الصفحة 235

الفصل الخامس



السادس من أئمة أهل البـيت
الصادق
جعفر بن محـمد عليه السلام





الصفحة 236

الصفحة 237

نافذة إلى معرفة الإمام (عليه السلام)

نفسٌ طاهرة زاكية، سمت نحو العلي الأعلى فأشرقتْ تنير على الأفق صفحات خالدة من القيم والمبادئ والأخلاق والمكارم والعلوم المحمدية المباركة.

تلك هي نفس إمامنا جعفر بن محمّد الصادق الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه حتى قال أبو حنيفة: «ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد»(1).

فقد انتشر اسمه في البلدان ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وتمتع بأخلاق دمثة نبويـّة ومكارم هاشمية ضاهت السماء علوّاً فكان ولازال بحراً زاخراً تنهل البشرية من نبعه النقي الصافي وتغترف من جوده العلمي وتسمو نحو الكمال بالاستقاء من صفاته المشرقة التي تحمل عطر النبوّة وفيض الرسالة الخالد.

فكان ـ بحق ـ مفخرة من مفاخر الإنسانية ومعجزة من معاجز الدنيا الباقية على مرّ العصور وعبر الأجيال والدهور، جمعَ الفضائل كلّها وحاز المكارم أجمعها وملأ الدنيا بفيض علومه النيـّرة.

فلنتجول مع قرائنا الكرام ونرى ما سطّرت الأقلام حول تلك الشخصية المباركة ملتزمين بما نقله علماء وأعلام أهل السنّة..

وقبل أنْ نشرع في سرد كلماتهم، نُقدِّم للقارئ الكريم إلمامة سريعة بحياته (عليه السلام) فنقول:

____________

(1) أرسله الصفدي إرسال المسلّمات في «الوافي بالوفيات»: 11 / 127، دار النشر فرانز شتايز، شتوتغارت.


الصفحة 238
ـ هو الإمام جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

ـ أمّه، أمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، كانت من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء أهل زمانها(1)، وفيها قال إمامنا الصادق (عليه السلام): «كانت أمي ممن آمنت واتّقت وأحسنت والله يحب المحسنين»(2).

ـ ولد (عليه السلام) بالمدينة المنوّرة سنة ثلاث وثمانين من الهجرة (83 هـ)(3)، وكان ميلاده مقترناً بذكرى ولادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في السابع عشر من شهر ربيع الأول(4).

ـ كنيته أبو عبد الله، وله ألقاب أشهرها الصادق ومنها الصابر والفاضل والطاهر(5).

ـ تسلّم إمامة المسلمين عند وفاة أبيه الباقر (عليه السلام) في سنة (114 هـ)، وكان له من العمر أحدى وثلاثون سنة.

ـ عاصر في أيام إمامته خمسة من حكّام بني أمية واثنين من حكّام بني العباس.

أما حكّام بني أمية فهم: هشام بن عبد الملك، الوليد بن يزيد بن عبد

____________

(1) عيون المعجزات: 85.

(2) أصول الكافي للكليني: 1 / 545، دار التعارف للمطبوعات.

(3) الإرشاد للمفيد: 2 / 179، مؤسسة آل البيت.

(4) انظر «الدروس» للشهيد الأول: 2 / 12، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين.

(5) انظر «مطالب السؤول»: 2 / 111، مؤسسة أمّ القرى.


الصفحة 239
الملك، يزيد بن الوليد بن عبد الملك، إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك، مروان بن محمد بن مروان بن الحكم المعروف بمروان الحمار.

وأما حكّام بني العباس فهما: أبو العباس السفاح، أبو جعفر المنصور.

ـ كان الإمام (عليه السلام) علماً بارزاً متفوقاً على جميع أهل العلم والفضيلة وازدهرت في عصره جامعة العلوم الإسلامية وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل(1).

وقال الحسن بن علي الوشاء: «أدركتُ في هذا المسجد ـ أي مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كلّ يقول: حدثني جعفر بن محمد»(2).

ـ ولكثرة ما روي عنه وما بيـّنه (عليه السلام) من إصولٍ وفروعٍ لمذهب أهل البيت، سمّي هذا المذهب بـ (المذهب الجعفري) نسبة إلى اسمه الشريف.

