الصفحة 191

ما لم يلاق بعضه الجبالا لزلزلت من وقعه زلزالا
وكيف تبلى مدة من الزمن من بعد هاتيك الخطوب والمحن
يكفي لموتها من الأخطار وقعة بين (الباب والجدار)
في دارها قد هجموا عليها قد روعوها وأخافوا ابنيها
رأت من الذلة والهوان وقلة الأنصار والأعوان

الشيخ محمد حسين الأصفهاني:

هو نابغةُ الدهر وفيلسوف الزمن وفقيه الأمة، ولد في شهر محرم الحرام عام 1296هـ وتوفي في شهر ذي الحجة من عام 1361هـ وتوفي عن عُمرٍ يناهز 66 عام.

الضرم في الباب


أيضرم النار بباب دارها وآية النور على منارها
وبابها باب نبي الرحمه وباب أبواب نجاة الأمه
بل بابها باب العلي الأعلى فثمَّ وجه الله قد تجلّى
ما اكتسبوا بالنار غير العار ومن ورائه عذاب النار
ما أجهل القوم فإنّ النار لا تطفئ نور الله جلّ وعلا

يا لثارات فاطمة


الصفحة 192

فاحمرت العين وعين المعرفه تذرفُ بالدمع على تلك الصفة
ولا يزيل حمرة العين سوى بيضُ السيوف يوم ينشر اللوى
وللسياط رنة صداها في مسمع الدهر فما أشجاها
والأثر الباقي كمثل الدملج في عضد الزهراء أقوى الحجج
ومن سواد متنها أسود الفضا يا ساعد الله الإمام المرتضى
ووكز نعل السيف في جنبيها أتى بكل ما أتى عليها
ولست أدري خبر المسمار سل صدرها خزانة الأسرار
وفي جنين المجد ما يدمي الحشا وهل لهم إخفاء أمر قد فشى
والباب والجدار والدماء شهود صدق ما به خفاء
لقد جنى الجاني على جنينها فاندكت الجبال من حنينها
أهكذا يصنع بابنة النبي حرصاً على الملك فياللعجب
أتمنع المكروبة المقروحه عن البكا خوفاً من الفضيحه
تالله ينبغي لها تبكي دماً مادامت الأرض ودارت السما
لفقد عزها أبيها السامي ولاهتضامها وذل الحامي

الضلع المكسور


لكن كسر الضلع ليس ينجبر إلاّ بصمصام عزيز مقتدر
إذ رضُّ تلك الأضلع الزكيّة رزية لا مثلها رزيّة
ومن نبوع الدم من ثدييها يعرف عظم ما جرى عليها
وجاوزوا الحدّ بلطم الخدّ شلت يد الطغيان والتعدّي


الصفحة 193

الملا عبد الله الخباز القطيفي(1):

توفي سنة 1362 هـ. كان تقياً ورعاً صالحاً … وكان أديباً شاعراً، يقول الشعر في المناسبات وغيرها، له ديوان كبير.

قال(2) من قصيدة له في رثاء أهل البيت مستنهضاً الإمام الحجة (عليه السلام):


قم يابن طه فالبلا قد علا ولا نرى غيرك يجلو البلا
قد ضاقت الدنيا بأرجائها يا فرج الله بكل الملا
قم يا غياث الخلق وانظر لنا من العدى فينا البلا أنزلا
قد طمس الدين وضاع الهدى والجهل ما بين الملا قد علا

إلى أن يقول:


قم جرد البتار من غمده وادع الأعادي صرعا في الفلا
قم فادرك الأمة يا سيدي لقد دهاها من عداها بلا
قم يا عماد الدين عجل لنا فالكل منا عيشه ما خلا
إلى متى نلقاك في سابق مجرداً للسيف تبري الطلا
وراية الحق نراها وقد حف بها جندك يابن العلا

____________

1- ترجمته في شعراء القطيف قديما وحديثاً للشيخ علي المرهون ص247 مطبعة النجف.

2- نفس المصدر.


الصفحة 194

أما وعى سمعك يابن الهدى ما حل فيكم من شرار الملا
قد أسقطوا الزهراء ست النسا بضعة من رب السما فضلا
وأضرموا النار بباب الهدى والحق منها جهرة أعزلا

إلى آخر القصيدة.

