الصفحة 136

ومعجزة الدهور، نواحي فضله زاخرة بالعظمة، فهو إمام الفقه، ومؤسس أصوله، وأستاذ الكلام، ونابغة الشعر…

قال(1):


برئت إلى الرحمن ممن لفاطمة على فدك بالسوط قنّعها قسرا
فماتت وآثار السياط بجنبها ونحلتها غصباً ومقلتها عبرا
وغسلها الهادي الوصي وضمها إلى قبرها ليلاً وأودعها سرا
فلما أضاء الصبح جاؤا لدفنها فما وجدوا الزهراء ولا عرفوا القبر
فلما أرادوا نبشها فار مغضباً وسلّ الحسام العضب واعتقل السمرا
فصاح عليهم مغضباً ياآل غالب فأقسم بالرحمن أجزركم جزرا
فما نطقوا في نبشها قط كلمة ولا شهروا سيفاً ولا برحوا شبرا

من قصيدة(2) لعلي بن المقرب الأحسائي:

ولد في عام 572هـ، وتوفي في سنة 629هـ، قال عنه الحرّ العاملي في أمل الآمل: الأمير الكبير علي بن مقرب عالم فاضل جليل القدر، وشاعر أديب، له ديوان شعر كبير حسن.

____________

1- أسرار الشهادة ص541.

2- أدب الطف ج4 ص31 ، وترجمته في ص36 .


الصفحة 137

أم للبتولِ فاطمٍ إذ مُنعت عن إرثها الحقّ بأمرٍ مُجمع
وقولُ مَن قال لها يا هذه لقد طلبتِ باطلا فارتدعي
أبوكِ قد قال بأعلى صوته مصرّحاً في مجمع فمجمع
نحن جميعُ الأنبياء لا نرى أبناءنا لإرثنا من موضع
وما تركناه يكون مغنماً فارضيْ بما قال أبوك واسمع
قالت: فهاتوا نحلتي من والدي خيرِ الأنام الشافع المشفّع
قالوا: فهل عندك من بيّنةٍ نسمع معناها جميعاً ونعي
فقالت: ابنايَ وبعلي حيدر أبوهما أبصر به وأسمِع
فأبطلوا إشهادهم ولم يكن نصُّ الكتاب عندهم بمقنع
ولم تزل مهضومة مظلومة بردِ دعواها ورضّ الأضلع
وأُلحِدتْ في ليلها لغيضها عليهمُ سرّاً بأخفى موضع


الصفحة 138

من قصيدة(1) لأبي الحسن علاء الدّين الشيخ علي الشفهيني:

عالم فاضل، وأديب كامل، ومن المعاصرين للشهيد الأوّل المقتول سنة 786هـ، وشرح له قصيدة شرحاً مفصّلاً دقيقاً مطلعها:


يا عين ما سفحت غروب دماك إلا بما ألهمـتُ حـبَّ دُماك
وأجمعوا الأمر فيما بينهم وغوت لهم أمانيهم والجهل والأملُ
أن يحرقوا منزل الزهراء فاطمة فيا له حادث مستصعب جللُ
بيت به خمسةٌ جبريل سادسهم من غير ما سبب بالنار يُشتعلُ
وأخرج المرتضى من عقر منزله بين الأراذل محتفُّ بهم وكلُ
يا للرجال لدين قلَّ ناصره ودولة ملكت أملاكها السّفلُ
أضحى أجير ابن جدعان له خلفا برتبة الوحي مقرون ومتصّلُ

من قصيدة(2) للشيخ مغامس:

____________

1- أدب الطف ج4 ص183 ، وترجمته في ص146 .

2- المتخب للطريحي ج2 ص293 . وبعض أبيات هذه القصيدة في أدب الطف ج4 ص299 ، والترجمة في ص296 .


الصفحة 139

توفي حوالي سنة 850هـ، وهو شاعر طويل النفس، بديع النظم حلو الإنسجام، وجمع الشيخ محمد السماوي من شعره ديواناً يربو على 1350 بيتاً عدى الّذي عاثت به أيدي الشتات.


