الصفحة 357

الفصل الحادي عشر



الثاني عشر من أئمة أهل البـيت
المهدي المنتظر
محـمد بن الحسن عليه السلام





الصفحة 358

الصفحة 359

المهدوية في الفكر الإسلامي ـ نظرة موجزة ـ

من المسائل التي اجتمعت عليها كلمة المسلمين، هي مسألة ظهور المهدي في آخر الزمان، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

فمسألة المهدوية ـ وأنّ هناك رجلاً من عترة النبي (صلى الله عليه وآله) سيظهر في آخر الزمان ويقيم دولة الحق الإلهية ويملأ أرجاء المعمورة بالعدل، الذي حُرِمت منه البشرية قروناً متمادية ـ تُعدُّ من المسائل الضرورية المتفق عليها بين علماء المسلمين، وما إنكارها إلاّ جهل وضلالة، وانحراف، عن خطوط الإسلام الصريحة وتكذيب للرسول محمّد (صلى الله عليه وآله).

والروايات الشريفة متواترة في هذا الباب، مضافاً لصحة الكثير من طرقها على ما صرّح به علماء المسلمين.

وحيثُ إنّ المسألة ألّفت فيها الكتب العديدة وصارت على مستوى بيّن أجلى من الشمس في رابعة النهار؛ لذا لا نرى ضرورة للخوض في إثبات هذهِ المسألة الضرورية، لكننا إتماماً للفائدة ارتأينا أن نذكر شطراً من كلمات العلماء، وجملة من الروايات الدالة على ذلك:

فقد قال الحافظ أبو الحسن الآبري (ت: 363 هـ): «قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، في المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى عليه الصلاة والسلام يخرج فيساعده على قتل الدجّال، وأنه يؤم هذهِ الأمة

الصفحة 360
وعيسى خلفه في طول من قصته وأمره»(1).

وقال القرطبي في تفسيره عند التعرض للآية (33) من سورة التوبة: «وقيل: المهدي هو عيسى فقط، وهو غير صحيح، لأنّ الأخبار الصحاح قد تواترت على أنّ المهدي من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلا يجوز حمله على عيسى...»(2).

ونقل الكتاني القول بالتواتر عن جماعة منهم الحافظ السخاوي، ومحمّد بن أحمد السفاريني الحنبلي، ومحمّد بن علي الشوكاني وغيرهم(3).

وذهب هو إلى ذلك أيضاً حيث قال: «والحاصل أنّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى بن مريم عليهما السلام»(4).

هذا نزرٌ يسير من أقوال العلماء في تواتر روايات المهدي (عليه السلام)، أما الروايات فنذكر جملة مختصرة منها:

ما أخرجه أحمد في «مسنده» بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، قال: ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملؤها قسطاً

____________

(1) نقل قوله ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: 7/133، دار الفكر.

(2) الجامع لأحكام القرآن: 8/113، دار الكتاب العربي.

(3) نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 228، دار الكتب السلفية، مصر.

(4) المصدر نفسه: 229.


الصفحة 361
وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً»(1).

وأخرجه ابن حبان(2) والحاكم(3) وغيرهم.

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي(4) ووافقهما الشيخ الألباني بقوله: «وهو كما قالا»(5).

وفي «مجمع الزوائد» عن أبي سعيد الخدري قال: «قال رسول الله صلى الله وسلّم: أبشّركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحاً، قال له رجل ما صحاحاً، قال بالسوية بين الناس ويملأ الله قلوب أمة محمّد صلى الله عيله وسلّم غناء ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً فينادي فيقول من له في مال حاجة فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيقول أنا فيقول: إئت السدان يعني الخازن فقل له إنّ المهدي يأمرك أنْ تعطيني مالاً فيقول له احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول كنتُ أجشع أمة محمّد نفساً أو عجز عني ما وسعهم قال فيرده فلا يقبل منه فيقال له: إنّا لا نأخذ شيئاً أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده أو قال ثم لا خير في الحياة بعده»(6).

