مع الكاتب حول المذهب الشيعي
كلّ ما ذكرناه ممّا تقدّم كان مقدّمة تمهيدية للدخول في الردّ على هذه المقالة التي ملئت فحشاً وسباباً ورمياً بالتكفير لفئة آمنت بالله وأسلمت أمرها إلى الله تعالى ودلّها البرهان وساندها القرآن على ما تعتقد، ولندع ما ذكره في مقدمة المقالة لانّه ذكر فهرساً لما سيذكره بعد ذلك ونبدأ معه من قوله: ما هو المذهب الشيعي؟
ونقول: ذكرنا في مقدّمة هذا الكتاب التعريف الاجمالي بالشيعة من حيث المبدأ والمعتقد، وأنّه أسبق المذاهب الاسلامية وجوداً، وأنّ واضع بذرته وغارس شجرته هو نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله.
ثمّ افتتح حديثه برواية نقلها وهي: قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في امتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله.
ونقول: إنّ الاستشهاد بالرّواية في غير محلّه؛ لأنّ البدعة
فماذا يريد الكاتب ان كان يريد انّ مذهب الشيعة بدعة، فهذا غير صحيح، لانّ علماء السنّة رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنّ الشيعة كانوا معروفين في زمان النبي صلى الله عليه وآله، وأنّ النبي مدح الشيعة وأنّهم الفائزون يوم القيامة، ارجع الى مقدمة هذا الكتاب.
وان كان مراده شيئاً آخر فلم يبيّنه، فالإستشهاد بالرواية ليس صحيحاً.
قال الكاتب: يوجد في أوساط أكثر مسلمي أهل السنة وهم الأكثرية السّاحقة حاجة ماسّة إلى المعرفة عن هويّة الشيعة وحقيقتهم... الخ.
ونقول: لا مانع من التعرّف على هويّة الشّيعة وحقيقة التشيّع، ولكن لا يمكن التعرّف عليهم من خلال ما يكتبه خصومهم وأعداؤهم، بل مقتضى العدل والإنصاف أن تؤخذ الأشياء من مصادرها ونحيلك على بعض الكتب بأقلام شيعية
____________
1) البدعة بالكسر الحدث في الدين بعد الإكمال او ما استحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله من الاهواء والاعمال، راجع القاموس المحيط للفيروز آبادي: ج 3 ص 7.
1 ـ الشافي في الامامة، تأليف السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين الموسوي.
2 ـ المراجعات، تأليف السيّد عبد الحسين شرف الدين.
3 ـ الغدير، تأليف الشيخ عبد الحسين الأميني.
5 ـ مناهج اليقين في اصول الدين، تاليف الحسن بن يوسف ابن مطهّر العلاّمة الحلّي.
6 ـ هوية التشيع، تأليف الشيخ أحمد الوائلي.
7 ـ عقائد الامامية، تاليف الشيخ محمد رضا المظفّر.
8 ـ دليل المتحيّرين في بيان الناجين، تأليف الشيخ علي آل محسن.
9 ـ العقائد الجعفريّة، تأليف الشيخ جعفر كاشف الغطاء.
10 ـ كشف الغمّة في معرفة الائمة، تاليف أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي.
11 ـ إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل، تأليف السيّد نور الله الحسيني المرعشي.
12 ـ كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، تاليف الحسن بن
13 ـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، تاليف رضي الدين علي بن موسى ابن طاووس.
14 ـ أوائل المقالات في المذاهب المختارات، تاليف محمد بن محمد بن النعمان الملقّب بالشيخ المفيد.
15 ـ تاريخ الشيعة، تأليف الشيخ محمد حسين المظفّر.
16 ـ مناقب آل أبي طالب، تأليف أبي جعفر محمد بن علي ابن شهر آشوب المازندراني.
17 ـ الثاقب في المناقب، تاليف عماد الدين ابي جعفر محمد بن علي الطوسي المعروف بابن حمزة.
18 ـ الارشاد، تأليف الشيخ المفيد.