أما النبي فخانه من قومه في أقربيه محاكم وصحيب
من بعد ما ردوا عليه وصاله حتّى كأن مقاله مكذوب
ونسوا رعاية أحمد في حيدر في( خم ) وهو وزيره المصحوب
فأقام فيهم برهة حتّى قضى في الفرض وهو بغضبهم مغضوب
والطهر فاطمة زوى ميراثها شر الأنام ودمعها مسكوب
من بعد ما رمت الجنين بضربة فقضت وحقها مغصوب
وسليلها الهادي سقته جعيدة سما له سبط الفؤاد لهيب
وجرى من الجفن الغريق بمائه دمع على قتل الحسين صبيب
يا يومه ما كان أقبح منظراً وأمر طعماً أنه لعصيب
بأبي الإمام المستظام بكربلا يدعو وليس لما يقول مجيب
بأبي الوحيد وما له من راحم يشكو الظما والماء منه قريب
بأبي الحبيب إلى النبي محمد ومحمد عند الإله حبيب
يا كربلاء أفيك يقتل جهرة سبط المطهر إن ذا لعجيب


الصفحة 140

الحر العاملي(1):

توفي سنة 1104هـ، من كبار المجتهدين، والأعلام الخالدين، ما تركه من آثاره العلمية يدل على عظمته العلمية والأدبية، وإليك بعضها: الجواهر السنية في الأحاديث القدسية، والصحيفة السجادية الثانية، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة وهو أشهر كتبه بل أشهر كتب الحديث عند الشيعة، أودع فيه أخبار الأحكام الشرعية. وغير ذلك من الآثار.

قال من أرجوزة له: …


أولاده الخمس الحسين والحسن وزينب من أم كلثوم أسن
وأسقطت بمحسن يوم عمر وفتحه الباب كما قد اشتهر
ونالها بعد النبي إذ مضى وانقاد طوعاً راضياً عن القضا
لذاك ما يوجع كل قلب ويستهان منه كل خطب
حزن وذل واضطهاد ظالم ووحشة لاحت على العالم
إذ منعت مما أبوها قد ترك وزادها غصب العوالي وفدك

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج5 ص163.


الصفحة 141

وقيل إن ابن أبي قحافه لما أتته ترتجي إنصافه
ثم أقامت الشهود كتبا لها كتاباً شافياً وما أبى
ثم رآها في طريقها عمر فأخذ الكتاب منها وبقر
قالت بقرتها الإله يبقر بطنك فاستهون ذاك عمر
فانظر إلى دعائها المجاب ما دونه لله من حجاب
وفاتها في صحبة الإثنين ثالث شهر جاءها بالبين
وهو جمادى الثان من بعدعشر سنين من هجرة سيد البشر
سببه قيل حضور الأجل(1)وقيل من ضربة ذاك الرجل
إذ سقطت لوقتها جنينها ولم تزل تبدي له أنينها
وقيل في حادي وعشري رجب توفيت نجيبة المنتجب
ودفنها ليلاً له أسباب وليس في ثبوته ارتياب(2)

____________

1- تراجم أعلام النساء للعلامة الشيخ محمد حسين الأعلمي الحائري 2: 313 وما بعدها.

2- يشير إلى قول بعض العامة.


الصفحة 142

الشيخ حسن بن محمد الدمستاني(1):

توفي سنة 1181، قال في حقه صاحب الأعيان: كان عالماً فاضلاً فقيهاً محدثاً رجالياً محققاً مدققاً ماهراً في علمي الحديث والرجال أديباً شاعراً، له مصنفات ومؤلفات عدة منها: انتخاب الجيد من تنبيهات السيد وهو منتخب كتاب تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب للسيد هاشم البحراني، ومنها: منظومة في نفي الجبر والتفويض.ومنظومة في أصول الدين. ورسالة في التوحيد، وغير ذلك.

قال في رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام)(2):


دعي عدى لم تدع من دعامة لدين الهدى إلا هدمتِ أساسها
ولا سنة أشاد النبي بنائها لأمته إلا أردتِ اندراسها
ترصَّدتِ تبغي الخلافة فرصة فراقبتها حتى أجدتِ اختلاسها

____________

1- ترجمته في أعيان الشيعة ج5 ص260، وأدب الطف ج5 ص295.