____________

(1) مسند أحمد: 3/36، دار صادر.

(2) صحيح ابن حبان: 15/236، مؤسسة الرسالة.

(3) المستدرك على الصحيحين: 4/557، دار المعرفة.

(4) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: 4/557، دار المعرفة.

(5) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 4/39 ـ 40، حديث (1529)، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(6) نقلنا النص من «مسند أحمد»: 3/37، دار صادر.


الصفحة 362
قال الهيثمي: «رواه الترمذي وغيره باختصار كثير ورواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات»(1).

وأخرج أبو داود في «سننه» بسندهِ إلى أمّ سلمة، قالت: «سمعتُ رسول الله صلى الله عيله وسلّم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة»(2).

وأخرجه ابن ماجة في «سننه»(3) والحاكم في «المستدرك»(4) وغيرهم قال الشيخ الألباني: «هذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات وله شواهد كثيرة»(5).

وقال محقق «سير أعلام النبلاء»: «سنده جيّد»(6).

وأحاديث المهدي كثيرة جداً، وقال بصحتها جمع من أكابر المحدثين.

قال الشيخ الألباني بعد أنْ ذكر تصحيح خمسة من كبار أئمة الحديث وهم: الترمذي، والذهبي، والحاكم، وابن حبان، وابن تيمية، ما نصّه: «فهؤلاء خمسة من كبار أئمة الحديث قد صحّحوا أحاديث خروج المهدي ومعهم أضعافهم من المتقدمين والمتأخرين أذكر أسماء من تيسر لي منهم:

1 ـ أبو داود في «السنن» بسكوته على أحاديث المهدي.

____________

(1) مجمع الزوائد: 7/313، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

(2) سنن أبي داود: 2/310، دار الفكر، بيروت.

(3) سنن ابن ماجة: 4/154، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(4) المستدرك على الصحيحين: 4/557، دار المعرفة.

(5) سلسلة الأحاديث الضعيفة: 1/181، مكتبة المعارف، وقد جاء به هنا رداً على الحديث الموضوع «المهدي من ولد العباس عمي».

(6) سير أعلام النبلاء: 10/663، مؤسسة الرسالة.


الصفحة 363
2 ـ العقيلي.

3 ـ ابن العربي في «عارضة الأحوذي».

4 ـ القرطبي كما في «أخبار المهدي» للسيوطي.

5 ـ الطيبي كما في «مرقاة المفاتيح» للشيخ القارئ.

6 ـ ابن قيم الجوزية في «المنار المنيف» خلافاً لمن كذب عليه.

7 ـ الحافظ ابن حجر في «فتح الباري».

8 ـ أبو الحسن الآبري في «مناقب الشافعي» كما في «فتح الباري».

9 ـ الشيخ علي القارئ في «المرقاة».

10 ـ السيوطي في «العرف الوردي».

11 ـ العلامة المباركفوري في «تحفة الأحوذي».

وغيرهم كثير وكثير جداً»(1).

إذن، فلا كلام في ظهور المهدي المنتظر في آخر الزمان ليقيم دولة الحق الإلهي؛ لذا ارتأينا أن يكون فصلنا هذا مختلفاً عمّا تقدم من الفصول من إثبات كلمات المدح والثناء على أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وسنصب الكلام هاهنا على مسألة الولادة، التي صارت محلاً للأخذ والرد عند الأخوة من أهل السنة.

وقد ذهبت الشيعة الإمامية الاثنا عشرية إلى أنّ المهدي المنتظر قد ولد

____________

(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: 4/41، في تعليقه على حديث «1529»، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.


الصفحة 364
وهو محمّد بن الحسن العسكري (عليه السلام)، وهو حي غائب عن الأبصار، ويوافقهم في ذلك جمٌ غفير من علماء أهل السنة.

