب خصائص الإمام علي للنسائي بتحقيق الحويني الأثري: 68، دار الكتب العلمية.
(3) مسند أحمد: 1 / 330 ـ 331، دار صادر، و «المستدرك على الصحيحين»: 3 / 132 ـ 134، دار المعرفة.
(4) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك»: 3 / 132 ـ 134، دار المعرفة.
الفضيلة الحادية عشرة: فـي أنّ عليـاً وفـاطـمة أحـبّ النـاس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أخرج الترمذي بسنده عن ابن بريدة عن أبيه، قال: «كان أحبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال علي»(2).
وأخرجه النسائي في «السنن»(3) و «الخصائص»(4)، والحاكم في «المستدرك»(5)، والطبراني في «الأوسط»(6)، وغيرهم.
و الحديث حسّنه الترمذي(7)، وصححه الحاكم في «المستدرك»، ووافقه الذهبي في «التلخيص»(8)، وصححه أيضاً أبو إسحاق الحويني الأثري في «تهذيب خصائص أمير المؤمنين»(9)، والسيد حسن السقاف في «تناقضات الألباني الواضحات»(10).
____________
(1) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر: 3 / 331 ـ 333، حديث 3062، دار الحديث، القاهرة.
(2) سنن الترمذي: 5 / 360، دار الفكر.
(3) سنن النسائي: 5 / 140، دار الكتب العلمية.
(4) خصائص الإمام علي للنسائي: 89، دار الكتب العلمية.
(5) المستدرك على الصحيحين: 3 / 155، دار المعرفة.
(6) المعجم الأوسط: 7 / 199، دار الحرمين.
(7) سنن الترمذي: 5 / 360، دار الفكر.
(8) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3 / 155، دار المعرفة.
(9) تهذيب خصائص أمير المؤمنين: 89، حديث رقم 108، دار الكتب العلمية.
(10) تناقضات الألباني الواضحات: 2 / 244، دار الإمام النووي.
أخرجه النسائي في «خصائص أمير المؤمنين»(1) وأخرجه جماعة بلفظ دخلتُ مع عمتي أو أمي...، منهم الترمذي في «سننه»(2) والحاكم في «مستدركه» من طريقين عن جميع به(3).
وأبويعلى في «مسنده»(4)، والطبراني في «الكبير»(5)، وغيرهم.
و الحديث حسَّنَه الترمذي في «السنن»(6) وصحّحه الحاكم في «المستدرك»(7) والحويني الأثري في تحقيقه على «الخصائص»(8) والسيد حسن السقّاف في «تناقضات الألباني الواضحات»(9).
و عن النعمان بن بشير، قال: «استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع صوت عائشة عالياً وهي تقول: والله لقد عرفت أن علياً
____________
(1) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري: 89، دار الكتب العلمية.
(2) سنن الترمذي: 5 / 362، دار الفكر.
(3) المستدرك على الصحيحين: 3 / 154 ـ 157، دار المعرفة.
(4) مسند أبي يعلى: 270، دار المأمون للتراث.
(5) المعجم الكبير: 22 / 403، دار إحياء التراث.
(6) سنن الترمذي: 5 / 362، دار الفكر.
(7) المستدرك على الصحيحين: 3 / 154 ـ 157، دار المعرفة.
(8) تهذيب خصائص أمير المؤمنين بتحقيق الحويني الأثري: 89، دار الكتب العلمية.
(9) تناقضات الألباني الواضحات: 2 / 249 ـ 250، دار الإمام النووي.
أخرجه أحمد في «مسنده»(1) والنسائي في «سننه»(2) و «خصائصه»(3) قال الحافظ الهيثمي في «المجمع»: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح»(4).
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: «أخرجه أحمد، وأبو داود والنسائي بسند صحيح»(5).
وقال الحويني الأثري محقق «الخصائص»: «إسناده صحيح»(6).
و قد أجاد السيد حسن السقاف في بيان صحة هذه الأحاديث في كتابه «تناقضات الألباني الواضحات» من شاء، فليراجع(7).
الفضيلة الثانية عشرة: في أنّ من أحب علياً فقد أحب الله ورسوله؛ ومن أبغض علياً فقد أبغض الله ورسوله:
أخرج الطبراني بسنده إلى أبي الطفيل قال: «سمعتُ أمّ سلمة تقول أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من أحبّ علياً، فقد أحبني
____________
(1) مسند أحمد: 4 / 275، دار صادر.
(2) سنن النسائي: 5 / 139 ـ 365، دار الكتب العلمية.
(3) تهذيب خصائص أمير المؤمنين للنسائي: 87، دار الكتب العلمية.
(4) مجمع الزوائد: 9 / 200 ـ 201، دار الكتب العلمية.
(5) فتح الباري شرح صحيح البخاري: 7 / 19، دار المعرفة، بيروت.
(6) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: 87، حديث رقم 105، دار الكتب العلمية.