19 ـ النكت الاعتقادية، تأليف الشيخ المفيد.
20 ـ الإفصاح في الإمامة، تأليف الشيخ المفيد.
21 ـ مسارّ الشيعة، تأليف الشيخ المفيد.
22 ـ تفضيل أمير المؤمنين، تأليف الشيخ المفيد.
23 ـ الإمامة والتبصرة من الحيرة، تأليف ابي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.
24 ـ الفصول المهمة في تاليف الأمّة، تاليف السيد
25 ـ إعلام المؤمنين في صفات المؤمنين، تاليف الحسن بن أبي الحسن الديلمي.
26 ـ كفاية الأثر في النص على الائمة الاثني عشر، تأليف أبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز.
27 ـ إعلام الورى بأعلام الهدى، تأليف أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي.
28 ـ الاقتصاد الهادي الى طريق الرشاد، تأليف ابي جعفر محمد بن الحسن الطوسي.
29 ـ النصب والنواصب، تأليف الشيخ محسن المعلم.
30 ـ الاربعون حديثاً في اثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، تأليف الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني.
31 ـ الألفين في إمامة أمير المؤمنين، تاليف الحسن بن يوسف بن مطهر الحلّي.
32 ـ الاربعون في إمامة الأئمة الطاهرين، تأليف محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي النجفي القمي.
33 ـ التشيّع لماذا؟، تأليف الشيخ محسن المعلم.
34 ـ رسالة في الولاية، تاليف السيد محمد حسين الطباطبائي
وهناك مؤلّفات أخرى أيضاً تكفلت ببيان التشيّع وحقيقته وفي ما ذكرناه كفاية، وليس من الإنصاف أن يقول الكاتب: الشّيعة الفرقة الباطلة، وهو يجعل من هم الشيعة وما هي حقيقتهم معتمداً في ذلك على ما كتبه خصومهم (ما هكذا يا سعد تورد الإبل)(1).
قال الكاتب: بدأت الشيعة كفرقة صغيرة سياسيّة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
ونقول: ليس الأمر كما ذكر هذا الكاتب إنّ التشيع بدأ برعاية الرسول صلى الله عليه وآله وقلنا إنّه غارس بذرته، وأوردنا جملة من الروايات رواها علماء السنّة في تفسير قوله تعالى: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البريّة) وأحلنا على جملة أخرى من المصادر.
قال: وعند ظهور هذه الفرقة لم يكن لها ارتباط بالدين...
ونقول: إنّ ما ذكر هذا الكاتب محض افتراء لا أساس له من الصحّة، فإنّ أبرز صحابة النبي صلى الله عليه وآله كانوا من الشيعة فإنّ أبا ذر الغفاري وهو رابع الإسلام أو سادسهم وسلمان الفارسي
____________
1) مجمع الامثال: ج 2 ص 364.
يقول محمّد كرد علي في كتابه خطط الشام ـ وهو ليس من الشيعة ولا من أنصارهم ـ:
عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله مثل سلمان الفارسي القائل: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له، ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول أمر الناس بخمس فعملوا بأربع وتركوا واحدة. ولمّا سئل عن الأربع قال: الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج، قيل: فما الواحدة التي تركوها؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب. قيل له: وانّها لمفروضة معهنّ؟ قال: نعم هي مفروضة معهنّ، ومثل أبي ذر الغفاري، وعمّار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت وأبي أيّوب الانصاري، وخالد بن سعيد بن العاص وقيس بن سعد بن عبادة(1).
____________
1) تاريخ الشيعة: ص 9. وقد ذكر المرحوم السيد شرف الدين في كتابه الفصول المهمة أسماء الشيعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله ـ لا على سبيل الحصر ـ ورتبها على حروف المعجم فبلغ عددهم أكثر من ماءتي نفر. راجع الفصول المهمة في تأليف الامة: ص 265 ـ 309 الطبعة المحققة.
