فقالت العلماء: فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله يؤثر عنه انه قال: امّتي آلي. وهؤلاء اصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: آل محمد امّته.
فقال ابو الحسن عليه السلام: اخبروني هل تحرم الصّدقة على الآل؟ قالوا: نعم. قال: فتحرم على الامّة؟ قالوا: لا. قال: هذا فرق ما بين الآل والامّة، ويحكم اين يذهب بكم، اضربتم عن الذكر صفحاً ام انتم قوم مسرفون! اما علمتم انه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين دون سائرهم؟....(1).
والرّواية طويلة اقتصرنا منها على موضع الحاجة.
والحديث ـ بعد ذلك ـ احد معالم النبوّة ومعجزاتها الخالدة ويمكن اجمال معطياته فيما يلي:
اولاً: دلالته على عصمة العترة الطّاهرة فإنّها عدل الكتاب، وكما انّ القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فكذلك ققرناؤه، وانهما معا عاصمان عن الضلالة دائماً وابداً ما دام التمسّك بهما قائماً، والعاصم عن الضّلال لابد وان يكون
____________
1) الامالي المجلس التاسع والسبعون، الحديث 1 ص 614 و 615، الطبعة الاولى المحققة.
وثانياً: ضرورة التمسّك بهما معاً وانّ احدهما لا يغني عن الآخر، ومعنى التمسّك بهما الاخذ بتعاليمهما والسير على منهاجهما، ولو كان يمكن الاكتفاء بأحدهما لضمان عدم الانحراف والضلال لنبّه النبي صلى الله عليه وآله على ذلك. ومن هنا يعلم انّ قول من قال حسبنا كتاب الله(1) يتضمّن الردّ على الرسول صلى الله عليه وآله.
وثالثاً: دلالته على بقاء العترة الى جنب الكتاب وانّهما لن يفترقا حتى يردا الحوض على النبي صلى الله عليه وآله، فما دام القرآن موجوداً فلابدّ ان تكون العترة الى جانبه، وهذا المعنى لا ينسجم الاّ مع ما تذهب اليه الشيعة الامامية من بقاء الامامة ووجود الامام الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
ورابعاً: دلالته على جامعية العترة لكل ما يحتاج اليه الناس من العلوم والمعارف، وهذا ما اكّدته سيرتهم عليهم السلام حيث كانوا فإنّهم معدن العلوم والاسرار والاحكام، وكانوا ملاذ المسلمين في النوازل والحوادث والمعضلات.
وخامساً: دلالته على انحصار المعرفة والعلم بالكتاب بهم عليهم السلام دون من سواهم فإنّهم اهل البيت وهم ادرى بما فيه،
____________
1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري: ج 1 باب كتابة العلم: ص 168 الطبعة الثانية 1402 هـ ـ 1982 م دار احياء التراث العربي.
وغير ذلك. ونلفت النظر الى ما جاء في كتابي المراجعات للسيد شرف الدين رحمه الله ولا سيما المراجعة الثامنة، وكتاب الاصول العامّة للفقه المقارن للسيّد محمّد تقي الحكيم حفظه الله في الفصول السبعة التي تناول البحث فيها حول السنّة فلا غنى لطلاب الحقيقة في هذا الموضوع عنهما.
وأمّا ما ذكره الكاتب من الرواية المشتملة على لفظ (وسنتي) بدلاً من (وعترتي) فهم لم ترد الاّ في روايات قليلة جداً، مع الضّعف في اسنادها.
يقول السيّد الحكيم: وفي حدود تتبّعي لكتاب الحديث، واستعانتي ببعض الفهارس، لم اجد رواية وسنّتي الاّ في عدد من الكتب لا تتجاوز عدد الاصابع لليد الواحدة، وهي مشتركة في رواية الحديثين معاً، اللهم الاّ ما يبدو من مالك حيث اقتصر في الموطّأ على ذكرها فحسب، ولم يذكر الحديث الآخر ـ إن صدق تتبّعي لما في الكتاب.
