الفصل الأول


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وخير الخلق أجمعين محمد وآله المعصومين، ولا سيما إمام زماننا خاتم الوصيين، ولعنة الله على أعدائهم وظالميهم إلى يوم الدين.

أما بعد، فيقول غريق بحار السيّئات والأماني (محمد تقي بن عبد الرزاق الموسوي الاصفهاني) _ عفى الله تعالى عنهما _ لإخوانه في الإيمان:

هذا هو الجزء الثاني من كتاب (وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام (ع)) الذي جمعت فيه جملة من الأعمال التي يجب على أهل الإيمان _ في زمن غيبة إمام العصر يعني (الحجة بن الحسن العسكري) عجل الله فرجه الشريف المواظبة عليها، وأن يجعلوها دستوراً لاعمالهم _ وكل ما جمعت فيه إلى الآن _ من كتب الإمامية المعتبرة _ يزيد على خمسين أمراً، وذكرت في الجزء الأول من الكتاب خمس وعشرين وظيفة، وأذكر الباقي في هذا الجزء بعون الله جل جلاله، فأقول:

السادس والعشرون:

أن يظهر العلماء عملهم ويرشدوا الجاهلين إلى جواب شبهات المخالفين كي لا يضلّوا وينقذوهم من الحيرة إن وقعوا

الصفحة 4
فيها، وهذا الأمر مهمّ جداً في هذا الزمان وهو واجب على العلماء، فقد ورد في "تفسير الإمام الحسن العسكري (ع)" أنّ الإمام محمد التقي (ع) قال:

إنّ من تكفل بأيتام آل محمد صلى الله عليه وآله، المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الأُسراء في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردْ وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربّهم، ودليل أئمتهم، ليفضلون عند الله على العباد بأفضل المواقع، بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرض والكرسي والحجب، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء.(1)

وروي عن الإمام علي النقي (ع) أنّه قال:

"لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلاّ ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل".(2)

____________

(1) تفسير الإمام العسكري (ع): 116.

(2) تفسير الإمام العسكري (ع): 116.


الصفحة 5
وفي (أصول الكافي) عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (ع): رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعلَ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيَهما أفضل؟قال:

"الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد".(1)

إذن على ضوء هذه الأحاديث وغيرها يجب على كل عالم أن يظهر علمه بقدر ما يستطيع، خصوصاً في هذا الزمان الذي ظهرت فيه البدع، وقد ورد في (أصول الكافي) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:

"إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله".(2)

وروي في كتاب (الفتن) من (البحار) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لأمير المؤمنين (ع):

"يا علي، لو هدى الله بك رجلاً واحداً خير لك ممّا طلعت عليه الشمس".(3)

السابع والعشرون:

الاهتمام بأداء حقوق صاحب الزمان (ع) كل بقدر استطاعته، وعدم التقصير في خدمته.

فقد ورد في (البحار) عن الصادق (ع) أنه سئل: هل ولد القائم؟

____________

(1) الكافي: 1/33.

(2) الكافي: 1/ 54.

(3) البحار: 8، ط حجر/ 484.


الصفحة 6
قال:

"لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي".(1)

أقول: تأمّل أيّها المؤمن كيف يجل الإمام الصادق (ع) قدره، فإن لم تكن خادماً له فلا أقلّ أن لا تحزن قلبه ليلاً ونهاراً بسيئاتك، فإن لم تَجُد بالعسل فلا تعط السمّ.

الثامن والعشرون:

أن يبدأ الداعي بالدعاء له (ع) طالباً من الله تعالى تعجيل ظهوره، ثم يدعو لنفسه.

وهذا الأمر واضح في دعاء يوم عرفة من الصحيفة السجادية المباركة، إضافة إلى اقتضاء حبّه وأداء حقوقه ذلك، ويستفاد هذا الأمر أيضاً من بعض الأحاديث، كل هذا مع تحصيل أكثر من ثمانين فائدة من الفوائد الدنيوية والأخروية المترتّبة على الدعاء له (ع) بتعجيل فرجه وظهوره، وقد ذكرت هذه الفوائد مع مصادرها وأدلّتها في كتاب (أبواب الجنات) وكتاب (مكيال المكارم)(2) وبعضها تقدم في هذا الكتاب.