وقبل الخوض في هذه المسألة نقدم تعريفاً مختصراً عن الإمام محمّد بن الحسن العسكري (عليه السلام) بعنوان:


الصفحة 365

نافذة إلى معرفة الإمام (عليه السلام)

ـ هو محمد المهدي بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب عليهم جميعاً سلام الله.

ـ ولد (عليه السلام) بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة [15 / شعبان / 255هـ](1).

ـ أمه (عليه السلام) يُقال لها نرجس(2). وكفاها فخراً وشرفاً انها ولدت منقذ البشرية مهدي آل محمد (عليه السلام).

ـ يُلقّب سلام الله عليه بالمهدي، والحجةو والخلف، والمنتظر، والقائم و... ويكنى بأبي القاسم(3).

ـ تسلّم إمامة المسلمين عند وفاة أبيه العسكري (عليه السلام) في سنة (260هـ) وكان له من العمر خمس سنوات.

ـ بدأت غيبته الصغرى (عليه السلام) في نفس اليوم الذي توفي فيه أبوه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وهو يوم الثامن من شهر ربيع الأول لسنة (260هـ).

ـ دامت فترة الغيبة الصغرى مدة (69سنة) نصّب خلالها الإمام سفراء بينه وبين أتباعه، ومواليه، وهم أربعة على التوالي:

____________

(1) إعلام الورى للطبرسي: 2/214، مؤسسة آل البيت.

(2) الإرشاد للمفيد: 2/340، مؤسسة آل البيت.

(3) سيتضح ذلك عند مراجعة الأقوال الآتية في ولادته (عليه السلام).


الصفحة 366
الأول: الشيخ الموثوق به أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري رحمه الله.

الثاني: الشيخ الموثوق به أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رحمه الله.

الثالث: الشيخ الموثوق به أبو القاسم الحسين بن روح رحمه الله.

الرابع: الشيخ الموثوق به أبو الحسن علي بن محمد السمري رحمه الله(1).

ـ انتهت فترة الغيبة الصغرى بوفاة السفير الرابع في سنة (329هـ)(2).

ـ سمّيت تلك الحقبة بالغيبة الصغرى لأن الناس كانت تتمكن من الاتصال بالإمام عن طريق هؤلاء السفراء.

ـ كانت وظيفة هؤلاء السفراء الأربعة تلقي الأسئلة من الأتباع مكتوبة ورفعها إلى الإمام (عليه السلام).

وكان الإمام (عليه السلام) يوقع بالإجابة عن السؤال على الورقة المكتوب عليها السؤال؛ ولذا سميت بالتوقيعات.

وقد ذكر الشيخ المجلسي في كتابه بحار الانوار (جـ53، ص150 ـ 198) كثيراً من تلك التوقيعات، عنونها بـ: باب «ما خرج من توقيعاته (عليه السلام)».

ـ عند وفاة السفير الرابع بدأت الغيبة الكبرى وهي مستمرة حتى يأذن الله له بالظهور.

____________

(1) انظر «الغيبة» للشيخ الطوسي: 353 ـ 393، مؤسسة المعارف الإسلامية.

(2) انظر «الغيبة» للشيخ الطوسي: 393 ـ 394،.مؤسسة المعارف الإسلامية.


الصفحة 367

ولادة الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنة:

أجمعت الشيعة الإمامية على ولادة المهدي المنتظر وأنه الإمام محمّد بن الحسن العسكري ثاني عشر أئمة أهل البيت، فالأئمة عندهم ـ حسبما نص النبي (صلى الله عليه وآله) ـ إثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم المهدي المنتظر.