ـ رحل إمامنا الصادق (عليه السلام) في شوّال سنة (148 هـ)(3)، بعد جهاد فكري عقائدي مرير، ومعاناة شديدة من حكّام الجور، خصوصاً من أبي جعفر المنصور.

ـ دفن (عليه السلام) في مقبرة البقيع مع أبيه وجده وعمّه الحسن (عليهم السلام)(4).

____________

(1) انظر «الإرشاد» للشيخ المفيد: 2 / 179، مؤسسة آل البيت.

(2) رجال النجاشي: 40، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين.

(3) الإرشاد للمفيد: 2 / 180، مؤسسة آل البيت.

(4) المصدر نفسه: 2/180.


الصفحة 240

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة:

نستعرض فيما يلي جانباً من كلمات علماء وأعلام أهل السنة وهي تشيد بمقام الإمام الصادق (عليه السلام):

1 ـ الإمام أبو حنيفة النعمان: (ت: 150 هـ):

روي عنه أنّه قال: ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمد، لمّا أقدمه المنصور الحيرة، بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة إنّ الناس قد فتنوا بجعفر بن محمّد فهيـّئ له من مسائلك تلك الصعاب، قال فهيـّأتُ له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلتُ عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرتُ بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمتُ وأذِن لي، فجلستُ ثم التفت إلى جعفر، فقال يا أبا عبد الله تعرف هذا، قال نعم، هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا. ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله وابتدأت أسأله وكان يقول في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعاً حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخبرت منها مسألة، ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس»(1).

____________

(1) رواه المزّي في تهذيب الكمال: ج 5، ص 79، مؤسسة الرسالة.

والذهبي في سير أعلام النبلاء: ج 6، ص 257 ـ 258، مؤسسة الرسالة وغيرهم، واللفظ الذي أوردناه منقول من «التهذيب».


الصفحة 241
وفي «مختصر التحفة الاثني عشرية» أنه قال: «لو لا السنتان لهلك النعمان»(1). يعني السنتين اللتين انتهل فيهما أبو حنيفة من بحر علم الإمام الصادق (عليه السلام).

قال الحافظ شمس الدين محمد بن محمّد الجزري: «وثبتَ عندنا أنّ كلاً من الإمام مالك، وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى، صحب الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق حتى قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه منه، وقد دخلني منه من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور»(2).

2 ـ الإمام مالك بن أنس (ت: 179 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ولقد كنتُ أرى جعفر بن محمد وكان كثير الدعابة والتبسّم فإذا ذُكِرَ عنده النبيّ صلى الله عليه وسلّم اصفرَّ، وما رأيته يُحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلاّ على طهارة، ولقد اختلفتُ إليه زماناً، فما كنت أراه إلاّ على ثلاث خصال إما مصلياً وإما صامتا(3)، وإما يقرأ القرآن، ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان من العلماء والعبّاد الذين يخشون الله عزّ وجلّ»(4).

____________

(1) مختصر التحفة الاثني عشرية: 9، المطبعة السلفية، القاهرة.

(2) أسنى المطالب في مناقب سيدنا علي بن أبي طالب: 55.

(3) هذا حسب كتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض ولعلّ الأصحّ صائماً كما ذكره ابن حجر في التهذيب.

(4) نقل كلامه القاضي عياض في «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»: 2 / 42 طبع دار الفكر، ونقل قريباً من ذلك ابن حجر العسقلاني في «تهذيب التهذيب»: 2/70، دار الفكر.


الصفحة 242

3 ـ الإمام أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ):

علّق الإمام أحمد بن حنبل على سندٍ فيه الإمام علي الرضا عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن الرسول الأكرم صلوات الله عليهم أجمعين قائلاً: «لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنته»(1).

4 ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت: 250 هـ):

قال في رسائله عند ذكر الجواب عمّا فخرت بهِ بنو أُميّة على بني هاشم، ما نصّه: «فأما الفقه والعلم والتفسير والتأويل، فإن ذكرتموه لم يكن لكم فيه أحد وكان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب... وجعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه. ويُقال إنّ أبا حنيفة مِن تلامذته وكذلك سفيان الثوري، وحسبك بهما في هذا الباب...»(2).