آية الله الشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي(1):

توفي سنة 1362 هـ. من العلماء الأتقياء. تتلمذ على والده ثم هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1295 هـ، فدرس على فطاحل العلم حتى حصل على إجازة اجتهاد من الحجة السيد الكبير السيد أبو تراب، وهناك إجازات أخرى من علماء آخرين. خلّف آثاراً علمية جليلة، حيث كتب في الفقه حاشية على العروة الوثقى، ورسالة في علم الهيئة وغير ذلك.

قال(2) في رثاء السيدة الزهراء (عليها السلام):


ما العذر للأمة فيما سلكت عن ليلة القدر التي قد هتكت
ما العذر عن زجاجة المصباح كسرت ظلماً لدى الصباح

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج9 ص263، وأنوار البدرين.

2- فاطمة الزهراء في ديوان الشعر العربي ص 235.


الصفحة 195

ما العذر عن موؤدة إذ سُئلت يوم الجزا بأي ذنبٍ قتلت
ما العذر للأمة عن أمّ القرى إذ عطّلت أبياتها عن القرى
ما العذر عمّا فعلوا من منكر ممّا قديماً مثله لم يُذكر
ولم يجز عند أولي الأديان وغيرهم في سالف الأزمان
فهل جرى من أمّةٍ فيما سلف على بنات الأنبيا أهل الشرف
كما جرى على ابنة الرسول فاطمة الزكية البتول
من الأذى والذّل والإهانه من بعد ذاك العزّ والصيانه
ما فاطمٌ وهجمة الأشرار في دارها وهي بلا خمار
ما فاطمٌ ما الباب والجدار ما الضَّغط ما الإسقاط والمسمار
ما فاطمٌ ما حمرة العينين ما الضرب ما اللطم على الخدين
ما الطّهر ما إضرام تلك النار ببابها وهي ابنة المختار

من قصيدة(1) للشيخ محمد أمين شمس الدين:

توفي سنة 1366هـ، له كتاب الضمير البارد، جمع فيه النثر والنظم، في ثلاثة أجزاء يبحث في العقائد وأصولها، وتوفي في عرب صاليم من قرى جبل عامل.


فقالت ( وآتوني ) فقلت فلم يكن سوى قولهم إن النبي ليهجر
فقالت وهل من سبة سن مثلها فقلت لها لا فهي للحشر

____________

1- أدب الطف ج9 ص307 ، وكذلك ترجمته في نفس الصفحة.


الصفحة 196

فقالت أعجزاً حينما قيد عنوة تشهر فقلت لها لا ذاك شيء مقدر
فقالت وما شأن البتول وضلعها فقلت غداً في موقف الله تظهر
فقالت وما السبط الزكي وقبره فقلت دعي قلباً لها ينفطر
فقالت وما السبط الشهيد بكربلا وما حاله وهو الصريع المعفّر
فقلت بكته الشمس والافق والسما دما فهو في خدِّ السما يتحدّر

من قصيدة(1) للشيخ قاسم الملا الحلي:

توفي سنة 1374هـ، وهو ناظم وناثر وخطيب ومحقق وله آثار أدبيّه وشعريّة مخطوطة كثيرة تدلّ على أدب واسع، وتضُلع في الأخبار والعقائد والمناظرات(2).


ولقدْ يعزُّ على رسول الله ما جنت الصحابه
قد ماتَ فانقلبوا على الأعقاب لم يخشوا عقابه
منعوا البتولة أنْ تنوحَ عليه أو تبكيْ مصابَه
نعش النبي أمامهم ووراءهم نبذوا كتابه

____________

1- شرح خطبة الزهراء (عليها السلام) ص356 . والترجمة في أدب الطف ج10 ص72 .

2- أدب الطف ج10 ص72 .


الصفحة 197

لم يحفظوا للمرتضى رحمَ النبوّةِ والقرابة
لو لم يكن خيرَ الورى بعدَ النبيّ لما استنابه
قد أطفأوا نور الهدى مذْ أضرموا بالنار بابه
أسدُ الإلهِ كيف قدْ ولجتْ ذئابُ القوم غابَه
في أيّ حكمٍ قدْ أباحوا إرثَ فاطمَ واغتصابه
بيتُ النبوّةِ بيتُها شادتُ يدُ الباري قِبابه
أذن الإلهُ برفعه والقومُ قد هتكوا حجابه
بأبي وديعةُ أحمدٍ جُرُعاً سقاها الظلمُ صابه
عاشت معصبة الجبينِ تئنُّ من تلك العصابة
حتى قضت وعيونُها عبرى ومهجتُها مذابه
وأمضُّ خطبٍ في حشى سلام قدْ أورى التهابه
الإ بالليل واراها الوصيُّ وقبرها عفى ترابه

الملا حسن الجامد القطيقي(1):

توفي سنة 1375 هـ. امتهن الخطابة منذ نعومة أظفاره، وأضاف إلى مهمته الخطابية مهمة الأدب فصار بذلك من الخطباء المرموقين، الذين يشار إليهم بالبنان.