وقد ذهب جمٌ غفير من علماء وأعلام أهل السنّة إلى عين ما تقول به الشيعة الإمامية؛ من ولادة المهدي المنتظر؛ وأنه محمد بن الحسن العسكري، لكنّه غائب عن الأنظار، بينما اكتفى فريقٌ آخر بذكر ولادة محمد بن الحسن مع إنكار مهدويته أو السكوت عن ذلك، ويظهر من هؤلاء الذهاب إلى ولادة المهدي في آخر الزمان، ويلزم من كلامهم خلوّ الأرض من إمام وحجة في هذهِ الفترة الطويلة من الزمان، وهو خلاف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» المتواتر في مضمونه(1) عند الفريقين والدال على وجود إمام في كل عصر وزمان.

وسيتضح للقارئ أن جُلّ من قال بولادة محمد بن الحسن ـ عجل الله فرجه الشريف ـ من المنكرين أو الساكتين عن مهدويته لم يقل بوفاته، بل التزم الصمت إزاء ذلك سوى البعض الذين تكهنوا بوفاته رجماً بالغيب، وسيأتي كلامهم في محله إن شاء الله تعالى.

____________

(1) إذ أن الحديث ورد بألفاظ مختلفة تعطي مضموناً واحداً، فانظر على سبيل المثال: «كمال الدين وتمام النعمة» للصدوق: 309، مؤسسة النشر الإسلامي، و «صحيح ابن حبان»: 10/434، مؤسسة الرسالة و «مسند أبي داود»: 259، دار الحديث ـ بيروت، و «السنة» لابن أبي عاصم بتحقيق الألباني: 489، المكتب الإسلامي.


الصفحة 368
وهذا بنفسه دليل يؤكد ما تقوله الشيعة من أن الإمام ـ سلام الله عليه ـ حيُّ غائب عن الأنظار.

ثم إن البعض ممن زاغت أبصارهم وعموا في طغيانهم، راحوا ينكرون ولادة محمد بن الحسن مُدعين أن الحسن العسكري مات من غير عقب! ولا شك في أن ذلك كان محاولة بائسة؛ لدحض عقيدة الاثني عشرية بادعاء أن الاثني عشرية لا ثاني عشر عندهم!!!

وليس هذا الفصل في واقعه إلاّ رداً على هذهِ الفرية الخاوية التي حاول أصحابها طمس النّور الإلهي المشرق، ولكن أنّى للظلام أنْ يُطفئ جذوة النور وأنّى للباطل أنْ ينتصر على الحق. وإذا كانت جولة الباطل ساعة، فصولة الحق إلى قيام الساعة.

فتعال ـ عزيزي القارئ ـ وانظر إلى فيوض الرحمن، وأبصر بعينيك كلمات القوم المتظافرة الدالة على ولادته (عليه السلام)، فإنها ردّ قاطع على كل مَنْ عميتْ بصيرته وسولت له نفسه أن يُحرّف الحقيقة ويُدنس قلمه بأكاذيب مفضوحة.

ولأجل أنْ تكون الرؤية واضحة عند قارئنا العزيز ارتأينا أن نقسم الأقوال إلى قسمين: يتضمن الأول طائفة من أقوال علماء وأعلام أهل السنة، الذاهبين إلى ولادة محمد بن الحسن المنكرين لمهدويته أو الساكتين عن ذلك. ويتضمن الثاني طائفة من أقوال علماء وأعلام أهل السنّة، الذاهبين إلى ولادة محمد بن الحسن وأنه المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليه.

وواضح أن نقطة الاشتراك بين الطائفتين تتركز في أنهما يتفقان على ولادته الشريفة.


الصفحة 369

القسم الأول
طائفة من أقوال علماء وأعلام أهل السنة الذاهبين إلى ولادة
محمد بن الحسن (عليه السلام) المنكرين لمهدويته أو الساكتين عن ذلك

1 ـ ابن الأزرق الفارقي (ت: بعد 577 هـ)(1).

ذكر في تاريخه «تاريخ ميّا فارقين»: «إنّ الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقيل ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الأصح...»(2).

