مقدمة المركز:

المولّف


الشيخ محمد جواد بن حسن بن طالب بن عباس بن إبراهيم بن حسين بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي.

ولد في العراق في النجف الأشرف سنة 1282هـ. في بيت من أقدم البيوتات النجفية وأعرقها في العلم والفضل والأدب.

نشأ في مدينة النجف الأشرف، ودرس المقدمات فيها، ثمّ سافر إلى مدينة الكاظمية سنة 1306هـ ليستمر في طلبه للعلم فيها.

وفي سنة 1312هـ عاد إلى النجف الأشرف، فحضر على الشيخ محمد طه نجف والشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ الآخوند محمد كاظم الخراساني والسيد محمد الهندي.

هاجر إلى سامراء عام 1326هـ فحضر درس الميرزا محمد تقي الشيرازي ـ زعيم الثورة العراقية ـ عشر سنين، وألف فيها عدّة كتب، وغادرها عند احتلاها من قبل الجيش الانجليزي إلى الكاظمية، فمكث بها سنتين، مؤازراً للعلماء في الدعاية للثورة ومحرّضاً لهم على طلب الاستقلال.

ثمّ عاد إلى النجف الأشرف، وواصل نشاطه في التأليف، فكان من أولئك الندرة الأفذاذ الذين أوقفوا حياتهم وكرّسوا أوقاتهم لخدمة الدين، فلم يُرَ إلاّ وهو يجيب على سؤال، أو يحرّر رسالة يكشف فيها ما التبس على المرسِل من شك. أو يؤلّف كتاباً.


الصفحة 6
وقف قبال النصارى وأمام تيار الغرب الجارف، فمثّل لهم سمّو الإسلام على جميع الملل والأديان، حتى أصبح له الشأن العظيم والمكانة المرموقة بين علماء النصارى وفضلائها.

كما تصدّى للفرقة المنحرفة ـ كالبابية والقاديانية والوهابية والإلحادية وغيرها ـ فكتب في ردّهم ودحض شبهاتم عدّة رسائل.

بلغ في خلوص نيّته بمكان، حتى أنه كان لا يرضى أن يوضع اسمه على تأليفه عند طبعها، وكان يقول: إني لا أقصد إلاّ الدفاع عن الحق، لا فرق عندي بين أن يكون باسمي أو باسم غيري.

وما كان لله ينمو، حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يكون اسمه ناراً على علم، وبلغت شهرته أقاصي البلاد، حتى أن أعلام أوربا كانوا يفزعون إليه في المسائل العويصة.

كان يجيد اللغات العبرانية والفارسية والانجليزية، بالإضافة إلى لغته العربية، ولذلك برع في الرد على أهل الكتاب ودحض أباطيلهم وكشف خفايا دسائسهم.

وكان مع عظيم مكانته في العلم وتفقّهه في الدين، أدبياً كبيراً وشاعراً مبدعاً، له نظم سلس ومتين أكثره في أهل البيت(عليهم السلام) ورثائهم، وبعضه في الردود الدينية.

ومع كل هذه المكانة العلمية، فإنه كان متواضعاً للغاية، يقضي حاجاته بنفسه، ويختلف إلى الأسواق بشخصه لابتياع ما يلزمه.

ألف الكثير من الكتب والرسائل في مختلف العلوم، حيث اشتهرت مؤلّفاته بالدقة والعمق، نذكر المطبوع منها:

1 ـ الهدى إلى دين المصطفى في الرد على النصارى.

2 ـ الرحلة المدرسية، في الرد على اليهود والنصارى.

3 ـ التوحيد والتثليث، في الرد على النصارى.


الصفحة 7
4 ـ المسيح والأناجيل، في الرد على النصارى.

5 ـ نور الهدى، في الرد على شبهات وردت من لبنان.

6 ـ البلاغ المبين، في الإلهيات.

7 ـ أنوار الهدى، في الرد على الطبيعيين والماديين وشبهاتهم الالحادية.

8 ـ نصائح الهدى، في الرد على البابية.