قال(2) في رثائه للسيدة الزهراء(عليها السلام)، ومخاطباً الإمام الحجة (عليه السلام):

____________

1- ترجمته في شعراء القطيف للشيخ علي المرهون ص278.

2- نفس المصدر.


الصفحة 198

يا ذماماً به الوجود استقاما قم سريعاً واستنقذ الإسلاما
كل عام بل كل يوم جديد منك نرجو يابن النبي القياما
الوحا الوحا يا نجل طه علنا نشتفي ونقضى المراما
أفتنسى ما قد جرى بعد طه من خطوب تحير الأحلاما
نكث القوم بيعة المرتضى الها دي ولم يرقبوا لطه ذماما
عزلوا حيدراً وقد أخروه عن مقام فيه الإله أقاما
وأتوا داره وجروه حتى أخرجوه ملبباً مستظاماً
والبتول العذراء بضعة طه كابدت منهم أموراً عظاما
غصبوا إرثها عناداً وظلماً لطموا خدها ورضوا العظاما
أسقطوها وقنعوا متنها بالسوط لم يجعلوا لطه احتراما
ثم عاشت بالذل والهضم حتى لحقت بالنبي تشكو اهتضاما

الشيخ قاسم محي الدين(1):

توفي سنة 1376 هـ. نشأ في النجف، ودرس المقدمات على الشيخ جواد محي الدين، وتلمذ في الفقه والأصول على الشيخ أحمد كاشف الغطاء، والميرزا حسين النائيني، والسيد أبي الحسن الأصفهاني، والشيخ

____________

1- ترجمته في أعيان الشيعة ج8 ص435.


الصفحة 199

محمد حسين الأصفهاني. له مصنفات ومؤلفات لطيفة، منها: كتاب البيان في غريب القرآن، وهو عبارة عن حصر الألفاظ الغريبة التي وردت في القرآن الشريف وشرحها شرحاً مبسطاً وسهلاً وذلك في أرجوزة من الشعر السلس.

قال(1) في رثاء الزهراء (عليها السلام):


كيف تنسى مصاب بضعة طه إذ دهاها من الأسى ما دهاها
أنحلت جسمها الرزايا فأبدت لهف نفسي لما بها شكواها

إلى أن يقول:


لو تراها وهي الشجية حزناً وممض الأسقام قد أضناها
وهي تبكي بكاء فاقدة الصبر لما قد ألمّ عزّ عزاها
شأنها النوح مذ يد الخطب شجواً قدحت نارها بزند جواها
حر قلبي لها وقد أسلماها لملم من الأسى جبتاها
أبعداها عن فيئها غصباها نحلة المصطفى وما ورثاها
قصدا دارها عناداً وحقداً بأفاعيل منكر أضمراها
أحرقا بيتها وقد أسقطاها محسناً بالذي به روعاها

____________

1- من الشعر المقبول في رثاء الرسول وآل الرسول للشيخ قاسم محي الدين ص10 المطبعة العلوية النجف 1342.


الصفحة 200

كسرا ضلعها مذ انتهزاها فرصة بعد أن أباحا حماها
نثرا قرطها انتثار عقود الدمع من عينها لفرط بكاها
خرقا صكها عتواً وكفراً لطما خدها ولم يرعياها
قصداها بكل هولٍ ملم وبسوط الزنيم قد أوجعاها

من قصيدة(1) للشيخ علي الجشّي:

توفي سنة 1376 هـ، رجل الإيمان والعقيدة، درس في النجف الأشرف ودرّس فيها ونال رتبة الإجتهاد فعاد إلى القطيف وتولى منصب القضاء.