يقول راوي الموطأ: وحدّثني عن مالك: " انّه بلغه انّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: تركت فيكم امرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما:
ونضيف هنا انّه لا يبعد القول انّ الأيدي العابثة حرّفت الكلم عن مواضعه، وابدلت لفظ وعترتي بلفظ وسنتي، ونسب الى رسول الله صلى الله عليه وآله افتراء على الله وعلى الرسول وبيان ذلك انّ نقول: ما المراد من لفظ وسنتي؟
فإن كان المراد به نفس الالفاظ الصّادرة عن النبي صلى الله عليه وآله فهي ليست باقية بنفسها الى يومنا كبقاء كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وآله، فما صدر عن النبي صلى الله عليه وآله انّما صدر في زمان وجوده صلى الله عليه وآله وقد تصرّم وانقضى فالوجود العيني الحقيقي لما صدر عنه غير متحقق لأن الالفاظ ترجع الى الكيف المحسوس وهو من الاعراض القائمة بالغير ولا وجود لها في نفسها، كما انها سريعة الزّوال كالقيام والقعود ونحوهما ممّا لا استقرار له.
____________
1) الاصول العامة للفقه المقارن: ص 171 و 172، الطبعة الثانية.
واي عصمة في ذلك؟ ما دامت عرضة للتغير والتبدل بالزيادة والنقيصة ونحوهما على انّ السنّة النبويّة بهذا المعنى قد منيت بالتلاعب والعبث والدّس حتى في زمان النبي صلى الله عليه وآله وقد كثر الكذب عليه وحذّر من مغبّة ذلك وخطره، فقال صلى الله عليه وآله: " من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار " وقال صلى الله عليه وآله: " من كذب عليّ فهو في النار "(1).
ونقل محمود ابو رية في كتابه شيخ المضيرة ابو هريرة كلاماً لابن حزم فيه التصريح بذلك وممّا جاء فيه قوله: (وقد كذب على النبي صلى الله عليه وآله وهو حيّ، وقد كان في عصره منافقون ومرتدّون، فلا يقبل حديث قال روايه فيه: عن رجل من الصّحابة او حدثني من صحب رسول الله حتى يسمّيه، ويكون معلوماً بالصحبة الفاضلة... "(2).
____________
1) الجامع الصغير: ج 2 الحديثان 8993 و 8994 ص 641 و 642 الطبعة الاولى 1401 هـ.
2) شيخ المضيرة ابو هريرة: ص 117، الطبعة الثالثة.
وذكر ابن ابي الحديد نماذج كثيرة من الاكاذيب والافتراءات على الرسول صلى الله عليه وآله نكتفي بذكر اثنين منها الاوّل: قال: روى الزهري انّ عروة بن الزبير حدّثه، قال: حدثتني عائشة، قالت: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله اذ اقبل العبّاس وعليّ، فقال: يا عائشة انّ هذين يموتان على غير ملّتي ـ او قال ديني(2).
الثاني: قال: وامّا الحديث الثاني فهو انّ عروة زعم انّ عائشة حدثته، قالت: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله اذ اقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة ان سرّك ان تنظري الى رجلين من اهل النار فانظري الى هذين قد طلعا فنظرت، فاذا العبّاس وعليّ بن ابي طالب(3).
____________
1) شرح نهج البلاغة: ج 4 ص 63، دار إحياء الكتب العربية.
2) شرح نهج البلاغة: ج 4 ص 63 و 64، دار إحياء الكتب العربية.
3) شرح نهج البلاغة: ج 4 ص 64.
ثم إذا فرضنا ان احداً دخل الاسلام واطّلع على هذه الرّواية المشتملة على لفظ وسنّتي، وبحث عن السنة ليتمسّك بها لتحصيل الامن من الضلال، ووقف على هذا الاختلاف الكثير اتراه يطمئن الى ذلك؟ ام تراه حائراً لا يهتدي الى شيء؟ ام انّ الضرورة تحتم وجود العترة الى جانب الكتاب، وهي العالمة بما صدر عن النبي صلى الله عليه وآله من قول او فعل؟
وخلاصة القول: انّه بغض النظر عن سند الرّواية فإننّا ننزّه النبي صلى الله عليه وآله ونجلّ ساحة قدسه ان يقول وسنّتي وانّه لفظ وضعه المفترون (وأرادوا به كيداً فجعلناهم الاخسرين)(1) ولا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم.
قال الكاتب: تفرقت الشيعة بما هي الى اكثر من 24 فرقة
____________
1) سورة الانبياء، الآية 70.