2 ـ شهاب الدين، أبو عبد الله، ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت: 626هـ):

قال في كتابه» معجم البلدان» عند ذكره لمدينة عسكر سامراء: «... وهذا العسكر ينسب إلى المعتصم، وقد نسب إليه قوم من الأجلاء، منهم علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، يكنى أبا الحسن الهادي

____________

(1) نقل قوله ابن خلكان من دون أن يشير إلى اسمه. وقد ورد في كتب التراجم أن هناك شخصين يحملان هذه الكنية أحدهما عبد الله بن محمد بن عبد الوارث الفارقي المتوفى سنة (590هـ) على ما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون وتبعه رضا كحالة عليه، «معجم المؤلفين 6/130»، والثاني أحمد بن يوسف بن علي المتوفى بعد سنة (577 هـ) على ما ذكره صاحب «الأعلام»، «الأعلام: 1/273». لكن بعد التحقيق والمتابعة عثرنا على جزء من كتاب تاريخ ميافارقين لأحمد بن يوسف بن الأزرق بتحقيق الدكتور بدوي عبد اللطيف عوض أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية أصول الدين ومدير جامعة الأزهر، حيث صرّح في مقدمته بأن ابن خلكان ينقل عن هذا التاريخ في مواضع عدة وذكر منها المورد المذكور، فيتعين على هذا أن مراد ابن خلكان هو أحمد بن يوسف، والأمر سهل.

(2) نقل قوله ابن خلّكان في «وفيات الأعيان»: 4/30 ـ 31، دار الكتب العلمية.


الصفحة 370
ولد بالمدينة ونقل إلى سامرا وابنه الحسن بن علي ولد بالمدينة أيضاً، ونقل إلى سامرا فسميا بالعسكريين لذلك، فأما علي فمات في رجب سنة 254، ومقامه بسامرا عشرين سنة. وأما الحسن فمات بسامرا أيضاً سنة (260هـ) ودفنا بسامرا وقبورهما مشهورة هناك ولولدهما المنتظر هناك مشاهد معروفة»(1).

3 ـ ابن الأثير الجزري (ت: 630 هـ):

قال في كتاب «الكامل في التاريخ» في حوادث سنة (260هـ): «وفيها توفي أبو محمد العلوي العسكري، وهو أحد الأئمة الاثني عشر، على مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر...»(2).

4 ـ أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم المعروف بابن خلّكان: (ت: 681 هـ):

قال في «وفيات الأعيان» تحت عنوان الحجة المنتظر: «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية، المعروف بالحجة، وهو الذي تزعم الشيعة أنه المنتظر والقائم والمهدي... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه... كان عمره خمس سنين، واسم أمه خمط، وقيل نرجس... وذكر ابن الأزرق في «تاريخ ميـّافارقين» أن الحجة المذكور ولد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان

____________

(1) معجم البلدان: ج 5 ـ 6، ص328، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي.

(2) الكامل في التاريخ: 7/274، دار الفكر للطباعة والنشر.


الصفحة 371
وخمسين ومائتين، وقيل في ثامن شعبان، وهو الأصح..»(1).

5 ـ المؤرخ الشهير أبو الفداء عماد الدين اسماعيل بن علي (ت: 732 هـ):

قال في تاريخه «المختصر في تاريخ البشر» عند ذكره لوفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في أحداث سنة (254هـ): «والحسن العسكري المذكور هو والد محمد المنتظر صاحب السرداب، والمنتظر ثاني عشرهم ويلقّب أيضاً القائم والمهدي والحجة، ومولد المنتظر سنة خمس وخمسين ومائتين»(2).

6 ـ المؤرخ الشهير شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 هـ):

قال في «تاريخ الإسلام» عند ترجمته للإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين، عاش بعد أبيه سنتين ثم عُدم، ولم يعلم كيف مات...»(3).

