الصفحة 170
بني آدم ينتمون إلى عصبة أبيهم إلاّ ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وأنا عصبتهم» فيه إرسال وضعف ولكن له شاهد عن جابر رفعه: «إنّ الله تعالى جعل ذرية كل نبي في صلبه وإن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي» وبعضهم يقوي بعضاً، وقول ابن الجوزي أنه لا يصح ليس بجيد، وفيه دليل لاختصاصه صلّى الله عليه وسلّم به»(1).

وذكر العجلوني الحديث، مع بعض تخريجاته وقال: إنّ له شواهد عند الطبراني عن جابر وذكر حديث جابر المتقدم ثم ذكر كلام صاحب المقاصد فقال: «قال في المقاصد: ويروى أيضاً، عن ابن عباس كما كتبته في ارتقاء الغرف وبعضها يقوي بعضاً، وقول ابن الجوزي في العلل لا يصح، ليس بجيد، وفيه دليل لاختصاصه صلى الله عليه وسلّم، بذلك كما أوضحته في بعض الأجوبة وفي مصنفي أهل البيت»(2).

وبهذا يتضح أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله اتّخذ من الحسنين أولاداً له وصار عصبتهم التي ينتمون إليها، وأن هذا من مختصاته صلّى الله عليه وآله.

ولا مرية أنّ في ذلك لطف كبير وعناية مميزة واهتمام خاص من الرسول (صلى الله عليه وآله) بالحسنين عليهما السلام.

وهذا يكشف عن عظيم منزلتهما وكبر قدرهما عند الله سبحانه وتعالى، وبهذهِ الفضيلة الشريفة نختم الكلام عن الفضائل العامة، ومن أراد الاستزادة

____________

(1) تذكرة الموضوعات: 299.

(2) كشف الخفاء للعجلوني: 2/119، دار الكتب العلمية.


الصفحة 171
فليراجع الكتب الحديثية، حيث خُصصت في الكثير منها أبواب مستقلة في ذكر فضائل الحسنين عليهما السلام.

القسم الثاني
فضائل الإمام الحسن الخاصة

نورد هنا بعض فضائل الإمام الحسن (عليه السلام) المختصة به وننوّه إلى أنّ بعضها تقدمت في الفضائل المشتركة بنفس المعاني، لكن نوردها هنا تيمّناً وتبرّكاً:

الفضيلة الأولى:

في حبّ النبي له:

أخرج البخاري في «صحيحه» باب مناقب المهاجرين، باب مناقب الحسن والحسين بسنده إلى البراء قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم والحسن بن علي على عاتقه، يقول: اللهم إنّي أحبُّهُ فأحبَّه»(1).

وأخرجه مسلم في «صحيحه»(2). والترمذي في «سننه»(3). وأحمد في «المسند»(4).

وأخرج الحاكم في «المستدرك» بسندهِ إلى أبي هريرة قال: «لا أزال أحبُّ هذا الرجل بعد ما رأيت رسول الله يصنع ما يصنع، رأيتُ الحسن في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وهو يدخل أصابعه في لحيةِ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم والنبي صلى الله عليه وآله وسلّم يدخل لسانه في فمه ثم قال

____________

(1) صحيح البخاري: 4/216، دار الفكر.

(2) صحيح مسلم: 7/129، دار الفكر.

(3) سنن الترمذي: 5/327، دار الفكر.

(4) مسند أحمد: 4/284، 292 دار صادر.


الصفحة 172
اللهم إني أحبُّه فاحبَّه».

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي(1).

وعن سعيد بن زيد بن نفيل: أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم احتضن حسناً وقال: «اللهمّ إنّي أحبُّه فاحبَّه».

أورده الهيثمي في «المجمع» وقال: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير يزيد بن حسين وهو ثقة»(2).

وتقدّم في الفضائل المشتركة أنّ محبـّة النبي للحسنين تواتر بها النقل.

وفي «سير أعلام النبلاء» للذهبي:«وفي «الجعديات» لفضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت، عن البراء، قال النبي صلى الله عليه وسلّم للحسن: اللّهم إنّي أُحبّه فأحبَّه وأحِبَّ من يُحبُّه، صحّحه الترمذي»(3).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزّار وأبو يعلى ورجال الكبير رجال الصحيح»(4).

قال الذهبي: «وفي ذلك عدة أحاديث فهو متواتر»(5).