2- وفاة فاطمة الزهراء (ع) للشيخ علي الشيخ حسين البلادي البحراني ص27. المكتبة الحيدرية النجف 1965.


الصفحة 143

شمتِّ بموت المصطفى وشتمته وعاطيتِ أرباب الشماتة كاسها
وبضعته أسقطتِ ضغناً جنينها بضغطٍ كما بالسوط قنَّعتِ راسها
وغادرتِها ولضاء مطوية الحشا على زفراتٍ لا تطيق احتباسها
وأبعدتِها عن إرثها وأشعتِ في دعايا عدى لينها وغراسها
تغشَّاهم اللعن الإلهي كلما نفى مدمع العين السجوم نعاسها

من قصيدة(1) للشيخ محمد مهدي الفتوني:

توفي في سنة 1190هـ، من العلماء الّذين لهم القدح المعلى في العلم، والنصيب الوافر من الأدب، وقد حاز الفضيلتين وعرف بالمزيتين العلم والشعر.

____________

1- أدب الطف ج5 ص329 ، وترجمته في ص331 .


الصفحة 144

هذا عليٌّ نفوا عنه خلافته وأنكر النص فيه منك منكره بالكره
قادوه نحو فلان كي يبايعه منه وأيدي الجور تقهره شبيره
من أجل ذاك قضى بالسيف مضطهداً وقضى بالسم شبّره
كأنّه لم يكن صنو النبي ولم يكن من الرجس باريه يطهره
وتلك فاطمة لم يرع حرمتها من دق ضلعا لها بالباب يكسره
وذا حسينك مقتول بلا سبب مبضع الجسم داميه معفره

الشيخ عبد الله العوى الخطي(1):

توفي سنة 1201، كان من نوابغ العلم ومن رجال الصلاح والتقى، أسندت إليه سائر المهمات الشرعية فكان أحد أعلام زمانه.

قال(2):


عجباً لنفس هلَّ شهر محرم وتذكرت أرزاءه لم تحرم
فلتنزعن ثوب المسرة والهنا ولتلبسن ثوب السواد وتندم
تباً لها ما عذرها إذ أخبرت بمصائب السادات آل الأكرم
قوم هداة للأنام وقادة والدين لولا هديهم لم يعلم

____________

1- ترجمته في: شعراء القطيف قديماً وحديثاً للشيخ علي المرهون، مطبعة النجف 1385.

2- نفس المصدر ص43.


الصفحة 145

قوم لهم من أصل كل منبأ سر به نال النبوة فاعلم
هم فلك نوح في النجاة وآدم هم فلك موسى والمسيح ومريم
هم فلك كل خليقة وإليهم أعطى الإله ولاية المستعصم
جمعوا الفضائل والفوائد كلها فإليهم سلِّم أمورك تسلم
تعساً لقوم ما وفوا لمحمد من آله القربى بعهد أقدم
غالوا الوصي وللزكية أسقطوا وقضى الزكي بسقي سم مؤلم
غدروا الحسين بما جرى من حقدهم ونفاقهم بابن النبي الأعظم
لله يوم سار فيه لكربلا وعليه ترمى حادثات الأسهم

آية الله السيد مهدي بحر العلوم(1):

توفي رحمه الله سنة 1212 هـ، رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره، والملقب ببحر العلوم عن جدارة واستحقاق، لم تسمح بمثله الأيام، له من الكرامات والمكاشفات الكثيرة، وشهرته بالزهد والتقوى والإخلاص والعبادة لا تحتاج إلى

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج6 ص48، وأعيان الشيعة ج1 ص151.


الصفحة 146

بيان، وله مصنفات جليلة نفيـسة وكثيرة، فمنها: المصابـيـح في العبادات والمعاملات، الدرة النجفية، تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام، الفوائد الرجالية المسمى برجال السيد بحر العلوم، إلى غير ذلك من الرسائل والنوادر.