9 ـ دعوى الهدى إلى الورع في الأفعال والفتوى، في إبطال فتوى الوهابيين بهدم قبور البقيع.

10 ـ رسالة في الرد على الوهابية.

11 ـ قصيدة في معارضة قصيدة ابن سينا العينية في النفس.

12 ـ قصيدة في جواب القصيدة البغدادية في إثبات وجود الإمام المهدي(عليه السلام).

13 ـ داروين وأصحابه.

14 ـ نسمات الهدى.

15 ـ أجوبة المسائل البغدادية، في أصول الدين.

16 ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن.

17 ـ رسالة في وضوء الإمامية وصلاتهم وصومهم، طبعت باللغة الانجليزية فقط.

18 ـ تعليقه على مباحث البيع من كتاب المكاسب.

19 ـ العقود المفصّلة في حلّ المسائل المشكلة، وهي 14 عقداً في الفقه وأصوله.

20 ـ رسالة في البداء.

توفي رضوان الله عليه ليلة الاثنين 22 من شعبان سنة 1352هـ، ودفن في الحجرة الثالثة الجنوبية من طرف مغرب الصحن الشريف لمرقد الإمام

الصفحة 8
أمير المؤمنين(عليه السلام).

الكتاب

سفر قيّم على صغر حجمه إلاّ أن محتواه يغني الباحث والمتتبع، فهو يعدّ مصدراً أساسياً لكل من يريد أن يقتحم هذا الميدان وهو ثمرة ناضجة مدلاّة لمن رام قطافها.

صنّف أساساً للرد على أربعة كتب وضعها النصارى مشحونة بالافتراءات على الإسلام فدحضها، وعرض في ثانيا فقراته تحريفات العهدين الرائجين، ومخالفتهما للشرع والعقل.

كل ذلك بأسلوب قوي متين، فهو على اختصاره سهل ممتنع يبرز مقام المؤلّف الشامخ.

طبع هذا الكتاب لأول مرّة في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1345هـ، وترجم إلى اللغة الفارسية وطبع في مدينة النجف الأشرف أيضاً سنة 1346هـ، وطبع في مدينة قم المقدسة سنة 1412هـ، بإعداد السيد محمد علي الحكيم.

هذا وقد اعتمدنا في طبعتنا هذه على نفس الطبعة التي قام بتحقيقها السيد محمد علي الحكيم. مع الاقتصار على متن الكتاب، وإضافة العناوين في المتن ووضعها بين معقوفين [ ]. كما استفدنا في مقدمتنا هذه من مقدمة السيد محمد علي الحكيم لكتاب التوحيد والتثليث للبلاغي.

مركز الأبحاث العقائدية
فارس الحسون   


الصفحة 9

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله محقّ الحقّ الهادي إلى الصواب، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين نبيّ الهدى، والداعي إلى سبيل ربّه بالحكمة الموعظة الحسنة، وعلى آله الطيبين، وصحبه المنتجبين، والعاقبة للمتّقين.

وبعد،

فإني في هذه السنين وجدت جِدّ المبشرين من النصارى واجتهادهم بالدعوة ونشر الكتب في جميع النواحي، مستمدين من نشاط أمّتهم في بذل الأموال الطائلة في هذا السبيل.

فحداني حب العلم إلى النظر في هذه الدعوة وهذه الكتب المنثورة كقطر المطر، لكي أرى قيمتها في هذا الجدّ وذاك النشاط;

الصفحة 10
وحصل لي من كتب المبشرين:

  • كتاب الهداية، بمجلّداته الأربعة المطبوعة في مصر بمعرفة المرسلين الأمريكان، كما هو مكتوب عليها.

  • وكتاب هاشم العربي.

  • وكتاب رحلة الغريب بن العجيب.

  • وكتاب ثمرة الأماني.

    وحصل لي معها كتب العهدين، وهي:

  • كتب العهد القديم التي ينسبها اليهود والنصارى إلى الوحي الإلهي والنبوّات.

  • وكتب العهد الجديد التي ينسبها النصارى إلى الوحي الإلهي والنبوّات.