ونقول: ما اشدّ جرأة هذا الكاتب واقل حياءه ليته لمّا لم يفهم سأل واستفهم، ولو فعل لما بخل عليه بالاجابة والتوضيح فمن اين قرأ او سمع ان الائمة هم الانبياء؟ وكيف ساغ له الصاق هذه التهمة بالشيعة ـ وهي بريئة مما نسب لها ـ زوراً وبهتاناً واعتقاد الشيعة بأنّ الامامة بالتنصيص لا يعني ذلك القول بالنبوّة وقد اوضحنا ذلك مراراً الا ان هذا الكاتب عوّدنا ان يجترّ ويعيد اقواله بمناسبة وبدون مناسبة ولا نملك ونحن في مقام ابطال اكاذيبه الا ان نسايره في مكرّراته والاجابة عنها.
الشيعة والتقية مرّة اخرى
قال: التقيّة او النفاق اصل واساس من صميم اعتقاد الشيعة وهذا النفاق يصطلح عندهم بالتقيّة.
قال الكاتب: انّهم يلصقون مثل هذا النفاق على سيّدنا علي على انّه علم بخيانة ابي بكر وعمر على خلافته، ولكنه لم يعترضهما لاجل التقية في الخلافة آنذاك، فهذه الاكاذيب التي الصقت على سيّدنا علي تكشف وضوح الانحراف في عقيدتهم
ونقول: لولا ان هذا الكاتب يذكر اسم الشيعة ويعنيهم بالكلام لقلنا انّه يقصد غيرهم؛ لأنّ هذه الاوصاف والافاعيل التي ينسبها اليهم لا تنطبق على الشيعة جملة وتفصيلاً إنّ الشيعة صريحون في عقيدتهم وآرائهم، وقد بثّوها في كتبهم المنتشرة في بقاع الارض، يقارعون الحجة بالحجّة والبرهان بالبرهان، وليس الشيعة من الفرق الباطنية التي تخفي عقائدها، وإذا اضطرّ الشيعة لاخفاء فإنما هو للظروف العصيبة التي تمرّ بهم من الجائرين فتدفعهم الى التستر خوفاً على ارواحهم واعراضهم، وما ذكره هذا الكاتب لا يمتّ الى الشيعة بصلة، ولكن اذا علمنا انّ هذا الكاتب يفتري ويرمي القول بلا خوف من الله ولا رادع يتبين لنا انّه إنما ينسب هذه الأباطيل الى الشيعة من اجل اشاعة الفتنة بين المسلمين والاّ فكيف يقول هذا الكاتب انّ الشيعة تلصق النفاق بسيّدنا علي وهو الامام الاول للشيعة وهل يصدّق عاقل ان تنسب الشيعة الى إمامها النفاق؟ ولكن ماذا نصنع مع شخص لا يتقي الله ولا يخافه.
الشيعة والصحابة مرّة اخرى
قال الكاتب: ولأجل تحقيقهم لهذه الاهداف الخطيرة انّهم لم يتسامحوا ولم يتركوا حتى الامر البسيط في افضاح الصحابة وانزال قيمهم، ففي اعتقادهم يدّعون انّ الصحابة الاجلاء كأبي بكر وعمر وعثمان (رض) انّهم لم يكونوا فاهمين لتعاليم الرسول صلى الله عليه وآله وعلى انهم كانوا يختلفون ويفتعلون الاحاديث بينما كانوا خونة سرقة لا يعرفون شيئاً من احكام الدين.
ونقول: عاد الكاتب الى نفس النغمات التي كان يطلقها وان دل هذا على شيء فإنّما يدل على افلاسه من العلم والمعرفة، وقد تكلمنا عن هذه النقطة في اكثر من موضع وخلاصتها انّ الصحابة بشر وليسوا هم افضل البشر، فإنّ الانبياء ـ لا شكّ ـ افضل منهم ثمّ انّ في الصحابة من بلغ الغاية العليا في الايمان والتّقوى وفيهم من هو اقلّ ايماناً، ومنهم من هو منافق كما تحدث القرآن عن ذلك وكلّ يجازى بحسب عمله. وسيأتي بعض التفصيل حول هذا الموضوع.