قال(1) رضوان الله عليه من جملة قصيدة له رداً على مروان بن أبي حفصة وقد ذم علياً:


علي أبونا كان كالطهر جدنا له ماله إلا النبوة من فضل
وزوّجه المختار بضعته وما لها غيره في الناس من كفو عدل
ولولا علي ما استجابت لخاطب ولا كانت الزهرا تزفُّ إلى بعل
فأعظم بزوجين الإله ارتضاهما جليلين جلاّ عن شبيه وعن مثل

____________

1- فاطمة الزهراء (ع) بهجة قلب المصطفى ص503. وتحفة العالم للسيد جعفر بحر العلوم ج1 ص247.


الصفحة 147

إلى قوله:


وما ضرَّ شأن المرتضى ظلمهم له ولا فلتة منهم وشورى ذوي خذل
ولا ضرَّه جهل ابن قيس وقد هوى ودلاه ابن العاص في المدحض الزل
وقد بان عجز الأشعري وضعفه وما كان بالمرضي والحكم العدل
نهاهم عن التحكيم والحكم بالهوى فلم ينتهوا حتى رأوا آية الجهل
أيعزل منصوب الإله بعزلهم إذاً فلهم عزل النبيين والرسل
وما شأن شأن المجتبى سبط أحمد مصالحة الباغي الغوي على ذحل
فقد صالح المختار من صالح ابنه وصدّ عن البيت الحرام إلى الحل
وقد قال في السبطين قولاً جهلتم معانيه لكن قد وعاه ذوو الفضل
إمامان إن قاما وإن قعدا فما يضرهما خذلان من همّ بالخذل
لئن كنتم أنكرتم حسن ما أتى به الحسن الاخلاف والخيم والعقل


الصفحة 148

لفي مثلها ذمّ الذميم محمداً على صلحه كفّار مكة من قبل
ولولاهم ما كان شورى ونعثل ولا جهل والقاسطون ذو الدخل
ولا كان مخضوباً علي بضربة لأشقى الأنام الكافر الفاجر الوغل
ولا سيئت الزهرا ولا ابتز حقها ولا دفنت سراً ولا مقتل الطفل

من قصيدة(1) للحاج هاشم الكعبي:

توفي في سنة 1231هـ، قال عنه الشيخ آغا بُزرك الطهراني: الحاج هاشم بن حردان بن إسماعيل الكعبي الدورقي من العلماء الفضلاء، والشّعراء المشاهير.


تالله ما سيف شمر نال منك ولا يدا سنان وإن جلّ الذي ارتكبوا
لولا الأولى أغضبوا رب العُلى وأبوا نصّ الولاء وحق المرتضىغصبوا
أصابك النَفَرُ الماضي بما ابتدعوا ولا وما المسبب لو لم ينجح السبب
تزال خيول الحقد كامنة حتى إذا أبصروها فرصة وثبوا

____________

1- أدب الطف ج6 ص221 ، وترجمته في ص218 . والقصيدة موجودة في رياض المدح والرثاء ص342 .


الصفحة 149

كفٌّ بها أمّك الزهراء قد ضربوا هي التي أختك الحورا بها سلبوا
وإن نار وغىً صاليت جمرتها كانت لها كف ذاك البغي تحتطب
فليبك يومك من يبكيه يوم غدوا بالطهر قوداً وبنت المصطفى ضربوا
تالله ما كربلا لولا السقيفة والا حياء تدري ولولا النار ما الحطب

أحمد بن زين الدين الأحسائي(1):

توفي سنة 1241هـ، وكان من العلماء المشهورين وله أتباع إلى هذا اليوم، وقد ترك 140 كتاباً ورسالة في مختلف العلوم الإسلامية، وأجوبة بلغت 550 تقريباً.

قال في إحدى قصائده(2):


نفحاتٍ من روائمي نجد برديّ وجدي برديّ وجدي
وانفخي في الروح ما ينعشني وانفخي بالروح جدي جدي

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج6 ص267.