ومن الطبيعي أنّ الشخص العاقل يؤْثر تحصيل تلك الفوائد على دعاء لا يعلم يستجاب أم لا، بل تقديم الدعاء له (ع) يكون وسيلة لاستجابة دعائه إن شاء الله تعالى، كما هو شأن تقديم الصلاة على محمد وآل محمد في الدعاء، حيث يكون موجباً لاستجابة ما بعده من دعاء.

____________

(1) البحار: 51/ 148 ح، 22 عن غيبة النعماني: 245 ح 46.

(2) مكيال المكارم: ج 1، ص 377، الباب الخامس.


الصفحة 7
كما ورد في الحديث.(1)

التاسع والعشرون:

إظهار المحبة والولاء له (ع).

فقد ورد في (غاية المرام) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال في حديث المعراج إن الله تعالى قال له: يا محمد، أتحبّ أن تراهم؟

فقال: تقدّم أمامك، فتقدّمت أمامي فإذا علي بن أبي طالب، والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة القائم كأنه الكوكب الدرّي في وسطهم.

فقلت: يارب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء أئمة الحق، وهذا القائم، محلّل حلالي، ومحرّم حرامي(2)، وينتقم أعدائي، يا محمد أحببه فإنّي أحبّه، وأحب من يحبّه(3).

أقول: يتضح من الأمر بمحبته _ مع أنّ محبة جميع الأئمة واجبة _ أنّ في محبّته خصوصية معينة كانت وراء أمر الله تعالى هذا، وأنّ في وجوده المبارك صفات وشؤون تقتضي هذا التخصيص.

الثلاثون:

الدعاء لأنصاره وخدّامه.

كما ورد ذلك في دعاء يونس بن عبد الرحمن المتقدّم.(4)

____________

(1) الكافي: ج 2، ص 491، باب الصلاة على النبي محمد وأهل بيته، ح 1، نص الحديث: "عن أبي عبد الله (ع) قال: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلي على محمد وآل محمد".

(2) أي يظهر جميع أحكام الدين حتى يعمل بها بلا تقية. (المؤلف).

(3) غاية المرام: 189 ح 105 وص 256 ح 24.

(4) ص 29، من هذا الكتاب وص 313 من كتاب جمال الأسبوع.


الصفحة 8

الواحد والثلاثون:

لعن أعدائه(ع).

كما هو ظاهر من أخبار كثيرة ومن الدعاء الوارد عنه (ع)(1)

الثاني والثلاثون:

التوسّل بالله تعالى أن يجعلنا من أنصاره.

كما ورد ذلك في دعاء العهد وغيره.(2)

الثالث والثلاثون:

رفع الصوت في الدعاء له (ع) وخصوصاً في المجالس والمحافل العامة.

فهو إضافة إلى انّه تعظيم لشعائر الله تعالى، فقد ظهر استحباب ذلك في بعض فقرات دعاء الندبة المروي عن الصادق (ع).(3)

الرابع والثلاثون:

الصلاة على أنصاره وأعوانه (ع).

وهو نوع من الدعاء لهم، وقد ورد ذلك في دعاء عرفة من الصحيفة السجادية المباركة وبعض الأدعية الأخرى.

الخامس والثلاثون:

الطواف حول الكعبة المشرفة نيابة عنه (ع)، وقد أوردت الدليل على ذلك في كتاب (مكيال المكارم)،(4) وأعرضت عن ذكره هنا طلباً للاختصار.

السادس والثلاثون:

الحجّ نيابة عنه (ع).

____________

(1) الاحتجاج: 2/ 316.

(2) ص 40.

(3) والعبارة هي: إلى متى أجار فيك يا مولاي وإلى متى. وفي القاموس: جأر يعني رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة (المؤلف).

(4) مكيال المكارم: 2/ 216.


الصفحة 9

السابع والثلاثون:

إرسال النائب عنه للحجّ.

ودليله ودليل الذي قبله الحديث المروي في (الخرائج)(1) وقد ذكرته في (مكيال المكارم)(2) ومذكور أيضاً في (النجم الثاقب).(3)

الثامن والثلاثون:

تجديد العهد والبيعة له (ع) في كل يوم أو في كل وقت ممكن.