أسسوا ظلمه عناداً وأغروا بل لهم الويل كل كلب عقور
أرادوا أن يحرقوا البيت حتى فأبى لا يرى ذاكر لخير بشير
الله ذالكم حيث فيه وهو من هم علة البقاء والصدور
بيت عند المهيمن ضاهى لم يكن شانه شان بيته المعمور
جبرئيل يدخل إلا يا ابن بعد إذن من أهله في الحضور
عم النبي صبرك أنسى ضاق صبر أيوب في قديم الدهور
ذرعاً بأمر رحمة لما وأراك جزت الشعر شاكياً للخَبير
اصطبرت والقوم آذوا امن فاطماً في عشيها والبكور

____________

1- رياض المدح والرثاء ص416، والترجمة في أدب الطف ج10 ص122


الصفحة 201

الصبر كان قلبك أني دخلوا لا أرى يستطيع قلب صبور
دارها وليس عليها وعلى من قناع والحقد ملؤ الصدور
متنها السياط تلوت يالها حيث لا دافع ولا من مجير
من عداوة أظهروها دع وهي من قبل في سويد الضمير
تفاصيل ما جرى فبياني ما بعض ما كان نفثة المصدور
سمعنا من قبل بنت نبي أوذيت كالبتول بعد النذير
عصرت أسقطت أضيعت ذماماً غصبت كذبت بإفك وزور
جحدوا آية الطهارة فيها بعد علم كجحدهم للغدير
دخلوا الدار أضرموا النار قادوا حيدراً بالنجاد قود البعير
وأرادوا قتل الوصي فأضحى قلبها مثل طائر مذعور
وعراها الذهول عما عراها من سقوط وضلعها المكسور

وله أيضاً(1) في رثاء الزهراء (عليها السلام):


لا تسلني ما نال فاطم لما دخلوا الدار فالخطوب شعوب
واستداروا حول الوصي ولولا حلمه ما أفادها التأليب
اترى يرهب الحمام علي بل علي في صدره مرهوب
أخرجوه ملبباً ليت شعري كيف قيد الليث الهمام المهيب
فعدت خلفه البتولة تدعو برنين له الصخور تذوب

____________

1- رياض المدح والرثاء ص478 .


الصفحة 202

إلى أن يقول:


فانثنت بالأسى لما قد عراها في حنين كما تحن النيب
منعوها من البكاء لتقضي كمداً والفؤاد منها يذوب
قل لبيت الأحزان مازال حزني لا ولا عيشي الهني يطيب
قل لتلك الضلوع بعدك قلبي ماله جابر فدتك القلوب
لست أنسى وقوفها وهي تشكو لأبيها ولا تراه يجيب
غصبوا حيدر الخلافة ظلماً وتراثي لديهم مغصوب
وجنيني قد أسقطوه وضلعي كسروه وقد علاني الشحوب

ومن قصيدة(1) للشيخ عبد الحسين الحويزي:

توفي سنة 1377 هـ، أديب شاعر وله شعر كثير في أهل البيت(عليهم السلام) وكانت له اليد في كثير من العلوم كالرياضيّات والهندسة والجفر والرمل والكيمياء وله فيها بعض الرسائل.


ليت الحيا لا سقى الأزهار بالظلم صروفه غشت الزهراء بالظلم
كم بعد فقد أبيها كابدت محناً وقوعها يدع الأطواد كالرمم

____________

1- رياض المدح والرثاء ص502، والترجمة في أدب الطف ج10 ص126


الصفحة 203

وصحبه غصبوها بعده فدكاً وأنكروا فيّها ظلماً من الحكم
واحرقوا باب بيت الطهر فاطمة بنار حقد لهم مشبوبة الضرم
فأسقط الرجس لما ظل يعصرها منها جنيناً نمى في طاهر الرحم
بصدرها نبت المسمار وانكسرت منها الأضالع فانهلت بفيض دم
سيف القضاء علي في حمائله من قادوه قهراً بنو عبادة الصنم
بيته ابن صهاك الرجس أخرجه ملبباً برداء الفضل والكرم
وفاطم خلفه تدعو وأدمعها تصوب عن مدمع كالغيث منسجم
وسوط قنفذ يلوي فوق عاتقها ضرباً فتصرخ ولها منه بالألم
لم انسها يوم وافت قبر والدها خير البرية من عرب ومن عجم
وافت وقد غص بالأنصار مسجده والبغي قام بجمع فيه مزدحم
فاسدلوا دونها الأستار فابتدأت لله تبدي بإفصاح من الكلم
كأنما هي في الآيات تفرغ عن فم النبي أبيها في بيان فم
جحدتم معشر الأنصار في فدك حقاً لنا خصه الرحمن من قدم
كأنما العهد فيكم يوم فارقنا طيف الخيال سرى عن طيف محتلم
نسيتم من وصايا المصطفى لكم بآله كلما أوفاه من ذمم
بنت النبي أبيحت بين أظهركم حقوقها وحماها غير محترم
لم تلق في القوم إلا كامناً حنقا والطرف منه عن الحق المبين عمي
لم يهضموا فاطماً إلا وقد علموا بان حيدر منهم غير منتقم
ثم انثنت عنهم بالخطو عاثرة بذيل برد يواري موضع القدم
قالت أبا حسن ماذا القعود فقم وحكم السيف في الأعناق والقمم