قال الكاتب: وهناك شخص يدعى عبد الله بن سبأ يعتبر من قادة مؤامرة اغتيال عثمان.
ونقول: وهذه فرية اخرى روّجها أعداء الشيعة ضدّ الشيعة.
إنّ عبد الله بن سبأ ممّن اختلفت آراء الباحثين فيه، فمنهم من قال بوجوده ونسب اليه أحداثاً كثيرة وكبيرة، ومنهم من قال انّه من صنع الخيال، وقد تنبّه إلى ذلك الدكتور طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى، والدكتور علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين وغيرهما، وقد استنتج الدكتور طه حسين أن قضيّة عبد الله بن سبأ وما نسب إليه إنما نسجت للنيل من الشيعة والكيد لهم.
وسواء كان عبد الله بن سبأ حقيقة ثابتة أم أنّه محض خيال، فلا يعنينا من أمره شيء.
يقول محمد كرد علي في كتابه خطط الشام: وأما ما ذهب إليه بعض الكتاب من أن أصل مذهب التشيّع من بدعة عبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء، فهو وهم وقلّة معرفة بحقيقة مذهبهم
وقد قلنا آنفاً إنّ محمد كرد علي صاحب الخطط ليس من الشيعة ولا من أنصارهم.
ثمّ إنّ حادثة مقتل الخليفة الثالث ممّا حارت فيها أفهام علماء السنّة، ولم يستيطعوا أن يقدموا لها تفسيراً صحيحاً ومقبولاً يمكن الاعتماد عليه، والاّ فأين الصحابة الأوّلون عن هذا الامر؟
وكيف تركوا خليفة المسلمين بلا حماية حتّى جاءه أناس فقتلوه؟! ثمّ ما هي الدوافع لقتل الخليفة بينهم؟؟
والحقيقة كما تشهد بها كتب التاريخ أنّ لبعض الصحابة والتابعين يدا في قتل الخليفة أمثال طلحة، والزبير، وعائشة، وعمرو بن العاص وغيرهم ممّن يؤلّب النّاس على قتل عثمان، وارجع الى التاريخ لتقف على حقيقة الحال.
ومن الجدير بالذّكر أنّ المؤرخين كما نصّوا على أشتراك
____________
1) تاريخ الشيعة: ص 10.
وقد ذكر الطبري في تاريخه(2) تفاصيل مقتل عثمان بأسبابها ودوافعها وكثيراً مما يتعلق بها، ونقلها ابن أبي الحديد في شرح النهج(3) وأضاف إليها حوادث أخرى نقلها عن غيره. فراجع.
قال الكاتب: فأبوه كان يهودياً بينما أتت امّة إلى المدينة وحاولت الحصول على منصب في الحكومة الإسلامية فلم تنجح.
ونقول: لا ندري على أيّ المصادر اعتمد هذا الكاتب؟ ومن أين جاء بهذه المقالة؟ وماذا كانت تريد أمّ عبد الله بن سبأ أن تصبح؟ وأيّ منصب كانت تطمح إليه؟ وهل كانت النساء في تلك
____________
1) شرح نهج البلاغة: ج 1 ص 200، دار إحياء الكتب العربية.
2) تاريخ الامم والملوك (تاريخ الطبري): ج 4 ص 317 ـ 417.
3) شرح نهج البلاغة: ج 2 ص 126 ـ 161، دار إحياء الكتب العربية.
انّ هذا الكاتب يتعمد الافتراء، وسنوافيك بكثير من أكاذيبه التي ألصقها بالشيعة زوراً وبهتاناً.
قال الكاتب: فعلى هذا الأساس يكون مصدر الشيعة وفروعها نابتاً من فرقة عبد الله بن سبأ الذي هو المسؤول عن اغتيال خليفة النبي صلى الله عليه وآله.