الفضيلة الثانية:

في دعاء النبي لمحبِّ الحسن (عليه السلام):

أخرج مسلم في «صحيحه» باب فضائل الصحابة، باب فضائل الحسن

____________

(1) المستدرك على الصحيحين وبهامشه: تلخيص المستدرك» للذهبي: 3/169، دار المعرفة.

(2) مجمع الزوائد: 9/176، دار الكتب العلمية.

(3) سير أعلام النبلاء: 3/250، مؤسسة الرسالة.

(4) مجمع الزوائد: 9/176، دار الكتب العلمية.

(5) سير أعلام النبلاء: 3/251، مؤسسة الرسالة.


الصفحة 173
والحسين، بسنده إلى أبي هريرة «عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال لحسنِ، اللهم إنّي أحبُّه فاحبَّه واحببْ من يُحبُّه»(1).

وأخرج عن أبي هريرة أيضاً في نفس الباب، قال: «خرجتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في طائفة من النهار لا يكلّمني ولا أكلّمه حتى جاء سوق بني قينقاع ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة فقال: أثمّ لكع(2) أثمّ لكع يعني حسناً فظننا إنه إنّما تحبسه أمّه لأن تغسله وتلبسه سخابا(3)، فلم يلبث أنْ جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: اللهم إنّي أحبّه فاحبّه واحببْ من يحبـّه»(4).

وأخرجه البخاري في «صحيحه»(5)، وجمع من أئمة الحديث وقد تقدّم بعض ما يدل على ذلك فيما سبق أيضاً.

الفضيلة الثالثة:

في أنّه مِنْ رسول الله (صلى الله عليه وآله):

في «مسند أحمد»: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حبوة بن شريح ثنا بقية ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان قال: «وفد المقدام بن معدي كرب

____________

(1) صحيح مسلم: 7/129، دار الفكر.

(2) المراد هنا (الصغير).

(3) السخاب بكسر السين المهملة وبالخاء المعجمة، جمعه سخب وهو قلادة من القرنفل والمسك، والعود ونحوهما من أخلاط الطيب، يعمل على هيئة السبحة ويجعل قلادة للصبيان والجواري وقيل هو خيط فيه خرز، سمي سخاباً لصوت خرزه عند حركته من السخب بفتح السين والخاء، يقال الصخب بالصاد وهو اختلاط الأصوات، «شرح صحيح مسلم للنووي: 15/193».

(4) صحيح مسلم: 7/130، دار الفكر.

(5) صحيح البخاري، كتاب البيوع: 3/20، دار الفكر.


الصفحة 174
وعمرو بن الأسود إلى معاوية، فقال معاوية للمقدام، أعلمتَ أنّ الحسن بن علي توفي فرجّع المقدام [أي قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون] فقال له معاوية: أتراها مصيبة؟ فقال: ولمَ لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حجره وقال «هذا منّي وحسين من علي رضي الله تعالى عنهما»(1).

وأخرجه أبو داود في «سننه»(2)، والطبراني في «الكبير»(3)، في أكثر من موضع وفي بعضها بلفظ «حسن منّي وحسين من علي» وبهذا اللفظ في «مسند الشاميين» أيضاً(4).

قال المنّاوي في «فيض القدير»: قال الحافظ العراقي: «سنده جيد»(5).

قال الذهبي: في «السيّر»: «إسناده قوي»(6).

قال الألباني في «صحيح الجامع الصغير»: «حَسَن»(7).

قال محقق كتاب «السير»: بقية بن الوليد مدلّس وقد عنعن وباقي رجاله ثقات، وعلّق على تصحيح الذهبي قائلاً: هذا مُسلّم لو أن بقية صرّح بالتحديث، أما وقد عنعن فلا(8).

____________

(1) مسند أحمد: 4/132، دار صادر.

(2) سنن أبي داود: 2/275، دار الفكر.

(3) المعجم الكبير: (3/43) و(20/268 ـ 269)، دار إحياء التراث.

(4) مسند الشاميين للطبراني: 2/170، مؤسسة الرسالة.

(5) فيض القدير: 3/551، دار الكتب العلمية.

(6) سير أعلام النبلاء: 3/258، مؤسسة الرسالة.

(7) صحيح الجامع الصغير: 1/607، المكتب الإسلامي.

(8) سير أعلام النبلاء: 3/258 هامش (2) و(3)، مؤسسة الرسالة.


الصفحة 175
أقول: يظهر أنّ المحقق قد خفي عليه وجود الرواية في «مسند أحمد» وفيها أنّ بقية حدّث ولم يعنعن كما أثبتناه أعلاه، وقد نوّه الألباني إلى ذلك أيضاً(1).