قال الكاتب: وربّما الامر يثير زوبعة ويصاب الانسان بصدمة ودهشة بمجرّد ان يسمع الاتّهامات والافتراءات هذه ولكن
ونقول: وهذه نغمة اخرى ليس فيها الاّ السباب والشتائم والقول الزور، والشيعة اجلّ واسمى من هذه الاوصاف التي يحكي بها الكاتب عن حقيقة نفسه.
ولو يوفق هذا الكاتب وأمثاله ممّن هو على شاكلته ويجالس الشيعة وعلماءها لرأى صدق الحديث واداء الامانة والاخلاص والتّقوى والورع والعبادة والترفع عن الدّنايا، ولكن كيف يوفّق هذا الكاتب وقد امتلأ قلبه حقداً، فأعمى بصره وبصيرته عن رؤية الحق فضلاً عن اتّباعه.
قال الكاتب: اتهموا الصّحابة على انّهم تآمروا على الإسلام وخطّطوا لمحوه ليتأتّى لهم إعادة وإجراء عادات العرب الجاهلية التي كانت قبل الاسلام إن هذه الاتهامات وامثالها ظاهرة يتسع نطاق وجودها في كتبهم ومواعظهم، فهي ظاهرة تبرز وضوح انحرافهم وبغضهم للاسلام المحمدي.
ونقول: وهذه نغمة ثالثة لكيل الاتّهامات والافتراءات بلا حساب او مراعات لابسط الآداب والتعاليم، ولو كان هذا الكاتب يهدف الى الحق لجاء بالدليل والبرهان لا بالتهويل
التهويل والأساليب الملتوية
قال الكاتب: بالرغم من انّ الشيعة يقذفون السموم ضدّ صحابة الرسول صلى الله عليه وآله بالصراحة، فقد فتح بعض اهل السنة المناصرون لهم والذين لا يتمتّعون بمادة علميّة فتحوا باب التآلف والتفاهم مع الشيعة.
ونقول: إنّ هذا الكاتب بهذه العبارة يكشف عن حقيقة نفسه المليئة بالحقد والحسد ويحاول ان يسدّ الباب في وجه اخوانه الذين عبّر عنهم بأنّهم لا يتمتّعون بمادة علمية وفي الحقيقة انهم ليسوا كمثله في الحقد والبغضاء والاّ فما المانع من فتح باب الحوار والتفاهم ليحمل عليهم هذه الحملة ويتّهمهم بقلّة العلم والمعرفة
قال الكاتب: إنّ القليل من اهل السنة نصبوا منبر الصداقة والاخوة مع اعداء الرسول واعداء اصحابه الكرام انّه من يفعل ذلك (يعني التصادق مع الشيعة) لن يكون من اخوة اهل السنة ابداً..
ونقول: هذا اسلوب آخر يتبعه هذا الكاتب ليخوف به هؤلاء الناس الذين تربطهم صلة بالشيعة فهو اولاً يصفهم بالقلة ليستصغروا في الاعين، ولو ترك هذا الكاتب افتراءاته لازداد العدد لأن الطبيعة البشرية تدفع الانسان الى التفاهم والتساؤل، والانسان يحب ان يطلع على احوال الغير ويتعرف عليهم، وما المانع من ذلك لولا هذه المعكّرات التي يمارسها هذا الكاتب، وامثاله.
وثانياً: يستخدم اسلوب التهديد بقوله لن يكون من اخوة اهل السنة ابداً ولماذا هذا الحجر على العقول والافكار ولماذا هذه الطريقة في منع اتصال الشيعة بالسنة، فالجميع مسلمون واختلاف
قال الكاتب: اي داع يجعلنا نذل انفسنا بهذا الشكل وبكل بساطة في عقيدتنا بمثل هذه الامور، فاذا كانت هناك حاجة الى التضامن والوحدة فعليهم (يعني الشيعة) الاتحاد والتضامن مع الشيطان والقاديانية إن ّ اناساً كمثل هؤلاء يتعاملون مع الشيعة ليسوا الاّ مذبذبين مفضحين للاسلام.