ونقول: إن الاساس الذي هو مصدر التشيّع هو النبي صلى الله عليه وآله ولم يكن لعبد الله بن سبأ ـ على فرض وجوده ـ شأن يذكر، والمسؤول عن اغتيال الخليفة هو الصحابة أنفسهم وهذه الحقيقة تحتاج الى الشجاعة والجرأة والإنصاف ومحاكمة الأشخاص على ضوء ما حفظه لنا التاريخ، والاّ فكيف يتسنّى لعبد الله بن سبأ وهو ينحدر من أصل يهودي ـ حسب هذا الزعم ـ ويدبر مقتل الخليفة على مرأى من المسلمين ولم يتحرّكوا من أجل حماية الخليفة أليس في هذا طعنٌ على الصحابة من حيث لا يشعر هذا الكاتب؟؟
قال الكاتب: هذه الجماعة في حين تستّرهم مؤيّدين للامام علي عليه السلام رافعين راية أهل البيت عليهم السلام قد انحرفوا عن طريق الصحابة وسنّة الرسول صلى الله عليه وآله وعندما اغتالوا عثمان تشخّصوا
ونقول: إنّ هذا الكاتب يتجاسر على الصحابة وينسب لهم النفاق من حيث لا يشعر، وإلاّ فهؤلاء المتستّرون ـ على حسب زعمه ـ هل هم من الصحابة أم لا؟ فإن كانوا من الصحابة فكيف لهذا الكاتب أن يقول عنهم إنّهم انحرفوا وكانوا يتستّرون بالتأييد للإمام علي وإن كانوا ليسوا من الصحابة فكيف لصحابي وهو الامام علي ان يرضى أن تتستّر الجماعة بتأييده، ولماذا لم يردعهم ويفضحهم ويعاقبهم، ثمّ ليته ذكر أسماء هؤلاء الذين تستّروا بالتأييد للامام علي عليه السلام إن هذا الكاتب يتجنّى على الصحابة في الوقت الذي يريد الدفاع عنهم، فتراه يتخبّط في القول ولا يدري ماذا يقول.
قال الكاتب: ثمّ إنّ للفرقة الشيعيّة فرق أخرى كثيرة لها اعتقاداتها ومبانيها لا تتّفق مع الإيمام في شيء.
ونقول: إنّ كلام الكاتب مبهم وغير واضح، فإن حديثنا وكلامنا عن الشيعة الإماميّة الاثنا عشريّة لا عن جميع فرق الشيعة ونحن لا ننكر وجود فرق اخرى كالزيدية والإسماعيليّة وغيرهما ولا يعنينا من أمر هذه الفرق شيء، لكننّا لا نقول إنّها خارجة عن
وأما قوله بعد ذلك: وحيث خرجت هذه الفرقة عن هيكل الإسلام فإن ذلك يعني خروجها عن خط أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله...
فهذا القول منه تخبّط على غير هدى وذلك لأنّ عنوان المسلم إنّما ينطبق على كلّ من تشهد الشهادتين وأقام الفرائض، وأما الخروج عن خطّ اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله فليس مقياساً لمعرفة المسلم من غيره، وذلك لأن التاريخ بيّن أن خط أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله لم يكن خطّاً واحداً بل كانت هناك خطوط متعدّدة فإنّ الصحابة أنفسهم قد اختلفوا ووقعت الحروب فيما بينهم، وهذه حرب الجمل(1) وحرب صفين(2) وحرب النهروان(3) إنّما وقعت
____________
1) حرب الجمل وهي الحرب التي دارت رحاها في البصرة بين أمير المؤمنين علي عليه السلام وبين طلحة والزبير وعائشة سنة 36 وإنّما سميت بذلك لأن عاشئة كانت تركب جملاً وهي تقود الجيش ضد علي عليه السلام.
2) حرب صفين بكسرتين وتشديد الفاء وهو موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي بين الرقة وبالس وكانت واقعة صفين بين علي عليه السلام ومعاوية في سنة 37 في غرة صفر. راجع معجم البلدان.
3) حرب النهروان. والنهروان كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي راجع معجم البلدان لشهاب الدين بن عبد الله الحمويني الرومي البغدادي: ج 5 دار احياء التراث العربي.