فالرواية معتبرة إذن، وليلتفت إلى أنّه سيأتي في فضائل الحسين (عليه السلام) أنّ الرسول قال في حقه «حسينٌ منّي وأنا من حسين».

الفضيلة الرابعة:

النبي (صلى الله عليه وآله) يأمر بمحبته (عليه السلام):

أخرج أحمد بسنده إلى زهير بن الأقمر قال: «بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي رضي الله عنه إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال: لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم واضعه في حبوته يقول: من أحبّني فليحبّه فليبلغ الشاهد الغائب ولولا عزمة(2) رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما حدثتكم»(3).

وأخرجه الحاكم في «المستدرك»(4)، وابن أبي شيبة في «المصنّف»(5)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»(6).

قال حمزة أحمد الزين محقق كتاب «المسند»: «إسناده صحيح»(7).

____________

(1) سلسة الأحاديث الصحيحة: 2/451 حديث رقم (811)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.

(2) في بعض المصادر «كرامة»، انظر «مستدرك الحاكم»: 3/173 ـ 174، دار المعرفة.

(3) مسند أحمد: 5/366، دار صادر.

(4) المستدرك على الصحيحين 3/ 173 ـ 174، دار المعرفة.

(5) المصنّف: 7/513، دار الفكر.

(6) تاريخ دمشق: 13/ 197، دار الفكر.

(7) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 16/ 525، رقم «23000»، دار الحديث، القاهرة.


الصفحة 176
وسكت عنه الحاكم وكذا الذهبي في «التلخيص»(1).

وفي «مسند أبي داود الطيالسي»: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت قال سمعتُ البراء يقول: «رأيت النبي صلى لله عليه وسلّم واضعاً الحسن على عاتقه وقال: من أحبـّني فليحبـّه»(2).

والرواية صحيحة السند، رجالها ثقات.

وقد تقدّم في الفضائل المشتركة ما يدل على ذلك أيضاً.

الفضيلة الخامسة:

في أنه سيـّد بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله):

أخرج الحاكم بسنده إلى سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: «كنا مع أبي هريرة، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب علينا فسلّم فرددنا (عليه السلام) ولم يعلم به أبو هريرة، فقلنا يا أبا هريرة هذا الحسن بن علي قد سلّم علينا فلحقه وقال: وعليك السلام يا سيدي ثم قال: سمعتُ رسول صلى الله عليه وآله وسلّم يقول إنه سيـّد».

قال الحاكم: «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي(3).

الفضيلة السادسة:

في رعاية النبي (صلى الله عليه وآله) واهتمامه الشديد بولده الحسن (عليه السلام):

أخرج الهيثمي في «موارد الظمآن» بسنده إلى أبي هريرة قال: «كان رسول الله

____________

(1) المستدرك على الصحيحين وبذيله «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3/ 173 ـ 174، دار المعرفة.

(2) مسند أبي داود الطيالسي: 99، دار الحديث، بيروت.

(3) المستدرك على الصحيحين وبذيله «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3/169، دار المعرفة.


الصفحة 177
صلى الله عليه وسلّم يدلع لسانه للحسن، فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه»(1).

قال الألباني: «حَسَن»(2).

وأخرج أحمد في «مسنده» بسنده إلى معاوية قال: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمصّ لسانه أو قال شفته يعني الحسن بن علي صلوات الله عليه وأنه لن يُعذّب لسان أو شفتان مصّهما رسول الله صلى الله عليه وسلّم»(3).

ونقلها الهيثمي في «مجمع الزوائد» وقال: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن أبي عوف وهو ثقة»(4).

وقال حمزة أحمد الزين محقق كتاب «المسند»: «إسناده صحيح»(5). ولا يفوتنا أنْ نشير هنا إلى أنّ معاوية يعلم بأن الحسن بن علي (عليه السلام) من أهل الجنة؛ ومع ذلك يرفض الدخول في طاعته، بل ويجيّش الجيوش لقتاله!!! وأخرج الحاكم بسندهِ إلى أبي هريرة «أنّه لقي الحسن بن علي، فقال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قـبّل بطنك فاكشف الموضع الذي قـبّل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حتى أُقبـّله، قال: وكشف له الحسن فقبـّله»(6).

____________

(1) موارد الظمآن: 553، دار الكتب العلمية.