ونقول: هذا ايضاً اسلوب آخر يتّخذه الكاتب لمنع هؤلاء من الاتصال بالشيعة وهو محاولة اظهار انّ له مكانة سامية ولا داعي لأن يذل نفسه بهذه البساطة، ولا ندري كيف توهّم هذا الكاتب انّ في ذلك إذلالاً للنفس وتنازلاً عن عقيدته ورأيه، ومتى كان في مثل هذه اللقاءات إذلال ومهانة بقدر ما فيها من بث روح الالفة والتوادد إنّ القرآن الكريم يأمر الانسان المسلم ان يعاشر ابويه المشركين بالتي هي احسن قال تعالى: (وإن جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً...)(1) فإذا كان الابوان مشركين فالآداب الاسلامية تفرض الصحابة بالمعروف فيها لا يسخط الخالق فكيف بالمعاشرة
____________
1) سورة العنكبوت، الآية 8.
ثم إن هذا الكاتب يكرّ مرة اخرى على الشيعة ليقول فعليهم الاتحاد والتضامن مع الشيطان والقاديانية، وليس هذا اسلوب المثقّفين او المتعلّمين وانما هي اساليب بربرية همجيّة تكشف عن مرض في النفس واضطراب في التفكير.
ويبدو ان الكاتب شعر باليأس من جميع اساليبه وانما لا فائدة منها فأخذ يحمل على هؤلاء الذين يتصلون بالشيعة ليتّهمهم بالتذبذب وفضح الاسلام وليتنبه اتباع هذا الكاتب والذين يرتأون رأيه انهم مهدّدون بأن ينقلب عليهم بمجرّد ان يخالفوه في الرأي والفكرة، وسيكون مصيرهم في نظره مصير هؤلاء الذين اتّصلوا بالشيعة من التذبذب والانحراف، وعليهم ان يتحلّوا بالشجاعة وينزعوا عن انفسهم هذه القيود التي احاطوا انفسهم بها، وليكونوا احراراً في آرائهم وافكارهم، فانّ ذلك خير لهم من هذا القلق والاضطراب النظرة التشاؤميّة التي نظروا بها المسلمين وما استفادوا من ذلك غير العداوة والبغضاء.
قال الكاتب: ان اغلب المسلمين وبالاخص مسلمي افريقيا يجهلون حقيقة الشيعة واهدافهم نتيجة تلبس رواج هذا المذهب
ونقول: انّ حقيقة الشيعة هي نفس حقيقة الاسلام، واهدافهم هي اهداف الاسلام، والشيعة عبر تاريخهم منذ زمان النبي صلى عليه وآله كما بيّنا ذلك لا كما يدّعيه هذا الكاتب كانوا محافظين على تعاليم الاسلام واحكامه وتطبيقها في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع شؤونهم، وان شئت البرهان على ذلك فاذهب الى ايّ مسجد من مساجدهم في اوقات الصلاة وانظر هل يصلّون الى غير قبلة المسلمين، واذهب الى اسواقهم وانظر هل يتعاملون على خلاف الاسلام، واذهب الى ايّ مكان من امكنة الشيعة هل تجد شيئاً فيه مخالفة للدين؟ فلماذا هذه الدعاوى الكاذبة؟ ولماذا هذا الزور والبهتان؟
قال الكاتب: انّ مروّجي مذهب الشيعة يحاولون الاستعانة بالاسلام والعمل به ظاهراً ليحملوا الناس على الاعتقاد انّهم على الاسلام متمسكين له راسخاً في قلوبهم.
ونقول: إنّ هذا الكاتب قد جعل من نفسه عالماً بالغيب مطّلعاً على الضمائر، والاّ فكيف يحكم على ان هؤلاء يعملون بالاسلام ظاهراً هل اطّلع على قلوب الناس وعرف انّهم يعملون
انّ ما عبّر عنه بترويج مذهب الشيعة انّما هو بيان للحق والحقيقة وتعريف الناس بالواقع الذي خفي عليهم نتيجة التشويه الاعلامي المتعمّد الذي يمارسه امثال هذا الكاتب ومن يقتدي به ضدّ شيعة اهل البيت عليهم السلام وإن الكاتب يكشف عن حقيقة نفسه وما تنطوي عليه من حقد وعداء.
قال الكاتب: إنّ الذي يحمل الاسلام ويعمل بحقيقته لابدّ وان يكون مع النبي صلى الله عليه وآله اولاً لا القيام بالدعوة الى الاخوّة المفتعلة المشوهّة.