    ومجموع العهدين يكون ستة وستّين كتاباً.

    فأخذت بكلتا يديّ التحقيق والإنصاف، ومشيت بينهما جنباً لجنب، فتصفّحت كتب المبشرين، وأمعنت النظر في كتب العهدين، مرّة بعد مرّة، فاعترضني في ذلك مواقف موحشة، ومناظر مدهشة، فبعثني حبّ الخير للبشر، والتشرّف بخدمة الهدى والاستقامة، على أن أجرّد من كل صنّف من تلك المواقف والمناظر كُتيّباً صغيراً، أقدّمه لطالبي الاطلاع على أعمال البشر

    الصفحة 11
    والنظر في الاُمور التاريخية وأحوال الإنسان.

    وبدأت مما فيها بما يعود إلى الكذب، وسمّيت هذا الكُتّب المخصّص لذلك: أعاجيب الأكاذيب، فاقرأ فيه وتعجّب..


    الصفحة 12

    الصفحة 13

    استلفات


    هل يخفى على أحد ما في الكذب من المنقصة الخسيسة، والسقوط الرذيل، والوبال والخزي ( ولعـذاب الآخرة أخـزى )(1).

    قال الله تعالى في سورة النحل، في الآية الخامسة بعد المائة: ( إنّما يَفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ) المعتادون بخيانتهم على الكذب وإن كنت لا تلتفت إلاّ إلى قليل من كذبهم وافترائهم.

    وفي سورة الزمر، في الآية الثانية والثلاثين: ( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوىً للكافرين ).

    وفي الآية الستّين: ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ).

    ____________

    1- سورة فصلت 41: 16. (م).


    الصفحة 14
    وفي التوراة الرائجة: " لا تكذبوا "(1) وفي كتاب الأمثال لسليمان: "المتكلّم بالأكاذيب يهلك" (2) " كراهة الله شفتا كذب " (3).

    وفي الأصحاح الثامن من إنجيل يوحنّا، في العدد الرابع والأربعين، في وصف إبليس، ما هذا نصّه: "لأنّه كذّاب وأبو الكذّاب ".

    إذن فاقرأ ـ ويا للأسف ـ ما نذكره هنا في الأعداد من الأكاذيب المهولة الفظيعة، وانظر مصادرها الموحشة فيما ذكرنا من الكتب، وقد تركنا كثيراً من ذلك حبّاً للاختصار.

    وها هي الأكاذيب المشار إليها في ضمن أعداد، فانظر واعتبر ياذا الرشد والشرف..

    ____________

    1- لا [أي: سفر اللاويّين] 19: 11.

    2- أم [أي: أمثال سليمان] 19: 9.

    3- أم [أي: أمثال سليمان] 12 22.


    الصفحة 15

    (1)
    [رد أكذوبة أنّ القرآن يقول:
    إن هارون عبد العجل]


    في كتاب "ثمرة الأماني" المطبوع بالمطبعة الإنگليزية الأمريكانية ببولاق مصر سنة 1911، قال في صحيفة 79:

    "إنّ القرآن يقول: إن هارون عَبَدَ العجلَ حينما كان أخوه موسى على الجبل" انتهى.

    ويا للعجب! أين يقول القرآن ذلك؟! وأي قرآن يقول ذلك؟!

    أليس القرآن يقول في الآية التسعين والحادية والتسعين من سورة طه: ( ولقد قال لهم هارون(1) من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين ).

    فانظر كيف يبرّئ القرآن هارون من عبادة العجل والمساعدة عليها، واعرف مقدار التقحّم في الكذب في كتاب " ثمرة الأماني ".

    ____________

    1- أي: قال هارون لعبدة العجل.