2- عن الديوان المخطوط للشاعر، الموجود في مكتبة الحرم الرضوي تحت رقم 14294، والتي أوقفها السيد محمد باقر السبزواري في محرم 1405


الصفحة 150

واعهدي ريَّ عهادٍ هطلت بلَّ لبي وأراني عهدي
واخبري أهل اللوى ما فعلوا والحمى والمنحني من بعدي
قطنوا في ربعهم أم ظعنوا فعسى يهدي إليهم نجدي
ليت شعري إذ مضوا هل علموا أنهم دون البرايا قصدي
فارقوني لا لتقصيرهم بل لذنبي وقصور الجد
رجعَ الله ليلاتي بهم وأراني قربهم في بعدي
ولهم عندي بأرضٍ وطئوا وضع خدي وهو فخر عندي
صاحِ ما حالةُ من فارقهم ورُمي من دهره بالضد
زمنٌ أسلمُ ما أعرِفُهُ أنه بي منطوٍ بالحقد
وله كل صباح وَ مسا دائراتٌ بأهيل المجد
عترة المختار قد فرَّقهم كلَّ نجدٍ بينهُ أو وهد
فمضى في فرضه حيدرةٌ بحسامٍ للمرادي مُردي
وأهينت فاطم بل ضربت وقضت معصوبةً للرِفد
واستقلوا لأذاها حِنَقَاً ثم زادوها بقتل الولد

من قصيدة(1) للحاج جواد بذقت ( بذكت ):

____________

1- أدب الطف ج7 ص151 ، وترجمته في ص146 . والبعض نسب هذه القصيدة للشيخ صالح الكواز الآتي.


الصفحة 151

توفي سنة 1281هـ، وكان فاضلاً أديباً، مشهوراً بالمحبّة لأهل البيت(عليهم السلام)، وله ملحمة كبيرة يمتدح بها أمير المؤمنين(عليه السلام)، وله ديوان أيضاً.


برقيِّ منبره رقي في كربلا صدر وضرج بالدماء جبين
لولا سقوط جنين فاطمة لما أودى لها في كربلاء جنين
وبكسر ذاك الضلع رضت أضلع في طيها سر الإله مصون
وكذا علي قوده بنجاده فله علي بالوثاق قرين
وكما لفاطم رنة من خلفه لبناتها خلف العليل رنين
وبزجرها بسياط قنفذ وشحت بالطف من زجر لهن متون
وبقطعهم تلك الأراكة دونها قطعت يد في كربلا ووتين
لكنما حمل الرؤوس على القنا أدهى وان سبقت به صفين
كل كتاب الله لكن صامت هذا وهذا ناطق ومبين

من قصيدة(1) للشيخ عبد الحسين شكر:

توفي سنة 1285 هـ، ورثى أهل البيت(عليهم السلام) بقصائد كثيرة تزيد على الخمسين منها روضة مرتبه على

____________

1- رياض المدح والرثاء ص227، والترجمة في أدب الطف ج7 ص185 .


الصفحة 152

الحروف، وشعره يرويه رجال المنبر الحسيني في المحافل الحسينية.


ويحق للرسل الكرام عويلها من بعده فاليوم مات إمامها
اليوم مات المصطفى ووصيه اليوم صغر للبتول مقامها
اليوم بالنيران أضرم بابها فذكت بقارعة الطفوف خيامها
اليوم اسقط محسن فلذا غدت أطفالها جرع السهام فطامها
اليوم دقت بالجدار فهشمت بالطف من مهج النبي عظامها
اليوم قادوا المرتضى بنجاده واستأمنت بطش الحليم لئامها
فلذا سرى زين العباد مقيداً يبكيه من عجف النياق بغامها
اليوم أبرزت الضغون فأبرزت بعد الخدور حواسراً أيتامها
وحليفة الأرزاء زينب بينها قد شب في طي الضلوع ضرامها
تنعى أعزتها بأية عولة أدمى نواظر هاشم إلمامها

السيد مهدي داود الحلي(1):

توفي سنة 1289هـ، كان من النسك والورع والتقى على جانب عظيم، هاجر إلى النجف فحضر في الدروس الفقهية حوزة العلامة الشهير صاحب الجواهر محمد حسن بن

____________

1- ترجمته في أعيان الشيعة ج10 ص148. وأدب الطف ج7 ص201.


الصفحة 153

الشيخ باقر(رحمه الله). له مصنفات في الأدب واللغة والتاريخ، منها: مصباح الأدب الزاهر، مختارات شعرية، ديوان شعره.