واعلم أن معنى البيعة على قول أهل اللغة: العهد والاتّفاق على أمر، والمراد من البيعة والعهد معه (ع) هو أن يقر المؤمن بلسانه ويعزم بقلبه أن يطيعه كل الطاعة، وينصره في أي وقت ظهر فيه، وهذا الأمر يحصل بقراءة دعاء العهد الصغير الذي تقدم ص 40، أو الكبير: الذي يأتي ص 108.

وأما وضع اليد في يد شخصٍ ما بعنوان أنّ هذه البيعة هي بيعة مع الإمام (ع) فهو من البدع المضلّة فلم ترد في القرآن أو الروايات، نعم لقد كان متعارفاً عند العرب أن يضع الرجل يده بيد رجل آخر لإظهار البيعة والعهد بصورة جليّة، وقد ورد في بعض الأحاديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد صافح في مقام البيعة ثم وضع يده المباركة في إناء ماء ثم أخرجها وأمر نساء المسلمين أن يضعن أيديهنّ في ذلك الماء في مقام البيعة له صلى الله عليه وآله، وهذا لا يصلح أن يكون دليلاً على أنّ هذا الشكل

____________

(1) الخرائج والجرائح: 73.

(2) مكيال المكارم: 2/ 215.

(3) النجم الثاقب: ص 774 _ فارسي _.


الصفحة 10
من البيعة جائز في كل زمان حتى زمان غيبة الإمام (ع)، بل يظهر من بعض الأحاديث وجوب الاكتفاء بالإقرار اللساني والعزم القلبي في عدم إمكان بيعة شخص الإمام أو النبي صلى الله عليه وآله، وهذا الحديث مفصّل في ذكر هذا الأمر وقد أورده جمع من العلماء في كتبهم.

ومن جملتها ماورد في تفسير (البرهان) عن الإمام محمد الباقر (ع) أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن نصب الأمير (ع) خليفة له أوضح جملة من فضائله، ثم قال:

"معاشر الناس إنّكم أكثر من أن تصافقوني بكفّ واحدة، وأمرني الله عز وجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي (ع) بإمرة المؤمنين ومن جاء بعده من الأئمّة منّي ومنه على ما أعلمتكم أنّ ذرّيّتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم: إنّا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت من أمر ربّنا وربّك في أمر علي أمير المؤمنين وأمر ولده من صلبه من الأئمّة _ إلى آخر الحديث".(1)

فإن كان جائزاً وضع اليد في يد غير الإمام بعنوان البيعة مع الإمام (ع) لكان قد أمر الناس أن تضع كلّ طائفة يدها في يد أحد كبار الصحابة مثل سلمان وأبي ذر وغيرهم، فإذن لايصحّ هذا العمل إلاّ مع شخص النبي صلى الله عليه وآله وشخص الإمام (ع) في زمان ظهوره، كالجهاد المختص بزمان حضور الإمام (ع)، وعلاوة على ذلك لم يرد

____________

(1) البرهان: 1/ 442.


الصفحة 11
أيّ حديث في أي كتاب روائي يقول أن في زمان الأئمّة عليهم السلام بايع أحد المسلمين أحد الصحابة الأئمّة عليهم السلام الكبار بعنوان أن نفس الأئمّة عليهم السلام جعلوهم مراجع نستعينهم في هذا الأمر.

التاسع والثلاثون:

ذكر بعض الفقهاء، مثل المحدّث الحر العاملي رحمه الله في الوسائل، حيث قال: يستحب زيارة قبور الأئمّة الأطهار عليهم السلام نيابة عن الإمام عجل الله تعالى فرجه.(1)

الأربعون:

روي في (أصول الكافي) عن المفضل أنّه قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول:

"لصاحب هذا الأمر غيبتان، إحداهما يرجع منها إلى أهله، والأُخرى يقال: هلك، في أيّ واد سلك؟! قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟! قال: إذا ادّعاها مدّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله".(2)

أقول: يعني اسألوه عن أمور لا يصل إليها علم الناس، مثل الإخبار عن الجنين في رحم أُمّه، أذكر هو أم أُنثى؟ وفي أيّ وقت يولد؟ ومثل الإخبار عمّا أضمرتموه في قلوبكم ممّا لا يعلم به إلاّ الله تعالى، والتكلّم مع الحيوانات، والجمادات، وشهادتهما على صدقه وحقِّه في هذا الأمر كما حصل أمثالها مع الأئمّة الطاهرين عليهم السلام مكرراً، وقد ذكرت مفصّلة في الكتب.