(2) صحيح موارد الظمآن: 2/ 368، دار الصميعي للنشر والتوزيع.

(3) مسند أحمد: 4/93، دار صادر.

(4) مجمع الزوائد: 9/177، دار الكتب العلمية، بيروت.

(5) مسند أحمد: 13/180، حديث (16791)، دار الحديث، القاهرة.

(6) مستدرك الحاكم: 3/168، دار المعرفة.


الصفحة 178
وأخرجه أحمد من طريق عمير بن إسحاق(1)، وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» وقال: «رواه أحمد والطبراني»(2).

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين» وأقرّه الذهبي(3)، وقال الهيثمي في «المجمع»: «رجاله رجال الصحيح غير عمير بن إسحاق وهو ثقة»(4).

وقال حمزة أحمد الزين محقق كتاب «المسند»: «إسناده صحيح»(5).

وأخرج ابن أبي شيبة في «المصنّف» بسنده إلى عبد الله بن شداد عن أبيه قال: «دُعيَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم لصلاة، فخرج وهو حامل حسناً أو حسيناً فوضعه إلى جنبه فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطال فيها، قال أبي: فرفعتُ رأسي من بين الناس فإذا الغلام على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأعدتُ رأسي فسجدتُ، فلمّا سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال له القوم: يا رسول الله لقد سجدت في صلاتك هذه سجدةً ما كنتَ تسجدها، أفكان يوحى إليك، قال: «لا ولكن ابني ارتحلني فكرهتُ أنْ أعجله حتى يقضي حاجته»(6).

____________

(1) مسند أحمد: 2/427، دار صادر.

(2) مجمع الزوائد: 9/177، دار الكتب العلمية.

(3) المستدرك على الصحيحين وبذيله «تلخيص المستدرك» للذهبي: 3/168، دار المعرفة.

(4) مجمع الزوائد: 9/ 177، دار الكتب العلمية، بيروت.

(5) مسند أحمد: 9/ 232، رقم الحديث «9478» دار الحديث، القاهرة.

(6) المصنّف: 7/514، دار الفكر.


الصفحة 179
وأخرجه أحمد في «المسند»(1)، والنسائي في «السنن»(2)، والحاكم في «المستدرك»(3)، والضحاك في «الآحاد والمثاني»(4).

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي على ذلك(5).

قال حمزة أحمد الزين محقق كتاب «المسند»: «إسناده صحيح»(6).

كما ورد أن الحسن (عليه السلام) كان يركب على رقبة النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو ساجد فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل وكان يجيء والنبي راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر(7)، وكان يحمله أحياناً على رقبته، ويخرج به إلى الناس، ويقول عنه: «نعم الراكب هو»(8).

وغير ذلك من الروايات العديدة الدالّة على اهتمام الرسول الأعظم ورعايته المنقطعة النظير لولده الحسن (عليه السلام)، والتي تكشف عن عظم مقام الحسن (عليه السلام)، وكبر شأنه، وتبين بوضوح مراد النبي (صلى الله عليه وآله)، من أمته في الاهتمام بريحانته المباركة وتبجيلها، والسير وفق نهجها الشريف، خصوصاً

____________

(1) مسند أحمد: 3/493 ـ 494، دار صادر.

(2) السنن الكبرى: 1/243، دار الكتب العلمية.

(3) المستدرك على الصحيحين: 165 ـ 166، دار المعرفة.

(4) الآحاد والمثاني: 2/188، دار الدراية.

(5) المستدرك على الصحيحين وبذيله «تلخيص المستدرك»: 1/166، دار المعرفة.

(6) مسند أحمد: 12/ 423، حديث رقم (15975)، دار الحديث، القاهرة.

(7) تاريخ دمشق: 13/176، دار الفكر، والإصابة: 2/62، دار الكتب العلمية.

(8) سنن الترمذي: 5/661، دار إحياء التراث العربي.


الصفحة 180
عند ضم هذهِ الروايات مع سابقاتها إلى الآيات القرآنية، والأحاديث العامة، التي وردت في حق أهل البيت؛ فإنها لا تدع أي مجال للشك في أن الله اختار هذهِ الصفوة المباركة؛ ليكونوا خلفاء لرسوله الأكرم، وأمناء على رسالته المباركة، ونجزم يقيناً بأن كلّ باحثٍ لو أنصف البحث، لا نفتحت له آفاق الحقيقة، ولرأى نورها يشعّ بولاية علي وأولاده الطاهرين، والتوفيق من عند الله العظيم.