(7) انظر «تناقضات الألباني الواضحات»: 2 / 244 ـ 250، دار الإمام النووي.
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» وقال: «رواه الطبراني وإسناده حَسَن»(2) والسيوطي في «تاريخ الخلفاء» وقال: «أخرجه الطبراني بسند صحيح»(3)، والألباني في «الصحيحة» وقال: «رواه المخلص في «الفوائد المنتقاة» (10 / 5 / 1) بسند صحيح عن أمّ سلمة قالت: أشهد أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره»(4).
وأخرج الحاكم بسنده إلى أبي عثمان النهدي، قال: «قال رجل لسلمان: ما أشد حبك لعلي، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني».
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي(5).
والحديث أورده السيوطي في «الجامع الصغير»(6) من رواية الحاكم عن سلمان، واستدرك عليه المناوي في «فيض القدير» بعد ذكر الحاكم وإقرار
____________
(1) المعجم الكبير: 23 / 380، دار إحياء التراث.
(2) مجمع الزوائد: 9 / 132، دار الكتب العلمية.
(3) تاريخ الخلفاء: 133، دار الكتاب العربي.
(4) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 3 / 287 ـ 288، رقم 1299، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
(5) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3 / 130، دار المعرفة.
(6) الجامع الصغير: 2 / 554، حديث رقم 8319، دار الفكر، بيروت.
هذا؛ وفضائل علي كثيرة شهيرة، لو أردنا استقصاءها وتخريجها، لطال بنا المقام، وما ذكرناه لا يمثل إلا نزراً يسيراً منها وقفنا فيه على اثنتي عشرة فضيلة تيمّناً بعدد خلفاء الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولكن قبل أن نختم هذا الفصل رأينا من المناسب أنْ نشير إشارات عابرة إلى فضائل أخرى من فضائله (عليه السلام) لكن نحاول الاقتصار على ذكر الخبر من مصدر واحد ونشير إلى تصحيحه بلا توسّع في البحث أو استقصاء للمصادر؛ توخياً للاختصار وإتماماً للفائدة:
فضائل أخرى:
1 ـ في أنه حامل راية خيبر وأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.
أخرج البخاري في «صحيحه» بسنده إلى سهل بن سعد رضي الله عنه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبـّه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كلهم يرجو أن يُعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب فقيل يا رسول الله يشتكي عينيه، فأرسلوا
____________
(1) فيض القدير: 6 / 42، حديث 8319، دار الكتب العلمية.
(2) صحيح الجامع الصغير: 2 / 1034، حديث رقم 5963، المكتب الإسلامي.
الحديث رواه عدة من الصحابة وأخرجه البخاري في أكثر من موضع(2) وكذا (مسلم).
وفي بعض أخبار (مسلم) بسنده إلى أبي هريرة قال: «قال عمر بن الخطاب: ما أحببتُ الإمارة إلا يومئذ قال: فتساورت لها رجاء أنْ أدعى لها، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها...»(3).
والحديث لا كلام في صحته خصوصاً مع وروده في الصحيحين.
2 ـ في أنه لا يحبه إلا مؤمن ولايبغضه إلا منافق:
أخرج مسلم في «صحيحه» بسنده إلى علي بن أبي طالب، قال: «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلّى الله عليه وسلم إليّ، أن لا
____________
(1) صحيح البخاري: 5 / 77 ـ 78، باب غزوة خيبر، دار الفكر.
(2) صحيح البخاري: (4 / 12 ـ 20 ـ 207)، و(5 / 76)، دار الفكر، بيروت.
(3) صحيح مسلم: 7 / 120، في فضائل علي، دار الفكر. وانظر الحديث في «صحيح مسلم»: (5 / 194 ـ 195) و(7 / 120 ـ 121 ـ 122).
والحديث أخرجه الكثير بألفاظ متقاربة وهو صحيح لوجوده في مسلم ولا حاجة لذكر تصحيحات أخرى له.
3 ـ في أنّ من سبّه فقد سبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أخرج الحاكم بسنده إلى أبي عبدالله الجدلي، قال: دخلتُ على أمّ سلمة رضي الله عنها، فقالت: أيسبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم، فقلت معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها، فقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن سبَّ علياً فقد سبـّني».
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي(2).
وأخرجه النسائي في «الخصائص»، وقال فيه المحقق أبو إسحاق الحويني الأثري: «إسناده صحيح»(3).
4 ـ في أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) وعلياً (عليه السلام) خلقا من نور واحد:
هذا الحديث صحيح الإسناد نقله سبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص» وإليك جميع ما قاله في المقام:
«قال: قال أحمد في «الفضائل»: «حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن خالد بن معدان عن زادان عن سلمان، قال: قال رسول الله (ص) «كنتُ أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة
____________
(1) صحيح مسلم: 1 / 61، دار الفكر.
(2) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3 / 121، دار المعرفة.
(3) تهذيب خصائص الإمام علي: 76، حديث 86، دار الكتب العلمية.