ونقول: انّ الشيعة لم تفارق النبي صلى الله عليه وآله وتعاليمه بل سارت على هديه واقتفت اثره واتّبعت اوامره ونواهيه، كما امر القرآن الكريم بذلك قال تعالى: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(1) وقد امر النبي صلى الله عليه وآله الامة باتّباع اهل البيت ومحبتهم ومودّتهم وقد فعل الشيعة ذلك ولم يتخلّوا عن هذا الامر مهما حاول اعداؤهم تشويه صورتهم ونسبة الاباطيل اليهم وهم ابرياء من ذلك الزور والبهتان.
____________
1) سورة الحشر، الآية 7.
قال الكاتب: إن هذا المشروع لا يرتدي به الاّ كطابع سياسي ليس الاّ، بينما يحاول هؤلاء ان يتخذوا المغريات المادية وسيلة وذريعة لكسب الودّ والإخفاء هنا وهناك.
ونقول: ان المذهب الشيعي لم يكن مذهباً سياسياً في يوم من الايام قط، بل هو منهج ديني رسمه النبي صلى الله عليه وآله وسار عليه الشيعة، وقد ذكرنا فيما سبق متى نشأ التشيّع، وقلنا انّه اسبق المذاهب في الظهور؛ لأنه بدأ منذ زمن النبي صلى الله عليه وآله بينما بقيّة المذاهب نشأت في القرن الثاني الهجري وبتأييد من الحكّام العباسييّن، ولذا نستيطع ان نجزم بهذه الحقيقة وهي ان المذاهب الاربعة هي التي نشأت في ظروف سياسية معينة، وانّ الحكّام هم الذين يقررون ذلك وارجع الى تاريخ المذاهب لتقف على هذه الحقيقة بينما المذهب الشيعي لم يكن على ارتباط بالسلطة مطلقاً، وإنّما كان منشأه من زمن النبي صلى الله عليه وآله وعلى يدي النبي صلى الله عليه وآله ورعايته وقد ذكرنا النصوص الدالّة على ذلك.
قال الكاتب: إذا تعمّقنا في مبادئ الشيعة سوف نجد انّها كانت لا ترتبط بالايمان.
ونقول: ان هذا الكاتب لم يتعمّق ولا يعرف كيفية التعمّق، وانما الذي يعرفه هو الافتراء وقول الزور، والاّ فهل الشيعة يعبدون غير الله؟ وهل يصلون الى غير قبلة المسلمين وهي الكعبة؟ وهل يقرأون غير القرآن؟ وهل يحجون الى غير مكة؟ وإذا كان ثمّة اختلاف بين الشيعة في بعض المسائل الاجتهادية مع غيرهم، فهل ان جميع المذاهب متّفقة في كلّ مسألة ام انّ بينهم اختلافاً كبيراً كما هو معلوم من فقههم ولو كانت المذاهب متّفقة، فلماذا صارت اربعة مذاهب او اكثر؟ ولماذا لا تكون كلها مذهباً واحداً، ان هذا الكاتب يبرهن على جهله في كل سطر يكتبه وانه لا يحسن الا كيفية السب والاتهام.
قال: فما عليه الشيعة ليس من الشريعة الاسلامية في شيء.
ونقول: ان الشيعة ـ بحمد الله ـ قادرة على اثبات جميع ما تعتقد به من مصادر السنة انفسهم، فإنّ علماء السنة دوّنوا ذلك
قال الكاتب: من خلال تتبعنا هذا، تظهر الخطورة الموجودة عند الشيعة وانه لا يمكن التصالح والتوافق معهم الاّ اذا استتيبوا ورجعوا الى الدين الاسلامي واعتنقوه.
ونقول: اولاً: انه لم يتتّبع شيئاً قطّ وانما يزداد في تكرار الاتهامات بلا مبرر ولا دليل ويعيد ما قاله بلا روية مما يضطّرنا الى التكرار في جوابه.
وثانياً: انّ الخطورة التي يتشدق بها انّما هي من الحق، فإنّه لو نظر او ناظر الشيعة واطّلع على افكارهم وكان متجرّداً عن حقده وعصبيته لاعترف بانّ الشيعة على الحق وانّهم هم الذين يجسدون تعاليم الاسلام، فهذا التهويل والاغراق يكشف عن خوفه من ظهور الحقيقة للناس.