قال(1) في رثائه للإمام الحسين (عليه السلام):


خطب دها الإسلام كان فظيعا من أجله بكت السماء نجيعا
آهاً له من حادث ذهب الأسى فيه غداة مضى الحسين صريعا

ثم يقول:


الله هذا ابن النبي لعظمه جبريل هزَّ المهد فيه رضيعا
يقضي بضاحية الهجيربكربلا ظام ومطوي الحشاشة جوعا

إلى أن يقول:


فتعج أملاك السماء لموته اليوم مات الأنبياء جميعا

____________

1- الدر النضيد في مراثي السبط الشهيد للسيد محسن الأمين ص209 مطبعة الإتقان دمشق 1365 هـ. 1946م.


الصفحة 154

اليوم حق محمد في آله ما بين ناكثة العهود أضيعا
اليوم قد قتلوا النبي وغادروا الـ إسلام يبكي ثاكلاً مفجوعا
اليوم منه أمية في كربلا كالت له في صاع بدر صاعا
اليوم دحرجت الدباب وأظهرت بالطف كامن خطبهن شنيعا
اليوم من هي عن أسامة خلفت قادت إلى حرب الحسين جموعا
اليوم من إسقاط فاطم محسناً سقط الحسين عن الجواد صريعا

من قصيدة(1) للشيخ صالح الكواز:

توفي سنة 1290هـ، وكان على جانب عظيم من الفضل والتضلع في علمي التاريخ والأدب، وكان صاحب نسك وورع وتقى وصلاح.


الواثبين لظلم آل محمدٍ ومحمدٌ ملقىً بلا تكفينِ
والقائلين لفاطم آذيتنا في طول نوحٍ دائمٍ وحنينِ
والقاطعين أراكة كي لا تقيلُ بظلِّ أوراقٍ لها وغصونِ
ومجمعي حطبٍ على البيت الذي لم يجتمعْ لولاهُ شملُ الدينِ
والداخلين على البتولة بيتها والمسقطينَ لها أعزَّ جنينِ
والقائدين إمامهمْ بنجاده والطهرُ تدعو خلفهمْ برنينِ
خلوا ابن عمي أو لأكشف للدعا راسي وأشكو للإله شجوني
ما كان ناقة صالحٍ وفصيلها بالفضلِ عند اللّه إلا دوني

____________

1- أدب الطف ج7 ص231 ، وترجمته في ص214 ، وبعضهم نسب هذه القصيدة للسيد محمد جمال الهاشمي الآتي وهو اشتباه، والقصيدة أيضاً في المجالس السنية ج2 ص143 ، وفي ديوانه ص48 .


الصفحة 155

ورنت إلى القبر الشريف بمقلةٍ عبرى وقلبٍ مكمدٍ محزونِ
نادت وأظفار المصابِ بقلبها أبتاهُ عزَّ على العداةِ معيني
أبتاه هذا السامريُّ وعجلُهُ تُبعا ومالَ الناسُ عن هارونِ
أيَّ الرزايا أتقي بتجلدٍ هو في النوائبِ مذ حييتُ قريني
فقدي أبي أم غصبَ بعلي حقه أم كسرَ ضلعيْ أم سقوطَ جنيني
أم أخذهم إرثي وفاضلَ نحلتي أم جهلهمْ حقي وقدْ عرفوني
قهروا يتيميكَ الحسينَ وصنوَهُ وسألتُهم حقي وقدْ نهروني

من قصيدة(1) للسيد حيدر الحلّي:

توفي سنة 1304هـ، قال عنه

____________

1- أدب الطف ج8 ص26 ، وترجمته في ص8 .


الصفحة 156

السيد الأمين في الأعيان: كان لغوياً عارفاً بالعربية، شهماً أديباً، وقوراً تقيّاً، عليه سمات العلماء الأبرار، كثير العبادة والنوافل .


فكيف تبقي عليهم لا أباً لهمُ لم تبقِ أسيافهم منكم على ابن تقىً
ولا وحلمكَ إن القومَ ما حلموا فلا وصفحك إنّ القوم ما صفحوا
وطفل جدك في سهم الردى فطموا فحمل أمك قدماً أسقطوا حنقاً
بطلقةٍ معها ماءُ المخاض دمُ لاصبر أو تضع الهيجاء ما حملت
مما استحلوا به أيامه الحرم هذا المحرّم قد وافتك صارخة

من قصيدة(1) للسيد صالح القزويني النجفي:

توفي سنة 1306هـ، وكان من أعلام العلماء والشعراء، ودرس العلوم الدينية على جماعة من العلماء أكبرهم وأعمقهم أثراً في نفسه أستاذه محمد حسن صاحب الجواهر.