____________

(1) الوسائل: 10/ 464 ح1.

(2) الكافي: 1/340.


الصفحة 12

الحادي والأربعون:

تكذيب من يدّعي النيابة الخاصة عنه (ع) في الغيبة الكبرى، كما ورد ذلك في التوقيع الشريف المذكور في (كمال الدين)(1) و(الاحتجاج)(2).

الثاني والأربعون:

عدم تعيين وقت لظهوره (ع)، وتكذيب من يعيّن ذلك وتسميته كذّاباً.

وقد ورد في الحديث الصحيح عن الصادق (ع) أنّه قال لمحمد بن مسلم:

"من وقّت لك من الناس شيئاً فلا تهابنّ أن تكذّبه، فلسنا نوقّت لأحد وقتاً".(3)

وفي حديث آخر عن الفضيل أنّه قال:

"سألت أبا جعفر (ع): هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: "كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون".(4)

وفي (كمال الدين) عن الرضا (ع) أنه قال:

حدّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ النبي صلى الله عليه وآله قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيّتك؟

____________

(1) كمال الدين: 516 ح 44 نص الحديث "... وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر...".

(2) الاحتجاج: 2/ 478.

(3) الغيبة للشيخ الطوسي: 262، وعنه في البحار: 52/ 104 ح 8.

(4) الغيبة للشيخ الطوسي: 262.


الصفحة 13
فقال (ع): "مثله مثل الساعة التي }لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً{".(1)

والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.

الثالث والأربعون:

التقيَّة من الأعداء.

وأما معنى التقية الواجبة فهو أن يتوقَّف المؤمن عن إظهار الحقّ إذا وجد خوفاً عقلاءياً من الضرر في نفسه أو ماله أو كرامته فلا يظهر الحقّ، بل إذا اضطرّ لحفظ نفسه أو ماله أو كرامته أَن يوافق المخالفين بلسانه فليفعل، إلاّ أنّ قلبه يجب أن يكون مخالفاً للسانه، فقد ورد في (كمال الدين) عن الإمام الرضا (ع) أنّه قال:

"لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقيّة له، إنَّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة" فقيل له: يا ابن رسول الله، إلى متى؟ قال: "إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا"(2).

والأخبار في وجوب التقيّة كثيرة جداً، وما عرضته من معنى التَّقيّة الواجبة هو نفس معنى الحديث المذكور في هذا الباب في كتاب (الاحتجاج) عن أمير المؤمنين (ع)، وقد أكَّد الإمام (ع) في ذلك

____________

(1) كمال الدين: 2/ 373، والآية من سورة الأعراف: 187.

(2) كمال الدين: 2/ 371.


الصفحة 14
الحديث بقوله وترك التقية فإن في ذلك إذلالكم وسفك دمائكم ودماء المؤمنين... إلى آخر الحديث.(1)

وفي (خصال) الشيخ الصدوق (رحمه الله) بسند صحيح عن الإمام محمد الباقر (ع) أن أمير المؤمنين (ع) قال:

"قوام الدين بأربعة(2): بعالم ناطق مستعمل له، وبغنيّ لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم، فاذا كتم العالم علمه، وبخل الغني بماله وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلى ورائها القهقرى فلا تغرَّنكم كثرة المساجد وأجساد القوم مختلفة، قيل: يا أمير المؤمنين، كيف العيش في ذلك الزمان؟ فقال: خالطوهم بالبرانية _ يعني في الظاهر _ خالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب وهو مع من أحبّ، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل".(3)

والأخبار في هذا الباب كثيرة جداً وقد ذكرت جملة منها في (مكيال المكارم).(4)

____________

(1) عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال:... إياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فإنك شائط بدمك ودم إخوانك... راجع كتاب الاحتجاج للطبرسي، ج 1: 355.

(2) أي إقامة أحكام الدين الإسلامي متوقفة على وجود هؤلاء الأربعة.

(3) الخصال: 197ح 5.

(4) مكيال المكارم: 2/ 284.