الصفحة 204

نقضت قادمة البازي مكتمناً من رعيه من بغاث الطير والرخم
وقد لويت الطلا بالذل مفترشاً خديك ترب الثرى يا ضيغم الأجم
ترضى بأن عتاة البغي تهضمني وأنت تعلم ليس الهضم من شيمي
تبزني نحلتي مني يدا ابن أبي قحافة حيث لم يبصر لدي حمي
فقال فاطم صبراً نهنهي شجناً واطوي الجوانح أن تجزع على الكظم
إن الكفيل لمأمون وحقك في حكم الكتاب جلي غير منكتم
وإرثك إن أضاعته العدى حنقاً فلم يضع لك أجراً بارئ النسم

الشيخ كاظم آل نوح(1):

توفي سنة 1379 هـ. خطيب الكاظمية، قال عنه السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة ج1 ص135 ما نصه: ومن العجيب أن أحمد أمين زار العراق بعدما انتشر كتابه (فجر الإسلام) في زهاء ثلاثين رجلاً من المصريين وحضر في بغداد مجلس وعظ الشيخ كاظم الخطيب الشهير فتعرض لكلام أحمد أمين في كتابه، وفنده بأقوى حجة وأوضح برهان

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج10 ص140.


الصفحة 205

ووفى المقام حقه وهم يسمعون فأعجبوا ببيانه، وأذعنوا لبرهانه(1).

قال من قصيدة له(2):


لعل الحيا حيا الحمى مستهله فأصبح مفطوماً من الروض طفله
ترعرع أطفال الرياض نضارة إذا ما يحيها من الغيث وبله

إلى أن يقول:


لعمرك ما كيد ابن هند بظائر على الدين لولا السامري وعجله
فثقلا رسول الله ثقل ممزق وقتلاً وسماً راح يتلوه ثقله


ت رسول الله ماتت بغصة وراح لها حمل وما تم حمله

من قصيدة(3) للسيد محمد جمال الهاشمي:

توفي سنة 1397هـ، وكان من العلماء الأعلام، تتلمذ على يد والده آية الله السيد جمال الدين وأبو الحسن الأصفهاني وغيرهم من الفطاحل(رحمهم الله)

____________

1- نفس المصدر ص141.

2- ديوان آل نوح ص218.

3- شرح خطبة الزهراء (عليها السلام) ص290 .


الصفحة 206

حتّى حاز على درجة الاجتهاد(1).


شمّرت للجهاد سيدة الإسلام عن ذيل عزمها الصخّاب
لم تدعْ للمهاجرين والأنصار رأياً إلا انمحى كالضباب
واستعانتْ بالحقِ درعٌ من إمان وصارمٌ من صواب
رجمتهم بالمخزيات فآبوا وهم يحملون سوءَ المآب
حججٌ كالنجوم ينثرُها الحقُّ ويرمي الشهاب إثرَ الشهاب
فهي إمّا عقل وإمّا حديث جاء عن نص سنةٍ أو كتاب
فتهاوت أحلامهم كصروحٍ شادها الوهم عالياً في السراب
آهِ لولا ضعف النفوس لما استرجع ركب الهدى على الأعقاب
ولما عادت الإمارة للقوم وحازوا إمامة المحراب
واستقرت هوج العواصف لما قابلتها سياسة الإرهاب
واختفى النص بالولاية لمّا أظهر الكيد فكرة الإنتخاب
أوقدَ الغدر في السقيفة ناراً عَلُقتْ في مواكب الأحقاب
وتلاشى الغديرُ إلا بقايا تترامى بها بطونُ الشِعاب
مؤلماتٌ من هجوم الأرجاس مثلتها عداوتُ الأصحاب
وتوالت مناظرٌ بالنار كي تحرقَ بيتَ الأكارم الأطياب
وانكسار الضلع المقدس بالضغـ ـط وسقطِ الجنين عند الباب
وانتزاع الوصي سحباً من الدار بتيار ثورة الأعصاب
واغتصاب الحق الصريح جهاراً باختلاف الأعذار للإغتصاب

____________

1- الترجمة من ديوانه ـ بتصرّف ـ .