    الصفحة 16
    ولعل الأيام قد خبّـأت ـ لمصادمة الحقائق بالكذب ـ كتاباً آخر ينسب إلى التوراة ما ذكرناه من القرآن في براءة هارون من شرك العجل، وينسب بأمانته للقرآن ما ذكرته التوراة في سفر الخروج في الأصحاح الثاني والثلاثين، من العدد الأوّل إلى السابع، ما حاصله:

    إن بني إسرائيل قالوا لهارون: اصنع لنا آلهة ; فأخذ منهم أقراط الذهب وصنعها لهم عجلا مسبوكاً، فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل ; فلما رأى هارون إقبالهم على عبادة العـجل بنى أمامه مذبحاً لعبادته بالقرابين والمحرّقات ونادى: غداً حجّ للرب، فبكّروا في الغد وأصعدوا في عبادة العجل محرّقات، وقدّموا ذبائح سلامة.


    الصفحة 17

    (2)
    [رد أُكذوبة أن القرآن يقول:
    إنّ داود أخذ نعجة أخيه]


    وقال أيضاً كتاب "ثمرة الأمانيّ" في صحيفة 87:

    " إنّا نقرأ في القرآن أنّ داود أخذ نعجة أخيه" انتهى.

    ويا للعجب! أين يذكر القرآن ذلك؟!

    وها هو القرآن يذكر مسألة النعجة بين الخصمين اللّذين اختصما إلى داود، فقال من الآية الحادية والعشرين إلى الثالثة والعشرين من سورة ص: ( وهل أتيك نبؤُا الخصمِ إذْ تَسَوَّروا المحراب * إذ دخلوا على داودَ ففزع منهم قالوا لاتخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب ).

    فالقرآن يقول: إن أحد الخصمين سأل من الذي له نعجة واحدة أن يعطيها إيّاه، ولم يقل: إن أحد الخصمين أخذها ; فكيف يقال: إنّا نقرأ في القرآن أن داود أخذ نعجة أخيه؟! فيا للعجب ما هو ذنب الصدق والأمانة؟!

    وإنا نشكر كتاب "ثمرة الأماني" حيث لم ينسب للقرآن ما

    الصفحة 18
    ذكرته كتبهم التي ينسبونها إلى الوحي الإلهي كما في الأصحاح الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني، إذ ذكر ما حاصله:

    إن داود عشق امرأة أوريا الحثيّ المجاهد الناصح، وأتى بها وهو يعرف أنها محصنة وأمرأة أوريّا، فزنى بها وحملت منه، فأرسل على أوريا لكي يدخل على امرأته ويواقها فيلتصق به ذلك الحمل الزنائي. ولكن أوريا ذلك المؤمن الكامل المجاهد، أبى أن يستريح إلى بيته مع أن المؤمنين في متاعب الجهاد، بل رجع إلى الجهاد فسعى داود في قتله، فقتل مجاهداً صابراً، فأخذ داود امرأته!!

    حاشا أنبياء الله من ذلك.


    الصفحة 19

    (3)
    [ردّ أُكذوبة أنّ القرآن يقول:
    إن إبراهيم كان عابد وثن]


    وقال أيضاً كتاب "ثمرة الأمانيّ" صحيفة 78، فيما ادّعى أنه يقرأ من القرآن:

    "وإن إبراهيم كان عابد وثن" انتهى وياللعجب! ولا عجب من بعض الناس، أين يذكر القرآن ذلك؟!

    أو ليس قد تكرر في القرآن أن إبراهيم ما كان من المشركين، فانظر إلى سورة البقرة الآية 135(1)، وآل عمران 67 و95(2)، والأنعام 161(3)، والنحل 120 و 123 (4).

    ____________

    1- ونصّها: ( وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ). (م).

    2- ونصهما: ( مَاكَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ). و( قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ ).(م).

    3- ونصها: ( قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم ديناً قِيَماً ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ).

    4- ونصّهما: ( إن إبراهيم كان أُمّة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ) و ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ).

        وانظر: صفحة 125 في فصل: "ملحق من بعض ما تركناه" فهناك تتمة هذا الموضوع. (م).