____________

1- المجالس السنية ج2 ص333 ، والترجمة في أدب الطف ج8 ص65 .


الصفحة 157

ورزئتَ بالطهر البتول وما انقضى رزء الرسول ولم تجف الأدمع
هجموا على بنت الرسول وروعوا قلب البتول وأي قلب روعوا
تدعوا فيغضي المسلمون كأنها لم تدعهم وكأنهم لم يسمعوا
أتباح حرمتها ويسقط حملها ما بينهم وترض منها الأضلعُ
لهفي لها غضبى تموت وما لها متوجع منهم ولا متفجعُ
ودفنتها سرّا كما أوصت وقد هجموا لكيلا يحضروا ويشيعوا
ومنعتهم عن نبش مرقدها وهم لولاك عما حاولوا لم يرجعوا

الشيخ عبد الله القاري التقي الأحسائي(1):

توفي سنة 1312هـ، ترجم له صاحب أنوار البدرين في شعراء الأحساء فقال: هو من أدبائها الكاملين الخيرين الشيخ عبد الله بن علي الأحسائي رحمه الله، كان من الأخيار الأتقياء الأبرار ومن شعراء أهل البيت الأطهار(عليهم السلام)، له ديوان شعر في مجلدين أو أكثر، وله قصيدة هائية جارى بها ملحمة الملا كاظم الأزري تبلغ ثلاثة آلاف بيت.

من ملحمته الموسومة بنهج الأزرية قال(2):

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج8 ص83.

2- فاطمة الزهراء في ديوان الشعر العربي ص115.


الصفحة 158

وزوى نحلة البتول وعن إر ثِ أبيها النبيِّ قد أقصاها
وعلى بابها أدارَ حريق النـ ـار وفي عُصبة بها أغراها

إلى أن يقول:


أيَّ نارٍ أورى عليها دلام حَسبُه أنّه غداً يصلاها
تلك نار من وقدها مالك النا ر على أهلها به أوراها
لست أنسى البتول حين أتته ومن الرَّوع قد أُريع حجاها(1)
تبتغي رأفةً فلم تَرَ إلاَّ منه ضرباً به وَهَت جنباها
منه ألقت جنينها وهو لمَّا يرعوي عن فضيعةٍ قد نحاها
وجرى ما جرى بحيدرة من مفضعاتٍ لم أستطع إملاها
يا لقومي لحادث أورث الإسـ ـلام ثُلمةً لا يلتقي طرفاها

____________

1- في نسخة: حشاها.


الصفحة 159

الشيخ جابر الكاظمي(1):

توفي سنة 1312هـ، ولد بالكاظمية سنة 1222هـ، ونشأ بها وتولع بدراسة الأدب ولازم مجالس الشعراء ومساجلتهم، وهو من فطاحل الأدباء ملأ الأسماع بشعره متضلع في الكلام والتفسير والحديث والتاريخ مع ورع وتعفف وتقوى ونسك.

قال في تخميسه لقصيدة الشيخ كاظم الأزري التي يقول في مطلعها:


تركوا عهد أحمد في أخيه وأذاقوا البتول ما أشجاها
وهي العروة الَّتي ليس ينجو غير مستعصم بحبل ولاها

قال رحمه الله:

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج8 ص86.


