الصفحة 352

وأقبل الليث لا يلويه خوف ردىبادي البشاشة كالمدعوّ للنعم
يبدو فيغدر صميم الجمع منصدعاًنصفين ما بين مطروح ومنهزم

ورثاه العلاّمة الشيخ محسن آل الشيخ خضر المتوفّى حوالي سنة 1303 هـ:


فللّه زينب إذ تستغيثأبا الفضل يا كهف عزّي المهابا
ويا ليث قومي إذا الخطب نابوكشّرت الحرب سناً ونابا
أتتركني نصب عين العدوتنتهب القوم رحلي انتهابا
وللّه مقولها إذ تقولينشعب القلب منه انشعاباً
عذرتك يا ابن أبي فالحميمبكفّيه يحمي إذا الخطب نابا
فشلّت أكفّ علوج برتيمينك إذ يسلبوني النقابا
وذاب عمود حديد رماكوأخطأ سهم حشاك أصابا

ورثاه شاعر أهل البيت في عصره السيّد حيدر الحلّي المتوفّى سنة 1304 هـ، وهي مثبتة في ديوانه مطلعها:


حلولك في محلّ الضيم داماوحدّ السيف يأبى أن نضاما


الصفحة 353
ورثاه العلاّمة السيّد جعفر الحلّي المتوفّى سنة 1315 هـ، وقد أبدع فيها وهي مثبتة في ديوانه المطبوع في صيدا وفي منير الأحزان والدرّ النضيد مطلعها:


وجه الصباح عليَّ ليل مظلموربيع أيّامي عليَّ محرّم

وفي ص99 وص153 وص150 ذكرنا أبياتاً منها.

ورثاه الحاجّ محمّد رضا الأزري ومطلعها:


أوما أتاك حديث وقعة كربلاءإنّي وقد بلغ السماء قتامها

طبعت في منير الأحزان للعلاّمة الشيخ شريف الجواهري، وفي الدرّ النضيد.

ورثاه الإمام الحجّة الشيخ محمّد حسن كاشف الغطاء أدام اللّه ظلّه(1):


أبا صالح إنّ العزا لمحرّمومنكم بنو الزهراء استحلّ به الدم
لكم بين أضلاعي مواقد لوعةبذكر رزاياكم تشبّ وتضرم
تزاحم في فكري إذا رمت عدّهارزاياكم الجلى فأبكى وأوجم
وما أنس من شيء فلا أنس وقعةتهدّ لها السبع الطباق وتهدم

____________

(1) نقلتها من كتاب سوانح الأفكار في منتخب الأشعار تأليف الفاضل المهذّب الخطيب السيّد محمّد جواد شبّر.


الصفحة 354

وقد جدّدت حزني ولم يك مخلقاًغداة استهلت أدمعي والمحرم
أصاب بها من كربلا قلب أحمدوقلب عليّ والبتولة أسهم
غداة بنوه الغرّ في نصر دينهسرت ونهار العدل بالحور مظلم
بفتيان صدق في الحفيظة يممتركاب العلى في ظعنهم حيث يمموا
تطالع أقماراً بهم وأهلةإذا أسفروا في موكب وتلثّموا
وإن صرت الهيجاء ناباً تراهمأسوداً فأفياء الضبا تتأجّم
وإن فلّ حدّ السيف أمضاه عزمهمبأمضى شبا منهم فلا يتكتّم
وتهوي المنايا للهوان كأنّماالمنايا لها دون الدنيّة مغنم
ميامين يوم السلم لكن يومهمعلى من دنا بالشؤم منهم لأشأم
قد أدرعوا درعاً جديداً وأخّروامن الصبر أقوى منه نسجاً وأحكم
وما راع جيش الكفر إلاّ عصابةحداها من الإيمان جيش عرمرم


الصفحة 355

حجازيّة نحو العراق ومنجدثناها باجواز الفيافي ومتّهم
بأجسامها في عرصة الطفّ عرّستوأرواحها في عالم القدس عوم
تضاحك بشراً بالمنون كأنّماالحياة عذاب والمنون تنعم
وترقص شوقاً للّقاء قلوبهاإذا أخذت في ذكرها تترنّم
وإن بزغ النور الإلهي بينهاترى البدر حفّت فيه بالسعد أنجم
لقد ثبتوا للذبّ عنه بموقفيشيب به طفل القضاء ويهرم
وتذهل أملاك السماء لوقعهوبذبل منه يذبل ويلملم
ولمّا قضوا في حلبة المجد حقّهاوحقّ لها نحو الجنان التقدّم
تهاووا فقل زهر النجوم وتهافتتوأهووا فقل شمّ الرواسي تهدّم
بحرب على أعوان حرب قد انكفىصواعق من قرع الأسنّة تضرم
تعثر فيه بالجماجم خيلهموأجسامهم للطير والوحش مطعم