    الصفحة 20

    (4)
    [ردّ النهي عن الإكثار من ذكر الله
    وتسبيحه وتمجيده وتهليله]


    وإن كتاب "ثمرة الأمالي" في صحيفة 83 و84 يعيب على المسلمين إكثارهم لذكر الله، وينسب إلى التوراة النهي عن تكرار اسم الله في عبادته، وتشبّث لذلك بقول بعض التراجم في العدد السابع من الأصحاح العشرين من سفر الخروج:

    "لا تنطق باسم الله إلهك باطـلا، لأن الله لا يبرّئ من نطـق باسمه باطلا".

    والترجمة الصحيحة هكذا: "لا تقصد اسم الله إلهك بسوء فإن الله لا يبرّئ من قصد اسمه بسوء".

    ويا للعجب! هل في هذا الكلام نهي عن الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتمجيده وقول لا إله إلاّ الله؟! وهل ينسب ذلك إلى هذا الكلام إلاّ من يتعمّد الكذب؟ فلماذا يكّذب "ثمرة الأماليّ" على التوراة لغرضه الفاسد؟!


    الصفحة 21

    (5)
    [ردّ مزعمة أن القرآن ودين الإسلام اُمور
    صبيانية وخرافات]


    ويقول كتاب "ثمرة الأمانيّ" أيضاً في الصحيفة الثالثة معرضاً بالقرآن ودين الإسلام، زاعماً أنها:

    "اُمور صبيانية، وخرافات وضلالات منسدلة على أصل التوحيد، وملتفّة عليه منذ اثني عشر قرناً" انتهى.

    ويا للعجـب! أيها القارئ، هلّم واحضـر العهد القـديم والجـديد والقرآن، ونقرؤها ونجعل الحكم للوجدان الحرّ، والتوحيد الحقيقي المعقول، والأخلاق الفاضلة، والمدنية، والتعاليم الكريمة ثمّ ننظر هل في القرآن خرافات صبيانية وضلالات؟!

    نعم، فيه قوله تعالى في سورة النساء، الآية 171: ( ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ) وفي هذه الآية أنوار من الحقيقة ساطعة يعشو عنها التثليث البرهميّ والبوذي، وما هناك من أوهام الأقانيم وتجسد الإله وتعدد الآلهة والأرباب، ودع كتاب "ثمرة الأماني" يكذب على دين الإسلام ويفتري!


    الصفحة 22

    (6)
    [كشف التلاعب والتحريف في التوراة
    العبرانية وزيادة لفظتي (أتى) و(أياماً) فيها]


    وهذا هاشم العربي، في الصحيفة الحادية عشر من الطبعة الأولى، في تذييله المستقلّ لتعريبه لمقالة "سايل" في الإسلام... وهذا الغريب بن العجيب، في الصحيفة السابعة والتسعين من كتاب رحلته الحجازية; كلاهما قالا فيما أشرنا إليه من كتابيهما ما نصّه ولفظه:

    "وأيضاً ورد في التكوين أن إسماعيل لمّا مات أبوه أتى فدفنه".

    فهذان الداعيان إلى الديانة النصرانية قد زادا على التوراة لفظ (أتى) لكي يتشبثّا بهذه الزيادة الكاذبة لترويج غرض لهما فاسد، مع أن هذه الزيادة لا تساعدهما على غرضها!

    وهل يخفى أن لفظ (أتى) لا يوجد في هذا المقام، ولا هو ولا ما في معناه، لا في التوراة العبرانية ولا في تراجمها!

    وهذا نصّ الموجود في الأصل العبراني، في العدد الثامن والتاسـع مع الأصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين، المسمى في العبرانية: " برئشـيت ": " ويمت إبراهام بشيبه طوب

    الصفحة 23
    زقن وشبع وياسف آل عميو وبقبر واتّو يصحق ويشمعئل بنيوال معرت همكفلة" انتهى.

    وترجمته الحرفية: "ومات إبراهيم بشيبة صالحة وشبعان وانضم إلى قومه وقبره إسحاق وإسماعيل ابناه في مغارة المكفلة".