الصفحة 160

ليس أولى بالأمر إلاّ وليٌّ للبرايا والنص فيه جليٌّ
كنزُ فضلٍ من كل علمٍ مليّ إي وحقّ الإسلام لولا عليٌّ

ماقضاها فتى ولا أفتاها

ثم يقول:


هو بعد النبيّ أوَّلُ فِعلٍ فاض من مصدر الجلال بنُبلٍ
فَلَكٌ مُشرقٌ بنيّر عقلٍ تتجلى به مُنيراتُ فضلٍ

كالدّراري سيّارةٌ في سماها


فيء أل الهدى قد اقتسموهُ وعليهم شيخُ الخَنا قدّموهُ
فوحقّ الحقّ الذي حُرموهُ لم يذوقوا الهدى ولو طعموهُ

عرفوا للنبي قدراً وجاها

إلى أن يقول:


بايعوا كلَّ ذي ضلالٍ سفيهِ وتخطّوا من الرشاد لتيهِ
أشقياء والإبن مثل أبيه نقضوا عهدَ أحمد في أخيه

وأذاقوا البتول ما أشجاها


الصفحة 161

منهم أغضب البتولة علجُ إذ أتته تراثها منه ترجو
فأبى الرّجسُ إذ رآها تعجُّ وهي العُروةُ التي ليس ينجو

غير مستعصم بحبلِ ولاها


أرسل الله سيد الرُّسل طُرّاً بالهدى والشيطان يُعبدُ جهراً
ومُذ الحقّ شقّ للبعث فجراً لم يَر اللهُ للرسالة أجراً

غير حفظ الوداد في قرباها


لم تزل بعد أحمد الطّهر عبرى بغمومٍ من ذلك الرّجس تترى
ويلُ عِلجٍ بها استخفَّ وأدرى لست أدري إذ رُوّعت وهي حسرى

عاندَ القوم بعلها وأباها


مُذ أُضيمت من بعده أيَّ ضيمِ لم يزل حزنه لديها كغيمِ
جرّعت من سمامِ سامٍ وأيمِ يوم جاءت إلى عديٍّ وتيمِ

ومن الوجد ما أطال بُكاها


قد أغاظوا لسيّد الرّسل صنوا حين رضّوا من فاطم الطُّهر عضوا
ولكم بثّت المهيمن شكوى فدعت واشتكت إلى الله شجوا

والرواسي تهتزُّ من شكواها


الصفحة 162

الشيخ أحمد آل طعان(1):

توفي سنة 1315، قال عنه في الأعيان: كان عالماً علامة فقيهاً أصولياً متبحراً في الحديث والرجال من علماء آل محمد علماً ونسكاً وعبادة جليل القدر كثير التصنيف، رأس القطيف والبحرين، وهو عالم القطيف والمرجع للدنيا والدين بتلك البلاد.

قال من قصيدة له في رثاء السيدة الزهراء(عليها السلام) وإسقاط محسنها (عليه السلام) (2):


فانهض إمام العصر قد عظم البلا وعظيم بعدك قلبنا قد أمرضا
وتلافنا قبل التلاف وثر على أهل الخلاف بمثل ما منهم مضى
ذبحوا الحسين على ظما رفعوا الكريم على قنا والصدر منه رضضا

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج8 ص126، وأنوار البدرين ص252، وأعيان الشيعة.

2- أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين للشيخ علي البلادي البحراني ص259 مطبعة النعمان النجف 1377 هـ.


الصفحة 163

ذبحوا الرّضيع وللحرائر قد سبوا سبّوكم فعلوا الذي لا يرتضى
قادوا الإمام أبا الأئمة صاغراً وجنين فاطم أمكم قد أجهضا
يا سيدي ضاق الخناق متى أرى لجياد خيلك في دماهم مركضا

وقال(1)من قصيدة له في رثاء آل البيت:


يا حبذا عترة بدؤ الوجود بهم وهكذا بهم ينها ويختتم
من مثلهم ورسول الله فاتحهم وسبطه العقد والمهدي ختمهم
فمن تولى سواهم إنهم ندموا إذ في الممات على ما قدموا قدِموا
وهل عدي عدتها كل منجية تعد من خلفاء الله ويحكم
أمسقط البضعة الزهرا وغاصبها يدعى خليف أبيها بئسما حكموا

من قصيدة(2) للسيد جعفر كمال الدين الحلّي:

____________

1- وفاة الإمام الرضا (ع) للشيخ أحمد آل طعان القديحي القطيفي المطبعة الحيدرية النجف.

2- أدب الطف ج8 ص112 ، وترجمته في ص101 . والأبيات موجودة أيضاً في رياض المدح والرثاء ص158 .