الصفحة 356

وتعبس من خوف وجوه أميّةإذا كرّ (عباس) الوغى يتبسّم
أبو الفضل تأبى غيره الفضل والإباأباً فهو أما عنه أو فيه يرسم
عليم بتأويل المنيّة سيفهنزول على من بالكريهة معلم
ويمضي إلى الهيجاء مستقبل العدىبماضي به أمر المنيّة مبرم
وإن عاد ليل الحرب بالنقع أليلافيوم عداه منه بالشرّ أيوم
وإن سمع الأطفال تصرخ للظماتصارخ منه الجحفل المتضمّم
وصال عليهم صولة الليث مغضباًيحمحم من طول الطوى ويدمدم
وراح لورد المستقى حامل السقاوأصدر عنه وهو بالماء مفهم
ومذ خاض نهر العلقمي تذكّرالحسين فولّى عنه والريق علقم
وأضحى ابن ساقي الحوض سقا ابنأحمد يروي عطاشا المصطفى الطهر إن ظموا
ولمّا أبى منك الإباء تأخّراًوأنّ أبا الفضل الذي يتقدّم


الصفحة 357

بهم حسمت يمناك ظلما ولمأخل يمين القضا في صارم الشرك تحسم
وإنّ عمود الفضل يخسف هامهعمود حديد للضلالة يدعم
وحين هوى أهوى إليه شقيقهيشقّ صفوف المخلدي ويحطّم
فألفاه مقطوع اليدين معفّراًيفور من مخسوف هامته الدم
فقال: أخي قد كنت كبش كتيبتيوجنّة بأس حين أدهى وأدهم
فمن ناقع حرّ القلوب من الظماومن دافع شرّ العدى يوم تهجم
ومن يكشف البلوى ومن يحمل اللواومن يدفع اللأوي ومن يتقحّم
رحلت وقد خلّفتني يا بن والديأغاض بأيدي الظالمين وأهضم
أحاطت بي الأعداء من كلّ جانبولا ناصر إلاّ سنان ولهذم
فما زال ينعاه ويندب عندهإلى أن أفاض البقعة الدمع والدم
وأقبل محنيّ الضلوع إلى النسايكفكف عنها الدمع والدمع يسجم


الصفحة 358

ولاحت عليه للرزايا دلائلتبين لها لكنّه يتكتّم
وأقدم فرداً للكريهة ليثهاوسبعون ألفاً عنه في الكرّ أحجموا
فتحسب عزرائيل صاح بسيفهعليهم ففرّوا من يديه وأُهزموا
وقل غضب الجبّار دمدم صاعقاًبمنحوس ذياك الوجود وأُعدموا
ولمّا أعاد البرّ بحراً جوادهالسفين به لكنّما الموج عندم
نمت عزمه البقيا عليه فما انثنواورقّ على من لا يرقّ ويرحم
وقام لسان اللّه يخطب واعظاًفصمّوا لمّا عن قدس أنواره عموا
وقال انسبوني من أنا اليوم وانظرواحلالا لكم منّي دمي أم محرّم
فما وجدوا إلاّ السهام بنحرهتراش جواباً والعوالي تقوم
ومذ أيقن السبط انمحى دين جدّهولم يبق بين الناس في الأرض مسلم
فدى نفسه في نصرة الدين خائضاًعن المسلمين الغامرات ليسلموا