    ولعل القارئ يقول: إن كـل الذي رأيناه من تراجم التوراة تقول في هذا المقام: " شيخاً وشبعان أيّاماً " مع أنه لا يوجد في الأصل العبراني ولا حواشيه لفظ (أيّاماً) فلماذا لا تجعل زيادة لفظ (أياماً) من الكذب العام على التوراة؟

    فنقول: إنه يمكن أن تكون التراجم زادت لفظ (أيّاماً) من أجل سوء الفهم للتوراة، وقصداً لإصلاح خللها، ولم يفطن المترجمون إلى أن المعنى أن إبراهيم مات شيخاً وشبعان، أي مثرياً ليس بفقير..

    ولعل القارئ يقول أيضاً: كيف يتصرّفون بتوارتهم بالإصلاح؟! فهل يقولون: إنها نزلت على موسى ناقصة معيبة وهم يصلحونها؟!!

    فنقول: قد وقع منهم مثل هذا في كتب وحيهم كثيراً، وزادوا في التراجم على خصوص أسفار التوراة الخمسة مقدار ستين كلمة، وطبعت هذه الزيادات في بعض الطبعات بحرف صغير إشارة إلى زيادتها على الأصل...


    الصفحة 24
    ولعل القارئ يسأل ويقول: ما حال هذه الزيادات؟

    فنقول: إنّ بعضها إصلاح لغلط التوراة العبرانية، وبعضها من الخطأ في فهم المعنى!


    الصفحة 25

    (7)
    [الردّ على قول النصارى أنّ الله لما
    يبارك ويقدّس اليوم السابع]


    وهذه الجمعية التبشيرية، جمعية كتاب " الهداية " الذي طبع على أجزائه أنه طبع بمعرفة المرسلين الأمريكان، قد قالت في الجزء الرابع من " الهداية " في صحيفة 174، في السطر الرابع ما لفظه ونصّه هكذا:

    "إنّ الله لم يقل في التوراة: وبارك الله اليوم السابع وقدّسه".

    ويا للعجب من هذا اللفيف من المبشرين والمرسلين الأمريكان كيف يقولون هكذا؟! وكيف يقتحمون هذا الاقتحام؟! وها هي توراتهم تصيح في سفر التكوين، في الأصحاح الثاني في العدد الثالث، وتقول ما نصّه: "وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدّسه"!

    ولعلّ القارئ يقول: هذا اللفيف من الجمعية والمرسلين الأمريكان كيف أنكروا وجود هذا الكلام في التوراة؟! وكيف كتبوا إنكارهم هذا وطبعوه ونشروه بالحماسة والافتخار؟!

    فأقول: لعلهم يظنّـون أنه ليس في المسلمين من ينظر إلى توراتهم فيفطن إلى هذا الاختلاس!


    الصفحة 26

    (8)
    [ردّ أُكذوبة مراعاة القرآن الكريم
    للسجع دون الحقائق]


    وقالت أيضاً جمعية كتاب "الهداية" المطبوع بمعرفة المرسلين الأمريكان، في الجزء الثاني من كتاب "الهداية" في الصحيفة الثانية والأربعين من الطبعة الثانية ما هذا لفظه:

    " ثمّ إنّ مراعاة القرآن للسجع مقدّمة عنده على الحقائق، فقال: (قابيل) لأنه على وزن هابيل "!!!

    ويا للعجب من عدم المبالاة! أين يوجد في القرآن لفظ (قابيل) ولفظ (هابيل)؟!

    أليس الأطفال يعلمون أنه لا وجود لهذين اللفظين في القرآن الكريم؟!

    لما يكون في المبشرين مثل هذا التقحكم في الافتراء؟! أين شرف الإنسانية؟! أين مجد الروحانية؟! أين أدب الكتابة؟! ما هو ذنب الصدق والأمانة؟؟!

    لماذا يكون مثل هذا من لفيف من الروحانين المبشرين؟! هل لمثل هذا المجد وهذه الأمانة بذلت لهم الأموال الطائلة؟!

    أما إنّ الناس يوبّخون الأوباش إذا كذبوا في أُمورهم

    الصفحة 27
    الشخصية الدنيوية، فكيف تصدر هذه الأكاذيب الافترائية من المبشر الديني في الأُمور الدينية؟! فيا للأسف!