الصفحة 207

آية الله السيد مهدي الحسيني الشيرازي(1):

ولد في كربلاء سنة 1304 هـ. كان عالماً جليلاً من أئمة التدريس والجماعة والتقليد في كربلاء، وله مؤلفات جليلة، منها: ذخيرة العباد، ذخيرة الصلحاء، الوجيزة، وغيرها. توفي في كربلاء سنة 1380 هـ، ودفن فيها.

قال(2) في مدح السيدة الزهراء (عليها السلام) وبيان مصائبها:


ظهرت زهرة زهراء البتول فاستنار الكون من أنوارها


ولدت فاطمة بنت النبي فاسقني كأس الهنا والطرب
واترك الزهد وهول اللَّهب فهي الفاطمُ في اليوم المهول

مذنبي شيعتها من نارها

إلى أن يقول:

____________

1- فاطمة الزهراء في ديوان الشعر العربي، عن أعيان الشيعة ج10 ص146.

2- فاطمة الزهراء في ديوان الشعر العربي ص418.


الصفحة 208

فاطم سادت نساء البشر بمزايا كسناء القمر
وغدت مفزعَ يوم المحشر ليس فيما ترتضيه من نكول

فاسأل الأخبار في آثارها


فهنيئاً لمحبّيها النجاة من عظيم الوزر من بعد الممات
كيف يخشى من عظيم السيئات مَنْ تولّى فاطماً أُمَّ الشبول

لا وربي لم يذق من نارها


لعداها الويل إذ عادوا النبي وغدوا من ربهم في غضب
عمّروا بيتاً لهم من لهب إذ بنار أحرقوا باب البتول

نار حقد بقيت أخطارها


لم يزل يغلي لهيب الكفر في قلوب طبعت كالحجر
فغدا يحرق باب الغرر باب فوز خير باب للسؤول

هو باب الله في أقطارها


لهف نفسي لعزيز هضمت ضربت طوراً وطوراً لطمت
وبأطوار الأذايا ظلمت لهف نفسي لك يا بنت الرسول

لهفة تشكو الحشا من نارها


منعوا إرث أبيها علناً وأزاحوا الفيء عنها احناً
أسقطوا منها جنيناً محسناً كسروا أضلعها ياللذحول

هجموا بغياً عليها دارها


لم تزل بعد أبيها فتنت وبكت شجواً إلى أن زمنت
قتلت جهراً وسراً دفنت فبعين الله غارت في الرسول


الصفحة 209

بنت طه وعفا آثارها

الشيخ محمد علي اليعقوبي(1):

توفي سنة 1385 هـ. قال عنه صاحب أدب الطف: … أديب خطيب وباحث كبير علم من أعلام الأدب وسند المنبر الحسيني، له اليد الطولى في توجيه الناس وإرشادهم … ولد في النجف الأشرف في شهر رمضان سنة 1313 هـ، ونشأ برعاية والده الخطيب التقي والواعظ الشهير(2).

قال(3) من قصيدة له في رثاء أهل البيت (عليهم السلام):


ولقد يعز على رسول الله ما جنت الصحابه
قد مات فانقلبوا على الأعقاب لم يخشوا عقابه
منعوا البتولة أن تنوح عليه أو تبكي مصابه
لم يحفظوا للمرتضى رحم النبوة والقرابة
لولم يكن خير الورى بعد النبي لما استنابه

____________

1- ترجمته في أدب الطف ج10 ص194.

2- نفس المصدر.

3- وفاة فاطمة الزهراء (ع) للسيد عبد الرزاق المقرم ص140.


الصفحة 210

قد أطفأوا نور الهدى مذ أضرموا بالنار بابه
أسد الإله فكيف قد ولجت ذئاب القوم غابه
وعدوا على بنت الهدى ضرباً بحضرته المهابه
في أي حكم قد أباحوا إرث فاطم واغتصابه
بيت النبوة بيتها شادت يد الباري قبابه
أذن الإله برفعته والقوم قد هتكوا حجابه
عاشت معصبة الجبين تئن من تلك (العصابه)
حتى قضت وعيونها عبرى ومهجتها مذابه
وأمض خطب في حشا الإ سلام قد أورى التهابه
بالليل وارها الوصي وقبرها عفى ترابه

الشيخ إبراهيم المبارك(1):

كان الشيخ إبراهيم المبارك من أفاضل الحوزة النجفية. ولد في قرية الهُجير سنة 1326 هـ، وتوفي في البحرين سنة 1399 هـ.