وثالثاً: ماذا يريد هذا الكاتب من التوافق والتصالح والاستتابة واعتناق الدين هل يقصد من ذلك ان نصبح على
قال الكاتب: تّتسم خطورة الشيعة بدرجة عالية الى حدّ يحملنا على الاعتقاد بكونهم اعدائنا؛ لأنّهم اعداء الرسول بينما يحسبون اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله حطب من حطب نيران جهنّم.
ونقول: ان خطورة الشيعة في شيء واحد وهو انهم صريحون في اظهار الحقيقة ويملكون الادلّة العقليّة والنقليّة على جميع معتقداتهم ولا يتلاعبون بالدين واحكامه، بل يتبعون الدليل والبرهان. وامّا قوله عن الشيعة بانّهم اعداء الرسول صلى الله عليه وآله فهذا محض افتراء فإنّ الشيعة هم الذين عظموا حرمة الرسول صلى الله عليه وآله ونزهوه عما لا يليق بمقامه وشأنه واتبعوا اوامره ونواهيه.
واما عن اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله فقد تقدّم الكلام في ذلك، ولا حاجة الى التكرار، وسيأتي بعض ما يتعلق به ايضاً.
قال الكاتب: فعلى جميع المسلمين ان يعلموا جيداً ان تأييد الشيعة ونصرتهم عمل محرّم.. الخ.
ونقول: إن مذهب الشيعة مذهب قائم بذات في افكاره
قال الكاتب: يجب ان توضع هذه الحقيقة على بساط معرفة الجميع ليتسنّى لهم شنّ الحملة المضادة لهذه الدعايات الفاسدة التي تأتي وترد من مصادرها المختلفة.
ونقول: انظر الى هذه الاساليب الغوغائية لاثارة الفتن بين الناس، فهذا الكاتب قرر ودعا وافتى وحكم، ولكن على غير هدى وبصيرة، اليس من الافضل ان يدعو للحوار العلمي الموضوعي ويناقش مختلف الامور المرتبطة بالشيعة والسنة؟ اليس من الافضل ان يقوم بزيارة الى مراكز الشيعة العلميّة ليتعرّف على الشيعة من قرب ويطلع على آرائهم من خلال علمائهم وكتبهم؟ وليعلم هذا الكاتب اننّا لسنا خائفين، فإنّ من كان مع الله فالله معه وغرضنا اثبات حماقة هذا الكاتب وسطحيّة تفكيره، فما هكذا تعالج الامور ولا هكذا يكون التفكير السليم.
قال الكاتب: من المؤسف حقّاً ومن بواعث القلق والضعف
ونقول: قد ذكرنا سبب تاسف هذا الكاتب وقلقه ونكرر هنا ان الحقّ نور يضيء القلوب المهيئة والنفوس المستعدّة لتلقي الحقائق، وامّا تلك القلوب السوداء والنفوس المظلمة الحاقدة، فهي تتأسف وتقلق على ظهور الحقيقة وانتشارها ويبدو ان هذا الكاتب قد فشل في محاولاته اليائسة لصدّ الناس عن معرفة الحق. ويقيناً انّ هؤلاء الذين ربطوا عرى التضامن والاخاء مع الشيعة وجدوا ان جميع ما قيل عنهم واتّهموا به انما هو افتراء محض ودعوى زائفة، ولذلك لم يستمعوا الى اقوال هذا الكاتب وامثاله لأنهم عرفوا وتيقّنوا انّ الدعايات ضدّ الشيعة لا حقيقة لها وانما هي ناشئة عن حقد وبغضاء وعصبيّة.
قال الكاتب: لا يوجد شكّ انه لا يجوز اطلاق الكفر على من نطق بالشهادتين، وهذا ما كان يحتاط فيه علماء الاسلام.
ونقول: عجباً لهذا الكاتب انّه يتناقض في كلّ ما يكتب فتارة تجده يقول لا يجوز اطلاق الكفر على من نطق بالشهادتين وانه لا يوجد شك في ذلك وتارة تجده ينسب الشيعة الى الكفر ويرميهم بأقبح الالفاظ، وهو يخالف في ذلك علماء مذهبه، فإذا