وقال في «العبر في خبر من غبر» في وفيات سنة (265هـ): «وفيها [أي توفي] محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني أبو القاسم، الذي تلقبه الرافضة: الخلف، الحجة، وتلقبه بالمهدي وبالمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر، وضلال الرافضة ما عليه مزيد، فإنهم يزعمون

____________

(1) وفيّات الأعيان: 4/31 ـ 32، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

(2) المختصر في أخبار البشر: مجلد1، جـ2، ص45، مكتبة المتنبي، القاهرة.

(3) تاريخ الإسلام: 19/113 حوادث السنوات (251هـ ـ 260هـ)، دار الكتاب العربي.


الصفحة 372
أنه دخل السرداب الذي بسامراء فاختفى وإلى الآن. وكان عمره لمّا عُدِم تسع سنين أو دونها»(1).

ولا بأس أن نقف قصيراً مع كلمات الذهبي هذه، ولا نريد أن نناقش فرية السرداب التي يعرف بطلانها كل متحرر من قيود الحقد واللؤم، ولكن نريد من شيخ الإسلام الذي ما انفك يرمينا بالضلالة والخرافة، أن يتحفنا ويذكر لنا كيف توفي الإمام الحجّة فلماذا لم يعلم كيف مات، وليته يدلنا على قبره الشريف، فهذهِ قبور آبائه كلها معروفة معلومة، فكيف ضاع قبره مع أنه من تلك السلالة المباركة الذين أوجب الله محبتهم على عباده في محكم كتابه؟!

ألم يقرّ الذهبي بأنه ولد؟!.

ألم يقر بأنه عُدِم؟!.

فكيف جاز له أن ينسب إليه الموت، أليس هذهِ شهادة على العدم لا تصح عند الجميع، فكيف صحّت عند الذهبي؟!.

7 ـ زين الدين عمر بن المظفر المعروف بابن الوردي (ت: 749 هـ):

قال في تاريخه عند ذكره لوفاة الحسن العسكري في أحداث سنة (260هـ): «والحسن العسكري والد محمد المنتظر صاحب السرداب، والمنتظر ثاني عشرهم ويلقّب أيضاً القائم والمهدي والحجة، ومولد المنتظر سنة خمس وخمسين ومائتين»(2).

8 ـ صلاح الدين، خليل بن أيبك الصفدي (ت: 764 هـ):

____________

(1) العبر: 1/381، دار الكتب العلمية.

(2) تاريخ ابن الوردي: 1/319.


الصفحة 373
قال في كتابه «الوافي بالوفيات» عند ترجمته للإمام الحسن العسكري (عليه السلام): «وأما ابنه محمد الحجة الخلف الذي تدعيه الرافضة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل ست وخمسين، عاش بعد أبيه سنتين، ومات. عُدِمَ ولم يعلم كيف مات...»(1).

وعين ماتقدم من التعليق على كلام الذهبي يأتي هنا.

9 ـ الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852هـ):

قال في «لسان الميزان» عند ترجمته لجعفر الكذاب: «... أخو الحسن الذي يقال له العسكري، وهو الحادي عشر من الأئمة الإمامية ووالد محمد صاحب السرداب...»(2).

10 ـ نور الدين عبد الرحمان بن أحمد بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي (ت: 898 هـ):

قال في كتابه «شواهد النبوة» ماترجمته: «هو الإمام الثاني عشر، كنيته أبو القاسم وتلقبه الإمامية بالحجة والقائم والمهدي والمنتظر وصاحب الزمان، وهو عندهم خاتم الاثني عشر إماماً وانهم يزعمون أنه دخل السرداب الذي في سر من رأى وأمه تنظر إليه، فلم يخرج إليها وذلك في سنة خمس وستين ومائتين، وقيل في سنة ست وستين ومائتين وهو الأصح. فاختفى إلى الآن على زعمهم. أمه أم ولد يقال لها صيقل وقيل سوسن وقيل نرجس وقيل غير

____________

(1) الوافي بالوفيات: 12/113، دار النشر، فرانز شتايز، شتوتغارت.

(2) لسان الميزان: 2/119، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.