كما أنّه مدح عشرة من أهل البيت من ضمنهم الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: «وَمنِ الذي يُعَدُّ مِنْ قريش أومن غيرهم ما يَعُدُّه الطالبيون عشرة في نَسَق، كل واحد منهم عالمٌ زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون:

ابن ابن ابن ابن، هكذا إلى عشرة، وهم الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر [الصادق] بن محمد بن علي بن الحسين

____________

(1) أورده ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة»: 310، دار الكتب العلمية.

(2) رسائل الجاحظ: 106، جمعها ونشرها حسن السندوبي، المكتبة التجارية الكبرى، مصر.


الصفحة 243
بن علي (عليهم السلام)؛ وهذا لم يتفق لبيتٍِ من بيوت العرب ولا من بيُوت العجم»(1).

5 ـ الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي (ت: 261 هـ):

قال في «معرفة الثقات»: «جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ولهم شيء ليس لغيرهم، خمسة أئمة...»(2).

6 ـ محمّد بن إدريس، أبو حاتم الرازي (ت: 277 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «جعفر بن محمد ثقةٌ لا يُسألُ عن مثله»(3).

7 ـ عبد الرحمان بن أبي حاتم محمّد بن إدريس الرازي (ت: 327 هـ):

قال في كتابه «الجرح والتعديل»: «جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله كرّم الله وجهه... روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، والثوري وشعبة ومالك وابن إسحاق وسليمان بن بلال وابن عيينة وحاتم وحفص، سمعتُ أبي يقول ذلك».

ثم نقل بعض مدائح وتوثيقات العلماء للإمام كتوثيق الشافعي وابن معين وأبي عبد الرحمان وأبي زرعة، مقرّاً لهم على ذلك بدلالة عدم تعليقه على كلماتهم، خصوصاً أنّ كتابه موسوم بالجرح والتعديل(4).

____________

(1) المصدر نفسه: 109.

(2) معرفة الثقات: 1 / 270، مكتبة الدار، المدينة المنورة.

(3) نقله ولده الرازي في «الجرح والتعديل»: 2 / 487، دار الفكر، والذهبي في «تذكرة الحفّاظ»: 1 / 166، نشر مكتبة الحرم المكّي، وغيرهما.

(4) انظر «الجرح والتعديل»: 2 / 487، دار الفكر.


الصفحة 244

8 ـ محمد بن حبان بن أحمد، أبو حاتم التميمي البستي (ت: 354هـ):

قال في كتابه «الثقات»: «جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم، كنيته أبو عبد الله، يروي عن أبيه، وكان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً، روى عنه الثوري ومالك وشعبة والناس...»(1).

9 ـ عبد الله بن عدي الجرجاني (ت: 365 هـ):

قال عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ولجعفر بن محمد حديث كبير عن أبيه عن جابر وعن أبيه عن آبائه، ونسخاً لأهل البيت برواية جعفر بن محمد وقد حدّث عنه من الأئمة مثل ابن جريج وشعبة بن الحجاج وغيرهم... وجعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين»(2).

10 ـ أبو عبد الرحمان السلمي (ت: 412 هـ):

قال في «طبقات المشايخ الصوفية»: «جعفر الصادق (عليه السلام) فاق جميع أقرانه من أهل البيت وهو ذو علم غزير في الدين وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وأدب كامل في الحكمة»(3).

____________

(1) الثقات: 6 / 131، طبع مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، الهند.

(2) الكامل في الضعفاء: 2، 134، دار الفكر.

ونقله ابن حجر بلفظ قريب من ذلك في «تهذيب التهذيب»، 2 / 69 واللفظ المذكور من كتاب التهذيب.

(3) ذكره محمد الخواجة البخاري في «فصل الخطاب» ونقله عنه القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة»: 2 / 457، منشورات الشريف الرضي، المصوّرة على الطبعة الحيدرية.


الصفحة 245

11 ـ أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني (ت: 428 هـ):

قال في «رجال مسلم»: «جعفر بن محمّد الصادق... وكان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً»(1).

12 ـ أبو نعيم الأصبهاني (ت: 430 هـ):

قال في «حلية الأولياء» عند ترجمة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): «.. الإمام الناطق، ذو الزمام السابق، أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع، وآثر العزلة والخشوع، ونهى عن الرئاسة والجموع»(2).