الصفحة 359

وقال خذيني يا حتوف وهاك ياسيوف فأوصالي لك اليوم مغنم
وهيهات أن أغدوا على الضيم حائماًولولي على جمر الأسنّة مجثم
وكرّ وقد ضاق الفضا وجرى القضاوسال بوادي الكفر سيل عرمرم
ومذ خرّ بالتعظيم للّه ساجداًله كبّروا بين السيوف وعظّموا
وجاء إليه الشمر يرفع رأسهفقام به عنه السنان المقوم
وزعزع عرش اللّه وانحط نورهفأشرق وجه الأرض والكون مظلم
ومذمال قطب الكون مال وأوشكانقلاباً يميل الكائنات ويعدم
وحين ثوى في الأرض قرّ قرارهاوعادت ومن أوج السما وهي أعظم
فلهفي له فرداً عليه تزاحمتجموع العدى تزداد جهلا فيحلم
لهفي له ضام يجود وحولهالفرات جرى طام وعنه يحرم
ولهفي له ملقى وللخيل حافريجول على تلك الضلوع وينسم


الصفحة 360

ولهفي على أعضاك يا بن محمّدتوزّع في أسيافهم وتسهم
فجسمك ما بين السيوف موزّعورحلك ما بين الأعادي مقسّم
فلهفي على ريحانة الطُهر جسمهلكلّ رجيم بالحجارة يرجم

وللعلاّمة الشيخ محمّد حسين الإصفهاني (قدس سره) المتوفّى سنة 1361 هـ ذي الحجّة:


أبو الإباء وابن بجدة اللقارقى من العلياء خير مرتقى
ذاك أبو الفضل أخو المعاليسلالة الجلال والجمال
شبل علي ليث غابة القدمومن يشابه أبه فما ظلم
صنو الكريمين سليلي الهدىعلماً وحلماً شرفاً وسؤددا
وهو الزكي في مدارج الكرمهو الشهيد في معارج الهمم
وارث من حاز مواريث الرسلأبو العقول والنفوس والمثل
وكيف لا وذاته القدسيّةمجموعة الفضائل النفسيّة


الصفحة 361

عليه أفلاك المعالي دائرةفإنّه قطب محيط الدائرة
له من العلياء والمآثرما جلّ أن يخطر في الخواطر
وكيف وهو في علوّ المنزلةكالروح من نقطة باء البسملة
وهو قوام مصحف الشهادةتمّت به دائرة السعادة
وهو لكلّ شدّة ملمّةفإنّه عنقاء قاف الهمّة
وهو حليف الحقّ والحقيقةوالفرد في الخلقة والخليقة
وقد تجلّى بالجمال الباهرحتّى بدا سرّ الوجود الزاهر
غُرّته الغرّاء في الظهورتكاد أن تغلب نور الطور
رقى سماء المجد والفخاربالحقّ يدعى قمر الأقمار
بل في سماء عالم الأسماءكالقمر البازغ في السماء
بل عالم التكوين من شعاعهجلّ جلال اللّه في إبداعه


الصفحة 362

سرّ أبيه وهو سرّ الباريمليك عرش عالم الأسرار
أبوه عين اللّه وهو نورهابه الهداية استناء طورها
فإنّه إنسان عين المعرفةمرآتها لكلّ اسم وصفة
ليس يد اللّه سوى أبيهوقدرة اللّه تجلّت فيه
فهو يد اللّه وهذا ساعدهتغنيك عن إثباته مشاهده
فلا سوى أبيه للّه يدولا سواه لأبيه عضد
له اليد البيضاء في الكفاحوكيف وهو مالك الأرواح
يمثّل الكرّار في كرّاتهبل في المعاني الغرّ من صفاته
صولته عند النزال صولتهلولا الغلوّ قلت جلّت قدرته
هو المحيط في تجوّلاتهونقطة المركز في ثباته
سطوته لولا القضاء الجاريتقضي على العالم بالبوار


الصفحة 363

وواسم المنون حدّ مفردهوالفرق بين الجمع من ضرب يده
بارقة صاعقة العذاببارقة تذهب باللباب
بارقة تحصد في الرؤوستزهق بالأرواح والنفوس
واسى أخاه حين لا مواسيفي موقف يزلزل الرواسي
بعزمة تكاد تسبق القضاوسطوة تملأبالرعب الفضا
دافع عن سبط نبيّ الرحمةبهمّة ما فوقها من همّة
بهمّة من فوق هامة الفلكولا ينالها نبيّ أو ملك
واستعرض الصفوف واستطالاعلى العدا ونكّس الأبطالا
لفّ جيوشَ البغي والفسادبنشر روح العدل والرشاد
كرّ عليهم كرّة الكرّارأوردهم بالسيف ورد النار
آثر بالماء أخاه الضاميحتّى غدا معترض السهام