إنّ هذا الكاتب يركّز على أمر الصحابة واعتبارهم مقياساً في الحكم، ولكن لا ندري هل غاب عنه أنّ الصحابة بشر كسائر الناس منهم المصيب ومنهم المخطئ، والصحبة للنبي صلى الله عليه وآله شرف عظيم ولكن لا يعني هذا أنّهم معصومون من كلّ خطأ وشاهد ذلك أنّ الاختلاف قد وقع بينهم حتّى شهر بعضهم السيف في
إنّ الانصاف والعدل يقضيان بعرض أعمال الناس صحابة أو غيرهم على المقاييس الشرعية فما كان منها موافقاً لموازين الدين والشرع حكم بصحّته وما كان مخالفاً للموازين حكم بخطأه، سواء صدر ذلك من صحابي أو غيره، وبذلك يستطيع الكاتب وأمثاله أن يتخلّص من هذه العقدة التي يعاني منها.
الإختلاف بين الشيعة والسنّة
قال الكاتب: ليس هناك اختلاف بسيط بين مسلمي السنّة وبين الشيعة كما يحاول أن يدعي ذلك أنصار ايران.
ونقول: إنّ الاختلاف بين الفريقين يرجع الى مسالة الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وآله فإنّ مذهب السنّة يقول إنّ الخلافة هي بالانتخاب والاختيار من الناس، وامّا الشيعة فيقولون إنّ الخلافة منصب إلهي لا يد للبشر فيه، فإنّ أهميّة الإمامة بعد النبي وكونها الامتداد لمسيرته في تعليم الناس وبيان أحكام الله للعباد تقتضي أن يكون الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله مجعولاً من قبل الله فإنه تعالى العالم
هذا هو سرّ الخلاف ومرجعه بين السنّة والشيعة وما عداه من الخلافات فهي خلافات طبيعيّة تابعة للمصادر التي استند اليها كلّ من الفريقين في معرفة الأحكام والعقائد.
الشيعة والمتعة
قال الكاتب: ليس الاختلاف يكمن فقط في مسألة كون الزنا مشروعاً في الإسلام والذي يسمى عندهم (متعة).
ونقول: إنّ هذا الكاتب لا يتقي الله في تهمة المسلمين زوراً وبهتاناً، والاّ ففي أي كتاب من كتب الشيعة وجد هذا الكاتب وغيره أن الشيعة تحلّل الزنا، وهذه كتبهم الفقهيّة الاستدلاليّة منتشرة في جميع البلدان وكلّها قد اتّفقت كلمتهم على أنّ الزنا محرّم بنصّ القرآن وانّه إحدى الكبائر، وقد بيّنوا ذلك في مختلف كتبم الفقهيّة، وأوضحوا كلّ ما يتعلّق بهذه المسألة من الاحكام والآثار.
وأما ما ذكره من المتعة، فالجواب عنه.
أولاً: أنّ المتعة ليست هي من الزنا.
وثالثاً: أنّ الشيعة لم تقل بحلّيّة المتعة الاّ بعد قيام الدليل من الكتاب والسنة، واستدلوا من الكتاب بآية قرآنيّة هي نصّ في دلالتها على حلّية المتعة، وهي قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن أجورهن فريضة من الله)(1).
راجع تفسير أبي حيّان(2)، وتفسير الطبري(3)، وتفسير البغوي(4)، وتفسير الزمخشري(5)، وتفسير القرطبي(6)، وتفسير
____________
1) سورة النساء، الآية 24.
2) تفسير أبي حيان: ج 3 ص 218.
3) تفسير الطبري: ج 5 ص 9 ط / 2 بولاق مصر 1972.
4) تفسير البغوي: ج 1 ص 414 ط / 2 دار المعرفة ـ بيروت.
5) الكشاف للزمخشري: ج 1 ص 519، دار المعرفة ـ بيروت.
6) جامع احكام القرآن للقرطبي: ج 5 ص 131 و 131 و 132، دار الكتب العربية، القاهرة ـ مصر.