13 ـ محمد بن طاهر بن علي المقدسي (ت: 507 هـ):

قال في كتابه «الجمع بين رجال الصحيحين»: «جعفر بن محمد الصادق، وهو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي (رضي الله عنهم) يكنى أبا عبد الله... وكان من سادات أهل البيت... روى عنه عبد الوهاب الثقفي، وحاتم بن إسماعيل، ووهيب بن خالد، وحسن بن عيّاش، وسليمان بن بلال، والثوري، والداروردي ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحفص بن غياث، ومالك بن أنس، وابن جريج...»(3).

14 ـ أبو الفتح محمّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت: 548 هـ):

قال في «الملل والنحل»: «جعفر بن محمد الصادق، هو ذو علم غزير وأدب كامل في الحكمة وزهد في الدنيا وورع تام عن الشهوات وقد أقام

____________

(1) رجال مسلم: 1 / 120، دار المعرفة.

(2) حلية الأولياء: 3 / 176، دار إحياء التراث العربي.

(3) الجمع بين رجال الصحيحين: 1 / 70، دار الكتب العلمية.


الصفحة 246
بالمدينة مدة يُفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرض للإمامة قط، ولا نازع في الخلافة أحداً، ومَنْ غرق في بحر المعرفة لم يقع في شط ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط»(1).

15 ـ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي (ت: 597 هـ):

قال في تاريخه «المنتظم» عند ذكر وفيات سنة (148 هـ): «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله جعفر الصادق... كان عالماً زاهداً عابداً...»(2).

وقال في كتابه «صفة الصفوة»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، يكنى أبا عبد الله، أمّه أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصديق.

كان مشغولاً بالعبادة عن حبّ الرياسة...»(3).

16 ـ أبو سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني (ت: 562 هـ):

قال في كتاب «الأنساب»: «الصادق: بفتح الصاد، وكسر الدال المهملتين، بينهما الألف وفي آخرها القاف، هذهِ اللفظة لقب لجعفر الصادق، لصدقه في مقاله...»(4).

____________

(1) الملل والنحل: 1 / 166، دار المعرفة.

(2) المنتظم: 8 / 110 ـ 111، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.

(3) صفة الصفوة: 2 / 168، عند ذكر الطبقة الخامسة من أهل المدينة، رقم 186، دار المعرفة.

(4) الأنساب: 3 / 507، دار الجنان، بيروت.


الصفحة 247

17 ـ الفخر الرازي، محمّد الرازي فخر الدين بن ضياء الدين عمر المشتهر بخطيب الري (ت: 604 هـ):

قال في تفسيره عند ذكره معاني كلمة (الكوثر): «والقول الثالث (الكوثر) أولاده، قالوا لأن هذهِ السورة إنّما نزلت ردّاً على من عابه عليه السلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنّه يعطيه نسلاً يبقون على مرّ الزمان فانظر كم قُتل من أهل البيت، ثمّ العالم ممتلئ منهم. ولم يبقَ من بني أميّة في الدنيا أحد يُعبأ به، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا»(1).

18 ـ عزّ الدين، ابن الأثير الجزري (ت: 630 هـ):

قال في «اللباب في تهذيب الأنساب»: «الصادق... هذهِ اللفظة تُقال لجعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهو المشهور بالصادق، لُقّبَ به لصدقه في مقاله وفعاله... ومناقبه مشهورة»(2).

19 ـ محمّد بن طلحة الشافعي: (ت: 652 هـ):

قال في كتابه «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول»: «هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جمة، وعبادة موفرة، وأوراد متواصلة، وزهادة بينة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن، ويستخرج من بحر جواهره، ويستنتج عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات، بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تُذكر الآخرة، واستماع كلامه يُزهد في الدنيا، والاقتداء

____________

(1) تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب: مجلد 16/ ج32/ 125، دار الفكر.

(2) اللباب في تهذيب الأنساب: 2 / 3، دار الفكر، طبعة جديدة ومنقّحة بإشراف مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر.


الصفحة 248
بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنّه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع أنّه من ذريّة الرسالة.