هذا وفضائل الإمام الحسن (عليه السلام) عديدة شهيرة نكتفي منها بما ذكرناه ونختم هذا القسم بما صحّ عن الصحابي عبد الله بن عمرو بأنّ الحسن (عليه السلام) أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء، فعن رجاء بن ربيعة قال: «كنتُ جالساً بالمدينة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلّم في حلقةٍ فيها أبو سعيد، وعبد الله بن عمرو فمرّ الحسن بن علي فسلّم فردّ عليه القوم وسكت عبد الله بن عمرو ثم أتبعه وقال وعليك السلام ورحمة الله ثم قال: هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء والله ما كلّمته منذ ليالي صفين، فقال أبو سعيد ألا تنطلق إليه فتعتذر إليه قال نعم، قال فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن فأذن له ثم استأذن لعبد الله بن عمرو فدخل، فقال أبو سعيد لعبد الله بن عمرو حدّثنا بالذي حدثتنا به حيث مرّ الحسن، فقال نعم أنا أُحدثكم إنّه أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء قال: فقال له الحسن: إذا علمت أني أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلِمَ قاتلتنا أو كثّرت يوم صفين، قال أما إني والله ما كثّرتُ سواداً ولا ضربتُ معهم بسيف ولكني حضرتُ مع أبي أو كلمة نحوها، قال: أما علمت أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، قال بلى ولكني

الصفحة 181
كنتُ أسرد الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فشكاني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله إنّ عبد الله بن عمرو يصوم النهار ويقوم الليل، قال صم وافطر ونم فأني أنا أصلي وأنام وأصوم وأفطر، قال لي يا عبد الله أطع أباك، فخرج يوم صفين وخرجتُ معه».

قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: «رواه البزّار ورجاله رجال الصحيح غير هاشم بن البريد وهو ثقة»(1).

وقد نقلنا الخبر بطوله؛ ليتأمل به القارئ الكريم، فإنّ فيه دلالات عديدة لا تخفى على اللبيب.

القسم الثالث
فضائل الإمام الحسين الخاصة

وقد ملأت الخافقين وهي أشهر من أنْ تذكر، نورد جملة مختصرة منها تيمّناً وتبرّكاً علماً أنه تقدم بعض ذلك في الفضائل المشتركة أيضاً.

الفضيلة الأولى:

في أنّه سيد شباب أهل الجنّة:

قال ابن كثير في «البداية والنهاية»: قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن ربيع بن سعد عن أبي سابط(2)، قال: «دخل حسين بن علي المسجد فقال جابر بن عبد الله: من أحبّ أنْ ينظر إلى سيـّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى هذا، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم»(3).

____________

(1) مجمع الزوائد: 9/177، دار الكتب العلمية، بيروت.

(2) في «السير» و «مسند أبي يعلى»: «عبد الرحمن بن سابط» وليس «أبا سابط».

(3) البداية والنهاية: 8/225، مؤسسة التاريخ العربي.


الصفحة 182
ورواه الذهبي في «السير» أيضاً عن «مسند أحمد»(1).

قال محقق «السيّر»: «ذكره الهيثمي في «المجمع» 9/187، ونسبه إلى أبي يعلى وليس لأحمد، وقال: رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد وهو ثقة»(2).

أقول: ما نقله أبو يعلى وأخذه عنه الهيثمي في «المجمع» يختلف قليلاً عما هو في «مسند أحمد» بحسب ما نقل الذهبي وابن كثير، فقد أخرج أبو يعلى بسندهِ عن ابن نمير عن أبيه عن الربيع بن سعد عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر، قال: «من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي، فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقوله»(3).

ويظهر أنّهما رواية واحدة والله العالم.

وعلى كل حال، فقد مرّ في الفضائل المشتركة، أنّه تواتر النقل عن الرسول (صلى الله عليه وآله) في أنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة.

الفضيلة الثانية:

في أنّه من الرسول وأنّ الرسول منه:

أخرج الترمذي بسنده إلى يعلى بن مرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «حسينٌ مني وأنا من حسين»(4).

____________

(1) سير أعلام النبلاء: 3/282 ـ 283، مؤسسة الرسالة.

(2) المصدر نفسه: 3/282 ـ 283.

(3) مسند أبي يعلى: 3/397، دار المأمون للتراث. وانظر «مجمع الزوائد»: 9/187، دار الكتب العلمية، بيروت.

(4) سنن الترمذي: 5/324، دار الفكر.