قال(2) في رثاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والزهراء (عليها السلام):


مات الرسول فماتت كل كائنة وكدرت صفوة الدنيا بأكدار

____________

1- موسوعة أدب المحنة ص520.

2- نفس المصدر ص524.


الصفحة 211

وأصبحت حركات الكون ساكنة والأرض مؤدنة منه بتسيار
ًوأظلمت صفحات الجوّ وانطبقت دوائر الأفق واصطكت بإعصار
وأظهر الناس أحقاداً مؤكدةً ضاقت ضمائرهم منها بإسرار
تقحموا منزل الزهراء واجترموا أضرموا النار في بابٍ وأستار
وأخرجوا حيدر الكرار واحتشدوا لبغية الملك في شيء من النار
أمّا البتول فرضّوها بحائطها رضّاً يُوجههم للنار والعار
وأسقطوها جنيناً بعدما لطمو ها لطمةً بقيت منها بآثار
والسوط ألم متنيها على ألمٍ لاقته من رضِّ أضلاع وأفقار
تشكو إلى الناس لم تسمع شكايتها فمن مهجرة منهم وأنصار
وأتبعوا فِعلهم هذا بغصبهم الـ ميراث منها بموضوعات أخبار
حتى قضت وهي حرّى القلب شاكية من كل باغٍ أثيم القلب ختار

الملا حسن بن عبد الله آل جامع(1):

ولد الشاعر حسن بن عبد الله بن إبراهيم آل جامع في حي القلعة من مدينة القطيف عام 1333 هـ، وتعلم القرآن والكتابة على يد الأجل الشيخ محمد صالح البريكي، واشتغل في بداية حياته بالتجارة ثم انتقل بعدها إلى مهنة

____________

1- موسوعة أدب المحنة ص543.


الصفحة 212

الكتابة.زاول في فترة حياته الخطابية الحسينية، وكان ملازماً للعلماء، محباً لهم، توفي رحمه الله في رجب سنة 1403 هـ عن عمر يناهز السبعين.

قال(1) من قصيدة له في رثاء الزهراء (عليها السلام):


وأعولت الأرض البسيطة مذ قضى نبيُّ الهدى غوث الورى والأرامل
وقد بكت السبع الطباق له دماً واثكل شرع الله افضل راحل
لقد فقد الإسلام أفضل مرسل وأكرم مبعوثٍ أتى بالدلائل
قضى وعلى الزهراء ظلماً تواثبوا وقادوا عليَّ المرتضى بالحمائل
لقد كسروا أضلاعها خلف بابها وهم أسقطوها حملها غير كامل
وقد غصبوها إرثها فانثنت إلى عليٍّ تنادي يا مبيد البواسل
أبا حسنٍ ترضى بهضمي وذلتي. وإرثي مغصوبٌ بأيدي الأراذل

من نتائج البحث

لقد مرّ علينا الكثير جدّاً من الروايات، وتمّ الإستدلال بها على ما أوردت لأجله، ولكن يبقى هناك ثمرات لابدّ من اقتطافها، ونقاط لابدّ من إنارتها، إكمالاً للفائدة، وإتماماً لما ينبغي أن نستفيده منها، وجمعاً لشتاتها، فنقول:

____________

1- ديوان الملا حسن بن عبد الله آل جامع.


الصفحة 213

أوّلاً: الآمر بالهجوم هو أبو بكر ابن أبي قحافة، ودلّ على ذلك أكثر الروايات السابقة فمنها: رواية ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة(1)، وابن عبد ربه في العقد الفريد(2)، والبلاذري في أنساب الأشراف(3)، وابن جرير في تاريخه(4) وغيرهم كثير، فراجع إن شئت.

ثانياً: المهدِّد بإحراق بيت النبوة(عليهم السلام) هو عمر بن الخطاب، ودلّ على ذلك أكثر الروايات السابقة، فمنها: رواية ابن قتيبة في كتابه الإمامة والسياسة(5)، وكنز العمّال(6)، وابن عبد ربه في العقد الفريد(7)، والبلاذري في أنساب الأشراف(8).

ثالثاً: العصابة الّتي شاركت في الهجوم منها:

1-عمر بن الخطاب، ودلّ على ذلك أكثر الروايات السابقة فمنها:

____________

1- الإمامة والسياسة لابن قتيبه ج1 ص12 .

2- العقد الفريد لابن عبد ربه ج3 ص63 .

3- أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص556.

4- تاريخ ابن جرير ح1 ص619.

5- الإمامة والسياسة لابن قتيبه ج1 ص12 .

6- كنز العمّال ج3 ص140 .

7- العقد الفريد لابن عبد ربه ج3 ص63 .

8- أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص556.


الصفحة 214

رواية اليعقوبي في تاريخه(1)، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة(2)، وابن أبي الحديد في شرحه(3)، والشيخ المفيد في كتاب الاختصاص(4) وغيرهم.

2-خالد بن الوليد، ودلّ على ذلك مجموعة من الروايات، وهي: رواية المجلسي في بحاره(5)، وابن أبي الحديد في شرحه(6)، والشيخ المامقاني في تنقيح المقال في ترجمة خالد بن الوليد(7)، وسليم بن قيس الهلالي(8).

3-قنفذ مولى عمر، ودلّ على ذلك مجموعة من الروايات، منها: رواية ابن شهراشوب في المناقب، والمجلسي في بحاره(9) والعيّاشي في

____________

1- تاريخ اليعقوبي ج2 ص126 وشرح الخطبة ص239 .

2- الإمامة والسياسة ح1 ص4.

3- شرح ابن أبي الحديد ج1 ص132 .

4- الاختصاص ص185 .

5- البحار ج53 ص18 .

6- شرح ابن أبي الحديد ج2 ص19 .

7- تنقيح المقال للشيخ المامقاني ج1 ص394.

8- كتاب سليم بن قيس الهلالي ص21.

9- البحار ج53 ص18 .


الصفحة 215

تفسيره(1) وسليم بن قيس الهلالي في كتابه(2).

4-مغيرة بن شعبه، ودلّ على ذلك رواية الطبرسي في الإحتجاج(3)، وسليم بن قيس الهلالي(4).

5-زياد بن لبيد، ودلّ على ذلك رواية أبي بكر الجوهري في كتابه السقيفة وفدك(5).

6-أسيد بن حضير، ودلّ على ذلك رواية ابن أبي الحديد في شرحه(6) والعلاّمة الحلّي(قدّس سرّه) في كتابه نهج الحق وكشف الصدق(7) نقلاً عن الواقدي، وسليم بن قيس الهلالي(8).

7-سلمة بن أسلم (سلامة)، ودلّ على ذلك رواية ابن أبي الحديد في شرحه(9) والعلاّمة الحلّي(قدّس سرّه) في كتابه نهج الحق وكشف

____________

1- تفسير العيّاشي ج2 ص307-308 .

2- كتاب سليم بن قيس الهلالي ص21.

3- الإحتجاج للطبرسي ص277 .

4- كتاب سليم بن قيس الهلالي ص21.

5- السقيفة وفدك لأبي بكر الجوهري ص50 .

6- شرح ابن أبي الحديد ج1 ص132 .

7- نهج الحق وكشف الصدق للعلاّمة الحلّي ص271 .

8- كتاب سليم بن قيس الهلالي ص21.

9- شرح ابن أبي الحديد ج1 ص132 .


الصفحة 216

الصدق(1) نقلاً عن الواقدي.

8-زيد بن أسلم، ودلّ على ذلك رواية ابن خنزابه في كتابه الغرر(2).

9-عبد الرَّحمن بن أبي بكر، ودلّ على ذلك رواية المجلسي في بحاره(3).

10-أبو عبيدة بن الجرّاح، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وبشير بن سعد، ودلّ على ذلك رواية سليم بن قيس الهلالي(4).

رابعاً: الّذين باشروا بضرب الصدّيقة الزهراء(عليها السلام):

1-عمر بن الخطاب، ودلّ على ذلك روايات كثيرة منها: رواية الشهرستاني في الملل والنّحل(5)، وابن حجر في لسان الميزان في حرف الألف(6)، والوافي بالوفيات(7)، وابن قولويه في كامل الزيارات(8). وغير ذلك من الروايات الّتي مرّت عليك.

____________

1- نهج الحق وكشف الصدق للعلاّمة الحلّي ص271 .

2- البحار ج28 ص339 ودلائل الصدق ج3 ص78.

3- البحار ج53 ص18 .

4- كتاب سليم بن قيس الهلالي ص21.

5- الملل والنّحل للشهرستاني ج1 ص57 .

6- لسان الميزان في حرف الألف لابن حجر ج1 ص268

7- الوافي بالوفيات ج5 ص14 .

8- كامل الزيارات لابن قولويه ص332.