نقل عنه الحديث، واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وشعبة، وأيوب السجستاني وغيرهم (رض) وعدّوا أخذهم عنه منقبة شُرِّفوا بها وفضيلة اكتسبوها» إلى أن قال: «وأما مناقبه وصفاته، فتكاد تفوت عدد الحاصر، ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر، حتى أن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عدد الإحاطة بحكمها، تُضاف إليه وتروى عنه.

وقد قيل إنّ كتاب الجفر الذي بالمغرب ويتوارثه بنو عبد المؤمن هو من كلامه عليه السلام، وإنّ في هذهِ المنقبة سنيـّة، ودرجة في مقام الفضائل عليّة، وهي نبذة يسيرة مما نقل عنه»(1).

20 ـ يوسف بن فرُغلي بن عبد الله سبط ابن الجوزي (ت: 654 هـ):

قال في «تذكرة الخواص»: «وهو جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب... ويلقّب بالصادق، والصابر، والفاضل، والطاهر وأشهر ألقابه الصادق» ثم ذكر قول علماء السّير بأن الإمام الصادق: كان قد اشتغل بالعبادة عن طلب الرياسة».

ونقل قول عمرو بن أبي المقدام وهو: «كنتُ إذا نظرت إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنه من سلالة النبيين».

____________

(1) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 2 / 111، مؤسسة أمّ القرى.


الصفحة 249
كما ذكر طرفاً من أخباره وإرشاداته ومكارم أخلاقه(1).

21 ـ ابن أبي الحديد المعتزلي (ت: 655 هـ):

نقل في كتابه «شرح نهج البلاغة» نصّ ما تقدم ذكره عن أبي عثمان الجاحظ، مقرّاً له عليه(2).

وقد ذكر في نفس الفصل أيضاً عند تطرقه لذكر الإمام الباقر (عليه السلام) ما نصه: «وهو سيـّد فقهاء الحجاز ومنه ومن ابنه جعفر تعلّم الناس الفقه»(3).

22 ـ أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي (ت: 676 هـ):

قال في «تهذيب الأسماء واللغات»: «الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم الهاشمي المدني الصادق... روى عنه محمّد بن إسحاق ويحيى الأنصاري ومالك والسفيانان وابن جريج وشعبة ويحيى القطان وآخرون. واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته قال عمر بن أبي المقدام: كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمّد علمتُ أنه من سلالة النبيين»(4).

23 ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان (ت: 681 هـ):

قال في كتابه «وفيات الأعيان»: «أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد

____________

(1) تذكرة الخواص: 307، مؤسسة أهل البيت، بيروت، لبنان.

(2) شرح نهج البلاغة: 15 / 274 و278، دار الكتب العلمية، المصوّرة على طبعة دار إحياء الكتب العربية.

(3) المصدر نفسه: 277.

(4) تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 155، دار الفكر.


الصفحة 250
الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين، أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وكان من سادات أهل البيت، ولُقّب بالصادق لصدقه في مقالته، وفضله أشهر من أن يُذكر. وله كلام في صناعة الكيمياء والزجر والفأل(1) وكان تلميذه أبو موسى جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي قد ألّف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق وهي خمسمائة رسالة...

توفي في شوّال ثمان وأربعين ومائة بالمدينة، ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمّد الباقر وجده عليّ زين العابدين وعمّ جده الحسن بن علي، رضي الله عنهم أجمعين، فللّه درّه من قبر ما أكرمه وأشرفه..»(2).

24 ـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ):

قال في «تذكرة الحفّاظ»: «جعفر بن محمّد بن علي بن الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي الإمام أبو عبد الله العلوي المدني الصادق أحد السادة الأعلام... وثّقه الشافعي ويحيى بن معين. وعن أبي حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد، وقال أبو حاتم: ثقة لا يُسأل عن مثله. وعن صالح بن أبي الأسود سمعت جعفر بن محمّد يقول سلوني قبل أن تفقدوني فأنه لا يحدّثكم أحد بعد بمثل حديثي، وقال هياج بن بسطام: كان جعفر الصادق يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء، قلتُ [أي الذهبي]: مناقبُ هذا السيد

____________

(1) انظر التنبيه في آخر هذا الفصل.

(2) وفيات الأعيان: 1 / 307، دار الكتب العلمية.